المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَمْنُوعًا (إِذا فعل غير الصَّحِيح الْمُكَلف بِهِ) من النّظر، يَعْنِي - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٤

[أمير باد شاه]

الفصل: مَمْنُوعًا (إِذا فعل غير الصَّحِيح الْمُكَلف بِهِ) من النّظر، يَعْنِي

مَمْنُوعًا (إِذا فعل غير الصَّحِيح الْمُكَلف بِهِ) من النّظر، يَعْنِي أَنه كلف بِالنّظرِ الصَّحِيح، وَهُوَ لَيْسَ بمظنة الْوُقُوع فِيهَا (وَأَيْضًا) إِذا أطلق حُرْمَة النّظر تحرم على كل وَاحِد (فَيحرم على الْمُقَلّد) بِفَتْح اللَّام (النَّاظر إِذْ لَا بُد من الِانْتِهَاء إِلَيْهِ) فَإِنَّهُ يلْزم عَلَيْكُم الِاعْتِرَاف بِأَن التَّقْلِيد يَنْتَهِي إِلَى مقلد علمه حَاصِل بطرِيق النّظر (وَإِلَّا لتسلسل) التَّقْلِيد إِلَى غير نِهَايَة ضَرُورَة أَن الْمُقَلّد لَا بُد لَهُ من مقلد (والانتهاء إِلَى الْمُؤَيد بِالْوَحْي وَالْأَخْذ عَنهُ لَيْسَ تقليدا) أَي الِانْتِهَاء إِلَيْهِ وَالْأَخْذ عَنهُ لَيْسَ على وَجه التَّقْلِيد (بل) على وَجه الِاسْتِدْلَال وَالنَّظَر لِأَن الْأَخْذ عَن الرَّسُول بقول مخبر صَادِق بِدلَالَة المعجزة الصادقة، وكل مَا أخبر بِهِ الرَّسُول الْمخبر الصَّادِق عَن الْمُرْسل صَادِق حق: وَهَذَا عين النّظر وَالِاسْتِدْلَال، وَلَيْسَ الْعلم الْحَاصِل للأخذ عَن الْمُؤَيد بِالْوَحْي علما تقليديا، بل هُوَ (علم نَظَرِي).

‌مسئلة

(غير الْمُجْتَهد الْمُطلق يلْزمه) عِنْد الْجُمْهُور (التَّقْلِيد وَإِن كَانَ مُجْتَهدا فِي بعض مسَائِل الْفِقْه أَو بعض الْعُلُوم) فِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا سبق، من أَن الِاجْتِهَاد يجْرِي فِي غير الْفِقْه أَيْضا من العقليات وَغَيرهَا (كالفرائض) أَفَادَ أَن الْفَرَائِض لَيست من الْفِقْه لإدراجها فِيمَا