الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان فقال: «يا أبا ذر هل تدري فيم تنتطحان؟ قال: لا، قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما» . ورواه عبد الرزاق وابن جرير بنحوه.
وروى عبد الرزاق أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا فلذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا. وقد روي نحو هذا مرفوعا في حديث الصور الذي رواه الطبراني وغيره، وهو حديث طويل مشهور.
والمقصود ههنا بيان خطأ المصنف فيما ذهب إليه في معنى قوله تعالى: (وإذا الوحوش حشرت)، وبيان معنى حشر الوحوش وأنه: موتها كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أو جمعها يوم القيامة ليقتص لبعضها من بعض كما قاله آخرون والله أعلم.
الوجه الرابع:
أن ظاهر الآية الكريمة يدل على حشر الوحوش كلها، والوحوش الآن منتشرة في أرجاء الأرض، والذي قد جمعته الدول في بساتينها نزر يسير من بعض أنواع الوحوش لا من كلها، ومع هذا يقول المصنف: إنها قد جمعت في البساتين المعدة لذلك، وهذا قول ظاهر البطلان.
فصل
وقال المصنف في صفحة (24 - 25) ما نصه:
ومن ذلك بخار الوقود من البترول والجاز التي تستخرج الآن من الأرض فتضرم وتوقد في الدنيا بأسرها، في السيارات والبوابير البرية والبحرية والطائرات والموتورات والفبارك الكبيرة والصغيرة وماكينات الطحن والخبز والنجارة وغير ذلك مما يبلغ مئات الأصناف، وبوابير الطبخ في البيوت وموتورات الإنارة العامة والخاصة وغير ذلك.
وكله مذكور في أشراط الساعة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمعادنه وعين مواضعها وسمى البترول ذهبا كما يسمونه اليوم بالذهب الأسود، ومن العجيب أنه ورد في بعض طرق الحديث تسميته بكنز ليس من ذهب ولا فضة.
قال الله تعالى (والطور. وكتاب مسطور. في رق منشور. والبيت المعمور. والسقف المرفوع. والبحر المسجور) وقال تعالى (وإذا البحار سجرت) أي أضرمت ناراً كما قال علي وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعبيد بن عمير وجماعة من أئمة التفسير من السلف.
وغير خاف أن البترول بحار مودعة في الأرض. وقد قدمنا أن أبي بن كعب وابن عباس وأبا العالية وجماعة من السلف قالوا إن هذه في الدنيا قبل يوم القيامة، قالوا: ذكر الله تعالى في السورة
الكريمة اثنتي عشرة علامة، ستة منها في الدنيا، وستة منها في الآخرة، فالتي في الدنيا آخرها (وإذا البحار سجرت) ، وما بعدها فهو في الآخرة، كما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وإذ هي في الدنيا وإنها من أشراط الساعة، وهي بحار من الزيوت أودعها الله في بطن الأرض منذ خلق الله الدنيا، ولم يهيأ استكشافها واستخراجها من الأرض لإضرامها وإيقادها إلا في وقتنا هذا الذي ظهرت فيه تلك الأشراط الستة المذكورة كلها - كما بيناه في قوله تعالى (وإذا العشار عطلت) بالسيارات (وإذا الوحوش حشرت) في بساتين الحيوانات، وسنبين الباقي قريباً -: تعين أنها المراد.
وأيد بذلك أن البترول يسمى بالذهب الأسود، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر به، وأن من المواضع التي سيظهر فيها أرض العراق وأرض فارس وأرض نجد وما والاها، كما ورد أنه قريب من الحجاز، وورد تسميته بكنز ليس بذهب ولا فضة فلم يبق شك في أنه المراد.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يوشك الفرات أن ينحسر عن كنز من الذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا» ، ورواه مسلم في صحيحه من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ «لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب تقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون» .