المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبتدأ والخبر: مبتدأ زيد وعاذر خبر … إن قلت زيد من - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ١

[ابن أم قاسم المرادي]

الفصل: ‌ ‌المبتدأ والخبر: مبتدأ زيد وعاذر خبر … إن قلت زيد من

‌المبتدأ والخبر:

مبتدأ زيد وعاذر خبر

إن قلت زيد من اعتذر

المبتدأ هو الاسم المجرد من العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرا عنه أو وصفا رافعا لما يستغنى به. فالاسم: جنس يشمل الصريح "نحو: زيد عاذر"1 والموؤل "نحو {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} 2" والمجرد من العوامل اللفظية: مخرج لاسم كان ونحوه، وغير الزائدة، مدخل لنحو "بحسبك زيد" و" {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 3 "فإن حسبك مبتدأ والباء فيه زائدة وكذلك "إله""4 مبتدأ ومن زائدة.

وذكر في شرح الكافية: أن "حسبك" في هذا المثال ونحوه خبر مقدم لا مبتدأ لأنه لا يتعرف بالإضافة وإنما يكون مبتدأ إذا كان بعده نكرة نحو: "بحسبك درهم"6.

"ومخبرا أو وصفا". مخرج لأسماء الأفعال، "رافعا لما يستغنى به": يشمل الفاعل نحو: "أ"7 قائم الزيدان "ونائبه نحو: "أمضروب العمران" ويخرج به نحو: "أ"8 قائم، من قولك: "أقائم أبوه زيد" فإن مرفوعه غير مستغنى به.

وقد اتضح بذلك أن المبتدأ قسمان: أحدهما ذو خبر، والثاني: مسند إلى مرفوع يغني عن الخبر، وقد أشار "إلى الأول"9 بقوله:"مبتدأ زيد وعاذر خبر" البيت.

1 أ، ج.

2 سورة البقرة 184.

3 سورة الأعراف 85.

4 ج وفي أ، ب "ال".

5 أ، ج.

6 قال في شرح الكافية ورقة 13: "وبحسبك حديث، هذا إذا كان المتأخر نكرة فلو كان معرفة الأجود أن يكون مبتدأ وبحسبك خبر مقدم؛ لأن حسبا من الأسماء التي لا تعرفها الإضافة بحسبك". ا. هـ.

7 ب، ج.

8 ب، ج.

9 أ، ج.

ص: 470

وإلى الثاني بقوله:

وأول مبتدأ والثاني

فاعل أغنى في أسار ذان

فزيد في المثال الأول اسم مجرد من العوامل اللفظية مخبر عنه "بعاذر" و"أسار" في المثال الثاني اسم مجرد من العوامل اللفظية وهو وصف رافع "لما"1 يستغنى به.

فقد فهم من المثالين حد المبتدأ.

ثم قال: "وقس" أي: قس على هذين المثالين وهما "زيد عاذر وأسار ذان" أو قس على الثاني في كونه بعد استفهام.

ثم قال: وكاستفهام النفي.

يعني: أن النفي مسوغ لاستعمال الوصف المذكور كالاستفهام نحو: "ما قائم الزيدان" وأطلق الاستفهام ليتناول جميع أدواته كهل "ومن وما"2 "فهو أولى من قول ابن الحاجب أو ألف الاستفهام"4.

وأطلق "في"5 النفي ليتناول كل ناف يصلح لمباشرة الاسم حرفا وهو "ما ولا وإن" واسما وهو "غير قائم الزيدان" فغير مبتدأ مضاف إلى الوصف، والزيدان فاعل يغني عن خبره. "وعلى ذلك قول الشاعر:

غير مأسوف على زمن

ينقضي بالهم والحزن6

1 أوفي ب، ج "ما".

2 أ، ج وفي ب "متى ومن".

3 أ، ج.

4 راجع 1/ 85. الكافية.

5 ب.

6 البيت: لأبي نواس الحسن بن هانئ ولد سنة خمس وأربعين ومائة وتوفي سنة خمس أو ست أو ثمان وتسعين ومائة ببغداد. وهو ممن لا يحتج بقوله وإنما ذكره للتمثيل.

الشرح: "مأسوف" اسم مفعول من الأسف وهو الحزن، وبابه طرب.

المعنى: أنه لا ينبغي لعاقل أن يأسف على زمن ليس فيه إلا هموم تتلوها هموم وأحزان تأتي من ورائها أحزان. =

ص: 471

وفعلا نحو "ليس قائم الزيدان" إلا أن الوصف بعد ليس يرتفع على أنه اسمها والفاعل يغني عن خبرها، وكذلك "ما" الحجازية.

وقوله:

وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد

إشار إلى جواز الابتداء بالوصف المذكور مجردا من النفي والاستفهام وهو قليل.

ونقل المصنف عن سيبويه جوازه على قبح1 وعن الأخفش أنه يرى ذلك حسنا. ونقل غيره أن مذهب البصريين غير الأخفش المنع.

= الإعراب: "غير" مبتدأ، "مأسوف" مضاف إليه، "على زمن" جار ومجرور متعلق بمأسوف على أنه نائب فاعل سد مسد خبر المبتدأ، "ينقضي" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على زمن والجملة في محل جر صفة لزمن، "بالهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في ينقضي، "والحزن" معطوف على الهم.

الشاهد فيه: في قوله "غير ماسوف على زمن" حيث أجرى قوله: "على زمن" النائب عن الفاعل مجرى الزيدان في قولك: "ما مضروب الزيدان" في أن كل واحد منهما سد مسد الخبر؛ لأن المتضايفين بمنزلة الاسم الواحد، فحيث كان نائب الفاعل يسد مع أحدهما مسد الخبر، فإنه يسد مع الآخر أيضا، وكأنه قال:"مأسوف على زمن" فالوصف مخفوض لفظا بإضافة المبتدأ إليه وهو في قوة المرفوع بالابتداء وهذا أحد توجيهات ثلاثة لذلك ونحوه، وإليه ذهب ابن الشجري في أماليه، والتوجيه الثاني لابن جني وابن الحاجب.

