المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورةُ المَسَد آياتها:5 - تفسير جزء عم للشيخ مساعد الطيار

[مساعد الطيار]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌المسألة الأولى: مفهوم التفسير:

- ‌المسألة الثانية: أنواع الاختلاف وأسبابه:

- ‌المسألة الثالثة: طبقاتُ السَّلف في التفسير:

- ‌المسألة الرابعة: تفسير السلف للمُفردات:

- ‌سُورةُ النَّبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورةُ الإنفِطار

- ‌سورةُ المطِّففين

- ‌سورةُ الإنشِقاق

- ‌سورةُ البُروج

- ‌سورةُ الطَّارِق

- ‌سورةُ الأعلَى

- ‌سورةُ الغَاشية

- ‌سورةُ الفَجر

- ‌سورةُ البَلَد

- ‌سورةُ الشَّمس

- ‌سورةُ اللَّيل

- ‌سورةُ الضُّحى

- ‌سورةُ الشَّرح

- ‌سورةُ الِّتين

- ‌سورةُ العَلَق

- ‌سورةُ القَدر

- ‌سورةُ البِّينة

- ‌سورةُ الزَلْزَلة

- ‌سورةُ العادِيات

- ‌سورةُ القَارِعة

- ‌سورةُ التكاثُر

- ‌سورةُ العَصْر

- ‌سورةُ الهُمَزَة

- ‌سورةُ الفِيل

- ‌سورةُ قُريش

- ‌سورةُ الماعون

- ‌سورةُ الكَوْثَر

- ‌سورةُ الكافِرون

- ‌سورةُ النَّصر

- ‌سورةُ المَسَد

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

- ‌فهرس

- ‌أولاً: فهرس اختلاف التنوع:

- ‌القسمُ الأول: الاختلافُ الذي يرجعُ إلى معنًى واحد:

- ‌القسمُ الثاني: الاختلافُ الذي يرجع إلى أكثرِ من معنى

- ‌ثانياً: أسبابُ الاختلاف:

- ‌1 - الاختلافُ بسبب التواطؤ:

- ‌2 - الاختلافُ بسبب ذكرِ وصفٍ لموصوفٍ محذوف:

- ‌3 - الاختلافُ بسبب الاشتراكِ اللُّغوي:

- ‌4 - الاختلافُ بسبب الحذف:

- ‌5 - الاختلافُ بسبب مفسّر الضمير:

- ‌6 - الحملُ على المعنى اللغوي، والحملُ على المعنى الشرعي:

- ‌ثالثاً: قواعد الترجيح:

- ‌1 - الترجيحُ بالأغلب، أو المشهور من لغة العرب:

- ‌2 - الترجيحُ بقول الجُمهور (وقد يسميه عليه الطبري: إجماع الحجة):

- ‌3 - الترجيحُ بدلالة السنَّة النبوية:

- ‌4 - الترجيحُ بدلالة السِّياق:

- ‌5 - الترجيحُ بأصل ترتيبِ الكلام، وعدمِ الحُكم بالتقديم والتأخيرِ إلا لعلَّةٍ توجبُ ذلك:

- ‌6 - الترجيحُ برَسْمِ المصحف:

- ‌7 - الترجيحُ بعَوْدِ اسم الإشارة المُفرَدِ إلى أقربِ مذكورٍ، كالضمير:

- ‌8 - الترجيحُ باتِّساق الضمائر، وعَوْدِها على المذكور الأوَّل:

- ‌رابعاً: اختلافُ المعاني بسبب اختلاف القراءة:

- ‌ فهرسُ الفوائد العلمية:

الفصل: ‌ ‌سورةُ المَسَد آياتها:5

‌سورةُ المَسَد

آياتها:5

ص: 259

سورة المسد

بسم الله الرحمن الرحيم

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)

ص: 260

سورةُ المَسَد

أخرج البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء، فصَعِدَ الجبلَ فنادى:«يا صباحاه» . فاجتمعت قريش، فقال:«أرأيتم إن حدَّثتكم أنَّ العدوَ مُصَبِّحَكم أو ممسيكم، أكنتم مصدِّقِيَّ» ؟ قالوا: نعم. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبًّا لك، فأنزل الله:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إلى آخرها.

1 -

5 - قولُه تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} .

هذا دعاء بالهلاك والخسران على عمِّ الرسول صلى الله عليه وسلم المَكْنِيِّ بأبي لهب، وقد حصل له هذا، ذلك جزاءَ قولِه للنبي صلى الله عليه وسلم:«تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا (1)؟» .

ثمَّ أخبر اللَّهُ أنَّ مالَ أبي لهب وولدَه لا ينفعونه ولا يَرُدُّون عنه عذابَ الله (2)، وأنه سيدخل ناراً تتوقَّد تشويه بحرِّها، وأنه ستدخل معه

(1) هذه الجملة: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} دعاء على أبي لهب، وإسناد التباب لليدين، كإسناد العمل لهما في مثل قوله تعالى:{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} ، والمراد: خَسِرَ أبو لهب بسبب عمله الذي عَمِله مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وجملة: {وتُبْ} جملة خبرية؛ أي: وقد حصل له التباب.

