المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ط اللَّهِ ط رَبُّنا ط عِلْماً ط تَوَكَّلْنا وللعدول الْفاتِحِينَ - تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان - جـ ٣

[النيسابوري، نظام الدين القمي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌[تتمة سورة المائدة]

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 82 الى 86]

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 100]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة المائدة (5) : الآيات 101 الى 120]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(تفسير سورة الأنعام

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 11]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 24]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 25 الى 37]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 38 الى 50]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 51 الى 60]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 61 الى 73]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 83]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 84 الى 90]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 100]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 101 الى 110]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 111 الى 121]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 122 الى 130]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 الى 140]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 150]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 165]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الأعراف)

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 11 الى 25]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 26 الى 34]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 35 الى 43]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 53]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 54 الى 58]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 72]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 84]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 85 الى 93]

- ‌القراءة:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 102]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 103 الى 126]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 الى 141]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 142 الى 154]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 159]

- ‌القراآت

- ‌الوقوف

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 160 الى 171]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 183]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 184 الى 198]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 199 الى 206]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة الأنفال

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 11 الى 19]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 20 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 31 الى 40]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 41 الى 49]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 50 الى 66]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 75]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة التوبة)

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 1 الى 16]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 17 الى 28]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 29 الى 37]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 38 الى 49]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 50 الى 59]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 60 الى 69]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 70 الى 79]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 80 الى 89]

- ‌القراءات:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 90 الى 99]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 100 الى 110]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 111 الى 119]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة التوبة (9) : الآيات 120 الى 129]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌(سورة يونس)

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 1 الى 10]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 11 الى 20]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 21 الى 30]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 31 الى 41]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 42 الى 60]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 61 الى 70]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 71 الى 92]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌[سورة يونس (10) : الآيات 93 الى 109]

- ‌القراآت:

- ‌الوقوف:

- ‌التفسير:

- ‌التأويل:

- ‌الفهرس

الفصل: ط اللَّهِ ط رَبُّنا ط عِلْماً ط تَوَكَّلْنا وللعدول الْفاتِحِينَ

ط اللَّهِ ط رَبُّنا ط عِلْماً ط تَوَكَّلْنا وللعدول الْفاتِحِينَ هـ لَخاسِرُونَ هـ جاثِمِينَ هـ ج إن وصل وقف على كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا على جعل الَّذِينَ بدلا من الضمير في فَأَصْبَحُوا وكَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا حال لمعنى الفعل في الجاثمين. وإن جعل الَّذِينَ مبتدأ خبره كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا وقف على جاثِمِينَ وعلى فِيهَا ومن لم يقف على فِيهَا وجعل الَّذِينَ بدلا من الَّذِينَ الأول وقف على شُعَيْباً ويستأنف ب كانُوا ولا يخلو من تعسف. الْخاسِرِينَ هـ وَنَصَحْتُ لَكُمْ ط لأن فَكَيْفَ للتعجب فيصلح للابتداء مع أن فيه فاء التعقيب. كافِرِينَ هـ والله أعلم.

‌التفسير:

القصة السادسة قصة شعيب ومدين اسم البلد. وقيل: اسم القبيلة لأنه شعيب بن توبب بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وذلك أنه أمرهم بأشياء: الأوّل: عبادة الله، أمرهم بها ونهاهم عن عبادة غير الله وهذا أصل معتبر في شرائع جميع الأنبياء. الثاني: تصديق ما ادعاه من النبوّة وأشار إليه بقوله قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ أي معجزة دالة على نبوّتي. ففي الآية دلالة مجملة على أن لشعيب معجزة ظاهرة كما ينبغي لكل مدعي نبوّة وإلا كان متنبئا، غير أن معجزته لم تذكر في القرآن كما لم يذكر أكثر معجزات نبينا صلى الله عليه وآله فيه. يحكى أنه دفع إلى موسى عصاه وتلك العصا ربت التنين وأيضا قال لموسى: إن هذه الأغنام تلد أولادا عنقها أسود وسائرها أبيض وقد وهبتها منك وكان الأمر كما أخبر. وكل ذلك قبل أن يستنبأ موسى. فقال أهل السنة: إن هذه الأمور علامات نبوّة موسى ويسمى إرهاصا.

