الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورةُ الفِيل
آياتها:5
سورة الفيل
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
سورةُ الفِيل
تحكي هذهِ السورةُ قصةَ أَبْرَهَةَ الحبشيِّ الذي جاءَ لهدمِ الكعبةِ في العامِ الذي وُلِدَ فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وتذكُرُ ما حصلَ لهم من العِقاب.
1 -
2 - قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ *أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} ؛ أي: ألم تعلمْ بما صنعَهُ الله بأبرهةَ وقومِه الذين غزو مكةَ بجيشٍ فيه أفيال، وأرادوا أن يهدِموا الكعبة؟، لقد جعلَ اللَّهُ سعيَهُم وتدبيرَهم في صَرْفِ الناس عن الكعبةِ ومحاولة هَدْمِها عملاً ضائعاً لا فائدةَ فيه.
3 -
5 - قولُه تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ *فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَاكُولٍ} ؛ أي: وَأَلَمْ تعلمْ بما عاقَبهم به من بَعْثِ طيورٍ من السماءِ جاءت جماعاتٍ كثيرةً متفرِّقةً يتبعُ بعضُها بعضاً (1)،
(1) ورد تفسيرُ الأبابيل عن السلف بعدة عباراتٍ، منها:
1 -
الفِرَق، ورد ذلك عن ابن مسعود من طريق زِرِّ، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
2 -
المتتابِعة، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والضحَّاك من طريق عبيد.
3 -
الكثيرة، ورد ذلك عن الحسن من طريق الفضل، وقتادة من طريق معمر.
4 -
المجتمِعة، ورد ذلك عن أبي سلمة، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
وهذه التفاسيرُ كلُّها صحيحة، وإن كان بعضُها تفسيراً على المعنى، وهو مأخوذٌ من الوصفِ الذي جاءت عليه هذه الطيور، فهي جاءت مجتمِعةً، ومتفرِّقةً، وكثيرةً، ويتبَعُ بعضُها بعضاً، وكلُّ هذا حق، وما ورد عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح أشمل هذه =
تحمِلُ حصًى صغيرةً من طين (1)، تُلقيه على أصحابِ الفيل، فتقضي عليهم، حتى صاروا كبقايا الزرعِ المأكولِ الذي تَحَوَّلَ بعد الخُضْرَة والنَّضْرَة، إلى أن صارَ مُلْقًى على الأرضِ يُداسُ بالأقدام (2)؟.
= الأقوال، حيث قال:«هي شتَّى متتابِعة مجتمِعة» . والله أعلم.
(1)
وردَ تفسيرُ سجِّيلٍ بالطِّين في كتاب الله تعالى، فقد وردَ في عذابِ قوم لوطٍ قوله تعالى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82]، وقال عنه في موضِعٍ آخر:{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} [الذاريات: 33]، فدلَّ على أنَّ سجِّيلَ هو الطين، وكذا ورد عن السلفِ في التفسير، ورد عن ابن عباس من طريق عكرمة، وعكرمة من طريق أبي حفصة، وقتادة من طريق معمر.
وورد عن ابن عباس من طريق عكرمة، وعكرمة من طريق شرقي أنهما قالا:«سجِّيل: سنك وكل» ؛ أي هو مجموع من كلمتين، وهي كلمة فارسية، ولا يبعُد أن تكونَ هذه اللفظةُ مما اتفقت عليه اللغات، فإن لم يكن فإنها مما تقارَضَتْها، وكون الفُرس ينطِقون بها لا يلزم أن تكون من أصل لُغتهم ثم انتقلت إلى العربية، إذ ما المانعُ أن يكونَ العكس؟.
وإن قيلَ: إن الوزنَ يدلُّ على خروجِ بعضِ هذه الألفاظ عن العربية فالجواب: إنَّ هذه اللفظة موافِقة لأوزان العربية، والله أعلم.
وقد ذكروا أوصافَ هذه الطيور، ومِقدارَ الحجارة، وكيفيةَ وقوعِها على أصحابِ الفيل، وما أثَّرته فيهم.
(2)
ورد خلافٌ في تفسير العَصْفِ على أقوال:
1 -
وَرَقُ الحِنطة، عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
2 -
التِّبن، عن قتادة من طريق معمر.
3 -
كزرعٍ مأكول، عن الضحاك من طريق عبيد، وابن زيد، وقال:«وَرَقُ الزَّرع وورقُ البَقْلِ إذا أكلته البهائم فَرَاثَتْهُ، فصار رَوْثاً» .
4 -
قِشْرُ البُرِّ الذي يكونُ فوقَ الحبَّة، عن ابن عباس من طريق العوفي.
ويظهر من أصل مادة عصف: أن العصفَ هو ما يُعْصَفُ، أي: يُحْطَم من الزرع، وهذا الوصف يشمل جميع ما قاله السلف، فتكون أقوالهم أشبه بالأمثلة لشيءٍ من النبات المعصوف، والله أعلم.