وحاصله: أن قوله "غير" خبر مقدم وأصل الكلام "زمن ينقضي بالهم غير مأسوف عليه" وهو توجيه ليس بشيء، والتوجيه الثالث لابن الخشاب.

وحاصله أن قوله: "غير" خبر لمبتدأ محذوف تقديره "أنا غير إلخ" وقوله مأسوف، ليس اسم مفعول بل هو مصدر مثل "الميسور" و"المعسور" وأراد به اسم الفاعل كأنه قال:"أنا" غير آسف إلخ" وانظر ما فيه من التكلف والمشقة، ومثل هذا البيت قول المتنبي يمدح بدر بن عمار:

ليس بالمنكر أن برزت سبقا

غير مدفوع عن السبق العراب

قال ابن عقيل 1/ 109: "وقد سأل الفتح بن جني ولده عن إعراب هذا البيت فارتبك في إعرابه".

مواضعه: ابن هشام في مغني اللبيب 1/ 138، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 94، والأشموني 1/ 89، وابن عقيل 1/ 109.

1 قال سيبويه: "وزعم الخليل أنه يستقبح أن يقول: قائم زيد، وذاك إذا لم تجعل قائما مقدما مبنيا على المبتدأ. ا. هـ. 1/ 281 يريد أن قولك قائم زيد قبيح إن أردت أن تجعل قائم المبتدأ وزيد خبره أو فاعله وليس بقبيح أن تجعل "قائم" خبرا مقدما. ا. هـ. سيرافي.

وأميل إلى هذا المذهب "والمسوغ للابتداء حينئذ عمله في المرفوع". ا. هـ. خضري 1/ 90.

ص: 472

واعلم أن الوصف المذكور إنما يتعين جعله مبتدأ، وما بعده فاعلا سد مسد الخبر إذا كان مفردا وما بعده مثنى أو مجموعا.

أما إذا طابق ما بعده فله ثلاثة أحوال أشار إليها بقوله:

والثان مبتدا وذا الوصف خبر

إن في سوى الإفراد طبقا استقر

فأحد الأحوال: أن يتطابقا في التثنية نحو "أقائمان الزيدان".

والثاني: أن يتطابقا في الجمع نحو "أقائمون الزيدون".

وإعراب هاتين الصورتين واحد، وهو أن الوصف خبر وقدم والثاني مبتدأ مؤخر ولا يجوز أن يكون الوصف فيهما مبتدأ وما بعده فاعلا لتحمله الضمير إلا على لغة "أكلوني البراغيث"1.

والثالث: أن يتطابقا في الإفراد نحو: "أقائم زيد" فيجوز فيه الوجهان.

فإن جعل الوصف مبتدأ وما بعده فاعل لم يكن فيه ضمير.

وإن جعل خبرا مقدما وما بعده مبتدأ كان فيه ضمير.

ثم أشار إلى رافع المبتدأ بقوله:

ورفعوا مبتدأ بالابتدا

كذاك رفع خبر بالمبتدا

ما ذكر هو "أحد المذاهب السبعة2 وهو"3 الصحيح ومذهب سيبويه4.

1 قال ابن عقيل 1/ 113: "ويجوز على لغة أكلوني البراغيث أن يكون الوصف مبتدأ، وما بعد فاعل أغنى عن الخبر".

2 والمذاهب السبعة هي:

أ- الجمهور وسيبويه على أن رافع المبتدأ معنوي وهو الابتداء؛ لأنه بني عليه ورافع الخبر المبتدأ، لأنه مبني عليه فارتفع به كما ارتفع هو بالابتداء.

ب- وقيل: العامل في الخبر الابتداء أيضا لأنه طالب لهما فعمل فيهما.

ج- وقيل العامل فيه الابتداء والمبتدأ معا.

د- العامل الابتداء بواسطة المبتدأ.

هـ- وذهب الكوفيون إلى أنهما ترافعا.

و وللكوفيين قول آخر: أن المبتدأ مرفوع بالذكر الذي في الخبر.

ز- وقيل تجرده من العوامل اللفظية أي كونه معرى عنها.

ا. هـ. ملخصا من همع الهوامع للسيوطي ج 1/ 94.

3 أ، ج.

4 ومذهب سيبويه هو أعدل المذاهب. قال ابن عقيل 1/ 115: "وأعدل هذه المذاهب مذهب سيبويه".

ص: 473

والابتداء هو كون الاسم مجردا من العوامل اللفظية مخبرا عنه "أو"1 مسندا هو إلى "ما يغني"2 عن الخبر.

ثم شرع في تعريف الخبر فقال:

والخبر الجزء المتم الفائدة

والخبر يشمل المبتدأ والخبر، والمتم الفائدة: أخرج المبتدأ.

فإن قلت: هذا ليس بحد صحيح لأنه صادق على الفعل وعلى الفاعل والحرف أيضا.

قلت: ليس مراده بالجزء جزء الكلام مطلقا فيلزمه ما ذكرت، وإنما المراد جزء الجملة الاسمية.

ويدل على ذلك أمران: أحدهما أن الباب موضوع لها، والثاني تمثيله بقوله:

كالله بر والأيادي شاهده

فلم يدخل تحت كلامه الفعل والفاعل، ولا الحرف أيضا؛ لأنه لا يكون أحد جزءي الجملة الاسمية.

فإن قلت: إخراج المبتدأ بقوله: "المتم الفائدة" غير واضح لأن المبتدأ أيضا يتم الفائدة، فإن الفائدة بهما حصلت.

قلت: الخبر هو ثاني الجزءين ولا إشكال في أن ثانيهما هو الذي به تتم الفائدة.

وأيضا، فإن الخبر هو المستفاد من الجملة؛ ولذلك كان أصله أن يكون نكرة، ولهذا قال أبو موسى: المبتدأ معتمد البيان والخبر معتمد الفائدة.

ثم قال:

ومفردا يأتي ويأتي جملة

فقسم الخبر إلى قسمين: مفرد وجملة. خلافا لابن السراج في إثباته ثالثا لا مفردا ولا جملة وهو الظرف والجار والمجرور.

ثم ذكر حكم الجملة فقال:

حاوية معنى الذي سيقت له

1 ب، ج.

2 أ، ج وفي ب "ما يستغنى".

ص: 474

الذي سبقت له هو المبتدأ، فكأنه قال: حاوية معنى المبتدأ ولم يقيده بالضمير، "فشمل"1 أربعة أشياء:

الضمير نحو: "زيد أبوه قائم"، وقد يحذف إن أمن اللبس نحو:"السمن منوان بدرهم"2.

واسم الإشارة نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} 3.

وتكرار لفظ المبتدأ نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} 4.

والعموم نحو:

فأما القتال لا قتال لديكم5

..................................

وهذه الروابط المتفق عليها.

فإن قلت: قد ذكر ابن عصفور من الروابط المتفق عليها، عطف جملة فيها ضمير بالفاء خاصة كقوله:

1 أ، ج وفي ب "فيشمل".

2 المنا -كعصا، أفصح من المن بالتشديد- رطلان، وتثنيته: منوان وجمعه أمناء.

وفي نسخة "ب" على الهامش كتب "السمن مبتدأ ومنوان ثان وهو نكرة وسوغ الابتداء به الوصف بالمجرور المقدر به منوان منه وبدرهم خبره، والجملة خبر عن السمن".

3 سورة الأعراف: 26.

4 سورة الحاقة: 1، 2.

5 هذا صدر بيت للحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي.

وعجزه: ولكن سيرا في عراض المواكب، وهو من الطويل.

الشرح: "عراض" -بكسر العين المهملة- جمع عرض -بضم فسكون- وهو الناحية، "المواكب": جمع موكب، والموكب: القوم الركوب على الإبل المزينة، وكذلك جماعة الفرسان.

المعنى: يهجو بني أسد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، ويقول لهم إنكم جماعة لا تقدمون على القتال ولا تحسنونه، وإنما تسحنون السير مع ركاب الإبل الذين لا يقاتلون.

الشاهد فيه: حيث أوقع جملة "لا" مع اسمها وخبرها خبرا عن المبتدأ مع أنه ليس في هذه الجملة ضمير يعود على المبتدأ ولا اسم إشارة يرجع إليه ولا ذكر فيها المبتدأ بلفظه الأول.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 1/ 91، والشاطبي، والسندوبي، وابن هشام ذكره في المغني 1/ 52، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 67، وابن يعيش في شرح المفصل 7/ 134، والشاهد رقم 76 في خزانة الأدب.

ص: 475

وإنسان عيني يحسر الماء تارة

فيبدو................................1

وعبارة الناظم لا تشمله.

قلت: التحقيق أن الجملتين إذا عطفت إحداهما على الأخرى بالفاء التي للسببية تنزلتا منزلة الشرط والجزاء "واكتفي بضمير واحد في إحداهما كما يكتفى بضمير واحد في جملتي الشرط والجزاء"2.

"فإذا"3 قلت: "زيد جاء عمرو فأكرمه" فالارتباط يقع بالضمير الذي في الثانية.

نص على ذلك ابن أبي الربيع. قال: لأنهما تنزلتا منزلة "زيد "إذا"4 جاء عمرو أكرمه" فالإخبار إذا إنما هو بمجموعهما، والرابط إنما هو الضمير "والله أعلم"5.

ثم قال:

وإن تكن إياه معنى اكتفى

بها..............................

أي: إذا كانت الجملة هي نفس المبتدأ في المعنى اكتفى "بها"6 ولم يحتج إلى رابط.

1 قائله: ذو الرمة غيلان بن عقبة من قصيدة له من الطويل.

وتمامه:

..... وتارات يجم فيغرق

الشرح: "إنسان عيني": إنسان العين. هو المثال، وهو النقطة السوداء التي تبدو لامعة في وسط السواد، "يحسر" بالحاء والسين المهملتين أي يكشف، وهو من باب ضرب يضرب "فيبدو": يظهر، "يجم" -بالجيم- من الجموم وهو الكثرة والجمع العظيم، قال تعالى:{حُبًّا جَمًّا} أي: عظيما.

الشاهد: في: "وإنسان عيني يحسر الماء

فيبدو" كون المبتدأ له خبران جملتان وليس

للمبتدأ رابط إلا الضمير الذي في الجملة الأخيرة منهما وهو الضمير المستتر في قوله: فيبدو.

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 1/ 92، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 98.

2 أ، ج.

3 ب، ج وفي أن "فإن".

4 ب، ج وفي أ "لما".

5 أ، ج.

6 أ، ج وفي ب "كذلك".

ص: 476

ثم مثل بقوله:

....كنطقي الله حسبي وكفى

فنطقي: مبتدأ، والله حسبي، جملة أخبر بها عنه ولا رابط فيها؛ لأنها هي نفس المبتدأ في المعنى.

ومن ذلك قولهم: "هجيري أبي بكر لا إله إلا الله"1.

وأقول: الذي يظهر -والله أعلم- في هذا ونحوه أنه ليس من الإخبار بالجملة، وإنما هو من الإخبار بالمفرد؛ لأن الجملة في نحو ذلك، إنما قصد لفظها كما قصد حين أخبر "عنها"2 في نحو:"لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة" 3 فليتأمل4.

ثم انتقل إلى حكم المفرد فقال:

والمفرد الجامد فارغ....

الخبر المفرد قسمان: جامد ومشتق.

فالجامد فارغ "أي"5 من الضمير فلا يتحمل ضميرا خلافا للكسائي.

وقوله:

وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن

أي: يتحمل ضميرا يعود على المبتدأ.

فإن قلت: هذا البيت غير محرر، وذلك من خمسة أوجه:

الأول: أن الجامد ليس فارغا من الضمير مطلقا بل إذا لم يؤول بمشتق فإن أول به "تحمل"6 الضمير.

1 هجيري، وفي الصحاح: والهجير مثل الفتيق، الدأب والعادة، وهجيري بكسر الهاء وتشديد الجيم وفتح الراء.

2 ب، ج.

3 حديث صحيح عن أبي هريرة -متفق عليه- رواه أبو يعلى في مسنده والطبراني في الكبير، وابن حبان في صحيحه.

4 وقد أنصف صاحبي في هذا القول، ويؤيده قول الخضري ج1 ص92: "وكون الخبر في هذا جملة إنما هو في الظاهر، وإلا فهو مفرد؛ لأن المقصود لفظ الجملة كما أخبر عنها في لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، نعم ذلك ظاهر في ضمير الشأن نحو: قل هو الله أحد، فالجملة خبر عن هو بلا رابط لأنها عينه أي مفسرة له أي: الحال والشأن الله أحد

". ا. هـ.

5 أ، ج.

6 ب، ج وفي أ "تحول".

ص: 477

والثاني: أن قوله: "فارغ" ليس مبينا لمراده، إذ لا يدرى من ماذا.

الثالث: أن قوله: "وإن يشتق" ظاهره أن فاعل يشتق ضمير المفرد الموصوف بالجمود، وذلك غير مستقيم.

الرابع: "أنه"1 أطلق أيضا في المشتق، ومن المشتق ما لا يتحمل الضمير كأسماء الآلة والزمان "والمكان"2.

الخامس: أنه أطلق في قوله: "فهو ذو ضمير مستكن" وهو مقيد بألا يرفع ظاهرا، فإن رفع الظاهر لم يتحمل ضميرا نحو "زيد قائم أبوه".

قلت: الجواب عن الأول: أن ما أول بالمشتق ينزل منزلته وأعطى حكمه فذكر حكم المشتق يغني عن ذكره في مقام الاختصار.

وعن الثاني: أن قوله "في المشتق"3 "فهو ذو ضمير مستكن" علم منه أن المراد فارغ من الضمير، لأنه مقابله.

وعن الثالث: أن الضمير عائد على الموصوف لا يقيد صفته، ولذلك نظائر.

وعن الرابع: أن المراد بالمشتق هنا ما ذكره في شرح التسهيل، قال: والمراد بالمشتق هنا ما دل على متصف مصوغًا عن مصدر مستعمل أو مقدر.

واسم الزمان والمكان والآلة ليس من هذا المشتق، وهذا اصطلاح.

وعن الخامس: أن البيت الآتي يقيده كما سيأتي ثم قال:

وأبرزنه مطلقا حيث تلا

ما ليس معناه له محصلا

أمر بإبراز الضمير إذا جرى على غير من هو له مطلقًا، أي: سواء خيف اللبس "أم أمن"4 مثال ما يخاف فيه اللبس "زيد عمرو ضاربه هو" ومثال ما "لا"5 لبس فيه "زيد هند ضاربها هو".

1 أ، ج.

2 ب، ج.

3 أ، وفي ب "يشتق".

4 أ، ج، وفي ب "أولا".

5 ب، ج.

ص: 478

وأجاز الكوفيون استتاره إن أمن اللبس كالمثال الأخير، ووافقهم الناظم في غير هذا الكتاب.

ومن منصور جريانه على غير صاحبه: أن يرفع ظاهرا نحو "زيد قائم أبوه" فقائم خبر عن زيد وهو للأب.

فيجب في هذه الصورة "أيضا"1 إبراز الضمير لأنه لا يرفع شيئين ظاهرا، ومضمرا، فالهاء في قوله "أبوه" هو الضمير الذي كان مستكنا، وهذا هو الجواب عن الوجه الخامس.

ثم قال: وأخبروا بظرف أو بحرف جر.

مثال الظرف "زيد عندك" ومثال حرف الجر مع المجرور "زيد في الدار".

واقتصر على ذكر "الحرف"2 لاستلزامه المجرور، ثم "إن"3 الظرف والجار والمجرور ليسا "خبرين"4 في الحقيقة، وإنما الخبر هو العامل فيهما، وأطلق عليهما الخبر لنيابتهما عنه، ولهذا قال:

ناوين معنى كائن أو استقر

فمن قدر كائنا جعلهما من قبيل الخبر بالمفرد، ومن قدر استقر جعلهما من قبيل "الجملة"5.

والأول: اختيار الناظم، ويرجحه أن أصل الخبر الإفراد.

والثاني: قول "أكثر"6 البصريين، ويرجحه أن الأصل في العمل، إنما هو للفعل.

وقد نسب كل منهما إلى سيبويه.

فإن قلت: ما فائدة قوله: "معنى كائن أو استقر"؟

1 أ، ج.

2 أ، ج وفي ب "حرف الجر".

3 أ، ج.

4 أ، ج وفي ب "بخبرين".

5 ب، وفي أ، ج "الجمل".

6 أ، ب.

ص: 479

قلت: "التنبيه على أن لفظ كائن أو استقر"1 لا يتعين بل مستقر وثابت وحاصل "ونحوهما"2 ككائن وكان وثبت وحصل ونحوها كاستقر. وضابط ذلك الكون المطلق.

ثم قال:

ولا يكون اسم زمان خبرا

عن جثة وإن يفد فأخبرا

اسم المكان يخبر به عن الجثة نحو "زيد أمامك" وعن المعنى نحو "العلم أمامك".

واسم الزمان يخبر به عن المعنى "الرحيل غدا" ولا يخبر به عن الجثة، لعدم الإفادة، ما لم تقدر إضافة معنى إليها. فيجوز، لأن الإخبار حينئذ، إنما هو في "الحقيقة"3 عن المعنى المقدر كقولهم "الهلال الليلة" أي: طلوع الهلال.

"وإلى هذا"4 أشار بقوله: "وإن يفد فأخبرا".

وذهب بعضهم إلى أن "الهلال الليلة" لا يقدر فيه مضاف محذوف؛ لأن الهلال يشبه اسم المعنى بالحدوث وقتا دون وقت، فأفاد الإخبار عنه، وإليه ذهب في التسهيل5، وتقدير المضاف في ذلك مذهب البصريين.

وقوله:

ولا يجوز الابتدا بالنكره

ما لم تفد...............

يعني: أن الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، لأن الإخبار عن النكرة لا يفيد غالبا.

