الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي فن وَاحِد أوسع إحاطة فِيمَا يتَعَلَّق بفنه من المتفنن (بل) الْمُجْتَهد الْخَاص (مثله) أَي الْمُطلق فِيهِ (وسعته) أَي الْمُطلق (بِحُصُول مواد أُخْرَى) لَا دخل لَهَا فِيمَا يجْتَهد فِيهِ الْمُجْتَهد الْخَاص (لَا توجبه) أَي التَّفَاوُت فِي الِاحْتِمَال: أَي فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمَطْلُوب الْخَاص (فَإِذا وَقع) الِاجْتِهَاد (فِي)
مسئلة
(صلوية) أَي مُتَعَلقَة بِالصَّلَاةِ (وَفرض) وجود جَمِيع (مَا يحْتَاج إِلَيْهَا) الْمُجْتَهد فِيهَا (من الْأَدِلَّة وَالْقَوَاعِد) الْمُتَعَلّقَة بكيفية استنباطها (فسعة الآخر) أَي الْمُطلق (بِحُضُور مواد) الْأَحْكَام (البيعيات والغصبيات شَيْء آخر) لَا دخل لَهُ فِي إِيجَاب التَّفَاوُت بَين الِاجْتِهَاد الْمُطلق وَالْخَاص فِي الصلوية. (وَأما مَا قيل) من قبل المثبتين للتجزي (لَو شَرط) فِي الْخَاص مَا شَرط فِي الْمُطلق (شَرط فِي الِاجْتِهَاد الْعلم بِكُل المآخذ) بِمَا ذكر من الْكتاب وَالسّنة (وَيلْزم) الْعلم بِكُل المآخذ (علم كل الْأَحْكَام فَمَمْنُوع الْمُلَازمَة) مَا بعد الْفَاء جَوَاب أما، وَخبر الْمَوْصُول، يَعْنِي لَا نسلم أَن الْعلم بِكُل المآخذ يسْتَلْزم الْعلم بِكُل الْأَحْكَام (للْوَقْف بعده على الِاجْتِهَاد) يَعْنِي أَن الْعلم بِالْأَحْكَامِ يتَوَقَّف بعد حُصُول الْعلم بالمآخذ على أَمر آخر، وَهُوَ الِاجْتِهَاد، غَايَة الْأَمر أَنه يحصل بِالْعلمِ بالمآخذ التَّمَكُّن من الْعلم بِالْأَحْكَامِ، وَأما حُصُول الْعلم بِالْأَحْكَامِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّمَا يكون بعد الِاجْتِهَاد فِي كل وَاحِد وَهُوَ ظَاهر. (وَأما الْعَدَالَة) فِي الْمُجْتَهد (فَشرط قبُول فتواه) لِأَنَّهُ لَا يقبل قَول الْفَاسِق فِي الديانَات، لَا شَرط صِحَة الِاجْتِهَاد لجَوَاز أَن يكون لِلْفَاسِقِ قُوَّة الِاجْتِهَاد فَلهُ أَن يجْتَهد لنَفسِهِ، وَلَا يشْتَرط أَيْضا الْحُرِّيَّة وَلَا الذُّكُورَة وَلَا علم الْكَلَام وَلَا علم الْفِقْه.
مسئلة
(الْمُخْتَار عِنْد الْحَنَفِيَّة أَنه صلى الله عليه وسلم مَأْمُور) فِي حَادِثَة لَا وَحي فِيهَا (بانتظار الْوَحْي أَولا) أَي فِي أول زمَان وُقُوع الْحَادِثَة (مَا كَانَ راجيه) أَي مَا دَامَ كَونه راجيا نزُول الْوَحْي (إِلَى خوف فَوت الْحَادِثَة) على غير الْوَجْه الشَّرْعِيّ (ثمَّ بِالِاجْتِهَادِ) أَي تمّ بعد تحقق الْخَوْف مَأْمُور بِالِاجْتِهَادِ (وَهُوَ) أَي الِاجْتِهَاد (فِي حَقه) صلى الله عليه وسلم (يخص) أَي الِاجْتِهَاد (الْقيَاس بِخِلَاف غَيره) من الْمُجْتَهدين فَإِنَّهُ لَا يخص اجتهادهم الْقيَاس: أما فِي الْقيَاس فَظَاهر، وَأما فِي غَيره (فَفِي دلالات الْأَلْفَاظ) أَي فقد يكون الِاجْتِهَاد فِي دلَالَة الْأَلْفَاظ على مَا هُوَ المُرَاد مِنْهَا أَيْضا كَمَا فِي الْمُجْمل والمشكل، والخفي والمتشابه على قَول من يَقُول: إِن الراسخين فِي الْعلم يعلمُونَ تَأْوِيله، فَإِن الخفاء يستدعى كَون المُرَاد نظريا مُحْتَاجا إِلَى نظر واجتهاد، وَأما النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَالْمُرَاد عِنْده ظَاهر بَين لَا يحْتَاج إِلَى نظر واجتهاد مِنْهُ (و) فِي (الْبَحْث عَن
مُخَصص الْعَام، وَالْمرَاد من الْمُشْتَرك وباقيها) أَي وَبَاقِي الْأَقْسَام الَّتِي فِي دلالتها خَفَاء من الْمُجْمل وأخواته: أما الْبَحْث عَن مُخَصص الْعَام فَلِأَن احْتِمَال التَّخْصِيص غير التَّخْصِيص بعيد، وَلذَا قيل: مَا من عَام إِلَّا وَخص مِنْهُ الْبَعْض وَأما الْبَحْث عَن المُرَاد من الْمُشْتَرك فَلَا بُد مِنْهُ وَهُوَ ظَاهر، وكل ذَلِك ظَاهر عِنْده صلى الله عليه وسلم لَا يحْتَاج إِلَى نظر وفكر (و) فِي (التَّرْجِيح) لأحد الدَّلِيلَيْنِ (عِنْد التَّعَارُض) بَينهمَا (لعدم علم الْمُتَأَخر) مِنْهُمَا، يَعْنِي لَا بُد من الْمُتَأَخر فِي نفس الْأَمر غير أَنه لَيْسَ بِمَعْلُوم عِنْد الْمُجْتَهد، وَلَا يتَصَوَّر عدم الْعلم بالمتأخر فِي حَقه صلى الله عليه وسلم، (فَإِن أقرّ) صلى الله عليه وسلم على مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده عِنْد خوف فَوت الْحَادِثَة (أوجب) إِقْرَاره عَلَيْهِ (الْقطع بِصِحَّتِهِ) أَي بِصِحَّة مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده لِأَنَّهُ لَا يقر على الْخَطَأ (فَلم تجز مُخَالفَته) أَي مَا أقرّ عَلَيْهِ (بِخِلَاف غَيره من الْمُجْتَهدين) فَإِنَّهُ تجوز مُخَالفَته إِلَى اجْتِهَاد آخر لاحْتِمَال الْخَطَأ والقرار عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَي اجْتِهَاده الْمقر عَلَيْهِ (وَحي بَاطِن) على مَا