المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌اسم الإشارة: لم يحد اسم الإشارة؛ لأنه كما قيل محصور بالعد - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ١

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌اسم الإشارة: لم يحد اسم الإشارة؛ لأنه كما قيل محصور بالعد

‌اسم الإشارة:

لم يحد اسم الإشارة؛ لأنه كما قيل محصور بالعد فلا يحتاج إلى الحد.

وحده في التسهيل بقوله: ما وضع لمسمى وإشارة إليه1. ا. هـ. وقال بعضهم هو الموضوع لمعين في حال الإشارة. وقال ابن الحاجب2: وهو ما وضع لمشار إليه3.

والمشار إليه إما مذكر أو مؤنث، وكل منهما إما مفرد أو مثنى أو مجموع.

فهذه ستة أقسام:

فبدأ بما يشار به إلى الواحد المذكر فقال: بذا لمفرد مذكر أشر.

للمفرد المذكر لفظ واحد وهو "ذا".

وقد يقال: "ذاء" بهمزة مكسورة بعد الألف، و"ذائه" بهاء مكسورة بعد الهمزة.

تنبيه:

مذهب البصريين: أن "ذا" ثنائي لفظا ثلاثي وضعا، لقولهم في التصغير "ذيا" وسيأتي تقريره في باب التصغير، فهل المحذوفة عينه أو لامه؟ قولان أظهرهما الثاني، وهل هو من باب طويت أو من باب حييت؟ قولان أشهرهما الثاني، "وهل"4 وزنه فعل -بالإسكان- أو فعل -بالتحريك- قولان: أصحهما الثاني5.

1 التسهيل ص39.

2 هو: أبو عمر عثمان جمال الدين عمر الكردي الأصل المشهور بابن الحاجب؛ لأن أباه كان حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي بالقاهرة، ولد ابن الحاجب بإسنا ثم تعهده أبوه بالقاهرة فحفظ القرآن، وكان أصفى الناس ذهنا، ومن مؤلفاته في النحو: الإيضاح شرح المفصل للزمخشري، والأمالي، والكافية والشافية، توفي بالإسكندرية سنة 646هـ ست وأربعين وستمائة.

3 أ، ج، وراجع الكافية 2/ 29.

4 أ، ج.

5 قال السيوطي في همع الهوامع ج1 ص75: "فالأصح أنه فعل بتحريك العين؛ لأن الانقلاب عن المتحرك

". ا. هـ.

ص: 405

وذهب الكوفيون والسهيلي: إلى أنه على حرف واحد وضعا، وأن ألفه زائدة استدلوا بسقوطها في قولهم "ذان"1.

وأجيب بأنها حذفت لالتقاء الساكنين، وبأنها صيغة مرتجلة لا تثنية حقيقية.

واستدلوا بقولهم "ذه أمة الله".

وأجيب: باحتمال أن تكون الهاء بدلا من الباء.

قلت: والظاهر أن يقال: "ذه" صيغة مرتجلة للمؤنث.

وذهب قوم منهم السيرافي: إلى "أن ذا ثنائية"2 الوضع، فالألف على هذا أصل كألف "ما""و"3 ليست منقلبة عن شيء4.

ثم انتقل إلى الواحدة المؤنثة فقال:

بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر

أي: اقتصر بهذه الألفاظ الأربعة على المؤنث فلا تشر بها إلى "غيره"5، وليس مراده حصر ما يشار به إلى المؤنث في هذه الألفاظ.

وقد حكى في التسهيل: للمؤنثة عشرة ألفاظ: "ذي وتي وذه وته -بإسكان الهاء- وذه وته -بكسر الهاء- وذهي وتهي -بالإشباع- وتا وذات -مبنية على الضم"6.

1 قال السيوطي في همع الهوامع ج1 ص75: "ورد بأنه ليس في الأسماء الظاهرة القائمة بنفسها ما هو على حرف واحد، وأما حذفها في التثنية فلالتقاء الساكنين وقد عوض منها تشديد النون". ا. هـ.

2 ب، ج وفي أ "أنه ثنائي".

3 ج.

4 قال السيوطي في همع الهوامع ج1 ص75: "قال أبو حيان: لو ذهب ذاهب إلى أن "ذا" ثنائي الوضع نحو "ما" وأن الألف أصل بنفسها غير منقلبة عن شيء إذ أصل الأسماء المبنية أن توضع على حرف أو حرفين لكان مذهبا جيدا سهلا قليل الدعوى

". ا. هـ.

