الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيضاح
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) أي ولله دون غيره جميع الأسماء الدالة على أحسن المعاني وأكمل الصفات، فاذكروه ونادوه بها إما للثناء عليه نحو:«اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» ونحو: «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» وإما لدى السؤال وطلب الحاجات.
وللذكر فوائد: منها تغذية الإيمان، ومراقبة الله تعالى والخشوع له والرغبة فيما عنده، واحتقار آلام الدنيا، وقلة المبالاة بما يفوت المؤمن من نعيمها، ومن ثم
جاء فى الحديث «من نزل به غمّ أو كرب أو أمر مهمّ فليقل لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
وروى الحاكم فى المستدرك عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة «ما يمنعك أن تسمعى ما أوصيك به؟ أن تقولى إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حىّ يا قيّوم برحمتك أستغيث، أصلح لى شأنى، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين» .
وأسماء الله كثيرة، وكلها حسنى لدلالة كل منها على منتهى كمال معناه وتفضيلها على ما يطلق منها على المخلوقين: كالرحيم والحكيم والحفيظ والعليم.
وروى الشيخان من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة»
وفى رواية له: «إن لله تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة، وإن الله وتر يحب الوتر»
وقد سرد الأسماء التسعة والتسعين الترمذي والحاكم من طريق الوليد بن مسلم قال:
«هو الله الذي لا إله إلا هو: الرحمن الرحيم الملك. القدوس. السلام. المؤمن. المهيمن.
العزيز. الجبار. المتكبر. الخالق. البارئ. المصور. الغفّار. القهار. الوهاب. الرزاق. الفتاح.
العليم. القابض. الباسط. الخافض. الرافع. المعز. المذل. السميع. البصير. الحكم. العدل
اللطيف. الخبير. الحليم. العظيم. الغفور. الشكور. العلى. الكبير. الحفيظ.
المقيت. الحسيب. الجليل. الكريم. الرقيب. المجيب. الواسع. الحكيم. الودود.
المجيد. الباعث. الشهيد. الحق. الوكيل. القوى. المتين. الولي. الحميد. المحصى.
المبدئ. المعيد. المحيي. الميت. الحي. القيوم. الواجد. الماجد. الواحد. الصمد.
القادر. المقتدر. المقدم. المؤخر. الأول. الآخر. الظاهر. الباطن. الوالي. المتعالي.
البر. التواب. المنتقم. العفو. الرءوف. مالك الملك. ذو الجلال والإكرام.
المقسط. الجامع. الغنى. المغني. المانع. الضار. النافع. النور. الهادي. البديع.
الباقي. الوارث. الرشيد. الصبور» .
وقد اختلف المحدّثون فى سرد هذه الأسماء هل هو مرفوع أو مدرج فى الحديث من بعض الرواة؟ والثاني هو الراجح ومن ثم لم يخرّجه الشيخان لتفرد الوليد به واحتمال الإدراج كما قاله الحافظ ابن حجر فى الفتح.
(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) أي ادعوه أيها المؤمنون واتركوا جميع الذين يلحدون فى أسمائه بالميل بألفاظها أو معانيها عن نهج الحق الوسط إلى متفرّق السبل من تحريف أو تأويل أو شرك أو تكذيب أو زيادة أو نقصان أو ما ينافى وصفها بالحسنى كأن يوصف بما لا يصح وصفه به أو تتأول أوصافه على ما لا يليق به.
ثم بين العلة فى تركهم فى خوضهم يلعبون فقال:
(سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي لأنهم سيلقون جزاء عملهم وتحل بهم العقوبة فى الدنيا قبل الآخرة، فاجتنبوا إلحادهم كيلا يصيبكم مثل ما يصيبهم.
والإلحاد ضربان: إلحاد إلى الشرك بالله وهو ينافى الإيمان ويبطله، وإلحاد إلى الشرك بالأسباب كأن ينظر إليها مع الغفلة عن كونها من خلق الله وتسخيره أو يعتقد أنها مؤثرة بذاتها لا بفعله تعالى، وهذا يوهن عرا الإيمان ولا يبطله.
والخلاصة- إن الإلحاد فى أسمائه الحسنى أقسام:
(1)
تسميته تعالى بما لم يسمّ به نفسه فى كتابه أو ما صح من حديث رسوله صلى الله عليه وسلم
فقد اتفق أهل الحق على أن أسماءه وصفاته تعالى توقيفية: أي تحتاج إلى إذن من الشارع لصحة إطلاقها عليه تعالى، وكل ما ورد فى الكتاب والأحاديث الصحيحة دعاء ووصفا له وإخبارا عنه يصح إثباته له، ويمنع كل ما دلت على منعه، قال فى الكشاف كقول أهل البدو: يا أبا المكارم، يا أبيض الوجه، يا سخى.
(2)
ترك تسميته بما سمى به نفسه أو وصفها به أو ترك إسناد ما أسنده تعالى إلى نفسه من الأفعال بناء على أن ذلك لا يليق به تعالى أو أنه يوهم نقصا فى حقه كأن هؤلاء الملحدين أعلم منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم بما يليق به وما لا يليق.
(3)
تغيير أسمائه بوضعها لغيره مما عبد من دونه كاللات والعزّى.
(4)
تحريف أسمائه وصفاته تعالى عما وضعت له بضرب من التأويل، فقد ذهب جماعة من المسلمين إلى جعل الرب القدوس الذي ليس كمثله شىء- كرجل من خلقه لأنه تعالى وصف نفسه بصفات يدل مجموعها على ذلك: كالسمع والبصر والكلام والوجه واليد والرجل والضحك والرضا والغضب، وذهب آخرون إلى تأويل جميع صفاته تعالى حتى جعلوها كالعدم.
(5)
إشراك غيره فيما هو خاص به من أسمائه باللفظ كاسم الجلالة (الله) والرحمن ورب العالمين، وما فى معناه كرب السماء والأرض أو رب الكعبة أو رب البيت (الكعبة) كما قال: َلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ» .
(6)
إشراك غيره فى كمال أسمائه كمن يزعم أو يعتقد أن لغيره رحمة كرحمته ورأفة كرأفته وغير ذلك من معانى أسمائه كالمجيب مثلا كما قال تعالى: «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ» .
وبعض الذين يدعون غير الله تعالى من الموتى يعتقدون أنهم أسرع وأقرب فى إجابتهم من الله تعالى فيجمعون بذلك بين شركين: شرك دعاء غير الله مع اعتقاد