عَلَيْهِ فَخر الْإِسْلَام وَغَيره، وَسَماهُ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ بِمَا يشبه الْوَحْي (وَالْوَحي عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة أَرْبَعَة:(بَاطِن) وَهُوَ (هَذَا، وَظَاهر) وَهُوَ (ثَلَاثَة: مَا يسمعهُ) صلى الله عليه وسلم (من الْملك شفاها) من شافهه: أَي أدنى شفته من شفته، وَالْمرَاد سَمَاعه من الْملك بِغَيْر وسط مَعَ علمه بِأَنَّهُ ملك، وَالْمرَاد بِهِ جِبْرِيل عليه السلام لقَوْله تَعَالَى - {قل نزله روح الْقُدس} - مَعَ قَوْله تَعَالَى - {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} - (أَو) مَا (يُشِير إِلَيْهِ) الْملك، فَقَوله يُشِير مَعْطُوف على يسمع (إِشَارَة مفهمة) للمراد من غير بَيَان بالْكلَام (وَهُوَ) أَي هَذَا الْقسم من الْوَحْي (المُرَاد بقوله) صلى الله عليه وسلم (إِن روح الْقُدس نفث فِي ورعى أَن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستوفى رزقها، الحَدِيث) فِي الْقَامُوس: النفث كالنفخ، وَأَقل من التفل، وَالْمرَاد إِلْقَاء معنى فِي الْقلب كالنفخ، وَأَقل من التفل، والروع بِالضَّمِّ: الْقلب، أَو مَوضِع الْفَزع مِنْهُ (أَو) مَا (يلهمه، وَهُوَ) أَي الإلهام (إِلْقَاء معنى فِي الْقلب بِلَا وَاسِطَة عبارَة الْملك وإشارته مقرون) بِالرَّفْع على أَنه صفة لإلقاء، أَو بِالْجَرِّ على أَنه صفة لِمَعْنى (بِخلق علم ضَرُورِيّ أَنه) أَي ذَلِك الْمَعْنى (مِنْهُ تَعَالَى) وَأَن مَعَ اسْمه وَخَبره مُتَعَلق الْعلم الضَّرُورِيّ: أَي إِلْقَاء الْمَعْنى على الْوَجْه الْمَذْكُور (وَجعله حَيا ظَاهرا) مَعَ خفائه (إِذْ فِي) الْوَحْي الظَّاهِر الَّذِي يسمعهُ من (الْملك) شفاها (لَا بُد من خلق) الْعلم (الضَّرُورِيّ أَنه) أَي الَّذِي جَاءَ بِالْوَحْي (هُوَ) أَي الْملك، فشاركه فِيمَا هُوَ مدَار الْأَمر، وَإِن خَالفه بِعَدَمِ المشافهة فَهُوَ جدير بِأَن يلْحق بِهِ فِي الظُّهُور (وَلذَا) أَي وَلكَون إلهامه صلى الله عليه وسلم وَحيا ظَاهرا (كَانَ حجَّة قَطْعِيَّة عَلَيْهِ) صلى الله عليه وسلم (وعَلى غَيره) كَمَا أَن الشفاهي والإشاري حجَّة عَلَيْهِمَا (بِخِلَاف إلهام غَيره) من الْمُسلمين فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَحْي. وَقَالَ الشَّارِح
فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا حجَّة فِي حق الْأَحْكَام بِالنِّسْبَةِ إِلَى الملهم وَغَيره، وَهَذَا فِي الْمِيزَان معزو إِلَى قوم من الصُّوفِيَّة، بل عزى إِلَى صنف من الرافضة لقبوا بالجعفرية أَنه لَا حجَّة سواهُ ثَانِيهَا حجَّة عَلَيْهِ لَا على غَيره: أَي يجب على الملهم الْعَمَل بِهِ، وَلَا يجوز أَن يَدْعُو إِلَيْهِ غَيره، وَعَزاهُ فِي الْمِيزَان إِلَى عَامَّة الْعلمَاء، وَمَشى عَلَيْهِ الإِمَام السهروردي، وَاعْتَمدهُ الإِمَام الرَّازِيّ فِي أَدِلَّة الْقبْلَة وَابْن الصّباغ من الشَّافِعِيَّة، قَالَ: وَمن علامته أَن ينشرح لَهُ الصَّدْر، وَلَا يُعَارضهُ معترض من خاطر آخر. (ثَالِثهَا) أَي ثَالِث الْأَقْوَال فِي إلهام غَيره وَهُوَ (الْمُخْتَار فِيهِ) أَي فِي إلهام غَيره أَنه (لَا حجَّة عَلَيْهِ) أَي على الملهم (وَلَا) على (غَيره لعدم مَا يُوجب نسبته) أَي نِسْبَة مَا ألهم بِهِ (إِلَيْهِ تَعَالَى) فَإِن قيل: الْمُوجب مَوْجُود، وَهُوَ الْعلم الضَّرُورِيّ بِأَنَّهُ من الله تَعَالَى قُلْنَا: لَيْسَ بمعصوم من أَن يكون مَا يحسبه من الله تَعَالَى بِالضَّرُورَةِ من الشَّيْطَان فِي نفس الْأَمر فَلَا يعْتَمد عَلَيْهِ إِلَّا إِذا قَامَ لَهُ حجَّة من الْكتاب أَو السّنة (وَالْأَكْثَر) أَي أَكثر أهل الْعلم على أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ مَأْمُورا (بِالِاجْتِهَادِ مُطلقًا) فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة والحروب والأمور الدِّينِيَّة من غير تَقْيِيد بِشَيْء مِنْهَا، أَو من غير تَقْيِيد بانتظار الْوَحْي، وَهُوَ مَذْهَب عَامَّة الْأُصُولِيِّينَ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَعَامة أهل الحَدِيث، وَنقل عَن أبي يُوسُف: كَذَا نقل الشَّارِح عَن شرح البديع (وَقيل) الْقَائِل الأشاعرة وَأكْثر الْمُعْتَزلَة والمتكلمين (لَا) يَصح أَن يكون صلى الله عليه وسلم مَأْمُورا بِالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة. ثمَّ عَن الجبائي وَابْنه أَنه غير جَائِز عَلَيْهِ عقلا. وَعَن غَيرهمَا جَائِز عقلا وَلكنه لم يتعبد بِهِ شرعا، وَقيل كَانَ لَهُ الِاجْتِهَاد فِي الْأُمُور الدِّينِيَّة والحروب دون الْأَحْكَام (وَقيل) كَانَ لَهُ الِاجْتِهَاد (فِي الحروب فَقَط) وَهُوَ محكي عَن القَاضِي والجبائي (لقَوْله تَعَالَى - {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} - عوتب على الْإِذْن لما ظهر نفاقهم فِي التَّخَلُّف عَن غَزْوَة تَبُوك، وَلَا عتب فِيمَا عَن الْوَحْي، فَكَانَ عَن اجْتِهَاد لِامْتِنَاع كَونه عَن تشه، وَدفعه السُّبْكِيّ بِأَنَّهُ كَانَ مُخَيّرا فِي الْأذن وَعَدَمه. قَالَ تَعَالَى - {فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم} - فَلَمَّا أذن أعلمهُ بِمَا لم يطلع عَلَيْهِ من شرهم أَنه لَو لم يَأْذَن لَهُم لقعدوا، وَأَنه لَا حرج عَلَيْهِ فِيمَا فعل وَلَا خطأ. قَالَ الْقشيرِي: وَمن قَالَ: الْعَفو لَا يكون إِلَّا عَن ذَنْب فَهُوَ غير عَار بِكَلَام الْعَرَب، وَإِنَّمَا معنى - {عَفا الله عَنْك} - لم يلزمك ذَنْب كَمَا عَفا فِي صَدَقَة الْخَيل وَلم يجب عَلَيْهِم ذَلِك قطّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَنه عتاب على ترك الأولى (و) لقَوْله تَعَالَى {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} - فَإِنَّهَا نزلت فِي فدَاء أُسَارَى بدر، فَإِنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وَعمر مَا ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ فَقَالَ أَبُو بكر: هم بَنو الْعم وَالْعشيرَة أرى أَن تَأْخُذ مِنْهُم فديَة فَتكون لنا قُوَّة على الْكفَّار فَعَسَى الله أَن يهْدِيهم لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
مَا ترى يَا بن الْخطاب؟ قَالَ قلت لَا يَا رَسُول الله مَا أرى الَّذِي رأى أَبُو بكر وَلَكِن أرى أَن تمكننا فَنَضْرِب أَعْنَاقهم، فَتمكن عليا من عقيل فَيضْرب عُنُقه، وتمكنني من فلَان نسيب لعمر فَأَضْرب عُنُقه، فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَصَنَادِيدهَا، فهوى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بكر وَلم يَهو مَا قلت، فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جِئْت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر قاعدان يَبْكِيَانِ، قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي من أَي شَيْء تبْكي أَنْت وَصَاحِبك؟ فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِلَّا تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أبْكِي للَّذي عرض على أَصْحَابك من أَخذهم الْفِدَاء لقد عرض عَليّ عَذَابهمْ أدنى من هَذِه الشَّجَرَة: شَجَرَة قريبَة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لنَبِيّ} - إِلَى قَوْله - {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا} -، فأحل الله الْغَنِيمَة لَهُم. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم " لَو نزل الْعَذَاب مَا نجا إِلَّا عمر ": فَدلَّ على أَن أَخذه صلى الله عليه وسلم الْفِدَاء كَانَ بِالِاجْتِهَادِ، وَكَانَ ذَلِك الِاجْتِهَاد خطأ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ صَوَابا لما ترَتّب عَلَيْهِ الْعَذَاب على تَقْدِير عدم سبق الْكتاب فَإِن قلت: كَيفَ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ وَقد تقرر أَن الْمُخطئ فِي الِاجْتِهَاد لَهُ أجر وَاحِد قلت: الْأجر على تَقْدِير أَن لَا يكون خلاف مَا أدّى إِلَيْهِ ظَاهرا، فَأَما إِذا كَانَ ظَاهرا فَلَا، بل يسْتَحق الْمُجْتَهد الْعَذَاب، أَلا ترى أَن المبتدعة قد كَانُوا مجتهدين، فَحَيْثُ كَانَ خلاف رَأْيهمْ ظَاهرا استحقوا الْعَذَاب، حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم " كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة " بعد قَوْله " سَتَفْتَرِقُ أمتِي ثَلَاثًا وَسبعين فرقة ". وَمِنْهُم من قَالَ معنى سبق الْكتاب أَنه كتب فِي اللَّوْح أَن لَا يعذب الْمُخطئ فِي الِاجْتِهَاد، وَيرد عَلَيْهِ تَعْذِيب المبتدعة. وَقد يُجَاب بتخصيص عدم الْعَذَاب بِمَا إِذا لم يكن فِي العقيدة فَإِن قلت: إِذا كَانَت الْحِكْمَة فِي عدم تَعْذِيب الْمُخطئ أَنه بذل وَسعه فِي طلب الصَّوَاب، فَلَا يفْتَرق الْحَال بِكَوْن الْمُجْتَهد فِيهِ عمليا أَو اعتقاديا قلت فِي الِاعْتِقَاد لم يكن الْمحل صَالحا للِاجْتِهَاد لوُجُود النُّصُوص المفيدة للْقطع. والشارع قد مَنعهم عَن الْخَوْض فِي ذَلِك (وَقد قُلْنَا بِهِ) أَي بِكَوْنِهِ مَأْمُورا بِالِاجْتِهَادِ فِي الحروب (وَثَبت) اجْتِهَاده (فِي الْأَحْكَام) الشَّرْعِيَّة (أَيْضا بقوله) صلى الله عليه وسلم (لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لما سقت الْهدى) أَي لَو علمت قبل سوق الْهدى مَا عَلمته بعده من أَمْرِي يُرِيد بِهِ مَا ظهر عِنْده من الْمَشَقَّة عَلَيْهِ وعَلى من تبعه فِي سوقه الملزم دوَام الْإِحْرَام إِلَى قَضَاء مَنَاسِك الْحَج لما سقته، بل كنت أَحرمت بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أحللت بعد أَدَائِهَا كَمَا هُوَ دأب الْمُتَمَتّع، فَعلم أَنه لم يسق بِالْوَحْي وَإِلَّا لم يقل ذَلِك وَأَيْضًا لَا يَتَرَتَّب الْجَزَاء عَنْهُم، أَعنِي سوق الْهدى على الشَّرْط، أَعنِي الْعلم بِمَا ذكر قبل السُّوق لَو لم يكن عَاملا بِالِاجْتِهَادِ، لِأَن الْقَائِل بِمُوجب الْوَحْي علمه بِالْمَصْلَحَةِ كَعَدم علمه بهَا
