المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في "ما ولا ولات وإن المشبهات بليس - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ١

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌فصل في "ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

‌فصل في "ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

":

هذه الأحرف من باب "كان" وإن فصلت عنها؛ لأنها "حروف"1 وتلك أفعال.

قال:

إعمال ليس أعملت ما دون إن

مع بقا النفي وترتيب زكن

"ما" النافية حرف مهمل عند "بني"2 تميم، وهو القياس، لعدم اختصاصه3.

وألحقه أهل الحجاز بليس؛ لأنها لنفي الحال غالبا، فأعملوه عملها، وبه "ورد"4 القرآن، قال تعالى:{مَا هَذَا بَشَرًا} {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} 6.

ومن أعملها شرط في إعمالها شروطا:

الأول: فقد "إن" الزائدة، فلو وجدت بطل العمل نحو:"ما إن زيد قائم".

قال في شرح التسهيل: دون خلاف، وحكى غيره عن الكوفيين إجازة النصب.

والثاني: بقاء النفي، فلو انتقص "النفي"7 بإلا بطل العمل نحو:"ما زيد إلا قائم".

والثالث: الترتيب، وهو "تقديم"8 الاسم على الخبر، فلو تقدم الخبر "عليه"9 بطل العمل نحو "ما قائم زيد".

1 ب، وفي أ، ج "أحرف".

2 أ، ب.

3 أي: اختصاصه بالأسماء.

4 أ، ج وفي ب "جاء".

5 سورة يوسف 31.

6 سورة المجادلة 2.

7 ب.

8 أ، ج وفي ب "تقدم".

9 أ، ب.

ص: 506

وفي هذين الشرطين خلاف.

قال في شرح التسهيل: وقد تعمل متوسطا خبرها، وموجبا بإلا، وفاقا لسيبويه في الأول، وليونس في الثاني.

والرابع: ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها ما لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن تقدم وليس بظرف ولا مجرور بطل العمل نحو:"ما طعامك زيد آكل"1.

وأجاز ابن كيسان نصب "آكل" ونحوه "مع"2 تقديم المعمول.

فإن قيل: وينبغي لمن أجاز تقديم الخبر، أن يجيز تقديم "معموله"3.

"قلت: ليس بلازم""لأنه"5 يلزم من تقديم المعمول إيلاء العامل معمول غيره، ولا يلزم ذلك "مع"6 تقديم الخبر.

فإن كان المعمول ظرفا أو مجرورا جاز تقديمه على الاسم مع بقاء العمل نحو: "ما عندك أحد قائما"، "وما بي أنت معنيا".

فإن قلت: من أين يؤخذ "هذا"7 الشرط الرابع من كلامه؟

قلت: من قوله: وسبق حرف جر.... البيت، فإن مفهومه أن معمول الخبر إن لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن لا يجوز تقديمه مع بقاء العمل، ثم قال:

ورفع معطوف بلكن أو ببل

من بعد منصوب بما الزم حيث حل

1 زاد ابن عقيل شرطين:

1-

ألا تتكرر "ما" فإن تكررت بطل عملها نحو: "ما ما زيد قائم" فالأولى نافية والثانية نفي النفي فبقي إثباتا، ولا يجوز نصب "قائم" وأجازه بعضهم.

2-

ألا يبدل من خبرها موجب، فإن أبدل بطل عملها نحو:"ما زيد بشيء إلا شيء لا يعبأ به"، فبشيء في موضع رفع خبر عن المبتدأ الذي هو زيد، ولا يجوز أن يكون في موضع نصب خبرا عن "ما" وأجازه قوم. ا. هـ. 1/ 173.

2 أ، ب وفي ج "منع".

3 أ، ج وفي ب "المعمول".

4 أ، ج.

5 في أ "لأنه أجاز تقديم الخبر أن يجيز تقديم معموله" وسقط من ب، ج والكلام مستقيم بدون ذكر أجاز التقديم

إلخ.

6 أ، ب وفي ج "من".

7 ج.

