الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحين شاء الحق أن يُنزل العذاب بثمود، بعد مُضيِّ المدة التي أنذروا بنزول العذاب بعدها، نجَّى الحق صالحاً عليه السلام والذين آمنوا برسالته من الهلاك، فحفظتهم رحمة الله؛ لأنهم آمنوا بما نزل على صالح من منهج، ولم يُعَانِ المؤمنون برسالة صالح ما عانى منه قوم ثمود من الذل والفضيحة.
هذا الذل وتلك الفضيحة التي حاقت بثمود.
ويذيل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله:
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القوي العزيز} [هود:
66]
.
هذا خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم َ تسلية وتسرية عنه وتقوية لعزمه، فالحق سبحانه مقتدر يأخذ كل كافر، ولا يغلبه أحد ولا يعجزه شيء، وفي هذا إنذار لمن كفروا برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم َ.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة}
ويسمي الحق سبحانه هنا العذاب الذي نزل على ثمود «الصيحة» وسمّاه في موضع آخر «الطاغية» :
{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} [الحاقة: 5] .
وسمّاه في موضع آخر «صاعقة» فقال سبحانه:
{فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] .
وفي سورة الأعراف سمّاه «الرجفة» ، وكل من الصاعقة والصيحة والرجفة تؤدي معنى الحدث الذي يَدْهَمُ، ولا يمكن الفكاك منه.
ولقائل أن يقول: لماذا لم يقل الحق سبحانه هنا: «وأخذت الذين ظلموا الصيحة» ؟ لماذا اختفت تاء التأنيث من الفعل، وقال سبحانه:
{وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} [هود: 67] .
ونقول: إن الذي يتكلم هنا هو رب العباد سبحانه، ولا يصح أن نفهم الصيحة على أنها جاءت لتعبر عن صيحة واحدة، فتاء التأنيث تعبر عن الصيحة لمرة واحدة، أما إذا تكررت وصارت صياحاً كثيراً تأخذهم كل صيحة من الصياح.
وهنا نلمح أن الصيحة فيها ضعف الأنوثة، أما الصياح ففيه عزيمة وقوة الرجولة، فأراد الحق سبحانه أن يجمع الأمرين، فقال:«أخذ» ولم يقل: «أخذت» .
ثم قال سبحانه:
{فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 67] .
أي: مُلْقون على رُكَبهم وعلى جباههم بلا حركة.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: