المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خامسا: هل القرآن يشجع على فعل المعاصي - تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين

[منقذ السقار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌منهج المبطلين في إثارة الأباطيل عن القرآن

- ‌القرآن كتاب الله المحفوظ

- ‌الجمع الكتابي للقرآن الكريم

- ‌جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر:

- ‌هل نقل شيء من القرآن بطريق الآحاد

- ‌الجمع العثماني:

- ‌هل القرآن الكريم من إنشاء محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: دلالة آيات العتاب:

- ‌ثانياً: أحداث تشهد بوحي القرآن:

- ‌ثالثاً: الكتاب المعجز:

- ‌رابعاً: الإخبار بالغيوب

- ‌خامساً: هل في القرآن ما يدل على أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المصادر المزعومة للقرآن الكريم

- ‌أولاً: هل القرآن منقول من الكتاب المقدس

- ‌أ. حقائق الإيمان بين القرآن والكتاب المقدس

- ‌ب. قصص الأنبياء والأمم السابقة بين القرآن والكتاب المقدس

- ‌ج. الأحكام التشريعية بين القرآن والكتاب المقدس

- ‌ثانياً: هل تعلم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من بَحيرا وورقة بن نوفل

- ‌ثالثاً: هل القرآن منحول من شعر امرئ القيس

- ‌رابعاً: هل القرآن منحول من شعر أمية ابن أبي الصلت

- ‌الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌هل تغير النص القرآني في عصر الصحابة الكرام وبعدهم

- ‌أولاً: اختلاف مصاحف الصحابة

- ‌ثانياً: اختلاف الصدر الأول في قراءة بعض آيات القرآن الكريم

- ‌ثالثاً: هل أسقط ابن مسعود رضي الله عنه المعوذتين من مصحفه

- ‌رابعاً: هل أسقط ابن مسعود رضي الله عنه الفاتحة من مصحفه

- ‌خامساً: هل أخطأ نساخ القرآن في كتابة بعض كلماته

- ‌سادساً: هل في القرآن زيادة أو سقط أو جمل لم تكتمل

- ‌الأباطيل المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله

- ‌أولاً: نسبة صفات النقص إلى الله تعالى

- ‌ثانياً: هل يضل الله عباده

- ‌ثالثاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌رابعاً: هل يتحسر الله

- ‌خامساً: هل الكبر صفة محمودة

- ‌سادساً: هل الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها

- ‌سابعاً: هل شكّ القرآن في عدد قوم يونس عليه السلام

- ‌الأباطيل المتعلقة بما في القرآن عن أنبياء الله تعالى

- ‌أولاً: هل وقع آدم في الشرك

- ‌ثانياً: هل شك إبراهيم عليه السلام

- ‌ثالثاً: هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله

- ‌رابعاً: همُّ يوسف عليه السلام

- ‌الأباطيل المتعلقة بشخص النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: قصة الغرانيق

- ‌ثانياً: سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: هل النبي صلى الله عليه وسلم مصاب بالصرع

