الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وموضوع عنايتهم، فكانوا يهتمون بهما وبأهلهما أعظم من اهتمامهم بعاصمة ملكهم التي كانوا يسكنون فيها وبأهلها حتى صارت المدينة الآن من المدن الكبار في السعودية، متباعدة الأطراف كثيرة السكان معموراً أكثرها بأحسن العمارة الحديثة ومنظمة بأحسن التنظيم.
وقد زاد النجديون في المسجد النبوي منذ سنوات أكثر من مثله في ولاية الترك على المدينة، ولا يزال مع ذلك يضيق بالمصلين فيه، والخيرات في المدينة كثيرة جداً وأهلها في نعمة عظيمة ورخاء من العيش وافر وأمن وطمأنينة.
وقد كثر الوافدون إليها في كل وقت، وخصوصاً لما عبدت الطرق إليها فلا تزال في كثير من الأوقات مزدحمة بالسكان والوافدين. فإن كان المصنف لم يرها في الوقت الحاضر فليقدم إليها ولينظر إليها حتى يعلم بطلان ما قاله فيها وفي أهلها وفيمن لهم الأمر فيها.
الوجه الثالث:
أن عمران بيت المقدس، الذي جاء ذكره في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، ليس هو بتضخيم البناء وزخرفته وتنظيمه على الأشكال الحديثة كما توهمه المصنف، وإنما عمرانه بظهور الإيمان وطاعة الله تعالى فيه؛ وإزالة الشرك والبدع وسائر المنكرات منه، وهذا لم يكن إلى الآن، وسيكون ذلك فيما بعد إذا كانت الخلافة في الأرض المقدسة قبل خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
كما في حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الدجال، وفيه: فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال «هم قليل، وجلهم يومئذ ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح. فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليقدم عيسى يصلي، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم
…
» الحديث. رواه ابن ماجه.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي - أو على هامتي- ثم قال: «يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك» قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وقد قال الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله). وقال تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها). وفي هاتين الآيتين دليل على أن العمارة في الحقيقة إنما هي بالإيمان وإعلاء كلمة الله. وأن الخراب كل الخراب بضد ذلك.