5 ج وفي أ، ب "غيرهما".

6 قال في التسهيل ص39: "وللمؤنثة تي وتا وته وذي وذه وتكسر الهاءان باختلاس وإشباع وذات". ا. هـ.

ص: 406

وحكى ابن أبي الربيع1 في شرح الإيضاح2 أن من العرب من يقول "ذهي" في الوصل "وذه" في الوقف -بسكون الهاء- تشبيها بالمضمر، وأن منهم من يقول:"ذى" في الوصل فإذا وقف أبدل من الياء هاء فقال "ذه".

ثم انتقل إلى المثنى فقال:

وذان تان للمثنى المرتفع

وفي سواه ذين تين اذكر تطع

أي نقول: في تثنية المذكر "ذان" في الرفع و"ذين" في الجر والنصب، وفي تثنية المؤنث "تان" في الرفع و"تين" في الجر والنصب تعربهما إعراب المثنى. "وإن كانا مشابهين للمبني"3؛ لأن التثنية عارضت شبه الحرف، لكونها من خواص الأسماء فلم يؤثر شبه الحرف ولم يثن "من"4 أسماء الإشارة غير "ذا وتا".

ومذهب المحققين كالفارسي: أن "ذين وتين" ليسا تثنية حقيقية بل ألفاظ وضعت لمثنى. واستدل الفارسي على ذلك في التذكرة5 بأن التثنية تستلزم تقدير التنكير.

ألا ترى أن العلم إذا ثني قدر تنكيره، واسم الإشارة، لازم التعريف لا يقبل التنكير.

ثم انتقل إلى الجمع فقال:

وبأولى أشر الجمع مطلقا

أي مذكرا كان أو مؤنثا: فتقول: "أولى خرجوا وأولى خرجن" ويشار به إلى العاقل وغيره.

1 هو أبو الحسن عبيد الله بن أحمد بن أبي الربيع القرشي الأموي الإشبيلي إمام النحو في زمانه، قرأ على الدباج وأذن له في التصدر للقراءة، ولما استولى الفرنجة على إشبيلية جاء إلى سبتة، وأقرأ بها النحو وصنف فيه الإفصاح شرح مسائل الإيضاح، وشرح سيبويه وشرح الجمل في عشرة مجلدات لم يشذ عنه مسألة في العربية. ومات سنة 688هـ لثمان وثمانين وستمائة.

2 هو كتاب لابن أبي الربيع في النحو.

3 أ، ج.

4 أ، ب وفي ج "في".

5 هو كتاب لأبي علي الفارسي.

ص: 407

قال الشارح1: وأكثر ما يستعمل فيمن يعقل، وقد يجيء لغيره، وفيه لغتان: القصر: وهي لغة بني تميم، والمد: وهو لغة أهل الحجاز، وهي الفصحى، وبها جاء القرآن2 ولهذا قال:"والمد أولى" وقد حكي فيه لغات أخر، وهي "هلاء" -بإبدال الهمزة هاء- و"أولاء" -بضم الهمزتين- "وإلًى" -بالتنوين- حكاه قطرب.

قال في شرح التسهيل: وتسمية هذا تنوينا مجاز3، والجيد أن يقال: إن صاحب هذه "اللغة"4 زاد بعد همزة "أولي" نونا وأولي بإشباع الضمة قبل اللام هو ما حكاه الشلوبين5 عن بعض العرب "وإلا" بالقصر والتشديد، حكاها بعض أهل اللغة.

تنبيه:

في همزة "أولاء"6 ثلاثة مذاهب: أحدها أنها عن ياء وهو مذهب المبرد، والثاني: أن أصلها ألف وهو مذهب الزجاج، والثالث: أنها أصلية غير مبدلة من شيء بل مما فاؤه همزة نحو: "أجاء "وأدآء"7 وهو مذهب الفارسي8.

ثم قال:

..................................

........... ولدى البعد انطقا

بالكاف حرفا دون لام أو معه

...................................

1 قال الشارح ص21: "وأكثر ما يستعمل فيمن يعقل وقد يجيء لغيره كقوله:

ذم المنازل بعد منزلة الهوى

والعيش بعد أولئك الأيام

وفي أولاء لغتان: المد والقصر، فالمد لأهل الحجاز وبه نزل القرآن العظيم، والقصر لبني تميم". ا. هـ.

2 قال الله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} .

3 لأنه غير مناسب لواحد من أقسام التنوين.

4 ب، ج.

