المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

النقيض الآخر، وَأما عِنْد زَوَال الِاعْتِقَاد عَن أحد النقيضين فَلَا - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٤

[أمير باد شاه]

الفصل: النقيض الآخر، وَأما عِنْد زَوَال الِاعْتِقَاد عَن أحد النقيضين فَلَا

النقيض الآخر، وَأما عِنْد زَوَال الِاعْتِقَاد عَن أحد النقيضين فَلَا يمْتَنع أَن يعْتَقد النقيض الآخر (وَهُوَ) أَي الْإِسْلَام مُطلقًا لَا مُقَيّدا بِمَا ذكر (مَقْدُور) للمكلف بِهِ (لَا يزِيل الشغب) وَهُوَ تهييج الشَّرّ فِي الأَصْل، وَالْمرَاد أَن الْجَواب بِمَا ذكر من الْأَمريْنِ لَا يزِيل الْخُصُومَة بَين الْفَرِيقَيْنِ (إِذْ يُقَال التَّكْلِيف) لمجتهدي الْكفَّار (بِالِاجْتِهَادِ لاستعلام ذَلِك) أَي طلب الْعلم بِمَا يُؤمن بِهِ بِأَن يُؤَدِّي اجْتِهَاده إِلَيْهِ (فَإِذا لم يؤد) الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ) أَي إِلَى مَا هُوَ الْمَطْلُوب (لَو لزم) على الْمُجْتَهد الَّذِي لم يؤد اجْتِهَاده إِلَيْهِ بل إِلَى نقيضه (كَانَ) ذَلِك اللَّازِم الْمُكَلف بِهِ تكليفا (بِمَا لَا يُطَاق) فَلَا وَجه حِينَئِذٍ لِأَن يُقَال حِينَئِذٍ: لَا نسلم أَن نقيض اعْتِقَادهم غير مَقْدُور، إِذْ ذَاك الْمُمْتَنع عَادَة، لِأَن من اجْتهد وَآل اجْتِهَاده إِلَى الْكفْر وَلم يظْهر لَهُ سواهُ فَهُوَ عَاجز عَن الْإِيمَان كمن هُوَ عَاجز عَن الطيران، أَو يُقَال الِامْتِنَاع بِشَرْط الْوَصْف، فَإِن الْوَصْف إِذا كَانَ لَازِما للموضوع يَسْتَحِيل أَن يُفَارق، فَكيف يطْلب من موصوفه الاتصاف بِخِلَافِهِ؟

‌مسئلة

قَالَ (الجبائي) رَئِيس الْمُعْتَزلَة (وَنسب إِلَى الْمُعْتَزلَة) كلهم مقول القَوْل، ونائب الْفَاعِل فِي نسب على سَبِيل التَّنَازُع قَوْله (لَا حكم فِي المسئلة الاجتهادية) أَي الَّتِي لَا قَاطع فِيهَا من نَص أَو إِجْمَاع (قبل الِاجْتِهَاد سوى إِيجَابه) أَي الِاجْتِهَاد فِيهَا (بِشَرْطِهِ) أَي الْإِيجَاب إِمَّا عينا بِأَن خَافَ فَوت الْحَادِثَة الَّتِي استفتى فِيهَا على غير الْوَجْه الشَّرْعِيّ لَو لم يكن ثمَّ غَيره من الْمُجْتَهدين، أَو الَّتِي نزلت بِهِ، أَو كِفَايَة لَو لم يخف، وَثمّ غَيره على مَا مر (فَمَا أدّى) الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ) من الظَّن الْحَاصِل بِهِ (تعلق) الحكم الشَّرْعِيّ بِتِلْكَ المسئلة ويتحقق حِينَئِذٍ (وَلَا يمْتَنع تبعيته) أَي الحكم (للِاجْتِهَاد لحدوثه) أَي الحكم (عِنْدهم) أَي الْمُعْتَزلَة. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: وَقد ينْسب ذَلِك إِلَى الْأَشْعَرِيّ بِمَعْنى أَنه لم يتَعَلَّق الحكم بالمسئلة قبل الِاجْتِهَاد، وَإِلَّا فَالْحكم قديم عِنْده انْتهى. (و) قَالَ (الباقلاني وَطَائِفَة) من الْأُصُولِيِّينَ (الثَّابِت قبله) أَي الِاجْتِهَاد (تعلق مَا يتَعَيَّن بِهِ) أَي أَن حكم الله تَعَالَى تعلق إِجْمَالا بِمَا سيتعين بِالِاجْتِهَادِ: كَأَنَّهُ قَالَ لَو أوجبت عَلَيْك الْعَمَل بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد (وَإِذ علمه) تَعَالَى (مُحِيط بِمَا سيتعين) بعد الِاجْتِهَاد من الحكم (أمكن كَون الثَّابِت) فِي نفس الْأَمر وَفِي علم الله تَعَالَى (تعلق) حكم (معِين فِي حق كل) من الْمُجْتَهدين (وَهُوَ) أَي ذَلِك الْمعِين (مَا علم) الْمُحِيط بِمَا سيتعين (أَنه يَقع) ويستقر (عَلَيْهِ اجْتِهَاده) غَايَة الْأَمر أَن علم الْمُجْتَهد بالتعين إِنَّمَا يحصل بعد الِاجْتِهَاد، وَلَا يُقَال هَذَا تَكْلِيف بِالْمَجْهُولِ، وَهُوَ لَيْسَ فِي وَسعه. لِأَنَّهُ إِنَّمَا يلْزم التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق إِذا لم يكن لَهُ طَرِيق إِلَى الْعلم بِهِ

ص: 201

وَطَرِيقَة الِاجْتِهَاد، فَمن لم يثبت الحكم الْمعِين قبل الِاجْتِهَاد لم يتفطن لهَذِهِ الدفعة (وَإِذ وَجب الِاجْتِهَاد) فِي المسئلة الاجتهادية على الْمُجْتَهدين (تعدد الحكم) فِيهَا (بتعددهم) وَاخْتِلَاف آرائهم الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا اجتهادهم، وَعدم جَوَاز بتقليد بَعضهم بَعْضًا. (وَالْمُخْتَار) عِنْد الْمُحَقِّقين من أهل الْحق أَن حكم الْوَاقِعَة الْمُجْتَهد فِيهَا قبل الِاجْتِهَاد (حكم معِين أوجب) الله تَعَالَى (طلبه) على من لَهُ أَهْلِيَّة الِاجْتِهَاد (فَمن أَصَابَهُ) أَي ذَلِك الْمعِين فَهُوَ (الْمُصِيب) لإصابته إِيَّاه (وَمن لَا) يُصِيبهُ فَهُوَ (الْمُخطئ) لعدم إِصَابَته. (وَنقل عَن) الْأَئِمَّة (الْأَرْبَعَة) هَذَا الْمُخْتَار (ثمَّ) الْمَذْهَب (الْمُخْتَار أَن الْمُخطئ مأجور) أجرا وَاحِدًا لاجتهاده، بِخِلَاف الْمُصِيب فَإِن لَهُ أَجْرَيْنِ: لاجتهاده، وإصابته (و) نقل (عَن طَائِفَة) أَنه (لَا أجر) للمخطئ (وَلَا إِثْم) عَلَيْهِ (وَلَعَلَّه) أَي الْخلاف فِي وجود الْأجر (لَا يتَحَقَّق) فِي نفس الْأَمر (فَإِن القَوْل بأجره لَيْسَ على خطئه) فَمن قَالَ مأجور لم يقل إِنَّه مأجور لخطئه (بل لامتثاله أَمر الِاجْتِهَاد، وَثُبُوت ثَوَاب ممتثل الْأَمر مَعْلُوم من الدّين) ضَرُورَة (لَا يَتَأَتَّى نَفْيه) فَكيف يَنْفِيه الْقَائِل بنفيه، فَتعين أَن مُرَاده نفى الْأجر لخطئه (وإثم خطئه مَوْضُوع) أَي مَرْفُوع عَنهُ (اتِّفَاقًا) فَلَا يرد أَن الْإِثْم فِي اجْتِهَاده فَكيف يَنْفِيه الْقَائِل بنفيه، فَتعين أَن مُرَاده نفي الْأجر لخطئه وإثم خطئه مَوْضُوع يُؤجر (فَهُوَ الأول) أَي القَوْل الثَّانِي عين القَوْل الأول بِحَسب الْمَآل (وَهَذَانِ) الْقَوْلَانِ مبنيان (على أَن عَلَيْهِ) أَي على الحكم الْمعِين (دَلِيلا ظنيا) وَعَلِيهِ أَكثر الْفُقَهَاء وَكثير من الْمُتَكَلِّمين (وَقيل) بل عَلَيْهِ دَلِيل (قَطْعِيّ، والمخطئ آثم) كَأَنَّهُ زعم فِيهِ بعض تَقْصِير فِي اجْتِهَاده، وَلَا يخفى مَا فِيهِ، وَهُوَ (قَول بشر والأصم، وَقيل غير آثم لخفائه) أَي الدَّلِيل الْقطعِي، قيل وَمَال إِلَيْهِ الماتريدي، وَنسبه إِلَى الْجُمْهُور. (وَنقل الْحَنَفِيَّة الْخلاف) فِي (أَنه) أَي الْمُخطئ (مُخطئ ابْتِدَاء وانتهاء، أَو انْتِهَاء) فَقَط (وَهُوَ) أَي كَونه مُخطئ انْتِهَاء فَقَط (الْمُخْتَار) وَعَزاهُ بَعضهم إِلَى الشَّافِعِي. وَقَوله نقل الْحَنَفِيَّة مُبْتَدأ خَبره (لَا يتَحَقَّق) لعدم معقوليته (إِذْ الِابْتِدَاء بِالِاجْتِهَادِ) وبذل المجهود لنيل الْمَقْصُود (وَهُوَ) أَي الْمُجْتَهد (بِهِ) أَي بِاجْتِهَادِهِ (مؤتمر) أَي ممتثل لما أَمر بِهِ بِقدر وَسعه (غير مُخطئ بِهِ) أَي بِهَذَا الائتمار وبذل الوسع (قطعا) كَيفَ وَهُوَ آتٍ بِمَا كلف بِهِ (وَإِن حمل) كَونه مخطئا ابْتِدَاء (على خطئه) أَي الْمُجْتَهد (فِيهِ) أَي الِاجْتِهَاد (لَا خلاله) أَي الْمُجْتَهد (بِبَعْض شُرُوط الصِّحَّة) أَي صِحَة الدَّلِيل الْموصل إِلَى الحكم الْمعِين عِنْد الله تَعَالَى من حَيْثُ الْمَادَّة أَو الصُّورَة (فاتفاق) أَي فالمحمول عَلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ، وَهُوَ عين القَوْل الْمُخْتَار، فَلَا خلاف فِي الْمَعْنى بَين من يَقُول ابْتِدَاء وانتهاء، وَبَين من يَقُول انْتِهَاء، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي التَّسْمِيَة فَقَط، فَعلم أَن نقل الْخلاف غير صَحِيح (لنا) على الْمَذْهَب الْمُخْتَار أَن لله تَعَالَى

ص: 202

حكما معينا فِي مَحل الِاجْتِهَاد يُصِيبهُ تَارَة ويخطئه أُخْرَى، وَلَيْسَ كل مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد حكم الله تَعَالَى فِي نفس الْأَمر (لَو كَانَ الحكم) أَي خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِفعل العَبْد هُوَ عين (مَا) أدّى الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ كَانَ) الْمُجْتَهد (بظنه) الْحَاصِل بِالِاجْتِهَادِ (يقطع بِأَنَّهُ) أَي المظنون الَّذِي أدّى إِلَيْهِ (حكمه تَعَالَى) وَالثَّانِي بَاطِل يدل على بُطْلَانه قَوْله (وَالْقطع) حَاصِل (بِأَن الْقطع) بِأَن مظتونه حكمه تَعَالَى (مَشْرُوط بِبَقَاء ظَنّه) الْحَاصِل بِالِاجْتِهَادِ، لِأَن الَّذِي علم قطعا أَن مظنونه عين حكم الله تَعَالَى فِي حَقه كَيفَ يتَصَوَّر أَن يتَحَوَّل عَنهُ بِأَن يشك فِيهِ أَو يظنّ خِلَافه فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون قطعه بِكَوْن المظنون حكم الله تَعَالَى فِي حَقه مُقَيّدا بِعَدَمِ طرُو مَا يُنَافِي ذَلِك الظَّن من شكّ أَو ظن بِخِلَافِهِ، وَعند طروه يتَغَيَّر حكم الله تَعَالَى فِي حَقه إِلَى بدل أَن تعلق ظَنّه بِخِلَاف مُتَعَلق الظَّن الأول أَولا إِلَى بدل أَن لم يتَعَلَّق قلت: يلْزم حِينَئِذٍ تعدد حكم الله تَعَالَى فِي حَادِثَة وَاحِدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص وَاحِد والنسخ، وَسَيَجِيءُ تَفْصِيله (وَالْإِجْمَاع) مُنْعَقد (على جَوَاز تغيره) أَي الظَّن الْمَذْكُور بِأحد الْوَجْهَيْنِ (وَوُجُوب الرُّجُوع) عَن الظَّن الْمَذْكُور مَعْطُوف على مَدْخُول على الْمُتَعَلّقَة بِالْإِجْمَاع (وَأَنه) أَي الْمُجْتَهد (لم يزل عِنْد ذَلِك الْقطع) أَي الْقطع بِأَنَّهُ حكمه تَعَالَى. قَوْله أَنه لم يزل مَعْطُوف على بَقَاء ظَنّه، وَالْمرَاد بِاشْتِرَاط الْقطع بِكَوْنِهِ لم يزل عِنْده لُزُوم هَذَا الْكَوْن لَهُ، فَلَا يرد أَنه لَا وَجه لتقديم هَذَا الْكَوْن على الْقطع (وإنكاره) أَي إِنْكَار بَقَاء الظَّن وَعدم جزم مزيل لَهُ (بهت) أَي مُكَابَرَة، يجوز أَن يكون الْمَعْنى وإنكار لُزُوم كَونه لم يزل عِنْد ذَلِك الْقطع للْقطع بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى فِي حَقه بهت، لِأَن الْعلم الْقطعِي لَا يتَغَيَّر: وَهَذَا أظهر من حَيْثُ الْعبارَة، لَكِن القَاضِي عضد الدّين صدر بِهِ فِي شرح الْمُخْتَصر بِالْمَعْنَى الأول (فيجتمع الْعلم) الْقطعِي بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى (وَالظَّن) بِأَنَّهُ حكمه تَعَالَى (فيجتمع النقيضان: تَجْوِيز النقيض) اللَّازِم لحقيقة الظَّن الْمُتَعَلّق بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى (وَعَدَمه) أَي عدم تَجْوِيز النقيض اللَّازِم لحقيقة الْعلم وَالْقطع بِأَنَّهُ حكمه، وَيحْتَمل أَن يُرَاد الْعلم وَالظَّن المتعلقان بِمَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد ومآلهما وَاحِد حَاصِل الِاسْتِدْلَال أَن كَون مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد حكم الله تَعَالَى فِي حَقه يسْتَلْزم الْقطع المستلزم للمحظورات الثَّلَاث لُزُوم بَقَاء الظَّن وَالْإِجْمَاع على عدم لُزُومه واستمرار الْقطع المزيل للظن وإنكار بَقَاء الظَّن بهت، واجتماع الْعلم وَالظَّن المستلزم لِاجْتِمَاع النقيضين (وإلزام كَونه) أَي كَون اجْتِمَاع النقيضين (مُشْتَرك الْإِلْزَام) بِأَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على وجوب اتِّبَاع الظَّن، فَيجب الْفِعْل إِذا ظن الْوُجُوب قطعا، وَيحرم إِذا ظن الْحُرْمَة قطعا، ثمَّ شَرط الْقطع بَقَاء الظَّن بِمَا ذكرْتُمْ، فَيلْزم الظَّن وَالْقطع مَعًا، ويجتمع النقيضان (مُنْتَفٍ) خبر الْمُبْتَدَأ (لاخْتِلَاف مَحل الظَّن) أَي مُتَعَلّقه على الْمَذْهَب الْحق (وَهُوَ)