وقالت المعتزلة: إنها معجزات شعيب بناء على أن الإرهاص عندهم غير جائز. الثالث قوله فَأَوْفُوا الْكَيْلَ الآية. واعلم أن للأنبياء عليهم السلام أن يبدأوا في الموعظة بما يكون قومهم مقبلين عليه. وكان قوم شعيب مشغوفين بالبخس والتطفيف فكأنه يقول:

البخس عبارة عن الخيانة بالشيء القليل وهو أمر مستقبح في العقول ومع ذلك فقد جاءت البينة والشريعة الموجبة لتحريمه فلم يبق لكم فيه عذر فأوفوا الكيل والميزان. قال في الكشاف: لم يقل المكيال والميزان كما في سورة هود لأنه أراد بالكيل آلة الكيل وهو المكيال، أو سمى ما يكال به بالكيل كما قيل العيش لما يعاش به، أو أريد فأوفوا الكيل ووزن الميزان، أو الميزان مصدر كالميعاد والميلاد. الرابع وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ يقال: بخسته حقه إذا نقصته إياه ومنه قيل للمكس البخس. وفي المثل تحسبها حمقاء وهي باخس. قال ثعلب: وإن شئت قلت باخسة وذلك بتأويل الإنسان أو النسمة يضرب لمن لا يعبأ به وفيه دهاء وجربزة. خص أولا ثم عمم ليشمل جميع أنواع الظلم كالغصب

ص: 284

والسرقة وأخذ الرشوة وقطع الطريق وانتزاع الأموال بوجوه الاحتيال. يروى أنهم كانوا مكاسين لا يدعون شيئا إلا مكسوه، وكانوا إذا دخل الغريب بلدهم أخذوا دراهمه الجياد وقالوا هي زيوف فقطعوها قطعا ثم أخذوها بنقصان ظاهر وأعطوه بدلها زيوفا. الخامس وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وهذا أعم من البخس لشموله الأموال والأعراض والنفوس وكل ما يوجب مفسدة دنيوية أو دينية. والمعنى بعد إصلاح أهلها على حذف المضاف أو هو كقوله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [سبأ: 33] أي بعد الإصلاح فيها يعني إصلاح الصالحين من الأنبياء ومتابعيهم العالمين بشرائعهم ذلِكُمْ الذي ذكر من الأمور الخمسة خَيْرٌ لَكُمْ في الإنسانية وحسن الأحدوثة وزيادة البركة لرغبة الناس في متاجرتكم عند اشتهاركم بالأمانة والديانة. ولا يخفى أن حاصل هذه التكاليف الخمسة يرجع إلى التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مصدقين لي في قولي. ثم فصل بعض ما أجمل فقال وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ قيل: الصراط حقيقة وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطرق والمراصد كما كانت تفعل قريش بمكة يخوّفون من آمن بشعيب ويقولون إنه كذاب لا يفتنكم عن دينكم، أو كانوا يقطعون الطرق أو كانوا عشارين. وقيل: إنه مجاز عن الدين أي لا تقعدوا على طريق الدين ومنهاج الحق لأجل أن تمنعوا الناس عن قبوله اقتداء بالشيطان حيث قال لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف: 16] ودليل هذا المجاز قوله وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يقال: قعد بمكان كذا أي التصق به، وعلى مكان كذا أي علا ذلك المكان وفيه إذا حل، فحروف الجر تتعاقب في مثل هذا الموضع لتقارب معانيها. ومحل تُوعِدُونَ وما عطف عليه نصب على الحال، نهاهم عن القعود على صراط الله حال الاشتغال بأحد هذه الأفعال. وإنما قال بِكُلِّ صِراطٍ مع أن صراط الحق واحد لأنه يتشعب إلى معالم وحدود وأحكام كثيرة كل منها في نفسه سبيل، وكانوا إذا رأوا أحدا يشرع فيها أوعدوه وصدوه. والضمير في بِهِ راجع إلى كل صراط والتقدير:

توعدون من آمن به وتصدون عنه فوضع الظاهر موضع الضمير زيادة في التقبيح والتفظيع.

ومعنى وَتَبْغُونَها تطلبون لسبيل الله عِوَجاً أي تصفونها للناس بأنها معوجة وذلك بإلقاء الشكوك والشبهات. قال في الكشاف: أو يكون تهكما بهم وأنهم يطلبون لها ما هو محال لأن طريق الحق لا تعوج. ثم ذكرهم نعم الله تعالى لأن ذكر النعم مما يحمل على الطاعة ويبعد عن المعصية فقال وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ أي وقت كونكم قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ قال الزجاج يحتمل كثرة العدد بعد القلة وكثرة الغنى بعد الفقر وكثرة القدرة والشدة بعد الضعف والذلة. قيل: إن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت فرمى الله في نسلها

