الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالفتح: أبو جعفر ونافع. فَإِنْ تَوَلَّوْا بتشديد التاء: البزي وابن فليح. وَيَسْتَخْلِفُ بالجزم: الخزاز عن هبيرة. الباقون بالرفع يَوْمِئِذٍ بفتح الميم وكذلك في «المعارج» :
أبو جعفر ونافع غير إسماعيل وعلي الشموني والبرجمي وعباس. الآخرون بالجر. أَلا إِنَّ ثَمُودَ غير منصرف والوقف بغير الألف: حمزة وحفص وسهل ويعقوب. الباقون بالتنوين والوقف بالألف. لِثَمُودَ بالتنوين في الوصل: علي.
الوقوف:
هُوداً ط غَيْرُهُ ط مُفْتَرُونَ هـ أَجْراً ط فَطَرَنِي ط تَعْقِلُونَ هـ مُجْرِمِينَ هـ بِمُؤْمِنِينَ هـ بِسُوءٍ ط تُشْرِكُونَ هـ لا لا تُنْظِرُونِ 5 وَرَبِّكُمْ ط بِناصِيَتِها ط مُسْتَقِيمٍ هـ بِهِ إِلَيْكُمْ ط للاستئناف إلا لمن قرأ وَيَسْتَخْلِفُ بالجزم غَيْرَكُمْ ج لاحتمال ما بعده الاستئناف والحال شَيْئاً ط حَفِيظٌ هـ مِنَّا ج لحق المحذوف أي وقد نجيناهم غَلِيظٍ هـ ط عَنِيدٍ هـ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ ط رَبَّهُمْ ط هُودٍ هـ صالِحاً م لما مر في «الأعراف» . غَيْرُهُ ط إِلَيْهِ ط مُجِيبٌ هـ مُرِيبٍ هـ تَخْسِيرٍ هـ قَرِيبٌ هـ أَيَّامٍ ط مَكْذُوبٍ ط يَوْمِئِذٍ ط الْعَزِيزُ هـ جاثِمِينَ هـ لا لكاف التشبيه فِيها ط رَبَّهُمْ ط لِثَمُودَ 5.
التفسير:
قد مر في «الأعراف» تفسير قوله: وَإِلى عادٍ الآية، ومعنى قوله: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ أنكم كاذبون في قولكم إن هذه الأصنام يحسن عبادتها مع أنها لا حس لها ولا شعور. ثم قال مثل قول نوح يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً لأن النصيحة لا يمحضها إلا حسم المطامع أَفَلا تَعْقِلُونَ أن نصح من لا يطلب الأجر إلا من الله لا يكون من التهمة في شيء. قيل: إنما قال في قصة نوح مالًا دون أَجْراً لذكر الخزائن بعده، فلفظ المال بها أليق. وحذف الواو من يا قَوْمِ لأنه أراد الاستئناف أو البدل دون العطف. وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ قد مر مثله في أول السورة.
وقال الأصم: المراد سلوه أن يغفر لكم ما تقدم لكم من إسرافكم ثم اعزموا على أن لا تعودوا إلى مثله. ثم قصد استمالتهم وترغيبهم في الإيمان بكثرة المطر وزيادة القوة لأن القوم كانوا حراصا على جميع الأموال من وجوه العمارة والزراعة مفتخرين بما أوتوا من البطش والقوة، فقدم إليهم في باب الدعوة إلى الدين والترغيب فيه ما كانت همتهم معقودة به ليحصل في ضمنه الغرض الكلي والمقصود الأصلي وهو الفوز بالسعادات الأخروية، وكأنه إنما خصص هذين النوعين من السعادات الدنيوية لأن الأول أصل جميع النعم، والثاني أصل في الانتفاع بتلك النعم. وقيل: المراد بالقوة الزيادة في المال. وقيل
في النكاح. وروي أنه حبس عنهم القطر بشؤم التكذيب ثلاث سنين وأعقم نساؤهم فوعدوا أنهم إن آمنوا أحيا الله بلادهم ورزقهم المال والولد. والمدرار الكثير الدر كما مر في أول «الأنعام» .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال: إني رجل ذو مال لا يولد لي فقال: عليك بالاستغفار. فكان يكثر الاستغفار حتى إنه ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة فولد له عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال: هلا سألته مم قال ذلك؟ فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال: ألم تسمع قول هود وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وقول نوح وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ [نوح: 12]