(وسوقه) الْهدى (مُتَعَلق حكم الْمَنْدُوب) لِأَنَّهُ لم يفعل فِي أَدَاء الْمَنَاسِك تَقْرِيبًا إِلَّا الْوَاجِب أَو الْمَنْدُوب، وَقد علم عدم الْوُجُوب فَتعين النّدب (وَهُوَ) أَي النّدب (حكم شَرْعِي) فَثَبت اجْتِهَاده فِي الْأَحْكَام أَيْضا (وَلِأَنَّهُ) أَي الِاجْتِهَاد (منصب شرِيف) حَتَّى قيل أَنه أفضل دَرَجَات أهل الْعلم، فَإِذا (لَا يحرمه) أفضل أهل الْعلم (وتناله أمته) فَإِن حرمانه مَعَ عدم حرمَان الْأمة بعيد عَن دَائِرَة الِاعْتِبَار (ولأكثرية الثَّوَاب لأكثرية الْمَشَقَّة). وَلَا شكّ أَن تَحْصِيل الْعلم بالحكم الشَّرْعِيّ ثمَّ الْعَمَل بِهِ أَكثر مشقة من الْعَمَل بِدُونِ الِاجْتِهَاد فَيكون أَكثر ثَوابًا فَكَانَ لائقا بِشَأْنِهِ الشريف: وَهَذَا الَّذِي ذكر من أكثرية الثَّوَاب لأكثرية الْمَشَقَّة هُوَ مُقْتَضى الأَصْل وَالْقِيَاس. فَلَا يُنَافِيهِ مَا وَقع فِي بعض الخصوصيات من كَون ثَوَاب مَا لَيْسَ فِيهِ مشقة أَكثر من ثَوَاب مَا فِيهِ الْمَشَقَّة كالكلمتين الخفيفتين على اللِّسَان الثقيلتين فِي الْمِيزَان. (وَأما الْجَواب) عَن هَذَا الدَّلِيل كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن الْحَاجِب وَقَررهُ القَاضِي (بِأَن السُّقُوط) أَي سُقُوط الِاجْتِهَاد فِي حَقه صلى الله عليه وسلم (لدرجة الْعليا) الْإِضَافَة بَيَانِيَّة، وَهِي الْوَحْي، فَإِن مُتَعَلّقه أَعلَى من مُتَعَلق الِاجْتِهَاد لكَونه مَقْطُوعًا بِهِ ابْتِدَاء (لَا يُوجب نقصا فِي قدره وأجره) أما فِي قدره فَظَاهر لِأَنَّهُ أُرِيد لَهُ الدرجَة الْعليا، وَأما فِي أجره فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْطي أجرا عَظِيما مناسبا لتِلْك الدرجَة (وَلَا) يُوجب السُّقُوط الْمَذْكُور (اخْتِصَاص غَيره بفضيلة لَيست لَهُ) لكَون الِاجْتِهَاد نظرا إِلَى هَذَا الْمَعْنى فَضِيلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تنزل من الدرجَة الْعليا (فَقيل) جَوَاب أما (ذَلِك) أَي سُقُوط الْأَدْنَى للأعلى إِنَّمَا يكون (عِنْد الْمُنَافَاة) بَينهمَا (كَالشَّهَادَةِ مَعَ الْقَضَاء والتقليد مَعَ الِاجْتِهَاد) فَإِنَّهُ سُقُوط وجوب أَدَاء الشَّهَادَة على القَاضِي لوُجُوب مَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ، وَهُوَ الْقَضَاء فَإِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ، فَلذَلِك سقط وجوب التَّقْلِيد وَمن وجههما ظَاهر، وَمَا نَحن فِيهِ لَيْسَ كَذَلِك لجَوَاز أَن يجْتَهد ثمَّ يقرره الْوَحْي (وَالْحق أَن مَا سوى هَذَا) أَي مَا سوى الدَّلِيل الْمَعْنَوِيّ الْمَدْلُول عَلَيْهِ بقوله منصب شرِيف إِلَى قَوْله لأكثرية الْمَشَقَّة (لَا يُفِيد مَحل النزاع، وَهُوَ) أَي مَحل النزاع (الْإِيجَاب) أَي إِيجَاب الِاجْتِهَاد عَلَيْهِ فِيمَا لَا نَص فِيهِ، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا يُفِيد، لِأَن الِاجْتِهَاد الْوَاقِع على وَجه الْفَرْضِيَّة أشرف، وثواب الْفَرْض أَكثر، وَأما الْأَدِلَّة النقلية فَلَا تفِيد إِلَّا وُقُوع الِاجْتِهَاد وَلَا يدل وُقُوعه فرضا كَمَا سيشير إِلَيْهِ، وناقش الشَّارِح فِي كَون مَحل النزاع الْوُجُوب فَقَط، وَنقل عَن الْمُعْتَمد مَا دلّ على النزاع فِي الْجَوَاز، وَعَن الْمَاوَرْدِيّ أَن الْأَصَح التَّفْصِيل فِي حق النَّاس الْوُجُوب لأَنهم لَا يصلونَ إِلَى حُقُوقهم بِدُونِهِ، وَفِي حُقُوق الله تَعَالَى عدم الْوُجُوب وَهَذَا يُؤَيّدهُ المُصَنّف. وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن فِي وجوب الِاجْتِهَاد عَلَيْهِ بعد جَوَازه لَهُ وَجْهَيْن، وَأَنه صحّح الْوُجُوب. وَعَن بَعضهم أَنه غير
