المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عجبت من إنكارهم البعث، أو بلغ كمال قدرتي أني تعجبت - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٣

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأنبياء

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(30)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(76)

- ‌(94)

- ‌سورة الحج

- ‌(1

- ‌(11)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(39)

- ‌(49)

- ‌(58)

- ‌(65)

- ‌(73)

- ‌سورة المؤمنون

- ‌(1)

- ‌(23)

- ‌(33)

- ‌(51)

- ‌(78)

- ‌(93)

- ‌سورة النور

- ‌(11)

- ‌(23)

- ‌(27)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(51)

- ‌(58)

- ‌(62)

- ‌سورة الفرقان

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(21)

- ‌(35)

- ‌(45)

- ‌(61)

- ‌سورة الشعراء

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(34)

- ‌(52)

- ‌(69)

- ‌(105)

- ‌(123)

- ‌(141)

- ‌(160)

- ‌(176)

- ‌(192)

- ‌سورة النمل

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(32)

- ‌(45)

- ‌(60)

- ‌(67)

- ‌(83)

- ‌سورة القصص

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(22)

- ‌(29)

- ‌(43)

- ‌(51)

- ‌(61)

- ‌(76)

- ‌(83)

- ‌سورة العنكبوت

- ‌(1)

- ‌(14)

- ‌(23)

- ‌(31)

- ‌(45)

- ‌(52)

- ‌(64)

- ‌سورة الروم

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(20)

- ‌(28)

- ‌(41)

- ‌(54)

- ‌سورة لقمان

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(20)

- ‌(31)

- ‌سورة السجدة

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(23)

- ‌سورة الأحزاب

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(21)

- ‌(28)

- ‌(35)

- ‌(41)

- ‌(53)

- ‌(59)

- ‌(69)

- ‌سورة سبأ

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(22)

- ‌(31)

- ‌(37)

- ‌(46)

- ‌سورة فاطر

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(38)

- ‌سورة يس

- ‌(1)

- ‌(13)

- ‌(33)

- ‌(51)

- ‌(68)

- ‌سورة والصافات

- ‌(1)

- ‌(22)

- ‌(75)

- ‌(114)

- ‌(139)

- ‌سورة ص

- ‌(1)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(41)

- ‌(65)

- ‌سورة الزمر

- ‌(1)

- ‌(10)

- ‌(22)

- ‌(32)

- ‌(42)

- ‌(53)

- ‌(64)

- ‌(71)

الفصل: عجبت من إنكارهم البعث، أو بلغ كمال قدرتي أني تعجبت

عجبت من إنكارهم البعث، أو بلغ كمال قدرتي أني تعجبت منه، والعجب من الله تعظم تلك الحالة (وَإِذَا ذُكِّرُوا) وعظوا بشيء (لَا يَذْكُرُونَ) لا يتعظون به (وَإِذَا رَأَوْا آيةً) كانشقاق القمر (يَسْتَسْخِرُونَ) يبالغون في السخرية (وَقَالُوا إِنْ هَذَا) أي: ليس ما نراه (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) تكرار الهمزة للتأكيد في نفي البعث (أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ) عطف على محل إن واسمها، أو على ضمير لمبعوثون، وجاز للفصل بالهمزة (قُلْ نَعَمْ) تبعثون اكتفى به في الجواب؛ لظهوره مع ما يدل عليه من المعجزات والدلائل (وَأَنْتُمْ دَاخرُون) صاغرون أذلاء (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ) أي: إذا كان ذلك فإذا هي أي: البعثة صيحة واحدة، وهي النفخة الثانية، فالفاء جواب الشرط مقدر (فإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ) أحياء يبصرون، وينتظرون أمر الله (وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا) احضر فهذا أوانك (هَذَا يَوْمُ الدِّينِ) يوم الجزاء (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ) بين الحق والباطل (الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ): وهذا من كلام الملائكة، والمؤمنين تقريعًا لهم وتوبيخًا.

* * *

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ‌

(22)

مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)

ص: 440

مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)

ص: 441

فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (74)

* * *

(احْشُرُوا الذِينَ ظَلَمُوا) هذا من أمر الله للملائكة (وَأَزْوَاجَهُمْ): أشباههم يعني احشروا عابدي الصنم بعضهم مع بعض، وعابدي الكواكب كذلك، وعن عمر صاحب كل ذي ذنب مع صاحب ذلك الذنب أو قرناءهم من الشياطين أو نساءهم المشركات (وَمَا كَانُوا يَعبدُونَ مِن دُونِ اللهِ): من الأصنام (فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ): عرفوهم طريقها ليسلكوها (وَقِفُوهُمْ): في الموقف (إِنَّهُم مسْئُولُونَ): عن عقائدهم وأعمالهم (مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ): لا ينصر بعضكم بعضًا، وهذا للتوبيخ (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ): منقادون لعجزهم (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ): يسأل بعضهم بعضًا على طريق اللوم (قَالُوا): الأتباع للرؤساء، أو الكفار للشياطين (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ): عن قبل الخير فزينتم الباطل فحسبناه حقًا، فإن من أتاه الشيطان من جانب اليمين، أتاه من قبل الدين، فلبس عليه الحق، أو عن القوة، والقهر فألجأتمونا على الضلال. قيل: اليمين الحلف، فإن رؤساءهم يحلفون أنهم على الحق (قالُوا) أي: الرؤساء، أو الشياطين في جوابهم (بَل لمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِين) أي: الكفر من قبل أنفسكم (وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطانٍ): تسلط (بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ): ضالين (فَحَقَّ عَلَيْنَا): جميعنا (قَوْلُ رَبِّنَا): كلمة العذاب (إِنَّا لَذَائِقُونَ): العذاب (فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ) أي: أحببنا أن تكونوا مثلنا، فلا تلومونا، فقوله: إنا مستأنفة للتعليل (فَإِنَّهُمْ): كلهم (يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ

ص: 442

مُشْتَرِكُونَ إِنَّا كَذَلِكَ) مثل ذلك الفعل (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمين): بالمشركين (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهم): في الدنيا (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ): عن أن يقولوها وَيَقُولُونَ (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) أرادوا به أصدق الخلائق وأعقلهم عليه أكمل الصلاة، وأفضل السلام (بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) يعني: أتى بما أتى به الأنبياء ذوو المعجزات (إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي: مثله (إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) عن كدر الكفر، والنفاق استثناء متصل إن كان الخطاب في أنكم، وفي ما تجزون لجميع المكلفين (أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ): خصائصه من طيب الطعم والرائحة وحسن المنظر أو وقته، قال تعالى:(ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا)[مريم: 62](فوَاكه) بدل الكل أو خبر محذوف، ورزق أهل الجنة ليس إلا للتلذذ (وَهُم مُّكْرَمُون): بخلاف الكفرة (في جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ظرف أو حال، أو خبر بعد خبر (عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ): ناظرين بعضهم بعضًا، وعلى سرر ظرف مقدم، أو حال أو خبر (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ) تسمى الخمر نفسها كأسًا (مِنْ مَعِينٍ): من نهر جارٍ على وجه الأرض كما يجري الماء (بَيْضَاء): لا كدرة فيها (لَذةٍ للشارِبِينَ) كأن الخمر نفس اللذة وعينها أو تأنيث لذّ بمعنى لذيذ، وهما صفتان للكأس (لَا فِيهَا غَوْلٌ) غائلة، وفساد من فولتج ونحوه كخمر الدنيا (وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ): يسكرون هو من عطف الخاص على العام،

ص: 443

يعني لا فيها فساد أصلاً سيما أعظم المفاسد، وهو زوال العقل (عِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ): نساء عفيفات قصرن أبصارهن على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم (عِينٌ): حسان الأعين جمع عيناء (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) شُبهن ببيض النعام المصون من الغبار ونحوه. قيل: أحسن ألوان البدن بياض مخلوط بأدنى صفرة، أو المراد القشعر الذي بين قشرة العليا ولباب البيضة. نقله ابن جرير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) عطف على يطاف عليهم أي: يشربون فيتحادثون على الشراب بأحوال مرت بهم في الدنيا (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ): في أثناء المكالمة (إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ): جليس كافر (يقُولُ): الجليس تعجبًا أو توبيحًا (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ): بالبعث عن بعض المراد منهما الرجلان اللذان في سورة

ص: 444

الكهف " واضرب لهم مثلاً رجلين "[الكهف: 32]، (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ): مجزيون (قَالَ) الله لهم أو ذلك القائل (هَلْ أَنتم مطلِعُون): إلى النار لأريكم ذلك القرين (فَاطَّلَعَ): هذا القائل (فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ) وسطها، ولاستواء الجوانب سمي وسط الشىء سواء، وعن كعب الأحبار: إن في الجنة كوى إذا أراد أحد ان ينظر إلى عدوه في النار، اطلع عليها، فازداد شكرًا (قَالَ): القائل لقرينه (تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ): لتهلكني بالإغواء (وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي): بالهداية (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ): معك في النار (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) أي: نحن مخلدون منعمون، فما نحن بالذين شأنهم الموت فالهمزة للتقرير، والفاء عطف على محذوف مقول آخر للمؤمن على سبيل الابتهاج (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى): التي كانت في الدنيا، منصوب بمفعول مطلق من اسم الفاعل (وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ): كالكفار عن ابن عباس لما قال الله لأهل الجنة (كلوا واشربوا هنيئًا) أي: بلا موت فعندها قالوا: " أفما نحن بميتين " إلخ قال الله تعالى: لا. قالوا (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وأما قوله: (لِمِثْلِ هَذَا): النعيم المقيم (فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) فهو إما من كلام الله وعليه الأكثرون، أو من كلام أهل الجنة تحدّثًا بنعمة الله وتبجحًا، ثم قال لهم:(أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا) منصوب على التمييز أو الحال، وفيه دلالة على أن لهم غير ذلك من نعم الله

ص: 445

(أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) هي نزل أهل النار (إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ): ابتلاء في الدنيا، فإنهم كذبوا الرسل، وقالوا: كيف يكون في النار شجرة؟! قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ)[الإسراء: 60](إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ): منبتها قعرها، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيه منها غصن (طَلْعُهَا): ثمرها (كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) في تناهي قبح منظره، وهو تشبيه تخييلي، فإن المركوز في طباع الناس أن أحسن الصور صورة الملك، وأقبحها صورة الشيطان قيل: العرب تسمي الحية القبيحة المنظر شيطانًا، وقيل هي شجرة قبيحة مرة منتنة، تسميها العرب رءوس الشياطين (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا): من طلعها (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ): لغلبة الجوع أو يكرهون على تناولها، فهم يتزقمون، وفي الحديث (لو أن قطرة من الزقوم قطرت على بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم) (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا): على الزقوم بعد ما شبعوا منها، وغلبهم العطش (لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ): لشرابًا من ماء مغلي أو مشوبًا ممزوجًا من حميم يمزج لهم الحميم بما يسيل من فروج الزناة، وعيون أهل النار (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) ذلك لأنَّهُم يوردون الحميم لشربه، وهو خارج من النار أو الحميم في طرف منها وجانب، والمرجع بعد الشرب إلى أصلها (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا) أي: وجدوا (آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ) تعليل لاستحقاقهم تلك الشدائد (فَهُمْ

ص: 446