فإن أفاد الإخبار عن النكرة جاز الابتداء بها، ولم يشترط سيبويه في الإخبار عن النكرة إلا حصول الفائدة.

1 أ، ج.

2 أ، ج وفي ب "ونحوهما".

3 أ، ج.

4 أ، ج وفي ب "وإليه".

5 قال في التسهيل ص49: "ولا يغني ظرف زمان غالبا عن خبر اسم عين ما لم يشبه اسم المعنى بالحدوث وقتا دون وقت".

ص: 480

وتتبع النحويون مواضع حصول الفائدة، فقالوا:"لا يبتدأ بها"1 إلا بمسوغ، والمسوغات كثيرة، وهي راجعة إلى شيئين: التخصيص والتعميم.

وقد أشار بالمثال إلى ستة منها:

الأول: تقديم الخبر وهو ظرف مختص نحو "عند زيد نمرة"2 أو "مجرور"3 نحو "في الدار رجل" أو جملة مشتملة على فائدة نحو "قصدك غلامه رجل" ذكره في شرح التسهيل "ولم نره لغيره"4.

والثاني: تقدم استفهام نحو "هل فتى فيكم"؟

والثالث: "تقدم نفي"5 نحو "ما خل لنا".

والرابع: الوصف نحو "رجل من الكرام عندنا".

والخامس: العمل نحو "رغبة في الخبر خير".

والسادس: الإضافة "نحو عمل بر يزين. ويصح الاستغناء بالعمل عن الإضافة"6، لأن المضاف عامل "للجر على الأصح"7.

ولما لم يذكر جميع المسوغات قال: وليقس ما لم يقل والضابط حصول الفائدة8.

ثم قال: والأصل في الأخبار أن تؤخرا.

لأن الخبر وصف في المعنى فحقه أن يتأخر: وجوزوا التقديم إذ لا ضررا مثاله "قولهم"9 "تميمي أنا" و"مشنوء من يشنؤك"10.

1 أ، ج وفي ب "الابتداء بها لا يجوز".

2 "نمرة -بفتح النون وكسر الميم- كساء مخطط تلبسه الأعراب وجمعه نمار.

3 أ، وفي ب "جار ومجرور".

4 ب، ج.

5 أ، وفي ب، ج "النفي".

6 ب، ج.

7 أ، ج.

8 راجع الأشموني 1/ 96، 97، 98.

9 أ، ب.

10 مشنوء: أي: مبغض، وهو خبر مقدم، ومن مبتدأ مؤخر، والكوفيون يقولون ما بعده نائب فاعل له لجوازه بلا اعتماد عندهم.

ص: 481

ومنع الكوفيون تقديم الخبر إلا في "نحو"1 "في داره زيد" وهم محجوجون بالسماع2 وقوله:

فامنعه حين يستوي الجزآن

عرفا ونكرا عادمي بين

يعني: أن الخبر يمنع من تقديمه أسباب: وهي خمسة:

الأول: أن يستوي الجزآن يعني المبتدأ والخبر في التعريف مثل "صديقي زيد" و"العالم زيد""أ"3 وفي التنكير مثل "أفضل منك أفضل مني"، ولا قرينة، فلو علم المخبر به "منهما"4 بقرينة جاز "التقديم"5 كقولك "أبو حنيفة أبو يوسف" فأبو حنيفة خبر مقدم، لأن المراد تشبيه أبي يوسف به.

والثاني: أن يكون الخبر فعلا يوهم تقديم فاعلية المبتدأ نحو "زيد قام"، فإن لم يوهم نحو "الزيدان قاما" أو "زيد قام أبوه" جاز التقديم، فتقول "قام الزيدان""وقام أبوه زيد"، لأن إسناد الفعل إلى الضمير أو السببي يعلم منه ابتدائية المتأخر.

فإن قلت: تقديم الخبر في نحو "قاما أخواك وقاموا إخوتك" يوهم فاعلية المبتدأ على لغة أكلوني البراغيث.

قلت: قال في شرح التسهيل: لا يمنع ذلك من التقديم، لأن تقديم الخبر أكثر من تلك اللغة، والحمل على الأكثر راجح.

فإن قلت: أطلق في قوله: كذا إذا ما الفعل كان الخبرا، وهو مقيد بأن "يوهم"6 فاعلية المبتدأ كما سبق.

قلت: كأنه استغنى عن "تقييده بتقييد ما قبله"7.

1 أ، ب.

2 وإنما أجازه الكوفيون

لأن الضمير في قولك "في داره زيد" غير معتمد عليه، ألا ترى أن المقصود "في الدار زيد" وحصل هذا الضمير بالعرض. واحتج البصريون بالسماع حكى "تميمي أنا ومشنوء من يشنؤك". ا. هـ. السيوطي في همع الهوامع ج1 ص103.

3 أ، ج.

4 أ، ج.

5 ب، ج.

6 أ، ب وفي ج "لا يوهم".

7 أ، ج وفي ب "يتقيد غيره عن تقييده".

ص: 482

والثالث: أن يقصد استعمال "المبتدأ"1 منحصرا في الخبر بإلا نحو "ما زيد إلا كاتب" أو بإنما نحو "إنما زيد كاتب".

وتسامح في جعله الخبر محصورا وإنما محصور فيه.

وقد ندر تقديم الخبر المقرون بإلا "مقدما"2 في الضرورة كقول الشاعر:

فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى

عليهم وهل إلا عليك المعول3

أو كان مسندا لذي لام ابتدا

أو لازم الصدر كمن لي منجدا

والرابع: أن يكون الخبر مسندا لمبتدأ مقرون بلام الابتداء لاستحقاقها الصدر نحو: "لزيد قائم".

وأما قوله:

خالي لأنت ومن جرير خاله4

.....................................

1 ب، وفي أ، ج "ما المبتدأ".

2 ب.

3 البيت للكميت بن زيد، شاعر مقدم عالم بلغات العرب خبير بأيامها من شعراء مضر المتعصبين على القحطانية.

والبيت من قصيدة طويلة يرثي فيها زيد بن علي وابنه الحسين ويمدح بني هاشم وهو من الطويل.

