الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
(28)
بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)
* * *
(ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ): منتزعًا من أحوالها من للابتداء، (هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ): من مماليككم، من للتبعيض، (مِّن شُرَكَاءَ)، من زيدت للتأكيد، لأن الاستفهام بمعنى النفي، (فِى مَا رَزَقناكُمْ): من أموال وأولاد، (فَأَنتُمْ فيه سَوَاءٌ)، يعني: هل ترضون أن يشارككم بعض مماليككم في أموالكم فتكونون أنتم وهم على السواء من غير تفصلة في التصرف، (تَخَافُونَهُمْ): تهابون أن يستبدوا بتصرف، (كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ)، كما يهاب بعضكم بعضًا من الأحرار فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم فكيف لرب الأرباب مالك الأحرار والعبيد أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء، كان بها يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، (كَذَلِكَ): مثل ذلك التفصيل، (نُفَصِّلُ): نبين، (الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلمُوا): أشَركوا، (أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْم): جاهلين ليس لهم رادع، (فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ اللهُ): من يقدر على هداية من أراد الله إضلاله، (وَمَا لَهُم مِن نَّاصِرِينَ): يخلصونهم من الغواية وبوائقها، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ): قومه، (لِلدِّينِ حَنِيفًا): لا تلتفت عنه وتوجه بكليتك إليه، وحنيفًا حال إما من فاعل أقم أو من الدين، (فِطْرَتَ اللهِ): الزموا فطرته، أي: خلقته أو دينه، (الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)، فإنه فطر الخلق على معرفته وتوحيده ثم طرأ على بعضهم العقائد الفاسدة، (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ): ما ينبغي أن يبدل تلك الفطرة، وقيل: لا تبديل لما
جبل عليه الإنسان من السعادة والشقاوة، (ذلِكَ)، إشارة إلى الدين المأمور بإقامة الوجه له أو الفطرة المفسرة بالدين، (الدِّينُ الْقَيِّمُ): المستوي الذي لا عوج فيه، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ): استقامته، (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ): راجعين إليه بالتوبة حال من فاعل الزموا أو أقم وخطاب الرسول خطاب لأمته، (وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ) بدل من المشركين، (فَرَّقوا دِينَهم): جعلوه أديانًا مختلفة، (وَكَانوا شِيَعًا): فرقًا، (كل حِزْب): منهم، (بِمَا لَدَيْهِمْ فرِحُون): مسرورون بمذهبهم يحسبون أنَّهم على شيء، (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ): شدة، (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ): بالدعاء، (ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً): خلاصًا من تلك الشدة، (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) فاجأ بعضهم بالإشراك بالله، (لِيَكْفرُوا)، اللام لام العاقبة، (بِمَا آتَيْنَاهُمْ) أو لام الأمر للتهديد فيناسب قوله (فَتَمَتَّعُوا)، لكن فيه التفات للمبالغة، (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ): عاقبة تمتعكم، (أَمْ أَنزَلْنَا): بل أنزلنا، (عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا): حجة، (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ): ينطق، (بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) أي: الحجة، ناطقة بالأمر الذي بسببه يشركون أو بإشراكهم بالله، (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً): نعمة، (فَرِحُوا بِهَا): فرح البطر، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ): شدة، (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)، من المعاصي، (إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) فاجأوا القنوط من رحمة الله، (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَيَقْدِرُ): يضيق لمن يشاء فما لهم يقنطون من رحمته ولا يشكرون كالمؤمنين، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، فإنهم مستدلون بها على حكمته وقدرته، (فآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ): من الصلة والبر، لما ذكر بسط الرزق أتبعه ذكر الصدقة فجيء بالفاء، (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السبِيلِ)، وحقهم نصيبهم من الصدقة، (ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي: جهته، وجانبه أو يريدون النظر إليه في الآخرة، (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم، (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا)، أي: ما أعطيتم من أجل ربا، (لِيَرْبُوَ): ليزيد ويزكو، (فِي أَمْوَالِ النَّاسِ) أى: بين أموالهم، (فَلَا يَرْبُو): لا يزكو، (عِنْدَ اللهِ)، ولا يثاب عليه يعني من يعطى عطية يريد أن يرد المهدى له أكثر مما أهدى فلا ثواب له لكن هذا ليس بحرام أو الآية في الربا المحرم والأول هو قول السلف، (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ): صدقة، (تُرِيدُونَ): به، (وَجْهَ اللهِ) أي: مخلصين، (فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي: ذو الإضعاف من الثواب وضمير ما محذوف أي المضعفون به، (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ)، " من " موصولة مبتدأ و " من شركائكم " خبره و " من " للتبعيض، و " من شيء " مفعول يفعل ومن زيدت لتعميم المنفي ومن في " من ذلكم " إما للبيان قدم أو للتبعيض، قيل من استفهامية ويفعل خبره ومن شركائكم بيان من قدم عليه وفي هذا الوجه من المبالغة ما ليس في الأول ولما أثبت صفات الألوهية لله ونفاها عن الشركاء استنتج من ذلك تقدسه عن الشركة فقال: سبحانه وتعالى، عطف على ناصب سبحانه، (عَمَّا يُشرِكُون).