الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من تعلم اللغات الإفرنجية واختلاف ألسن العرب بذلك، وأنه إنما بنى كلامه في هذا الفصل على كلمة محرفة.
الوجه الثاني:
أن اختلاف ألسن بني آدم إنما كان بعد الطوفان قال علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وإنهم كانوا فيها مائة وخمسين يوما، وإن الله وجه السفينة إلى الجودي فاستقرت عليه، فهبط نوح إلى أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة إحداها اللسان العربي، فكان بعضهم لا يفقه كلام بعض، فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم.
فأما قول المصنف إن اختلاف الألسن موجود من يوم نشر الله نسل آدم في الأرض فهو قول لا دليل عليه، ويلزم عليه أن يكون بنو آدم لصلبه مختلفين في اللسان لكل واحد منهم لغة غير لغة أخيه، وهذا قول بعيد جدا بل ظاهر البطلان، والله أعلم.
الوجه الثالث:
أن أساس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمن أتى بها من عربي أو عجمي حكم بإسلامه ولو كان العجمي لا يعرف اللغة العربية. ولو كان الأمر على ما زعمه المصنف من أن أساس الإسلام اللغة العربية لما صح لأحد من الأعاجم إسلام حتى يتعلم اللغة العربية، وهذا قول معلوم البطلان بالضرورة.
فصل
وقال المصنف في صفحة (66 وما بعدها) ما ملخصه:
إخباره صلى الله عليه وسلم بالعصريين الملاحدة الزنادقة وذكره أوصافهم التي هم عليها الآن. ثم ذكر حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم» وذكر أيضا حديث ابن مسعود رضي الله عنه بنحو حديث علي رضي الله عنه.
ثم قال: فهؤلاء الأحداث المذكورون هم هذا الشباب الفاسد الكافر الملحد المارق من الدين: إلى آخر كلامه فيهم.
ثم قال: وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز وأخبر أنهم كافرون غير مؤمنين: فقال تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) وذكر جميع الآيات الواردة في المنافقين في أول سورة البقرة إلى قوله (إن الله على كل شيء قدير).
ثم قال فهذه الآيات يزعم كثير من المفسرين أنها نازلة في المنافقين وليس كما زعموا، بل هي نازلة في هؤلاء الملاحدة المفسدين، كما بينته في كتابي:«بيان غربة الدين، بواسطة العصريين المفسدين» من وجوه تزيد على العشرين كلها قاطعة في تحقيق نزولها فيهم، وأن المنافقين إنما أدخلهم المتقدمون فيها لأنه
لم يكن أمامهم غيرهم، فكانت الضرورة داعية لهم إلى تنزيلها عليهم، كما فعلوا في آيات أخرى واردة في هذا الزمان فحملوها على ما كان موجودا في زمانهم؟ كما قدمناه في قوله تعالى (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون). وكما فعلوا في قوله تعالى (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت) الآية وغيرها.
قال: والمقصود أن هذه الآية لم تنزل في المنافقين الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هي نازلة في هؤلاء المنافقين المارقين الملاحدة المتفرنجين والذين ولدهم الاستعمار الكافر وانتجتهم مدارسه الإفرنجية للقضاء على الإسلام.
والدليل على ذلك أمور:
ثم ذكر ما روي عن سلمان رضي الله عنه في قوله تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال سلمان: لم يجيء أهل هذه الآية بعد قال: وقد قال ابن جرير يحتمل أن سلمان رضي الله عنه أراد بهذا أن الذين يأتون بهذه الصفة أعظم فساداً من الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: لا أنه عنى أنه لم يمض ممن تلك صفته أحد. قال المصنف وليس كذلك، بل مراد سلمان أن أهل هذه الآية سيكونون في آخر الزمان، وليس المراد بها أحدا ممن كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنها لا يمكن أن تنطبق عليهم إلا بتأويل وتكلف بخلاف أهلها النازلة فيهم من ملاحدة هذا العصر وشبابه الفاسد فإنها منطبقة عليهم حرفاً حرفاً، قال: ولم يبق أدنى شك في أنهم المراد من الآيات المذكورة.
قال: والثاني - وهو من الأدلة القاطعة -: أن كلمة مصلح لم تتداول ولم يعرف الإكثار من ذكرها: بل ولا ذكرها مطلقاً إلا عند ظهور هذا النشء الفاسد المارق، فلا تسمع كلمة مصلح من مؤمن بالله ورسوله، وإنما تسمعها منهم حتى صارت شعاراً لهم. فتعين أن الآية نازلة فيهم لا في منافقي عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم ينقل عنهم أنهم كانوا يقولون إنهم مصلحون، ولا نقل عن واحد منهم كلمة مصلح.
قال: والثالث أنه لم ينقل عن المنافقين أنهم كانوا يفسدون في الأرض ولا كان لهم كثرة وانتشار حتى يقال إنهم أفسدوا في الأرض، وإنما الذين ملؤوا الأرض فسادا هم المارقون الملاحدة.
قال: وأما منافقو زمانه صلى الله عليه وسلم فلم يحصل منهم فساد في البقعة الصغيرة التي كانوا بها مطلقا، فضلا عن أن يحصل منهم في الأرض، بل ما صدر منهم مما يسمى فسادا في الأرض مقدار شعرة بالنسبة لثور مما صدر من هؤلاء، بل لم يصدر من أولئك فساد أصلا إلا ما كان في نفوسهم من الكفر القاصر عليهم، وهو النفاق، فكيف يمكن حمل الآية عليهم وهم أبرياء منها.
ثم قال: فأقسم بالله تعالى إن الله تعالى ما أراد بالآيات إلا هؤلاء المارقين وأنه لو رآهم المفسرون من السلف لقطعوا بذلك ورجعوا عن تنزيلهم الآية على منافقي عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم أطال الكلام في الذب عن المنافقين الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر أنه لم يحصل منهم خداع لمؤمن واحد، وأن