ص: 203

أَي مَحل الظَّن (حكمه) تَعَالَى (أَي خطابه) الْمَطْلُوب بِالِاجْتِهَادِ (وَالْعلم) مَعْطُوف على الظَّن (وَهُوَ) أَي مَحل الْعلم (حُرْمَة مُخَالفَته) أَي المظنون (بِشَرْط بَقَاء ظَنّه) أَي الحكم أَو الْمُجْتَهد (فَهُنَا) أَي فِي المسئلة الاجتهادية (خطابان): أَحدهمَا الْخطاب (الثَّابِت فِي نفس الْأَمر) قبل الِاجْتِهَاد الْمُؤَدِّي إِلَى الظَّن لما عرفت. من أَن لله تَعَالَى فِي كل حَادِثَة حكما معينا وخطابا مُتَعَلقا بِفعل العَبْد (وَهُوَ) أَي الثَّابِت فِي نفس الْأَمر (المظنون) أَي الَّذِي بذل الْمُجْتَهد وَسعه فِي تَحْصِيله فَظن أَنه كَذَا لما أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده. لَا يُقَال مَا أدّى إِلَيْهِ تَارَة يكون على خلاف الثَّابِت فِي نفس الْأَمر، فَكيف يحكم بِأَن الثَّابِت هُوَ المظنون؟. لأَنا نقُول: لَيْسَ المُرَاد بالمظنون الحكم الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده، بل الثَّابِت الَّذِي ظن مُطَابقَة مَا أدّى إِلَيْهِ إِيَّاه. (و) ثَانِيهمَا (تَحْرِيم تَركه) أَي المظنون الَّذِي أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد (ويلازمه) أَي تَحْرِيم التّرْك (إِيجَاب الْفَتْوَى بِهِ) أَي بالمظنون (وهما) أَي كل وَاحِد من تَحْرِيم التّرْك وَإِيجَاب الْفَتْوَى (مُتَعَلقَة) بِكَسْر اللَّام: أَي مُتَعَلق المظنون الَّذِي أدّى الِاجْتِهَاد إِلَيْهِ (الْمَعْلُوم) صفة مُتَعَلقَة، وَفَائِدَته الْإِشْعَار بِأَن كلا مِنْهُمَا حكم مَعْلُوم بِعَيْنِه قطعا، بِخِلَاف الثَّابِت فَإِنَّهُ لم يتَعَلَّق بِهِ الْعلم وَأَن تعلق بِهِ الظَّن (بِخِلَاف) قَول (المصوبة) فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الخطابان على مَا ذكرنَا (فَإِن الحكم فِي نفس الْأَمر) عِنْدهم (لَيْسَ إِلَّا مَا تأدى) الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ) لأَنهم لم يثبتوا حكما قبل الِاجْتِهَاد فَلَا يُمكنهُم أَن يَقُولُوا فِي دفع التَّنَاقُض مُتَعَلق الظَّن الحكم الثَّابِت فِي نفس الْأَمر، ومتعلق الْعلم غَيره (فَإِن قَالُوا) أَي المصوبة (نقُول مُتَعَلق الظَّن) كَونه) أَي كَون مَا أدّى إِلَيْهِ الظَّن من الأمارة الْمَخْصُوصَة (دَلِيلا) على الحكم المظنون (و) مُتَعَلق (الْعلم ثُبُوت مَدْلُوله شرعا بذلك الشَّرْط) يَعْنِي بَقَاء الظَّن (فَإِذا زَالَ) الشَّرْط (رَجَعَ) الْمُجْتَهد عَنهُ فَانْدفع عَنْهُم التَّنَاقُض وَلُزُوم عدم إِمْكَان رُجُوع الْمُجْتَهد عَمَّا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده بِمُوجب الْقطع لِأَن مُتَعَلق الْعلم الثُّبُوت المغيا بِتِلْكَ الْغَايَة. (أُجِيب بِأَن كَونه) أَي الدَّلِيل (دَلِيلا) أَيْضا (حكم شَرْعِي) يتَفَرَّع عَلَيْهِ أَحْكَام شَرْعِيَّة (وَإِن كَانَ غير عَمَلي فَإِذا ظَنّه) أَي إِذا ظن الْمُجْتَهد كَونه دَلِيلا (علمه) أَي علم أَنه دَلِيل (وَيتم إِلْزَامه اجْتِمَاع النقيضين) لِاتِّحَاد مُتَعَلق الظَّن وَالْعلم. وَلما أجَاب عَن الجوابين من أجوبة المصوبة أَرَادَ أَن يذكر مَا هُوَ الْعدة فِي الْجَواب من قبلهم، فَقَالَ:(وَالْجَوَاب أَن اللَّازِم) من التصويب (ثُبُوت الْعلم بالحكم مَا لم يثبت الرُّجُوع) أَي رُجُوع الْمُجْتَهد عَمَّا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (وَهُوَ) أَي ثُبُوت الرُّجُوع عَنهُ (انْفِسَاخ هَذَا الحكم) المرجوع عَنهُ (بِظُهُور المرجوع) إِلَيْهِ فَإِن قلت هَذَا نسخ بعد انْقِطَاع الْوَحْي قلت ظُهُوره بعد الِانْقِطَاع لَا أَصله، فَإِن أَصله حكم الله تَعَالَى قبل الِانْقِطَاع على الْمُجْتَهد بِأَنَّهُ إِذا ظهر لَك خلاف مَا أدّى إِلَيْهِ اجتهادك فَارْجِع عَنهُ إِلَيْهِ (لَا) ظُهُور (خطئه) أَي الحكم الأول (وبطلانه عِنْدهم) أَي المصوبة ثمَّ.

