المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَن من قلد الشَّافِعِي فِي عدم الصَدَاق أَن نِكَاحه بَاطِل، - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٤

[أمير باد شاه]

الفصل: أَن من قلد الشَّافِعِي فِي عدم الصَدَاق أَن نِكَاحه بَاطِل،

أَن من قلد الشَّافِعِي فِي عدم الصَدَاق أَن نِكَاحه بَاطِل، وَلم يقل الشَّافِعِي أَن من قلد مَالِكًا فِي عدم الشُّهُود أَن نِكَاحه بَاطِل انْتهى وَأورد عَلَيْهِ أَن عدم قَوْلهمَا بِالْبُطْلَانِ فِي حق من قلد أَحدهمَا وراعى مذْهبه فِي جَمِيع مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة الْعَمَل، وَمَا نَحن فِيهِ من قلدهما وَخَالف كلا مِنْهُمَا فِي شَيْء، وَعدم القَوْل بِالْبُطْلَانِ فِي ذَلِك لَا يسْتَلْزم عدم القَوْل بِهِ فِي هَذَا، وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَن الْفَارِق بَينهمَا لَيْسَ إِلَّا أَن كل وَاحِد من الْمُجْتَهدين لَا يجد فِي صُورَة التلفيق جَمِيع مَا شَرط فِي صِحَّتهَا، بل يجد فِي بَعْضهَا دون بعض، وَهَذَا الْفَارِق لَا نسلم أَن يكون مُوجبا للْحكم بِالْبُطْلَانِ وَكَيف نسلم والمخالفة فِي بعض الشُّرُوط أَهْون من الْمُخَالفَة فِي الْجَمِيع فَيلْزم الحكم بِالصِّحَّةِ فِي الأهون بِالطَّرِيقِ الأولى، وَمن يدعى وجود فَارق أَو وجود دَلِيل آخر على بطلَان صُورَة التلفيق على خلاف الصُّورَة الأولى فَعَلَيهِ بالبرهان فَإِن قلت لَا نسلم كَون الْمُخَالفَة فِي الْبَعْض أَهْون من الْمُخَالفَة فِي الْكل، لِأَن الْمُخَالفَة فِي الْكل تتبع مُجْتَهدا وَاحِدًا فِي جَمِيع مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة الْعَمَل، وَهَهُنَا لم يتبع وَاحِدًا قلت هَذَا إِنَّمَا يتم لَك إِذا كَانَ مَعَك دَلِيل من نَص أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس قوي يدل على أَن الْعَمَل إِذا كَانَ لَهُ شُرُوط يجب على الْمُقَلّد اتِّبَاع مُجْتَهد وَاحِد فِي جَمِيع مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ ذَلِك فَائت بِهِ إِن كنت من الصَّادِقين وَالله تَعَالَى أعلم. وَرجح الإِمَام العلائي القَوْل بالانتقال فِي صُورَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا إِذا كَانَ مَذْهَب غير إِمَامه أحوط كَمَا إِذا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث على فعل شَيْء ثمَّ فعله نَاسِيا أَو جَاهِلا وَكَانَ مَذْهَب إِمَامه عدم الْحِنْث فَأَقَامَ مَعَ زَوجته عَاملا بِهِ ثمَّ تخرج مِنْهُ بقول من يرى فِيهِ وُقُوع الْحِنْث فَإِنَّهُ يسْتَحبّ لَهُ الْأَخْذ بالأحوط والتزام الْحِنْث، وَالثَّانيَِة إِذا رأى لِلْقَوْلِ الْمُخَالف لمَذْهَب إِمَامه دَلِيلا قَوِيا راجحا إِذا الْمُكَلف مَأْمُور بِاتِّبَاع نبيه صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا مُوَافق لما روى عَن الإِمَام أَحْمد والقدوري، وَعَلِيهِ مَشى طَائِفَة من الْعلمَاء مِنْهُم ابْن الصّلاح وَابْن حمدَان.

