الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة العنكبوت
مكية
وهي تسع وستون آية وسبع ركوعات
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم
(1)
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)
* * *
(الم أَحَسِبَ) الهمزة للإنكار (النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) على عافية وفراغ، ولما كان صلة أن مشتملة على مسند، ومسند إليه يسد مسد مفعولي حسب، وهذا هو الأولى (أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا) أي: بأن أو لأن (وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) بل يمتحنهم الله بالمصائب، ومشاق التكاليف ليميز المخلص من المنافق (وَلَقَدْ فَتَنَّا الذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ) ليتعلق علمه بالامتحان علمًا حاليّا يتميز به (الَّذِينَ صَدَقوا) في إيمانهم (وَلَيعْلَمَنَّ الكاذبينَ) فيه (أَمْ حَسِبَ) أم منقطعة (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا) يعجزونا فلا نقدر على انتقامهم (سَاءَ مَا يَحْكمونَ) بئس الذي يحكمونه حكمهم هذا (مَن كان يَرْجو لِقَاءَ اللهِ) وصوله إلى ثوابه أو من يخشى حسابه وجزاءه (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) فليستعد وليعمل لذلك الوقت المضروب للجزاء فإنه آت لا محالة أو معناه من يأمل لقاء الله في الجنة فوقت اللقاء آت فليبادر إلى ما يحقق رجاءه ولذلك قال بعض المحققين: هذه تعزية من الله للمشتاقين إلى لقائه (وَهُوَ السَّمِيع العَلِيمُ) فيعلم الأقوال والعقائد (وَمَن جَاهَدَ) نفسه في منعها عن المناهى، وحملها على المعروف (فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)
أحسن جزاء أعمالهم (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) بإيتاء أو بإيلاء والديه (حُسْنًا) أى: فعلاً ذا حسن أو للمبالغة جعل الفعل حسنًا لفرط حسنه، قيل تقديره: وصيناه بتعهد الوالدين افعل بهما حسنًا، وعلى هذا يحسن الوقف على بوالديه (وَإِن جَاهَدَاكَ) أي: وقلنا إن جاهداك (لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ) بإلاهيته (عِلْمٌ) فإن ما لا يعلم صحته لا يتبع سيما إن علم بطلانه (فَلَا تُطِعْهُمَا) في ذلك فلا طاعة في معصية (إِلَي مَرْجِعُكُمْ) مرجع الكل المؤمن والمشرك والبار والعاق (فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بالجزاء عليه، نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه، إنها لا تأكل ولا تشرب حتى تموت إن لم يرجع ابنها من الإسلام (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي) جملة (الصَّالِحِينَ) وكمال الصلاح منتهى الدرجات (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ) أصابه مضرة من المشركين للإيمان باللهِ (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) ما أصابه من جهتهم في الصرف عن الإيمان (كَعَذَابِ اللهِ) في الآخرة فجزع من عذابهم وأطاعهم كما يجزع ويطيع الله من يخافه وشتان ما بينهما، أو معناه إذا نزل عليهم مصيبة اعتقدوا أنها من نقمة الله للإسلام فارتدوا (وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ من ربِّكً) فتح وغنيمة (لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) في الدين فأعطونا من المغنم (أَوَلَيْسَ اللهُ) عطف على محذوف أي: أقَوْلُهُمْ ينجيهم وليس الله؟ (بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ) من الإخلاص والنفاق (وَلَيَعْلَمَن اللهُ الذِينَ آمنوا) يعرف المؤمنين حقيقة (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) لا يشتبه عليه ولا