ص: 507

إذا عطف على منصوب ما وهو خبرها "ببل أو لكن" وجب رفع المعطوف وجعل خبر مبتدأ محذوف، لأن المعطوف بهما موجب و"ما" لا تعمل في الموجب، فإن عطف بحرف لا يوجب كالواو والفاء "نصب المعطوف"1.

واعلم أن الناظم تجوز في تسمية ما بعد "بل ولكن" معطوفا، وليس "هو"2 بمعطوف بل هو خبر مبتدأ "وبل ولكن" حرفا ابتداء.

ثم قال:

وبعد ما وليس جر البا الخبر

وبعد لا ونفي كان قد يجر

مثاله بعد "ما"{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} 3.

"ولا خلاف في زيادة "الباء" بعد "ما" الحجازية، ومنع الفارسي والزمخشري زيادتها بعد "ما" التميمية، والصحيح الجواز لوجود ذلك في أشعار بني تميم"4.

وبعد "ليس""نحو"5 {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 6.

وبعد "لا" قول سواد بن قارب:

فكن لي شفيعا يوم لاذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب7

1 قال ابن عقيل: "جاز الرفع والنصب والمختار النصب نحو، ما زيد قائما ولا قاعدا" ويجوز الرفع فتقول "ولا قاعد" وهو خبر لمبتدأ محذوف". ا. هـ. 1/ 175.

2 أ، ج وفي ب "هذا".

3 سورة فصلت: 46.

4 أ، ج كقول الفرزدق:

لعمرك ما معن بتارك حقه

صبان 1/ 203.

5 ج.

6 سورة الزمر: 36.

7 قائله سواد بن قارب الأزدي الدوسي، وكان كاهنا في الجاهلية وشاعرا، وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع في قلبه حب الإسلام، فقال يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الطويل.

الشرح: "فتيلا": بفتح الفاء وكسر التاء وهو الخيط الأبيض الرقيق الذي يكون في شق النواة "سواد بن قارب" أصله عنى ولكنه أقام المظهر مقام المضمر.

المعنى: كن لي يا رسول الله شفيعا في الوقت الذي لا ينفعني فيه صاحب شفاعة، أي: نفع مهما كان قليلا، وذلك يوم القيامة.

الإعراب: "فكن" فعل أمر ناقص واسمه ضمير مستتر فيه "لي" جار ومجرور متعلق بقوله شفيعا "شفيعا" خبر كان "يوم" منصوب على الظرفية الزمانية بشفيعا "لا" نافية تعمل =

ص: 508

"واختلف في زيادتها بعد "لا" النافية للجنس، فأجازه بعضهم مستدلا بقول: "لا خير بخير بعده النار"1 ومنعه آخرون وجعلوا الباء ظرفية"2.

وبعد نفي "كان" كقوله:

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل3

= عمل ليس "ذو" اسمها مرفوع بالواو، "شفاعة" مضاف إليه، "بمغن" الباء زائدة مغن خبر لا، وهو اسم فاعل يرفع فاعلا وينصب مفعولا وفاعله ضمير مستتر فيه، "فتيلا" مفعول "عن سواد" جار ومجرور متعلق بمغن، "من" صفة لسواد "قارب" مضاف إليه.

الشاهد: في "بمغن" حيث أدخل الباء الزائدة في خبر "لا" العاملة عمل "ليس" كما تدخل في خبر ليس.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص60، وابن عقيل 1/ 176، والأصطهناوي، والأشموني 1/ 123، والمكودي ص36، وابن هشام 1/ 209، وأيضا ذكره في المغني 2/ 67، 146، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 127.

1 أي: لا خير خير.

2 أ، ج.

3 قائله الشنفرى الأزدي -واسمه عمرو بن براق- وهو رجل من الأزد، وكان كثير الإغارة على الأزد، وهو من قصيدة لامية مشهورة طويلة من الطويل.

الشرح: "وإن مدت الأيدي" على صيغة المجهول، والأيدي جمع يد، "الزاد" طعام يتخذ للسفر، "بأعجلهم" يعني بعجلهم وليس المراد منه الأعجل الذي هو للتفضيل، وإنما المراد منه العجل -بفتح العين وكسر الجيم- وأما أعجل الثاني فهو للتفضيل، "أجشع" -بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الشين- من الجشع وهو الحرص على الأكل.