جَائِز عقلا، وَلَعَلَّ المُصَنّف حقق من طَرِيق النَّقْل أَن كل من قَالَ بِالْجَوَازِ مِمَّن يعْتد بِكَلَامِهِ قَالَ بِالْوُجُوب: فَيرجع الْخلاف إِلَى الِامْتِنَاع وَالْوُجُوب، فَلَا بُد أَن يكون كل دَلِيل فِي هَذَا الْمقَام دَالا على أَحدهمَا (وَأما هَذَا) الدَّلِيل الْمَعْنَوِيّ وَإِن أَفَادَ مَحل النزاع (فقد اقْتَضَت) أَي فَيُقَال فِيهِ إِن الِاسْتِدْلَال بنيل الْأمة شَيْئا من الْفَضَائِل وَالثَّوَاب على نيله ذَلِك غير مُسلم لِأَنَّهُ قد اقْتَضَت (رتبته صلى الله عليه وسلم مرّة سُقُوط مَا) يجب (على غَيره كَحُرْمَةِ الزِّيَادَة) من الزَّوْجَات (على الْأَرْبَع) فَهَذِهِ الْحُرْمَة حكم ثَابت فِي حق الْأمة سَاقِط فِي حَقه لجَوَاز الزِّيَادَة لَهُ (وَمرَّة) اقْتَضَت رتبته صلى الله عليه وسلم (لُزُوم مَا لَيْسَ) بِلَازِم (عَلَيْهِم) كمصابرة الْعَدو، وَإِن كثر عَددهمْ، بِخِلَاف الْأمة فَإِنَّهَا لَا تلزمهم إِن زَاد عدد الْكفَّار على الضعْف، وإنكار الْمُنكر، وتغييره مُطلقًا لكَونه مَوْعُودًا بِالْحِفْظِ والعصمة، وَغَيره إِنَّمَا يلْزمه بِشَرْطِهِ، وكالسواك والتهجد إِلَى غير ذَلِك، فَلَا يُقَاس حَاله بِحَال غَيره، فَلَا بُد فِي إِثْبَات حكم فِي حَقه من وجود مُقْتَض يَخُصُّهُ (فالشأن فِي تَحْقِيق) وجود (خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى فِي حَقه فِي) خصوصيات (الْموَاد وَعَدَمه) أَي عدم خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى بِحَذْف الْمُضَاف، إِن وجدنَا مَا يقتضى إِثْبَات حكم فِي حَقه أَثْبَتْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا (وَغَايَة مَا يُمكن) أَن يُقَال فِيمَا نَحن فِيهِ (أَنَّهَا) أَي أَدِلَّة المثبتين (لدفع الْمَنْع) أَي تدفع منع الْجَوَاز، فَيثبت الْجَوَاز لعدم الِامْتِنَاع (فَيثبت الْوُجُوب، إِذْ لَا قَائِل بِالْجَوَازِ دونه) أَي الْوُجُوب، يَعْنِي لَو لم يجب الِاجْتِهَاد عَلَيْهِ على تَقْدِير الْجَوَاز لثبت جَوَاز بِلَا وجوب، وَهُوَ منفي بِإِجْمَاع الْمُجْتَهدين، لِأَن الْقَائِل بالامتناع نَفَاهُ، وَكَذَلِكَ الْقَائِل بِالْوُجُوب، وَلَا مُجْتَهد سوى الْفَرِيقَيْنِ. احْتج (الْمَانِع) لاجتهاده صلى الله عليه وسلم بقوله تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ} أَي الَّذِي ينْطق بِهِ من الشَّرَائِع {إِلَّا وَحي يُوحى} وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد لَيْسَ بِوَحْي (أُجِيب بتخصيصه) أَي بتخصيص الْمَنْفِيّ فِي الْآيَة (بِسَبَبِهِ) أَي بِمَا يدل عَلَيْهِ سَبَب نُزُولهَا، وَهُوَ رد مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي الْقُرْآن إِنَّه افتراء، فَيخْتَص بِمَا بلغه، وينتفي الْعُمُوم الَّذِي هُوَ منَاط الِاسْتِدْلَال، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لنفي دَعوَاهُم افتراءه) عطف بَيَان بِسَبَبِهِ، فَالْمُرَاد فِي قَوْله تَعَالَى إِن هُوَ الْقُرْآن (سلمنَا عُمُومه) أَي عُمُوم النَّفْي فِي قَوْله تَعَالَى - {ان هُوَ} - بِحَيْثُ يعم كل مَا ينْطق بِهِ (فَالْقَوْل) النَّاشِئ (عَن الِاجْتِهَاد لَيْسَ عَن الْهوى، بل) هُوَ نَاشِئ (عَن الْأَمر بِهِ) أَي بِالِاجْتِهَادِ، لِأَنَّهُ أمره بِالْعَمَلِ بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (وَهَذَا) أَي إِدْخَال مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي الْوَحْي الموحى بالتأويل الْمَذْكُور (وَإِن كَانَ خلاف الظَّاهِر، وَهُوَ) أَي الظَّاهِر (أَن مَا ينْطق بِهِ نفس مَا يُوحى إِلَيْهِ) لَا أَمر مندرج تَحت عُمُوم وَحي أثبت بِالدَّلِيلِ، لَكِن (يجب الْمصير إِلَيْهِ للدليل الْمَذْكُور) وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي ": الحَدِيث وَنَحْوه مِمَّا يدل على
أَنه نطق بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فِي الْأَحْكَام، فَلَا بُد من إدراجه تَحت الْوَحْي لِئَلَّا يُنَاقض الْآيَة (وَلَا يَحْتَاجهُ الْحَنَفِيَّة) أَي لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى ارْتِكَاب خلاف الظَّاهِر كغيرهم على مَا عرفت (إِذْ هُوَ) أَي مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده صلى الله عليه وسلم (وَحي بَاطِن) عِنْدهم فَإِن قلت حمل الْوَحْي الْمَذْكُور على مَا يعمه خلاف الظَّاهِر قلت مَعَ مُلَاحظَة مَا دلّ على كَونه خلاف الظَّاهِر. (قَالُوا) أَي المانعون ثَانِيًا (لَو جَازَ) اجْتِهَاده (جَازَت مُخَالفَته) لمجتهد آخر إِذا أدّى اجْتِهَاده إِلَى خلاف رَأْيه لاحْتِمَال الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد (وَتقدم مَا يَدْفَعهُ) من أَن اجْتِهَاده وَحي بَاطِن لَيْسَ كاجتهاد غَيره، أَو أَن اجْتِهَاده نَاشِئ عَن الْأَمر بِهِ، وَأمره بِالِاجْتِهَادِ فِي حق النَّاس يسْتَلْزم أَمر النَّاس باتباعه فِيمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده. و (قَالُوا) ثَالِثا (لَو أَمر بِهِ) أَي بِالِاجْتِهَادِ (لم يُؤَخر جَوَابا) احْتَاجَ النَّاس إِلَيْهِ منتظرا للوحي بل كَانَ يجْتَهد فيجيب من غير انْتِظَار لَهُ (وَكَثِيرًا مَا أخر) أَي أخر تَأْخِيرا كثيرا، فَقَوله كثيرا مَنْصُوب على المصدرية، قدم على عَامله، وَكلمَة مَا مزيدة تفِيد مَا قبلهَا وثاقة وَقُوَّة فِيمَا قصد مِنْهُ (الْجَواب) أَنه (جَازَ) أَن يكون التَّأْخِير (لاشْتِرَاط الِانْتِظَار) أَي لكَون الِانْتِظَار للوحي فِي مُدَّة مَعْلُومَة عِنْده شرطا فِي اجْتِهَاده صلى الله عليه وسلم (كالحنفية) أَي اشتراطا كاشتراط الْحَنَفِيَّة على مَا سبق (أَو لاستدعائه) أَي الِاجْتِهَاد فِي تِلْكَ الْحَادِثَة (زَمَانا) لغموضه، فَالْجَوَاب الأول مَبْنِيّ على التَّأْخِير لانتظار الْوَحْي، وَهَذَا الْجَواب مَبْنِيّ على عدم تَسْلِيم كَون التَّأْخِير لانتظار الْوَحْي. (قَالُوا) رَابِعا: الِاجْتِهَاد لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن، و (لَا يجوز الظَّن مَعَ الْقُدْرَة على الْيَقِين) فَإِنَّهُ يقدر أَن يسْأَل ربه أَن ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فِي مَحل السُّؤَال، وسؤاله لَا يرد، فَكَانَ قَادِرًا على الْيَقِين الَّذِي هُوَ الْوَحْي (أُجِيب بِالْمَنْعِ) يحْتَمل وَجْهَيْن: أَحدهمَا منع كَونه قَادِرًا على الْيَقِين لجَوَاز أَن لَا يكون مَأْذُونا فِي سُؤال إِنْزَال الْوَحْي، أَو لإِيجَاب على تَقْدِير السُّؤَال لحكمة تَقْتَضِيه، وَالثَّانِي منع استلزام الْقُدْرَة على الْيَقِين عدم جَوَاز الْعَمَل بِالظَّنِّ، كَيفَ والعمليات يَكْفِي فِيهَا الظَّن، وَالشَّيْخ أَرَادَ أَن يبْحَث عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فَقَالَ (فَإِن) كَانَ الْمَنْع (بِمَعْنى أَنه) أَي الْيَقِين بِالْوَحْي (غير مَقْدُور لَهُ) صلى الله عليه وسلم بِالْفِعْلِ (فَصَحِيح) أَي فَهَذَا الْمَعْنى صَحِيح (لكنه) أَي عدم المقدورية لَهُ بِالْفِعْلِ (لَا يُوجب النَّفْي) أَي نفي الْقُدْرَة مُطلقًا لجَوَاز أَن يصير قَادِرًا بأقداره تَعَالَى، فالمنع حِينَئِذٍ لَا يجوز الِاجْتِهَاد بِلَا انْتِظَار كَمَا ذهب إِلَيْهِ غير الْحَنَفِيَّة فَإِنَّهُ كَمَا يمْنَع عَن الِاجْتِهَاد الْقُدْرَة بِالْفِعْلِ كَذَلِك يمْنَع عَنهُ احْتِمَال صَيْرُورَته قَادِرًا بأقداره تَعَالَى، فَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الْمَنْع من قبل الْحَنَفِيَّة، وَلَيْسَ معنى الْكَلَام لَا يُوجب النَّفْي لتعبده بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى يعْتَرض عَلَيْهِ بِنَفْي إِيجَابه إِيَّاه بل مُرَاده أَن يُوجب الْمَنْع جَوَاز التَّعَبُّد وَهُوَ ظَاهر (بل) بِاعْتِبَار دلَالَته على احْتِمَال حُصُول الْقُدْرَة لما عرفت يُوجب (أَن لَا يجْتَهد إِلَى الْيَأْس من
الْوَحْي) قطعا (أَو) إِلَى (غَلَبَة ظَنّه) أَي الْيَأْس (مَعَ خوف الْفَوْت) أَي فَوت الْحَادِثَة المحوجة إِلَى الِاجْتِهَاد. قَوْله مَعَ قيد للمفهوم المردد للأخير (وَهُوَ) أَي عدم الِاجْتِهَاد إِلَى أَحدهمَا (قَول الْحَنَفِيَّة) أَي بِاعْتِبَار الْمَآل (كل من طريقي الظَّن وَالْيَقِين) يَعْنِي الِاجْتِهَاد وَالْوَحي (مُمكن فَيجب تَقْدِيم) رِعَايَة احْتِمَال (الثَّانِي) يَعْنِي الْيَقِين (بالانتظار فَإِذا غلب ظن عَدمه) أَي الْيَقِين (وجد شَرط الِاجْتِهَاد) وَهُوَ غَلَبَة ظن الْيَأْس من حُصُول الْيَقِين بِالْوَحْي، فَقَوله كل من طريقي الظَّن وَالْيَقِين إِلَى آخِره مقول قَول الْحَنَفِيَّة (وَهُوَ) أَي قَول الْحَنَفِيَّة (الْمُخْتَار) لكَونه أحوط مَعَ قُوَّة دَلِيله (وَإِن) كَانَ الْمَنْع (بِمَعْنى جَوَاز تَركه) أَي ترك طلب الْيَقِين (مَعَ الْقُدْرَة) عَلَيْهِ ميلًا (إِلَى مُحْتَمل الْخَطَأ) وَهُوَ الِاجْتِهَاد (مُخْتَارًا) أَي حَال كَون التارك مُخْتَارًا فِي تَركه وميله وَحَاصِله منع استلزام الْقُدْرَة على الْيَقِين عدم جَوَاز الْعَمَل بِالظَّنِّ (فيمنعه) أَي الْجَوَاز الْمَذْكُور (الْعقل) بِمُقْتَضى قَوَاعِد الشَّرْع من أَن اتِّبَاع الظَّن خلاف الأَصْل فَلَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة وَمن أَن الظَّن بدل الْعلم كالتيمم بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوضُوء لَا يجوز إِلَّا عِنْد عدم الْقُدْرَة على الْوضُوء، وَمن أَن اخْتِيَار مُحْتَمل الْخَطَأ على مَا لَا يحْتَملهُ تَرْجِيح للمرجوح، وَهُوَ بَاطِل شرعا وعقلا (وَمَا أَوْهَمهُ) أَي جَوَاز تَركه مَعَ الْقُدْرَة (سَيَأْتِي) ذكره، و (جَوَابه، وَقد ظهر من الْمُخْتَار) وَهُوَ قَول الْحَنَفِيَّة الْمَذْكُور (جَوَاز الْخَطَأ عَلَيْهِ، صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ لَو لم يكن احْتِمَال الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده صلى الله عليه وسلم لَكَانَ مثل الْوَحْي فِي عدم احْتِمَال الْخَطَأ، وَإِذن لَا وَجه للانتظار (إِلَّا أَنه) صلى الله عليه وسلم، كلمة إِلَّا بِمَعْنى لَكِن (لَا يقر عَلَيْهِ) أَي على الْخَطَأ (بِخِلَاف غَيره) من الْمُجْتَهدين