الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
قطعناهم أي صيرناهم قطعا وفرقا كل فرقة منها سبط، والسبط: ولد الولد مطلقا، وقد يخص بولد البنت، وأسباط بنى إسرائيل سلائل أولاده العشرة: أي ماعدا لاوى وسلائل ولدي ابنه يوسف وهما إفرايم ومنسى، إذ سلائل لاوى نيطت بها خدمة الدين فى جميع الأسباط ولم تجعل سبطا مستقلا، والأمة: الجماعة التي تؤلف بين أفرادها رابطة خاصة أو مصلحة واحدة أو نظام واحد، والاستسقاء: طلب الماء للسقيا، والانبجاس والانفجار واحد، يقال: بجسه فانبجس وبجّسه فتبجس كما يقال فجره: أي شقه فانفجر، وقال الراغب: الانبجاس أكثر ما يقال فيما يخرج من شىء ضيق، والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شىء واسع، والغمام: السحاب مطلقا أو الأبيض منه أو الرقيق، والمنّ مادة بيضاء تنزل من السماء كالطلّ حلوة الطعم شبيهة بالعسل وإذا جفّت كانت كالصمغ.
والسلوى: طير يشبه السّمانى (السمان) لكنه أكبر منه.
المعنى الجملي
ذكر سبحانه فى هذه الآية حالين من أحوال بنى إسرائيل، أولاهما: أنه قسمهم اثنتي عشرة فرقة بعدد أسباطهم الاثني عشر، ثانيتهما: أنهم لما استسقوا موسى ضرب الحجر فانبجس منه اثنتا عشرة عينا بقدر عدد الأسباط وقد تقدم ذكر هاتين الواقعتين فى سورة البقرة.
الإيضاح
(وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) أي وفرقنا قوم موسى الذين كان منهم أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، ومنهم الظالمون والفاسقون، فجعلناهم اثنتي عشرة فرقة تسمى أسباطا: أي أمما وجماعات يمتاز كل منهم بنظام خاص فى معيشته وبعض شئونه.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) أي وأوحينا إلى موسى. حين استسقاه قومه فاستسقى ربه لهم-
أن اضرب بعصاك الحجر فضر به فنبعت منه عقب ضربه إياه اثنتا عشرة عينا من الماء بقدر عدد أسباطهم، وخص كل واحد بعين منها للزحام وحفظا للنظام.
وفى سفر العدد من التوراة أن عدد الرجال الصالحين للحرب من بنى إسرائيل كان يزيد على ستمانة ألف من ابن عشرين فما فوق وعلى هذا فيكون عددهم جميعا يزيد على ألفى ألف (مليونين) وابن خلدون قال فى مقدمته: إن هذا العدد لا يتصور بقاؤه فى صحراء مجدبة قليلة المياه بحال فلا ينبغى للمؤرخين اعتماد هذا.
كذلك ما ورد من حجم الحجر وشكله ككون رأسه كرأس الشاة أو أكبر وكونه يوضع فى الجوالق أو يحمل على ثور أو حمار فكل ذلك من الخرافات الإسرائيلية التي تلقاها المفسرون بالقبول على غرابتها.
(وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) أي وسخرنا لهم الغمام يلقى عليهم ظله فيقيهم لفح الشمس من حيث لا يحرمون فائدة نورها وحرها المعتدل، ولولا السحاب فى التيه لأحرقتهم حرارتها إذ لم يكن هناك من الشجر ما يستظلون به.
(وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) فسهلنا عليهم الطعام والشراب على أحسن الوجوه وكان المن يقوم مقام الخبز عندهم ويكفى الألوف من الناس، وتقوم السّمانى مقام اللحوم والطيور الأخرى.
(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) ، أي وأنزلنا عليهم ما ذكر قائلين لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم، وفى ذلك تنبيه وتذكير بما كان يجب عليهم من شكر هذه النعم.
(وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي وما ظلمونا بكفرهم بهذه النعم، بل ظلموا أنفسهم وأضروها بهذا الجحود والإنكار، وقد كان ذلك من دأبهم وعادتهم آنا بعد آن،
وقد جاء فى الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذرّ مرفوعا «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادى إنكم لن تبلغوا ضرّى فتضرونى، ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى» .