المعنى: ما اقتصر على الأعداء يرتجى إلا بك، ولا المعول أي: الاعتماد في الأمور لا يكون إلا عليك.

الشاهد: على جواز تقديم الخبر المحصور بإلا للضرورة، وإنما كان حقه أن يقول وهل النصر يرتجى إلا بك وهل المعول إلي عليك.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن الناظم ص48، وابن هشام 1/ 147، وابن عقيل 1/ 135، وداود، والأشموني 1/99، والسيوطي ص29.

4 قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من الكامل. يروى:"ومن تميم خاله". ويروى "ومن عويف خاله".

وعجزه:

ينل العلاء ويكرم الأخوالا

الشرح: "العلاء" -بفتح العين مهملة ممدودا- الشرف والرفعة، وقيل: هو مصدر على في المكان يعلى مثل رضي يرضى، وأما في المرتبة والمنزلة فيقال: علا يعلو علوا.

الشاهد: في "خالي لأنت" حيث قدم الخبر وهو قوله "خالي" على المبتدأ، وهو قوله "لأنت" مع أن المبتدأ مقرون بلام الابتداء التي لها صدر الكلام فلا يجوز أن يقال: زيد لقائم، وعن هذا قالوا: إن قوله "لخالي أنت" يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون أراد "لخالي أنت" فأخر اللام إلى الخبر ضرورة، والآخر: أن يكون أراد "لأنت خالي" فقدم الخبر على المبتدأ، وإن كانت فيه اللام ضرورة، قال ابن جني وأخبرني أبو عليّ أن أبا الحسن حكى: إن زيدا وجهه لحسن. فهذه أيضا ضرورة. ا. هـ.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: ابن عقيل 1/ 126، والأشموني 1/ 100، وداود.

ص: 483

فخرج على زيادة اللام أو حذف مبتدأ، أي: لهو أنت.

والخامس: أن يكون "الخبر مسندا لمبتدأ"1 لازم الصدر كاسم الاستفهام، واسم الشرط، والمضاف إلى أحدهما، وضمير الشأن، وكم الخبرية.

ومثل الاستفهام بقوله "من لي" وأمثلة البواقي ظاهرة.

وقوله "أو لازم الصدر" بالجر عطفا على ذي لام ابتدا، والتقدير أو "اللازم للصدر"2.

ثم قال:

ونحو عندي درهم ولي وطر

ملتزم فيه تقدم الخبر

يعني: أن الخبر قد يلزم تقديمه لأسباب:

الأول: أن يكون تقديمه مسوغا للابتداء "بالنكرة"3 نحو "عندي درهم ولي وطر" فمثل بالظرف والجار والمجرور.

وزاد في شرح التسهيل الجملة نحو "قصدك غلامه رجل" كما تقدم.

والثاني: أن يعود على الخبر ضمير من المبتدأ في نحو "في الدار ساكنها" إذ لو تأخر لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

"وتقدير"4 كلامه "أنه"5 يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه. يعني: على الخبر ضمير من الشيء الذي يخبر "بالخبر"6 عنه.

يعني: من المبتدأ، ودعاه إلى هذه العبارة المشتملة على هذا التعقيد ضيق النظم.

1 أ، ج.

2 أ، ج.

3 أ، ب.

4 أ، ب وفي ج "ظاهر".

5 ب، ج وفي أ "أن".

6 أ، ج.

ص: 484

فإن قلت: الضمير في قولك "في الدار ساكنها" أليس عائدا على الخبر؟ لأن الخبر ليس هو المجرور وحده فكان ينبغي أن يقول: كذا إذا اتصل بالمبتدأ ضمير يعود على ما التبس بالخبر أو على شيء في الخبر أو نحو ذلك.

قلت: ما التبس بالخبر "تنزل"1 منزلة جزئه فلذلك اكتفى بذكر الخبر.

والثالث: أن يكون مستوجبا للصدر نحو "أين من علمته"؟ و"كيف زيد؟ "، فإن الاستفهام له صدر الكلام.

والرابع: أن يكون المبتدأ "محصورا"2 بإلا نحو "ما لنا إلا اتباع أحمد" صلى الله عليه وسلم. "أو معناها"3 وهو "إنما" نحو "إنما قام زيد" وقوله:

وحذف ما يعلم جائز

يعني: أنه جوز حذف كل من المبتدأ والخبر إذا علم. مثال حذف الخبر "زيد" في جواب "من عندكما"؟ والتقدير: زيد عندنا.

فلو كان المجاب به نكرة نحو "درهم" ففي شرح التسهيل أن الخبر يقدر بعده قال: ولا يجوز أن يكون التقدير: "عندي درهم"4 إلا على ضعف.

ومثال حذف المبتدأ "دنف" في جواب "كيف زيد؟ " أي: هو دنف، "أي: مريض"5 فحذف المبتدأ للعلم به6.

فإن قلت: ظاهر قوله:

فزيد استغنى عنه إذ عرف

أن المقدر هو الاسم الظاهر لا ضميره، والذي جرت به عادة النحويين في ذلك أن يقدروا الضمير.

1 أ، ب وفي ج "منزل".

2 أ، ب وفي ج "مقرونا".

3 أ، ج.

4 أ، ب.

5 أ.

6 وقد يحذف الجزآن معا إذا حلا محل المفرد كقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} أي: فعدتهن ثلاثة أشهر، فحذفت هذه الجملة لوقوعها موقع مفرد، وهو "كذلك" لدلالة الجملة التي قبلها، وهي {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} . ا. هـ. أشموني 1/ 102.

ص: 485

قلت: تقديره بالظاهر هو الأصل، وإنما قدره النحاة "بالضمير"1 لئلا يتوهم المغايرة.

وقوله:

وبعد لولا غالبا حذف الخبر

حتم............................

الأول: بعد "لولا" إذا كان كونا مطلقا "وهو"2 الغالب نحو "لولا زيد لأكرمتك" أي: لولا زيد كائن أو موجود.

فإن كان خاصا ولا دليل عليه وجب إثباته. قال المصنف: كقوله عليه الصلاة والسلام: "لولا قومك حديثو عهد بجاهلية "لأقمت البيت""4.

