الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو بسبق حائز تفضيلا
…
مستوجب ثنائي الجميلا
والله يقضي بهبات وافره
…
لي وله في درجات الآخره
يشير بذلك إلى فضل المتقدم على المتأخر وما يستحقه السلف من ثناء الخلف ودعائهم، والدرجات، قال في الصحاح1: هي الطبقات من المراتب، وقال أبو عبيدة2: الدرج إلى أعلى والدرك إلى أسفل.
1 1/ 150 الصحاح.
2 هو معمر بن المثنى اللغوي البصري مولى بني تميم "تيم قريش" رهط أبي بكر الصديق، فارسي الأصل، يهودي الآباء، أخذ عن يونس وأبي عمرو بن العلاء، وأخذ عن المازني وغيره، قيل: كان أعلم من الأصمعي وأبي زيد بالأنساب والأيام، وله تصانيف كثيرة تقارب المائتين في ثلاثة مجلدات، والمجاز في غريب القرآن، وغير ذلك، توفي سنة 213 وقد قارب المائة.
الكلام وما يتألف منه:
إنما بدأ بتعريف الكلام؛ لأنه هو المقصود في الحقيقة، إذ به يقع التفاهم، وإنما قال "وما يتألف"1، ولم يقل: وما يتركب؛ لأن التأليف كما قيل أخص إذ هو تركيب وزيادة، وهو وقوع الألفة بين الجزءين2، والضمير المرفوع في يتألف عائد على ما، والمعنى هذا باب شرح الكلام. والمجرور بمن عائد على ما. والمعنى هذا باب شرح الكلام وشرح الشيء الذي يتألف الكلام منه، وهو الكلم، ولكنه حذف الباب والشرح وأقام المضاف إليه مقام المحذوف اختصارا "ثم قال"3:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
…
.................................
هذا تعريف "الكلام"4 في اصطلاح النحويين، فلذلك قيده بإضافته إلى الضمير، وقوله:"لفظ" جنس للحد، وهو صوت المعتمد على "مقطع من اللسان"5
1 أ، ج، وفي ب "وما يتألف منه".
2 أ، وفي ب، ج "الألفية الجزءين" راجع الأشموني 1/ 8.
3 أ، ج.
4 ب، ج، وفي أ "للكلام".
5 أ، وفي ج "على مقاطع الفم".
وخرج بتصدير الحد به ما يطلق عليه كلام في اللغة وليس بلفظ، وهو خمسة أشياء:
الخط، والإشارة، وما يفهم من حال الشيء، وحديث النفس، والتكلم.
وقوله "مفيد" فصل أخرج به ما يطلق عليه لفظ، وليس بكلام في الاصطلاح لكونه غير مفيد.
وذلك خمسة أشياء: الكلمة، نحو "زيد"، والمركب تركيبا تقييديا1 نحو "غلام زيد" أو تركيبا إسناديا لا يجهل "كالنار حارة" أو لم يقصد ككلام النائم، أو قصد لغيره لا لذاته كالجملة الموصول بها، فلا يسمى شيء من ذلك كلاما في الاصطلاح لكونه غير مفيد الإفادة الاصطلاحية، وهي إفهام معنى يحسن السكوت عليه.
وقوله "كاستقم" تمثيل للكلام الاصطلاحي بعد تمام حده، لا تتميم للحد خلافا للشارح2، 3 وقد نص في شرح الكافية على أن في الاقتصار على مفيد كفاية.
فإن قلت: إذا كان في الاقتصار على مفيد كفاية، لكونه مغنيا عن بقية القيود فما باله ذكرها في التسهيل، حيث قال: والكلام، ما تضمن من الكلام إسنادا مفيدا مقصودا لذاته؟ 4
1 أقول المركب التقييدي نحو "حيوان ناطق" وأما "غلام زيد" فهو مركب إضافي وقد استحسن الشيخ الصبان ذكر المركب التقييدي والمزجي مع الإضافي عندما ذكر الأشموني المركب الإضافي فقال: "وكان الأحسن ذكر المركب التقييدي والمزجي مع الإضافي" 10/ 20 صبن.
2 هو: الإمام بدر الدين محمد بن مالك النحوي، كان في النحو إماما ذكيا حاد الخاطر، أخذ عن والده ثم انتقل إلى بعلبك وسكن بها، وقرأ عليه هناك جماعة، فلما مات والده طلب إلى دمشق، وولي وظيفة والده، وتصدى للتصنيف، وكان إماما في مواد النظم من النحو والمعاني والبيان والبديع، ولم يستطع نظم بيت واحد بخلاف والده، وقد شرح ألفية والده وكافيته ولاميته وصنف كثيرا غير ذلك، ومات بدمشق سنة 686هـ.
3 قال الشارح ص3 "فاكتفى عن تتميم الحد بتمثيل".
4 راجع التسهيل ص3.
قلت كأنه أخذ "المفيد"1 في حد التسهيل بالمعنى الأعم لا بمعنى الاصطلاح، فلذلك احتاج إلى ذكرها أو أراد أن ينص فيه على ما يفهم من قيد الإفادة بطريق الالتزام.
فإن قلت: هل الأولى تصدير الحد باللفظ كما فعل هنا أو بالقول كما فعل في الكافية؟
قلت: تصديره بالقول "أولى"2؛ لأنه أخص، إذ لا يقع على المهمل بخلاف اللفظ فإنه يقع على المستعمل والمهمل، وقد صرح بذلك في شرح التسهيل3.
وذهب بعضهم إلى أن اللفظ والقول مترادفان يجوز إطلاقهما على المهمل، وعلى هذا قيل: إن اللفظ أولى من القول؛ لأن القول يطلق على الرأي، والاعتقاد إطلاقا متعارفا "وشاع ذلك"4 حتى صار كأنه حقيقة عرفية، واللفظ ليس كذلك.
وأورد أن اللفظ جمع لفظة فلا يصح جعله جنسا.
وأجيب بأن اللفظ مصدر "صالح"5 للقليل والكثير، والتاء في "لفظة""للتنصيص"6 على الوحدة، وليس اللفظ بجمع، وإنما يقال "ذلك"7 فيما ليس بمصدر كالكلم والنبق.
واعترض بأنه لا يصح كون اللفظ هنا مصدرا؛ لأن المصدر "هو"8 فعل الشخص، وفعل الشخص ليس هو الكلام بل الكلام متعلقه.
"فزيد قائم" مثلا هو الكلام، ولفظك إذا عنيت به المصدر يتعلق بهذه الجملة.
والجواب أن اللفظ هنا مصدر أطلق على المفعول به.
1 أ، ج، وفي ب "البعيد".
2 أ، ج، وفي ب "أولا".
3 هو شرح كتاب تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد لابن مالك والشرح له أيضا ولكن لم يتم وأتمه ابنه.
4 أ، ب.
5 أ، ج.
6 ب، ج، وفي أ "للتأنيث".
7 ب.
8 ج.
تنبيهات:
الأول: لم يشترط كثير من النحويين في الكلام سوى التركيب الإسنادي، فمتى حصل "الإسناد"1 كان كلاما، ولم يشترطوا الإفادة ولا القصد، فالكلام عندهم ما تضمن كلمتين بالإسناد. قال في شرح التسهيل: وقد صرح سيبويه2 في مواضع كثيرة من كتابه بما يدل على أن الكلام لا يطلق حقيقة إلا على الجمل المفيدة.
الثاني: لم يشترط ابن طلحة3 في الكلام التركيب فزعم أن الكلمة الواحدة وجودا وتقديرا قد تكون كلاما إذا قامت مقام الكلام "كنعم" و"لا" في الجواب.
والصحيح أن الكلام هو الجملة المقدرة "بعدهما"4 لا واحدة منهما.
الثالث: قال في شرح التسهيل: وزاد بعض العلماء في حد الكلام "أن يكون"5 من ناطق واحدا احترازا من أن يصطلح رجلان على أن يذكر أحدهما فعلا أو مبتدأ ويذكر الآخر فاعل ذلك الفعل "أو جزء"6 ذلك المبتدأ؛ لأن الكلام "عمل"7 واحد فلا يكون عامله إلا واحدا. قال: "وللمستغني"8 عن هذه الزيادة جوابان:
1 ج، وفي أ، ب "الإسنادي".
2 هو أبو بشر عمر بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب وسيبويه لقبه ومعناه بالفارسية رائحة التفاح. قيل: لقب بذلك لأنه كان جميلا نظيفا، نشأ بالبصرة وأخذ النحو والأدب عن الخليل بن أحمد وعيسى بن عمر ويونس بن حبيب وغيرهم، وبرع فيهما حتى أصبح إماما لا يجارى في العربية، وأخذ اللغة عن الأخفش الكبير وغيره وكان إذا أقبل على الخليل بن أحمد يجله ويقول: مرحبا بزائر لا يمل. وكتابه يعتبر خير الكتب التي ألفت في النحو وأجمعها لمسائله، وناظر الكسائي ببغداد بمجلس يحيى بن خالد البرمكي فناصروا الكسائي عليه في مسألة العقرب والزنبور، واتجه إلى فارس ومات في سنة 180 ودفن بشيراز.