‌تَكْمِلَة

(نقل الإِمَام) فِي الْبُرْهَان (إِجْمَاع الْمُحَقِّقين على منع الْعَوام من تَقْلِيد أَعْيَان الصَّحَابَة، بل من بعدهمْ) كلمة بل لعطف من بعدهمْ على أَعْيَان الصَّحَابَة اضرابا عَن حكم النَّفْي الْمُسْتَفَاد من الْمَنْع وإثباتا لضده، وَهُوَ إلزامهم بتقليد من بعد الصَّحَابَة من الْأَئِمَّة (الَّذين سبروا) استئنافا وبيانا كَأَنَّهُ لما ذكر من بعدهمْ قيل من هم؟ فَأجَاب بِهِ، والسبر عِنْد الْأُصُولِيِّينَ: حصر الْأَوْصَاف الصَّالِحَة للعلية فِي عدد ثمَّ إبِْطَال بَعْضهَا وَهُوَ مَا سوى الْعلَّة فِي ظَنّه فَإِن أَرَادَ هَذَا كَانَ إِشَارَة إِلَى كمالهم فِي بَاب الْقيَاس وَالْأَظْهَر أَن يُرَاد مَا هُوَ أَعم من ذَلِك من التعمق وَالتَّحْقِيق، فَإِن أَصله

ص: 255

امتحان غور الْحَرج (وَوَضَعُوا) أَبْوَاب الْفِقْه وأصوله وفصولها ومسائلها تَفْصِيلًا (ودونوا) كتبهَا فَإِنَّهُم أوضحُوا وهذبوا، بِخِلَاف مجتهدي الصَّحَابَة فَإِنَّهُم لم يعتنوا بذلك لما أَرَادَ الله من ظُهُور ذَلِك فِي خَلفهم زِيَادَة فِي كمالهم، فَإِن كَون الْخلف إِمَامًا لِلْمُتقين شرف للسلف، وَأَيْضًا مسَائِل الْعُلُوم تتزايد يَوْمًا فيوما بتلاحق الأفكار (و) بنى (على هَذَا) الَّذِي ذكر من إِجْمَاع الْمُحَقِّقين (مَا ذكر بعض الْمُتَأَخِّرين) وَهُوَ ابْن الصّلاح (منع تَقْلِيد غير) الْأَئِمَّة (الْأَرْبَعَة) أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد رَحِمهم الله تَعَالَى (لانضباط مذاهبهم وَتَقْيِيد) مُطلق (مسائلهم وَتَخْصِيص عمومها) أَي مسائلهم (وَلم يدر مثله) أَي مثل هَذَا الصَّنِيع (فِي غَيرهم) من الْمُجْتَهدين (الْآن لانقراض أتباعهم) أَي أَتبَاع غَيرهم من الْمُجْتَهدين، وبانقراض الأتباع تعذر ثُبُوت نقل حَقِيقَة مذاهبهم، وَمن ثمَّة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام: لَا خلاف بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي الْحَقِيقَة، بل إِن تحقق ثُبُوت مَذْهَب عَن وَاحِد مِنْهُم جَازَ تَقْلِيده وفَاقا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْن الْمُنِير يتَطَرَّق إِلَى مَذَاهِب الصَّحَابَة احتمالات لَا يتَمَكَّن الْعَاميّ مَعهَا من التَّقْلِيد، ثمَّ قد يكون الْإِسْنَاد إِلَى الصَّحَابِيّ لاعلى شُرُوط الصِّحَّة، وَقد يكون الْإِجْمَاع انْعَقَد بعد ذَلِك القَوْل على قَول آخر (وَهُوَ) أَي الْمَذْكُور (صَحِيح) قَالَ الْقَرَافِيّ انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَن من أسلم فَلهُ أَن يُقَلّد من شَاءَ من الْعلمَاء من غير حجر وَأجْمع الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَن من استفتى أَبَا بكر وَعمر وقلدهما فَلهُ أَن يستفتى أَبَا هُرَيْرَة وَغَيره وَيعْمل بقوله من غير نَكِير فَمن ادّعى خلاف هذَيْن الاجماعين فَعَلَيهِ الدَّلِيل. وَالله أعلم.