5 هو: الأستاذ أبو عليّ عمر بن محمد الإشبيلي الأزدي المعروف بالشلوبين وهو بلغة الأندلس: الأبيض الأشقر، كان إمام عصره في العربية بلا مدافع، وآخر أئمة هذا النوع بالمشرق والمغرب، أخذ عن ابن ملكون وغيره وانتفع به أكثر أهل الأندلس واشتهر ذكره، وصنف تعليقات على كتاب سيبويه، وله كتاب في النحو سماه "التوطئة"، وتوفي سنة 645هـ خمس وأربعين وستمائة.

6 ب وفي أ "أولى" وج "أولا".

7 أ، ب وفي ج "أآ اء".

8 وإليه أميل لعدم التكلف.

ص: 408

فأشار بذلك إلى أن لأسماء الإشارة مرتبتين قريبة وبعيدة، فما تجرد عن كاف الخطاب فهو القريب، وقد مثلنا به، وما لحقته الكاف وحدها أو مع اللام فهو للبعيد.

فتقول للمذكر "ذاك وذلك"، وقالوا "آلك" في معنى ذلك.

وفي المؤنثة "تيك وتلك وتالك"، وفي المثنى "ذايك وتايك""ولا تلحقه"1 اللام، وفي الجمع "أولئك وأولاكَ "وأولالِكَ"2"، ولا تلحق اللام "أولئك" على لغة المدة.

تنبيهات:

الأول: لا تلحق الكاف من أسماء الإشارة إلى المؤنث إلا "تي "تا"3 ذي"، قالوا: تيك وتلك وتيلك -بكسر التاء- في الثلاثة، وتيك وتلك، بفتح التاء فيهما، "وتالك وذيك""بإسكان الياء"4.

وقال ثعلب5 لا يقال "ذيك" وقد حكاه غيره، فهذه سبعة ألفاظ للمؤنثة "في البعد"6.

الثاني: للنحويين في أسماء الإشارة مذهبان: أحدهما أن لها مرتبتين قريبة وبعيدة، والآخر أن لها ثلاث مراتب: قريبة وبعيدة ومتوسطة، وهذا هو المشهور.

وزعموا أن المقرون بالكاف وحدها للمتوسط، والمقرون بالكاف مع اللام للبعيد، وجعلوا التشديد للنون في المثنى قائما مقام اللام في الدلالة على البعد.

1 أ، ج وفي ب "ولا تلحقهما".

2 ب، ج.

3 ج وفي أ، ب "ذا".

4 ب.

5 هو: أبو العباس أحمد بن يحيى بن سبار الشيباني، كان إمام الكوفيين والبصريين في النحو واللغة في زمانه، ثقة، دينا مشهورا بصدق اللهجة والمعرفة بالغريب والحفظ، وكان ابن الأعرابي إذا شك في شيء يسأله عنه، وقد درس كتب الفراء والكسائي، وكانت بينه وبين المبرد منافرات، وله كتاب يسمى "مجالس ثعلب" في المكتبة العامة بالقاهرة، وعنه أخذ الأخفش الأصغر ونفطويه وابن الأنباري، وتوفي سنة 291هـ في خلافة المكتفي بالله ودفن ببغداد.

6 أ، ج.

ص: 409

واختلفوا في "أولئك "بالمد"1 فقيل: هو للمتوسط، لعدم اللام، وقيل: هو للبعيد.

قال المصنف: والمذهب الأول هو الصحيح، وهو الظاهر من كلام المتقدمين. يعني: القول بأن لها مرتبتين فقط.

قلت: ونسبه الصفار2 إلى سيبويه، وقد استدل له في شرح التسهيل بأوجه:

أولها: وهو أقواها: أن الفراء روى أن الحجازيين ليس من لغتهم استعمال الكاف بلا لام وأن التميميين ليس من لغتهم استعمال الكاف مع اللام، وأن بني تميم يقولون:"ذاك وتيك" حيث يقول الحجازيون "ذلك وتلك".

فلزم من هذا أن اسم الإشارة على اللغتين ليس له إلا مرتبتان.

وثانيها: أن القرآن العزيز ليس فيه إشارة إلا بمجرد عن اللام والكاف معا، أو مصاحب لهما معا، أعني غير المثنى والمجموع.

فلو كانت الإشارة إلى المتوسط بكاف لا لام معها، لكان القرآن غير جامع لوجوه الإشارة.

وهذا مردود بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} 3.

وثالثها: أن التعبير "بذلك" عن مضمون كلام على أثر انقضائه شائع في القرآن وغيره، ولا واسطة بين النطقين.

1 أ، ج.