فَإِنَّهُم قد يقرونَ عَلَيْهِ (وَقيل بامتناعه) أَي امْتنَاع الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده لتعبده بِالِاجْتِهَادِ، إِذْ لَا معنى لَهُ، لِأَن المُرَاد الْمُجيب بِالْمَنْعِ لَيْسَ إِيجَابه نفي التَّعَبُّد بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى يعْتَرض عَلَيْهِ بِنَفْي إِيجَابه إِيَّاه، بل مُرَاده أَن يُوجب الْمَنْع فِي نقل فِي الْكَشْف عَن أَكثر الْعلمَاء. وَقَالَ الإِمَام الرَّازِيّ والحليمي أَنه الْحق، والسبكي أَنه الصَّوَاب وَالشَّافِعِيّ نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم (لِأَنَّهُ) أَي اجْتِهَاده (أولى بالعصمة عَن الْخَطَأ من الْإِجْمَاع لِأَن عصمته) أَي الْإِجْمَاع (لنسبته) أَي الْإِجْمَاع (إِلَيْهِ) صلى الله عليه وسلم بِاعْتِبَار صدوره عَن أمته (وللزوم جَوَاز الْأَمر بِاتِّبَاع الْخَطَأ) وَلَا يجوز الْأَمر بِهِ فضلا عَن الْوُقُوع، وَجه اللُّزُوم أَن الْأمة مأمورون باتباعه فِي جَمِيع أَحْكَامه. وَمِنْهَا مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده وعَلى تَقْدِير جَوَاز الْخَطَأ فِيهِ يلْزم الْأَمر بِاتِّبَاع جَائِز الْخطاب يسْتَلْزم جَوَاز الْأَمر بِاتِّبَاع جَائِز الْخَطَأ وَالْأَمر بِاتِّبَاع جَائِز الْخَطَأ فِيهِ نظر (و) للُزُوم (الشَّك فِي قَوْله) فِي كَونه صَوَابا أَو خطأ لِأَن الْمَفْرُوض جَوَاز الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده، فَإِذا قَالَ بِمُوجب اجْتِهَاده لزم حُصُول الشَّك فِيهِ (فيخل بمقصود الْبعْثَة) وَهُوَ الوثوق بِمَا يَقُول إِنَّه حكم الله تَعَالَى (أُجِيب عَن هَذَا) أَي الْإِخْلَال بِالْمَقْصُودِ
(بَان المخل) بمقصود الْبعْثَة (مَا) أَي الشَّك (فِي) نفس (الرسَالَة) وَالشَّكّ فِي قَوْله الَّذِي صدر عَن الِاجْتِهَاد لَا يسْتَلْزم الشَّك فِيهَا (و) أُجِيب (عَمَّا قبله) أَي قبل هَذَا الَّذِي أجبنا عَنهُ (بِمَنْع بُطْلَانه) أَي الثَّانِي، وَهُوَ جَوَاز الْأَمر بِاتِّبَاع الْخَطَأ بِمَعْنى جَائِز الْخَطَأ، كَيفَ والمجتهد وَمن يقلده مأمورون بِاتِّبَاع مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد إِجْمَاعًا وَهُوَ جَائِز الْخَطَأ عندنَا. ثمَّ ذكر سَنَد الْمَنْع بقوله (على أَن الْأَمر باتباعه) أَي الِاجْتِهَاد (من حَيْثُ هُوَ) أَي الحكم الاجتهادي (صَوَاب فِي نظر الْعَالم) الْمُجْتَهد، لَا من حَيْثُ أَنه خطأ (وَإِن خَالف) ذَلِك الحكم (نفس الْأَمر) وَهُوَ حكم الله تَعَالَى الْمعِين فِي تِلْكَ الْحَادِثَة (و) أُجِيب (عَن الأول) وَهُوَ أَنه أولى بالعصمة من الْإِجْمَاع (بِأَن اخْتِصَاصه) صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَا بُد لَهُ مِنْهُ حَاصِل (برتبة النُّبُوَّة) وَلَا يخل بِكَمَالِهِ أَن يخْتَص أمته بشرف متابعتهم إِيَّاه برتبة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَإِن رُتْبَة الْعِصْمَة للْأمة) الْحَاصِلَة لَهُم (لاتباعهم) إِيَّاه (لَا يقتضى) بِاعْتِبَار حُصُولهَا لَهُم (لُزُوم هَذِه الرُّتْبَة) لَهُم فِي ذكر اللُّزُوم إِشَارَة إِلَى أَن أصل الْعِصْمَة حَاصِل فِيهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِن لم يكن على وَجه اللُّزُوم. وَلَا شكّ أَن شرف لُزُومهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأمة بِسَبَب الِاتِّبَاع رَاجع إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِن لم تكن لَازِمَة (لَهُ) لحكمة تَقْتَضِيه لَا ينقص من كَمَاله شَيْئا (كَالْإِمَامِ) يُرِيد الْإِمَامَة الْكُبْرَى (لَا يلْزم لَهُ رُتْبَة الْقَضَاء) وَإِن كَانَت مستفادة مِنْهُ ثمَّ لَا يعود ذَلِك عَلَيْهِ بِنَقص وانحطاط: وَلَا يخفى أَنه لَو كَانَ رُتْبَة الْقَضَاء لَهُ مَخْصُوصَة بِغَيْر الإِمَام كَانَ التنظير على الْوَجْه الْأَكْمَل، لكنه قصد أَنه كَمَا لَا ينقص كَمَال الْمَتْبُوع بمساواة التَّابِع إِيَّاه فِي حكم حصل لَهُ بتبعيته إِيَّاه كَذَلِك لَا ينقص اخْتِصَاص التَّابِع بِحكم حصل لَهُ بِسَبَب التّبعِيَّة، ثمَّ أَشَارَ إِلَى جَوَاب آخر بقوله (وَتقدم مَا يَدْفَعهُ) أَي الِاسْتِدْلَال الأول من قَوْله فقد اقْتَضَت رتبته صلى الله عليه وسلم مرّة سُقُوط مَا على غَيره إِلَى قَوْله والشأن فِي تحقق خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى فِي حَقه، فَمن قَالَ أَن المُرَاد بِمَا يَدْفَعهُ مَا ذكر من أَنه لَا مُنَافَاة بَين مرتبَة النُّبُوَّة ودرجة الِاجْتِهَاد جعل مرجع ضمير يَدْفَعهُ الْجَواب لَا الِاسْتِدْلَال، وَلَزِمَه كَون ذَلِك الدّفع مرضيا للْمُصَنف وَهُوَ ضَعِيف، لِأَنَّهُ لَا يدْفع الْمَنْع الْمَذْكُور فَتدبر، وَلَا