وإن كان خاصا وله دليل جاز إثباته وحذفه نحو "لولا أنصار زيد حموه لم ينج"5.

ومنه قول المعري:

..................................

فلولا الغمد يمسكه لسالا6

1 ب وفي أ، ج "بالمضمر".

2 ب، ج وفي أ "وهي".

3 أ، ب.

4 الخطاب: للسيدة عائشة: "حديثو عهد" قريبو زمن، وممن روى هذه الرواية البخاري في كتاب العلم من صحيحه "قومك" مبتدأ والكاف مضاف إليه "حديثو" خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم "وعهد" مضاف إليه، واللام في "لأقمت" واقعة في جواب "لولا" وهو كون مقيد بالحداثة.

5 الدليل: لفظ أنصار؛ لأن شأن الناصر أن يحمي من ينصره.

6 البيت لأبي العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي المعري الشاعر اللغوي صاحب التصانيف المتوفى سنة 449هـ.

وصدره:

يذيب الرعب منه كل عضب

وهو من قصيدة لامية من الوافر.

الإعراب: "يذيب" فعل مضارع، "الرعب" فاعل، "منه" جار ومجرور متعلق به، "كل" مفعول، "عضب" مضاف إليه، "فلولا" حرف امتناع لوجود، "الغمد" مبتدأ، "يمسكه" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه والهاء -التي هي ضمير السيف- مفعول والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، "لسالا" اللام واقعة في جواب لولا وسال فعل ماض والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر. =

ص: 486

وإلى هذا التفصيل أشار بقوله "غالبا" وهو مذهب الرماني وابن الشجري1 و"الشلوبين"2 ومذهب الجمهور: أن الخبر بعد "لولا" واجب الحذف مطلقا بناء على أنه لا يكون إلا كونا مطلقا، وإذا أريد الكون الخاص "جعل مبتدأ"3 قيل:"لولا قيل زيد لأتيتك" فجعل مبتدأ، ولذلك لحنوا المعريَّ في قوله:"فلولا الغمد يمسكه"4، وحاصل مذهبهم منع الإخبار بالخاص بعد لولا، وتأول ابن أبي الربيع قوله: في الحديث: ""لولا" 5 قومك حديث عهد بكفر لأقمت البيت". على أن "حديث عهد" مبتدأ وخبر وهي جملة مقدمة من تأخير، والتقدير: لولا قومك "لأ"6 قمت البيت على قواعد إبراهيم، ثم قال عهدهم بالكفر حديث. قال: على أن هذه الرواية لم أرها من طريق صحيح، والروايات "المشهورات"7 في

= الشرح: "يذيب" من أذاب إذابة والإذابة: إسالة الحديد ونحوه من الجوامد "الرعب" الفزع والخوف، "العضب" بفتح العين المهملة وسكون الضاد السيف القاطع، "الغمد" بكسر الغين وسكون الميم غلاف السيف، "لسالا" فعل ماض من السيلان واللام فيه للتأكيد والألف للإطلاق.

المعنى: أن سيف هذا الممدوح تهابه الرجال حتى إن السيوف يذوب حديدها، فلولا أن أغمادها تمسكها لسالت لذوبانها من فزعها منه.

الشاهد فيه: "فلولا الغمد يمسكه" جواز ذكر الخبر وهو "يمسكه" بعد لولا لأن الإمساك كون مقيد دل عليه دليل وهو المبتدأ، فإن شأن الغمد الإمساك.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية ابن هشام 1/ 156، وابن عقيل 1/ 144، وداود، والسندوبي، والأشموني 1/ 102، وابن الناظم ص52.

1 ابن الشجري: هو هبة الله بن علي بن عبد الله بن أبي الحسن الشريف أبو السعادات المعروف بابن الشجري، قال ياقوت: نسب إلى بيت الشجري من قبل أمه. وقال بعضهم: لأنه كان في بيته شجرة وليس في البلد غيرها.

ومن تصانيفه في النحو: شرح اللمع لابن جني

ولد ببغداد في رمضان سنة خمسين وأربعمائة. ومات في سادس رمضان سنة ثنتين وأربعين وخمسمائة.

2 وهو الصواب "وهو الحق وشواهدها كفلق الصبح". ا. هـ. سندوبي.

3 ب.

4 راجع الأشموني والصبان 1/ 178.

5 أ، ج وفي ب "لو".

6 ب، ج وفي أ "إلا".

7 أ، ج وفي ب "المشهورة".

ص: 487

ذلك "لولا حدثان قومك، ولولا حداثة قومك، ولولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية" ونحو ذلك.

والثاني: بعد مبتدأ هو نص في القسم نحو "لعمرك لأفعلنَّ"1 أي لعمرك قسمي، وسد الجواب مسده.

والثالث: "بعد "واو" مع "الناصة على المعية" نحو كل صانع "وما صنع"2 أي مقرونان خلافا لمن لم يقدر3 في "نحو"4 هذا خبرا.

والرابع: قبل حال لا يصلح جعلها خبرا عن المبتدأ المذكور.

وشرط ذلك: أن يكون المبتدأ مصدرا عاملا في مفسر صاحب الحال نحو "ضربي العبدَ مسيئا" فمسيئا حال من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وذلك الضمير يعود على العبد، وهو معمول للمصدر.

والتقدير عند سيبويه5 إذا كان مسيئا، فالمصدر إذا عامل في العبد "الذي هو"6 مفسر صاحبها.

أو يكون المبتدأ مضافا إلى المصدر إضافة بعض لكل أو كل لجميع نحو "أكثر ضربي زيدا قائما" أو "كل ضربي زيدا قائما"و "أقل شربي السويق ملتوتا""وبعض ضربي زيدا قائما".

1 اللام لام الابتداء "وعمرك" مبتدأ ومضاف إليه، والخبر محذوف وجوبا تقديره قسمي "لأفعلن" اللام لام القسم، وأفعلن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد والفاعل أنا.

2 ب وفي أ، ج "وصنعته".