3 هو أبو بكر بن محمد بن طلحة الأموي الإشبيلي كان إماما في العربية عارفا بعلم الكلام درس العربية والآداب بإشبيلية أكثر من خمسين سنة، وكان عاقلا وذكيا ذا عدالة ومروءة مقبولا عند الحكام والقضاة، وكان يميل إلى مذهب ابن الطراوة في النحو، ومات بإشبيلية سنة 618هـ.
4 ب، ج.
5 أ، ب.
6 وفي ج "أو خبر".
7 أ، ج.
8 أ، ج، وفي ب "والمستغني".
أحدهما: أن يقول: لا نسلم أن مجموع النطقين ليس بكلام بل هو كلام وليس اتحاد الناطق معتبرا كما لم يكن اتحاد الكاتب معتبرا في كون الخط خطا.
والثاني: أن يقال كل واحد من المصطلحين إنما اقتصر على كلمة واحدة اتكالا على نطق الآخر بالأخرى، فمعناها مستحضر في ذهنه فكل واحد من المصطلحين متكلم بكلام كما يكون قول القائل لقوم رأوا شبحا زيد. أي: المرئي زيد. ا. هـ مختصرا.
وأقول: "إن"1 صدور الكلام من "ناطقين"2 غير مقصور؛ لأن الكلام مشتمل على الإسناد لا يتصور "صدوره"3 إلا من واحد، وكل واحد من المصطلحين متكلم بكلام كما أجاب به ثانيا.
وقوله:
..................................
…
واسم وفعل ثم حرف الكلم
بيان: يتألف "منه"4 الكلام "أي: الكلم الذي يتألف منه الكلام"5 اسم وفعل وحرف لا رابع لها. ودليل الحصر أن الكلمة إن لم تكن ركنا للإسناد فهي الحرف وإن كانت ركنا له، فإن قبلته بطرفيه فهي الاسم وإلا فهي الفعل.
وأول من قسم الكلم "إلى"6 هذه القسمة وسماها بهذه "الأسماء"7 أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والنحويون مجمعون على أن أقسام الكلم ثلاثة: إلا من "لا"8 يعتد بخلافه9، واعلم أن الكلم اسم جنس
1 ج.
2 ب، ج، وفي أ "الناطقين".
3 ب، ج، وفي أ "صدورا".
4 ب، ج، وفي أ "منها".
5 ب، ج.
6 أ، ب.
7 أ، ج.
8 أ، ج.
9 هو أبو جعفر بن صابر فإنه زاد اسم الفعل مطلقا وسماه مخالفة، والحق أنه من أفراد الاسم. صبان 1/ 23.
جمعي1 وأقل ما يتناول2 ثلاث كلمات، وبينه وبين الكلام عموم من وجه3 وخصوص من وجه، فالكلام أعم من جهة أنه يتناول المركب من الكلمتين فصاعدا، وأخص من جهة أنه لا يتناول غير المفيد، والكلم أعم من جهة أنه يتناول المفيد وغير المفيد، وأخص من جهة أنه لا يتناول المركب من "كلمتين كما سبق"4. فإن قلت: مقتضى قوله: "اسم وفعل ثم حرف الكلم" أن "الكلم مخصوص"5 بما تركب من اسم وفعل وحرف. وليس كذلك بل يطلق على ثلاث كلمات فصاعدا من ثلاثة أجناس نحو: "إن زيدا ذهب" أو من جنسين نحو: "إن زيدا ذاهب"6 أو من جنس واحد نحو "غلام زيد ذاهب".
قلت: المعنى بالكلام "ههنا"7 الأجناس الثلاثة، أعني الكلمة التي يراد بها جنس الأسماء والكلمة التي يراد بها جنس الأفعال والكلمة التي يراد بها جنس الحروف. والكلم "بهذا"8 الاعتبار لا يقع إلا على الثلاثة المذكورة، ولا يتصور فيه غير ذلك.
وأما إطلاق الكلم على ما ذكر من المثل ونحوها فصحيح باعتبار الآحادي لأن الكلمة كما تطلق ويقصد بها جنس الاسم أو الفعل أو الحرف تطلق ويقصد بها "آحاد الأسماء"9 والأفعال والحروف.
فإذا قيل: في نحو "إن زيدا ذهب"10 هذا كلم.
1 وقيل: جمع. وقيل: اسم جمع، والمختار أنه اسم جنس جمعي؛ لأنه لا يقال إلا على ثلاث كلمات فأكثر سواء اتحد نوعها أو لم يتحد أفادت أم لم تفد. ا. هـ. الأشموني ج1 ص9. واسم الجنس الجمعي: ما يدل على أكثر من اثنين وفرق بينه وبين واحده بالتاء شجر وشجرة.
2 أ، ب وفي ج "وأقله يتناول".
3 أ، ج.
4 ج، وفي أ، ب "الكلمتين".
5 أ، ج وفي ب "الكلم غير مخصوص".
6 ج.
7 أ، وفي ج "هنا".
8 أ، ج، وفي ب "على هذا".
9 ب، ج.
10 أ، وفي ب، ج "ذاهب".
فواحد الكلم هنا كلمة يراد بها الشخص لا الجنس فتأمله.
وأورد على "الناظم"1 أنه قسم الكلم إلى غير أقسامه؛ لأن الاسم والفعل والحرف أقسام للكلمة لا أقسام للكلم، وأقسام الكلم أسماء وأفعال وحروف؛ لأن علامة صحة القسمة جواز إطلاق2 اسم المقسوم على كل واحد من الأقسام.
والجواب: أن هذا من تقسيم الكل إلى "أجزائه"3 وإنما يلزم صدق اسم المقسوم على كل من الأقسام في تقسيم الكلي إلى جزئياته4 والناظم لم يقصد ذلك.
وأورد عليه أيضا أن إدخال "ثم" في قوله "ثم حرف" ليس بجيد؛ لأن ثم للتراخي وإذا قسمنا شيئا إلى أشياء فنسبة كل واحد من الأقسام إلى الشيء المقسم نسبة واحدة، والجوب: أن ثم في قوله: "ثم حرف" يحوز أن يكون استعملها5 بمعنى الواو؛ "لأنها المعهودة في مثل ذلك"6، ويجوز أن تكون على بابها للتنبيه على تراخي مرتبة الحرف عن الاسم والفعل، لكونه فضلة، وكل منهما يكون عمدة.
وقوله: "واحده كلمة".
الضمير للكلم أي: واحد الكلم كلمة، فكل من الاسم والفعل والحرف كلمة "وجد بها"7 لفظ بالفعل أو بالقوة دل بالوضع على معنى مفرد، وتطلق في الاصطلاح مجازا على أحد جزءي العلم المضاف نحو:"امرئ القيس"
1 هو محمد بن عبد الله بن مالك جمال الدين الطائي الجبائي النحوي ولد سنة 600 ستمائة وتعلم في دمشق وتصدر لتعليم العربية في حلب، أما النحو والصرف فكان فيهما بحرا لا يشق لججه واشتهر بالألفية التي نظمها في النحو وتعرف باسمه، وصنف تصانيف مشهورة وكان أمة في الاطلاع على الأحاديث وأشعار العرب وهو يستشهد بهما بعد القرآن الكريم، وتوفي سنة 672هـ ودفن في دمشق.
2 ب، ج.
3 ب، ج، وفي أ "جزئياته" وفي النسخ "تقسيم الكلي" وهو: تحليل المركب إلى أجزائه التي تركب منها. أبو خضري 1/ 22.
4 هو ضم قيود إلى أمر مشترك لتحصل أمور متعددة بعدد القيود، أبو خضري 1/ 22.
5 أ، ب، وفي ج "استعمالها".
6 أ.
7 أ، ب، وفي ج "وحدها".
"فمجموعهما"1 كلمة حقيقية، وكل منهما كلمة مجازا "والكلم اسم جنس يتميز واحده بالتاء"2، وفيه لغتان التذكير والتأنيث فقال واحده على الأولى، وقال ابن معط3 في ألفيته واحدها على الثانية.
وفي الكلم ثلاث لغات في نظائره نحو "كَبِد"4، وقوله "والقول عم" يعني عم الكلمة والكلام والكلم، فيطلق على كل "واحد"5 من الثلاثة قول حقيقة، ويطلق مجازا على الرأي والإشارة وما يفهم من حال الشيء وهو أخص من اللفظ؛ "لأنه لا يطلق"6 على المهمل، خلافا لمن جعلهما مترادفين، وقد سبق ذكره.
وقوله:
...........................
…
كلمة بها كلام قد يؤم
بيان لأن الكلمة قد يقصد بها في اللغة ما يقصد بالكلام، فتطلق على اللفظ المفيد كقولهم "كلمة الشهادة" هو مجاز مهمل في عرف النحويين.
فقيل: هو من "تسمية الشيء7 باسم بعضه"8.
