الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل أن يكون معنى قوله وتترك القلاص لا يسعى عليها أي يترك ركوبها في الأسفار والحمل عليها وهذا مطابق للواقع في هذه الأزمان وإن كان قول عياض ومن وافقه أقوى منه من حيث الدليل.
ويحتمل أن يكون كل من الأمرين مراداً في الحديث أعنى ترك السعي عليها للصدقة وترك ركوبها والحمل عليها والله أعلم.
الوجه السادس:
أن عرب الحجاز وجزيرة العرب لم يتضرروا من تعبيد الطرق في بلادهم وانتشار السيارات فيها كما زعمه المصنف بل انتفعوا به كثيراً واستراحوا من كثير من المشقة والعناء مما كان يصيبهم بسبب السفر على الابل والحمل عليها، وكان ارتزاقهم بسبب السيارات أعظم بكثير من ارتزاقهم بسبب الإبل. وانتفعوا أيضا بكثرة أثمان الإبل فقد كانت الناقة الجيدة في زمن السفر على الإبل والحمل عليها تساوي مائة ريال او نحوها وأما الآن فتساوي سبعمائة وثمانمائة وربما زادت على الألف وهذا خير لأهل الإبل مما كان من قبل.
فصل
وفي صفحة (8) جزم المصنف ببقاء استعمال السيارات إلى زمان نزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام.
وهذا مما لا ينبغي الجزم به لأن ما يقع في المستقبل أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى قال الله تعالى (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) وقال تعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا) وقال تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) الآية.
وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم نزول الغيث إلا الله، ولا يعلم ما في الأرحام إلا الله، ولا يعلم الساعة إلا الله، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت» رواه الإمام أحمد والبخاري.
وإذا علم هذا فإثبات ما يكون في المستقبل يحتاج إلى دليل قاطع من نصوص الكتاب أو السنة، ولا دليل على ما ذكره المصنف فلا ينبغي إذن الجزم ببقاء السيارات إلى زمان نزول عيسى عليه الصلاة والسلام فقد يفنيها الله ويفني صانعها كما أفنى القرون الأولى وأفنى صنائعهم معهم وأبقى من آثارهم نموذجا يسيرا أدهش به المتأخرين وحيرهم كالأهرام المصرية وغيرها من الآثار القديمة.
ولا ينبغي أيضا الجزم بعدم السيارات فقد يبقيها الله تعالى إلى زمان نزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
والمقصود ههنا أنه لا يجوز الخوض في الأمور المستقبلة بمجرد الظن والتخرص، بل يرد علم ذلك إلى عالم الغيب والشهادة الذي يعلم ما كان وما يكون. لا إله إلا هو، ولا رب سواه.
فصل
في صفحة (9 و 15) جزم المصنف أن الدجال وأعوانه يسيرون في الطائرات والسيارات.
وهذا مما لا ينبغي الجزم به لان ما يكون في المستقبل لا يعلمه إلا الله تعالى، وليس مع المصنف دليل قاطع فيما ذهب إليه.
وأما قوله في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قلنا يا رسول الله وما اسراعه في الأرض؟ قال كالغيث استدبرته الريح فلا يلزم منه أن يكون سيره على الطائرات والسيارات بل قد تخرق له العادة إما بطي الأرض وإما بغير ذلك.
وقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر فقال: «يا أيها الناس إني لم أجمعكم لخبر جاء من السماء - فذكر حديث الجساسة وزاد فيه - هو المسيح تطوى له الأرض في أربعين يوما» . الحديث رواه أبو يعلى بإسنادين قال الهيثمي: رجال أحدهما رجال الصحيح.
وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أنه قال «الدجال يخرج في نقص من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين، فيرد كل منهل فتطوى له الأرض طي فروة الكبش» الحديث وفيه «ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار فهو رجس على رجس» وقال الذهبي في تلخيصه: على شرط البخاري ومسلم.
وروى الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يخرج الدجال في خفة من الدين وإدبار من العلم، وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا» الحديث، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ورواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في تلخيصه: على شرط مسلم.
وما في هذه الأحاديث هو المعتمد في سير الدجال في الأرض لصحة أسانيدها وعدم ما ينافيها. وركوبه على الحمار الذي عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً أبلغ في الافتتان به من ركوبه على الطائرات والسيارات وغيرهما مما قد عرفه الناس واعتادوا ركوبه، وكذلك سيره على الحمار العظيم الجسم قد يكون أسرع من سير الطائرات بكثير والله أعلم.
والمقصود هنا أنه لا ينبغي الجزم بسير الدجال في الطائرات والسيارات ولا بعدم ذلك؛ لأنه أمر غيبي، والخوض في مثل ذلك من الرجم بالغيب.
فصل
وفي صفحة (10) جزم المصنف في شأن المهدي بنحو ما جزم به في شأن عيسى والدجال من بقاء الطائرات والسيارات إلى زمانه.
والجواب عنه هو ما تقدم في الفصلين قبله والله أعلم.