3 قال ابن عقيل ج1 ص145: "وقيل: لا يحتاج إلى تقدير الخبر؛ لأن معنى "كل رجل وضيعته" كل رجل مع ضيعته. وهذا الكلام تام لا يحتاج إلى تقدير خبر، واختاره ابن عصفور في شرح الإيضاح". ا. هـ.

4 أ، ج.

5 قال سيبويه ج1 ص199: "وذلك قولك هذا بسرا أطيب منه رطبا، فإن شئت جعلته حينا قد مضى، وإن شئت جعلته حينا مستقبلا، وإنما قال الناس هذا منصوب على إضمار إذا كان فيما يستقبل وإذ كان فيما مضى". ا. هـ.

6 أ، ج وفي ب "وهو".

7 المبتدأ اسم التفضيل وهو مضاف للمصدر، ولا يصح الإخبار عن أقل شربي بملتوت؛ لأن أقل الشرب لا يوصف بكونه ملتوتا، وإنما يوصف بذلك السويق.

ص: 488

والغرض أن يكون المضاف مصدرا في المعنى، ولا يختص ذلك بأفعل التفضيل.

وإلى هذا أشار بقوله:

.............................. وأتم

تبييني الحق منوطا بالحكم

والتقدير: إذا كان منوطا، وإن أردت الماضي قدرت إذ كان، هذا مذهب سيبويه، وكان المقدرة تامة.

فإن قلت: فهلا كانت ناقصة والمنصوب خبر؛ لأن حذف الناقصة أكثر؟

قلت: منع ذلك أمران: التزام تنكيره ووقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه كقول الشاعر:

خير اقترابي من المولى حليف رضا

وشر بعدي عنه وهو غضبان1

وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير صاحبها، والتقدير: ضربي زيدا ضربه قائما، واختاره في التسهيل2، ولم يتعرض هنا لمواضع وجوب حذف المبتدأ.

1 قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر على قائله، وهو من البسيط.

الشرح: "حليف رضا" حليف فعيل من الحلف بكسر الحاء وسكون اللام وهو المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، وأراد بالمولى: الحليف بالرضا.

الإعراب: "خير" مبتدأ "اقترابي" مضاف إليه والياء مضاف إلى اقتراب وإضافة اقتراب إلى الياء إضافة المصدر لفاعله "من المولى" جار ومجرور متعلق بالاقتراب "حليف" حال تسد مسد خبر المبتدأ وصاحب هذا الحال ضمير مستتر يقع فاعلا لفعل محذوف، وهذا الفعل مع فاعله هو الخبر، وتقدير الكلام عند البصريين: خير اقترابي من المولى إذا كان حليف رضا "وشر" الواو عاطفة، شر مبتدأ "بعدي" مركب إضافي مجرور بإضافة المبتدأ إليه "وهو" الواو للحال، هو: مبتدأ "غضبان" خبر المبتدأ وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال سد مسد خبر المبتدأ الذي هو "شر" وتقديره: وشر بعدي عن المولى إذا كان "أي وجد" والحال أنه غضبان.

الشاهد: في "وشر بعدي عنه وهو غضبان" حيث وقعت الجملة الاسمية المقرونة بالواو موقع خبر المبتدأ.

وهذا الشطر حجة على سيبويه حيث منع من ذلك، وقال الحال التي هي جملة اسمية مقرونة بالواو لا تسد مسد الخبر إلا إذا كانت اسما منصوبا كما في الشطر الأول من البيت وهو "حليف رضا" وخالفه في ذلك الكسائي والفراء واحتجا عليه بقول الشاعر:

وشر بعدي عنه وهو غضبان

وقوله عليه السلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".

مواضعه: ذكره الأشموني في شرحه للألفية 1/ 104، والسيوطي في همع الهوامع 1/ 107.

2 قال في التسهيل ص45: "والخبر الذي سدت مسده مصدر "مضاف" إلى صاحبها".

ص: 489

وذكر في غير هذا "الكتاب"1 أربعة مواضع:

الأول: ما أخبر عنه بنعت مقطوع2.

والثاني: ما أخبر عنه بمخصوص نعم3.

والثالث: ما أخبر عنه بمصدر بدلا من اللفظ بفعله نحو: "سمع وطاعة"4.

والرابع: ما أخبر عنه بصريح في القسم كقولهم: "في ذمتي لأفعلنَّ"6.

وقد ذكر الأولين في هذا النظم في موضعهما.

وقوله:

وأخبروا باثنين أو بأكثرا

عن واحد.................

يعني "عن غير"7 متعدد وذلك شامل لصورتين:

إحداهما: متفق على جوازها "وهي"8 أن يتعدد الخبر لفظا ويتحدد معنى9 نحو: "الرمان"10 حلو حامض، ولا يجوز "فيها"11 العطف خلافا لأبي عليّ12.

والأخرى: مختلف فيها "وهي"13 أن يتعدد لفظا ومعنى، نحو:"هم سراة شعرا".

1 أ، ب وفي ج "الباب".

2 مقطوع للرفع، في معرض مدح أو ذم أو ترحم.

3 نعم وبئس المؤخر.

4 أي: أمري سمع وطاعة.

5 أي: في ذمتي عهد أو ميثاق.

6 راجع الأشموني 1/ 105.

7 ب، ج.

8 أ، ج وفي ب "وهو".

9 وضابطه ألا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ. ا. هـ. أشموني 1/ 106.

10 أ، ج.

11 أ، وفي ب "فيه" وفي ج "فيهما".

12 فإنه أجاز العطف نظرا إلى تغاير اللفظ. ا. هـ. صبان 1/ 172.

13 أ، ج وفي ب "وهو".

ص: 490

والصحيح جوازها بعطف وبغير عطف، خلافا لمن منعها بغير عطف.

وأما "إذا"1 تعدد الخبر لتعدد ما هو له حقيقة "أ"2 وحكما فلا بد من العطف نحو: بنوك فقيه وكاتب وشاعر.

ومثال الحكم قوله تعالى: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ

} إلخ3.

1 أ، ج.

2 أ، ج.

3 سورة الحديد 20.

ص: 491