2 هو قاسم بن عليّ بن محمد بن سليمان الأنصاري البطليوسي الشهير بالصفار، قال في البلغة: صحب الشلوبين وابن عصفور، وشرح كتاب سيبويه شرحا حسنا يقال: إنه أحسن شروحه، ويرد فيه كثيرا على الشلوبين بأقبح رد. مات بعد الثلاثين وستمائة.

3 سورة الأنعام 38.

ص: 410

ورابعها: "أنها"1 لو كانت مراتب الإشارة ثلاثا لم يكتف في التثنية والجمع بلفظين لأن في ذلك رجوعا عن سبيل الإفراد، ولا التفات إلى قول من قال: إن تشديد النون دليل على البعد؛ لأن التشديد عوض "عما"2 حذف من الواحد؛ لأنه يستعمل مع المجرد من الكاف. انتهى، وفيه اختصار، ولا خفاء فيما في الوجه الثاني من الضعف.

وقوله: "حرفا" يعني: أن الكاف في ذلك حرف خطاب تبين أحوال المخاطب يقال: "ذلك وذلك وذلكما وذلكم وذلكن" كما تفعل بالكاف الاسمية، هذه أفصح اللغات.

والثانية: أن تكون مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث، ولا يلحقها دليل تثنية ولا جمع.

والثالثة: أن تكون مفتوحة مجردة من الزوائد في الأحوال كلها، ولا خلاف في حرفية الكاف هنا.

وقوله:

......... دون لام أو معه

تقدم أن اللام لغة الحجازيين، وتركها لغة بني تميم، وذكر بعضهم في هذه اللام ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها دليل البعد.

والثاني: أنها عماد.

والثالث: أنها عوض من هاء التنبيه؛ لأنها لا تجامعها.

تنبيه:

قوله: "أو معه" لا يصح في جميع أسماء الإشارة، وإنما ذلك في المفرد "وأولى"3 المقصور، وقد تقدم أن المثنى "وأولاء"4 الممدود لا تلحقه اللام وقوله:

واللام إن قدمت ها ممتنعه

1 أ، وفي ج "أنه".

2 ج وفي أ، ب "مما".

3 ب وفي أ، ج "ألى".

4 ج، أ، ب "ألاء".

ص: 411

يعني: أنك إن قدمت قبل اسم الإشارة لفظ "ها" التي للتنبيه امتنع الإتيان باللام فلا يقال "هَذَا لِكَ".

قال في شرح التسهيل: كراهية لكثرة الزوائد، وقد فهم من كلامه أن "ها" تدخل على المجرد فيقال:"هذا" وعلى المصاحب للكاف "وحدها فيقال: هذاك"1، "إلا أن دخولها على المجرد كثير وعلى المصاحب للكاف"2 قليل ومنه قوله:

رأيت بنى غبراء لا ينكرونني

ولا أهل هذاك الطراف الممدد3

تنبيه:

مقتضى ما ذكر جواز "هاذانك "وهاتانك"4 وهؤلائك".

وقال في شرح التسهيل: إن المقرون بالكاف في التثنية والجمع لا يصحبه "ها" فلا يقال "هذانك" ولا "هؤلائك؛ لأن واحدهما "ذاك" أو "ذلك"، فحمل

1 أ.

2 أ، ج.

3 البيت لطرفة بن العبد البكري من معلقته المشهورة، وهو من الطويل.

الشرح: "بني غبراء"؛ الغبراء هي الأرض، سميت بذلك لغبرتها، وأراد ببني الغبراء الفقراء الذين لصقوا بالأرض لشدة فقرهم، أو الأضياف أو اللصوص.

"الطراف" بكسر الطاء، البيت من الجلد وأهل الطراف السعداء والأغنياء "الممدد" الذي قد مد الأطناب، يريد أنه معروف للناس عامة.

المعنى: يريد أن جميع الناس من غير تفرقة بين فقيرهم وغنيهم يعرفونه ولا ينكرون محله من الكرم والمواساة للفقراء وحسن المعاشرة وطيب الصحبة للأغنياء، وكأنه يتألم من صنيع قومه معه.

الإعراب: "رأيت" فعل وفاعل، "بني غبراء" مفعول أول ومضاف إليه، "لا ينكرونني" جملة من فعل وفاعل ومفعول في محل نصب مفعول ثان لرأى، "ولا" الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي، "أهل" معطوف على ضمير الجمع في:"ينكرونني" الواقع فاعلا وهو الواو ولم يحتج للتأكيد بالضمير المنفصل للفصل، "هذاك" اسم إشارة في محل جر بإضافة أهل إليه، والكاف حرف خطاب، "الطراف" بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان، "الممدد" صفة للطراف.