ص: 204

لما كَانَ هُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه كَيفَ يثبت الْعلم بالحكم مَعَ تَجْوِيز زَوَال مُوجبه؟ وَهُوَ الظَّن، وَزَوَال الْمُوجب يسْتَلْزم زَوَال الْمُوجب أجَاب عَنهُ بقوله (وتجويز انْقِضَاء مُدَّة الحكم بعد هَذَا الْوَقْت) أَي مُدَّة عدم ثُبُوت الرُّجُوع (لَا يقْدَح فِي الْقطع بِهِ) أَي بالحكم وَكَونه وَاجِب الْعَمَل مَا لم يثبت الرُّجُوع (حَال هَذَا التجويز) ظرف للْقطع بِهِ، ذكر تَأْكِيد الْعَدَم التَّنَافِي بَين الْقطع والتجويز، وَذَلِكَ لِأَن زمَان مُتَعَلق التجويز غير زمَان مُتَعَلق الْعلم (فَبَطل الدَّلِيل) الْمَذْكُور للمخطئة مندفعا (عَنْهُم) أَي المصوبة فَإِن قلت الدَّلِيل الْمَذْكُور يتَضَمَّن الْمَحْظُورَات الثَّلَاث كَمَا عرفت لُزُوم بَقَاء الظَّن، وَقد انْدفع بقييد زمَان الْقطع فَإِنَّهُ كَانَ مَبْنِيا على إِطْلَاقه بِحَيْثُ يسْتَغْرق الْأَزْمِنَة، واستمرار الْقطع المزيل للظن واندفاعه ظَاهر، لَكِن بَقِي دفع التَّنَاقُض قلت كَأَنَّهُ تَركه لظُهُوره وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ القَاضِي عضد الدّين بقوله: فَإِنَّهُ يسْتَمر الظَّن ريثما يحصل بِهِ الْقطع، فَإِذا حصل زَالَ الظَّن ضَرُورَة وَحكم الْقطع هُوَ اتِّبَاعه وَهُوَ بِهِ أَجْدَر من الظَّن. لَا يُقَال بِمُجَرَّد حُصُول الظَّن تعلق الْخطاب الْمُوجب للْعلم فاتحدا زَمَانا. لأَنا نقُول غَايَة الْأَمر مُقَارنَة الظَّن مَعَ تعلق الْخطاب، وَهُوَ لَا يسْتَلْزم مقارنته مَعَ الْعلم (وَبِهَذَا) الْجَواب (ينْدَفع) عَن المصوبة الدَّلِيل (الْقَائِل) وصف الدَّلِيل بالْقَوْل مجَازًا، ومقول القَوْل (لَو كَانَ) الظَّن مُوجبا للْعلم (امْتنع الرُّجُوع) عَن المظنون (لاستلزامه) أَي الرُّجُوع (ظن النقيض) أَي نقيض المظنون الَّذِي تعلق بِهِ الْعلم (وَالْعلم يَنْفِي احْتِمَاله) أَي احْتِمَال نقيض مُتَعَلّقه، وَإِن كَانَ مرجوحا فضلا عَن الظَّن، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هَذَا فِيمَا إِذا كَانَ الرُّجُوع عَن المظنون الأول إِلَى مظنون آخر، أما إِذا كَانَ عَنهُ إِلَى الشَّك فَيُقَال حِينَئِذٍ لاستلزامه احْتِمَال النقيض وَالْعلم يَنْفِيه (فَلم يكن الْعلم حِين كَانَ) أَي تحقق بزعمكم أَيهَا المصوبة (علما) لم يكن وَجه الاندفاع ظَاهر عِنْد تَقْيِيد ثُبُوت الْعلم بِمَا إِذا لم يثبت الرُّجُوع (أَو لَو كَانَ) الظَّن مُوجبا للْعلم مَعْطُوف على مقول القَوْل (جَازَ ظَنّه) أَي الْمُتَعَلّق بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده ثَانِيًا (مَعَ تذكر مُوجب الْعلم، وَهُوَ) أَي مُوجب الْعلم (الظَّن الأول لجَوَاز الرُّجُوع) تَعْلِيل لجَوَاز تعلق ظَنّه ثَانِيًا، بِخِلَاف مظنونه الأول فَيلْزم تخلف الْمُوجب عَن الْمُوجب مَعَ تذكره من غير ذُهُول، وَفِيه أَن تذكره عبارَة عَن تصَوره الْمُوجب إِنَّمَا هُوَ الادعاء وَقد زَالَ (أَو لَو كَانَ) ظن الحكم مُوجبا للْعلم (امْتنع ظَنّه) بِخِلَاف المظنون الأول (مَعَ تذكر الظَّن) الأول (لِامْتِنَاع ظن نقيض مَا علم مَعَ تذكر الْمُوجب) للْعلم (وَإِلَّا) أَي إِن لم يمْتَنع ظن نقيض مَا علم مَعَ تذكر الْمُوجب (لم يكن) ذَلِك الْمُوجب (مُوجبا) وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض (لكنه) أَي الظَّن (جَائِز) بِخِلَاف المظنون الأول إِجْمَاعًا (بِالرُّجُوعِ) أَي بِأَن يرجع عَن الظَّن الأول إِلَى خِلَافه (وَقد لَا يَكْتَفِي بِدَعْوَى ضَرُورِيَّة البهت) الْمَأْخُوذَة فِي دَلِيل المخطئة (فتجعل) الْأَوْجه الثَّلَاثَة المفادة بقوله لَو كَانَ امْتنع الرُّجُوع