ص: 285

بالبركة والنماء وصاروا كثيرا في العدة والعدة والشدّة. ثم حذرهم سوء عاقبة من أفسد قبلهم من الأمم وكانوا قريبي العهد مما أصاب المؤتفكة فقال وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ رغبهم أولا ثم رهبهم ثانيا وأكد الترهيب بقوله وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ الآية. وفيه وعيد للكافرين ووعد للمؤمنين وحث لهم على الصبر على ما يلحقهم من أذى المشركين إلى أن يحكم بمقتضى العدل والحكمة خير الحاكمين. ثم حكى جواب قومه المحجوجين المستكبرين وذلك قولهم لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا أي أحد الأمرين كائن لا محالة إما إخراجكم وإما عودكم إلى الكفر. وهاهنا سؤال وهو أن الكفر على الأنبياء محال فكيف يتصور عوده إليه؟ وهب أن قول الكفار ليس حجة أليس قول شعيب حجة حيث قال إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ؟ وأجيب بأن الكلام بني على التغليب، وأن شعيبا أراد عود قومه إلا أنه نظم نفسه في جملتهم لما ذكرنا، أو لعل رؤساءهم قالوا ذلك تلبيسا على القوم وشعيب أجرى كلامه على وفق ذلك، أو أنه كان في أوّل أمره يخفي مذهبه فتوهموا أنه على دينهم، أو أريد بالملة الشريعة التي صارت منسوخة بشرعه، أو يطلق العود على الابتداء كقوله:

وإن تكن الأيام أحسنّ مرّة

إليّ فقد عادت لهن ذنوب.

قال شعيب في جوابهم أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ الهمزة للاستفهام والواو للحال والتقدير: أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهيتنا؟. ثم صرح بأنه لا يفعل ذلك فقال قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إن فعلنا ذلك وذلك أن أصل الباب في النبوة والرسالة صدق اللهجة والبراءة عن الكذب والعود في ملتكم ينافي ذلك. ومعنى قوله بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها بعد أن علمنا قبحه وفساده ونصب الأدلة على بطلانه، أو المراد نجى قومه فغلب، أو المراد على حسب زعمكم ومعتقدكم كما مر. قال في الكشاف: وقوله قَدِ افْتَرَيْنا إخبار مقيد بالشرط وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون كلاما مستأنفا فيه معنى التعجب كأنهم قالوا: ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الإسلام لأن الارتداد أعظم من الكفر حيث إن المرتد يزعم أنه قد تبين له ما خفي عليه من التمييز بين الحق والباطل وكفره أزيد. والثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام معناه والله لقد افترينا على الله كذبا وَما يَكُونُ لَنا أي ما ينبغي لنا وما يصح أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا قال أهل السنة: في الآية دلالة على أن المنجي من الكفر هو الله تعالى وكذا المعيد إليه قال الواحدي: ولم تزل الأنبياء والأكابر يخافون العاقبة وانقلاب الأمر، ألا ترى إلى قول الخليل عليه السلام وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [إبراهيم: 35] وكثيرا ما

كان يقول

ص: 286

نبينا صلى الله عليه وسلم: «يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وطاعتك» «1»

وقال يوسف تَوَفَّنِي مُسْلِماً [يوسف: 101] أجابت المعتزلة بوجوه: الأوّل: أن قوله إِلَّا أَنْ يَشاءَ قضية شرطية أي إن شاء يعد وليس فيه بيان أنه شاء أم أبى. الثاني: أن هذا على طريق التبعيد والإحالة. كما يقال لا يفعل ذلك إلا إذا ابيض القار وشاب الغراب. الثالث: لعل المراد ما لو أكرهوا على العود فإن إظهار الكفر عند الإكراه جائز وإن كان الصبر أفضل وما كان جائزا صح أن يكون مراد الله تعالى كما أن المسح على الخفين مراد الله وإن كان غسل الرجلين أفضل. الرابع: يحتمل أن يعود الضمير في فِيهَا إلى قرية. كأنه قال: إن أخرجتمونا من القرية حرم علينا العود فيها إلا بإذن الله تعالى. الخامس: المشيئة عند أهل السنة لا توجب جواز الفعل فإنه تعالى يريد الكفر من الكافر ولا يجوز فعله إنما الذي يوجب الجواز هو الأمر فيحتمل أن يراد بالمشيئة هاهنا الأمر فيكون التقدير: إلا أن يأمر الله أن نعود إلى شريعتكم المنسوخة، فإن الشرع المنسوخ لا يبعد أن يأمر الله تعالى بالعمل به مرة أخرى. السادس: قال الجبائيّ: المراد من الملة الشريعة التي يجوز اختلاف التعبد فيها بالأوقات كالصوم والصلاة، فمن الجائز أن يكون بعض أحكام الشريعة المنسوخة باقيا فيكون المعنى إلا أن يشاء الله إبقاء بعض تلك الملة فيدلنا عليها. ثم إن المعتزلة تمسكوا بالآية على صحة قولهم من وجهين: أحدهما: أن قوله وَما يَكُونُ لَنا معناه لو شاء الله عودنا إليها لكان لنا أن نعود وذلك يقتضي أن كل ما شاء تعالى وجوده كان فعلا جائزا مأذونا فيه، وما كان حراما ممنوعا منه لم يكن مراد الله تعالى. وثانيهما: أن قوله لَنُخْرِجَنَّكَ أو لَتَعُودُنَّ لا وجه للفصل بينهما فإن كان العود بخلق الله كان الإخراج أيضا بخلقه. قلت: للسني أن يلتزم ذلك. أما قوله وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ فوجه تعلقه بما تقدمه على قول الجبائيّ هو أن التكليف بحسب المصالح فيكون معنى قول شعيب إلا أن يشاء الله إلا أن تختلف المصلحة في تلك العبادات فحينئذ يكلفنا بها والعلم بالمصالح لا يكون إلا بأن وسع كل شيء علما. وقالت الأشاعرة: وجه التعلق هو أن القوم لمّا قالوا لنخرجنك أو لتعودن قال شعيب وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً فربما كان في علمه قسم ثالث: وهو أن يبقينا في القرية مؤمنين ويجعلكم مقهورين خاسرين ويؤكد هذا التفسير قوله عقيب ذلك عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا أي لا على غيره. وانتصاب عِلْماً على التمييز.