وقيل: إن أجزاء الكلام لما ارتبط بعضها ببعض حصلت له بذلك وحدة فشابه9 بذلك الكلمة، فأطلق عليه كلمة.
ولما ذكر أن "الكلم"10 ثلاث، شرع في بيان ما يميز كل واحد منها عن أخويه11.
1 ب، ج، أ "مجموعها".
2 زيادة في نسخة أ.
3 مضى في المقدمة التعريف به.
4 فَعل وفِعل وفَعل: تمر، سدر، نبق.
5 ب.
6 ب وفي أ "لأنه لا ينطلق" وفي ج "لئلا يطلق".
7 أ، ج، وفي ب "من باب تسمية الله".
8 "كتسميتهم ربيئة القوم عينا" أشموني 1/ 11، وراجع الشارح ص4.
9 ب، ج، وفي أ "فأشار".
10 ب، وفي أ، ج "الكلمات".
11 ب، ج، وفي أ "إخوته".
ما يميز الاسم:
فقال:
بالجر والتنوين والندا وأل
…
ومسند للاسم تمييز حصل
فذكر للاسم خمس علامات:
الأولى: الجر وهو يشمل الجر بالحرف نحو "بزيد" وبالمضاف نحو "غلام زيد" ولا جر بغيرها خلافا لمن زاد التبعية1.
وقد "ظهر أن ذكر"2 الجر أولى من "ذكر"3 حرف الجر4.
والثانية: التنوين وهو مصدر نونت الكلمة، ثم غلب حتى صار اسما5 للنون الساكنة التي تلحق الآخر لفظا وتسقط خطا وهو عند سيبويه والجمهور خمسة أقسام: تمكين وتنكير وعوض ومقابلة وترنم، وزاد الأخفش6 سادسا
1 أثبت الجمهور الجر بالمجاورة للمجرور في نعت مثل: "هذا جحر ضب خرب" وتوكيد كقوله: يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم، بجر كلهم على المجاورة لأنه توكيد لذوي المنصوب لا للزوجات وإلا لقال كلهن. والذي زاد للتبعية هو الأخفش. قال السيوطي في همع الهوامع ج2 ص19: "لا ثالث لهما، ومن زاد التبعية فهو رأي الأخفش
…
"، والجر بالمجاورة سبب للجر ضعيف كما في هومع الهوامع 2/ 55، ومثال ما اجتمع سواء أكان العامل حرفا أم إضافة تبعية "بسم الله الرحمن الرحيم" واسم مجرور بالحرف، والله بالإضافة، و"الرحمن الرحيم" بالتبعية.
والحق أن التبعية ليست عاملا، إنما العامل هو عامل المتبوع في غير البدل، قال الخضري ج1 ص18 "وأن العامل في التابع ليس التبعية بل هو عامل المتبوع من حرف أو إضافة إذ لا عامل غيرهما حتى المجاورة والتوهم".
2 ج، ب.
3 ج.
4 قال الأشموني ج1 ص11: "قال في شرح الكافية: وهو أولى من التعبير بحرف الجر، لتناوله الجر بالحرف والإضافة". ا. هـ.
5 أ، ج.
6 أبو الحسن الأخفش: هو سعيد بن مسعدة المعروف بالأخفش البصري، وهو الأخفش الأوسط أحد أئمة النحاة من البصريين، أخذ النحو عن سيبويه، وإن كان أكبر منه، وعلم والد الكسائي بعد أن رحل سيبويه إلى الأهواز، وكان ثعلب يقول فيه: هو أوسع الناس علما، وقال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش، وصنف كتبا كثيرة منها المقاييس في النحو، والاشتقاق وغير ذلك، ومات الأخفش سنة 215هـ.
وهو الغالي1 وأنكره السيرافي والزجاج2، وقيل: هو قسم الترنم.
فتنوين التمكين3 نحو "زيد، رجل" وهو اللاحق للاسم المعرف المنصرف إشعارا ببقائه على أصالته.
وتنوين التنكير4 نحو "صه" إذا أردت سكوتا ما، ونحو "سيبويه" لغير معين، وهو اللاحق بعض المبنيات فرقا بين نكرتها ومعرفتها، ويطرد فيما آخره "ويه".
وتنوين العوض ضربان: عوض عن حرف نحو جوار5 وغواش6 وبعيل تصغير بعلي، فالتنوين فيهما عوض "عن"7 الياء المحذوفة على
1 وهو اللاحق للقوافي المقيدة زيادة على النون، والغالي من الغلو وهو الزيادة قال الأشموني ج1 ص12:"ويسمى التنوين الغالي، زاد الأخفش وسماه بذلك لأن الغلو الزيادة، وهو زيادة على الوزن، وزعم ابن الحاجب أنه إنما يسمى غاليا لقلته وقد عرفت أن إطلاق اسم التنوين على هذين -الغالي والترنم- مجاز فلا يردان على الناظم"، "والمجاز أي بالاستعارة علاقته المشاكلة التي هي المشابهة في الشكل والصورة". ا. هـ. صبان ج1 ص31.
2 هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج النحوي وكان من أهل الفضل والدين، وكانت صناعته خرط الزجاج، ثم مال إلى النحو فلزم المبرد ليعلمه، وشرط له أن يعطيه كل يوم درهم وما زال يلازمه حتى نبغ في النحو، ووفى بشرطه حتى فرق الموت بينهما، وله تصانيف كثيرة منها مختصر النحو وشرح أبيات سيبويه وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف، وغير ذلك، وتوفي ببغداد سنة 316هـ، وقد أناف على الثمانين، وآخر ما سمع عنه:"اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل".
3 ويسمى تنوين الصرف.
4 قياسا في العلم المختوم بويه كسيبويه وسماعا في اسم الفعل "كإيه" واسم الصوت "كغاق" لحكاية صوت الغراب.
5 جوار: جمع جارية وهي السفينة، وفتية النساء، وأصل جوار -على الصحيح- جواري بالضم والتنوين استثقلت الضمة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين وحذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجموع تقديرا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت فخيف رجوع الياء فجيء بالتنوين عوضا عنها.
6 وغواش: جمع غاشية وهي الغطاء وهما من الجموع المعتلة على وزن فواعل وهي في نسخة ج.
7 أ، وفي ب، ج "من".
"الصحيح"1 وعوض "من المضاف إليه"2 إما جملة نحو: "يومئذ" وإما مفرد نحو: "كل وبعض" على رأيٍ3.
وتنوين المقابلة نحو "مسلمات" وهو اللاحق لما جمع بألف وتاء مزيدتين سمي بذلك؛ لأنه قابل النون في جمع المذكر السالم وليس بتنوين الصرف خلافا للرَّبَعي4 بدليل ثبوته بعد التسمية كما ثبت النون في نحو "عرفات" وهذه الأربعة من خواص الاسم؛ لأنها لمعان لا تليق "لغيره"5.
وتنوين الترنم، وهو اللاحق للروي المطلق عوضا من مدة الإطلاق في لغة تميم6 وقيس7 كقوله:
أقلي اللوم عاذل والعتابن8
…
...................................
1 أ، ج، وفي ب "الأصح" أي: تحذف الياء لالتقاء الساكنين بناء على الراجح من حمل مذهب سيبويه والجمهور على تقديم الإعلال على منع الصرف لتعلق الإعلال بجوهر الكلمة بخلاف منع الصرف فإنه حال للكلمة. صبان 1/ 32.
2 أ، ب وفي ج "من مضاف إليه".
3 قال في التصريح: والتحقيق أنه تنوين صرف يذهب مع الإضافة ويثبت مع عدمها. ا. هـ. 1/ 35.
4 هو عليّ بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي أبو الحسن الزهري، أحد أئمة النحويين وحذاقهم الجيدي النظر الدقيقي الفهم والقياس، وكان مبتلى بقتل الكلاب، وتصدر في بغداد للإفادة، غير أن شذوذه الخلقي نفر الناس منه فقد تبذل في المجون إلى غير حد، ومن تصانيفه شرح الإيضاح، وشرح مختصر الجرمي، وتوفي ببغداد سنة 420هـ.
5 ب، وفي ج "بغيره" وفي أ "بغيرها".
6 وتميم قبيلة من أشهر قبائل مضر العدنانية.
7 من القبائل التي كانت بعيدة عن تيار العجمة وهي التي كتب للسانها البقاء على سجيته وطبيعته.
8 البيت لجرير بن عطية بن الخطفي، أحد الشعراء المجيدين وهو شاعر أموي. وهو مطلع قصيدة يهجو بها الراعي النميري الشاعر.
وعجز البيت:
وقولي إن أصبت لقد أصابن
وهذا الشرح غير موجود في ب، ج.
الشرح: أقلي: خففي -اللوم: العذل- العتاب: التعنيف.
المعنى: خففي يا عاذلة من لومي وتعنيفي، وإن رأيت مني صوابا فلا تنكريه عليّ وقولي: والله لقد أصابن، ومن قال أصبت -بكسر التاء- أراد إن قصدت النطق بالصواب بدل اللوم. =
وقولهم: تنوين الترنم، قال المصنف: هو على حذف مضاف، أي تنوين ذي ترنم وإنما هو عوض من الترنم1؛ لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس "حرف"2 الروي، وهذا القسم يشترك فيه الاسم والفعل والحرف.