يبعد أَن يُقَال فِي تَحْقِيق خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى أَن فِي جَوَاز الْخَطَأ فِي اجْتِهَاد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِشَارَة إِلَى أَن فكر الْبشر وَإِن كَانَ فِي أَعلَى الدَّرَجَات يحْتَمل الْخَطَأ، بِخِلَاف الْوَحْي وَالله تَعَالَى أعلم (وَأَيْضًا) إِن كَانَ أَدِلَّة الْفَرِيقَيْنِ مُوجبا للشغب (فالوقوع) أَي وُقُوع الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده صلى الله عليه وسلم (يقطع الشغب) بِالسُّكُونِ: أَي النزاع فِي الْجَوَاز كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور مِنْهُم الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب (وَدَلِيله) أَي الْوُقُوع قَوْله تَعَالَى {عَفا الله عَنْك} الْآيَة، وَقَوله تَعَالَى {مَا كَانَ لنَبِيّ} أَن تكون لَهُ أسرى (حَتَّى قَالَ صلى الله عليه وسلم: لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب مَا نجا مِنْهُ إِلَّا عمر) رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي
والطبري بِلَفْظ " لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ " وَتَأْويل الْآيَتَيْنِ إِلَى خلاف مَا يدل عَلَيْهِ الظَّاهِر على وَجه يخل بِكَمَال بلاغة الْقُرْآن من غير ضَرُورَة ملجئة إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يقدم عَلَيْهِ أهل الْعلم مُبَالغَة فِي علو شَأْن الْأَنْبِيَاء لِأَن هَذَا لَا يخل بعلو شَأْنهمْ كَمَا عرفت. قَالَ صدر الشَّرِيعَة فِي قَوْله تَعَالَى - {لَوْلَا كتاب} - الْآيَة: أَي لَوْلَا حكم سبق فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَهُوَ أَنه لَا يُعَاقب أحد بالْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد وَكَانَ هَذَا خطأ فِي الِاجْتِهَاد لأَنهم نظرُوا إِلَى أَن استبقاءهم سَبَب لإسلامهم، وفداءهم يتقوى بِهِ على الْجِهَاد، وخفى عَلَيْهِم أَن قَتلهمْ أعز لِلْإِسْلَامِ وأهيب لمن وَرَاءَهُمْ وَأَقل لشوكتهم، ورد هَذَا القَاضِي أَبُو زيد بِأَنَّهُ لَو كَانَ خطأ لما أقرّ عَلَيْهِ، وَقد أقرّ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: - {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا} - وَتَأْويل العتاب مَا كَانَ لمن قبلك أَن تكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فَكَانَ لَك كَرَامَة خصصت بهَا رخصَة لَوْلَا كتاب من الله سبق بِهَذِهِ الخصوصية لمسكم الْعَذَاب بِحكم الْعَزِيمَة على مَا قَالَ عمر انْتهى، وَأَنت خَبِير بِأَن التَّقْرِير لم يَقع حَيْثُ نبه بِكَوْنِهِ خطأ: بل دلّت الْآيَة على أَن حكم الله تَعَالَى فِي نفس الْأَمر كَانَ خلاف مَا أدّى إِلَيْهِ ذَلِك الِاجْتِهَاد غير أَنه عَفا عَنْهُم، وَنسخ ذَلِك الحكم، فالحل بعد النّسخ لَا قبله وَتَأْويل العتاب على الْوَجْه الْمَذْكُور غير مرضِي لِأَنَّهُ إِذا رخص لَهُ فِي الْفِدَاء كَرَامَة لَا يبْقى للعتاب سَبَب فَإِن قلت يجوز أَن يكون سَببه ترك الأولى، وَهُوَ الْعَمَل بالعزيمة دون الرُّخْصَة قلت مثل هَذَا الْوَعيد لَا يلائم ترك الأولى وَالْعَمَل بِالرُّخْصَةِ الَّتِي هِيَ كَرَامَة لَهُ فَإِن قلت الْوَعيد مُرَتّب على الْمَفْرُوض قلت نعم لكنه يدل أَنه على ذَلِك التَّقْدِير كَانُوا يسْتَحقُّونَ الْعَذَاب الْعَظِيم، وَكَيف يستحقونه على ذَلِك التَّقْدِير إِن كَانَ لَهُم أَن يَأْخُذُوا الْفِدَاء رخصَة (وَبِه) أَي بالوقوع (يدْفع دفع الدَّلِيل الْقَائِل) إِسْنَاد مجازي من قبيل إِسْنَاد القَوْل إِلَى سَببه، وَلِأَن الدَّلِيل فِي الْحَقِيقَة أَمر معنوي، وَهُوَ مَا يسْتَلْزم الْعلم بِهِ الْعلم بِشَيْء، وَذَلِكَ سَبَب لِلْقَوْلِ الْمَذْكُور (لَو جَازَ) امْتنَاع الْخَطَأ عَلَيْهِ (لَكَانَ) ذَلِك الِامْتِنَاع (لمَانع) عَن الْخَطَأ لِأَنَّهُ مُمكن ذَلِك لذاته وطبع الْبشر يَقْتَضِيهِ عَادَة (وَالْأَصْل عَدمه) أَي عدم الْمَانِع (بِأَن الْمَانِع) صلَة لدفع الدَّلِيل الْمَذْكُور بِتَعْيِين الْمَانِع عَن الْخَطَأ، وَهُوَ (علو رتبته وَكَمَال عقله وَقُوَّة حدسه) وَهُوَ حُصُول الْمُقدمَات مرتبَة فِي الذِّهْن دفْعَة (وفهمه) صلى الله عليه وسلم، وَقد ذكر هَذَا الدّفع الْعَلامَة، وَمَعَ الْوُقُوع لَا يلْتَفت إِلَى أَمْثَال هَذِه التعليلات (وَأما الِاسْتِدْلَال) لجَوَاز الْخَطَأ عَلَيْهِ (بقوله) صلى الله عليه وسلم
(" وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ) فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضى لَهُ على نَحْو مَا أسمع فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار " مُتَّفق عَلَيْهِ (وَقَوله) صلى الله عليه وسلم (أَنا أحكم