وفي قوله وَسِعَ بلفظ الماضي دلالة على أنه تعالى كان في الأزل عالما بجميع

(1) رواه الترمذي في كتاب القدر باب 7. ابن ماجه في كتاب المقدمة باب 13. أحمد في مسنده (2/ 4، 8) ، (3/ 112) .

ص: 287

المعلومات فلا يخرج عن شيء عن مقتضى علمه وهو معنى جفاف الأقلام وطي الصحف ولزوم الأحكام وسعادة السعيد وشقاوة الشقي ويعلم من عموم كل شيء أنه علم الماضي والحال والمستقبل وعلم المعدوم أنه لو كان كيف يكون. فهذه أقسام أربعة يقع كل منها على أربعة أوجه لأنه علم الماضي كيف كان، وعلم أنه لو لم يكن ماضيا بل كان حالا أو مستقبلا أو معدوما محضا فإنه كيف يكون، وكذا الكلام في الأقسام الأخر فيكون المجموع ستة عشر. وإذا اعتبر كل منها بحسب كل جنس أو نوع أو صنف أو شخص من الجواهر أو الأعراض صار مبلغا تتحير فيه عقول العقلاء بل تقف دون أوّل قطرة من قطرات بحاره. ثم إن شعيبا لما أعرض عن الأسباب وارتقى بطريق التوكل إلى مسببها ختم كلامه بالدعاء قائلا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ قال ابن عباس والحسن وقتادة والسدي: احكم واقض. وعن ابن عباس: ما أدري ما معناه حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها: تعالى أفاتحك أي أحاكمك. وجوز الزجاج أن يكون معنى الآية أظهر أمرنا حتى يتضح وينكشف ما بيننا وبين قومنا. والمراد أن ينزل عليهم عذابا يدل على كونهم مبطلين وعلى كون شعيب وقومه محقين. ثم أثنى على الله بقوله وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ كما قال وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ قالت الأشاعرة: الإيمان فتح باب الخيرات وهو أشرف صفات المحدثات، فلو كان موجد الإيمان هو العبد كان خير الفاتحين هو العبد. وللمعتزلة أن يقولوا: لولا ألطافه المرجحة الداعية لم يوجد الإيمان من العبد فصح أن الله هو خير الفاتحين. ثم بيّن أن رؤساء قوم شعيب لمن يقتصروا على الضلال بل بادروا إلى الإضلال قائلين لمن دونهم لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ أي في الدين أو في الدنيا لأنه يمنعكم من ازدياد الأموال بطريق البخس والتطفيف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قد سبق تفسيرها الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا يقال غني القوم في دراهم إذا طال مقامهم فيها. والمغاني المنازل إذا كان فيها أهلها. وقال الزجاج: أي كأن لم يعيشوا فيها مستغنين من الغنى الذي هو ضد الفقر. وعلى التفسيرين شبه حال المكذبين بحال من لم يكن قط في تلك الديار كقوله: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر. قال في الكشاف الَّذِينَ كَذَّبُوا مبتدأ خبره كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا وكذلك كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص كأنه قيل: الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بأن أهلكوا واستؤصلوا كأن لم يقيموا في ديارهم لأن الذين اتبعوا شعيبا قد أنجاهم الله الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً هم المختصون بالخسران العظيم دون أتباعه فإنهم الرابحون، وفي هذا الاستئناف والابتداء والتكرير مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم

ص: 288