فمثاله في قول العجاج:
يا صاح ما هاج العيون الذرفن3
= الإعراب: "أقلي": فعل أمر -من الإقلال- مسند للياء التي للمخاطبة الواحدة مبني على حذف النون وياء المؤنثة المخاطبة فاعل مبني على السكون في محل رفع. "اللوم": مفعول به. "عاذل": منادى مرخم حذفت منه ياء النداء مبني على ضم الحرف المحذوف في محل نصب وأصله: يا عاذلة. "والعتابا": معطوف عل اللوم. "وقولي": فعل أمر والياء فاعله. "إن": حرف شرط. "أصبت" فعل ماض فعل الشرط التاء فاعله وهذا اللفظ يروى بضم التاء للمتكلم وبكسرها للمخاطبة. "لقد أصابن": جملة في محل نصب مقول القول، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله.
والتقدير: إن أصبت فأقلي اللوم، أو: إن أصبت فقولي لقد أصابا.
الشاهد: "العتابن" فإن التنوين فيه بدل ألف الإطلاق لترك الترنم، وهو اسم مقترن بأل.
مواضع البيت: ذكره ابن هشام في أوضح المسالك 1/ 4، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 157، وابن عقيل في شرحه للألفية 1/ 6، والأشموني 1/ 12، وسيبويه ج2 ص229، والخصائص لابن جني 2/ 96، والإنصاف لابن الأنباري 2/ 385.
1 قال ابن عقيل: فجيء بالتنوين بدلا من الألف لأجل الترنم 1/ 6.
2 أ، وفي ج "حركة".
3 قائله الراجز العجاج، واسمه عبد الله بن رؤية، والعج رفع الصوت، ورؤبة بضم الراء وسكون الهمزة وفتح الباء الموحدة بعده هاء ساكنة وهي في الأصل اسم القطعة من الخشب يشعب بها الإناء وجمعها رئاب.
الشرح: "هاج" من الهيجان يقال هاج الشيء يهيج هيجا وهياجا وهيجانا، واهتاج وتهيج أي ثار وتحرك. وهاج هنا متعد. "الذرف" -بضم الذال المعجمة وفتح الراء المشددة- جمع ذرافة من ذرف الدمع إذا سال.
الإعراب: "يا" حرف النداء "صاح" منادى مرخم على لغة الانتظار ولم يرخم على لغة الاستقلال "ما هاج" ما مبتدأ وهاج فعل والضمير الذي فيه هو فاعله يرجع إلى ما "العيون" مفعوله "الذرفن" نصب على أنه صفة للعيون والجملة خبر مبتدأ.
الاستشهاد في قوله: "الذرفن" فإنه جمع بين الألف واللام وتنوين الترنم.
مواضع الشاهد: ذكره سيبويه ج2 ص199، وابن الناظم ص5.
وفي الفعل:
من طلل كالأتحمى أنهجن1
وفي الحروف قول النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا
…
لما تزل برحالنا وكأن قدن2
1 قائله أيضا الراجز العجاج.
الشرح: "من طلل" -بفتحتين- وهو ما شخص من آثار الدار وجمعه أطلال وطلول "كالأتحمي" بفتح الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الحاء المهملة وهو نوع من البرود بها خطوط دقيقة، وليست الياء فيه للنسبة، وإنما هي مثل الياء في قولهم قصي بردى وشبه به الأطلال من أجل الخطوط التي فيه. "أنهجا" فعل ماض يقال أنهج الثوب إذا بلي وخلق.
الإعراب: "من طلل" جار ومجرور متعلق بقوله هاج "كالأتحمي"، صفة موصوفها محذوف، أي: كالبرد الأتحمي، وهو صفة لطلل، ومحلها الجر "أنهجن" جملة فعلية ماضية في محل النصب على الحال.
الاستشهاد: في قوله "أنهجن" فإنه أدخل تنوين الترنم في الفعل.
مواضع الشاهد: ذكره ابن هشام في المغني 2/ 41 وسيبويه ج2 ص299. وابن الناظم ص5، والخصائص 1/ 171.
تعليق: في شرح الشواهد الكبرى جعل المثال الأول والمثال الثاني بيتا واحدا. ثم قال: من طلل إلى آخره، ليس من تتمة قوله: يا صاح مما هاج إلى آخره، كما زعمه ابن الناظم وغيره، فإنهم وهموا في ذلك وهما فاحشا، بل لكل منهما قافية تغاير قافية الآخر، فإن تمام الأول "من طلل أمسى يحاكي المصحفا".
وتمام الثاني "من هاج أشجانا وشجوا قد شجا" صدر البيت -ج1 ص29 الشواهد الكبرى.
2 البيت للنابغة الذبياني واسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن ذبيان وهو بضم الذال المعجمة وكسرها من قصيدة له يصف فيها المتجردة زوج النعمان بن المنذر -وهو من الكامل.
الشرح: "أزف" دنا وقرب، ويروى "أفد" على وزن فعل -بكسر العين- والمعنى واحد. الترحل "الارتحال"، "الركاب" الإبل الرواحل واحدها راحلة ولا واحد لها من لفظها، وقيل: جمع ركوب وهو ما يركب من كل دابة، "تزل" -مضموم الزاي- مضارع زال، وأصله تزول، "الرحال" من الرحيل جمع رحل وهو مسكن الرجل ومنزله، "وكأن قد" أي: وكأن قد زالت وذهبت، قرينة لما تزل.
الإعراب: "أزف": فعل ماض. "الترحل": فاعل. "غير": نصب على الاستثناء. "أن" حرف توكيد. "ركابنا" اسمها، والضمير فيه مضاف إليه. "لما": حرف نفي وجزم. "تزل" =
والغالي هو اللاحق للروي المقيد وهو كتنوين الترنم في عدم الاختصاص بالاسم، فمثاله في الاسم قول رؤبة:
وقاتم الأعماق خاوي المخترِقْنْ1
أصله المخترق فزاد التنوين وكسر الحرف الذي قبله لالتقاء الساكنين، وفي الفعل قول2 امرئ القيس:
....................................
…
ويعدُو عَلى المرء ما يأتمِرْنْ3
أي ما يأتمر، وفي الحرف:
= فعل مضارع مجزوم بلما. "برحالنا": جار ومجرور متعلق به. "كأن": حرف تشبيه ونصب واسمها ضمير الشأن. وخبرها جملة محذوفة تقديرها: وكأن قد زالت.
الاستشهاد فيه: في دخول تنوين الترنم في الحرف وذلك في قوله: "وكأن قدن".
مواضع البيت: ذكره ابن عقيل 1/ 6، وابن هشام في المغني 1/ 148، والشاطبي في شرحه للألفية في باب المعرف بالألف واللام، وابن يعيش في المفصل 8/ 148، وخزانة الأدب رقم 525، والخصائص 2/ 361، والسيوطي في الهمع ج1/ 143، والأشموني 1/ 12.
1 قائله رؤبة بن العجاج وبعده "مشتبه الأعلام لماع الخفقن".
الشرح: "القاتم" الذي تعلوه القتمة وهو لون فيه غبرة وحمرة "الأعماق" جمع عمق-بفتح العين وتضم- وهو ما بَعُدَ أن أطراف الصحراء. "الخاوي" بالخاء المعجمة من خوى البيت إذا خلا. "المخترق" الممر الواسع المتخلل للرياح لأن المار يخترقه مفتعل من الخرق وهي المفازة.
الإعراب: الواو: واو رب. "قاتم": مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحرف الجر الزائد. "الأعماق": مضاف إليه. "خاوي": صفة لقاتم. "المخترق" مضاف إليه. "مشتبه الأعلام، لماع الخفقن": صفتان أيضا لقاتم، وخبر المبتدأ مذكور بعد أبيات وهو "تنشطته كل مغلاة لوهق".
الاستشهاد فيه: أن النون الساكنة في قوله "المخترقن" هي التنوين الغالي والغرض من إلحاقها الدلالة على الوقف.
مواضعه: من شراح الألفية ابن الناظم ص5، وابن عقيل 1/ 7، والأشموني 1/ 12، وابن هشام في المغني 2/ 35. وقد ذكره ابن يعيش في المفصل 2/ 118، والسيوطي في الهمع 2/ 80، والشاهد الخامس في خزانة الأدب ج2 ص301 سيبويه.
2 ج.
3 البيت لامرئ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو الشاعر الفائق مات في بلاد الروم عند جبل يقال له عسيب. =
قالت بنات العم يا سلمى وإنن
…
كان فقيرا معدما قالت وإنن1
أي: وإن.
= وصدر البيت:
أحار بن عمرو وكأني خمِرْنْ.
