الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وفي صفحة (75).
ذكر المصنف ما رواه أنس وأبو ذر ورافع بن عمرو الغفاري وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج، وفي كل منها أنه قال:«سيماهم التحليق» ثم قال في صفحة (76) ما نصه.
واعلم أن الأحاديث الواردة في هؤلاء المارقين مشابهة للأحاديث الواردة في الخوارج.
وهم وإن كانوا كلهم خوارج عن الدين، وكلهم كلاب النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم على قسمين.
فالقسم المعروف بهذا الاسم الخاص: ورد وصفهم بالتنطع في الدين والغلو فيه وأن أحدنا يحقر صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم.
والقسم الثاني الذين هم ملاحدة هذا العصر، ورد في وصفهم أنهم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام وأن علامتهم التحليق.
ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر وانتشرت فتنته كان العلماء يحملون جميع هذه الأحاديث عليه وعلى أصحابه لأنه لم يكن ظهر هذا النوع من الخوارج الملاحدة.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها:
أن الروايات الواردة في طلوع قرن الشيطان من المشرق
كلها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وقد صرح في بعضها أن المراد بالمشرق أرض العراق فبطل بذلك كل ما يتعلق به الملاحدة على أهل الجزيرة العربية.
وأنا أذكر ههنا جميع الروايات عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ ليعلم بطلان ما ذهب إليه المصنف ومن شاكله من الملاحدة الذين يرمون النجديين بما ليس فيهم.
ففي الصحيحين ومسند الإمام أحمد من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول «ألا إن الفتنة ههنا ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» وفي رواية لمسلم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند باب حفصة فقال بيده نحو المشرق: «الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» قالها مرتين أو ثلاثا. وقال عبيد الله بن سعيد - وهو أحد شيوخ مسلم - في روايته: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب عائشة.
ورواه الإمام أحمد وقال كان قائما عند باب عائشة.
وقد رواه مالك وأحمد والبخاري من حديث عبد الله بن دينار سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأشار بيده نحو المشرق - فقال «ها إن الفتن من ههنا، إن الفتن من ههنا إن الفتن من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» هذا لفظ إحدى روايات أحمد.
وروى الإمام أحمد أيضا والشيخان والترمذي من حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام إلى جنب المنبر
فقال الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان أو قال قرن الشمس هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو مستقبل المشرق «ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» . وفي رواية الترمذي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال «ههنا أرض الفتن - وأشار إلى المشرق حيث يطلع قرن الشيطان، أو قال قرن الشمس» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه الإمام أحمد ومسلم أيضا من حديث حنظلة، وهو ابن أبي سفيان المكي قال سمعت سالما يقول سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو المشرق ويقول «ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، من حيث يطلع الشيطان قرنيه» هذا لفظ أحمد.
وفي رواية له أخرى عن حنظلة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤم العراق «ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» . إسناده صحيح، رجاله كلهم من رجال الصحيحين.
وفي هذه الرواية فائدة جليلة، وهي البيان بأن منشأ الفتن من جهة العراق، لا من جهة نجد التي هي أرض العرب، ففيها رد على من زعم من الملاحدة أن المراد بذلك أرض العرب. وسيأتي ما يشهد لهذه الرواية من حديث عمر وابنه وابن عباس رضي الله عنهم.
ورواه الإمام أحمد ومسلم أيضاً من حديث عكرمة بن عمار عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم -
من بيت عائشة رضي الله عنها فقال: «رأس الكفر من ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» يعني المشرق.
ورواه مسلم أيضاً من حديث ابن فضيل عن أبيه قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت أبي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الفتنة تجيء من ههنا - وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرنا الشيطان» . وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض، وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ فقال الله عز وجل له:(وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتوناً).
وروى الإمام أحمد والبخاري والترمذي من حديث ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: هنالك الزلازل والفتن، منها - أو قال بها - يطلع قرن الشيطان» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
ورواه الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عطاء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا - مرتين - فقال رجل: وفي مشرقنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هنالك يطلع قرن الشيطان، ولها تسعة أعشار الشر» قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن عطاء وهو ثقة وفيه خلاف لا يضر.
وقد رواه الطبراني في الأوسط ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، وقال رجل: وفي مشرقنا يا رسول الله، فقال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، فقال رجل: وفي مشرقنا يا رسول الله فقال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا؛ إن من هنالك يطلع قرن الشيطان، وبه تسعة أعشار الكفر، وبه الداء العضال» .
ورواه الإمام أحمد من حديث بشر بن حرب سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي صاعنا ومدنا، ويمننا وشامنا - ثم استقبل مطلع الشمس - فقال: من ههنا يطلع قرن الشيطان، من ههنا الزلازل والفتن»
…
هنا إضافة بخط اليد لم تفهم
…
وعن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يخرج إلى العراق فقال له كعب الأحبار: لا تخرج إليها فإن بها تسعة أعشار السحر، وبها الداء العضال. ذكره في الموطأ.
قال الخطابي: القرن الأمة من الناس يحدثون بعد فناء آخرين وقرن الحية أن يضرب المثل فيما لا يحمد من الأمور. نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري. قال: وقال غيره كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر. وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به. وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة.
وقال الخطابي: نَجْد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة. وأصل النجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة.
قال الحافظ ابن حجر وعرف بهذا وهاء ما قاله الداودي أن نجداً من ناحية العراق؛ فإنه توهم أن نجداً موضع مخصوص، وليس كذلك بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يليه يسمى المرتفع نجداً والمنخفض غوراً.
قلت: وقد تقدم ما رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤم العراق «ها إن الفتنة ههنا» الحديث
…
هنا إضافة بخط اليد لم تفهم
…
كقولهم: وفي نجدنا، وقولهم وفي مشرقنا.
فالمراد بذلك كله أرض العراق وما يليه من المشرق وقد وقع مصداق ذلك فكان قتل عثمان رضي الله عنه على أيدي أهل العراق ومن مالأهم من أجلاف أهل مصر، وبقتله انفتح باب الفتن إلى يوم القيامة.
وكانت في العراق وقعة الجمل، ووقعة صفين.
وفيه قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما وأصحابه. وكانت فيه أيضاً فتنة المختار بن أبي عبيد، وفتنة الحجاج بن يوسف. وغير ذلك من الفتن العظيمة.