ص: 205

إِلَى قَوْله لكنه جَائِز، فالرجوع (دَلِيل بَقَاء الظَّن) لِأَن محصول كل وَاحِد مِنْهَا لُزُوم الْفساد لكَون الظَّن مُوجبا للْعلم، فَإِذا انْتَفَى إِيجَابه للْعلم بَقِي مستمرا مَا لم يثبت الرُّجُوع عَنهُ (عِنْد الْقطع بمتعلقه) أَي الظَّن، الظّرْف مُتَعَلق بِبَقَاء الظَّن الْمَأْخُوذ فِي دَلِيل المخطئة الْمَذْكُور أَولا المفاد بقوله، وَالْقطع بِأَن الْقطع مَشْرُوط بِبَقَاء ظَنّه إِلَى قَوْله وإنكاره بهت فحاصله لَو كَانَ الظَّن مُوجبا للْعلم لزم عِنْد ذَلِك بَقَاء الظَّن للأوجه الثَّلَاثَة وَهُوَ يسْتَلْزم أَن لَا يكون مَعَه الْعلم لِأَن بَينهمَا تنافيا فِي اللوازم (لَا) أَن يَجْعَل كل وَاحِد مِنْهَا دَلِيلا (مُسْتقِلّا) على إبِْطَال مَذْهَب المصوبة (وألزم على) الْمَذْهَب (الْمُخْتَار) وَهُوَ مَذْهَب المخطئة (انْتِفَاء كَون الْمُوجب) للْحكم (مُوجبا) لَهُ مَعَ تذكر الْمُوجب (فِي) حق (الأمارة) على الحكم حَيْثُ قَالُوا: لَا يمْتَنع زَوَال ظن الحكم إِلَى ظن نقيضه مَعَ تذكر الأمارة الَّتِي عَنْهَا الظَّن فَهِيَ مُوجبَة لَهُ (وَجَوَابه) أَي الْإِلْزَام الْمَذْكُور (أَن بُطْلَانه) أَي بطلَان انْتِفَاء كَون الْمُوجب مُوجبا (فِي غَيرهَا) خبر أَن: أَي فِي غير الأمارة (أما هِيَ) أَي الأمارة (فَإذْ لَا رابط) بَينهَا وَبَين الحكم (عَقْلِي) صفة اسْم لَا مَرْفُوع فِي مَحَله، وَالْخَبَر مَحْذُوف (جَازَ انْتِفَاء مُوجبهَا مَعَ تذكرها) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي هِيَ، وَقَوله: إِذْ لَا رابط عَقْلِي مُعْتَرضَة تعليلا للْجُوَاز، وَذَلِكَ كَمَا يَزُول ظن نزُول الْمَطَر من الْغَيْم الرطب الَّذِي هُوَ أَمارَة لَهُ إِلَى ظن عَدمه مَعَ وجوده. وَلما زيف دَلِيل المخطئة بِمَا ذكر أَرَادَ أَن يذكر مَا هُوَ الْمُعْتَمد فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فَقَالَ (بل الدَّلِيل) الَّذِي مَا عداهُ كَالْعدمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ (إِطْلَاق) الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم (الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد) أَي إِطْلَاقهم لفظ الْخَطَأ فِي بعض الِاجْتِهَاد أَو عدم تقييدهم الْخَطَأ بِمَا يُفِيد كَونه خطأ بِسَبَب مُخَالفَة نَص أَو قِيَاس جلي أَو إِجْمَاع، وَهُوَ عِنْد الْإِطْلَاق يُرَاد بِهِ مُخَالفَة حكم الله تَعَالَى (شَائِعا) أَي إطلاقا شَائِعا بَينهم (متكررا) فِي حوادث كَثِيرَة من كثير مِنْهُم بِالنِّسْبَةِ إِلَى كثير مِنْهُم (بِلَا نَكِير) من أحد مِنْهُم على أحد مِمَّن أطلق الْخَطَأ، فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُم على أَن الْمُجْتَهد قد يُخطئ وَلَا يُصِيب حكم الله تَعَالَى فِي اجْتِهَاده (كعلي) أَي كإطلاق عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْخَطَأ (وَزيد بن ثَابت وَغَيرهمَا من مخطئة ابْن عَبَّاس) رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا (فِي ترك الْعَوْل) وَهُوَ أَن يُزَاد على الْمخْرج من أَجْزَائِهِ إِذْ ضَاقَ عَن فرض من فروضه (وَهُوَ خطأهم) أَي ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا خطأ الصَّحَابَة (فَقَالَ من شَاءَ) مِنْكُم أَيهَا الْقَائِلُونَ بالعول (باهلته) أَي لَاعَنته، فَيَقُول كل منا: لعنة الله على من كذب (إِن الله تَعَالَى لم يَجْعَل فِي مَال وَاحِد نصفا وَنصفا وَثلثا، وَقَول أبي بكر) رضي الله عنه (فِي الْكَلَالَة) وَهِي مَا خلا الْوَالِد وَالْولد (أَقُول فِيهَا برأيي إِلَى قَوْله وَإِن يكن خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان) يَعْنِي إِن يكن صَوَابا فَمن الله تَعَالَى (وَمثله) أَي وَمثل قَول أبي بكر (قَول ابْن مَسْعُود) رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا (فِي المفوضة) فِي الْقَامُوس