الشاهد: في "هذاك"، حيث جاء بها للتنبيه مع الكاف ولم يجئ باللام وهذا قليل.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية، ابن الناظم ص32، وابن عقيل 1/ 74، والأشموني 1/ 65، والمكودي ص21، والسيوطي ص19، وأيضا في الهمع 1/ 76.

4 أ، ج.

ص: 412

على ذلك مثناه وجمعه؛ لأنهما فرعاه، وحمل عليهما مثنى "ذاك" وجمعه لتساويهما لفظا ومعنى. ا. هـ.

والسماع في "الجمع"1 يرد عليه. فقال:

......................................

من هؤليائكن الضال والسمر2

وقد أنشد هذا البيت في الشرح:

وبهنا أو ههنا أشر إلى

داني المكان...........

يعني أن "هنا"3 من أسماء الإشارة المخصوصة بالمكان، وقد تلحقه "ها" التنبيه فيقال:"ههنا" وكلاهما للقريب أعني: المجرد والمقرون "بها" التنبيه وهو معنى قوله: "دان"4 المكان. والداني هو القريب.

1 ب، وفي أ، ج "الجميع".

2 قاله العرجي واسمه عبد الله بن عمر بن عمرو، ولقب بالعرجي لأنه كان يسكن عرج الطائف، وهو من شعراء قريش وممن شهر بالغزل، وهو من قصيدة رائية من البسيط.

وصدره:

ياما أميلح غزلانا شدن لنا

وقد ذكر البيت في نسخة ب، وفي أ، ج الشطر الثاني.

الشرح: "أميلح" تصغير أملح: من ملح الشيء ملاحة، "الغزلان" جمع غزال، "شدن" جمع مؤنث من فعل الماضي. يقال: شدن الظبي شدونا إذا صلح جسمه، ويقال شدن الظبي إذا قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه فهو ولد الظبية، "الضال" بالضاد المعجمة وتخفيف اللام وهو شجر السدر البري والواحد الضالة بتخفيف اللام، "السمر" وهو ضرب من شجر الطلح الواحدة سمرة.

الإعراب: "يا" حرف نداء والمنادى محذوف أي: يا صاحبي، "ما أميلح غزلانا" فعل تعجب وأصله ما أملح غزلانا، وأميلح على مذهب الكوفيين لأنهم يقولون باسميتها، ما تعجيبة مبتدأ -وخلاف في معناها- أميلح غزلانا خبره "شدن" ماضي شدن الغزال بالفتح يشدن بالضم، والضمير فيه يرجع إلى الغزلان وهي في محل النصب على أنها صفة للغزلان "لنا" جار ومجرور متعلق بشدن "من هؤليائكن" جار ومجرور متعلق بشدن أيضا "الضال" صفة اسم الإشارة أو عطف بيان "والسمر" عطف عليه.

الشاهد: في "هؤليائكن" حيث جاءت أوليائكن مقرونة بالهاء وأوليائكن تصغير أولئكن، وإنما أتى "بكن" لأنه خاطب مؤنثات بقوله "قبله":

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا

مواضعه: ذكره الشاطبي في شرحه للألفية، وابن هشام في المغني 2/ 192، وابن يعيش في شرح المفصل 1/ 61 والسيوطي في همع الهوامع 1/ 76، والشاهد رقم 6 في خزانة الأدب.

3 أ، ب وفي ج "ها هنا".

4 ب، ج وفي أ "كان".

ص: 413

فإذا أريد بها البعيد جيء بالكاف فيقال هناك "وها هناك"1.

ولهذا قال:

وبه الكاف صلا في البعد

يعني: مجردا أو مع "ها" التنبيه، ويقال أيضا في البعد:"هنالك" باللام مع الكاف، كما يقال:"ذلك"، ولا تدخل "هنا" على "هنالك" ولا يقال:"ههنالك"، كما لا يقال "هذا لك".

وقد نبه على "هنالك" بقوله:

........ أو بهنا لك انطقن

تنبيه:

ظاهر كلامه هنا اختصاص "هنا": بالمكان، وقد صرح به في الكافية فقال: وبالمكان اخصص هنا2. ا. هـ.

وقال في شرح التسهيل: وقد يراد "بهناك وهنالك" الزمان، وقد مثل "هناك" في شرحه بقول الشاعر:

وإذا الأمور تشابهت وتعاظمت

فهناك تعترفون أين المفزع3

1 ب، ج.