ثم قال هود لا تَتَوَلَّوْا أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه مُجْرِمِينَ مصرين على الإجرام والآثام. فجحدوا هودا وقالوا ما جئتنا ببينة كما قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ [الرعد: 27] ولم يشتهر منه معجزة ولكن العلماء قالوا: إظهار الدعوة مع أولئك الأقوام من غير مبالاة وتوان آية من الآيات. وقوله: عَنْ قَوْلِكَ حال من الضمير كأنه قيل: وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ لا يصدق مثلنا مثلك أبدا. ثم زعموا أن بعض آلهتهم اعتراه بسوء أي غشيه وأورثه الخبل والجنون لأنه كان يسب آلهتهم وذلك قولهم: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ وإلا لغو أي ما نقول شيئا إلا هذا القول فمن ثم يتكلم بكلام المجانين. والمراد أن الأصنام كافأته على سوء فعله بسوء الجزاء فأظهر نبي الله الجلادة والثقة بالله فيما هو بصدده وتبرأ منهم ومن شركهم فأشهد الله وذلك إشهاد صحيح، وأشهدهم أيضا وهذا كالتهاون وقلة المبالاة بهم كقول الرجل لمن نوى قطعه بالكلية: اشهد عليّ أني لا أحبك تهكما به. وقد مر قوله: فَكِيدُونِي الآية في آخر سورة الأعراف. وقوله: ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها تمثيل لغاية التسخير ونهاية التدليل، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه جزوا ناصيته فكان علامة لقهره. قالت المعتزلة: هذا دليل التوحيد لدلالته على أنه لا مالك إلا هو. وقوله:
إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دليل العدل. والأشاعرة قالوا: معناه معنى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [الفجر: 14] أي لا يخفى عليه شيء ولا يفوته هارب فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ كقول القائل إن أكرمتني الآن فقد أكرمتك فيما مضى. والمراد فإن تتولوا فأنا غير معاتب ولا مقصر لأني قد قضيت حق الرسالة. وفي قوله: وَيَسْتَخْلِفُ إشارة إلى عذاب الاستئصال وأنه يخلق بعدهم من هو أطوع منهم وأنه لا ينقص من ملكه شيئا إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ يحفظ أعمال العباد حتى يجازيهم عليها، أو يحفظني من شرككم وكيدكم، أو يحفظني من الهلاك وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قيل: كانوا أربعة آلاف
بِرَحْمَةٍ مِنَّا أي بفضل وامتنان أو بسبب ما هم فيه من الإيمان والعمل الصالح وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أطلق التنجية أوّلا ثم قيدها على معنى وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ سموم تدخل في أفواههم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم عضوا عضوا.
ويحتمل أن يراد بالثانية النجاة من عذاب الآخرة ولا عذاب أغلظ منه.
ولما ذكر قصتهم خاطب محمدا وأشار إلى قبورهم وآثارهم بقوله: وَتِلْكَ عادٌ فانظروا واعتبروا. ثم استأنف وصف أحوالهم مجملة فقال: جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فلم يتسلقوا من المعجزات إلى صدق الأنبياء، ولم يرتقوا من الممكنات إلى وجود الواجب بالذات وَعَصَوْا رُسُلَهُ قيل: لم يرسل إليهم إلا هود، وصح الجمع لأن عصيان رسول واحد يتضمن عصيان كلهم لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: 285] وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أطاعوا رؤساءهم وكبراءهم المتمردة والمعاندة ولهذا جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين. وفي تكرير «ألا» والنداء على كفرهم، والدعاء عليهم بالبعد بعد إهلاكهم دلالة على تفظيع شأنهم وأنهم كانوا مستأهلين للدعاء عليهم بالهلاك، ويحتمل أن يراد البعد من رحمة الله في الآخرة. وقوله: قَوْمِ هُودٍ عطف بيان لعاد إما للتأكيد ومزيد التقرير، وإما لأن عادا عادان القديمة التي هي قوم هود، والأخرى وهي إرم. قوله في قصة ثمود هُوَ أَنْشَأَكُمْ تقديم الضمير للحصر أي لم ينشئكم إلا هو، ومعنى الإنشاء من الأرض أن الكل مخلوق من صلب آدم وهو مخلوق من الأرض. ويمكن أن يقال: إن الإنسان مخلوق من المني وهو يحصل من الغذاء والغذاء ينتهي إلى النبات ثم إلى الأرض. وقيل: إن «من» بمعنى «في» . وَاسْتَعْمَرَكُمْ من العمارة أي جعلكم عمارا للأرض وأمركم بالعمارة. فمنها واجب وندب ومباح ومكروه، وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار فعمروا الأعمار الطوال مع ما كان منهم من الظلم.
فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي وقيل: من العمر نحو استبقاكم من البقاء. وقيل: من العمرى. ومعناه أعمركم الله فيها دياركم ثم هو وارثها منكم عند انقضاء أعماركم، أو جعلكم معمرين دياركم فيها لأن الرجل إذا ورّث داره من بعده فكأنه أعمره إياها لأنه يسكنها عمره ثم يتركها لوارثه.
ومعنى كونه تعالى قريبا قد مر في قوله: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:
186] وذلك في «البقرة» . قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا عن ابن عباس: فاضلا خيرا نقدمك على جميعنا. وقيل: كنا نظن بك الرشد والصلاح وكمال العقل وإصابة الرأي. وقيل: كنت تعطف على فقيرنا وتعين ضعيفنا وتعود مرضانا فظننا أنك من الأنصار
والأحباب وأهل الموافقة في الدين، فكيف أظهرت العداوة والبغضاء؟ ثم أضافوا إلى هذا الكلام التمسك بالتقليد ومتابعة الآباء، ثم صرحوا بالتوقف والريب في أمره. ومريب من أرابه إذا أوقعه في الريبة، أو من أراب الرجل إذا كان ذا ريبة وهو من الإسناد المجازي واعلم أن قوله وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ بنون الوقاية هاهنا على الأصل، وأما في سورة إبراهيم فإنما قال: وإنا بغير نون الوقاية لقوله بعده: تَدْعُونَنا [الآية: 9] على الجمع فكان اجتماع النونات مستكرها. فأجابهم هو بقوله: إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ الآية. وبنى أمره على الفرض والتقدير لأن خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول كأنه قال: قدروا أني على بينة مِنْ رَبِّي وأني نبي على الحقيقة فمن يمنعني من عذاب الله إِنْ عَصَيْتُهُ في أوامره فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ أي على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها، أو فما تزيدونني بما تحملونني عليه إلا أني أنسبكم إلى الخسران وأقول إنكم خاسرون.
والمعنى الأول أقرب لأنه كالدلالة على أن متابعتهم لا تزيده إلا خسران الدارين. وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ قد مر تفسيره في «الأعراف» . ومعنى عَذابٌ قَرِيبٌ عاجل لا يستأخر إلا ثلاثة أيام وغَيْرُ مَكْذُوبٍ من باب الاتساع أي غير مكذوب فيه فحذف الحرف.
وأجرى الضمير مجرى المفعول به أو من باب المجاز كأن الوعد إذا أوفى به فقد صدق ولم يكذب أو المكذوب مصدر كالمجلود وصف به.
قوله: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا بالفاء. وفي قصة هود بالواو ولمكان التعقيب هاهنا بدليل قوله: عَذابٌ قَرِيبٌ ومثله في قصة لوط لقوله: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود: 81] وأما في قصة هود فإنه قال: وَيَسْتَخْلِفُ بلفظ المستقبل ومثله في قصة شعيب فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ بحرف التسويف فلم يكن الفاء مناسبا. واعتبر هذا المعنى في سائر المواضع كما في سورة يوسف قال: وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ [الآية: 59] بالواو أوّلا لأن التعقيب لم يكن مرادا ثم قال: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ [الآية: 70] لمكان التعقيب والله أعلم. قوله:
وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ معطوف على محذوف والتقدير نجينا صالحا ومن معه من العذاب النازل بقومه ومن الخزي الذي لزمهم، أو يتعلق بمعطوف محذوف أي ونجيناهم من خزي يومئذ كما قال: وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ والمعنيان كما قلنا هناك. والقراءتان في يَوْمِئِذٍ لأن الظرف المضاف إلى «إذ» يجوز بناؤه على الفتح، والتنوين في «إذ» عوض من المضاف إليه أعني الجملة، والتقدير يوم إذ كان كذا وكسر الذال للساكنين إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ القادر الغالب فمن قدرته ميز المؤمن من الكافر، ومن عزته وقهره أهلك الكفار بالصيحة التي سمعوها من جانب السماء إما بواسطة جبرائيل وإما لإحداثها في