الشرح: "ويعدو" فعل وفاعله "ما يأتمر" ما مصدرية والتقدير: يعدو على ائتماره أمرا ليس برشد، وقال الأعلم معناه: يصيبه وينزل عليه مكروه ما يأتمر به ويحمل نفسه على فعله، وهذا نحو قول العامة:"من حفر حفرة وقع فيها" والواو في "ويعدو" تصلح أن تكون للاستئناف وتصلح أن تكون للتعليل على معنى لام التعليل فيكون المعنى: يا حارث بن عمرو وكأني خامرني داء لأجل عدوان الائتمار بأمر ليس برشد، وتصلح لأن تكون زائدة على رأي الكوفيين والأخفش.
الإعراب: "أحار" الهمزة لنداء القريب وحار منادى مرخم، أي: يا حارث بن عمرو "كأني" كأن حرف تشبيه ونصب وياء المتكلم اسمه "خمر" خبرها "ويعدو" الواو للاستئناف، يعدو فعل مضارع "على المرء" متعلق بيعدو "ما" يجوز أن تكون موصولا اسميا فهو فاعل يعدو، وعليه فجملة "يأتمر" لا محل لها صلته والعائد محذوف، ويعدو على المرء الأمر الذي يأتمره، ويجوز أن تكون "ما" موصولا حرفيا، وهو وصلته في تأويل مصدر فاعل يعدو، ولا تحتاج حينئذ إلى عائد.
الاستشهاد فيه: في قوله "ما يأتمرون" حيث أدخل فيه التنوين الغالي.
مواضعه: ذكره في شرحه للألفية الأشموني 1/ 12، والسيوطي همع الهوامع ج2 ص80، وفي مجمع الأمثال ج2 ص425 رقم 4744.
1 قائله رؤبة بن العجاج، والبيت من الرجز المسدس.
الشرح: "سلمى" ذكرها الراجز مصغرة ومكبرة "معدما" هو الذي لا يملك شيئا أصلا، ويروى "وإن كان عييا معدما" أنشده الشيخ أبو حيان رحمه الله.
المعنى: قلن يا سلمى أترضين بهذا البعل وإن كان شديد الفقر؟ قالت: رضيت به وإن كان كذلك.
الإعراب: "قالت" فعل ماض والتاء علامة التأنيث "بنات العم" فاعل ومضاف إليه "يا" حرف نداء "سلمى" منادى "وإنن" الواو عاطفة على محذوف تقديره: إن كان غنيا واجدا "و" إن كان إلخ "إن" شرطية "كان": فعل ماض ناقص فعل الشرط واسمها ضمير مستتر "فقيرا" خبر كان "معدما" صفة لخبر كان، أو خبر ثان لها. وجواب الشرط محذوف دل عليه معنى الكلام. وتقديره: وإن كان فقيرا معدما ترضين به "قالت" فعل ماض والتاء للتأنيث "وإنن" الواو عاطفة على مثال السابقة "إن" شرطية حذف شرطها وجوابها لدلالة شرط السابقة وجوابها عليهما. وجملتا الشرط والجواب في الموضعين في محل نصب مقول القول.
الاستشهاد فيه: في قوله: "وإنن" في الموضعين حيث أدخل الراجز فيه التنوين زيادة على الوزن، فلذلك سمي التنوين الغالي.
مواضعه: ذكره من شرح الألفية: ابن هشام 1/ 15، وذكره السيوطي في الهمع 2/ 80.
وزاد بعضهم في أقسام التنوين "قسما1 سابعا، وهو تنوين الاضطرار"2.
كقول الشاعر3:
سلام الله يا مطر عليها
…
..............................
ولم يعن "المصنف"4 إلا الأربعة الأول.
فإن قلت: فقد أطلق في موضع التقييد.
قلت: فقد أجيب بأن "أل" في قوله: والتنوين، للعهد، فلم يشتمل غير المختص بالاسم.
1 في نسخة ب.
2 قال السيوطي في همع الهوامع ج1 ص173: "يجوز تنوين المنادى المبني في الضرورة بالإجماع" ثم اختلف هل الأولى بقاء الضمة أو نصبه؟ فالخليل وسيبويه، والمازني على الأول علما كان أو نكرة مقصودة "سلام الله يا مطر عليها" وأبو عمرو وعيسى بن عمرو الجرمي والمبرد على الثاني ردا على أصله كما رد غير المنصرف إلى الكسر عند ثبوته في الضرورة كقوله:"يا عديا لقد وقتك الأواقي" واختار ابن مالك في شرح التسهيل بقاء الضم في العلم والنصب في النكرة المعينة لأن شبهها بالمضمر أضعف، وعندي عكسه وهو اختيار النصب في العلم لعدم الإلباس فيه والضم في النكرة المعينة لئلا يلتبس بالنكرة غير المقصودة، إذ لا فارق حينئذ إلا الحركة لاستهوائهما في التنوين ولم أقف على هذا الرأي لأحد".
3 قائله الأحوص الأنصاري واسمه عبد الله بن محمد بن عاصم بن صعصعة، وهو شاعر مجيد من شعراء الدولة الأموية. الأحوص الذي في مؤخر عينه ضيق. وهو من الوافر.
وعجز البيت:
وليس عليك يا مطر السلام
وفي نسخة ج ذكر البيت كله.
الشرح: "يا مطر" مطر اسم رجل، وكان دميما أقبح الناس وكانت امرأته من أجمل النساء وأحسنهن وكانت تريد فراقه ولا يرضى مطر بذلك، فأنشد الأحوص قصيدة تتضمن هذا البيت يصف فيه أحوالهما.
الإعراب: سلام: مبتدأ "الله" مضاف إليه "يا": حرف نداء "مطر" منادى مبني على الضم في محل نصب، ونون لأجل الضرورة "عليها" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "وليس" فعل ماض ناقص "عليك" متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم على الاسم "يا مطر" حرف نداء ومنادى "السلام" اسم ليس تأخر عن الخبر.
الاستشهاد فيه: في قوله "يا مطرٌ" فإنه منون في غير محله. فقيل: إنه ضرورة.
مواضعه: ذكره ابن عقيل في المنادى 2/ 195، وابن هشام في المغني 2/ 25 وشرحه للألفية 2/ 118، والسيوطي في الهمع 1/ 173، والشاهد السادس بعد المائة في الخزانة، والإنصاف 1/ 195 ج1 ص313 سيبويه.
4 أ، وفي ب، ج "الناظم".
وفيه نظر، إذ لا معهود يصرف "اللفظ"1 إليه عند من تذكر له علامات الأسماء، وإن جعلت "أل" جنسية فقد يقال لم يعتبر الترنم والغالي لقلتهما واختصاصهما بالشعر.
وقد قيل: إن تسمية ما يلحق الروي تنوينا مجاز، وإنما هو نون بدليل أنه يثبت وقفا "ويحذف وصلا بخلاف التنوين"2.
فالتنوين على هذا من خواص الاسم في جميع وجوهه.
وقال أبو الحجاج يوسف بن معزوز3: ظاهر قول سيبويه في الذي يسمونه تنوين الترنم أنه ليس بتنوين وإنما هو نون تتبع الآخر عوضا عن المدة.
الثالثة: النداء وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها، وهو من خواص الاسم، لأن المنادى مفعول به، والمفعول به لا يكون إلا اسما4 لأنه مخبر عن المعنى.
وقال في شرح التسهيل: وإنما اختص الاسم بالنداء، لأنه مفعول به في المعنى والمفعولية لا تليق بغير الاسم، واعترض قوله في المعنى لأن ظاهره أنه ليس مفعولا صريحا من جهة اللفظ، وقد سبقه أبو موسى5 إلى هذه
1 أ، ج وفي ب "النظر".
2 أ.
3 هو يوسف بن معزوز القيسي أبو الحجاج الأستاذ الأديب النحوي من أهل الجزيرة الخضراء. قال ابن الزبير: كان نحويا جليلا من أهل التقدم في علم الكتاب، أخذ العربية عن أبي إسحاق والسهيلي وكان متصرفا في علم العربية حسن النظر، أخذ عنه عالم كثير منهم أبو الوليد يونس وغيره.
وألف شرح الإيضاح للفارسي والرد على الزمخشري في مفصله وغير ذلك.
مات بمرسية في حدود سنة خمس وعشرين وستمائة.
4 "وأما دخول "يا" على الحرف في نحو: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} ، "يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة" ، وعلى الفعل في قراءة الكسائي: "ألا يا اسجدوا" -بتخفيف ألا- فلمجرد التنبيه، ولا يلزم ذكر المنبه بل تكفي ملاحظته عقلا، وقيل: المنادى محذوف تقديره "يا هؤلاء". ا. هـ. خضري ج1 ص21.
وقد يكون المفعول جملة كما في المفعول الثاني من ظن وأخواتها لأن أصله خبر المبتدأ، وهو غير مقصود في هذا الباب.
5 هو سليمان بن محمد الملقب بالحامض، ولقب بذلك لشراسته، لازم ثعلبا زهاء أربعين حولا ثم خلفه بعد موته. قال الخطيب: كان أوحد المذكورين من العلماء بنحو الكوفيين، وكان دينا صالحا، وكان يتعصب على البصريين، وله في النحو مختصر. مات لست بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثمائة في بغداد.