- ‌القرآن والمسيحية

- ‌أولاً: القرآن وألوهية المسيح

- ‌ثانياً: هل امتدح القرآن النصارى

- ‌ثالثاً: من أتباع المسيح

- ‌رابعاً: سؤال أهل الكتاب

- ‌خامساً: التوثيق المزعوم لكتب أهل الكتاب في القرآن

- ‌سادساً: هل الذكر المحفوظ هو كتب أهل الكتاب

- ‌سابعاً: هل نسب القرأن إلى المسيح صفة الخالقية

- ‌الأخطاء المزعومة في القرآن الكريم

- ‌أولاً: العين الحمئة

- ‌ثانياً: مريم أخت هارون

- ‌ثالثاً: هل القلوب العاقلة في الصدور

- ‌رابعاً: النجوم التي ترجم بها الشياطين

- ‌خامساً: هل القرآن يشجع على فعل المعاصي

- ‌سادساً: الجنة والخمر

- ‌سابعاً: هل أخطأ القرآن في ذكر السامري في عهد موسى

- ‌ثامناً: هل أخطأ القرآن بذكر هامان المصري

- ‌تاسعاً: هل يؤمن اليهود برسالة المسيح عليه السلام

- ‌الأخطاء اللغوية المزعومة في القرآن الكريم

- ‌أولاً: الأخطاء النحوية المزعومة في القرآن

- ‌ثانياً: الأخطاء البيانية المزعومة

- ‌المسألة السادسة: هل يعود الضمير على غير مذكور في السياق

- ‌المسألة السابعة: هل في القرآن ما هو لغو ولا معنى له

- ‌التناقضات المزعومة في القرآن الكريم

- ‌سوء الفهم لبعض آيات القرآن الكريم وألفاظه

- ‌المرأة في القرآن

- ‌أولاً: القوامة وظلم الزوجة

- ‌ثانياً: الأمر بضرب الزوجة

- ‌ثالثاً: تعدد الزوجات

- ‌رابعاً: حقوق المرأة والميراث

- ‌خامساً: شهادة المرأة

- ‌سادساً: طلاق المرأة

- ‌الرق والاسترقاق في القرآن الكريم

- ‌خاتمة

- ‌أهم المصادر والمراجع

الفصل: ‌خامسا: هل القرآن يشجع على فعل المعاصي

‌خامساً: هل القرآن يشجع على فعل المعاصي

؟

قالوا: القرآن يشجع على المعاصي من غير الكبائر بقوله: {وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} (النجم: 31 - 32)، فهذا الوعد الإلهي بالمغفرة لأصحاب الصغائر يغري بها.

والجواب: أن العلماء اختلفوا في اللمم المعفو عنه على أقوال ذكرها الطبري في تفسيره (1):

أ. أنها ذنوب الجاهلية يغفرها الله في الإسلام، قال الطبري:" معنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، إلا اللمم الذي ألمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام، فإن الله قد عفا لهم عنه، فلا يؤاخذهم به".

ب. أنه ما يلِّم به المرء، أي يصيبه من ذنب صغير أو كبير من غير إصرار عليه، ثم يتوب منه، قال أبو هريرة رضي الله عنه:(اللَّمة من الزنى، ثم يتوب ولا يعود، واللَّمة من السرقة، ثم يتوب ولا يعود; واللَّمة من شرب الخمر، ثم يتوب ولا يعود، فتلك الإلمام)، وهذا المعنى مروي عن عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحسن:(كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: هذا الرجل يصيب اللمة من الزنا، واللمة من شرب الخمر، فيخفيها فيتوب منها).

ج. أنها صغار الذنوب مما لا يوجب حداً في الدنيا ولا توعد بعقوبته في الآخرة، وقد رجحه الطبري مستدلاً بقوله تعالى:{إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} (النساء: 31)، فاجتناب الكبائر سبب في مغفرة الصغائر، لكن هذا أيضاً معلق بالتوبة وعدم الاسترسال في

(1) جامع البيان، الطبري (22/ 532).

ص: 204

الصغيرة، حتى لا تتحول باستمرائها إلى كبيرة، فقد سأل رجل ابن عباس: كم الكبائر؟ سبعاً هي؟ قال: (هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، وإنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار)(1).

ولذا حذر القرآن الكريم من الصغائر، وأخبر أن الله يكتب على العبد الصغير من عمله والكبير، فإذا قامت القيامة وجد العبد الجميع بين يديه {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (الكهف: 49)، {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (الزلزلة: 8)، ولسوف يحاسب الله العبد المؤمن على هذه الصغائر {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} (الانشقاق: 7 - 8).

كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الصغائر في مواضع كثيرة، منها قوله:«إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم» (2)، وقوله:«إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» (3)، وقال صلى الله عليه وسلم:«يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالباً» (4).

وأود أن أهمس في آذان الطاعنين في القرآن من أبناء الكنيسة، فأقول: ليس من عقيدة في الدنيا تشابه المسيحية التي تريح المؤمن من طرق أبواب الفضيلة بالقدر الذي تفتحه أمامه من مصاريع الشر والرذيلة، فهي تعتبر البشرية خاطئة فاجرة بالفطرة " ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً، ليس ولا واحد"(رومية 3/ 10 - 12)، ولذلك يقول لوثر أحد مؤسسي المذهب البروتستانتي: " إن الإنجيل لا يطلب منا الأعمال لأجل تبريرنا، بل بعكس ذلك، إنه يرفض أعمالنا

إنه لكي تظهر فينا قوة التبرير يلزم أن تعظم آثامنا جداً، وأن تكثر عددها "، وهذا المعنى يستوحيه المصلح الإنجيلي الشهير من رسالة بولس إلى أهل رومية: "وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية، ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً" (رومية 5/ 20).

ويفتح الإصلاحي الشهير ملانكثون في كتابه " الأماكن اللاهوتية " كل أبواب الرذيلة أمام المؤمنين الذين يغنيهم الغيمان عن كل عمل صالح: " إن كنت سارقاً أو زانياً أو فاسقاً لا تهتم بذلك، عليك فقط أن لا تنسى أن الله هو شيخ كثير الطيبة، وأنه قد سبق وغفر لك خطاياك قبل أن تخطئ بزمن مديد ".

(1) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/ 934)، والقضاعي في مسند الشهاب ح (853).

(2)

أخرجه البخاري ح (6478)، ومسلم ح (2988).

(3)

أخرجه أحمد ح (22301).

(4)

أخرجه ابن ماجه ح (4243)، وأحمد ح (23894).

ص: 205