جعل قسيما لَهُ. وَكَيف والمبحوث عَنهُ فِيهَا سِهَام الْمُسْتَحقّين وَمَا يتَعَلَّق بهَا. وَفِي الْفِقْه: أَفعَال الْمُكَلّفين، لَا يُقَال يُمكن إدراجها فِيهِ بِاعْتِبَار كَون الْعباد مكلفين بإيصال تِلْكَ السِّهَام إِلَى الْمُسْتَحقّين، لِأَنَّهُ تكلّف مُسْتَغْنى عَنهُ (على القَوْل بالتجزي) للِاجْتِهَاد: أَي يلْزمه التَّقْلِيد بِنَاء على القَوْل بِأَن الِاجْتِهَاد يتَجَزَّأ فَيجوز أَن يكون شخص مُجْتَهد فِي بعض الْمسَائِل دون بعض (وَهُوَ الْحق) أَي القَوْل بالتجزؤ هُوَ الْحق كَمَا سبق وَجهه، وَأَنه عَلَيْهِ الْأَكْثَر (فِيمَا لَا يقدر عَلَيْهِ) من الْأَحْكَام مُتَعَلق بالتقليد (ومطلقا) أَي وَيلْزمهُ التَّقْلِيد مُطلقًا فِيمَا يقدر عَلَيْهِ وَمَا لَا يقدر عَلَيْهِ من الْأَحْكَام بِنَاء (على نَفْيه) أَي نفي القَوْل بالتجزي (وَقيل) وَالْقَائِل بعض الْمُعْتَزلَة لُزُوم التَّقْلِيد (فِي) حق (الْعَالم) مَشْرُوط (بِشَرْط تَبْيِين صِحَة مُسْتَنده) فِيمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يتَبَيَّن لَهُ (لم يجز) لَهُ تَقْلِيده (لنا عُمُوم) قَوْله (فاسألوا) أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ (فِيمَن لَا يعلم) سَوَاء كَانَ عاميا صرفا أَو عَالما بِالْبَعْضِ دون الْبَعْض (وَفِيمَا لَا يعلم) من الْأَحْكَام سَوَاء كَانَ مَجْهُولا بالكيلة أَو من وَجه، وَلما لم تكن صِيغَة الْعُمُوم فِيهَا صرفا أَشَارَ إِلَى دَلِيل الْعُمُوم بقوله (لتَعَلُّقه) أَي الْأَمر بالسؤال (بعلة عدم الْعلم) إِضَافَة الْعلم إِلَى الْعَدَم بَيَانِيَّة، فَكلما تحقق عدم الْعلم تحقق وجوب السُّؤَال: وَهَذَا كَمَا يسْتَلْزم الْعُمُوم بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص يستلزمه بِاعْتِبَار الْأَحْكَام كَمَا لَا يخفى، دَلِيل العلمية

