الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه إلى مَنْ هو أفضل، فلو عدلوا في الابتداء عن الأفضل لغير عذر، لم يجز، وإن كان لعذر؛ من كون الأفضل غائباً، أو مريضاً، أو كان المفضولُ أطوعَ في الناس، وأحسنَ سياسةً = جاز.
فصل
والإمامة تنعقد بوجهين:
أحدهما: اختيار أهل الحل والعقد، كما قدمنا.
والثاني: بعهد الإمام قبله.
فأما انعقادُها باختيار أهل الحل والعقد، فلا تنعقد إلا بجمهورهم، وأكثرِ أهلِ الحلِّ والعقد.
قال أحمد في رواية إسحاقَ بنِ إبراهيم: الإمام الذي يجتمع عليه: كلهم يقول: هذا إمام.
قال القاضي: فظاهر هذا: أنها تنعقد بجماعتهم (1).
قال: وروي عنه ما دلّ على أنها تثبت بالقهر والغلبة، ولا تفتقر إلى العهد، فقال في رواية عبدوس بن مالك العطار: ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّي أميرَ المؤمنين، فلا يحلّ لأحدٍ يؤمن بآلله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً، براً كان أو فاجراً.
وقال أيضاً في رواية أبي الحارث: في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك، فيكون مع هذا قوم، ومع هذا قوم: تكون الجمعةُ مع مَنْ غَلب.
(1) انظر: "الأحكام السلطانية"(ص: 23).
واحتجّ بأن ابن عمر صلّى بأهل المدينة في زمن الحَرّة، وقال: نحن مع مَنْ غلب (1).
قال القاضي: ووجه الرواية الأولى: أنه لما اختلف المهاجرون والأنصار، فقالت الأنصار: منّا أمير، ومنكم أمير، حاجَّهم عمرُ، وقال لأبي بكر: مُدَّ يدك أُبايعْك (2). فلم يعتبر الغلبة، واعتبر العقد مع وجود الاختلاف.
قال: ووجه الثانية: ما ذكره أحمد عن ابن عمر، وقوله: نحن مع من غلب.
قال: ولأنّها لو كانت تقف على عقد، لصح برفعه وفسخه بقولهم وقوله؛ كالبيع وغيره من العقود، قال: ولمّا ثبت أنّه لو عزل نفسه، أو عزلوه، لم ينعزل، دلّ على أنّه لا يفتقر إلى عقد، وإنما اعتبر فيها قولُ جماعةِ أهل الحلّ والعقد؛ أنّ الإمام يجب الرجوع إليه، ولا يسوغ خلافُه والعدولُ عنه كالإجماع.
قال: ثم ثبت أنّ الإجماع يعتبر في انعقاده جميعُ أهل الحلِّ والعقد، كذلك عقدُ الإمامة (3).
(1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 149) بلفظ: "لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب".
(2)
رواه البخاري (6442)، كتاب: المحاربين من أهل الكفر والردة، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.
(3)
انظر: "الأحكام السلطانية"(ص: 23).