الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الحج
مكية، إلا ست آيات وهي: (هَذَانِ خَصْمَانِ
(1
9) إلى (إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24))
* * *
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ (2) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)
* * *
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) هي النفخة الأولى قبل قيام القيامة المسماة بنفخة الفزع، وهي من أشراط الساعة، أو المراد قيام القيامة، فإضافة المصدر إلى فاعله أي: شدة تحريكها للأشياء أو زلزال وأهوال هي فيها فمن إضافة المصدر إلى الظرف على الاتساع في إجرائه مجرى المفعول به، أي: الزموا التقوى، فإنه لا ينفعكم في هذا اليوم العظيم إلا التدرع بلباس التقوي، (يَوْمَ تَرَوْنَهَا) الزلزلة، ونصب يوم بقوله:(تَذهَلُ) الذهول الذهاب عن الأمر مع دهشة، (كُلُّ مُرْضِعَةٍ): في حال إرضاعها، (عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا): لشدة ذلك اليوم والذهول، والوضع لبيان واقع إن كان المراد حين النفخة الأولى، وإلا فتصوير لهولها، (وَتَرَى النَّاسَ سُكارَى): كأنهم سكارى، (وَمَا هُم بِسُكَارَى): في الواقع، أو كأنَّهم سكارى من الخمر، وما هم بسكارى منه، (وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ) فأدهش عقولهم أو فهم سكارى من الخوف، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتبِعُ): في جداله، (كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) عار عن الخير مطلقًا جادل قريش، وقالوا: محال إعادة الخلق بعدما صاروا ترابًا، وقد نقل أن واحدًا منهم قال: أخبرنا عن ربك من ذهب أو فضة أو نحاس فصعقته صاعقة فاختطفته، (كُتِبَ): قُضي وقُدّر، (عَلَيْهِ) على الشيطان، (أَنَّهُ) الشيطان، (مَنْ تَوَلَّاهُ): تبعه، (فَأَنَّهُ): الشيطان،
(يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) هذا من باب التهكم، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ) أي: فانظروا في بدء خلقكم، لتعلموا أن من قدر على هذا قدر على ذلك (مِنْ تُرَابٍ): خلق آدم منه، (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ): ذريته من منيٍّ (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) فإن النطفة تصير دمًا غليظًا، (ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ): قطعة من لحم قدر ما يمضغ، (مُخَلَّقَةٍ): تامة، (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ): ساقطة، أو مسواةٍ ومعيوبةٍ، (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ): كمال قدرتنا على البدائع [والحشر] فرد منها، (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ) أن نقره فلا نسقطه، (إِلَى أَجَلٍ مسَمًّى) هو وقت الوضع، (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا) نصب على الحال والمراد منه الجنس، (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) كمال قوتكم المعطوف محذوف كما تقول: جاء زيد ثم عمرو وثم وثم أي: ثم نربيكم لتبلغوا أو تقديره: لنبين لكم ثم لتبلغوا فكأن الأمر التدريجي من النطفة والعلقة والمضغة ليس إلا للتبيين، وأما تمكينه في الرحم، ثم إخراجه لمصلحتين التبيين والإيصال إلى كمال العقل، أو تقديره ثم فعلنا ما فعلنا لتبلغوا، (وَمِنْكُمْ مَنْ
يُتَوَفَّى): قبل الهرم، (وَمِنكُم مَّن يُرَد إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ): الهرم والخرف، (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْثاً)، كحال طفولية فسبحان من يعيد كما بدأ، (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً): ميتة يابسة شرع في دليل آخر للبعث، (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ): تحركت بالنبات، (وَرَبَتْ): انتفخت، (وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج): صنف، (بَهِيجٍ): حسن رائق، (ذَلِكَ): المذكور، (بِأَن الله هُوَ الحَقُّ)، بسبب أنه الثابت الموجود فإنه هو الموجد قيل تقديره: ذلك هادٍ بأنه هو الحق، (وَأَنَّهُ يُحْيي الْمَوْتَى): لولا قدرته على إحياء الموتى، كيف يحيي النطفة والأرض، (وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): فيقدر على مثل ذلك، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) وإلا فيكون ذلك سيما إخراج الطفل، والتبلغ عبثا لعبًا لا طائل تحته - تعالى الله عن ذلك (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ) الأولى بيان حال المقلدين، ولهذا قال:(ويتبع كل شيطان مريد)، وهذه الآية حال المقلدين، ولذلك يقول ليضل الناس، (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ): ليس له علم فطري، ولا ما يستند إلى دليل عملي، ولا إلى وحي، (ثَانِيَ عِطْفِهِ) كناية عن الكبر أو عن الإعراض حال من فاعل يجادل، (لِيُضِل): الناس، (عَن سبيلِ اللهِ) اللام لام العاقبة، (لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ): مذلة كقتل وسبي، (وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ): المحرق، (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ) التفات أو تقديره يقال له ذلك، (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) بل عادل ومن العدل تعذيب المسىِء وإثابة المحسن، والظالم قد يترك عقاب المسيء للعصبية كما يترك إثابة المحسن