العبارة، وهذه مسألة خلاف، ومذهب سيبويه1 وجمهور البصريين أن المنادى مفعول من جهة اللفظ والمعنى.
الرابعة: "أل" ويعني بها حرف التعريف وهو من خواص الاسم، إذ لا حظ لغيره "فيه"2.
وأما "أل"3 الموصولة فإنها قد تدخل على الفعل عند المصنف وبعض الكوفيين اختيارا وعند الجمهور اضطرارا كقوله4:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
…
.........................................
1 قال سيبويه: اعلم أن النداء كل اسم مضاف إليه هو نصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره. والمفرد رفع وهو في موضع اسم منصوب ج1 ص303.
2 أ، وفي ب، ج "في التعريف".
3 أ، ج.
4 قائله الفرزدق واسمه همام بن غالب بن صعصعة يخاطب رجلا من بني عذرة، هجاه بحضرة عبد الملك بن مروان، والفرزدق شاعر إسلامي من الطبقة الأولى وعجزه:
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
والبيت من بحر البسيط.
الشرح: "بالحكم" -بفتح الحاء والكاف- وهو الذي يحكمه الخصمان ليفصل بينهما "ولا الأصيل" أي ولا الحسيب. قال الكسائي: الأصل: الحسب، والفصل: اللسان "الرأي" العقل والتدبر "الجدل" -بفتحتين- القدرة على المحاجَّة.
المعنى: لست أيها العذري مقبول الحكم، لأننا لم نحكمك، ولا حسب يشفع لك تدخلك، ولست ذا رأي ناضج ولا حجة قوية تدعم بها قولك فكيف تهجونا وترفع غيرنا؟
الإعراب: "ما" نافية تعمل عمل ليس "أنت" اسمها "بالحكم" الباء زائدة والحكم خبر ما النافية "الترضى" أل موصول وترضى مضارع مبني للمجهول "حكومته" نائب فاعل والضمير مضاف إليه والجملة لا محل لها صلة الموصول "ولا" الواو عاطفة ولا نافية "الأصيل" معطوف على الحكم "ذي" معطوف على الحكم أيضا وهو مضاف و"الرأي" مضاف إليه "والجدل" معطوف على الرأي.
الاستشهاد فيه: في دخول الألف واللام في الفعل المضارع تشبيها له بالصفة؛ لأنه مثلها في المعنى، وقال ابن مالك: ليس بضرورة لتمكن الشاعر من أن يقول:
ما أنت بالحكم المرضي حكومته
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص37، ابن هشام 1/ 17، 118، ابن داود السندوبي، والأشموني 1/ 70 الموصول، الاصطنهاوي، وابن عقيل 1/ 89، والمكودي ص13 الموصول، والسيوطي ص22 في الموصول والخصائص 2/ 300.
فكان ينبغي الاحتراز عنها.
فإن قلت: هل الأولى أن يعبر عن حرف التعريف بأل أو بالألف واللام "أو باللام"؟ 1.
قلت: لهم في حرف التعريف ثلاثة مذاهب: أحدها أنه ثنائي وهمزته همزة قطع وصلت لكثرة الاستعمال، ولا يحسن على المذهب إلا التعبير "بأل" وهو مذهب الخليل2 واختيار الناظم.
قال ابن جني: وقد حكي عن الخليل أنه كان يسميها "أل" ولم يكن يسميها "الألف واللام".
والثاني: أنه ثنائي وهمزته همزة وصل زائدة، وهي مع زيادتها معتد بها كالاعتداد بهمزة استمع ونحوه، حيث لا يعد رباعيا، وهو مذهب سيبويه فيما نقله في التسهيل3 وشرحه.
وعلى هذا المذهب يجوز أن يعبر "بأل" نظرا إلى أن الهمزة كمتعد بها في الوضع وهو أقيس، وأن يعبر عنها "بالألف واللام" نظرا إلى أن الهمزة زائدة وقد استعمل سيبويه في كتابه العبارتين4.
والثالث: أنه اللام وحدها، وإليه ذهب أكثر المتأخرين، ونسبه بعضهم إلى سيبويه، ولا يحسن على هذا المذهب إلا التعبير باللام، وللكلام على هذه المذاهب موضع غير هذا.
1 ب.
2 هو الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن الأزدي البصري، كان الخليل آية في الذكاء وأول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، وكان مع هذا عفيف النفس. قال سفيان الثوري: من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد. وله مؤلفات كثيرة من أشهرها كتاب العين في اللغة. وتوفي سنة خمس وسبعين ومائة وقد نيف على السبعين.
3 وفي التسهيل ص42: "وهي أل لا اللام وحدها وفاقا للخليل وسيبويه وقد تخلفها أم وليست الهمزة زائدة خلافا لسيبويه".
4 راجع الصبان 1/ 34، والخضري 1/ 22.
الخامسة: المسند وهو مفعل من أسند فهو لفظ صالح لأن يكون مفعولا به ومصدرا واسم زمان واسم مكان ولا جائز أن يراد به هنا الزمان والمكان إذ لا وجه لإرادتهما.
ويحتمل أن يريد به المفعول به، وهو ظاهر عبارته، وهو صحيح؛ لأن المسند من خواص الأسماء وذلك أن المسند في الاصطلاح المشهور هو المحكوم به والمسند إليه هو المحكوم عليه، فكأنه قال: ويتميز الاسم بمسند أي: بمحكوم به نحو "قام زيد" و"زيد قائم" فزيد في المثالين له مسند "أي محكوم به"1، وهو الفعل في المثال الأول والخبر في المثال الثاني، وذلك من علامات اسميته، ويحتمل أن يريد به المصدر أعني الإسناد، وهو نسبة شيء إلى شيء على جهة الاستقلال2 وبه جزم الشارح ولكن لا يصح على إطلاقه؛ لأن الفعل "يشارك"3 الاسم في الإسناد، فإن كلا منهما "يسند"4، وإنما ينحصر الاسم بالإسناد إليه "فإنه"5 أجيب بما ذكر الشارح من أنه "أراد الإسناد إليه"6، 7 فحذف صلته اعتمادا على "التوقيف"8 وفيه نظر، لأن الاعتماد على التوقيف لا يحسن في مقام التعريف.
وإن أجيب بأن اللام في قوله "للاسم" متعلقة بمسند وهي بمعنى إلى كما وقع في بعض نسخ الشرح فهو ظاهر البعد.
وأورد على الناظم أنه أطلق الإسناد، وهو قسمان: معنوي، ولفظي. فالمعنوي هو الخاص بالأسماء "واللفظي"9 مشترك يوجد في الاسم والفعل والحرف نحو "زيد" ثلاثي و"ضرب" فعل ماض و"من" حرف جر.
1 ب.
2 ج.
3 ب وفي أ، ج "يشرك".
4 ب، ج وفي أ "مسند".
5 أوفي ب "فإن" وفي ج "وإن".
6 ج وفي أ "أراد إسنادا إليه".
7 قال الشارح ص4 "والإسناد إليه".
8 ج وفي أ، ب "التوفيق".
9ج وفي أ، ب "اللفظ".
قلت: التحقيق أن القسمين كليهما من خواص الأسماء ولا يسند إلى الفعل والحرف إلا محكوما باسميتهما.
فإذا قلت: "ضرب" فعل ماض. فضرب في هذا التركيب اسم مسماه "لفظ ضرب"1 الدال على الحدث والزمان، وكيف يتصور أن يحكم عليه في المثال المذكور ونحوه بأنه باق على فعليته، وهو لا يشعر بحدث ولا زمان ولا يقتضي فاعلا ويحكم على موضعه بالرفع على الابتداء.
فإن قلت: فقد ذكر في شرح التسهيل أن الإسناد اللفظي صالح للاسم والفعل والحرف والجملة "ولذلك"2 قال في حد الاسم: كلمة يسند ما لمعناها "لنفسها أو لنظيرتها"3 فيقيد الإسناد بالمعنى لأنه خاص بالأسماء بخلاف الإسناد باعتبار مجرد اللفظ، فإنه عام، وإذا كان قائلا بذلك لزمه الإيراد المذكور.
قلت: لا إشكال في أن الإسناد باعتبار اللفظ صالح للفظ الاسم "وللفظ الفعل"4 وللفظ الحرف، وللفظ الجملة. "وهذا "لا ينافي"5 اختصاصه بالأسماء لأنا نحكم على "هذه"6 الألفاظ المسند إليها بأنها أسماء وإن كانت لفظ فعل أو حرف.
فقوله: إن الإسناد اللفظي صالح للاسم والفعل والحرف والجملة، صحيح بهذا الاعتبار، وقد صرح في الكافية7 باسمية ما أخبر عن لفظه حيث قال:
وإن نسبت لأداة حكما
…
فابن أو أعرب واجعلنها اسما
فإن قلت: إذا كان الإسناد مطلقا من خواص الأسماء فلم قيد الإسناد في حد الاسم باعتبار المعنى؟
قلت: كأنه لما رأى اللفظي لا يتميز به لفظ الاسم من غيره، اقتصر على المعنوي؛ لأنه هو الذي يحصل به التمييز.