المعنى: إذا تقدم القوم إلى الطعام أو الغنيمة لم أسبقهم إلى ذلك، لأني لست بحريص على السبق في هذا الميدان.

الإعراب: "وإن" شرطية، "مدت" فعل ماض فعل الشرط مبني للمجهول والتاء للتأنيث، "الأيدي" نائب فاعل، "إلى الزاد" جار ومجرور متعلق بقوله مدت، "لم" حرف نفي وجزم وقلب، "أكن" فعل مضارع ناقص جواب الشرط واسمه ضمير مستتر فيه، "بأعجلهم" الباء زائدة، "أعجل" خبر أكن منصوب بفتحة مقدرة والضمير مضاف إليه، "إذ" للتعليل "أشجع" مبتدأ، "القوم" مضاف إليه، "أعجل" خبره.

الشاهد: في "لم أكن بأعجلهم" حيث زيدت الباء في "بأعجلهم" الواقع خبرا لأكن المنفية بلم.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص60، وابن هشام 1/ 210، وابن عقيل 1/ 176، والأشموني 1/ 123، والأصطهناوي، والمكودي ص26، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 127.

ص: 509

وهو كثير بعد "ليس" و "ما""وقلَّ"1 بعد "لا" و"كان المنفية" ولذلك قلله بقد.

ثم قال:

في النكرات أعملت كليس لا

يعني: أن "لا" تعمل عمل "ليس" فترفع الاسم وتنصب الخبر، بشرط أن يكون "اسمها"2 نكرة كقوله:

تعز فلا شيء على الأرض باقيا3

........................................

خلافا للمبرد ومن وافقه في منعهم إعمالها "عمل"4 "ليس"5 وأما قول النابغة الجعدي:

1 أوفي ب، ج "قليل".

2 أ، ج.

3 قال العيني: هذا البيت من الطويل، ولم يتعرض لقائله ولم أعثر عليه. وعجزه:

ولا وزر مما قضى الله واقيا

الشرح: "تعز" أمر من تعزى يتعزى، والعزاء: التصبر والتسلي على المصائب، "وزر" بفتح الواو والزاي، هو الملجأ الواقي والحافظ "واقيا" اسم فاعل من الوقاية وهي الرعاية والحفظ.

المعنى: اصبر وتسل على ما أصابك من المصيبة، فإنه لا يبقى شيء على وجه الأرض، وليس للإنسان ملجأ يقيه ويحفظه مما قضاه الله تعالى.

الإعراب: "تعز" فعل أمر وفاعله ضمير مستتر فيه "فلا" الفاء تعليلية ولا نافية تعمل عمل ليس "شيء" اسمها "على الأرض" جار ومجرور متعلق بقوله باقيا ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف صفة لشيء "باقيا" خبر لا "ولا" نافية "وزر" اسمها "مما" من حرف جر، وما اسم موصول والجار والمجرور متعلق بقوله واقيا "قضى" فعل ماض "الله" فاعل والجملة لا محل لها صلة الموصول والعائد محذوف تقديره: مما قضاه الله "واقيا" خبر له.

الشاهد: في "فلا شيء

ولا وزر" أعمل "لا" في الموضعين عمل "ليس" واسمها وخبرها نكرتان وذكرهما جميعا.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص61، ابن هشام 1/ 204، ابن عقيل 1/ 178، الأشموني 1/ 124، المكودي ص27، السيوطي ص34.

4 أ، ج وفي ب "إعمال".

5 وعمل "لا" خاص بلغة الحجاز دون تميم، واقتضى كلامه مساواتها لليس في العمل، وليس كذلك، بل عملها عمل ليس قليل حتى منعه بعضهم، ويزاد على الشرط بقاء النفي والترتيب، أشموني 1/ 124.

ص: 510

وحلت سواد القلب لا أنا باغيا

سواها ولا في حبها متراخيا1

فظاهره أنه أعملها في المعرفة.

وأجاز في شرح التسهيل القياس عليه، وأجازه ابن جني وتأوله المانعون2.

ثم قال:

وقد تلي لات وإن ذا العملا

يعني أن "لات""وإن""قد"3 يرفعان الاسم وينصبان الخبر.

