الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عصفا؟ قال: الرياح. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما (والمرسلات عرفا) قال: الريح (فالعاصفات عصفا) قال: الريح (فالفارقات فرقا) قال: الملائكة (فالملقيات ذكرا) قال: الملائكة.
وروى ابن جرير عن مجاهد (والمرسلات عرفا) قال: الريح (فالعاصفات عصفا) قال: الريح (والناشرات نشرا) قال: الريح.
وروى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة (والمرسلات عرفا) قال: هي الريح (فالعاصفات عصفا) قال: هي الريح (فالفارقات فرقا) يعني القرآن ما فرق الله به بين الحق والباطل (فالملقيات ذكرا) هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل وتلقيه الرسل على بني آدم (عذرا أو نذرا) قال: عذرا من الله ونذرا منه إلى خلقه.
فهذه أقوال الصحابة والتابعين في تفسير الآيات من أول سورة المرسلات كما ترى، والعمدة عليها لا على قرمطة المقرمطين وشطحات المنحرفين الخاطئين.
الوجه الثالث
(*): أن الله تبارك وتعالى أقسم بالآيات من أول سورة المرسلات على وقوع المعاد والجزاء، والله تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن يقسم بظلم بني آدم وعدوان بعضهم على
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (الوجه الثاني)، وهو خطأ طباعي
بعض وإهلاكهم للحرث والنسل بالطائرات والقنابل وما يلقونه من منشورات البغي والإفساد في الأرض، ومن زعم أن الله تعالى أقسم بالطائرات والقنابل ومنشورات أهلها فقد أعظم على الله الفرية.
فصل
وقال المصنف في صفحة (16 - 17) ما نصه:
وقال تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم) الآية. فإنها واردة في إلقاء القنابل من الطائرات. فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الكريمة فقال: (أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد) رواه أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص بسند حسن.
فهذا يفيد القطع بأن المراد بالعذاب من فوق في الآية المذكورة هو القنابل النازلة من الطائرات، لأنه لم يقع فيما مضى شيء من ذلك في هذه الأمة حتى ظهرت الطائرات ورميها بالقنابل، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن ذلك كائن لا محالة وأنه آت بعده، فحصل من ذلك القطع أنها المراد من الآية. وقد تحقق ذلك وضرب المسلمون وغيرهم بالقنابل من فوقهم، ولا يزال الناس مهددين بالنوع الخطر منها وهي القنابل الذرية التي هي عذاب عام شامل وستأتي الإشارة إليها بخصوصها في آية أخرى.
وأما العذاب من تحت الأرجل فأشار إلى الألغام التي تنصب
في الأرض فيمر عليها من يراد إهلاكه فتنفجر تحت رجله أو عربته فيهلك أو تنصب تحت الدور والمنازل فتتهدم على من فيها ممن يريد الله هلاكه وعذابه.
ومن الأحاديث العجيبة في هذا الباب ما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء مطراً لا تكن منها بيوت المدر ولا تكن منها إلا بيوت الشعر» . فالمطر الذي لا تكن منه البيوت المبنية بالحجر هو القنابل النازلة من الطائرات، فإنه يهدمها على من فيها ولو لم تنزل على البيت نفسه، لأن قوة انفجارها تهدم البيوت القريبة من مكان الانفجار على من فيها، فلا تكن بيوت المدر منها وإنما تكن منها بيوت الشعر في البوادي التي سكن أهلها خيام الشعر، فإن القنابل إذا لم تنزل على نفس الخيمة لا يحصل منها ضرر لسكان القرية الذين يختبئون في المغارات وتحت الاحجار. فالحديث لولا ظهور القنابل لما تصور أحد معناه.
والجواب أن يقال: إن تأويله للآية الكريمة وقطعه بما قطع به فيها من نمط ما قبله من التكلف وتأول القرآن على غير تأويله.
والصحيح أن المراد بقوله (عذابا من فوقكم) الرجم من السماء (أو من تحت أرجلكم) الخسف، قاله أبي بن كعب وأبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك والسدي وابن زيد وغير واحد.
وقال ابن جرير: حدثني محمد بن عيسى الدمغاني قال: أخبرنا ابن المبارك عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) الآية.
قال: فهن أربع، وكلهن عذاب، فجاء منهن اثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان فهما لابد واقعتان، يعني الخسف والمسخ. وقد رواه الإمام أحمد وابن جرير من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله تبارك وتعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا) قال: أربع خلال وكلهن عذاب، وكلهن واقع قبل يوم القيامة؛ فمضت اثنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة: ألبسوا شيعا؛ وأذيق بعضهم بأس بعض، وثنتان واقعتان لا محالة: الخسف، والرجم. قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات. قلت وكذا رجال ابن جرير. قال الهيثمي: والظاهر أن من قوله: فمضت اثنتان
…
إلى آخره من قول رفيع - يعني أبا العالية - فإن أبي بن كعب رضي الله عنه لم يتأخر إلى زمن الفتنة انتهى.
والقول الثاني في الآية أن المراد بقوله (عذابا من فوقكم) أئمة السوء (أو من تحت أرجلكم) الخدم وسفلة الناس رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما.