الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في دولة بني العباس
أولُهم: أبو العباس السفاح، عبدُ الله بنُ محمّدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ الله بنِ العباس، بويع له بالكوفة يومَ الجمعة لثلاثَ عشرةَ ليلةً خلت من شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين ومئة، فأقام في الخلافة أربعَ سنين، وسبعةَ أشهر، وتوفي بالأنبار بمدينته التي بناها وسمّاها الهاشمية يومَ الأحد، ثالث عشر ذي الحجة، سنة ست وثلاثين، وله اثنتان وثلاثون سنة ونصف، وزراؤه: أبو سَلَمَةَ حفصٌ الخَلَاّل، وهو أولُ من لُقب بالوزارة، ثمّ قتله، واستوزر خالدَ بنَ بَرْمَك، قاضيه: ابن أبي ليلى، ثمّ يحيى بن سعيد، حاجبه: صالح بن الهيثم.
وبعده بويع لأبي جعفر المنصور، وهو أخوه من أبيه، بويع له وهو بمكة، وقام عمّه عيسى بنُ على ببيعته، وأتته الخلافة وهو بطريق مكّة، فأقام في الخلافة اثنتين وعشرين سنة، وتوفي عند بئر معونة على أمتار من مكّة، يوم السبت سادس ذي الحجّة، سنة ثمان وخمسين ومئة وهو محرِم، وله ثلاث وستون سنة، وولد في ذي الحجّة، وأعذر في ذي الحجّة، وولي في ذي الحجّة، ومات في ذي الحجّة، ولم يكن به
بأس، وزراؤه: أبو عطية الباهليُّ، ثمّ أبو أيوبَ الموزراني، ثمّ الرّبيعُ وخالدُ بنُ برمك مدّة، قضاتُه: عبد الله بن محمد بن صفوان، وشريكُ بن عبد الله، والحسنُ بن عمار، والحجاجُ بنُ أرطاة، ويحيى بن سعيد، وعثمان التيميُّ، حُجَّابه: الربيعُ مولاه، ثمّ عيسى مولاه، ثمّ أبو الحصين مولاه.
وبويع بعده لولدِه محمّدٍ المهديِّ، فأقام عشر سنين وشهراً ونصف شهر، وتوفي بالمحرم سنة تسع وستين ومئة، وزراؤه: أبو عبيدةَ معاويةُ بنُ عبد الله، ثمّ يعقوبُ بن داود، والفيضُ بن أبي صالح، قضاتُه: محمد بن عبد الله بن علاثة، وعاقبة بن يزيد، حاجبه: سلام الأبرش.
وبويع بعده لولده موسى الهادي، فأقام سنة وشهراً وأربعة عشر يوماً، وتوفي ليلة الجمعة، نصف شهر ربيع الأول، سنة سبعين ومئة، وله أربع وعشرون سنة، وزراؤه: الربيعُ بن يونسَ، ثمّ عمرُ بنُ بزيع، قضاته: أبو يوسفَ، وسعيدُ بنُ عبد الرحمن، حاجبُه: الفضلُ بنُ الربيع.
وبويع بعده لأخيه هارونَ الرشيدِ ليلة وفاته، فمات خليفةٌ، وبويع لخليفة، وولد فيها خليفةٌ، وهو المأمون، فأقام في الخلافة ثلاثاً وعشرين سنة وشهراً وسبعة عشر يوماً، وتوفي ليلة السبت شهر جمادى الآخرة، سثة ثلاث وتسعين ومئة، وله خمس وأربعون سنة، وخمسة أشهر، وزراؤه: يحيى بنُ خالد، وابناه: جعفرٌ، والفضلُ، ثمّ بمَبَهم، ووزرَ بعدهم الفضل بن الربيع، قضاته: برج بن درّاج، وحفصُ بن غياث بالجانب الشرقي، والحسن بن الحسن، ثمّ
عون الله بن عبد الله بالجانب الغربي، ومحمّد بن سماعة، وشريك بن عبد الله، وعلي بن حرملة، حجابه: بشر مولاه، ثمّ محمّدُ بن خالد، ثمّ الفضلُ بنُ الربيع.
وبويع بعده لولده محمّدٍ الأمين سنة ثمان وتسعين ومئة، وله تسع وعشرون سنة، وثلاثة أشهر، فأقام أربع سنين وسبعةَ أشهر وثمانية عشر يوماً، وكان الرشيد جعل عهده إلى ابنيه: الأمين، والمأمون، وكتب بينهما شرطاً، وتخالفا، وعلّق الكتاب في الكعبة، ودفع إلى إبراهيمَ الحَجَبِيِّ ليعلّقه، فوقع من يده، فعُرف من ذلك سرعةُ انتقاضه، ولم يزل المأمون في دَعَة، والمأمونُ بخراسان سنتين وأشهراً، ثمّ أغرى الفضل بن الربيع، فنصّب الأمينُ ابنَه موسى لولاية العهد بعدَه، وأخذ البيعةَ، ولقّبه: الناطقَ بالحقِّ سنةَ أربع وتسعين، وجعله في حجر عليِّ بنِ عيسى، ووجّه عليَّ بن عيسى إلى خراسان، ووجّه المأمونُ هزيمةَ بن عمرٍو على مقدّمة طاهر بن الحسين، فقتل عليَّ بنَ عيسى، ولم تزل الحربُ بين الأمين والمأمون سنين، ثمّ لجأ الأمينُ إلى مدينة أبي جعفر، ثمّ قُتل سنة ثمان وتسعين، وزراؤه: الفضلُ بنُ الربيع، ثمّ إسماعيلُ بنُ صبيح، وغيرُه، قضاتُه: إسماعيل بنُ حمادِ بنِ أبي حنيفةَ، وأبو البَخْتريِّ، ومحمّد بن سماعة، حاجبه: العبّاس بن الفضل.
ولم يكن الأمينُ بمحمودِ السّيرة في ولايته.
ثمّ ولي بعدَه المأمون، بويع له يوم الأحد، لخمسٍ بقين من المحرم، سنة ثمان وتسعين، فأقام في الخلافة عشرين سنة وخمسةَ
أشهر، وبايع لعليِّ الرضا بن موسى بن جعفر لولاية عهدِه في شهر رمضان سنة إحدى ومئتين، ولبس الخضرة، ومات على سنة ثلاث، ودعا إبراهيمُ بنُ المهديِّ لنفسه بالخلافة، ولقّب نفسه: المبارك، وبويع له ببغداد سنة اثنتين [ومئتين]، وأقام أحدَ عشر شهراً وأياماً، ثمّ استخفى.
وفي سنة أربع ومئتين رجع المأمون إلى الناس بالسواد، وفي سنة اثنتي عشرة أظهر المأمونُ القولَ بخَلْق القرآن، وقال في عليٍّ: إنّه أفضلُ الناس بعدَ الرسول، فأتعسَ نفسَه، وابتدعَ البدعَ التي لم تُطْفَ حتّى حصل بها الشرورُ والفتن والمحن الزائدة، وكان عليه وزرُ ذلك كلّه إلى يوم القيامة، وزراؤه: الفضلُ بنُ سهل ذو الرئاستين، ثمّ أخوه الحسن، ثمّ أحمد بن أبي خالد، ثمّ أحمد بن يوسف، قضاته: محمد بن عمر الواقديّ، ثمّ محمد بن عبد الرحمن، ثمّ بشير بن الوليد، ثمّ يحيى بن أكثم، حجابه: عبد الحميد بن شبيب، ثمّ محمد، وعليّ بنُ صالح، ثمّ إسماعيلُ بن محمد بن صالح.
ثمّ بويع بعده لأخيه المعتصم بالله، فأقام ثمانَ سنين وثمانية أشهر، وتوفي لاثنتي عشرة ليلةً بقيت من شهر ربيع الأول، سنة سبع وعشرين ومئتين، وسنّه ثمان وأربعون سنة، وهو المثمِّن من اثنتي عشرة جهة: الثامنُ من ولد العباس، والثامن من الخلفاء منهم، وولي سنة ثمان عشرة، وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر، وتوفي وله ثمان وأربعون سنة، في الشّهر الثامن من السنة، وخلّف ثمانية ذكور، وثمان إناث، وغزا ثمان غزوات، وخلّف ثمانية آلاف دينار، وثمانية آلاف درهم.
وهو الذي أظهرَ الكفرَ، والقولَ بخلق القرآن، وقتل خلائقَ من العلماء بسبب ذلك، وضربَ أحمدَ بنَ حنبل، ومات شرَّ موتة، وزراؤه: الفضل بنُ مروان، ثمّ أحمدُ بن عمار، ثمّ محمد بنُ عبدالملك، قضاتُه: سعيد بن سهل، ثمّ محمد بن سماعة، ثمّ عبد الله بن غالب، وأحمدُ بن أبي دؤاد، وأبو جعفر بن عيسى،
حجَّابُه: وصيفٌ مولاه، ثمّ محمّدُ بنُ حماد.
ثمّ بويع بعده لولده الواثقِ بالله، بويع له يوم الخميس، لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، سنة سبع وعشرين ومئتين، فأقام خمس سنين، وسبعة أشهر، وستة أيام، وكان رديء السيرة، أظهرَ المحنَ والأمور الرّديّة، وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين ومئتين، وزيره: محمّدُ بنُ عبد الملك، قاضيه: أحمدُ بن أبي دؤاد، حجابه: رباح، ثمّ وصيفٌ، ثمّ أحمدُ بن عمار.
ثمّ بويع بعده لأخيه المتوكّل على الله سنة اثنتين ومئتين، فأقام أربعَ عشرةَ سنة، وتسعة أشهر، وتسعة أيام، وقُتل ليلة الأربعاء في شوّال سنة سبع وأربعين ومئتين، وله أحدٌ وأربعون سنة، وهو الذي رفع المحنةَ، ومنع من الجدل، وصَفَت له الدنيا، وزراؤه: محمد بن عبد الملك، ثمّ محمد بن الفضل الجرجاني، ثمّ عبيد الله بن يحيى بن خاقان، قضاتُه: يحيى بن أكثم، ثمّ جعفرُ بنُ محمد، ثمّ جعفر بن عبد الله العباسيُّ، حجابه: وصيفٌ، ثمّ محمد بن عاصم، ثمّ يعقوبُ بن قوصرةَ، ثمّ الموريانيُّ، ثمّ إبراهيم بن الحسن.
ثمّ بويع بعده لولده المنتصر بالله في شوّال سنة سبع وأربعين
ومئتين، وتوفي بالرقة سنة ثمان وأربعين، وزيره: أحمدُ بنُ الخصيب، قاضيه: جعفرٌ العباسيُّ، حجابه: وصيفٌ، ثمّ بُغا، ثمّ ابنُ المرزبان، ثمّ أوتامش.
ثمّ بويع للمستعين أبي العباس أحمدَبنِ محمّدِ بنِ المعتصم يوم الائنين شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وأربعين ومئتين، وخلع نفسَه لأربعٍ خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وكانت خلافته ثلاث سنين، وتسعة أشهر، وأحدر إلى واسط، وكان بها أحمدُ بن طولون، ثمّ قُتل آخر شهر رمضان من هذه السنة عن إحدى وثلاثين سنة وثلاثة أشهر.
وكان تسلّم الخلافةَ منه المعتزُّ بالله سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وفي سنة ثلاث توفي نائبُ بغداد محمّدُ بن عبد الله بن طاهر، وكبيرُ الأمراء وصيفٌ التركي.
وفي سنة أربع توفي بُغا الصغيرُ.
وفي سنة خمس كانت وقعةُ الزَّنْج، وفيها دخل جماعةٌ من الجند على الخليفة، فأحاطوا بقصر الخلافة، وهمّ عليه جماعةٌ، فضربوه بالدبابيس، وألزموه بخلع نفسه، ثمّ أطلقوه بعد ذلك.
ثمّ بويع بعده للمهتدي بالله في رجب، سنة خمس وخمسين ومئتين، فأقام أحد عشر شهراً وأيامًا، وكان تَشَبَّه بعمرَ بن عبد العزيز من بني أمية، وقُتل يوم الثلاثاء لأربعَ عشرةَ خلت من رجب، سنة ستٍّ وخمسين، وله تسع وثلاثون سنة، وزراؤه: سليمانُ بنُ وهب، وجعفرٌ أبو محمد الإسكافي، وصالح بن أحمد، قاضيه: الحسنُ بن
أبي الشوارب، حجابه: صالحُ بنُ وصيف، وبايك باك، وموسى بن بُغا.
وأقام بعده في الخلافة المعتمدُ على الله، وكان قد بويع له لأربعَ عشرةَ ليلةً خلت من رجب سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة وبعض أيام، وتوفي ببغداد في رجب، سنة سبع وسبعين ومئتين وله خمسون سنة، وكان مقبِلاً على اللذات، مشغولاً عن الرعية، وكان جعل أخاه طلحةَ وليَّ عهده، ولقّبه: الموفق، وجعل إليه المشرق، وجعل ابنه جعفراً وليَّ عهده، ولقّبه: المفوّض إلى الله، وجعل إليه المغرب، وغلب الموفقُ على الأمر، وقام أحسنَ قيام، ومال الناس إليه، وكان مشغولاً بقتال عليِّ بنِ محمّدٍ صاحبِ الزنج، المعروف بعلويِّ البصرة، وكان ظهوره في شوّال، سنة خمس وخمسين في خلافة المهتدي، وقُتل في صفر سنة سبعين، وكان من الخوارج الخبثاء، قتل خلائقَ من الناس، وكان المعتمد قد سار في جمادى الآخرة سنة سبع وستين ومئتين يريد مصر بمكاتبة جرت بينه وبين أحمد بن طولون، فلما بلغ الموفقَ ذلك وهو في القتال، إذا صاحبُ الزّنج وجَّهَ إسحاقَ بن كيراج، فردّه، وسلّمه إلى صاعد بن مخلد، فأنزله دارَ ابن الخصيب بسُرَّ مَنْ رأى، وحَجَر عليه، ولقّب الموفقُ إسحاقَ بذي السبقين، وولَّاه أَعمالَ ابن طولون، ولقّب صاعدَ بن مخلد بذي الوزارتين، وصار ابنُ طولون بدمشق، فجمع القضاة والعلماء، وخلع الموفَّق، وأفتى الفقهاء كلُّهم بخلعه إلا بكّارَ بنَ قتيبة، فحبسه، وأمر الموفقُ بلعن ابنِ طولون على المنابر، ثمّ مات ابنُ طولون بشهر [ذي] القعدة سنة
سبعين ومئتين، ومات ابنه العباس بعده باثنتي عشرة سنة، ثمّ مات الموفق سنة ثمان وسبعين ومئتين، فردّ المعتمدُ ولاية عهده إلى ابنِ الموفَّق، وهو أحمد المعتضدُ بالله، ووزراء المعتمد: عبيدُ الله بنِ يحيى بن خاقان، ثمّ سليمانُ بن وهب، ثمّ بُسْرُ بن خالد، ثمّ صاعدُ بن مخلد، ثمّ أبو الصقر، وقضاتُه: الحسنُ بن أبي الشوارب، وعليُّ بن محمد، وحُجَّابُه: موسى بن بُغا، ثمّ جعفر، ثمّ خطارمش، ثمّ بكتمر، ثمّ عليٌّ الحسار.
وأما المعتضد بالله أحمدُ بنُ الموفق، فبويع له لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب، سنة سبع وسبعين ومئتين، فأقام تسع سنين، وتسعة أشهر، وأربعة أيام، وتوفي آخر سنة سبع وثمانين ومئتين، وعمره ستٌّ وأربعون سنة. وزراؤه: عبيد الله بن سليمان، وغيرُه، قضاتُه: إسماعيل بن إسحاق، ثمّ أبو العباس أحمدُ بن محمد اليزيديُّ، ثمّ أبو حازم عبدُ الحميد بن عبد العزيز، ثمّ يوسفُ بن يعقوب بن أبي الشوارب، ثمّ أبو عمر محمّدُ بن يوسف، حاجبُه: صالح الأمين.
وكان بعده المكتفي بالله بنُ المعتضد، بويع له لسبعٍ بقين من شهر ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين، فأقام ستَّ سنين، وستة أشهر، وعشرين يوماً، وتوفي ببغداد [في] شهر [ذي] القعدة، سنة خمس وتسعين ومئتين، وعمره إحدى وثلاثون سنة وأشهُر، وزراؤه: القاسم بنُ عبيد الله بن يعقوب، ثمّ أبو عمرو بنُ أبي الشوارب، حاجبه: خفيف.
ثمّ بويع بعده للمقتدِر بالله بنِ المعتضِد في ذي القعدة، سنة خمس
وتسعين ومئتين، فأقام أربعاً وعشرين سنة، وأحدَ عشَر شهراً، وأربعةَ عشَر يوماً، وقُتل يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة، وسنه ثمان وثلاثون سنة، وشهر، وخمسة أيام، أفضت إليه الخلافة وله ثلاث عشرة سنة، وشهر وبعض شهر، فدبَّر الوزراء والكُتَّاب، وغلب على أمره النساء والخدم، حتى إن جارية لأمه كانت تجلس للمظالم ويحضرها القضاة والفقهاء، وخلع مرتان، فأما المرة الأولى؛ فإن الحسن بن حمدان ومحمد بن داود بن الجراح دبرا مع جماعةٌ من القواد خلعه، فخلع يوم السبت لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين، وبويع لعبد الله بن المعتز، ولقب المرتضى بالله، ثمّ اضطرب أمره وهرب واستتر عند ابن الجصاص، ولم يتم له الأمر غير يوم واحد وليلة، وعاد الأمر إلى المقتدر، ثمّ قبض على ابن المعتز،
وصودر ابن الجصاص، ثمّ أخرج ابن المعتز ميتا من دار السلطان لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، فسلم إلى أهله، فدفن، وله خمسون سنة. والخلع الثاني في نصف المحرم سنة ست عشرة وثلاث مئة، وأشهد على نفسه بالخلع، وبويع أخوه القاهر، وأقام يومين، ثمّ عاد الأمر إليه، وأمن القاهر على نفسه، ثمّ إن موسى الخادم سار يريد بغداد بعد أن استولى على ديار ربيعة وأعمال الموصل، فحسَّن للمقتدر أن يخرج إلى قتاله، فخرج إلى باب الشماسة، واقتحم العسكر، فقتله رجلٌ من البربر وأخذ رأسه وثيابه، ودفن هناك، ووقع في أيامه ما لم يوجد قبله، منها أنه ولي وهو صبي ولم يلي في الإسلام أحد قبله في سنه، ومنها: أنه استوزر اثني عشر وزيراً، ومنها: أن الحج بطل في أيامه سنة سبع عشر وثلاث مئة، ومنها: أن الحجر الأسود
أخذ في أيامه، وذلك أن أبا طاهر سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي دخل مكة يوم التروية، فقتل الحاجَّ، ورمى القتلى في زمزم، وأخذ الحجر الأسود، وعرَّى الكعبة، وقلع بابها، وبقي الحجر عندهم اثنتين وعشرين سنة إلا شهراً، ثمّ ردوه على يد سنبر لخمس خلون من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، وكان بجكم بذل لهم في رده على ما يذكر خمسين ألف دينار، فما فعلوا، وقالوا: أخذناه بأمر، ولا نرده إلا بأمر، وكان أخذه في أيام أحد أئمة مذهبنا أبي القاسم الخرقي رضي الله عنه ذكره الذهبي، ولذلك قال في "مختصره" الذي وضعه في الفقه على مذهب الإمام أحمد-: يستلم الحجر الأسود إن كان، وإلَّا استلم موضعه (1).
وذكروا أنهم لما أخذوه، ثَقُل عليهم، فلم يقدروا على أن يوصلوه إلى مكانهم، حتى بدَّلوا تحته بضعةَ عشرَ بعيراً، وإنهم لما ردُّوه، ردَّهُ بعيرٌ واحد أقلَّ ما يكون من الثِّقل.
وفي أيامه قُتل الحَلَّاج.
ويقال: إنه جمع أموالاً لم يجمعها أحدٌ من الخلفاء قبله، وزراؤه: العباسُ بن الحسن، أبو الحسن بنُ القزاز، محمد بن عبيد الله بن خاقان، أبو الحسن على بن عيسى، حامد بن العباس، أبو القاسم الخاقاني، أبو على بن مقلة، أحمد بن عبيد الله بن الخصيب، سليمان بن الحسن بن مخلد، عبيد الله بن محمد الكلوذاني، الحسن بن
(1) انظر: "مختصر الخرقي"(ص: 58)، وقال فيه: ثم أتى الحجر الأسود إن كان فاستلمه إن استطاع.
القاسم بن عبد الله، الفضل بن جعفر بن الفرات، قضاتُه: يوسفُ بن يعقوب، ثمّ ابنه محمّدُ بنُ يوسف أبو عمر، ثمّ عبد الله بنُ أبي الشوارب، ثمّ ابنه محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول، ثمّ عمر بن محمد بن سيف، ثمّ الحسن بن عبد الله، ثمّ محمد بن الحسن بن مالك، ثمّ ابن أبي الشوارب، حجابهُ: سوسن مولى المكتفي، نصرٌ القسوري، ياقوتُ مولى المعتضد، إبراهيم ومحمّد ابنا رائق.
وبويع بعده للظاهر بالله محمّدِ بن المعتضد يومَ الخميس، لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلاث مئة، فأقام سنةً، وستةَ أشهر، وثمانية أيام، وخُلع، وسُمِلَتْ عيناه لستٍّ خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، ثمّ كبس عليه الغلمان، فقبض [عليه]، وحبس، وأُخرج أبو العباس أحمدُ بنُ المقتدر من حبسه، ولقب: الراضي بالله، وسُلِّم عليه بالخلافة في يوم الأربعاء، لستٍّ خلون من جمادى الأولى، وأحضر القضاة وجماعة من الشهود، وأُدخلوا على القاهر ليشهدوا عليه بالخلع، فقال: لي في أعناقكم بيعة، ولست أُحَلِّلُكم منها، فانصرفوا، واستدعى في تلك الليلة أحمد بن أبي الحسين الصابئ، وكحل القاهر بمسمار محمي دفعتين، بعد أن أقيم بين يدي الراضي، وسلم عليه بالإمارة، وكان القاهر أولَ من سُمِلَ من الخلفاء، ولم يزل باقياً في دار السلطان إلى أن أخرجه المستكفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة ورده إلى ولده، فأقام مدة، ثمّ خرج إلى جامع البصرة في يوم الجمعة، وقام يعرّف الناسَ بنفسه، وسألهم أن يتصدَّقوا عليه، فقام إليه ابنُ أبي موسى الهاشميُّ الحنبليُّ، فأعطاه ألفَ درهم، وردَّه إلى داره، وتوفي في خلافة المطيع ليلة الجمعة في جمادى الأولى، سنة تسع
وثلاثين وثلاث مئة، وله اثنتان وخمسون سنة، وزراؤه: أبو علي بن مُقْلَة، ثمّ محمد بن القاسم، ثمّ أحمد بن عبيد الله، ثمّ علي بن يلبق، ثمّ سلامة الطولوني، قاضيه: عمر بن محمد.
ثمّ استمر الراضي بالله، وكان قد بويع له يوم الأربعاء من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، وكانت خلافته ستَّ سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وتوفي بالإستسقاء شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين، وكان سنُّه اثنتين وثلاثين سنة، ومات في أيامه عبيدُ الله المهدي صاحبُ المغرب سنة اثنتين وعشرين، وكانت ولايته خمساً وعشرين سنة وأشهراً، وكان في أيامه ظهورُ عليِّ بن محمد السمعاني أبي العذافر، وكان ادَّعى الربوبية سنة اثنتين وعشرين، وقُتل هو وابن أبي عون، لأنه أقر أنه إلهُهُ، وقيل: إن الحسن بن القاسم بن وهب الوزيرَ اعتقد ذلك -أيضاً-.
وفي أيامه ضَرب أبو علي بنُ مقلة ابنَ سنبوذ المقرئ سبعَ درر؛ لأجل قراءات أُنكرت عليه، فدعا عليه بقطع اليد، وتشتيت الشمل، فلم يمض عليه غيرُ القليل حتى قُبض عليه، وقطعت يده ولسانه، ولحقته أمور كثيرة، وعللٌ ومصائب، ثمّ مات، ونُبش ثلاث مرات.
وفي أيامه اعترض له أبو طاهر -الذي كان أخذ الحجر الأسود- الحاجَّ، وقتل منهم خلائقَ، وسبى جماعة سنة ثلاث وعشرين.
وفي أيامه مات ابنُ مجاهد.
وزراؤه: أبو علي بنُ مقلة، ثمّ ابنه الحسين، ثمّ عبد الرحمن بن عيسى، ثمّ محمد بن القاسم، ثمّ سليمان بن الحسن بن مخلد، ثمّ
الفضل بن جعفر، وأبو عبد الله اليزيديُّ، وقضاتُه: عمر بن محمد بن يوسف، ثمّ ابنه يوسف بن عمر، حُجَّابه: محمد بن ياقوت، ثمّ ذكيٌّ مولاه.
وبعده كان المتقي بالله إبراهيمُ بنُ المقتدر، بويع له يوم الأربعاء، لعشرٍ بقين من ربيع الأول، سنة تسعٍ وعشرين وثلاث مئة، فأقام ثلاث سنين، وأحدَ عشرَ شهراً، ثمّ خُلع، وسُملت عيناه لعشرٍ بقين من صفر، سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، وكان بجكم يدبر الملك إلى أن قتل، وأقام سنتين وثمانيةَ أشهر، ثمّ صار التدبيرُ بعده لكورتكين أبي شجاع، فكتب المتقي يستدعي ابنَ رائق، فسار من دمشق، ووصل إلى بغداد، فهرب كورتكين، وكانت إمارته ثمانين يوماً، وخلع على ابن رائق سنة تسع وعشرين، وكان في أيامه غلاء وشدة، ووصل أبو الحسن اليزيديُّ إلى بغداد، وملك أصحابُه دار السلطان، وصرف المتقي وابنَه وابنَ رائق إلى الموصل، فقُتل ابنُ رائق، قتله ابنُ حمدان، واعتذر إلى المتقي من قتله، وقال: إنما قتلته؛ لأني علمتُ أنه يريد الإيقاعَ بك، فعذرَه، ورد إليه تدبير الملك، ولقّبه: ناصر الدولة، ثمّ سار المتقي وابنُ حمدان وأخواه إلى بغداد، فأقام ناصرُ الدولة ثلاثة عشر شهراً، ثمّ خلع المتقي على توزون، وصار إليه التدبير، وقامت الحرب بين سيف الدولة ابن حمدان وبين توزون، وسار المتقي بنفسه وحرمه إلى الموصل في شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة خوفاً على نفسه، وانهزم سيفُ الدولة، وعاد توزون إلى بغداد، وراسله المتقي في الصلح، فأجاب إليه، ووصل الأخشيد من مصر في المحرم سنة ثلاث
وثلاثين، فسأل المتقي أن يسير معه إلى مصر، فأتى، وظهر له أن بني حمدان قد ضجروا من مقامه عندهم، فاستقبله توزون، وقبّل له الأرض، وقبّل يده ورجله، وركب وسار معه، ونزل المتقي هو وحرمُه في مضرب توزون، وأنفذ توزون، فأحضر عبد الملك بنَ المكتفي، وبويع له، ولقّب: المستكفي، وسلّم إليه المتقي، فأخرجه إلى جزيرة بقرب السندية، وسُملت عيناه بعد أن أقيم بين يدي المستكفي، وسُلِّم عليه بالخلافة، وأشهدَ على نفسه بالخلع.
ولم يزل المتقي باقياً إلى أن توفي في خلافة المطيع سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، وله ستون سنة.
وزراؤه: أحمدُ بن محمد، ثمّ اليزيديُّ، ثمّ سليمانُ بن الحسن، ثمّ أبو إسحاق المرابطيُّ، ثمّ محمد بنُ القاسم الكرخيُّ، ثمّ أحمد بن عبد الله الأصبهانيُّ، ثمّ علي بن مقلة، ثمّ محمد بن عيسى، ثمّ أبو طاهر محمد بن أحمد، ثمّ أبو الحسن أحمد بن عبد الله، حُجَّابه: سلامة مولى خمارويه، ثمّ بدرٌ الجوشني، ثمّ أحمد بن خاقان.
ثمّ بعده المستكفي بالله بنُ المكتفي، بويع له لعشرٍ بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين، فأقام سنة وأربعةَ أشهر، وخُلع، وسُملت عيناه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين، ولقّب نفسَه آخرَ سنة ثلاث وثلاثين: إمام الحقّ، وضرب ذلك على الدينار والدرهم.
ومات توزون لثمان بقين من المحرم سنة أربع وثلاثين، وكانت إمارته سنتين وأربعةَ أشهر، واجتمع الجيشُ على محمد بن يحيى بن شيرزاد كاتبِ توزون، ووصل بنو بويه في جمادى الأولى سنة أربع
وثلاثين، فقلّد المستكفي أبا الحسين أحمدَ بنَ بُوَيْه الإمارةَ، ولقّبه: معزّ الدولة، ولقّب أخاه أبا الحسن عليّاً: عمادَ الدولة، ولقّب أخاه أبا عليٍّ الحسنَ: ركنَ الدولة، وخلع عليهم، ونزل الديلمُ دورَ الناس.
ثمّ إن قهرمانة المستكفي صَنَعت دعوة، وأحضرت جماعةً من الديلم، فاتهمها معزُّ الدولة أنها أرادت أن تعقد على الديلم بيعةً في بعض رئاسته، فركب إلى دار السلطان في يوم الخميس، لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين، ووقف بين يدي المستكفي على رسمه، وتقدّم إلى المستكفي رجلان من الديلم، فمدّا إليه أيديهما، وصاحا صياحاً عظيماً بالفارسيّة، فقدّر أنهما يريدان تقبيلَ يده، فمدّها إليهما، فجذباه، وسحباه بعمامته في عنقه، وقام معزّ الدولة، وقبض الديلمُ على القهرمانة وابنيها، وسبق المكتفي إلى دار معزّ الدولة، ماشياً، ونهبت دار السلطان، ثمّ أُحضر المطيع، وأُقيم المستكفي بين يديه، وسُلِّم عليه بالخلافة، وأشهدَ على نفسه بالخلع، ثمّ سُمِلَ، ولم يزل في دار السلطان إلى أن توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثلاثين، وله لستّ وأربعون سنة وأشهر، وزراؤه: محمد بن عليٍّ، وغيرُه، قضاتُه: أحمدُ بنُ عبد الله الحرميُّ، ابن أبي موسى، موسى بن محمد، ابن أبي الشوارب، محمد بن أحمد بن نصر، عتبة بن عبد الله الهمذاني، محمد بن صالح بن أم سيّار، كاتبُه: أحمد بن خاقان.
وكان بعده المطيعُ لله بنُ المقتدر، بويع له لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين، فأقام تسعاً وثلاثين سنة، وأربعةَ أشهر، وأياماً، ثمّ خلع نفسه، ولقّب ابنَه أبا بكر: الطائعَ لله في اليوم الثالث
عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، ومات لثمان ليال من المحرم، سنة أربع وستين، وله ثلاث وستون سنة، والمدبر للملك معز الدولة ابن بويه إلى أن توفي شهر ربيع الآخر سنة ست وخمسين، وصارت المملكة لابنه بختيار أبي منصور عز الدولة، وفي أيامه مات الإخشيد محمد بن طغج أمير مصر بدمشق سنة أربع وثلاثين، وأخذ مكانه ابنه محمود، وغلب كافور الخادم على أمره، ثمّ مات محمود سنة خمس وخمسين، فأخذها كافور إلى أن مات سنة سبع وخمسين، فعقد الأمر لأحمد بن علي بن الإخشيد.
وفي أيامه مات القائم أبو القاسم صاحب المغرب سنة أربع وثلاثين، وعمره خمس وخمسون سنة، ومات ابنه المنصور سنة إحدى وأربعين، وعمره تسع وثلاثون، ثمّ دخل جوهر إلى مصر من قبل المعز صاحب المغرب سنة ثمان وخمسين، وخرجت مصر والشام والحجاز عن دولة بني العباس.
وفي أيام المطيع تغلب الدمستق على كثير من ثغور المسلمين، وملك حلب وأقام بها أياماً، وسبا من المسلمين عدة ألوف، وقتل ملك الروم وتزوج زوجة الملك، وعزم على خصي ولديها، فأدارت عليه الحيلة وقتلته سنة تسع وخمسين، وقعد الأكبر من ولديها في الملك، وزراء المطيع: أبو الحسن بن مقلة، أبو أحمد الشيرازي، وكان أبو جعفر الصَّيمري يكتب لمعز الدولة، ثمّ كتب له أبو محمد المهلبي، ثمّ أبو العباس الشيرازي، وأبو الفرج محمد بن العباس الشيرازي، قضاته: محمد بن الحسن، ابن أبي الشوارب، ومحمد الهاشمي،
ومحمد بن أكثم، وأبو الشوارب، حجابه: بختيار بن معز الدولة، ثمّ عبد الواحد بن أبي عمر الشيرازي.
وبعده الطائع لله بويع له يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، فأقام سبع عشرة سنة، وتسع أشهر، وخمسة أيام، إلى أن قبض عليه بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وخلع نفسه بعد أن بويع للقادر، وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وكان مدبر الملك في أيام بختيار بن معز الدولة إلى أن قتله ابن عمه أبو شجاع عضد الدولة، ولم يزل عضد الدولة في الملك إلى أن مات سنة ثلاث وسبعين، وولي ولده ضمضام الدولة ثمّ سمل وقتل، ثمّ بعده أخوه أبو الفوارس شرف الدولة، ثمّ توفي وولي أخوه بهاء الدولة.
وكان بعد الطائع القادر بالله أبو العباس أحمد، بويع له لتسع بقين من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وجدِّدت له البيعة في شهر رمضان من السنة، فأقام في الخلافة إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر، وتوفي بذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، وله ست وثمانون سنة وأشهر، ودبر الملك في أيامه بهاء الدولة إلى أن مات، ثمّ ابنه أبو شجاع سلطان الدولة إلى أن توفي، ثمّ أخوه أبو على شرف الدولة إلى أن توفي، ثمّ بغداد خاصة أبو طاهر جلال الدولة. وزراؤه: محمد بن أحمد الشيرازي، وسعيد بن نصر، وسعيد بن الحسن، وعلي بن عبد العزيز، ثمّ ابنه أبو الفضل، ثمّ أبو أيوب محمد بن محمد بن
صاحب النعمان، ثمّ محمد بن أيوب.
ثمّ كان بعده القائم بالله أبو جعفر، بويع له في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، فأقام في الخلافة خسماً وأربعين سنة وله سبع وسبعون سنة، وأول ما ولي كانت السلطنة لجلال الدولة. وفي سنة ثلاث ثارت الأتراك عليه وهموا بعزله، فهرب إلى عكبرا، وافتقر حتى باع بعض قماشه، وفي سنة أربع اشتد البلاء بالعيارين والحرامية، وقتلوا صاحب الشرطة، ونهبوا الناس، ولم يبق أحد يجسر يسمي مقدمهم البرجمي، بل يقولون القائد أبو على، وتطلبه جماعةٌ من الأمراء فبرز لقتالهم وقال: من العجب خروجكم إلي وأنا كل ليلة عندكم، فلم يتجاسروا على الإقدام عليه، وقوي الشر، وثار الجند لجلال الدولة، وقبضوا عليه وأهين، فانتصر له القائد وأخذه منهم ورده إلى داره، ثمّ تحول إلى دار الشريف المرتضى وهم العسكرية، ثمّ اختلفوا ثمّ أذعنوا لطاعته.
وفي سنة خمس: قتل البرجمي مقدم العيارين.
وفي سنة ست: قوي أمر العيارين بحيث إنهم تملكوا البلاد في المعنى. وفي سنة سبع: مات صاحب مصر الطاهر لإعزاز دين الله علي بن الحاكم العبيدي، وكانت دولته ستة عشر سنة، وضعفت دولة العبيدية.
وبايع المصريون بعده ولدَه المستنصر بالله.
وفي سنة ثمان وعشرين: شغّب الجند على السلطان جلال
الدولة، ثمّ قُطعت الخطبة له، وخُطب لأبي كاليجار، ثمّ اختلفوا، فخطبوا لهما، وشدّ مع جلال الدولة الخليفة.
وفيها: مات الأمير وجيه الدولة بنُ صاحب الموصل، وقد ولي نيابة دمشق ثلاث مرات.
وفي سنة ثلاثين: تملّكت السلجوقية بخراسان، وقهروا مسعود بن السلطان محمود.
وفيها: لقّبت الملوك بأسماء ملوك زماننا، فلقّب أبو من صور بن جلال الدولة بالملك العزيز.
وفي سنة اثنتين وثلاثين: استولت السلجوقية على جميع خراسان.
وفيها: قتلٌ ونهبٌ ومصادرُ تزيد على الوصف.
وفي سنة ثلاث: سار الملك أبو كليجار، ودفع عسكر السلجوقية عن همدان، ومات ملك إشبيليّة ابنُ عبّاد، وتملّك بعده ابنُه عبّاد، ثمّ ابنُ ابنه.
وفيها: مات السلطان مسعود بعد أن قهرته السلجوقية.
وفي سنة خمس: استولى السلطان طُغْرلبك السلجوقي على الريِّ، وأخربها عسكره بالقتل والنهب.
وفيها: مات السلطان جلال الدولة.
وفيها: دخلت السلجوقية إلى الموصل.
وفيها: خطب ببغداد لملك العزيز بن جلال الدولة.
وفيها: مات صاحب قرطبة أبو الحزم جَهْوَر، وأبى أن يتسمّى بالملك.
وفي سنة ست: دخل أبو كليجار الديلمي بغداد، وضرب له الطبل في أوقات الصلوات الخمس.
وفي سنة ثمان وثلاثين: حاصر طغرلبك السلجوقي أصفهان، وخطب له بها.
وفي سنة أربعين: مات السلطان أبو كليجار الديلمي، وتسلطن ابنُه الملأ الرحيم أبو نصر، وكانت دولته أربع سنين.
وفيها: خلع المعزّ طاعة المستنصر العبيدي ببلاد المغرب، وجعلت لبني العباس، وأقام الدعوة للقائم بأمر الله.
وفي سنة إحدى وأربعين: مات صاحب الموصل معتمد الدولة قراووش، وملكَ خمسين سنة، وكان أعرابياً جَلفاً جافياً.
وفيها: مات سلطان غزنة مودود بن مسعود، وكانت دولته عشرين سنة.
و [في] سنة اثنتين وأربعين: ولي شرطة بغداد ابن النسوي.
وفيها: مات الملك العزيز بن جلال الدولة.
وفي سنة سبع وأربعين: تملّك طغرلبك العراق، وقبض على الملك الرحيم، وفرغت دولة آل بويه.
وفي سنة ثمان وأربعين: عظم دستُ الخلافة بطغرلبك، وتزوج الخليفة بأخته.
وفي سنة تسع وأربعين: سُلِّمت حلب لصاحب مصر.
وفي سنة خمسين: توفي الملك الرحيم آخرُ ملوك الديلم.
وفي سنة إحدى وخمسين: قُتل البساسيري.
وفيها: مات صاحب خراسان أخو السلطان طغرلبك، وكان أعدل من أخيه.
وفي سنة اثنتين: حوصرت حلب والرحبة.
وفي سنة ثلاث: ولي نيابة دمشق حسامُ الدولة من جهة صاحب مصر.
وفيها: مات ناصر الدولة صاحبُ مَيَّافارِقين، وكانت دولته إحدى وخمسين سنة.
وفيها: مات صاحب الموصل، وكانت دولته عشرين سنة.
وفي سنة أربع: مات صاحب المغرب.
وفي سنة خمس: ولي نيابة دمشق بنو المستنصري.
وفي سنة ست وخمسين: تسلطن ألب أرسلان بعد عمّه.
وفي سنة ثمان: سلطنَ ألبُ أرسلان ولدَه ملكشاه.
وفي سنة اثنتين وستين: مات ملك المغرب أبو بكر بن عمر، وقام بعده يوسفُ بن تاشفين.
وفي سنة خمس وستين: قُتل السلطان ألب أرسلان.
وفي سنة سبع وستين: مات الخليفة القائم بأمر الله، ولما مرض، افتصد، فانفجر فصاده، فخرج دم عظيم، وخارت قوته، وطلب ابنَ ابنه عبد الله، وعَهِدَ إليه بالأمر، ولقّبه: المقتدي بأمر الله، بمحضر القاضي الدَّامغاني، وأبي إسحاق صاحب "التنبيه"، وأبي نصر بن الصَّبَّاغ، وأبي جعفر بن أبي موسى الهاشمي، والوزير ابن جهير، وطرَّاد الزينبي.
وفي هذه السنة: مات عزّ الدولة صاحبُ حلب.
وفي سنة ثمان: أخذ أتسز دمشقَ من نائب المستنصر، وخطب بها للمقتدي بأمر الله.
وفي سنة تسع: مضى أتسز إلى مصر، وحاصرها، ثمّ قطع، واتخذ القدس، وذبح القاضي والشهود، وقتل بها خلائق.
وفي سنة إحدى وسبعين: أخذ تاجُ الدولة حلب، ثمّ تملَّكَ دمشقَ، وخرج إلى خدمته الملك أتسز، فقبض عليه، وقتله في الحال.
وفي سنة اثنتين: مات صاحبُ ديار بكر، وتملك بعده ابنُه منصور.
وفي سنة سبع وسبعين: سار سليمان بن قتلمش السلجوقي، فنازل أنطاكية، وأخذها من النصارى.
وفي سنة تسع وسبعين: أخذ تتش حلبَ، ثمّ أخذها منه ملكشاه، وسلّمها إلى نائبه قسيم الدولة.
وفيها: أسقطت خُطبة صاحبِ مصر من الحرمين، وخُطب للمقتدي أميرِ المؤمنين.
وفي سنة إحدى وثمانين: مات ملك غَزْنَةَ الملك المؤيدُ إبراهيم بن مسعود، وتملك بعده أخوه جلال الدين.
وفيها: أخذ السلطان ملكشاه سمرقند.
وفي سنة اثنتين: أخذَ بخارى.
وفي سنة ثلاث: أخذت عساكرُ مصر صيدا، وعكا، وجُبيل.
وفيها: تملك ابن الصباح رأسُ الإسماعيلية قَلعة أصبهان، وهو أولُ ظهور الإسماعيلية.
وفي سنة أربع وثمانين: استولى يوسف البربري على ممالك الأندلس، وسجن المعتمد بن عبّاد.
وفي سنة خمس: قُتل الوزير نظامُ الملك.
وفيها: مات السلطان جلال الدولة ملكشاه السلجوقي، وتسلطن بعد والده، وامتدت أيامه، واتّسعت ممالكه، فكان تحت يده ما وراء النهر، وباب الأبواب، والروم، والجزيرة، والعراق، وخراسان، والشام، وملك من كاشغر إلى بيت المقدس طولاً، ومن قرب القسطنطينية إلى بحر الهند.
وفي سنة ست: سار صاحبُ دمشق حين علم بموت أخيه، سار بالجيوش ليأخذ السلطنة، وسار معه نائبُ حلب قسيمُ الدولة، وعسكرُ أنطاكيةَ وحران، وسار فنازل نَصِيبين، وأخذها عَنْوةً، وقصد الموصل،
وقد غلب عليها إبراهيمُ بن قريش العقيليُّ، فانكسر إبراهيم، وأُسر فذُبح، ثمّ سار، فملك مَيَّافارِقين، ثمّ حاصر قسيمُ الدولة وبوزان، وتحولوا إلى بركباروق، فضعف بذلك تتش، ورجع، وعظم بذلك بركباروق.
وفيها: دخل بركباروق بغداد، وقلّده الخليفةُ، وخُطب له.
وفي سنة سبع وثمانين: التقى تتش وقسيم الدولة، فأَسَر قسيمَ الدولة، وذبحه، ثمّ حاصر حلب، وأخذها، وتسلّم حرانَ والرَّهَا، وكثر جيشُه، فقصد بركباروق، فكبسه عسكرُ تتش، فهزموه، فتوصّل إلى أصبهان، وقبضوا عليه.
وفيها: مات صاحبُ مصر المستنصرُ بالله بن الطّاهر، وكانت دولته ستين سنة، وقام بعده ابنُه المستعلي.
وفيها: مات ابن أبي هاشم صاحبُ مكّة.
وفيها: توفّي أميرُ المؤمنين المقتدي بأمر الله، وهو ابن تسع وثلاثين سنة، وكانت خلافته تسعَ عشرةَ سنة، وثلاثةَ أشهر، وبويع بعدَه لولده أبي العبّاس أحمدَ، ولقّبوه: المستظهر بالله.
وفي سنة ثمان وثمانين: تزندقَ أحمد خان صاحبُ سمرقند، فأفتى العلماء بقتله، فقُتل، وأُقيم ابن عمّه.
وفيها: قُتل تتش، قتله مملوكُ قسيم الدولة، واستمرّ في تيّار أستاذه، وانفرد بركباروق بالسلطنة، وتملّك رضوان بن تتش بعد أبيه حلب، وتملّك أخوه دقّاق دمشق.
وفي سنة تسع وثمانين: تملّك كربوقا الموصل.
وفي سنة تسعين: قُتل أرسلانُ بنُ السلطانِ ألب أرسلان السلجوقي، وتسلم بركياروق نيسابور، ومرو، وبلخ، واستعمل أخاه سنجر على خراسان، فدامت دولته عليها نحو ستين سنة.
وفي سنة اثنتين وتسعين: انتشرت دعوة الإسماعيلية الباطنية بأصبهان.
وفيها: أخذ الفرنج بيت المقدس.
وفي سنة أربع وتسعين: كان المصافُّ العظيم بين الأخوين: بركباروق، ومحمد، فانهزم محمد، وأُسر وزيرُه مؤيدُ الملك، فذُبِح.
وفيها: كثر الإسماعيلية بالعراق وأصبهان، وملكوا بعض قلاع؛ لاشتغال الإخوة بالقتال.
وفي سنة خمس وتسعين: مات صاحب مصر المستعلي بالله العبيدي، وبويع بعده ابنُه الآمرُ بأحكام الله منصور، وهو صغير له خمس سنين، والأمورُ كلّها بيد الأفضل أمير الجيوش، وفيها كان المصاف الثالث بين الأخوين: محمد، وبركباروق، وسُعي بينهما في الصلح، وأن تكون السلطنة لبركباروق، ولمحمد حيرة، وأذربيجان، وديار بكر، والموصل، وحصلت بينهما مخالفة، ثمّ بعد شهرين كان بينهما المصاف الرابع، وهرب محمد، فدخل أصبهان في أسوأ حال، ثمّ حُصر بها، ثمّ خرج منها على حمية، وفيها مات صاحب الموصل.
وفي سنة ست وتسعين: وقع مصاف خامس بين الأخوين، وانهزم محمد.
وفي سنة سبع: اصطلحا.
وفيها: مات صاحبُ دمشق دقاق، وأقيم بعده ابنُه.
وفي سنة ثمان: مات السلطان بركباروق، وأقامت الأمراء بعده ولدَه جلالَ الدولة، ثمّ جعل لعمّه محمد.
وفي سنة تسع: ظهرت الإسماعيلية بالشّام.
وفي سنة خمس مئة: مات صاحب المغرب والأندلس أميرُ المسلمين يوسفُ، وتملّك بعده ابنُه عليّ، ويوسفُ هو الذي أنشأ مدينةَ مراكش.
وفيها: انتزع السلطان محمد بن ملكشاه أصبهانَ من الباطنية، وقتل ابن عطّاش رأسَ الإسماعيلية.
وفي سنة إحدى وخمس مئة: وقع بين السلطان محمد، وبين سيف الدولة الأسدي صاحبِ الحلّة ملك عرب العراق.
وفيها: مات صاحبُ إفريقية تميمُ بن المعزّ.
وفي سنة ثلاث: أخذت الفرنجُ طرابلس، وبانياس، والجبيل، وحصن الأكراد.
وفي سنة أربع: أخذوا بيروت، وصيدا، وغير ذلك، وخاف المسلمون أن يتملكوا إقليمَ الشّام، وطلبوا منهم الهدنة، وصالحهم صاحبُ حلب، وصاحبُ حماة.
وفي سنة ست: مات صاحب سيس، وصاحب أنطاكية، وصاحب حمص قراجا، وتملّكها بعده ابنُه خيرخان.
وفي سنة سبع: مات صاحبُ حلب رضوانُ السلجوقي، وتملّك بعده أخوه أرسلان، فقتلَ أخوين له، وقتل رأسَ الإسماعيلية أبا طاهر الصائغ، ونزحت الإسماعيلية من حلب.
وفي سنة ثمان: مات سلطان الهندِ وغزنةَ علاءُ الدولة مسعود.
وفيها: وثب على أرسلان صاحب حلب غلمانُه، فقتلوه وملّكوا أخاه سلطان شاه.
وفي سنة تسع: قدم عسكر السلطان محمد الشام، فأخذوا كفرطاب من الفرنج.
وفي سنة إحدى عشرة: مات السلطان محمد السلجوقي، وله سبع وثلاثون سنة، وقام بعده ولده محمود.
وفي سنة اثنتي عشرة: توفي أمير المؤمنين المستظهرُ بالله العباسي، مات بالخوانيق، وغسّله ابن عقيل الحنبلي، وبويع بعدَه ولدُه الفضل، ولقّب بالمسترشد بالله.
وفي سنة ثلاث عشرة: خرج عليه أخوه، وفيها قصد سنجر العراق بعد موت أخيه ليتسلطَنَّ، فلمّا سمع محمود بن محمد بحركة عمّه، راسله، وخضع له، فلم يفد، فسار إليه، واقتتلا، ثمّ اصطلحا.
وفي سنة أربع عشرة: خُطب لهما معاً، ثمّ وقع الخلفُ بين محمود وبين أخيه مسعود، ثمّ اقتتلا، وهرب مسعود، ثمّ اصطلحا.
وفيها: ظهر محمد بن تومرت بالمغرب، وزعم أنه المهدي.
وفي سنة خمس عشرة: مات بمصر الأفضلُ أميرُ الجيوش، وكانت ولايته ثماني وعشرين سنة، وولي الوزارة بعده البطائحي.
وفي سنة ست عشرة: توفي صاحبُ ماردين، وجدُّ ملوكها نجمُ الدين إيلغاري، وتملك بعده ابنُه تمرتاش.
وفي سنة اثنتين وعشرين: مات صاحب دمشق طغتكين، وتملّك بعده ابنُه تاجُ الملوك.
وفي سنة أربع وعشرين: مات صاحبُ مصر الآمرُ بأحكام الله منصور، وكانت دولته ثلاثين سنة، وبويع بعده ابنُ عمّه الحافظُ عبدُ المجيد.
وفي سنة خمس وعشرين: توفي السلطان مغيثُ الدين محمود السلجوقي، وتسلطن بعده أخوه طغربل.
وفي سنة ست وعشرين: قدم مسعود بعد وفاة أخيه محمود، وأخيه سلجوق، وكلُّ منهما يطلب السلطنة، ووصل سنجر إلى همذان، ووقع بينهم مقتلة عظيمة، وقتل فيها قراجا.
وفيها: مات صاحبُ دمشق تاجُ الملوك، وكانت دولته أربع سنين، جرحه الإسماعيلية، فتعلَّلَ، ومات، وتملّك بعده ولدُه شمسُ الملوك.
وفي سنة سبع وعشرين: خُطب ببغداد لمسعود، وحاربه أخوه طغربل، وفيها أخذ شمسُ الملوك بانياس من الفرنج.
و [في] سنة تسع وعشرين: مات طغربل، وفيها هجم جماعةٌ من الإسماعيلية على الخليفة المسترشد بالله، فقتلوه، ثمّ أحيط بهم، فقُتلوا، وكان عمره أربعاً وأربعين سنة، وكانت خلافته سبع عشرة سنة، وسبعةَ أشهر، ووقع للناس عليه المصاب الكبير، وبايع الناس ولدَه الراشدَ بالله.
وفيها: قتلت الباطنية صاحبَ دمشق شمسَ الملوك، وكانت دولته ثلاث سنين، وتملك بعده أخوه محمود.
وفيها: خرجت أمور، وحكم القاضي ابن الكرخي بخلع الرّاشد بالله، وأُحضر عمُّه محمد، فبويع، ولقّب: المقتفي لأمر الله.
وفي سنة اثنتين وثلاثين: استفحل أمرُ الراشد، والتفَّتْ عليه عساكرُ كثيرة، وسار إلى أصبهان، ومعه السلطان داود، فقتله الإسماعيلية، ثمّ قُتلوا.
وفي سنة ثلاث وثلاثين: قُتل صاحب دمشق شهاب الدين محمود بنُ تاج الملوك، وتسلَّمها أخوه محمد.
وفي سنة أربع وثلاثين: وقعت بدمشق حروب، وكذلك بمصر والمغرب.
وفي سنة خمس: وقعت لسنجر حروب، وضعف أمره.
وفي سنة سبع وثلاثين: مات صاحب المغرب عليُّ بنُ يوسف، وتملّك بعده ابنهُ تاشفين، فعجز عن جيش عبد المؤمن، وأخذوا مدائنه.
وفيها: مات كوخان ملك الخطا.
وفي سنة ثمان: توفي وزير بغداد عليُّ بنُ طرَّاد الزينبي.
وفي سنة أربعين: افتتح عبدُ المؤمن صاحبُ المغرب، تلمسان، وفاس.
وفي سنة إحدى وأربعين: قُتل: زنكي بنُ آقسنقر، وتملك ابنُه غازي الموصل، وابنُه نور الدين محمود حلب.
وفي سنة اثنتين: استنقذ نور الدين أرتاج من الفرنج، وتزوج بابنة نائب دمشق معين الدين.
وفي سنة ثلاث: وقع بين الخليفة والسلطان مسعود.
وفي سنة أربع: قتل نورُ الدين صاحبَ أنطاكيّة في ألف وخمس مئة خنزير، وافتتح حصن فامية، وأذل دين الصليب، وأَسَر جولسين صاحب البيرة، والبنا، وعين تاب، وعزاز، وكان قد ألهبَ المسلمين، واستولى نور الدين على بلاده.
وفيها: مات أخوه غازي صاحبُ الموصل.
وقيها: مات معين الدين، وصاحب مصر الحافظُ لدين الله العبيدي، وتملك مصر عشرين سنة، وكان مقهوراً مع أبي على أمير الجيوش، وولي بعده ابنُه ظافر.
وفي سنة خمس وأربعين: حاصر نور الدين دمشق، فخرج إليه صاحبها أبق، ووزيره، وخضعا، فرقّ لهما، وخلع عليهما، وردّ [هما] إلى حلب.
وفي سنة سبع وأربعين: خرجت الغورية على الملك حسين، واستولوا على بلخ، فقاتلهم السلطان سنجر، فظفر بمَلِكهم، وأَسره، ثمّ عفا عنه، فصار بجموعه إلى غزنة، فانهزم منه صاحبُها بهرام من أولاد محمود، وتملكها حسين، وعظم ملكه، وتلقّب بالسلطان المعظّم، واستناب ابني أخيه، وهما: السلطان غياث الدين، والسلطان شهاب الدين، فعدلا في الرعية، وعصياه، فبعث إليهما عسكراً، فكسراه، فالتقاهما بجيشه، فأسرا عمَّهما، ثمّ دخلا به، فأجلساه على التخت، ورفعا في خدمته، فبكى، وزوج غياث الدين بابنته، وفوض إليه الممالك، ثمّ ما تعظم سلطان غياث الدين.
وفيها: مات صاحب ماردين حسامُ الدين، وكانت دولته نيفاً وثلاثين سنة، وتملك بعده ولده ألبي.
وفي سنة ثمان وأربعين: خرجت الغُزُّ على السلطان سنجر، وكسروه، وأسروه، وبَقَّوا الخطبةَ باسمه، وقالوا: أين سلطاننا؟ وأذاقوه الذلّ بعد سلطنة ستين سنة.
فيها: أخذ غياث الدين هَرَاة، وكانت لسنجر، ووقع لأخيه شهاب الدين وقاع بالهند.
وفي سنة تسع: وقعت للخليفة وقائع، وكذلك للسلطان سنجر.
وفيها: قتل خليفةُ مصر الظافرُ بالله الرافضي، وأُقيم ولده الفائزُ بالله وهو صغير مقامه، فبعث أمير المؤمنين المقتفي العهدَ للملك نور الدين، وله أيام قد تملك دمشق، ثمّ ولاه مصر، وأمره بفتحها، وأزال نورُ
الدين عن بلاد الشام ما كان تأخذُه النصارى من المسلمين، ونصرَ دينَ الإسلام.
وفي سنة خمسين: عَظُم شأن نور الدين، وأخذ من الفرنج عدّة أماكن.
وفي سنة إحدى وخمسين: قدم السلطان سليمان بن محمد السلجوقي بغداد مستجيراً بالخليفة، فتلقّاه ابنُ هبيرة، ولم يترجل له لتمكن الخلافة، ثمّ خطب له بالسلطنة بعد اسم سنجر، وسار الخليفة إلى حلوان، وفي خدمته السلطان سليمان.
وفيها: هرب سنجر من الغُزّ.
وفيها: سار سليمان، فهزمه محمد شاه، ثمّ خرج عليه أمير الموصل، فأسره.
وفي سنة اثنتين: وقعت وقعة بين نور الدين والفرنج، ونصره الله عليهم، وأُخذت منهم غزة وبانياس، وأخذ عبد المؤمن بالمغرب عدة بلاد.
وفيها: مات السلطان سنجر السلجوقي.
وفي سنة ثلاث وخمسين: اصطلح الأخوان محمد شاه، وملك شاه.
وفي سنة أربع: أخذ عبد المؤمن المهديَّة من الفرنج، وفيها مات محمد شاه.
وفي سنة خمس: تسلطن سليمان شاه السلجوقي، وذهب
ابنُ أخيه إلى أصبهان ليتسلطنَ، فمات، فقبضت الأمراء على سليمان شاه، وقُتل، وخطبوا لرسلان شاه.
وفيها: مات أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله بالخوانيق، وكانت دولته خمساً وعشرين سنة، وعاش ستاً وستين سنة، ووزر له علي بن طَرَّاد الزينبي، ثمّ أبو نصر بن جهير، ثمّ علي بن صدقة، ثمّ عون الدين بن هبيرة.
وفيها: مات الأمير مجاهد الدين بزان، وبويع بعد المقتفي لولده المستنجد بالله، بايعه أولاد عمّه: أبو طالب، ثمّ أخوه أبو جعفر، ثمّ ابن هبيرة، وقاضي القضاة ابن الدامغاني.
وفيها: مات صاحب مصر الفائز بالله، وبايعوا ابنَ عمه العاضدَ عبدَ الله.
وفي سنة ثمان وخمسين: وقع لنور الدين مع الفرنج وقعة، وانهزم عسكرُه، فحلف لا يُظلّه سقف حتى يأخذ بثأره منهم.
وفيها: مات سلطان المغرب عبدُ المؤمن، وعاش إحدى وسبعين سنة، وكانت سلطنته بضعاً وعشرين سنة، وبويع بعده ولدُه يوسف.
وفي سنة تسع: أخذ نور الدين بثأره، وكسر الفرنج كسرة عظيمة، وأَسر، وذلت الفرنج، وجهز بابنه أسد الدين إلى مصر لتملُّكها، فلما دخلها، قتل الملك المنصور ضرغام الذي قهر شاور، ووقعت في هذه السنة لنور الدين وقائع مع الفرنج، ونصره الله عليهم، وأَسر صاحبَ أنطاكية، وطرابلس، وأخذ منهم عدّة حصون.
وفي سنة إحدى وستين: افتتحَ عدّةَ حصون.
وفي سنة ثلاث وستين: وهب نورُ الدين شيركوه حمصَ، وفيها مات صاحب إربل زينُ الدين على، وكان عمل نيابة الموصل وحارب الخليفة، ثمّ دخل في الطاعة.
وفي سنة أربع: توفي أسد الدين، فقلَّد العاضدُ في الحال المنصبَ لصلاح الدين يوسفَ ابنِ أخي أسدِ الدين.
وفيها: توفي ببغداد مجيرُ الدين أبق الذي كان صاحبَ دمشق.
[و] في سنة خمس وستين: قدم نور الدين سنجار.
وفيها: مات صاحبُ الموصل قطب الدين مودود أخو نور الدين.
وفي سنة ست: مات الخليفةُ المستنجدُ بالله يوسفُ بن المقتفي العباسي، وكانت دولته إحدى عشرة سنة، وله ثمان وأربعون سنة، وبويع بعده لولده المستضيء بالله أبي محمد الحسن، وكان القائم بأمر المبايعة محمد بن عبد الله بن رئيس الرؤساء أبي الفرج بن المسلمة، واستوزر يومئذ.
وفي سنة سبع: عزل الوزير، ونهبت دياره، ووقعت لصلاح الدين بمصر وقائع، ونُصر فيها، وخُلع العاضدُ من الخلافة، وخُطب بمصر لأمير المؤمنين المستضيء، وانقطعت خلافة العبيدية من الدنيا، وكافت دولتهم من قبيل الثلاث مئة، وعدّتُهم أربعةَ عشرَ متخلف إلا خليفةً، ويدَّعون أنهم فاطميون، وإنما هم من غُبَّر اليهود.
وبها: مات العاضد، وتسلّم صلاحُ الدين جميع مالهم، ومنع مَنْ بقي من الرجال منهم من النساء؛ لئلا يوجد لهم نسلٌ؛ وأرسل الخليفةُ بخلعتين: لنور الدين واحدة، ولصلاح الدين واحدة، ثمّ غضب نور
الدين على صلاح الدين، وأراد قصدَ مصر، فقلق صلاح الدين، واستشار، فتكلم بعضهم بما يوجب المحاربة، فشتمهم والدُ صلاح الدين، وقال: والله! لو رأينا نور الدين لم يمكنّا إلا أن نقبّل له الأرض، ولو أمرنا بضرب عنقك، فعلنا، وهذه بلاده.
وكتب غيرُ واحد إلى نور الدين بما جرى، ولمّا خلا والدُ صلاح الدين به، قال له: أنت جاهل، تجمع هذا الجمعَ، وتُطلعهم على سرّك، ولو قصدَكَ ورأيته، لم ترَ معك منهم أحداً.
وكتب صلاح الدين يخضع لنور الدين، ففتر عنه.
وفي سنة ثمان وستين: سار قراقوش من مصر، فحاصر طرابلس المغرب فملكها، وسكنها.
وفيها: مات خوارزم شاه أرسلان، وتملك بعده ابنُه محمود، وكان ولده الكبير تكش غائباً، فاستنجد بعسكر الخطا، فسار أخوه صاحبُ نيسابور المؤيدُ، والتقى الجمعان، فأُسِرَ المؤيدَ، وذُبح، وهرب محمود، وتملك تكش، وقتل كل من عنده من الخطايين، فسار محمود إلى ملك الخطا، فأعطاه جيشاً، ونجا، فحاصر خوارزم، فارسل تكش عليهم [
…
]، فكادوا يفرقون كلهم، فسار بهم محمود، فأخذ مرو، وسرخس، وولي نيسابور بعد المؤيد ولدُه محمد [.......]، وكان نور الدين استخدم مليح بن لاون النصراني على بلاد سيس، فأقبلت الروم، فتلقاهم مليح، فكسرهم، وظهر لنور الدين نصحه.
وفيها: سار نور الدين إلى الموصل، ثمّ رجع، ففتح بهسنا، ومرعش.
وفيها: مات نور الدين.
وفيها: سار أخو صلاح الدين إلى اليمن، ففتحها، ومات نور الدين بالخوانيق شهيداً، وأوصى بالملك بعده لابنه الملكِ الصالحِ إسماعيلَ، وسار صلاح الدين إلى الشام ليرهِبَ الفرنج.
[و] في سنة سبعين: تملَّكَ دمشقَ بغير قتال، وتوجّه ابنُ نور الدين إلى حلب، ثمّ حاصر صلاحُ الدين حمصَ، وأخذها، ثمّ إلى حماة، وتسلَّمها، ثمّ إلى حلب، وبها ابنُ نور الدين، وأنعمَ بحمصَ على ابن عمّه، واستناب بدمشق أخاه سيفَ الإسلام، وبعث إلى المستضيء بالله يطلب تقليدَ السلطنة الكبرى.
وفيها: قتل شملة التركماني المتغلب على مملكة فارس، وكانت دولته عشرين سنة.
وفي سنة إحدى وسبعين: وقع وقعة لصلاح الدين مع غازي بن مودود، فهزمهم، وتسلم منبج، وعزاز، ثمّ حاصر حلب، ثمّ وقع الصلح.
وفي سنة اثنتين وسبعين: نازل صلاحُ الدين بلدَ الإسماعيلية، وفيها بنى صلاح الدين قلعة الجبل، وولّى الأمير قراقوش.
وفي سنة ثلاث: مات سلطان توريز أرسلان السلجوقي، وملك بعدَه ولدُه طغرل.
وفي سنة خمس وسبعين: وقعت وقعة بين صلاح الدين وبين الفرنج، ونصره الله عليهم.
وفيها: مات أمير المؤمنين المستضيء بالله العباسي، وكانت خلافته تسع سنين ونصفاً، وعاش تسعاً وثلاثين سنة، وبويع بعدَه لولده أبي العباس أحمد، ولقّب: الناصر لدين الله.
وفي سنة ست وسبعين: توجّه السلطان إلى بلاد الأرمن، ثمّ بلاد الروم، فحاربه قلج رسلان بن مسعود، ثمّ رجع إلى مصر، وسمع "الموطأ" بالإسكندرية من ابن عوف.
وفيها: مات الملك المعظم أخو السلطان.
وفيها: مات صاحب الموصل سيف الدين، وتملك بعده أخوه مسعود.
وفي سنة سبع: مات الملكُ الصالحُ إسماعيلُ بن نور الدين صاحبُ حلب، وله عشرون سنة.
وفي سنة ثمان وسبعين: أخذ صلاحُ الدين حرّان، وسنجار، ونصيبين، والرقة، والبيرة، وحلب، وعاد إلى مصر.
وفيها: مات عز الدين صاحبُ بعلبك، وتملكها بعده ولدُه الملكُ الأمجد.
وفي سنة ثمانين: توفي سلطان المغرب يوسفُ بن عبد المؤمن، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة.
وفي سنة إحدى وثمانين: مات شمسُ الدين صاحبُ أذربيجان، وكانت أيامه عشرين سنة، وتملك بعده أخوه سبعَ سنين.
وفيها: مات صاحبُ حمص ناصرُ الدين محمدُ بن الملك أسدِ الدين شيركوه، وتملك بعده ولدُه المجاهد.
وفي سنة اثنتين وثمانين: أعطى السلطان ولدَه حلبَ.
وفي سنة ثلاث وثمانين: قتل التتار الخليفةَ مجدَ الدين بنَ الصاحب [
…
]، وقعت بينه وبين الفرنج وقعة عظيمة، ونصره الله عليهم -دين النصرانية- من الملوك، ثمّ أخذ عكا، ثمّ يافا وغيرَها، ثمّ المجدل، والناصرة، وصفورية، وقيسارية، ونابلس، وحصن الغولة، وتبنين، وصيدا، وبيروت، وعسقلان، وذلَّت الفرنج، وأيقنوا بالهلاك، وسلَّموا الحصون، ثمّ أخذ الرملة، وغزة، والدارون، وأخذ جبول، والنظرون، ثمّ بيت المقدس.
وفي سنة أربع: أخذ جبلة، ثمّ الشغر، وفتح ستَّ قلاع في ست جمع: جبلة، واللاذقية، وصِهْيون، والشغر، وبكاس، وسرمانية، ثمّ حصن برزية، ثمّ درسباك، ثمّ بفراس، ثمّ الكرك، ثمّ الشوبك، ثمّ صفد، ثمّ حصن كوكب.
وفيها: مات الأمير مؤيد الدولة أسامةُ بنُ مرشد أحدُ أبطال الإسلام.
وفي سنة خمس: وقعت بين السلطان والفرنج وقائعُ شديدة.
وكذلك في سنة ست: استمر الفرنج الملاعين على حصار عكا مدة، ووقعت له وقائع مع الفرنج في هذه السنة، وفي التي بعدها، وشدائد يطول شرحها.
وكذلك في سنة ثمان: ووقعت بينهم مهادنة.
وفيها: مات سلطان الروم قلج رسلان السلجوقي، وتسلطن بعده ولده كنجسرو.
وفي سنة تسع وثمانين: قتلت الإسماعيليةُ سلطانَ أخلاط بكتمر، وهلك ملك الإسماعيلية سيارُ بنُ سليمان.
وفيها: مات سلطان خوارزم محمود بن أرسلان، وتملك بعده أخوه خوارزم شاه.
وفيها: مات سلطانُ الموصل عزّ الدين مسعود.
وفيها: مات السلطان الكبير المجاهدُ الملكُ الناصرُ صلاح الدين يوسفُ بنُ أيوب، وله خمس وسبعون سنة، وله فتوحات كثيرة، وكانت دولته أربعاً وعشرين سنة، وخلّف سبعةَ عشرَ ابناً، بينهم: العزيزُ صاحبُ مصر، والأفضلُ صاحبُ دمشق، والظاهرُ صاحب حلبَ.
وفي سنة تسعين: كانت وقعة مشهورة بين شهاب الدين صاحب غزنة، وبين صاحب الهند، فانتصر شهابُ الدين على الكافر. وفيها: قتل خوارزم طغرل، فقلده الخليفة.
وفي سنة إحدى وتسعين: كانت وقعة بين السلطان يعقوب والكفار، فنصر الله دينه.
وفي سنة اثنتين وتسعين: حاصر العزيزُ صاحبُ مصر أخاه الأفضلَ صاحب دمشق، واستولى العادلُ عمُّهُم على دمشق، وأعطى الأفضلَ صَلْخد.
وفيها: وقعت وقعة أخرى بين السلطان يعقوب والكفار.
وفي سنة ثلاث وتسعين: أخذ العادل يافا.
وفيها: ملكت الفرنج بيروت، وهرب نائبها عزُّ الدين إلى صيدا.
وفيها: مات سيف الإسلام أخو السلطان صلاح الدين صاحبُ اليمن، وتملك بعده ابنُه إسماعيل، وظلم، ورام الخلافة، وتلقَّب بالهادي.
وفي سنة أربع: أخذ علاءُ الدين خوارزم شاه بخارى من صاحب الخطا.
وفيها: مات صاحب سنجار عماد الدين، وتملك بعده ابنُه محمد.
وفي سنة خمس وتسعين: مات صاحب المغرب يعقوب، وقام بعده ابنُه محمد، ومات صاحب مصر العزيز، فسار الأفضل أخوه إلى مصر، فملك ولد أخيه، وصار [......]، ثمّ سار بجيوش مصر، وحاصر دمشق.
وفي سنة ست وتسعين: مات خوارزم شاه، وكانت الحرب بين العادل والأفضل، ثمّ رجع الأفضل إلى مصر، ولحقه العادل وسبقه،
ودخل مصر وملكها، ورجع الأفضل إلى صلخد، ثمّ سلطن العادلُ ولدَه الكامل بمصر.
وفيها: قتل باليمن المعزُّ إسماعيل.
وفي سنة تسع وتسعين: مات سلطان الهند وغزنة غياثُ الدين محمد.
وفي سنة ست مئة: أرادت الفرنج أخذ القدس، فخذلهم الله عز وجل.
وفي سنة اثنتين وست مئة: مات سلطان غزنة والهند شهابُ الدين محمد.
وفي سنة أربع وست مئة: وقعت وقائع بين خوارزم شاه، وصاحب الخطا، وأسر خوارزم شاه، ونجا بحيلة لطيفة، وهو أنه أُسر هو وبعض أُمرائه، فأظهر أنه غلام ذلك الأمير، وجعل يخلعه خُفَّه ويخدمه، فجعل ملكُ الخطا يحترم ذلك الأمير، ثمّ قال له: إني أخاف أن يظن أهلي أني قتلت، فقرر عليَّ مالاً حتى أرسل أخبية لك، فقرر عليه شيئا، فقال: أرسل غلامي هذا يأتيك به، فأذن له، وبعث معه من يخفره حتى وصل السلطان إلى مملكته، ونجا بهذه الحيلة، ثمّ إن الخطائي قال لذلك الرجل: سلطانكم فُقد! فقال: أوما تعرفه؟ قال: لا، قال: هو غلامي الذي كان يخدمني، وبعثته يأتي بالمال، فعض يدهُ، ونهب وقال: هلّا كنت علمتني حتى كنتُ أُكرمه وأخدمه، وأسير بين يديه إلى مقر ملكه؟ قال: خفتُ عليه منك، قال: فقم بنا نسير إلى خدمته، فسارا جميعاً إليه حتى أتياه.
وفيها: سار الملك العادل من مصر، فنزل عكا، وحاصرها، فصالحه صاحبُها، وبذل له مالاً وأسراء أطلقهم، ثمّ أغار على أعمال طرابلس.
وفي سنة ست وست مئة: حاصر العادلُ سنجار، وعد ذلك من ذنوبه حيث ترك غزو الفرنج، وقاتل المسلمين.
وفيها: وقع بين خوارزم شاه وبين الخطا، وأسر سلطانهم، فأكرمه، وأقعده معه على السرير، ثمّ افتتح عدة مدائن.
وفي هذه السنة: كان ابتداء خروج التتار، فكاتب صاحبُ الخطا خوارزم شاه بالاستعانة على التتار، فكاتبهم إني قادم لنصركم، وكاتبَ التتارَ بمثل ذلك، ثمّ سار إلى أن نزل بقرب الفريقين، يوهم كلَّ طائفة أنه معهم، فلما وقعت المصاف، انهزمت الخطا، فمال مع التتار عليهم، فلم يفلت منهم إلا اليسير، وأنصاف من بقي منهم إلى خوارزم شاه، ثمّ راسل ملك التتار أن يقاسمه مملكة الخطا، فأرسل إليه: أنْ قنعتُ بالمسالمة، وإلا سوف ترى ما يقع بك، فجعل يتخطف من التتار ويسرقونهم، فبعث ملك ملكهم: ليس هذا فعل الملوك، هذا فعلُ اللصوص، فإن كنت ملكاً، فاعمل مصافًّا، فأخذ يغالطه ويراوغه؛ لعلمه أنه لا طاقة له بالتتار، ثمّ أمر مَن في ناحية الخطا من بلاده بالإنجفال إلى بخارى وسمرقند، إلى أن خلت تلك البلاد النزهة وخربها، وجعلها مفاوز؛ خوفاً أن يملكها التتار.
وفي سنة سبع: مات صاحب الموصل نور الدين
أرسلان [
…
]، وكانت دولته ثماني عشرة سنة، وتملك بعده ابنُه عزُّ الدين مسعود.
وفي سنة تسع: تملك اللبان صاحبُ خطا الكامل، وجعل يغير على التركمان، فقتلوه هو وأكثر جنده، وكانت وقعة العقاب بين السلطان محمد بن يعقوب الناصر لدين الله والفرنج بالمغرب، ونصر الله المسلمين.
وفيها: مات الملكُ الأوحد أيوبُ صاحبُ خلاط، وتملك بعده أخوه الأشرف.
وفي سنة عشر: تنكّر السلطان خوارزم شاه هو وثلاثة، ولبسوا زيّ التتار، ودخلوا في عسكرهم لكشف أمرهم، فأُمسكوا، وضُرب اثنان حتى ماتا، ولم يفرّا، وضرب خوارزم شاه والآخر، وقدموا عليهما، فهربا في الليل، وخلصا.
وفيها: قتل السلطان أيتكمس صاحب الري، قتله التركمان، واستعجل أمر منكلي.
وفيها: مات صاحب المغرب والأندلس السلطان الناصرُ محمدُ بنُ يعقوب، وكانت دولته خمس عشرة سنة.
وفي سنة إحدى عشرة: افتتح خوارزم شاه كرمان، والسند.
وفي سنة اثنتي عشرة: سار الملك المسعود أطشر بن الملك الكامل إلى اليمن، فأخذها، واستولى خوارزم شاه على مملكة غزنة، وهرب صاحبها.
وفي سنة أربع عشرة: أراد خوارزم شاه أن يدخل بغداد، ويحكم على الخليفة، ويقره، فرد الله شره.
وفيها: خرجت الفرنج لتأخذ القدس، فلم يقدروا.
وفي سنة خمس عشرة: مات الملك العادل.
وفيها: مات صاحب الروم كيكاوس، وصاحب الموصل عز الدين.
وفي سنة سبع عشرة: كانت وقعت البرلس بين الكامل والفرنج، فكسرهم.
وفيها: عاد التتار، وهزموا خوارزم شاه، وملكوا ما وراء النهر، ووصلوا إلى قزوين وهمدان، وفرغوا من بلاد الخطا والترك والعجم وغير ذلك، وملك جنكزخان عدة أقاليم.
وفيها: مات السلطان الكبير خوارزم شاه علاء الدين الخوارزمي، وكان قد اتسع ملكه، ودانت له الأمم، وكانت دولته إحدى وعشرين سنة، وقام بعده ابنُه جلال الدين، ثمّ التقى التتار، فكسرهم، وقتل أميرَهم ولدَ جنكزخان، فلما بلغ الخبر أباه، قامت قيامته، وجمع جيشه، وسار إلى جلال الدين، وهزم الله جنكزخان، ثمّ حملت طائفة كانت كميناً، فكسرت جيش جلال الدين، وأسر ولده، ووقعت له أمور، ثمّ إن التتار وصلوا إلى العراق.
وفي سنة عشرين: توفي سلطان المغرب المستنصر بالله يوسف بن الناصر محمد، وكانت دولته عشر سنين.
وفي سنة إحدى وعشرين: انفصل جلال الدين على الهند وكرمان، واستولى على أذربيجان.
وفيها: استولى الملك الرحيم نورُ الدين لؤلؤ على الموصل، وأظهر أن ابن أستاذه الملك محمود قد مات، فيقال: إنه خنقه.
وفيها: وثب أمير البربر على السلطان عبد الواحد، فقتلوه، وكانت سلطنته تسعة أشهر، واستولى ابنُ أخيه عبدُ الله، وغلب ابنُ هود على الأندلس، وخَطب بها لبني العباس.
وفي سنة اثنتين وعشرين: توفي أمير المؤمنين الناصرُ لدين الله أبو العباس أحمدُ، وله سبعون سنة، وكانت خلافته سبعاً وأربعين سنة، وكان قد خطب بولاية العهد لابنه أبي نصر محمد، فلما توفي، تسلَّم الخلافة، ولُقَب: الظاهر بأمر الله، وبايعه الكبار.
وفيها: توفي الوزير صفي الدين الدميري.
وفيها: مات السلطان الملك الأفضل بن السلطان صلاح الدين صاحب سميساط.
وفي سنة ثلاث وعشرين: قدم ابنُ الجوزي بخلع وتقاليد السلطنة للإخوة: الكامل، والمعظم، والأشرف من أمير المؤمنين الظاهرِ بأمر الله.
وفيها: توفي أمير المؤمنين الظاهر بأمر الله، وله اثنتان وخمسون سنة، وكانت خلافته تسعة أشهر، وكان خيِّراً، أظهر العدلَ والإحسان، وأحيا سنة العُمَرين، وقد عُذِل في دينه وعدله، وأريد منه الإنبساط في
الدنيا، فقال: من فتح بعد العصر إيش يكسب؟ قد لقس الزرع؟ يشير إلى أنه ما حصل له الأمر حتى كبر، وبويع بعدَه لولده المستنصرِ بالله أبي جعفر المنصور، وهو أكبر أخويه، فبايعه جميع إخوته، وبنو عمه، و [كان] عمره خمساً وثلاثين سنة.
وفي سنة أربع وعشرين: كانت وقعة بين خوارزم شاه والتتار، ودخل السلطان جلال الدين أصبهان.
وفيها: مات جنكزخان المغلي، الذي خرَّب البلاد، وقتل الخلائق، وكانت دولته خمساً وعشرين، وتملك بعده ابنُه، وكلُّهم كفرة.
وفيها: توفي سلطان الشام الملكُ المعظمُ شرفُ الدين عيسى، وله ثمان وأربعون سنة.
وفي سنة خمس وعشرين: جاء تقليد بالسلطنة من الكامل لابن أخيه الملك الناصر داود بن المعظم، وقد فرغت هدنة الفرنج، فعاثُوا بالسواحل، وفي آخر العام قدم الكامل، وجاءه أسد الدين صاحب حمص إلى دمشق، فأغلقها الناصر، واستنجد بعمه الأشرف، فقدم من خلاط، فتأخر الكامل عن الحضور، وقال: أنا ما أقاتل أخي، فبلغ الأشرف، فقال للناصر: قد حرد أخي، فالمصلحةُ استعطافُه، فسار إليه إلى القدس، فصار [
…
] على الناصر لا له، فاتفق الأخوان على ترحيل الناصر عن دمشق، فاستنجد الكامل بالفرنج، فأقبل الإنبرور في جيشه، فأعطاه الكاملُ القدسَ، وشقَّ ذلك على المسلمين، ونفى أهلها في ذلة معه، وخرج الناصر ليتلقى عَمَّيه، فبلغه اتفاقُهم عليه، فغادروا
حصن البلد، وحاصروه شهراً، وفي آخر الأمر أعطوه الكرك، فتحول إليها، ونفى سلطانها مدة، وأعطى الكاملُ أخاه الأسر ودمشق.
وفيها: جرت أمور بين خوارزم شاه والتتار، وآخر الأمر كانت الدائرة عليهم.
وفي سنة ست وعشرين: وقعت وقائع بدمشق بين الكامل والناصر، ثمّ تسلطن الأشرفُ بدمشق، وأعطى أخاه عوضها حرّان، والرّها، ورأس العين، والرقة، ثمّ سار الكامل إلى هذه البلاد ليتسلمها، وخرج صاحبُ حماة إلى خدمته، ثمّ حاصر الأشرفُ بعلبك، وبها الأمجدُ، ثمّ سلمها، وأقام بداره بدمشق.
وفيها: مات الملك المسعودُ بنُ الكامل صاحبُ اليمن.
وفي سنة سبع وعشرين: أعطى الأشرف أخاه الصالحَ إسماعيلَ بعلبكَّ، وتجهز الأشرفُ والكامل لحرب خُوارزم شاه، ثمّ اتفق الأشرفُ مع سلطان الروم، والتقوا خوارزم شاه، فكسروه.
وفي سنة ثمان: التقى خوارزم شاه والتتار، فكسروه، وتمزق عسكرُه.
وفيها: قتل السلطان الكبير جلالُ الدين خوارزم شاه، وكانت دولته اثنتي عشرة سنة.
وفي سنة تسع وعشرين: قصدت التتار أذربيجان، فخرج عليهم صاحبُ إربل، وعسكرُ الخليفة، فردُّوهم.
وفي سنة ثلاثين: أخذ الملك الكامل آمد من صاحبها الملك المسعود مودود.
وفيها: مات سلطان المغرب أبو العلاء إدريسُ بنُ يعقوب.
وفيها: مات الملك العزيز عثمان بن العادل أخو المعظم.
وفيها: مات صاحب إربل الملك المعظم مظفرُ الدين، وطالت أيامه، وعاش ثمانين سنة.
وفي سنة إحدى وثلاثين: سار الملك الكامل ليدخل الروم، فوقع صاحب الروم علاء الدين على طلائعه، فكسرهم، وأسر المظفر صاحب حماة، فتقهقر الكاملُ، ثمّ أطلق صاحبُ الروم الأسرى مكرَّمين.
وفي سنة ثلاث وثلاثين: كانت وقائع مع التتار.
وفي سنة أريع وثلاثين: أخذ التتار إربل.
وفيها: مات الملك المحسن أحمدُ بنُ صلاح الدين يوسفَ، وصاحبُ الروم علاء الدين، وسلطان حلب الملكُ العزيز غياث الدين محمد، وتملك بعده ولدُه الملكُ الناصرُ يوسف.
وفي سنة خمس وثلاثين: توفي الأخوان: الملك الأشرف مظفرُ الدين موسى، والملك الكامل، وتملك الأشرفُ دمشق تسع سنين، والكاملُ تملك مصر أربعين سنة، وتسلطن بعدهما بدمشق الملكُ الجواد، وأخذ الناصرُ غزة، وتسلطن بمصر الملكُ العادل ولدُ الكامل.
وفيها: وقعت وقائع بين التتار وعساكر المسلمين.
وفي سنة ست وثلاثين: ضعف الملك الجواد عن السلطنة، وقايض بدمشق سنجار والعانةَ للملك الصالح، ثمّ الملك عماد الدين إسماعيل دمشق.
وفيها: مات صاحب ماردين الملك المنصور ناصرُ الدين.
وفي سنة سبع وثلاثين: زحف الملك الصالح إسماعيلُ، وصاحب حمص على قلعة دمشق، وبها المغيث عمرُ بنُ السلطان نجمِ الدين، فأُخذت منه، وجرت أمور.
وفيها: مات صاحب حمص الملكُ المجاهد أسدُ الدين شيركوه، وله ستٌّ وسبعون سنة، وكانت دولته ستًّا وخمسين سنة، وتملك بعده ولدُه المنصور إبراهيم.
وفيها: توفي الملك جمال الدين قشتمر مقدَّمُ جيوش بغداد، والصاحبُ الوزير ضياء الدين.
وفي سنة تسع وثلاثين: فيها كانت وقعة الجواد، وعسكر مصر.
وفي سنة أربعين: حصلت وقائع مع الخوارزمية.
وفيها: مات سلطان المغرب الرشيد بالله عبدُ الواحد بنُ إدريس، وكانت دولته عشر سنين، وتملك بعده أخوه السيد علي.
وفيها: مات أمير المؤمنين المستنصرُ بالله أبو جعفرٍ المنصورُ العباسي، وله اثنتان وخمسون سنة، وكانت دولته سبع عشرة سنة، فبويع بعده لأبي أحمد عبدِ الله بن المستنصر، ولقِّب: المستعصم بالله.
وفي سنة إحدى وأربعين: وقع الصلح بين الصالح وعمِّه الصالح عماد الدين، وخطب بدمشق لصاحب مصر، وأطلق ابنه المغيث من حبس القلعة.
وفيها: سار صاحب حمص، وحاصر عجلون.
وفيها: أخذ التتار عدةَ مدن.
وفي سنة اثنتيين وأربعين: عامل الصالح الخوارزمية على عمه، ووقعت أمور يطول ذكرها.
وفي سنة ثلاث: زحفت الخوارزمية على دمشق، واشتد البلاء والجوع، وكانت بلايا عظيمة من الغلاء والأعداء، والحريق والنهب والمعاصي، ثمّ تسلم نوابُ صاحب مصر دمشق، وانفصل عنها الصالح إلى بعلبك، ومات المغيث بالقلعة، ثمّ مات معين الدين بن الشيخ نائب السلطنة.
وفيها: جاء ابن الجوزي محيي الدين يوسف باني الجوزية، وكان علامةً في مذهب الإمام أحمد، معه خِلَع السلطنة لنجمِ الدين أيوب.
وفيها: وصلت التتار إلى بغداد، فتلقاهم عسكر من المسلمين، فكسرهم.
وفي سنة أربع وأربعين: كانت وقعة مع الخوارزمية، وقُتل مقدَّمُهم، وتمرَّض صاحبُ حمص الملكُ المنصورُ إبراهيم، ومات، والتجأ الصالح إسماعيلُ إلى صاحب حلب.
وفيها: قدم السلطان من مصر، فدخل دمشق.
وفي سنة خمس وأربعين: فتح المسلمون عسقلان، وطبرية.
وفيها: مات صاحب صرخد عزُّ الدين أيبك.
وفيها: مات الملك المظفر شهابُ الدين غازي صاحبُ مَيَّافارقين.
وفي سنة سبع وأربعين: مات سلطان مصر، فكتمت زوجتُه أمُّ خليلٍ موته، وبعثت تُعلم غلاميه، فطُلب ولدُه الملك المعظمُ من حصن كيفا، وجرت فصول وأمور وحروب يطول ذكرها، ثمّ تسلطن ولدُه، وكانت الدائرة على الفرنج.
وفيها: قُتل السلطان الملك المعظم، وسلطَنوا الملكَ المعزَّ عزَّ الدين الملك، ثمّ سار صاحبُ حلب، فنزل دمشق، فكسر أقفال باب الصغير، وباب الجابية، ودخل البلد، ونهب دار نائبها ابن يغمور، ثمّ دخل السلطان القلعة، ووقعت في هذه السنة أمورٌ يطول شرحها.
وفيها: قتل الصالح إسماعيل الذي كان صاحب دمشق.
وفي سنة تسع وأربعين: تملك الملك المغيث بنُ العادل الكَركَ.
وفي سنة خمسين وست مئة: كانت وقائع مع التتار وغيرهم.
وفي سنة اثنتين وخمسين: تسلطن المعز، وفيها قُتل رأسُ الأمراء أَقْطاي، وهزمت النجدية إلى الشام، فقدمت على الناصر يوسف، وفيهم سيفُ الدين بلبان الرشيدي، وركن الدين بيبرس البندقداري، فقووا عزمَه على النهوض لأخذ مصر، فجهز جيشاً عليهم الملك بوزان شاه بن صلاح الدين، فساقوا إلى غزة، وخرج من مصر
الملك المعز، فلم يتم قتال، وكان فارس الدين أمطايا عاملاً على السلطنة، واشتراه الملك الصالح بألف دينار، وتزوج بابنة صاحب حماة، فقال للمعز: أخلِ لي قلعة الجبل، كي يعمل الفرس بها، فاتفق المعزُّ وزوجته على قتله، فوثب عليه قُطُز الذي تسلطن، فضرب عنقه وغلقت القلعة، فركبت حاشية أمطايا، وأحاطوا بالقلعة، فألقوا إليهم رأس أستاذهم، فهربوا.
وفي سنة ثلاث وخمسين: توفي الأمير سيف الدين الصيمري.
وفيها: خرج هولاكو، فقتل الإسماعيلية، وأخذ بلادهم، ثمّ جاء الروم، فهرب سلطانها، فاستولى عليها، ثم أخذ أذربيجان.
وفي سنة خمس: مات الملك المعزُّ صاحب مصر، قتلته زوجتُه، فقتلها مماليكه، وسلطنوا ولده الملكَ المنصور، وجرت وقائع وأمور.
وفي سنة ست: قصد هولاكو بغداد، فخرج إليهم عسكر المسلمين، فانكسروا، ثم أحاطوا ببغداد، فقال الوزير للخليفة: أنا أخرج إليهم لعلّ يقع الصلح، فخرج وتوثق لنفسه، وعمل معهم حيلة، ورجع إلى الخليفة، وقال: إنه قد رغب في أن يزوج ابنته بابنك، وأن تكون الطاعة له كما كانت السلجوقية، ويرحل عنك، فخرج الخليفة في أعيان دولته ليحضروا العقد، فضربت رقاب الجميع، وقتلوا الخليفة، ودخلوا بغداد، وعمل فيها السيف أربعة وثلاثين يوماً، فبلغت القتلى ألف ألف وثمان مئة ألف وزيادة، ثمّ ضرب عنق أميره الأكبر باجو نوين؛ لكونه كاتبَ الخليفةَ، وأرسل إلى صاحب الشام يهدده إن لم يخرب أسوار بلده.
وفيها: مات الملك الناصر داود بن المعظم صاحب الكرك، وله ثلاث وخمسون سنة، والوزير مؤيد الدين بنُ العلقمي الرافضي الذي عامل هولاكو، والعلامة أستدار الخلافة محيي الدين يوسف بن الجوزي، وملك الأمراءُ ركنَ الدين الدويدار المستنصري.
وفي سنة سبع وخمسين: نزل هولاكو على آمد، واشتدت الأراجيف بالتتار لأخذه الشام، فقبض الأمير قطز على ابن أستاذه الملك المنصور، وتسلطن، ولُقَب بالملك المظفر، وفي آخر العام نازلت التتار حلب، ومات صاحبُ الموصل الملك الرحيم بدرُ الدين لؤلؤ.
وفي سنة ثمان وخمسين: أخذ هولاكو حلب، فقتل ونهب وسبى، ثم أخذ حماة ودمشق، وهرب الناصر من دمشق، ثم نابلس وغيرها، ثم إن السلطان سلم نفسه، فأخذوه إلى هولاكو، فأكرمه، ثم جاء عسكرُ مصر، فوقع المصافُّ في عين جالوت من أرض بيسان، فنصر الله دينه، وانهزم التتار، وقُتل مقدمهم، ثم قتل النصارى بدمشق، وساق الأمير ركن الدين بيبرس وراء التتار إلى حلب، وطمع أن تكون له؛ فإن الملك المظفرَ وغيرَه بها، ثم رجع، ووقع إضمارُ الشر بينه وبين الملك المظفر، وتعامل بيبرس وجماعة الأمراء، ثم قتلوه بالغزالي، وتسلطن بيبرس، وسموه: الملك الظاهر، وكان على نيابة الشام علمُ الدين الحلبي، فحلف الأمراء لنفسه، وتلقب بالملك المجاهد.
وفيها: توفي الملك المعظم الذي كان نائب حلب، وهو آخر أولاد صلاح الدين، وقُتل الملك السعيد حسن صاحبُ الصبية، وقُتل الملك
المظفر، وصاحب مَيَّافارقين الملك الكامل ناصر الدين.
وفي سنة تسع وخمسين: وقعت وقائع مع التتار لأهل حمص وحماة وحلب، ونصر الله المسلمين.
وفيها: دخل الحلبي إلى قلعة دمشق، وتسلطن، ثم حاصره المصريون، وهرب إلى بعلبك، ثم أخذ الظاهر وجيه، وكان الوقت بعد قتل المستعصم بالله خالياً من خليفة.
وفي هذه السنة: بايع المسلمون بمصر المستنصرَ بالله أحمدَ بنَ الخليفة الظاهرِ محمدٍ العباسي الأسود، وكانت أمه حبشية، وهو عمُّ المستعصمِ المقتولِ أمامَه، وبايعه السطان الملكُ الظاهر، وفوض أمورَ الناس إلى السلطان، ثم خرجا إلى الشام، ثم سار المستنصر بعسكره لتملك بغداد، وكان نائبُ حلب بايع بحلب الحاكمَ بأمر الله، فلما قدم السلطان دمشق، اختفى الحاكم، ثم جاء إلى المستنصر وبايعه، ثم وقع المصافُّ بين المستنصر وبين التتار، فقدم المستنصر، وانهزم الحاكم إلى الشام.
وفيها: قَتل ملكُ التتار الملكَ الناصرَ يوسف، وأخاه الملكَ الظاهر غازي.
وفي سنة ستين: أخذ التتار الموصل، وقتلوا صاحبها الصالحَ إسماعيلَ.
وفي سنة إحدى وستين: بويع بالخلافة للحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد العباسي، وبايعه الظاهرُ، والقضاة، ومات الظاهر.
وفي سنة اثنتين وستين: توفي صاحب حمص الملكُ الأشرف موسى.
وفي سنة ثلاث: كانت وقائع بين سلطان الأندلس محمد بن الأحمر والفرنج، ونصره الله عليهم.
وفيها: أخذ الظاهرُ قيساريةَ وأرسوفَ، وكانت وقعة على البيرة بين التتار والمسلمين، وكانت الدائرة عليهم.
وفي سنة أربع وستين: هلك هولاكو ملك التتار، وقام بعده ولده أبغا.
وفي سنة خمس مات بركة صاحبُ مملكة القنجاق، وقام بعده ابنُ أخيه منكوتمر.
وفيها: توفي مقدم الجيوش ناصر الدين الصيمري باني البيمارستان، وسلطان المغرب المرتضى عمر.
وفي سنة ست وستين: فتح السلطان يافا، ثم الشقيف، ثم أنطاكية، ثم بغراس.
وفيها: مات صاحب الروم ركنُ الدين.
وفي سنة ثمان وستين: أخذ الظاهر حصونَ الإسماعيلية.
وفيها: مات سلطان المغرب الواثقُ بالله إدريس.
وفي سنة تسع وستين: أخذ الظاهر حصنَ الأكراد، وحصن عكا، وهادنَ صاحبَ طرابلس عشر سنين.
وفي سنة سبعين: قدم الظاهر دمشق، وعزل التجيبي، واستناب عز الدين أيدمر.
وفي سنة إحدى وسبعين: كبس الظاهر وجماعة من الأمراء طوائف من التتار، وانتصروا عليهم.
وفي سنة اثنتين وسبعين: مات قطامي الصالحي.
وفيها: مات صاحب الأندلس أبو عبد الله محمدُ بنُ الأحمر، وكانت دولته اثنتين وأربعين سنة، وتملك بعده ولده محمد.
وفي سنة ثلاث: افتتح الظاهر إياس ولاية [....].
وفي سنة أربع: وقعت وقعة لأهل البيرة والتتار، ونصر الله المسلمين.
وفي سنة خمس: وقعت معهم وقعة، ونصر الله الإسلام.
وفيها: مات صاحب تونس الملك أبو عبد الله محمد بن عثمان.
وفي سنة ست وسبعين: توفي الملك الظاهر بدمشق، وعمرُه نحو من ستين سنة، وكانت دولته سبع عشرة سنة وشهرين، وتسلطن بعده ولدُه الملكُ السعيد.
وفيها: توفي نائب المملكة بيلبك الخزندار، ثم أمسك الملك السعيد تيسرى، وسنقر الأشقر، واستناب الفارقي، ثم قبض عليه، واستناب شمس الدين بن سنقر الألفي.
وفيها: مات الملك القاهر عبد الملك بن المعظم، سقاه
السلطان، وقام ليتبوَّل، فأخذ الساقي الهبات من يده، ولم يعرف، وملأه على العادة، فجاء السلطان فتناوله، وشرب، وقد نسي أنه سقاه منه، وفيه آثار السم، فحُمَّ ومات -أيضاً-.
وفي سنة سبع وسبعين: قدم الملك السعيد دمشق.
وفيها: مات جمال الدين آقوش الذي كان نائب دمشق.
وفي سنة ثمان وسبعين: اختلف الأمراء على السعيد، ثم خلعوه من السلطنة، وأعطوه الكرك، وسلطنوا أخاه بدرَ الدين، وله سبعُ سنين، كان القائم به وبالسلطنة سيفُ الدين قلاوون، وخطب لهما معاً، والأمراء بدمشق على نائبها عز الدين أيدمر، ثم جاء على النيابة سنقر الأشقر، وفي رجب رُفع ولدُ السلطان من السلطنة، واتفقوا على سلطنة الملك المنصور قلاوون.
وفيها: مات بالكرك الملكُ السعيد، وفي ذي الحجة ركب سنقر الأشقر، وهجم إلى القلعة، وجلس على التخت، ولقب بالسلطان الملك الكامل، ولم يحلف له الشالق، فحبسه، وحبس نائب القلعة لاجين المنصوري.
وفي سنة تسع وسبعين: ركب الملك الكامل سنقر، ووفد عليه عيسى بن مهنا، وأحمد بن حجي، ثم جهز له الملك المنصور جيشاً عليهم علم الدين الحلبي، وأقبل إليه المصريون، فالتقى الجمعان عند الجسورة، ثم خامر على سنقر عسكره، فانهزم من أول شيء صاحب حماة، فهرب سنقر إلى حمص، وفتحت البلد والقلعة للمصريين،
وأهين كل من بايع سنقر، ثم صفح عنهم، وناب للسلطنة بكوت العلاي شهراً، ثم قلد حسام الدين لاجين.
وفيها: جاء التتار حلب، فعاثوا، وقتلوا، فتحصل لهم عسكر كثير.
وفي سنة ثمانين: هادن السلطان أهلَ عكا، وقبض على كيرك الظاهري، وهرب آيتمش السعدي، وسيف الدين الهاروني إلى سنقر، ثم دخل السلطان دمشق، وحصل الصلح مع سنقر.
وفيها: وقعت حمص مع التتار، وكانت شديدة، كانت على المسلمين أولاً، ثم نصر الله الإسلام وأهلَه، واستشهد من أمراء المسلمين عدة، منهم: أزدمر، وسيف الدين الرومي، وشهاب الدين توتل، وناصر الدين الكامل، وعز الدين بن النصرة، وهلك ملك التتار منكوتمر، وأخوه أبغا، وتملك بعده أخوه أحمد الذي أسلم.
وفي سنة إحدى وثمانين: قبض السلطان على البيسري، وكشتغدي.
وفيها: توفي سلطان تلمسان عمراسن البربري، وبقي في الملك ستين سنة.
وفي سنة ثلاث: توفي صاحب خراسان والعراق والروم أحمدُ بنُ هولاكو، قتله أرغون ابن بغا، وتملك بعده.
وفيها: توفي أمير العرب عيسى بن مهنا، وصاحب حماة الملكُ المنصور محمد بن المظفر، وكانت دولته اثنتين وأربعين سنة، وتملك بعده ولدُه المظفر.
وفي سنة أربع: أخذ السلطان المرقب.
وفي سنة خمس: أخذ الكرك من الملك خضر بن الطاهر.
وفيها: توفي سلطان مراكش أبو يوسف يعقوب، وكانت دولته عشرين سنة، وتملك بعده ولدُه.
وفي سنة ست: قدم حسام الدين طرنطاي نائب دمشق، وسار لحصار سنقر، وأخذ البلاد منه، والتزم له بأمور، وقدم به مصر.
وفي سنة سبع: ظلم الشجاعي وتعسَّف، ثم صودر وعُزل.
وفي سنة ثمان: مات الكافر صاحبُ طرابلس، ثم أخذها المسلمون، وأخربت، وبنى مدينة صغيرة نزلها المسلمون.
وفي سنة تسع وثمانين: توفي سلطان الإسلام وسيدُ الترك الملكُ المنصور أبو المعالي قلاوون، وقد جاوز الستين، وكانت دولته إحدى عشرة سنة، وأربعة أشهر، وتملك بعده ولدُه السلطان الملكُ الأشرف صلاحُ الدين خليل، فأمسك نائب السلطنة طربطاي، وضربه حتى مات.
وفي سنة تسعين: ولي الوزارةَ ابنُ السلعوس، والنيابةَ بدرُ الدين بيدار، ثم نزل السلطان، وحاصر عكا، وتهيأ نائب الشام حسام الدين للهرب، وقد بلغه أن السلطان يريد إمساكه، ثم طَمَّنه، وخلع عليه، ثم قبض عليه وعلى أمراءَ غيرِه، ثم أخذ عكا بعد أمور هائلة يطول شرحها، ثم أخذت صور وغيرها، ثم دخل السلطان دمشق [
…
]، ثم سار طائفة من العسكر، فأخذوا صيدا، وكانت لبيروت هدنة، فخافوا،
وأغلقوها، وبدا منهم النقض، فأخذها الشجاعي، وهدمت قلعتُها، وقلعة جبيل، وتنظيف الشام مق الفرنج، ولله الحمد، وولي نيابةَ دمشق علمُ الدين سنجر الشجاعي.
وفيها: [
…
] ملك التتار.
وفيها: أطلق السلطانُ الأمراءَ: حسام الدين، وسنقر، والبيسري، وسنقر الطويل، وأذن للخليفة الحاكم بأمر الله بالركوب.
وفيها: مات سلامش بن الملك الظاهر.
وفي سنة إحدى وتسعين: دخل السلطان دمشق، ثم سار إلى حلب، ثم نازل قلعة الروم وفتحها، ثم مرَّ بحلب، فعزل منها قرا سنقر المنصوري بسيف الدين الطباخي، واستناب على قلعة الروم عز الدين بن الموصلي، ثم هرب حسام الدين لاجين الذي تسلطن، ثم غيّره أمير الغرب، وأمسكه، وأتى به السلطان [
…
] مع سنقر الأشقر، ثم رجع إلى مصر، وأطلق لاجين، ثم قتل [
…
]، وسنقر الأشقر.
وفيها: مات صاحب ماردين الملك المظفر قرا رسلان، وكانت دولتُه ثلاثا وثلاثين سنة.
وفي سنة اثنتين: أخذ السلطان بهسنا.
وفيها: قدم السلطان دمشق، ثم رجع إلى مصر.
وفيها: مات علم الدين سنجر.
وفي سنة ثلاث: قَتل السلطانَ الأشرفَ نائبُه بيدار ولاجين، وسلطنوا بيدار، وسموه: الملك القاهر، فحمل عليه كتبغا
بالخاصكية، فقتلوه من الغد، واختفى لاجين، وقرا سنقر، وجماعة، فولوا السلطان الملك الناصر ناصرَ الدين قلاوون، وأهلك الوزير ابن السلعوس تحت الضرب، وقتل الشجاعي [........] السلطنة كتبغا، وبعد أشهر ظهر لاجين، وشفع فيه كتبغا.
وفيها: مات ملك التتار كنجيوتن، وأخذ السلطنة بيدو.
وفي سنة أربع: ذهب السلطان ناصر الدين إلى الكرك، ورغب عن الملك، فتسلطن زين الدين كتبغا المعلى المنصوري، ولقب بالملك العادل، وصيّر نائبه حسام الدين لاجين.
وفيها. دخل غازان بن أبي عون في الإسلام، ونطق بالشهادتين، وفشا الإسلام في التتار.
وفيها: توفي سلطان إفريقية المستنصرُ بالله عمر، وكانت دولته إحدى عشرة سنة.
وفيها: توفي صاحبُ اليمن الملك المظفر شمسُ الدين يوسف، وكانت دولته سبعاً وأربعين سنة.
وفي سنة ست وتسعين: رجع السلطان العادل من حمص، وجلس بدار العدل، وأخذ من الناس القصص بيده، وصلى الجمعة، وزار الأماكن الفضيلة، ثم سافر، فلما كان في آخر المحرم، غلقت القلعة، [
…
] وجميع الأمراء، وركبوا على باب النصر، فوصل السلطان قبل العصر في خمسة مماليك، وقد زالت دولته، فدخل القلعة، وذلك أن حسام الدين لاجين بوادي فحمة ركب، وقتل الأميرين
بتخلص وبكتوت، وكانا جناحي العادل، فحين سمع العادل، ركب فرس النوبة، وساق إلى دمشق، وساق حسام الدين الخزائن والجيش، وبايعوه، وتسلطن [
…
]، فأقام العادل بالقلعة ثلاثة عشر يوماً، وشاعت الأخبار بسلطنة حسام الدين، ثم قدم كجلن، فنزل العتيبات، وانحلف باسم السلطان الملك المنصور حسام الدين، فسارع إليه أمراء دمشق، فأذعن العادل بالطاعة، وسلم نفسه، فاعتُقل بمكان من القلعة، ثم اجتمع الأمراء والنائب [
…
]، وحلّفوا الأمراء، ثم ركب السلطان بمصر بخلعه الحاكم بأمر الله، ثم جعل كتبغا إلى صرخد، ثم جاء قلجق على نيابة دمشق، وناب بمصر قراسنقر [
…
]، وناب منكوتمر، وعمل وزارة مصر شمس الدين الأعسر، ثم أمسك وصودر.
وفي سنة سبع: قبض على البيسري، وأخذت مرعش، وغيرها.
وفيها: قبض على عز الدين أيبك الحموي، وسار طائفة من الأمراء إلى غازان فراراً، ثم جاء قتل السلطان لاجين حسام الدين، وأحضر السلطان من الكرك، وتسلَّم السلطنة، ثم قتل طغجي وكرجي، وكانا ممن قتل المنصورَ ونائبه، وناب بمصر سيف الدين سلّار، وبالشام أقوش الأفرم، وأخرج قرا سنقر، وأعطى قلعة الصبيبة، ومات في الحبس البيسري.
وفيها: مات صاحب حماة الملك المظفر محمود، وكانت دولته خمس عشرة سنة، وأعطيت حماة لقرا سنقر، وكانت دولة حسام الدين [
…
] سنين، وثلاثة أشهر.
وفي سنة تسع: وصل أولئك الأمراءُ الذين سحبوا إلى غازان،
فأكرمهم، وعلم بمقتل صاحب مصر، فقصد الشام، فوقعت بينه وبين السلطان الوقعةُ العظمى بوادي الخزندار، ولاحت لوائحُ النصر، ثم انكسرت ميمنةُ المسلمين، وسار السلطان على ناحية البقاع، واستولى [عليها] قازان، ودخل التتار دمشق، ووقع القتل والنهب والحريق، وصادروا، ووقع أمور يطول شرحها. ثم ترحَّل، وجعل نائبه بدمشق قبجق، ومعه بكتمر، ودخل السلطان مصر على [
…
] شاه [
…
] أخذ أموالهم وخيلهم ورمحهم، ففتح بيوت المال، وأنفق ما لم يُسمع مثلُه، ثم توجه عسكر الشام مع سلَاّر، فبادر إلى خدمته قبجق، وبكتمر، والدلجي، فصفح عنهم السلطان، وأعطى قبجق الشوبك.
وفيها: مات علم الدين سنجر، ونائب طرابلس سيف الدين.
وفي سنة سبع مئة: كانت الأراجيف بالتتار، ووصلوا إلى حلب، ثم رجع بعد أن هلك منهم خلائق من البرد.
وفيها: توفي الأمير عز الدين أيدمر.
وفي سنة إحدى وسبع مئة: توفي أمير المؤمنين الحاكمُ بأمر الله، وكانت خلافته أربعين سنة وأشهراً، وقد عهد بالخلافة إلى ولده المستكفي بالله.
وفي سنة اثنتين: رجع التتار، وخرج السلطان من مصر، ووقعت وقعة بين التتار والمسلمين، وكان عليهم أستدمر، وغزلوا [
…
] وبها، ونصر الله المسلمين، ثم دخل دمشق عسكر من المصريين، ثم عسكر آخر، وتجمعت العسكر بمِزَّة دمشق، ووصلت التتار [
…
]، ووصل السلطان للغور، واشتد الخطب، ثم جاء الخبر
أن الجيوش المحمدية بمرج الصفَّر، وبه كانت الوقعة، واستشهد الحسام الأستدار، ثم نصر الله المسلمين، ودخل السلطان والخليفة بالنصر والظفر، واستشُهد حسام الدين لاجين، وعلاء الدين الجاكي، وحسام الدين بن قرمان، وسنقر الشمسي، وشمس الدين سنقر، وعز الدين محمد، وصلاح الدين بن الملك الكامل.
وفيها: توفي الملك المنصور زين الدين كتبغا صاحب حماة.
وفي سنة ثلاث: مات قازان مسموماً، وملك بعده أخوه خزندار محمد.
وفي سنة ست: توفي الأمير بدر الدين بكتاش الصالحي.
وفي سنة سبع: وقعت وقعة بين التتار وأهل جيلان، فانتصروا بعون الله.
وفيها: مات سلطان المغرب أبو يعقوب يوسفُ.
وفي سنة ثمان: ذهب السلطان إلى الكرك مظهِراً للحج، وإنما كان مدة بمصر [.........]، فوثب بعد أيام ركنُ الدين الجاشنكير، فتسلطن، وخُطب له، وتقلد بمشورة الأمراء، ولُقِّب: الملك المظفر.
وفي سنة تسع: توجه السلطان إلى دمشق ليعود إلى ملكه، وكان قد سحب إليه جماعةٌ من الأمراء، فوصل الخمات، ثم رد، ثم بعد أيام قصد دمشق، وقد سحب إليه من دمشق عدة أمراء، فخاف الأفرم، وهمّ بالهرب، ثم أرسل إلى السلطان [.........]؛ للإعتذار، ثم
قلق، ونزح عن دمشق، ثم جاء الأمان له، ثم قدم السلطان دمشق، ثم جاءه الأفرم، فأكرمه، وأمره بمباشرة النيابة، ثم قدم نائب حماة، ونائب طرابلس، ثم نائب حلب، ثم خرجوا لقصد الديار المصرية، ثم جاء الخبر بهرب الجاشنكير، وأنه طلب مكاناً يأوي إليه، فهرب نائب السلطنة سلَاّر، ثم، السلطان على سرير السلطنة يوم عيد الأضحى، وانتصر على عدة أمراء، وأهللى منهم، واستناب بمصر سيف الدين بكتمر، وبدمشق قرا سنقر، ثم قدم قبجق على نيابة حلب، وبهادر على طرابلس.
وفي سفة عشر: قدم أستدمر على نيابة حماة.
وفيها: مات بهادر بطرابلس، وقبجق بحلب، فناب بحلب أستدمر وبحماة عماد الدين إسماعيل بن صاحب حماة، وبطرابلس الأفرم.
وفي سنة إحدى عشرة: نقل قرا سنقر من نيابة دمشق إلى حلب، وولي كراي المنصوري دمشق، ثم عزل، وقيد، وأمسك قطلبك نائب صفد، ثم ولي نيابة دمشق جمال الدين أقوش.
وفي سنة اثنتي عشرة: سحب أمراء إلى الأفرم نائب طرابلس، ثم ذهبوا إلى ملك التتار، فاحترمهم.
وفيها: مات صاحب ماردين الملكُ المنصور، وكانت دولته نحو العشرين سنة، وولي بعده ابنه على [........]، فولي بعده أخوه الملكُ الصالح.
وفيها: أمسك عدة أمراء من دمشق، ومصر [.........] تنكز الناصري على نيابة الشام، وولي نيابة مصر سيف الدين أرغون.
وفيها: أقبلت التتار [.........]، ثم رجعوا، ثم قدم السلطان دمشق، ثم توجه إلى الحج.
وفيها: مات ملك القبجاق، وتسلطن بعده ابنُه أزبك جان، وهو مسلم.
وفي سنة ثلاث: قدم الملك الناصر من الحج إلى دمشق، ثم سافر إلى مصر.
وفيها: توفي علاء الدين بيبرس العديمي.
وفي سنة أربع: توفي نائب حلب سيفُ الدين، وولي بعده علاء الدين الكبتغا، وقدم سلطان جيلان شمس الدين [........] الحج، فمات، ودفن بقاسيون.
وفي سنة خمس عشرة: سار سيف الدين تنكز بالعسكر المصرية والشافعية إلى مطلية، فأخذها.
وفيها: مات سلطان الهند علاء الدين محمود، وتملك بعده ابنُه غياث الدين.
وفي سنة ست عشرة: مات صاحب السر [.........] المغلي، وملك بعده ولدُه أبو سعيد.
وفي سنة تسع عشرة: اختلف أمراء التتار، واقتتلوا، وأفنى بعضُهم بعضاً.
وفي سنة عشرين: تسلطن الملك الناصرُ صاحبُ حماة عمادُ الدين إسما عيل، ولُقِّب: المؤيد.
وفيها: وقعت بين المسلمين والفرنج وقعة ببلاد المغرب، وكان الفرنج تزيد على المسلمين بأكثر من مئة مرة، ونصر الله المسلمين، ثم وقعة أخرى بالمغرب، ونصرهم الله.
وفي سنة إحدى وعشرين: توفي صاحب اليمن الملكُ المؤيدُ بن داود بنِ الملك المظفر، وكان دولته بعضاً وعشرين سنة.
وفي سنة خمس وعشرين: مات ركنُ الدين بيبرس المنصوري.
وفي سنة ثمان وعشرين: قتل مقدَّم المغل جوبان.
وفي سنة إحدى وثلاثين: توفي صاحبُ المغرب السلطان أبو سعيد، وكان دولته اثنتين وعشرين سنة.
وفي سنة اثنتين وثلاثين: توفي صاحب حماة الملك المؤيد عماد الدين، وتسلطن بعده ولدُه علي، ولقب بالأفضل.
وفي سنة ثلاث: توفي سيف الدين بكتمر، وابنه الأمير أحمد.
وفي سنة ست وثلاثين: توفي صاحب المشرق القان أبو سعيد، وكان دولته عشرين سنة.
وفي سنة سبع: قتل علي، وسار الملك موسى بن علي من [.........] التتار، وكان قامت دولتهما أقل من نصف سنة.
وفي سنة تسع وثلاثين: توفي سيف الدين كجكن المنصوري.
وفي سنة أربعين: توفي أمير المؤمنين المستكفي بالله، وكانت خلافته تسعاً وثلاين سنة، وبويع بعده لأخيه إبراهيم، ولقِّب [
…
].
وفي سنة إحدى وأربعين: قبض على الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام، واعتقل بالإسكندرية أياما، ثم قُتل، وولي بعده نائبُ حلب علاء الدين الطنبغا.
وفيها: مات السلطان الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون عن بضع وخمسين سنة، وعهد إلى ابنه الملك المنصور أبي بكر.
وفي سنة اثنتين وأربعين: بويع الخليفة الحاكمُ بأمر الله أبو العباس أحمد بن المستكفي بالله سليمان العباسي، وكان وليَّ عهدِ أبيه، وقبض السلطانُ المنصور على الأمير سيف الدين بشتك الناصري، وغيرِه من الأمراء، فاتفق الأمراء على خلعه، فخلعوه، وحبس بقُوص، ثم قتل، وكانت دولته نحو السبعين يوماً، وأقاموا أخاه الملكَ الأشرفَ كجك، فسلطنوه، وهومميز، وكان أخوه الملك الناصر أحمد بالكرك، فسار إلى القاهرة، ثم خلع الأشرف، وكانت ولايته نحو سبعة أشهر، و [......] الملك الناصر أحمد، وولّى الفخري نيابة دمشق، ثم قبض عليه بالطريق، فقتله، ثم قتل الطنبغا نائب الشام، وجماعة من أمراء المصريين.
وفيها: مات أرنبغا الناصري، وقُتل قونصون الناصري.
وفي سنة ثلاث: أرسل الأمراء إلى الملك الناصر أن يعود من الكرك
إلى القاهرة، فلم يجبهم، فاضطربت آراؤهم، ثم خلعوه، وعقدوا الملك لأخيه الملكِ المظفرِ إسماعيل، وكانت دولة الناصر نحو خمسة أشهر، وولي نيابة دمشق علاءُ الدين أيدغمش الناصري، فأقام نحو ثلاثة أشهر، ومات، وولي بعده سيفُ الدين طقزتمر الناصري.
وفي سنة خمس وأربعين: قبض على الملك الناصر أحمد بالكرك، وقتل.
وفيها: مات الأمير سنجر الجاولي المنصوري.
وفي سنة ست وأربعين: توفي السلطان الملك الصالح إسماعيل بنُ الملك الناصر، واستقر أخوه الملك الكاملُ شعبان، وكانت دولته ثلاث سنين، وثلاثة أشهر، ولما ولي الكامل، شرعَ في تفريق كبار الأمراء، فجهز سيف الدين الملك إلى صفد بعد نيابة مصر، وسيف الدين قماري إلى طرابلس، وسيف الدين طقزتمر إلى مصر، والحاج رقطة إلى حلب، وسيف الدين يلبغا اليحياوي إلى دمشق بعد حلب، وسيف الدين آق سنقر إلى مصر بعد طرابلس، وحسام الدين طرنطاي إلى دمشق، وسيف الدين طقتمر إلى حمص.
وفيها: توفي نائب حمص سيف الدين طقتمر، وسيف الدين آياز نائب غزة، والأمير جنكلي، والأمير سيف الدين قماري، والأمير سيف الدين نائب صفد، والأمير سيف الدين ألمش.
وفي سنة سبع وأربعين: خُلع السلطان، واعتُقل، وتملك بعده أخوه الملكُ المظفر حاجي، ثم خُنق الكامل بعد خلعه.
وفي سنة ثمان وأربعين: جاء الخبر إلى دمشق بمسك جماعةٌ من كبار الأمراء، منهم: آق سنقر، والحجازي تتمة ستة، فجمع نائب الشام بلبغا الأمراء، واستشارهم، فاختلفوا عليه، فكتب إلى النواب، فأجابه بالطاعة نائبُ حلب أرغون شاه، فتحول نائبُ دمشق إلى القصر، فكتب إليه يتوجه إلى القاهرة، وأعطى أرغون نيابة دمشق، ثم خرج ومعه جماعةٌ من الأمراء إلى القبيبات، ثم ظهر إليه عسكر دمشق، فهرب، ثم أمسك، ثم قتل.
وفيها: مات الأمير قلاوون الناصري، والأمير نجم الدين بن الزيبق، والأمير حسام الدين طرنطاي.
وفيها: قُتل السلطان الملكُ المظفر، وولي بعدَه أخوه الملك الناصر حسن، وكانت دولته خمسة عشر شهراً.
وفي سنة تسع وأربعين: توفي الأمير محمد بن طولو بغا السيفي.
وفي سنة خمسين وسبع مئة: قدم الأمير سيف الدين ألجي بغا المظفري نائب طرابلس إلى دمشق مختفياً في جماعةٌ من أصحابه، فنزل ليلاً على الأمير فخر الدين إياس الذي كان نائبَ حلب، وكان نائبُ دمشق سيفُ الدين أرغون شاه تلك الليلةَ بالقصر، فتلطف ألجي بغا وإياس بالبوابين، ففتحوا، ودخلوا باب القصر، فطرقوه بزعجة، فخرج أرغون شاه مسرعاً، فقبضوه، وسحبوه إلى خارج القصر عند المنيبة، فذبحوه، وأمسكوا السكين بيده، ودعوا القاضي جمال الدين الحسباني وشهود [اً]، وسألوهم: هل تعرفون هذا؟ فأنكره القاضي والشهود،
فعرّفوهم به، وأرادوهم أن يعملوا محضراً أنهم وجدوه مذبوحاً، وبيده السكين -يعنون: أنه ذبح نفسه-، فاقتنع القاضي والشهود، وأدركهم الصبح، فنصبوا خيامه بالميدان، وأخرجوا كتاباً مفتعلاً أن السلطان أمرهم بذلك، ثم منعه أمراء دمشق من الخروج حتى يكاتبوا إلى مصر، فخرج ألجي بغا بمن معه بالسيوف، وخرج حتى قدم طرابلس، ثم جاء إنكار السلطان لذلك، وأرسل يطلبه [.........]، وخرج ركب العساكر خلفه، وقبضوه، وأتي به دمشق، وحبس بالقلعة [.........]، ثم جاءت المراسيم بقتلهما، فقتلا، وولي نيابة دمشق الأمير سيف الدين أيتمش الناصري.
وفي سنة اثنتين وخمسين: خُلع الملك الناصر حسن، وأقاموا الملك الصالح صالح، وكانت دولته نحواً من ثلاث سنين، وتسعة أشهر، وقام بتدبر المال سنجر، وطاز، وصرغتمش، فاعتقلوا الوزير منجك، ومغلطاي، وعزلوا أيتمش من نيابة دمشق، ووليها أرغون الكاملي، وأعطوا نيابة حلب ينبغاروس.
وفي سنة ثلاث وخمسين: خرج من حلب إلى دمشق، ومعه نائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب الرحبة، ونائب صفد الأمير أحمد، ونزلوا ظاهر دمشق، وغلقت أبواب دمشق دونهم، وكان نائب دمشق أرغون الكاملي حين بلغه ذلك، حصّن أهله بالقلعة، وخرج، فنزل الرملة، فلما نزل نائب حلب ومَنْ معه على دمشق، فتح حواصل نائب الشام وغيره، واستخدم من جهات السلطنة، وعاث في الغوطة وغيرها بالنهب والفسق، فلما تحققوا خروج السلطان من مصر، رجعوا إلى
حلب، وقدم السلطان الصالح، والخليفة المعتضد، والوزير العلم بن زنبور، والأمير سيف الدين سنجر، وجماعة من الأمراء إلى حلب، فأحضروا النواب إلى دمشق، وقُتلوا صبراً، وتغيّب بيغا، فلم يقدر عليه، ثم عادوا إلى مصر.
وفي هذه السنة: توفي الخليفة الحاكمُ بأمر الله أبو العباس أحمدُ بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان العباسي، وبويع لأخيه المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر بعهدِ أخيه.
وفيها: قدم الأمير علاء الدين المارداني على نيابة دمشق عوضاً عن أرغون الكاملي.
وفي سنة أربع وخمسين: توجّه الأمير عزّ الدين طقطاي إلى حلب، فأخذ أرغون نائبها، وسار نحو بيغاروس إلى أرض الروم، فأمكنهم الله منه، فأمسكوه، ورجعوا به إلى حلب، فقتلوه.
وفيها: توفي الأمير سيف الدين ألجي بغا العادلي، والأمير بدر الدين مسعود أتابك الجيوش، والوزير علم الدين، ووزر بعده موفقُ الدين عبدُ الله.
وفي سنة خمس وخمسين: خُلع السلطان الملك الصالح، وكانت دولته نحو ثلاث سنين، وثلاثة أشهر، وأعيد الملك الناصرُ حسن، وكانوا اغتنموا غيبة طاز حين خرج إلى الصيد، وكا [ن] هو القائم به، فلما حضر، رأى الأمور قد تغيّرت، ورسم له الناصر نيابة حلب، وطلب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي نائب حلب إلى القاهرة،
فحضر، فاعتُقل بالإسكندرية، وذهب طاز إلى حلب، وولي منجك طرابلس.
وفيها: مات الأمير علاء الدين مغلطاي النوري، والأمير سيف الدين أيتمش الناصري.
وفيها: مات صاحب [....] الشيخ حسن.
وفي سنة ست وخمسين: مات خلق من الأمراء، منهم: الجمدار الناصري، وقردم، وملك آص، وسيفاه، وابن الطبال، وقجا، ووالي الولاة ناصر الدين بن الزيبق.
وفي سنة سبع: أفرج عن الأمير سيف الدين أرغون الكاملي.
وفيها: مات الأمير بكتاش الظاهري نائب بعلبك.
وفي سنة ثمان: وثب بعض الجند على الأمير سيف الدين شيخون، فضربه بحضرة السلطان والأمراء، وحصل بذلك خبطة، وتعلل منها أياماً، ومات.
وفيها: مات سيف الدين أرغون الكاملي.
وفي سنة تسع وخمسين: اعتُقل الأمير طاز نائبُ حلب بالكرك، ونُقل سيف الدين منجك من نيابة طرابلس إلى حلب، وقُبض على صاحب دمشق الإسماعيلي، واعتُقل بقلعة صرخد، ثم أفرج عنه، وصُرف علاء الدين المارديني عن نيابة دمشق إلى نيابة حلب، وقدم سيف الدين منجك من حلب على نيابة دمشق.
وفيها: قبض على الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري، ثم
قبض على الأمير ناصر الدين محمد بن الأقوش نائب حمص، وعلى أخويه: سيف الدين الحاجب، وأمير حاج، ثم أفرج عنهم، وقبض على أستدمر العمري نائب حماة، ثم صرف الأمير منجك من نيابة دمشق إلى نيابة صفد، وقدم الأمير شهاب الدين أحمد بن صالح حاجباً إلى دمشق عوضاً عن الإسماعيلي.
وفيها: مات صاحب المغرب السلطان أبو عنان.
وفي سنة ستين وسبع مئة: دخل الأمير علاء الدين المارداني نيابة دمشق، ثم قبض عليه، ثم أُعطي نيابة صفد، وولي بعده نيابةَ دمشق سيفُ الدين أستدمر، وقدم الأمير بيدمر من مصر إلى دمشق يتقدمه ألف، وأضيف إليه عدّة جهات، وحجوبية الحجاب، وقُبض على الأمير شهاب الدين بن صبح الحاجب، وصُرف منجك من نيابة صفد، وأُخذ إلى القاهرة، فهرب عند غزة.
وفيها: قدم الأمير سيف الدين آقطر نائب طرابلس، واعتُقل بقلعة دمشق، ثم نقل إلى الإسكندرية، وكذلك اعتُقل على نائب حماة.
وفيها: قُبض على عدة من الأمراء، واعتقلوا بقلعة دمشق، وصُرف صاحبُ دمشق بالأمير شهاب الدين بن القيمري، ونُقل بيدمر إلى نيابة حلب.
وفيها: مات الأمير صفي الدين البصراوي.
وفي سنة إحدى وستين: ظهر الأمير سيف الدين منجك، و [........] بالشرف الأعلى، فتوجّه إلى القاهرة، فعاقبه
السلطان، ثم منّ عليه وأطلقه، وسمح له أن يسكن حيث شاء.
وفيها: توجّهت الجيوش الحلبية مع نائبهم، فأخذوا عدّة قلاع وحصون.
وفيها: قُبض على الأمير سيف الدين أستدمر نائب دمشق، وولي بعده نيابة دمشق الأمير سيفُ الدين بيدمر، وأُعطي شهابُ الدين القيمري نيابة حلب، وأعطي الحاجب اليوسفي.
وفي سنة اثنتين وستين: حين تمهّد الناصر الأمر، وأزال من يخشى منه الشر على، الرعية، واستغلّ بدنياه، [.........] عليه سيف الدين يلبغا الناصري، وأقام ابنَ أخيه الملك المنصورَ صلاحَ الدين محمد، وحلفت له الأمراء، وأُخذ الناصر، فعُذِّب حتى هلك، وكانت دولته في المرة الثانية ستَّ سنين، وسبعة أشهر، وكان نائب الشام سيفُ الدين بيدمر الخوارزمي في أنفس المصريين منه؛ لتقدمه عند الناصر، وجُعلت نيابة طرابلس لسيف الدين تومان، ونُقل تمر من نيابة غزة إلى حجوبية دمشق، وأُفرج عمن كان اعتقلهم الناصر من الأمراء، وهم: نائب صفد، ونائب حماة، ونائب طرابلس، ونائب دمشق، وأخرج الأمير سيف الدين طاز إلى القدس، وكان الناصر اعتقله بالكرك، وأكحله، وتوافق النياب مع نائب الشام [.....] القلعة، ثم أرسل جيشاً إلى جهة غزة، يحفظوا له ذلك الوجه، ثم خرج بمن بقي من الأمراء، ثم خالفوا عليه، وتفرقوا عنه، ولم يبقَ معه سوى منجك، وأستدمر، وجبرائيل، وخرج المصريون في خدمة السلطان والخليفة المعتضد، ووصل الكسوة، وتحصن النائب
ومَنْ معه بالقلعة، وغُلقت أبواب البلد، وأعطي الأمير علاء الدين المارداني نيابة دمشق، ثم سعى في الصلح، فنزلوا من القلعة بالأمان إلى وطاقِ الأمير سيف الدين يلبغا، فأمر بتقييدهم، وأُخذوا إلى القصر، ودخلت العساكر المصرية والشامية، ودخل السلطان القلعة، ثم قبض على جماعةٌ من أمراء الشاميين، وخرج ببعضهم معه إلى القاهرة، وأراد بعضُ أمراء القاهرة إقامةَ حسين بن الملك الناصر في الملك، فلم يتمَّ لهم ذلك، واستقرت نيابة الشام للمارديني، وطيزق على نيابة حماة، وسيف الدين الأحمدي على نيابة حلب، وتومان على حمص، وتلكتمر المحمدي على طرابلس، وزين الدين على زبالة على نيابة القلعة.
وفي سنة ثلاث وستين: فيها مات الخليفة أمير المؤمنين المعتضدُ بالله أبو الفتح أبو بكر العباسي، وكانت خلافته نحو العشر سنين، وبويع لولده المتوكل على الله حمزةَ بعهدٍ من أبيه.
وفيها: أُفرج عن الأمراء المعتقلين بالإسكندرية، وقلعة دمشق.
وفيها: عُزل المارديني عن دمشق، وأُعطيت دمشق لسيف الدين قشتمر، ثم هرب أمير العرب صولة من القلعة، وصُرف النائب على نائبُ القلعة، وعزله وضربه، واستقر على نيابة القلعة سيفُ الدين بهادر العلائي.
وفيها: مات سيف الدين طاز.
وفي سنة أربع وستين: خلع السلطان الملك المنصور، وكانت مدته ثلاث سنين، وثلاثة أشهر، وولي عوضه الملكُ الأشرفُ زينُ الدين شعبان بن حسين بن الناصر، وصُرف سيف الدين قشتمر عن دمشق،
وأُقر على نيابة صفد، وأُعطيت دمشق لسيف الدين منكلي بغا الناصري.
وفيها: توفي الأمير حسين بن الناصر.
وفيها: توفي صلاح الدين خليل الناصري، والأمير ناصر الدين بن صلاح الدين، ولم يزل الملك الأشرفُ شعبانُ بن حسين إلى أن قُتل خنقاً يوم الاثنين، خامس ذي القعدة، سنة ثمان وسبعين وسبع مئة، وتولى عوضه أخوه الملكُ الصالح أمير حاج.
وفي سنة أربع وثمانين: جمع سيف الدين برقوق القضاة والعلماء، والأمراء والأعيان، وفيهم أميرُ المؤمنين المتوكلُ على الله بن المعتضد بالله العباسي، وذكر لهم أن الأمور مضطربة، وأن الوقت يحتاج إلى سلطان كبير، فوقع الإختيار على سيف الدين برقوق؛ لما فيه من المصالح الخاصة والعامة، وبايعوا الخليفة، وولاه، وتلقب بالملك الظاهر أبو سعيد سنة أربع وثمانين، وولّى شيخون نيابة السلطنة بمصر، وقطلوبغا الكوائي حاجباً، ونائب دمشق بيدمر الخوارزمي، ونائب حلب يلبغا الناصري، وكان الحاكم ببلاد تبريز وبغداد السلطان أحمد بن أويس، وببلاد، الظاهر عيسى بن الملك المظفر، وبالبلاد الشمالية قتمش جان، وفي سمرقند بلاد ما وراء النهر تمرلنك، وفي [......] وتوابعها [.......]، وفي قونية الأمير علاء الدين بن [........]، وفي المدينة النبوية حجاز بن هبة، وفي مكة أحمد بن عجلان.
وفي سنة خمس وثمانين: أُعطي تمرباي الدمرداس
نيابة [......] عوضاً عن [......]، وأعطي نيابة حماة، ثم عزل عنها [.......] سنجق.
وفيها: أمسك السلطانُ الخليفةَ المتوكلَ على الله، وقَيَّده، وحبسه في القلعة، وأمسكَ من بلغه اتفاقُهم معه، فوسّط بعضهم، وحبس بعضهم، [.......] عمر ابن عم الخليفة خليفة، ولُقِّب بالواثق بالله عوضاً عن المتوكل على الله، ثم أُفرج عنه، وسكن القلعة.
وفيها: كانت وقعة بين نائب حلب والتركماني.
وفي هذه السنة: توفي قطلوبنا الكوكائي، والأمير بلاط الصغير، والأمير عز الدين، والأمير ناصر الدين بن أيبك.
وفي سنة ست: ولي نيابةَ طرابلس كمشبغا الحموي، وقرا بلاط الأحمدي نيابةَ الإسكندرية.
وفيها: توفي الأمير طشمتر، وكان قد ولي نيابة الشام، والأمير بهادر الجماني، والأمير جمال الدين عبد الله الناصري.
وفي سنة ثمان وثمانين: أخذ تمرلنك مدينة تبريز، ووقعت وقعة مع التركمان قُتل فيها سودون العلائي نائبُ حماة، وولي مكانه سودون العثماني.
وفيها: خُلع السلطان علا زكري بن إبراهيم بن الإمام المستكفي بالله أبي عبد الله محمد بن الحاكم بأمر الله، واستقر خليفة، وذلك بعهد عن أبيه المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر [........] عوضاً عن أخيه الواثق بالله بحكم وفاته، ولُقِّب بالمستعصم بالله.
وفيها: قتل سلطان مكة أحمدُ بن عجلان، قتله ولدُه، وكان تولّى هذه السنة بعدَ موت أبيه أحمد.
وفي هذه السنة: توفي الواثق بالله أبو حفص عمرُ العباسي، وولي بعده زكري بن إبراهيم.
وفي سنة تسع وثمانين: كان نائب دمشق أشقتمر المارداني، وبحلب سودون المظفري.
ثم في هذه السنة: تولى نيابة دمشق الطنبغا الجوباني؛ لضعف أشقتمر، وولي نيابةَ الوجه القبلي عوضاً عن بيدمر الشمسي [........].
وفيها: ولي نائب بن نعير الحسيني المدينة النبوية [.......].
وفيها: استقر ناصرُ الدين بن مبارك نائب حماة عوضاً عن سودون العثماني.
وفيها: تحرك تمرلنك، وأرسل السلطان يونس الدوادار بعسكر إلى ناحية حلب.
وفيها: [.......] نائب ملطية، وعصا معه صاحب سبوائين، وقرا محمد [........] ألماجارني نائب البيرة، ويلبغا المنجكي، والطنبغا الأشرفي، وأسندمر الشرفي بن يعقوب شاه، فوجه لهم السلطان عسكراً في هذه السنة، وكانت النصرة لعسكر السلطان.
وفيها: استقر [......] الطيبي نائب الوجه القبلي عوضاً عن مبارك شاه.
وفيها: استقر تبخاص [..........] في نيابة صفد عوضاً عن أركماس؛ بحكم وفاته.
وفيها: ذكر عن الجوباني نائب دمشق: أن قصده المخامرة والعصيان، فأرسل أمراء دمشق يعرفون بذلك، ووقع بينه وبين طرنطاي نائب دمشق، فلما علم الجوباني بذلك، طلب الحضور [........] له، فلما حضر، أرسل إليه فارس الصرغتمش، فمسكه، وأخذ إلى سجن إسكندرية، وأُعطيت نيابة الشام لطرنطاي الحاجب. وفيها: أمسك الطنبغا المعلم، وقردم الحسني.
وفيها: أمسك كمشبغا الحموي نائب طرابلس، فأعطي حاجبها أسندمر نيابتها.
وفيها: توفي بهادر المنجكي.
وفي سنة إحدى وتسعين: كانت وقعة مع التركمان.
وفيها: محاصرة يلبغا الناصري نائب حلب، وقتل سودون المظفري.
وفيها: توجه منطاش إلى حماة، وفيها سودون العثماني، فهرب منها، وملكها بيرم العربي، ثم تولها منطاش.
وفيها: أُعطي إينال اليوسفي نيابة حلب عوضاً عن يلبغا الناصري.
وفيها: توجه عسكر نصر، وكسرهم سيف الدين أيتمش النحاس إلى حلب، فحاصره الناصري.
وفيها: أعطي طغيتمر القبلاوي نيابة طرابلس.
وفيها: كانت وقعة العسكر المصرية والشامية على برزة، وقتل جركس الخليلي وغيره، وقتل يونس الدوادار، ثم توجه الناصر إلى القاهرة، فوصل إلى الصالحية، وسحب إليه عدة أمراء، ثم لم يزل يسحب إليه الأمراء حتى لم يبق مع السلطان إلا القليل، ثم طلب الأمان، ثم تغيب، ودخل الناصري القاهرة، ثم اتفق رأيهم على سلطنة الملك المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن قلاوون، ولَقَّبوه: المنصور، وكان لقبُه قبل أن يخلعه الطاهر الصالح، وذلك بحضور الخليفة المتوكل على الله، وكانت مدة سلطنة برقوق ست سنين، وخمسة أشهر، وسبعة عشر يوماً، ثم تولى كمشبغا الكبير نيابةَ حلب، وبزلار نيابةَ دمشق، وقطلوبغا الصفوي نيابةَ صفد، وسنجق نيابةَ طرابلس، وبقاجق نيابةَ ملطية، وكمشبغا الأشرفي نيابةَ قلعة الروم، وأحمد بن المهندار نيابة حماة، وطقنجي نيابة البيرة، وتمان تمر نيابة بهسنا، والأبغا نيابة سيس، وأطلق الأمراء المعتقلين بإسكندرية، وأمسك الأمراء الظاهرية، وأطلق الطنبغا الجوباني، والطنبغا المعلم، وقردم الحسني، وأمسك سودون الطرنطاي في خلائق من الأمراء، ثم وجه السلطان الظاهر إلى الكرك، واعتقل عليه بها.
وفي شعبان تضاعف الأمير منطاش الأفضلي، فدخل عليه الجوباني ليعوده، فأمسكه هو وجماعة، وخرج، وتظاهر بالشر، ووقع القتال،
ووقعت وقعات، وظفر فيها منطاش وتسحب إليه أمراء وناس ومماليك، ثم أمسك منطاش جماعةٌ من الأمراء [........] إلى الإسكندرية من مقدمي الألوف ثمانية، ومع الناصري تسعة، ومن الطبلخانات سبعة، وممن أطلق من الاعتقال ممن كان من الطبلخانات، وأخذوا من العشراوات سبعة، ثم أمسك بعد ذلك جماعات كثيرة، ثم أعطي دمرداش القشقري بنيابة الكرك عوضا عن حسين الكحكي، ثم أبطله من يومه، ثم ولّى أمراء بصفد وطرابلس، وأعطى قطلوبك للنظامي نائب صفد عوضاً عن قطلوبغا الصفوري، ومبارك شاه نائب الوجه القبلي.
وفي هذه السنة: كثر فساد الزُّعر والحرامية، وولي أبو بكر بن مرزوق والي الشرقية عوضا عن أقبغا [.......]، وأعطى ركن الدين بن حطاب والي الغرمية.
وفيها: أمسك بزلار نائب الشام، وولي عوضه جنتمر أخو طاز، وجعل أستدمر العلائي نائب الإسكندرية عوضاً عن أمير حاج.
وفي رمضان قرّر أمراء كثر، وأنفق أموالاً كثيرة، ثم إنه وجه من يقتل الملكَ الظاهر برقوق بالكرك، فكتب إلى نائب الكرك أن يقتل برقوق، وكتب إلى نائب قلعتها بمسك نائبها وقتله إذا قتل برقوق، فغلط القاصد، وأعطى كتاب كل واحد للآخر، فلما دفع الكتاب إلى نائب الكرك، قال: إن الكتاب الآخر، فأخذ الكتاب الذي فيه قتلُ الظاهر، وأتاه ودفعه إليه، فقال الظاهر: حتى أصلي ركعتين، وافعلْ ما أُمرت به، فقال له: لا أفعل شيئاً، وما أموت إلا من يديك، وأراه الكتاب الآخر، ثم تحالفا على الوفاء والصدق، ثم قتل البريدي، ثم وافقه
بعض أعيان الكرك والعربان، وأعطوه خيول [اً] ودراهم، ثم إنه قوي، وقصد دمشق، وأراد منطاش أن يجهز له عسكراً، فوجه رجلاً من الأعراب إلى مصر أن العرب قد أحاطوا به، وكانت منه مكيدة؛ ليجهز ناساً يتقوّى بهم في الإدراك، ثم إنه سحب إليه خلائق من الأمراء، وسار إليه عسكر، منهم: نائب صفد، ونائب حماة فكسر مرتين، ثم نصره الله، وقتل في هذه الوقعة تبازك شاه الطازي، وأطلش، وطشبغا الحاجب.
وتوجه إلى مصر جماعةٌ من الأمراء، منهم: نائب صفد، ونائب حماة، ومحمد شاه الخوارزمي نائبُ الشام، ويلبغا العلائي، وأضاي الأشرفي.
ثم بعد هذه الوقعة وقعت وقعة أخرى له مع ابن باكيش نائب غزة عند قبة يلبغا، ونصر الله الظاهر، وهرب نائبُ غزة، فأخذَ جميع ما معهم، وأمر أن يسلب كل من [.......]، ولا يقتل أحداً، ثم إنهم هجموا على دمشق من فوق المزة؛ لأن دمشق كانت دريت، فخرج إليهم الأعراب والناس من كل وجه بالحجارة والمكاحل، فأقلقوا العسكر [الطا .....].
وهرب أكثرهم، ولم يبقَ الظاهرُ إلا في نفر قليل، ونهبهم العوامّ، ولم يبقَ له ختمُه، ثم إنه ولّى، وجاء إلى القبة، واجتمع إليه المنهزمين [.......]، حتى تحدث ابنه إليهم إينال اليوسفي، وفحماس ابن عم الظاهر، فانصلح حاله، وقويت قلوبهم، وجعلوا يقاتلون من أطراف دمشق.
وفي يوم عيد الأضحى قاتل العسكر الظاهري قتالاً شديداً، وقتل خلائق من أهل دمشق، ثم جاءه كمشبغا الحموي نائبُ حلب بالعساكر الحليفة نصرةً له، ونصب للسلطان ختمة سلطانية، ومعه الأموال [......] الظاهري، وكان معه عدة من الأمراء الكبار، وكان منطاش قد أمسك سودون الشيخوني وغيره بمصر.
وفي رمضان قعد منطاش للقصص والحكومات، ثم خرج منطاش والملك المنصور حاجي ابن الأشرف الذي أقامه بالعساكر المصرية طالبين الظاهرَ برقوق، واتفق منطاش على العسكر، ومعه الخليفةُ المتوكل على الله، والقضاة، وعمل نائب الغيبة صراي تمر السبعي، ونائب غيبة القلعة بكار الأشرفي، ونائب غيبة القاهرة قطلوبغا الحاجب.
وتوفي هذه السنة من الأمراء: قرا محمد أخوبيرم، والأمير زامل بن مهنا أمير آل فضل، والأمير أشقتمر نائبُ دمشق، والأمير بزلار العمري نائبُ دمشق، والأمير جركس الخليلي، والأمير يونس التوروزي.
وفي سنة أربع وتسعين: استهلّت والملكُ المنصورُ حاجي الأشرف، والخليفة المتوكل على الله، وأتابكُ العساكر الحاكم منطاش على سفر الشام لأجل الظاهر برقوق، ونائب الشام جنتمر محصور معه، ونائب حلب كمشبغا معه، وهما بعساكرهما على دمشق، والناس في الخُطَب مختلفون، فمصرُ ودمشقُ يخطبون للمنصور، والكركُ وغيرُها يخطبون للظاهر، وفي مواضع يخطبون باسم الخليفة، ولا يذكرون سلطاناً، والأمر مخبط، والأحوال موقوفة، والبلاد غيرُ آمنة.
وفيها: انتصر الظاهر على منطاش، وأمسك الخليفة والمنصور، وتوجه إلى القاهرة، ثم تسبب جماعةٌ من جماعةٌ الظاهر، وظفروا بحرب منطاش، وقويت شوكتُهم، وحبسوا [.......] مَنْ كان ولّاه منطاش، وخطب باسم الظاهر برقوق، وخرج من الجيوش عدة من مماليكه وحزبه، وطلب جماعةٌ من المنفيين، وأمسك جماعات من حزب منطاش، وأخذت القاهرة كلها لبرقوق قبل دخوله، ثم دخلها بغير قتال.
وفي المحرم كانت وقعة شَقْحَب بين الظاهر والعسكر المصري، وفيهم: الملك المنصور، والخليفة، ومنطاش، وانتصر الملك الظاهر، وكسرت ميمنة الظاهر، وفيها كمشبغا الحموي، فلم يزل على رأسه إلى أن وصل إلى حلب، وكسر منطاش، وتوجه إلى دمشق، وأمسك الظاهرُ الخليفةَ والمنصورَ، ثم تراجع العسكر إليه، وأضاف إليه غالب جماعةٌ منطاش، ثم قصد دمشق، فخرج إليه منطاش بالعساكر، فوقعت وقعة أخرى أكبر من وقعة شقحب، وانكسر منطاش والعسكرُ الشامي، ثم رجع، فأقام على شقحب، واستناب على صفد الجرجاوي، وأقبغا الصغير بعده، وقديد القملطاوي بالكرك، ثم قصد الديار المصرية، ومعه المنصورُ والخليفةُ والقضاة، وكان ممن قُتل: بطرنطاي الذي كان نائب دمشق، وجركس المحمدي، ومحمد بن قرطاي، ثم نزل المنصور للظاهر عن السلطنة، وولَّاه الخليفة، ثم حصل لمنطاش وقعةٌ أخرى، وانكسر، وتوجه إلى دمشق.
وفي صفر وصل الظاهر إلى الصالحية، ثم طلع إلى القلعة،
وصحبته الخليفة، والملك المنصور، ثم جددت له البيعة، وقلده الخليفة، وكانت مدة غيابه عن السلطنة ثمانية أشهر وثمانية أيام، ثم أرسل يحضر الأمراء المعتقلين بالإسكندرية، وأطلق عدة من الأمراء والمماليك، ثم قدمت عليه الأمراء المسجونين، ثم أعطى إينال اليوسفي أتابك العساكر، ويلبغا الناصري أمير سلاح، والطنبغا الجوباني رأس نوبة العرب، وسودون الشيخوني نائب السلطنة بمصر، وكمشبغا الخاصكي أمير مجلس، ونطا دويدار كبير، وقمرقماس الطشتمري أستدار العالية، وتولى جماعات على باقي الوظائف، ثم أخلع على الطنبغا الجوباني نائب دمشق، وقرا مرداس نائب طرابلس، ومأمور نائب حماه، وأرغون العثماني نائب إسكندرية، والأبغا العثماني حاجب دمشق، وأستدمر السيفي حاجب طرابلس، ثم حصل تغيرات وأمور يطول شرحها.
وأما كمشبغا فإنه لما هرب ووصل إلى حلب وقعت أمور، ودخل القلعة، وجرت له وقائع عظيمة ومحاصرات، ثم نزل من القلعة وجرى له محاصرات، وقتل وظفر، ثم إن كمشبغا عمر قلعة حلب، وحصنها وادخر بها المؤنة، وعمر أسوار حلب التي كان هدمها هلاوو، وحدد أبوابها، واستمر بحلب يأمر وينهى، ويعزل ويولي إلى أن حضر تائباً، ثم خلص.
وأما منطاش فلما انكسر ورجع إلى دمشق أقام بها، ثم أرسل عسكراً إلى صفد ليأخذها، فجاء من أمراء العسكر وذهبوا إلى السلطان الظاهر، ثم أرسل إليها عسكراً آخر فكسروا عسكر صفد، ثم كسرهم بعد ذلك،
ثم إن الظاهر جهز جيشاً صحبة يلبغا الناصري وغيره لقتال منطاش، وكذلك الطنبغا الجوباني نائب دمشق، وقرا مرداس نائب طرابلس، ومأمور نائب حماة، ولما سمع منطاش بذلك خرج من دمشق بعد أن قتل أعيان المحبوسين، ووسط ناصر الدين بن المهندار، وترك القلعة خالية، وأخذ الأموال التي جمعها، ثم بعد هربه دخل الجوباني بمن معه دمشق، ثم نزلها بقية العسكر مع يلبغا النصاري، ثم حاصر على منطاش نحو مئتي نفر، ثم خرجت العساكر وراءه من دمشق فالتقوا معه، وكان معه من العرب [
…
] بين حمص وجوستا، وقتل نائب حمص، ثم بعده وقع قتال عظيم، وكانت الكسرة على عسكر السلطان، وقتل خلائق منهم الجوباني، وأسر جماعةٌ من الأمراء كنائب حماة، وأقبغا الجوهري، والطنبغا الأشرفي، ومنكلي الشمسي، ثم وسط منطاش الجوهري، ومأموراً، وأما الناصري فسلم، وجمع المنكسرين ودخل إلى الشام، ثم ركب على عرب آل على فقتل منهم خلائق ونهبهم، ثم ولي الناصري نيابة دمشق عوضاً عن الجوباني، ثم إن جيش السيفي كمشبغا توجه نحو طرابلس ليعلم [
…
]، فأخذه العرب وأتوا به منطاش فقتله، ثم دخل منطاش حمص وصادر أهلها، ثم سار بمن معه من العربان إلى حلب ونازلوها وحاصروها وقطعوا الماء عنها، ووقع في أهل حلب الحصار الكبير، ثم حصل الصلح بينهم وبين العرب، ورحل العرب، [
…
] منطاش ورحل عنها، ونهب في الطريق إلى أن وصل إلى [
…
]، فاتفقا على التوجه إلى عينتاب، فقتل ونهب بمن معه، وحاصر قلعتها مدة، ثم قصد الناصري، فهرب بمن معه.
وفي هذه السنة: توفي أمير حاج ولدُ الملك الظاهر، والسلطان أبو حمو بن يوسف صاحب تلمسان، وكانت دولته إحدى وثلاثين سنة، قتله ولدُه، وملك بعدَه، والسلطان محمد بن أبي الحاج، وتولّى بعده أبو الحجاج، والأمير الطنبغا الجوباني نائبُ الشام، والأمير مأمور نائب طرابلس، والأمير أقبغا الخويصري حاجبُ حلب، والأمير جبق السبقي، [و] كمشبغا الحموي، والأمير تمرثاني الحسني صاحبُ مصر، والأمير قرابغا الأتوبكري، والأمير قرقماش الطغشتمري، والأمير حسن قجا السبعي أرغون شاه، والأمير [.......] الطيبي، والأمير ناصر الدين بن المهندار، والأمير ناصر الأشرفي نائب بهسنا، والأمير لغتنمر، والأمير يونس الأسعردي، والأمير قازان المنجكي، والأمير تنكز العثماني، والأمير أردوبغا العثماني، والأمير عيسى بن سمصمص التركماني، والأمير أقبغا، والأمير سيف الدين طولوبغا الأحمدي، والأمير سيف الدين بغداد، والأمير عبد الرحمن بن منكلي، والأمير [.......]، وغيرهم كثير.
وفي سنة اثنتين وتسعين: أمسك جماعة من الأمراء قطلوبغا الطشتمري، وطقطاي الطشتمري، والأبغا الطشتمري، وأقبغا الألجاوي، وقبغا الألجاوي، ومحمد شاه بن بيدمر الخوارزمي، وطنبغا الألجاوي، ومنجك الزيني، وأرغون شاه السبعي، وجنزبك الخوارزمي، وصنجق الحسني، وصراي تمر الشريخر ابن أستدمر التونسي رأس نوبة منطاش، وأقبغا الطريق القجماسي، [و] إسماعيل السيفي، وكذا القرمي، ثم أمسكوا المماليكَ الذين كانوا في خدمة
منطاش، ثم قتل صراي تمر السيفي تمر باي دوادار منطاش، وبكا الأشرفي، ودمرداس اليوسفي، ودمرداس القشتمري، وعلي الجركتموي، وقطلوبك البطامي الذي كان نائب صفد، ثم قتل جيتمر أخو طازو ولده، والطنبغا الجربغاوي، وطقطاي الطشتمري، وفتح الدين بن الشهيد، ثم غرق جماعة، ثم وسط جماعة، ثم اثني عشر من الأمراء، منهم: الأبغا الطشتمري، وأقبغا الألجاوي، وأرغون شاه السيفي تمر باي، وبزلار الخليلي، ثم منصور الحاجب، وقرابغا الألجاوي، وغيرهم، ثم جماعة، منهم: حسين بن باكيش نائب غزة.
وأما منطاش، فإنه لما هرب من عين تاب، هرب إلى مَرْعَش، ثم جاء إلى حماة، فهرب نائبها إلى طرابلس، ودخل منطاش حماة فلم يسوس على أحد، ثم توجه إلى حمص، فدخلها، ولم يسوس على أحد، ثم إلى بعلبك، فهرب نائبها إلى دمشق، ثم قصد دمشق، فلما سمع الناصري بحضوره، توجه إلى الزبداني لملتقاه، فدخلها منطاش ومَنْ معه، ونزل بالقصر، ثم أتاهم الناصري، ووقع القتال بينهما، وقُتل خلائق، وأُحرقت أماكن، ثم انكسر منطاش وهرب، وهربت التراكمين الذين معه، وقتل منهم خلائق.
ويقال: إن الناصري لو أراد مسكه، أمسكه، ولكنه كان في نفسه بعضُ ميلٍ إليه.
ثم تجهز الظاهرُ بالعساكر المصرية لقصد دمشق، فدخلها في شهر رمضان، وأقام بالقلعة، ثم توجّه نحو حلب، فلما وصلها، بعث [......] إلى ماردين، وعسكر دمشق صحبة نائبها الناصري،
وعسكر مصر صحبة إينال اليوسفي، فهرب منطاش، وسالم الذكري إلى سنجار، فرجعت العساكر، ثم إن سالم الذكري أرسل يعرف السلطان أن الناصري أرسل إليه أن يأخذ منطاشاً، ويهرب به، فوقع في نفس السلطان من الناصري، وأنه لم يخرج من قلبه النفاق، وترك الخلاف والشقاق، ثم إن السلطان أمسك الناصري، وقتله، معه نائب حلب وجماعة، ثم عزل قراد مرداس، وولّى جلبان رأس نوبة، وعَيَّنَ بُطا أرغون نائب دمشق، وإياس [.......] نائب طرابلس، وأرغون شاه حاجب دمشق نائب صفد، وتمربغا المنجكي عوضه في الحجرتمية، ودمرداس المحمدي نائب حماة، ثم رجع إلى دمشق، وأمر بقتل الأبغا العثماني، وسودون باق، وأمر بتسمير حماة، ثم رجع إلى مصر، وقُتل فيها من الأمراء: الناصريُّ نائب دمشق، وشهابُ الدين بنُ المهندار نائبُ حماة، والأمير [.......] وقد ولي نيابة حماة، والأمير أحمد بن الحاج ملك، و [.......] حسن رأس نوبة الناصري، والأبغا العثماني، [و] جتغمر أخو طاز، وولده، وابن أخيه، وأستداره الطنبغا، ونائب طرابلس دمرداس، وصنجق الحسني، والطنبغا الحلبي، وحسين بن باكيش، وأرغون شاه، وصراي تمر، وبكا الأشرفي، وأستدمر اليونسي، ودمرداس القسيمري، وأقبغا المارداني، وخلائقُ من الأمراء غيرُهم، والملكُ المنصورُ أبرك بن الملك الأمجد.
وفي السنة التالية: توفي بُطا نائبُ دمشق، وكانت مدته شهراً وعشرين يوماً، وأخلع بعده على سودون الطرنطاي، فقدم دمشق، ووُلي، وعُزل، ثم توفي في رمضان، فأقام سبعة أشهر وعشرة أيام،
وحصل له ماليخوليا، وعلل عديدة، وولي قبل وفاته بعشرة أيام كمشبغا الأشرفي، ثم أمسك جماعة من الأمراء وغيرهم.
وفيها: استقر ناصر الدين الأستدار نائبَ إسكندرية عوضاً عن الطنبغا المعلم بحكم وفاته، وأخلع على كمشبغا الحموي [أ] تابك العساكر عوضاً عن إينال اليوسفي بحكم وفاته.
وفيها: هجم عدة مماليك على القلعة، وقتلوا نائبها، وأطلقوا مَنْ في الحبس، وتملكوها، ثم حوصروا ثلاثة أيام، ثم أُخذوا، وقُتلوا بأجمعهم.
وفيها: وقع حريق عظيم بدمشق، وتوفي فيها من الأمراء: ناصر الدين بن الحسام، والأمير إينال اليوسفي، والأمير [........] العمري، وعنقا أمير آل مري.
وفي السنة الخامسة والتسعين: توفي كمشبغا نائب دمشق، وولي عوضه تنم الحسني، وإياس الجرجاوي نائبُ طرابلس أتابك الشام، وأُعطي دمرداس نائبُ حماة نيابةَ طرابلس، وأقبغا الصغير نيابةَ حماة، والطنبغا العثماني نائب غزة عوضاً عن يلبغا الأشقتمر بحكم وفاته.
وفيها: أمسك أولادُ نعيرٍ منطاشاً، فضربَ نفسَه بسكين كانت معه ثلاث ضربات، وكانت عليه أردية، فلم تقتله، وأرسل به إلى نائب حلب، فسلمه نائب حلب إلى نائب القلعة، ثم أرسل السلطان بطلبه، فسلم إلى العاضد، فقرره، فلم يُقر بشيء، فذُبح، وأُخذ رأسه، وتوجه به إلى حماة، ثم دمشق، ثم مصر.
وفيها: هرب الملك المغيث أحمد خان من بغداد من تمرلنك، فتلقاه نعير، فأكرمه، ثم قدم حلب.
وأما تمرلنك، فدخل بغداد، وأفسد وأخذ أموال الناس، وقتل، وحصل أمور يطول ذكرها.
وفي هذه السنة: توفي السلطان عبد الرحمن صاحب تلمسان، والأمير أبو يزيد الدوادار، والأمير ناصر الدين محمد بن أقبغا آخي، والأمير ناصر الدين الخوارزمي والي قطنة، والأمير سيف الدين قطلوبغا.
وفي سنة ست وتسعين: وصل الملك المغيث أحمد إلى مصر إلى الظاهر، ولما تلقاه، أراد أن يقبل يد الظاهر، فمنعه، وعانقه، وتباكيا، وقال له الظاهر: طيّب خاطرك، إن شاء الله أُجلسك على كرسي مملكتك، [......] عليه، وأركبه فرساً من جبلة، ووجهه إلى مكان أعدّه له، وأكرمه إكراماً زائداً، وأعطاه أشياء كثيرة.
وفيها: كانت وقعة بين اللنكية وجماعة من عسكر السلطان على الرّها، وكانت النصرة لعسكر السلطان.
ثم إن الظاهر توجه إلى الشام، ومعه الملكُ المغيث أحمد إلى أن وصل إلى دمشق، ثم خرج أحمد بن أويس متوجّهاً نحو بلاده، فلما وصل بغداد، خرج إليه نائبها الذي كان وضعه تمرلنك، فانكسر، وأطلق الماء على الأرض قدام [......]، فلم يتخلص منه، ودخل بغداد حتى هرب، وأتى تمرلنك، فجهز معه زوجته بعسكر، ثم وجّه
السلطان العساكر إلى حلب، ثم توجه بعدها، وعزل نائبها جلبان، وولّى الأمير تغربردي، وغير نائب طرابلس، ونائب صفد.
وفيها: توفي السلطان أبو الحجاج صاحبُ غرناطة، وتوفي بعده ولدُه محمد، والسلطان أبو العباس صاحبُ تونس، وولي مكانه أبو فارس عبدُ العزيز.
وفيها: توفي الأمير منكلي الشمسي، والأمير [......] المحمدي، والأمير زين الدين عبد الرحمن بن منكلي.
في سنة سبع وتسعين: رجع السلطان من حلب إلى دمشق، فعزل وولّى، ثم توجه إلى غزة، ثم إلى قطنة، فأمسك جلبان، ثم دخل مصر، وولّى وعزل.
وفيها: توفي الأمير فردم الحسني، وعلي بن عجلان صاحبُ مكة.
وفي سنة ثمان وتسعين: فيها تولّى مرند القلمطاوي نيابة الإسكندرية، والخليفة المتوكل على الله وليس له نائب بمصر، ونائب دمشق تنم الحسني، ونائب حلب تغريبردي.
وفي سنة تسع وتسعين: الخليفة: المتوكل على الله، وسلطان مصر والشام: الظاهر برقوق أبو سعيد، والنيّاب هم الذين في التي قبلها.
وفي سنة ثمان مئة: كان الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: أبو سعيد برقوق الظاهر، والنياب هم الذين في التي قبلها.
وفيها: قبض على بعض أمراء.
وفي سنة إحدى وثمان مئة: الخليفة: أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد المتوكل، والسلطان: الملك الظاهر أبو سعيد برقوق، وسلطان الروم: أبو يزيد بن عثمان، واليمن: الأشرف إسماعيل، والمغرب أبو فارس.
وفي سنة اثنتين وثمان مئة: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، ونائب دمشق: تنم الحسني، وصاحب العجم: تمرلنك.
وفي سنة ثلاث وثمان مئة: كانت [......]، وكان السلطان: فرج، والخليفة: المتوكل على الله، وصاحب المغرب: أبو فارس، والروم: أبو يزيد بن عثمان.
وفي سنة أربع: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، والمشرق والعجم: تمرلنك، ونائب الشام: تغري بردي، ونائب حلب: دبرداس.
وفي سنة خمس: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب المشرق والعجم: تمرلنك، ونائب دمشق: شيخ المحمودي.
وفي سنة ست: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: فرج بن برقوق، وصاحب الروم: أبو يزيد بن عثمان، والعجم والمشرق: تمرلنك، وصاحب المغرب: أبو فارس، ونائب دمشق: شيخ المحمودي.
وفي سنة سبع: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وبلاد العجم والعراق: تمرلنك، والمغرب: أبو فارس.
في سنة ثمان: الخليفة: المتوكل على الله، والسلطان: الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم والعراق: اللنك.
في سنة تسع: الخليفة: أبو الفضل ولد المتوكل، والسلطان: الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب بلاد الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد بن الشيخ حسن.
سنة عشر: الخليفة: أبو الفضل، وسلطان البلاد المصرية والشامية والحلبية والحجازية: الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، ونائب دمشق: شيخ المحمدي.
سنة إحدى عشرة: الخليفة: أبو الفضل، وسلطان البلاد المصرية والشامية والحجازية: الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وبغداد: أحمد بن أويس، ونائب دمشق: نوروز.
سنة اثنتي عشرة: الخليفة: أبو الفضل، وسلطان مصر والشام والحجاز: فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد بن أويس، ونائب الشام: شيخ.
سنة ثلاث عشرة: الخليفة: أبو الفضل العباسي، والسلطان:
الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد.
سنة أربع عشرة: الخليفة: أبو الفضل، والسلطان: الملك الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد بن أويس.
سنة خمس عشرة: الخليفة: أبو الفضل، والسلطان: الناصر فرج بن برقوق، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد.
سنة ست عشرة: الخليفة: أبو الفضل، والسلطان: الناصر، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بغداد: أحمد.
سنة سبع عشرة: الخليفة: المعتضد بالله، والسلطان: المؤيد شيخ، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: أولاد تمرلنك، ببلاد الشام خارج عن الطاعة.
سنة ثماني عشرة: الخليفة: المعتضد، والسلطان: المؤيد شيخ، وصاحب الروم: ابن عثمان، بلاد العجم: مع أولاد تمر، ببلاد المغرب: أبو فارس.
سنة تسع عشرة: الخليفة: المعتضد، والسلطان: المؤيد شيخ، وصاحب الروم: ابن عثمان، وبلادُ العجم في أيدي أولاد تمر، والشام مع الطنبغا العثماني.
سنة عشرين: الخليفه: المعتضد، والسلطان: المؤيد شيخ،
وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم مع أولاد اللنك، وبلاد المغرب أبو فارس.
سنة إحدى وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: المؤيد شيخ، واليمن: الناصر أحمد، وبلاد الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
سنة اثنتين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: المؤيد شيخ، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعراق: أبو قرا يوسف، والعجم: شاه برخ بن اللنك.
سنة ثلاث وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: المؤيد، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
سنة أربع وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك المؤيد، وقد عهد بالسلطنة إلى ولده أحمد، وصاحب الروم: ابن عثمان.
سنة خمس وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: محمد بن طرر، وقد توفي المؤيد، وولي ولده أحمد، ثم خلع، وولي ططر، ثم توفي في السنة، ثم ولي ولده محمدُ بنُ ططر.
سنة ست وعشرين: الخليفة: المعتضد، وسلطان البلاد الحجازية والمصرية والشامية والحلبية: الملكُ الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان.
سنة سبع وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف
برسباي، وصاحب الروم: ولدُ ابن عثمان، والعجم: شاه برخ بن تمرلنك.
سنة ثمان وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بلاد العجم: شاه برخ بن تمرلنك.
سنة تسع وعشرين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: برسباي الأشرف، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
سنة ثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ بن تمرلنك.
سنة إحدى وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بلاد العجم: شاه برخ بن تمرلنك.
سنة اثنتين وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب بلاد العجم: شاه برخ بن تمرلنك.
وفي سنة ثلاث وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب العجم: شاه برخ.
وفي سنة أربع وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان:
الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، وصاحب العجم: شاه برخ بن تمرلنك.
وفي سنة خمس وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
وفي سنة ست وثلاثين: توجّه الأشرف برسباي إلى ناحية [.......] لقطع الفرات، وسار إلى آمد، وملك الرّها، وأقام بهما نائبا. الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفيها توجه [....].
وفي سنة سبع وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة ثمان وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، والروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
وفي سنة تسع وثلاثين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة أربعين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الأشرف برسباي، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة إحدى وأربعين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الأشرف.
وفيها: ولّى الملك [......] برسباي، فأقام شهراً وثلاثة
أيام، وخُلع، وكان صاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ.
وفي سنة اثنتين وأربعين: الخليفة: المعتضد، والسطان: صلاح الدين يوسف العزيز الأشرف، وفيها خلع، واستقرّ الملك الظاهر جقمق.
وفي سنة ثلاث وأربعين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة أربع وأربعين: الخليفة: المعتضد، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة خمس وأربعين: فيها توفي الخليفة المعتضد أبو سليمان داود العباسي، وكانت دولته تسعاً وعشرين سنة، وستة أشهر، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة ست وأربعين: ولي الخلافة أبو الربيع سليمانُ العباسي أخو داود في قبلها، وقُتل فيها، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة سبع وأربعين: الخليفة: أبو الربيع سليمان، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم: شاه برخ بن تمرلنك.
وفي سنة ثمان وأربعين: الخليفة: علمُ الدين سليمان، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان، والعجم شاه برخ.
وفي سنة تسع وأربعين: الخليفة: علم الدين سليمان، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة خمسين: الخليفة: علم الدين سليمان، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
وفي سنة إحدى وخمسين: الخليفة: علم الدين سليمان، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان، ونائب الشام: جلبان.
سنة اثنتين وخمسين: الخليفة: أبو الربيع علم الدين سليمان، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان، ونائب الشام: جلبان.
سنة ثلاث وخمسين: الخليفة: سليمان، والسلطان: الملك الظاهر جقمق، ونائب الشام: جلبان، وصاحب الروم: ابن عثمان.
سنة أربع وخمسين: الخليفة: أمير المؤمنين أبو الربيع سليمان، والسلطان: الظاهر جقمق، ونائب الشام: جلبان.
سنة خمس وخمسين: فيها توفي الخليفة أبو الربيع سليمان، وولي بعده أخوه حمزة، والسلطانُ: الملكُ الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان، ونائب الشام: جلبان.
سنة ست وخمسين: الخليفة: أمير المؤمنين حمزة، والسلطان: الظاهر جقمق، وصاحب الروم: ابن عثمان.
سنة سبع وخمسين: أمير المؤمنين الخليفة حمزة، وفيها خَلع
جقمقٌ نفسه من السلطنة وولي ولده عثمان، فأقام اثني عشر يوماً في حياة والده، واستمرّ يسيراً، وخُلع، وولي مكانه إينال الأجرود، ولقب بالأشرف.
سنة ثمان وخمسين: الخليفة: حمزة، والسلطان فيها: إينال الأجرود الملك الأشرف، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، وصاحب العجم والعراق: جاهنشاه.
سنة تسع وخمسين: الخليفة: حمزة، والسلطان: الملك الأشرف إينال الأجرود، ونائب الشام: قايتباي الحمزاوي.
سنة ستين: الخليفة: حمزة، والسلطان: الملك الأشرف إينال الأجرود، وصاحب الروم: محمد ابن عثمان، وصاحب العجم والعراق: جاهنشاه، والنائب: الحمزاوي.
سنة إحدى وستين: الخليفة: حمزة، والسلطان: الأشرف إينال الأجرود، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، وقد أخذ الأسطنبول، ونائب الشام: الحمزاوي.
سنة اثنتين وستين: الخليفة: حمزة، والسلطان: إينال الأجرود، وصاحب الروم: محمد ابن عثمان، ونائب الشام قايتباي الحمزاوي.
سنة ثلاث وستين: الخليفة: حمزة، والسلطان: الملك الأشرف إينال الأجرود، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، ونائب الشام: الحمزاوي.
سنة أربع وستين: الخليفة: حمزة، والسلطان: الملك الأشرف إينال الأجرود، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، وصاحب العجم والعراق: جاهنشاه.
سنة خمس وستين: الخليفة، وفيها توفي إينال الأجرود، وعهد إلى ولده أحمد، فأقام مدة يسيرة، وخُلع، وولي بعده خشقدم الرومي، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، ونائب دمشق: جانم أخو الأشرف.
سنة ست وستين: الخليفة، والسلطان: خشقدم، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، ونائب الشام: تنم.
سنة سبع وستين: الخليفة، السلطان: خشقدم، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العجم: حسن بك.
سنة ثمان وستين: الخليفة، السلطان: خشقدم، وصاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العجم: حسن بك، ونائب الشام: بردبك.
سنة تسع وستين: الخليفة، السلطان: خشقدم، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العجم: حسن بك، ونائب الشام: بردبك.
سنة سبعين: الخليفة: السلطان: خشقدم، وتوفي، وتسلطنَ بعدَه خير بك، وأقام بعض يومين يلباي المؤيدي، صاحبُ الروم: محمد بن عثمان.
سنة إحدى وسبعين: الخليفة، السلطان: دولانباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، نائب الشام: أزبك.
سنة اثنتين وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العجم والعراقي: حسن بك، نائب الشام: أزبك.
سنة ثلاث وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة أربع وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة خمس وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة ست وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة سبع وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة ثمان وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة تسع وسبعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، صاحب العراق والعجم: حسن بك، نائب الشام.
سنة ثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، صاحب الروم: محمد بن عثمان، نائب الشام.
سنة إحدى وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة اثنتين وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة ثلاث وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة أربع وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة أربع وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة خمس وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام: قانصوه.
سنة ست وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام: قانصوه.
سنة سبع وثمانين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة ثمان وثماثين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة تسع وثماثين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة تسعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.
سنة إحدى وتسعين: الخليفة، السلطان: قايتباي، نائب الشام.