أما "لات" فأثبت سيبويه4 والجمهور عملها، ونقل "منعه"5 عن الأخفش، وهي مركبة عند سيبويه من "لا" النافية "والتاء"6.

1 قائله النابغة الجعدي الصحابي رضي الله عنه، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وأنشده من شعره فدعا له، والبيت من مختار أبي تمام.

وهو من قصيدة يائية من الطويل.

الشرح: "سواد القلب""سويداؤه" وهي حبته السوداء "باغيا" طالبا "متراخيا" متهاونا فيه تاركا له.

الإعراب: "وحلت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر فيه، "سواد" مفعول به، "القلب" مضاف إليه، "لا" نافية تعمل عمل ليس، "أنا" اسمها، "باغيا" خبرها وفاعله ضمير مستتر فيه، "سواها" مفعوله والضمير مضاف إليه، "ولا" الواو عاطفة ولا نافية، "عن حبها" الجار والمجرور متعلق بقوله متراخيا وضمير المؤنثة مضاف إليه، "متراخيا" معطوف على باغيا.

الشاهد: في "لا أنا باغيا" حيث أعمل لا النافية عمل "ليس" مع أن اسمها معرفة وهو "أنا" وهذا شاذ.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية ابن عقيل 1/ 180، والأشموني 1/ 125.

2 تأويله بتأويلات منها:

أ- أن قوله: "أنا" ليس اسما "للا" وإنما هو نائب فاعل بفعل محذوف وأصل الكلام على هذا: لا أرى باغيا فلما حذف الفعل برز الضمير وباغيا يكون حينئذ منصوبا على الحال من الضمير.

ب- أن يكون "أنا" مبتدأ وقوله "باغيا" حال من فاعل فعل محذوف، والتقدير "لا أنا أرى باغيا" وجملة الفعل المحذوف مع فاعله في محل رفع خبر المبتدأ، ويكون قد استغنى بالمعمول وهو الحال "باغيا" عن العامل فيه الذي هو الفعل المحذوف.

3 أ، ج.

4 قال سيبويه ج1 ص28: "

لا تكون "لات" إلا مع الحين تضمر فيها مرفوعا وتنصب الحين

".

5 ب، وفي أ "عمله" وفي ج "منع".

6 عملها: قال السيوطي في الهمع ج1 ص126: "مذهب سيبويه والجمهور أنها تعمل عمل ليس ولكن في لفظ الحين خاصة

والقول الثاني أنها لا تعمل شيئا بل الاسم الذي بعدها إن كان مرفوعا فمبتدأ أو منصوبا فعلى إضمار فعل أي: ولات أرى حين مناص. نقله ابن عصفور عن الأخفش

". ا. هـ.

تركيبها: قال السيوطي في الهمع ج1 ص126، "وذهب الأخفش إلى أنها "لا" زيدت التاء عليها لتأنيث الكلمة كما زيدت على ثم ورب فقيل ثمت وربت

". ا. هـ. وأميل إلى مذهب سيبويه لكثرة ما ورد من الفصيح.

ص: 511

وأما "إن" فأجاز إعمالها إعمال "ليس" الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين، واختلف عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال1، وقد سمع في النثر والنظم، فمن النثر، قولهم:""إن"2 ذلك نافعك ولا ضارك، وإن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية"3.

وقال أعرابي: "إن قائما" يريد إن أنا قائما.

وجعل ابن جني من ذلك قراءة سعيد بن جبير4: "إنِ الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم"6.

والنظم قوله:

إن هو مستوليا على أحد7

..................................

1 ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكون نكرتين.

2 أ، ب.

3 إن نافية بمعنى ليس، أحد اسمها، خيرا خبرها ومثله إن ذلك نافعك.

4 هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الكوفي التابعي الجليل، من قراء الكوفة وأخذ عن ابن عباس، وقد قتله الحجاج بواسط شهيدا في سنة خمس وتسعين.

5 سورة الأعراف 194 -بنصب عباد- ذكره ابن جني في المحتسب. ابن عقيل 1/ 182.

6 راجع الأشموني 1/ 125.