صحّح هَذَا الْكتاب الْجَلِيل. على: نُسْخَة خطية من مكتبة: - مُحَرر الْمَذْهَب النعماني وَأبي حنيفَة الثَّانِي فَضِيلَة الْأُسْتَاذ الْكَبِير وَعلم الْفضل الشهير الشَّيْخ: - مُحَمَّد بخيت المطيعي

مفتي الديار المصرية سَابِقًا. أَطَالَ الله بَقَاءَهُ وأعز بِهِ الدّين ونفع بِعُلُومِهِ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين آمين

وَهِي الَّتِي تمت كتَابَتهَا بقلم الشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الباجوري فِي 7 محرم سنة 1313 هجرية لفضيلة عَلامَة زَمَانه وفخر أدباء أَوَانه الشَّيْخ " حسن الطَّوِيل " رحمه الله آمين مُقَابلَة على نسخ أُخْرَى من الكتبخانة الخديوية المصرية بدرب الجماميز - " دَار الْكتب الملكية " الْآن بميدان بَاب الْخلق

الْقَائِل

تمّ الْكتاب وانقضى وَفعلنَا الَّذِي وَجب

فغفر الله لمن قَرَأَ ودعا للَّذي كتب

ص: 256

يَقُول الْفَقِير إِلَى ربه تَعَالَى [أَحْمد سعد عَليّ] أحد عُلَمَاء الْأَزْهَر، وَرَئِيس لجنة التَّصْحِيح، بمطبعة: - شركَة مكتبة ومطبعة (مصطفى البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده) بِمصْر:

الحمد لله الذى يسر القرآن للمجتهدين تيسيرا. فبذلوا الوسع لاستنباط الأحكام منه وحرروها تحريرا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى جاء بالملة السمحة: أصولا وفروعا. وعلى آله وأصحابه الذين نهجوا منهجه في أفعالهم الظاهرية والباطنية، فارتقوا الى سلم الثبات متمسكين في كل أفعالهم بالحجج القطعية والبراهين القوية.

وبعد: فإن علم الأصول ثمرة أفكار العلماء الأذكياء، فهو من العلوم الرفيعة الشأن بلا امتراء. وقد ألف فيه جهابذة الفضلاء مؤلفات شتى. فكان أغزرها علما، وأسماها قدرا: كتاب (تيسير التحرير) شرح علامة زمانه: «محمد أمين المعروف بأمير بادشاه» على «التحرير» في أصول الفقه: لفخر العلماء «كمال الدين محمد بن عبد الواحد: الشهير بابن همام الدين» جزاهما الله عن العلم وأهله خير الجزاء - لذلك اختارته اللجنة المشكلة من فطاحل علماء الأزهر الشريف لتدريسه بكلية الشريعة. وقد لاقينا فى تحريره وتصحيحه صعوبات جمة منها سقطات بالنسخة المعتمد الطبع عليها تارة نجدها بنسخة دار الكتب الملكية، وأخرى بنسخة ثانية خطية من مكتبة فضيلة العلامة الكبير مولانا الشيخ «محمد بخيت المطيعى» .

أما اعتمادنا فى تحرير المتن فمن «التقرير والتحبير شرح ابن أمير الحاج على التحرير - ـ الطبعة الأميرية سنة 1316 هـ» .

ومع كثرة ما بأيدينا من المراجع كانت تعترضنا وقفات كنا نلجأ في فك رموزها إلى حلال المشكلات فضيلة مولانا الشيخ «محمد حسنين مخلوف العدوي» فيرشدنا بغزير علمه الي الصواب.

وقد كمل طبعه وتصحيحه بهذا الشكل الجميل بهمة من ديدنهم نشر العلوم والمعارف أصحاب الشركة المذكورة أعلاه الكائنة بسراى رقم 12 بشارع التبليطة بجوار الأزهر الشريف، نفع الله به الطلاب، بجاه سيدنا حمد وآله والأصحاب آمين.

تم طبعه في يوم الإثنين 29 رجب سنة 1351 هـ الموافق 28 نوفمبر سنة 1932 م

مدير المطبعة

رستم مصطفى الحلبي

ص: 257