(2)

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَسَبَ} : وما ولد، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق أبي الطفيل ورجل من بني مخزوم، ومجاهد من طريق ليث وابن أبي نجيح. ونسبه ابن كثير =

ص: 261

زوجُه أمُّ جميلٍ التي كانت تؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بحمل الحطبِ الذي فيه الشوكُ فتلقيه في طريقه (1)، وقد جعل الله في عُنقها حبلاً مجدولاً ومفتولاً من ليف أو غيره، يكون عليها كالقلادة التي توضع على العنق (2)، جزاء ما كانت تصنع في الدنيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

= إلى عائشة وعطاء والحسن وابن سيرين.

(1)

اختلف السلف في تفسير «حمالة الحطب» : على أقوال:

الأول: أنها تحمل الشوك فتلقيه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق العوفي، ويزيد بن زيد الهمداني، وعطية الجدلي العوفي، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد.

الثاني: أنها كانت تمشي بالنميمة، وهو قول عكرمة من طريق محمد، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح ومنصور، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وسفيان الثوري من طريق مهران.

وحكى الطبري: أنها كانت تَحْطِبُ (أي: تجمع الحَطَبَ)، فعُيِّرت بذلك، ولم ينسبه، وهو مخالف لحال أمِّ جميل: غناها وشرفها، والله أعلم.

قال الطبري: «وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال: كانت تحمل الشوك، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك» .

وفسَّر السلف الحطب بالشوك؛ لأنها كانت تحمل أغصان الشوك، وهي الحطب، فتلقيها في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم لتُأذيَه بها، والله أعلم.

وقد فسَّر ابن كثير الآية على أنه في الآخرة فقال: «

وكانت عوناً لزوجها على كفره وجحوده وعناده، فلهذا تكون يوم القيامة عوناً عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال:{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} ؛ يعني تحمل الحطب فتلقيه على زوجها، ليزداد على ما هو فيه، وهي مهيَّأة لذلك مستعدَّةٌ له». وهذا الفهم لم يرد عن السلف، بل حملوا حَمْلَها الحَطَبَ على أنه وصفٌ لها في الدنيا، وليس هناك ما يدعو إلى هذا الفهم الذي فهمه ابن كثير، والله أعلم.

(2)

ورد في تفسير المسد أقوال عن السلف:

الأول: حبال من الشجر تكون بمكة، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق العوفي، والضحَّاك من طريق عبيد، وابن زيد. ويظهر أن المراد بهذه الحبال الليف.

الثاني: المسد سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعاً، وهو قول عروة من طريق يزيد وسفيان الثوري، وقال:«حبل في عنقها من النار، طوله سبعون ذراعاً» . =

ص: 262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وهذا التحديد يحتاج إلى قول المعصوم في خبره، وليس في هذه الآثار ما يدل على نقله عنه، وكون المَسَدِ يكون من الحديدِ صحيحٌ، أما هذا التحديد فيُتَوَقَّفُ فيه، والله أعلم.

الثالث: الحديد الذي يكون في البَكَرَةِ، ورد عن مجاهد من طريق منصور وابن أبي نجيح، من طريق الأعمش، لكن لم يذكر البَكَرَةَ، وعكرمة من طريق محمد.

الرابع: قلادة من وَدَعٍ في عنقها، ورد ذلك عن قتادة، ويحتمل أنه أراد أنه من صفتها في الدنيا؛ لأنه قال:«قلادة من ودع» ، ولم يحدد زمن لُبْسِها. والله أعلم.

قال الطبري: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو حبل جُمِعَ من أنواع مختلفة، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا، ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز:

ومَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ

صُهْبٍ عِتَاقٍ ذاتِ مُخٍّ زَاهِقِ

فجعل إمراره من شَتَّى، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب، أُمِرَّ من أشياء شتى: من ليف وحديد ولحاء، وجُعل في عنقها طوقاً كالقلادة من ودع؛ ومنه قول الأعشى:

تُمْسِي فَيَصْرِفُ بَابَها مِنْ دُونِنَا

غَلَقاً صَرِيفَ مَحَالَةِ الأمْسَادِ

يعني بالأمساد: جمع مَسَدٍ، وهي الحبال».

والمسد في اللغة يطلق على معان؛ منها:

1 -

المسد: الفتل والجدل، وممسود؛ أي: مجدول من ليف أو غيره، ومنه قول من قال: حبل من شجر بمكة، أو من ليف، وكذا من قال: سلسلة؛ لأنها تكون مجدولة في الغالب، والله أعلم.

2 -

المسد: المحور من الحديد، أو البَكَرَة التي يلتف عليها حبل الدلو، وهو تفسير مجاهد وعكرمة، وعليه يحمل قول قتادة؛ كأنه شبه القلادة في جيدها بالبكرة التي تكون من حديد الذي يكون عليه حبل الدلو، ويوضح ذلك ما نسبه ابن كثير لمجاهد، قال: «أي: طَوقُ حديدٍ، ألا ترى أن العربَ يُسمُّون البَكَرَةَ مَسَداً.

كما يحتمل أن يكون قولُ قتادةَ قولاً مستقلاً، ويكون معنىً آخرَ من معاني المَسَدِ، ومِنْ ثَمَّ يكونُ الاختلاف عائداً إلى أكثر من معنى بسبب الاشتراك اللغوي، وهما معنيان محتملان، والله أعلم.

ص: 263