الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم نعهد أن نسمعه، وينفي ما اتفق عليه الخلق من ألوهيتي (قَالَ) موسى (رَبُّ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَينَهُمَا) فإن طلوع الشمس من جانب، والغروب من آخر علي هيئة مستقيمة مع اختلاف المطالع في فصول السنة من أظهر ما استدل به (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) إن كنتم عقلاء عارض [إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ] " به قيل: سؤال فرعون بقوله، وما رب العالمين، عن حقيقة المرسل، وموسى عرفه بأظهر خواصه وآثاره، إشارة إلى أن بيان حقيقته ممتنع، ولهذا قال: إن كنتم موقنين الأشياء محققين لها ثم استعجب فرعون لأنه سأل عن الحقيقة، وأجيب بالأفعال، ثم عدل إلى ما أقرب إلى الناظر، وأوضح عند التأمل، ثم صرح فرعون بجنونه لأنه يسأل عن شيء، ويجيب عن آخر، ثم استدل بشيء من غرائب آثاره الظاهرة الدالة على كمال قدرته وحكمته، فعدل فرعون إلي التهديد (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ منَ المَسْجُونينَ) اللام للعهد فسجنه هوة بعيدة العمق مظلمة، أي: ممن عرفت حالهم في السجن (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) الواو للحال، أي أتفعل بي ذلك، ولو جئتك بشيء يبين لك صدقي؟ (قَالَ فَأتِ بِهِ إِن كنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك أو في أن لك بينة (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مبِينٌ) ظاهر ثعبانيته (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) تتلألأ كالشمس لها شعاع يكاد يغشى الأبصار ويسد الأفق.
* * *
(قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
(34)
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ
مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)
* * *
(قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ) ظرف في محال الحال: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ) في سحره (يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مَنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ) بأن يذهب بقلوب الناس، فيكثر أعوانه، فيغلبكم على دولتكم، فيأخذ البلاد منكم (فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) من المؤامرة وهى المشاورة، أي: أشيروا عليَّ فيه ما أصنع أو من الأمر أي: أي أمر تأمرون؟ وعلى الوجهين كلامه من فرط الدهش (قَالُوا أَرْجِهْ) أخِّره (وَأَخَاهُ) أو احبسهما (وَابْعَثْ) شرطًا (فِي المَدَائِنِ حَاشِرِينَ) يجمعون السحرة (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) لعلهم يغلبونه (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) الميقات وقت الضحى، واليوم يوم عيدهم (وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) حثهم على الانطلاق كما تقول لعبدك هل أنت منطلق إلى فلان؟ (لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) ولا نتبع موسى (إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) يعني: إن غلبتم
لكم الأجر، والقربة " فإذًا " جواب وجزاء (قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ) هذا إذن منه في تقديم ما هم فاعلوه ألبتَّة (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ) جمع عصا (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) أقسموا بعزته لفرط اعتقادهم الغلبة (فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ) تبتلع (مَا يَأفِكُونَ) ما يزورونه أو ما مصدرية، وتسمية المأفوك إفكًا للمبالغة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) لعلمهم أن هذا وراء السحر يعني لما رأوا ما رأوا لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض كأنهم أخذوا فطرحوا طرحًا على وجوههم (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) [فواعدكم] ذلك وتواطأتم عليه، أو فعلمكم شيئًا دون شيء يريد [التلبيس] على قومه من خوف اعتقادهم حقيته، (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وبال ما فعلتم (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ) مختلفات اليد اليمني والرجل اليسرى (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُوا لَا ضَيْرَ) لا ضرر لنا في ذلك (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ) نرجع إليه، وهو لا يضيع أجر الصابرين (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا) لأن كنا