ص: 246

كَمَال مناسبته للعلية مَعَ عدم مَا يصلح لَهَا سواهُ، وَأَن الْغَالِب فِي الشَّرْط النَّحْوِيّ السَّبَبِيَّة (وَأَيْضًا لم يزل المستفتون يتبعُون) الْمُفْتِينَ (بِلَا إبداء مُسْتَند) فِيمَا يفتون بِهِ (وَلَا نَكِير) عَلَيْهِم من أحد، فَكَانَ إِجْمَاعًا سكوتيا على جَوَاز اتِّبَاع الْعَالم من غير إبداء الْمُسْتَند (وَهَذَا) الْوَجْه (يتَوَقَّف) استلزامه عُمُوم الْجَوَاز (على ثُبُوته) أَي الاستفتاء (فِي الْعلمَاء المتأهلين) للِاجْتِهَاد (كَذَلِك) أَي بِلَا إبداء مُسْتَند لَهُم (قَالُوا) أَي الشارطون تَبْيِين صِحَة الْمُسْتَند (يُؤَدِّي) لُزُوم اتِّبَاع الْعَالم بِغَيْر تبينها (إِلَى وجوب اتِّبَاع الْخَطَأ) لِأَن المستفتى يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِمَا أفتى بِهِ الْمُفْتِي، وَعند عدم تَبْيِين صِحَة الْمُسْتَند قد يكون خطأ (قُلْنَا وَكَذَا) يُؤَدِّي إِلَى وجوب اتِّبَاع الْخَطَأ (لَو أبدى) صِحَة الْمُسْتَند، لِأَن مَا أبدا صِحَّته قد يكون خطأ أَيْضا لِأَن ظُهُور الصِّحَّة فِي نظرهما لَا يسْتَلْزم الصِّحَّة بِحَسب نفس الْأَمر (وَكَذَا) لُزُوم اتِّبَاع (الْمُفْتى نَفسه) أَي اجْتِهَاد نَفسه يُؤَدِّي إِلَى وجوب اتِّبَاع الْخَطَأ بِغَيْر مَا ذكر، وَكَذَا على نَفسه: وَهَذَا على تَقْدِير نصب نَفسه، وَأما على رَفعه كالمفتي وكالعالم المستفتى الْمُفْتى نَفسه فنفسه تَأْكِيد للمفتى (فَمَا هُوَ جوابكم) فِي الْخَلَاص عَن وجوب اتِّبَاع الْخَطَأ أَيهَا الشارطون فَهُوَ (جَوَابنَا) إِذا لم يبد صِحَة الْمُسْتَند (والحل) أَي حل الشُّبْهَة بِحَيْثُ ينْكَشف حَقِيقَة الْحَال أَن يُقَال:(الْوُجُوب لاتباع)(الظَّن) فِي حق الْمُجْتَهد ومقلده (أَو الحكم من حَيْثُ هُوَ مظنون) أَتَى بِكَلِمَة أَو للتسوية بَين التعبيرين، وَقد وَقع كلا التعبيرين فِي كَلَام الْقَوْم تَنْبِيها على أَن مآلهما وَاحِد وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى بل، كَقَوْلِه تَعَالَى - {مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} -: تَنْبِيها على أَن الَّذِي يجب اتِّبَاعه مَا هُوَ حكم الله تَعَالَى بِاعْتِبَار ظننا، وعَلى هَذَا يقدر قيد الْحَيْثِيَّة فِي جَانب الْمَعْطُوف عَلَيْهِ: أَي من حَيْثُ أَن مُتَعَلّقه حكم الله تَعَالَى وَالْحَاصِل أَن وجوب اتِّبَاع مَا هُوَ خطأ من كل وَجه مَحْذُور، بِخِلَاف مَا ظن كَونه حكم الله وَإِن كَانَ خطأ فِي نفس الْأَمر، فَإِنَّهُ لم يجب اتِّبَاعه من حَيْثُ أَنه خطأ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لَا من حَيْثُ هُوَ خطأ) فَإِنَّهُ الْمُمْتَنع (نعم لَو سَأَلَهُ) أَي المستفتى الْمُفْتى (عَن دَلِيله) أَي الحكم استرشادا للإذعان وَالْقَبُول لَا تعنتا (وَجب) على الْمُفْتِي (إبداؤه) أَي الدَّلِيل (فِي) القَوْل (الْمُخْتَار إِلَّا إِن) كَانَ دَلِيله (غامضا) أَي خفِيا (مَعَ قصوره) عَن فهمه، فَإِنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ إبداؤه حِينَئِذٍ، عَن الزَّرْكَشِيّ أَن مَا علم من الدّين بِالضَّرُورَةِ كالمتواتر لَا يجوز فِيهِ التَّقْلِيد لأحد، بل يجب عَلَيْهِ مَعْرفَته بدليله، فَإِنَّهُ لَا يشق مَعْرفَته على الْعَاميّ كالإيمان ثمَّ جُمْهُور الْعلمَاء على أَنه لَا يلْزم على الْمُقَلّد التمذهب بِمذهب وَالْأَخْذ بِرُخصِهِ وعزائمه وَقيل فِي الْتِزَام ذَلِك طَاعَة لغير النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي كل أمره وَنَهْيه، وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع.

