الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرقاب من أفعالهن وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء في عدة أحاديث ليس هذا موضوع ذكرها.
الثالث: أن في تعليقها في العنق مراءاة للناس، أو هو مظنة للمراءاة ومشابهة للمرائين. والرياء شرك وما كان مظنة للمراءاة ومشابهة المرائين فأقل أحواله الكراهة.
و
المشروع عد التسبيح بالأصابع لا بالسبحة
، قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى عد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسؤلات ومستنطقات وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة من يفعل ذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك. وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يسبح به.
وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه، وأما اتخاذه في اليد أو نحو ذلك فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة، ومشابهة المرائين من غير حاجة، والأول محرم والثاني أقل أحواله الكراهة، فإن مراءاة الناس في العبادة المختصة كالصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن من أعظم الذنوب انتهى.
وروى محمد بن وضاح عن الصلت بن بهرام قال مر ابن مسعود رضي الله عنه بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه، ثم مر
برجل يسبح بحصى فضربه برجله ثم قال لقد سبقتم، ركبتم بدعة ظلماء، أو لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علماً.
وروى ابن وضاح أيضاً عن أبان بن أبي عياش قال سألت الحسن عن النظام من الخرز والنوى ونحو ذلك يسبح به، فقال: لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولا المهاجرات، وبلغني أن ابن مسعود مر على رجل وهو يقول لأصحابه سبحوا كذا وكبروا كذا وهللوا كذا قال ابن مسعود: على الله تعدون أو على الله تسمعون، قد كفيتم الإحصاء والعدة، قال إبان فقلت للحسن فإن سبح الرجل وعقد بيده قال لا أرى بذلك بأساً.
فصل
وقال المصنف في صفحة (107) ما نصه:
ومما ظهر وشاع في هذا الزمان من مقالات الكفار التي روجها هؤلاء المارقون مقالة داروين النشوء والارتقاء، وأن الإنسان أصله قرد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه المقالة وبطلانها في الحديث الصحيح المخرج في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله خلق آدم على صورته» أي صورة آدم التي خلقه عليها، ولم يخلقه في صورة القرد ثم بعد ذلك النشوء والتطور والارتقاء صار إلى هذه الصورة الموجود عليها بنو آدم اليوم.
والجواب أن يقال: أما مقالة داروين فهي كفر صريح لما فيها من التكذيب بما أخبر الله به عن خلقه لآدم من طين، وأن الله
تعالى خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له. وهذه فضائل عظيمة خص الله بها آدم دون سائر المخلوقات.
وفي هذه المقالة الخبيثة أيضاً أعظم عقوق لآدم أبي البشر حيث جعلوه ناشئاً من القردة التي هي من أخبث الحيوانات وأشوهها خلقاً.
ولا تستغرب هذه المقالة الخبيثة وأمثالها من مقالات الكفر من ملاحدة الإفرنج وأشباههم من أعداء الله تعالى، وإنما المستغرب تلقيها بالقبول من كثير من المنتسبين إلى الإسلام، ومنهم من ينتسب إلى العلم، وقد رأيت معناها منشوراً في بعض صحف المسلمين الرائجة عندهم، وما رأيت أحداً أنكر ذلك عليهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإنما يقول بهذه المقالة الخبيثة من ينكر وجود الصانع، ويرى أن المخلوقات إنما تكونت من قبل الطبيعة لا بفعل الرب الفاعل المختار الذي أوجد جميع المخلوقات من العدم وصورها على غير مثال سبق، قال الله تعالى (وخلق كل شيء فقدره تقديراً) وقال تعالى مخبراً عن موسى عليه الصلاة والسلام (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) وقال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وقال تعالى (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون). وفي هذه الآيات رد على ملاحدة الإفرنج ومن يقلدهم من طغام المسلمين فيما يزعمونه من النشوء والتطور والارتقاء، والآيات في الرد عليهم كثيرة وفيما ذكرته ههنا كفاية.
وفي الحديث الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في سننه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي في تلخيصه. وفي هذا الحديث رد على من قال بالنشوء والتطور والارتقاء في بني آدم.
وأما تأويل المصنف لقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى «خلق آدم على صورته» بقوله أي صورة آدم التي خلقه عليها، فهو تأويل باطل مردود وهو من أقوال الجهمية، نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية أبي طالب عنه. قال أبو جعفر محمد بن علي الجرجاني المعروف بحمدان سألت أبا ثور عن قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته» فقال على صورة آدم وكان هذا بعد ضرب أحمد بن حنبل والمحنة، فقلت لأبي طالب قل لأبي عبد الله، فقال لي أبو طالب قال لي أبو عبد الله: صح الأمر على أبي ثور، من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟
وقال زكريا بن الفرج سألت عبد الوهاب - يعني الوراق - غير مرة عن أبي ثور فأخبرني أن أبا ثور جهمي، وذلك أنه قطع
بقول أبي يعقوب الشعراني حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم على صورته فقال إنما هو صورة آدم ليس هو على صورة الرحمن. قال زكريا فقلت بعد ذلك لعبد الوهاب ما تقول في أبي ثور؟ فقال ما أدين الله عز وجل فيه إلا بقول أحمد بن حنبل: يهجر أبو ثور ومن قال بقوله. قال زكريا وقلت لعبد الوهاب مرة أخرى وقد تكلم قوم في هذه المسألة خلق الله آدم على صورته فقال من لم يقل إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فهو جهمي.
وقد قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة حدثني أبو بكر الصاغاني حدثنا أبو الأسود وهو النضر بن عبد الجبار حدثنا ابن لهيعة عن أبي يونس - وهو سليم بن جبير السدوسي مولى أبي هريرة - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإنما صورة الإنسان على وجه الرحمن» . ابن لهيعة ضعفه بعض الأئمة، وحسن بعضهم حديثه، وروى له مسلم مقروناً بآخر، وبقية رجاله ثقات.
وقال أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل» إسناده صحيح. أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال فيه أبو علي الحافظ: ثقة مأمون، وقال أبو بكر الإسماعيلي: ثقة ثبت،
وقال أبو الحسن ابن المنادي: هو أحد الثقات والصلاح والفهم لما يحدث به، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قال أبو بكر الآجري هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها كيف ولم، بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين حدثنا أبو نصر محمد بن كردي قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والأسماء والرؤية وقصة العرش، فصححها وقال: تلقتها العلماء بالقبول، تسلم الأخبار كما جاءت.
وقال أبو بكر المروذي: وأرسل أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة إلى أبي عبد الله يستأذنانه في أن يحدثا بهذه الأحاديث التي تردها الجهمية، فقال أبو عبد الله حدثوا بها فقد تلقتها العلماء بالقبول.
وقال أبو عبد الله تسلم الأخبار كما جاءت.
قال محمد بن الحسين الآجري: سمعت أبا عبد الله الزبيري وقد سئل عن معنى هذا الحديث، فذكر مثل ما قيل فيه، ثم قال أبو عبد الله: نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت كما جاءت، ونؤمن بها إيماناً ولا نقول كيف، ولكن ننتهي في ذلك إلى حيث انتهي بنا فنقول في ذلك ما جاءت به الأخبار كما جاءت.