7 هذا جزء من بيت: قال العيني: أنشده الكسائي ولم يعزه إلى أحد، وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من المنسرح.

وعجزه: إلا على أضعف المجانين.

وقد ذكر البيت كله في نسخة ب ونسخة ج.

وروى عجزه بصور مختلفة، منها كما سبق، ومنها: إلا على حزبه الملاعين، إلا على حزبه المناحيس.

الشرح: "مستوليا" هو اسم فاعل من استولى، ومعناه كانت له الولاية على الشيء وملك زمام التصرف فيه "المجانين" جمع مجنون، وهو من ذهب عقله، وأصله عند العرب من خبلته الجن "المناحيس" جمع منحوس، وهو من حالفه سوء الطالع.

المعنى: ليس هذا الإنسان بذي ولاية على أحد من الناس إلا على أضعف المجانين. =

ص: 512

وقول الآخر:

إن المرء ميتا بانقضاء حياته

ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا1

وبهذا تبين بطلان قول من قال إنه لم يأت منه "إن هو مستوليا" وتخصيصه ذلك بالضرورة.

ونص المصنف على أن "عمل"2 "لا" أكثر من عمل "إن" والعكس أقرب إلى الصواب3.

= الإعراب: "إن" نافية تعمل عمل ليس "هو" اسمها "مستوليا" خبرها "على أحد" جار ومجرور متعلق بقوله مستوليا "إلا" أداة استثناء "على أضعف" جار ومجرور يقع موقع المستثنى من الجار والمجرور السابق "المجانين" مضاف إليه.

الشاهد: في "إن هو مستوليا" حيث أعمل "إن" النافية عمل "ليس" فرفع بها الاسم الذي هو الضمير المنفصل، ونصب خبرها الذي هو "مستوليا".

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص61، ابن عقيل 1/ 181، ابن هشام 1/ 208، الأشموني 1/ 126، المكودي ص37، السيوطي ص34، وأيضا في الهمع ج1 ص125، والشاهد رقم 297 في خزانة الأدب.

1 البيت من الشواهد التي لا يعلم قائلها، والعيني لم يتعرض لقائله، وبحثت فلم أعثر عليه، وهو من الطويل.

المعنى: ليس المرء ميتا بانقضاء حياته، ولكنه يموت الموت الحقيقي إذا بغى عليه باغ فلم يجد من ينصره ويدفع عنه بغيه.

الإعراب: "إن" نافية، "المرء" اسمها، "ميتا" خبرها، "بانقضاء" جار ومجرور متعلق بقوله ميتا، "حياته" مضاف إليه والضمير مضاف إلى حياة، "ولكن" حرف استدراك، "بأن" الباء جارة وأن مصدرية، "يبغي" فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، "عليه" جار ومجرور نائب عن الفاعل، "فيخذلا" الفاء عاطفة ويخذل فعل مضارع مبني للمجهول معطوف على يبغي ونائب الفاعل ضمير مستتر والألف للإطلاق.

الشاهد: في "إن المرء ميتا" حيث أعمل "إن" النافية عمل "ليس" فرفع بها ونصب

ويؤخذ من هذا الشاهد والذي قبله أن "إن" النافية مثل "ما" في أنها لا تختص بالنكرات كما تختص بها "لا".

ويؤخذ أيضا منه: أن انتقاض النفي بعد الخبر لا يقدح في العمل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 1/ 181، والأشموني 1/ 126، وذكره السيوطي في همع الهوامع ج1 ص125.

2 أ، ج وفي ب "إعمال".

3 لكثرة ما ورد من الأمثلة.

ص: 513

ثم قال:

وما للات في سوى حين عمل

يعني أن "لات" تختص بأسماء الأحيان فلا تعمل في غيرها.

ثم أشار إلى أن حذف اسمها وإبقاء خبرها كثير، وأن عكسه قليل بقوله:

وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل

فمن حذف مرفوعها قوله تعال: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} 1.

ومن حذف منصوبها قراءة من قرأ: "ولا حين مناص""بالرفع"2 ولم يثبتوا بعدها الاسم والخبر جميعا.

1 سورة ص2.

2 أ، ج.

ص: 514