1 ب، ج.
2 ب، ج وفي أ "كذلك".
3 أ، ب.
4 ب، ج.
5 أ، ج وفي ب "لا يتأتى".
6 أ، ب.
7 كتاب ابن مالك. راجع ص7 من الكافية.
ألا ترى أنك إذا قلت: زيد ثلاثي، دل هذا الإسناد على اسمية "زيد" المراد به لفظ "زيد" الدال على الشخص.
كما أنك إذا قلت: ضرب مبني على الفتح. دل هذا الإسناد على اسمية ضرب المراد به لفظ ضرب الدال على الحدث والزمان ولم يدل على "اسمية ضرب الدال على"1 الحدث والزمان. فتأمله2.
ما يميز الفعل:
ولما ذكر ما يتميز به الاسم، شرع في ذكر ما يتميز به الفعل فقال:
بتا فعلت وأتت ويا افعلي
…
ونون أقبلن فعل ينجلي
فذكر للفعل أربع علامات:
الأولى: "تا" فعلت، وهي تاء ضمير المخاطب نحو "تباركت يا رحمن" وفي حكمها تاء ضمير المتكلم والمخاطبة، وهذه التاء في جميع أحوالها مختصة بالفعل الموضوع "للمضي"3، ولو كان مستقبل المعنى نحو "إن قمت قمت".
الثاني: "تا" أتت وهي تاء التأنيث الساكنة، وهي مثل تاء الفاعل في الاختصاص بالفعل الموضوع للمضي، وتلحقه متصرفا وغير متصرف نحو "أتت" و"نعمت".
قال في شرح التسهيل: ما لم يكن أفعل في التعجب، ولو قال ما لم "يكن"4 يلزم تذكير فاعله لكان أولى، ليشمل أفعل التعجب وغيره نحو: ما عدا، وما خلا، وحاشا، ليس في الاستثناء: فإن تحركت التاء بحركة إعراب فهي من خواص الأسماء نحو "رحمة" وإن تحركت بحركة بناء فتكون في الحرف نحو "لات" وفي الاسم نحو "لا قوة إلا بالله" ولا اعتداد بحركة النقل ولا بحركة التقاء الساكنين لعروضهما.
1 ب، ج.
2 راجع الصبان 351.
3 أ، ج وفي ب "القصي".
4 أ.
تنبيه: قال في شرح الكافية: وقد انفردت يعني تاء التأنيث الساكنة "بلحاقها"1 نعم وبئس كما انفردت تاء الفاعل "بلحاقها"2 تباركت.
والثالثة: يا افعلي3 وهي ياء المخاطبة وهي اسم مضمر عند سيبويه4، والجمهور5. وحرف عند الأخفش والمازني6، ويشترك7 في إلحاقها المضارع والأمر نحو "أنت تفعلين وافعلي".
والرابعة: نون أقبلن، وهي نون التوكيد الشديدة، وهي مختصة بالفعل، وكذلك الخفيفة نحو:{لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} 8 وتلحق الأمر بلا شرط والمضارع بشرط مذكور في بابه9 وقد تلحق الماضي "وضعا"10 المستقبل معنى كقوله صلى الله عليه وسلم: "فإما أدرَكَن واحد منكم الدجال"11.
1 و2 ب، ج وفي أ "بإلحاقها".
3 وإنما قال المصنف: "ياء افعلي" ولم يقل: "ياء الضمير" لأن هذه تدخل فيها ياء المتكلم وهي لا تختص بالفعل بل تكون فيه نحو "أكرمني" وفي الاسم نحو "غلامي" وفي الحرف نحو "إلى" بخلاف "ياء افعلي" فإن المراد بها ياء الفاعلة، وهي لا تكون إلا في الفعل. ابن عقيل ج1 ص9.
4 راجع ج1 ص5 كتاب سيبويه.
5 أقول: والأرجح أن تكون اسما بدليل إعرابها فاعل الفعل.
6 هو أبو عثمان بكر بن محمد المازني من بني مازن بن شيبان، كان إماما في العربية ثقة، وقال عنه المبرد: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان وهو بصري. وروي أن يهوديا بذل للمازني مائة دينار ليقرئه كتاب سيبويه فامتنع فقيل له: لم امتنعت مع حاجتك؟ فقال: إن في كتاب سيبويه كذا وكذا آية من القرآن فكرهت أن أقرأ القرآن للذمة. فلم يمض على ذلك حتى منحه الواثق أضعاف ما تركه لله. وله من التصانيف: تفسير كتاب سيبويه، وعلل النحو والتصريف. ومات سنة 249هـ بالبصرة.
7 أ، ب "ويشترط" وفي ج "مشترك".
8 سورة يوسف 32.
9 تلحق نونا التوكيد الفعل المضارع المستقل، الدال على الطلب نحو:"لتضربن زيدا" و"لا تضربن زيدا" و"هل تضربن زيدا؟ "، والواقع شرطا بعد "إن" المؤكدة بما نحو "إما تضربن زيدا أضربه"
…
أو الواقع جواب قسم مثبتا مستقبلا نحو: "والله لتضربن زيدا"
…
ابن عقيل ج2 ص229.
10 ب، ج وفي أ "وصفا".
11 رواه الحاكم عن جبير بن نفير. والدجال: من الدجل وهو الكذب والخلط، ويجمع على دجالين ودجاجلة.
وقول الشاعر1:
دامن سعدك إن رحمت متيما
وشذ لحاقها اسم الفاعل في قوله2:
أقائلن احضروا الشهودا
1 قال في شرح الشواهد الكبرى ج1 ص120: "لم أقف على اسم قائله" وقد بحثت فلم أعثر له على قائل. وهو من الكامل.
وتمامه:
لولاك لم يك للصبابة جانحا
الشرح: "دامن" أصله من الدوام ودخله نون التوكيد على وجه الشذوذ "سعدك" خطاب لمحبوبته، المتميم" بالتشديد: من تيمه الحب إذا عبده "الصبابة": المحبة والعشق، "الجانح" من جنح إذا مال.
الإعراب: "دامن" فعل "سعدك" فاعل والكاف مضاف إليه وهي في الحقيقة جملة دعائية "إن" شرطية "رحمت" جملة من الفعل والفاعل -فعل الشرط- "متيما" مفعول به، والجواب محذوف تقديره: لو رحمت متيما أدام الله سعدك وأغنت عن ذلك الجملة المتقدمة "لولاك" لولا امتناع لوجود وقد وليها ههنا ضمير وكان حقها أن يكون ضمير رفع نحو قوله تعالى {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ولكن جاء قليلا لولاك ولولاي ولولاه خلافا للمبرد، ثم عند الجمهور أنها جارة للضمير وموضع المجرور رفع بالابتداء والخبر محذوف وقد سد مسده جواب لولا، وهي الجملة التي بعده.
وقال الخليل: لولا لا تجر ولكنهم أنابوا الضمير المخفوض عن المرفوع كما عكسوا إذ قالوا ما أنا كأنت ولا أنت كأنا. "لم يك" لم حرف نفي ويك مجزوم بلم وأصله لم يكن فحذفت النون تخفيفا والضمير المستتر فيه العائد إلى المتيم وهو اسم يكن، ولم يكن جواب لا. "جانحا" خبره وللصبابة يتعلق به.
الاستشهاد فيه: "في قوله "دامن" حيث دخلت فيه نون التأكيد وهو ماض ونون التوكيد من خواص الأمر والمضارع، وهو قليل شاذ، قال ابن هشام في المغني 1/ 18: "والذي سهله أنه بمعنى أفعل".
مواضعه: ذكره الشاطبي في شرح الألفية، وابن هشام في المغني 2/ 22.
والسيوطي في الهمع 3/ 78، وفي الخزانة الشاهد 83.
2 قائله رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز المسدس.
وقبله:
أريت إن جاءت به أملودا
الشرح: "أملود" -بضم الهمزة وسكون الميم وضم اللام: الناعم، "أريت" أصله أرأيت حذفت الهمزة منه للتخفيف. ومعنى أرأيت: أخبرني.
المعنى: أخبرني إن جاءت هذه بشاب يتزوجها، رشيق القوام أآمر أنت بإحضار الشهود لعقد نكاحها عليه؟ والاستفهام إنكاري مراد به التهكم والسخرية لأن مثل الحضري لا =
وفي قوله1:
يا ليت شعري عنكم حنيفا
…
أشاهرن بعدنا السيوفا
أنشدها ابن جني:
فإن قلت: فليست نون التوكيد إذن من خواص الفعل لدخولها على اسم الفاعل.
قلت: دخولها على اسم الفاعل مما لا يلتفت إليه لندوره2.
= يصاهر عند العرب.
الإعراب: أقائلن: الهمزة للاستفهام. "قائلن" خبر مبتدأ محذوف وتقديره أفأنتم قائلن مرفوع بالواو المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين والنون المحذوفة لتوالي الأمثال عوض عن التنوين في الاسم المفرد "أحضروا" فعل أمر وواو الجماعة فاعل، "الشهودا": مفعول به. والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل نصب مقول القول. وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط الذي هو قوله: إن جاءت به.