ص: 247

انْعَقَد (الِاتِّفَاق على حل استفتاء من عرف) على صِيغَة الْمَجْهُول وَإِضَافَة الاستفتاء إِلَى الْمَوْصُول إِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول (من أهل الْعلم) بَيَان للموصول وَأهل الْعلم أَعم من الْمُجْتَهد لشُمُوله من حصل بعض الْعُلُوم وَلم يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد (بِالِاجْتِهَادِ) مُتَعَلق بقوله عرف (وَالْعَدَالَة) مَعْطُوف على الِاجْتِهَاد ومعروفيته بهما إِمَّا بالشهرة أَو بالخبرة (أَو رَآهُ منتصبا) من نَصبه فانتصب: أَي رَفعه فارتفع، وَمِنْه المنصب لِأَنَّهُ سَبَب الِارْتفَاع، وَالْمعْنَى مرتفعا بَين النَّاس بِسَبَب كَونه ممتازا بَينهم فِي الْعلم (وَالنَّاس يستفتونه) حَال كَونهم (معظمين) لَهُ (وعَلى امْتِنَاعه) أَي الاستفتاء مَعْطُوف على حل الاستفتاء (إِن ظن) المستفتى (عدم أَحدهمَا) أَي الِاجْتِهَاد وَالْعَدَالَة فضلا عَن ظن عدمهما فالصورتان كِلَاهُمَا مَحل الِاتِّفَاق (فَإِن جهل اجْتِهَاده دون عَدَالَته فالمختار منع استفتائه) وَنقل فِي الْمَحْصُول الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَغير الْمُخْتَار جَوَاز استفتائه (لنا) فِي الْمُخْتَار (الِاجْتِهَاد شَرط) فِي الْإِفْتَاء وَقبُول فتواه (فَلَا بُد من ثُبُوته عِنْد السَّائِل وَلَو) كَانَ الثُّبُوت (ظنا) أَي ظنيا (لم يثبت) والمشروط ينتفى بِانْتِفَاء الشَّرْط (وَأَيْضًا ثَبت عَدمه) أَي عدم الِاجْتِهَاد (إِلْحَاقًا) لعدمه فِي الْحَال (بِالْأَصْلِ) أَي بِعَدَمِهِ الْأَصْلِيّ فَإِن الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْعَدَم والوجود طَارِئ (كالراوي) الْمَجْهُول الْعَدَالَة لَا تقبل رِوَايَته إِلْحَاقًا لَهُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عدم الْعَدَالَة (أَو بالغالب) فِي أهل الْعلم مَعْطُوف على قَوْله بِالْأَصْلِ (إِذْ أَكثر الْعلمَاء بِبَعْض الْعُلُوم) الْجَار مُتَعَلق بالعلماء (الَّتِي لَهَا دخل فِي الِاجْتِهَاد غير مجتهدين) خبر أَكثر الْعلمَاء (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الِامْتِنَاع (لَو امْتنع) الاستفتاء فِيمَن جهل اجْتِهَاده دون عَدَالَته (امْتنع فِيمَن علم اجْتِهَاده دون عَدَالَته) بِمثل مَا ذكرْتُمْ من اشْتِرَاط الْعَدَالَة وَإِن الأَصْل عدمهَا وَالْأَكْثَر فِي الْمُجْتَهدين عدمهَا (أُجِيب بالتزامه) أَي الِامْتِنَاع فِي هَذَا أَيْضا (لاحْتِمَال الْكَذِب) تَعْلِيل لالتزام امْتنَاع الاستفتاء فِي الْمَجْهُول عَدَالَته، فَإِن الْكَذِب فِي الْمُجْتَهد غير نَادِر وَإِن كَانَ غَيره من الفسوق فِيهِ نَادرا (وَلَو سلم عدم امْتِنَاعه وَهُوَ) أَي الاستفتاء فِي مَجْهُول الْعَدَالَة (الْحق، فَالْفرق) بَين مَجْهُول الِاجْتِهَاد ومجهول الْعَدَالَة (أَن الْغَالِب فِي الْمُجْتَهدين الْعَدَالَة، فالإلحاق) أَي إِلْحَاق مَجْهُول الْعَدَالَة (بِهِ) أَي بالغالب فِي الْمُجْتَهدين (أرجح مِنْهُ) أَي من الْإِلْحَاق (بِالْأَصْلِ) فالجار مُتَعَلق بالضمير بِاعْتِبَار رُجُوعه إِلَى الْمصدر توسعة فِي الظروف: يَعْنِي أَن إِلْحَاق مَجْهُول الْعَدَالَة لغالب الْمُجْتَهدين أرجح عقلا وَشرعا من الْإِلْحَاق بِمَا هُوَ الأَصْل فِي الْأَشْيَاء وَهُوَ الْعَدَم، لِأَن الِاسْتِصْحَاب دَلِيل ضَعِيف (بِخِلَاف الِاجْتِهَاد) إِذْ (لَيْسَ) الِاجْتِهَاد (غَالِبا فِي أهل الْعلم فِي الْجُمْلَة) أَي أهل الْعلم بِبَعْض الْعُلُوم، وَشرط الاسفراينى تَوَاتر الْخَبَر بِكَوْنِهِ مُجْتَهدا ورده الْغَزالِيّ بِأَن التَّوَاتُر

ص: 248