2 ب، ج وفي أ "وبالمكان اخصص هنا بالمكان".

3 قائله هو الأفوه الأودي، والأفوه لقب، واسمه صلاة بن عمرو بن مالك، وكان غليظ الشفتين ظاهر الأسنان، فلذلك قيل: الأفوه، وهو من الكامل.

الشرح: "تشابهت" اشتبه بعضها ببعض، "تعاظمت" بمعنى عظمت، "المفزع" بالزاي المعجمة والعين المهملة أي الملجأ، وأصل الفزع الخوف، وقال ابن فارس: الفزع الذعر، وهذا مفزع القوم إذا فزعوا إليه فيما يدهمهم، والفزع الإغاثة.

الإعراب: "إذا" للشرط، "الأمور" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده وهو تشابهت، "وتعاظمت" عطف على تشابهت، "فهناك" جواب إذا وهناك إشارة إلى الزمان. "تعترفون" فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل رفع خبر المبتدأ محذوف أي: أنتم تعترفون أو هم يعترفون بحسب الفاعل في يعترفون، "أين" خبر مقدم "المفزع" مبتدأ مؤخر.

الشاهد: في "فهناك" فإنه ههنا إشارة إلى الزمان، وأصل وضعه الإشارة إلى المكان.

مواضعه: ذكره الشاطبي في شرحه للألفية، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 78.

ص: 414

ومثل "هنالك" بقوله تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} 1 ولا حجة فيهما، "لاحتمال"2 أن يكون الإشارة إلى المكان.

وقوله: أو بثم فه

إلى آخره.

يعني: أنه يشار أيضا للمكان "البعيد"3 "بثم4 وهنا وهنا" بفتح الهاء وكسرها وقد يقال: "هنت" موضع "هنا" وقد يقال:"هناك وهناك" بكاف الخطاب.

وقد يراد "بهنا"5 الزمان كما ذكر في التسهيل6 ومنه قول الشاعر:

حنت نوار ولات هنا حنت

وبدا الذي كانت نوار أجنت7

1 سورة الأحزاب: 11.

2 ب وفي أ، ج "لاحتمالهما".

3 أ، ج.

4 ثم: ظرف لا يتصرف، ولا يتقدمه حرف التنبيه، ولا تتأخر عنه كاف الخطاب.

5 ج وفي أ، ب "بها".

6 قال في التسهيل ص41 "وهنا الزمان".

7 قائله شبيب بن جعيل -بضم الجيم وفتح العين- وهو ابن النوار بنت عمرو بن كلثوم. وكان بنو قينة الباهليون أسروا شبيبا هذا في الحرب وقعت بينهم وبين تغلب فأرنت أمه النوار فقال هذا، وقال ابن بري هو لحجل -بفتح الحاء وسكون الجيم- ابن فضلة -بفتح فسكون- وكان سبى النوار بنت عمرو بن كلثوم، وهو من الكامل.

الشرح: "حنت" من الحنين وهو الشوق وتوقان النفس، "نوار" -بفتح النون والواو المخففة- من أسماء النساء وهو اسم أم الشاعر، وهو مبني على الكسر في لغة جمهور العرب، وبنو تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف، "لات" يعني ليس "هنا" بمعنى حين "وبدا" ظهر "أجنت" -من أجن بالجيم- أخفت وكتمت وسترت.

المعنى: حنت هذه المرأة في وقت ليس وقت الحنين وظهر الذي كانت أجنته من المحبة والعشق.

الإعراب: حنت: فعل ماض والتاء للتأنيث، "نوار" فاعل مبني على الكسر في محل رفع أو مرفوع بضمة ظاهرة، "ولات" الواو للحال لات: حرف نفي، "هنا" ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب خبر لات، واسمها محذوف والتقدير: ولات الحين حين "حنت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر والجملة في محل جر بإضافة هنا إليها "وبدا" الواو عاطفة بدا: فعل ماض، "الذي" اسم موصول فاعل بدا، "كانت" فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث، "نوار" اسم كان، "أجنت" فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل ضمير مستتر، والجملة في محل نصب خبر كان واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول.

الشاهد: في "هنا" أشير بها إلى الزمان وأصلها أن تكون للمكان.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص32، والأشموني 1/ 66، وداود وابن هشام في المغني 2/ 150، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 78، والشاهد رقم 283 في خزانة الأدب.

ص: 415