الاستشهاد فيه: حيث أدخل الشاعر فيه نون التوكيد على الاسم وهو ضرورة، سوغها شبه الوصف الواقع بعد الاستفهام بالفعل المضارع.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الشاطبي، والسيوطي ص5، والأشموني 1/ 16، ذكره ابن هشام في المغني 2/ 22.
1 قائله رؤبة العجاج. وهو من الرجز المسدس.
الشرح: "شعري" بمعنى علمي من الشعر. قال ابن فارس: شعرت بالشيء إذا فطنت له "الحنيف" هو المسلم ههنا، وله معان آخر "أشاهرن" من شهر سيفه انتضاه فرفعه يعني أبرزه من غمده.
الإعراب: "يا" حرف تنبيه "ليت" حرف تمن ونصب "شعري" اسم ليت، وياء المتكلم مضاف إليه، وخبر ليت محذوف وجوبا عند الرضي في كل كلام ورد فيه هذا التعبير بشرط أن يجيء بعده استفهام كما في بيت الشاهد، وهذا الاستفهام مفعول لشعري. وعند ابن الحاجب أن الاستفهام قائم مقام الخبر "عنكم": متعلق بشعري. وعن فيه بمعنى الباء. "حنيفا": منادى مرخم بحرف نداء محذوف.
وإعراب الباقي في غاية الوضوح.
وقد تكلم العيني هنا كلاما لا نوافقه عليه، وتبعه العلامة الصبان غفر الله لنا ولهما.
الاستشهاد فيه: في قوله "أشاهرن" حيث دخلت فيه نون التوكيد وهو اسم وهي مختصة بالمضارع والأمر.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 1/ 16، والشاطبي.
2 قال الصبان 1/ 38 "وسهل شذوذه مشابهته المضارع لفظا ومعنى".
ما يميز الحرف:
ولما ذكر ما يتميز به الاسم والفعل قال:
سواهما الحرف كهل وفي ولم
فكل ما لا يقبل شيئا من علامات الاسم ولا من علامات الفعل فهو حرف فترك العلامة علامة له، ثم مثله بثلاثة أحرف، تنبيها على أن الحرف ثلاثة أنواع: مشترك بين الاسم والفعل نحو "هل" ومختص بالاسم نحو "في" ومختص بالفعل نحو "لم".
علامات الأفعال:
ولما كان الفعل ينقسم باعتبار صيغته ثلاثة أقسام: ماض وأمر ومضارع أخذ يذكر لما يتميز به كل واحد منها عن الآخرين فقال:
فعل مضارع يلي لم كيشم
أي: "علامة"1 الفعل المضارع قبله، "لأن"2 يلي "لم" أي ينفي بها كقولك "في "يشم" "لم يشم" وهو مضارع شمت الطيب، ونحو "أشمه" -بكسر العين- في الماضي وفتحها في المضارع والعامة يفتحون عين الماضي، ويضمون عين المضارع.
قال ابن درستويه3: وهو خطأ4 وليس كما قيل،
1 ب، ج وفي أ "علامات".
2 أ، ج وفي ب "كأن".
3 هو أبو محمد بن عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وكان نحويا جليل القدر، شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة، وله تصانيف في غاية الجودة منها: الإرشاد في النحو، وشرح الفصيح، والمقصور والممدود. وسكن بغداد إلى حين وفاته سنة 347هـ سبع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة.
4 قال الأشموني 1/ 41: "ولا عبرة بتخطئة ابن درستويه العامة في النطق بها".
بل هو لغة حكاها الفراء1 وابن الأعرابي2 ويعقوب3 وغيرهم.
ثم ذكر علامة الماضي فقال:
وماضي الأفعال بالتا مِزْ
أي ميز الفعل بالتاء المتقدم "ذكرها"4 وهي تاء التأنيث الساكنة، ويحتمل أن يريد مجموع التاءين أي: تاء فعلت وتاء أتت؛ لأن كلتيهما مختصة بالفعل الماضي، "ومز" أمر من مازه. يقال مزته "فامتاز"5 وميزته فتميز.
ثم ذكر علامة الأمر فقال:
وسم بالنون فعل الأمر إن أمر فهم
أي وعلم فعل الأمر بالنون المتقدمة وهي نون التوكيد، لا مطلقا، بل يشترط أن يفهم من اللفظ معنى الأمر، فعلامة الأمر إذن مجموع شيئين: قبول النون وإفهام معنى الأمر، نحو "أقبل" فإنه يقبل النون، ويفهم الأمر. فهو فعل أمر، فإن
1 هو أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي الكوفي المعروف بالفراء، لقب بذلك، قيل: لأنه كان يفري الكلام. وكان الفراء إماما في العربية وأعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي وكان يتردد بين الكوفة وبغداد، واتصل بالمأمون واتخذه مربى أولاده. ومن تصانيفه: كتاب الحدود في النحو، وقد جمع فيه أصول النحو وما سمع عن العرب، والمقصور والممدود، وغير ذلك. توفي في طريق مكة سنة 207 سبع ومائتين من الهجرة.
2 هو محمد بن زياد أبو عبد الله بن الأعرابي من موالي بني هاشم قال الحافظ: كان نحويا عالما باللغة والشعر، وكان يزعم أن الأصمعي وأبا عبيدة لا يحسنان قليلا ولا كثيرا، وكان أحوج أعرج. قال ثعلب: شاهدت ابن الأعرابي وكان يحضر مجلسه زهاء مائة إنسان كل يسأله أو يقرأ عليه ويجيب من غير كتاب. قال: ولزمته بضع عشرة ما رأيت بيده كتابا فقط.
مات بسر من رأى سنة 231 وقبل سنة 233هـ ثلاث وثلاثين بعد المائتين.
3 هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت "وهو لقب أبيه" وكان عالما بنحو الكوفيين، ومن أعلم الناس باللغة والشعر وعلم القرآن، أخذ عن البصريين والكوفيين، وقد أقام ببغداد للتعليم، وأدب أولاد المتوكل وله تصانيف كثيرة في النحو ومعاني الشعر وتفسير دواوين العرب. توفي سنة 244هـ أربع وأربعين ومائتين.
4 ب، ج وفي أ "فعلها".
5 أ، ب وفي ج "فانماز".
قبل اللفظ1 النون، ولم يفهم الأمر فهو فعل مضارع نحو "هل تفعلن" أو فعل تعجب نحو "أحسنن بزيد"، فإن لفظه "لفظ"2 الأمر وليس بأمر في المعنى على الأصح3.
وتوكيد فعل التعجب بنون التوكيد نادر4، وإن دل اللفظ على معنى الأمر ولم يقبل نون التوكيد فهو "اسم"5 إما "مصدر"6 نحو "صبرا بني عبد الدار" وإما اسم فعل، وإلى هذا أشار بقوله:
والأمر إن لم يك للنون محل
…
فيه هو اسم نحو صه وحيهل
"فصه" بمعنى اسكت وكلاهما "يفهم منه معنى الأمر"7 ولكن اسكت يقبل "نون التوكيد"8 فهو فعل أمر وصه لا يقبلها، فهو اسم فعل. وحيهل بمعنى أقبل أو أقدم أو عجل تقول "حيهل على زيد" أي: أقبل "وحيهل زيدا" أي: قدم "وحيهل بزيد" أي: عجل، ومنه "إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر".
فقد تساوت9 حيهل وأقبل وقدم وعجل، في إفهام معنى الأمر، ولكن هذه الثلاثة تقبل النون فهي أفعال، وحيهل لا تقبلها، فهي اسم فعل "بمعنى الماضي"10.
1 ب.
2 ب، ج.
3 وأما أفعل: ففعل أمر ومعناه التعجب لا الأمر. ا. هـ. ابن عقيل 2/ 112.
4 قال الشيخ الصبان 1/ 41 "إن دخول النون على فعل التعجب شاذ، والكلام في قبول الكلمة النون قياسا وإلا كان عليه ذكر اسم الفاعل والماضي لورود تأكيدهما بها شذوذا، فالمناسب ترك فعل التعجب". ا. هـ.
5 أ، ج.
6 ج وفي أ، ب "مصدره".
7 أ، ب.
8 أ، وفي ب "النون".
9 أ، ب وفي ج "ساوت".
10 ب.
ثم اعلم أن علامة المضارع وهي "لم" فارقة بينه وبين اسم الفعل الذي بمعناه نحو "أف" و"أتضجر" فإنهما بمعنى "المضارع"1 ولكن "أف" لا تقبل "لم" و"أتضجر" تقبلها، وكذلك علامة الماضي وهو التاء فارقة بينه وبين اسم الفعل الذي بمعناه نحو "هيهات""وبعد" فإنهما بمعنى "الماضي"2 ولكن هيهات لا تقبل تاء التأنيث وبعد تقبلها، وهذا واضح.
1 ب.
2 ب.