ص: 206

فوض الْمَرْأَة: زَوجهَا بِلَا مهر (الْمُتَوفَّى عَنْهَا) زَوجهَا (أجتهد) مقول القَوْل (إِلَى قَوْله فَإِن يكن) مَا أدّى إِلَيْهِ اجتهادي (خطأ فَمن ابْن أم عبد) أَي عبد الله، يَعْنِي نَفسه، لم يقل فَمن ابْن مَسْعُود، إِشَارَة إِلَى أَنه ابْن امْرَأَة من جنس ناقصات الْعقل لَا يبعد الْخَطَأ مِنْهُ (و) روى (عَنهُ) أَي ابْن مَسْعُود (مثل) قَول (أبي بكر) فَفِي سنَن أبي دَاوُد عَنهُ: فَإِن بك صَوَابا فَمن الله تَعَالَى وَإِن يَك خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله وَرَسُوله بريئان (وَقَول عَليّ لعمر فِي المجهضة) بِضَم الْمِيم وَكسر الْهَاء وَهِي الَّتِي أسقطت جَنِينا مَيتا خوفًا من عمر حَيْثُ استحضرها وَسَأَلَ من حَضَره عَن حكم ذَلِك، فَقَالَ عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف إِنَّمَا أَنْت مؤدب لَا نرى عَلَيْك شَيْئا، ثمَّ سَأَلَ عليا مَاذَا تَقول فَقَالَ (إِن كَانَا قد اجتهدا فقد أخطآ، يَعْنِي عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف) وَإِن يجتهدا فقد غشاك، عَلَيْك الدِّيَة، فَقَالَ عمر لعَلي عزمت عَلَيْك لتقسمانها على قَوْمك أَرَادَ قوم عمر أضَاف إِلَى عَليّ إِكْرَاما. وَقَالَ الشَّارِح: ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي خلافًا لأَصْحَابه. وَلَا حجَّة فِي هَذَا على أُصُوله لِأَنَّهُ مُنْقَطع، فَإِن الْحسن ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خلَافَة عمر، ثمَّ الإجهاض إِلْقَاء الْوَلَد قبل تَمَامه (وَاسْتدلَّ) للمختار بأوجه ضَعِيفَة، أَحدهَا إِن كَانَ أحد قولي الْمُجْتَهدين أَو كِلَاهُمَا بِلَا دَلِيل فَبَاطِل وَإِلَّا (إِن تساوى دليلاهما) بِأَن لَا يُوجد فِي أَحدهمَا مَا يرجحه على الآخر (تساقطا)(وَإِلَّا تعين الرَّاجِح) وَجه استلزامه للْمُدَّعِي أَن تعدد حكم الله بِتَعَدُّد الِاجْتِهَاد غير مَعْقُول، لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يسقطا مَعًا أَو أَحدهمَا، والساقط مَعْدُوم لَا يصلح لِأَن يكون أَمارَة لحكم الله تَعَالَى، وَكَذَا الْحَال إِذا كَانَ فِي المسئلة أَقْوَال ينظر بَين كل اثْنَيْنِ حَتَّى يسْقط الْكل أَو يَنْتَهِي إِلَى وَاحِد (وَأجِيب أَن ذَلِك) التَّقْسِيم (بِالنِّسْبَةِ إِلَى نفس الْأَمر) فَإِنَّهُمَا فِي نفس الْأَمر إِمَّا متساويان فِي مصلحَة الْقبُول أَو لَا، بل أَحدهمَا أرجح، بل الْإِرَادَة بِمَا على طبق مَا فِي نفس الْأَمر، بل قد يتَرَجَّح فِي رَأْي الْمُجْتَهد مَا هُوَ مَرْجُوح بِحَسب نفس الْأَمر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لَكِن الأمارات) الَّتِي تظهر للمجتهد (ترجحها بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَهد فَكل) من الْقَوْلَيْنِ (رَاجِح عِنْد قَائِله) وَإِن كَانَ الرَّاجِح فِي نفس الْأَمر أَحدهمَا أَو اسْتَويَا (وصواب) على رَأْي المصوبة، (و) أَيْضا اسْتدلَّ (بِأَن الْمُجْتَهد طَالب) لتَحْصِيل حكم الله تَعَالَى (ويستحيل) الطّلب (بِلَا مَطْلُوب فَمن أخطأه) أَي الْمَطْلُوب وَلم يجده فَهُوَ (الْمُخطئ) وَمن وجده فَهُوَ الْمُصِيب (أُجِيب) بِأَنَّهُ (نعم) هُوَ طَالب ويستحيل الطّلب بِلَا مَطْلُوب وَلَكِن (فَهُوَ) أَي الْمَطْلُوب (غَلَبَة ظَنّه) أَي الْمُجْتَهد بِوَجْه من وُجُوه مَحل الِاجْتِهَاد فَإِذا اجْتهد أَو غلب ظن كل وَاحِد بِشَيْء وجد كل مِنْهُمَا مَطْلُوبه (فيتعدد) حِينَئِذٍ (الصَّوَاب) لِأَن الْمَفْرُوض أَن المظنون هُوَ حكم الله فِي حق كل (و) أَيْضا اسْتدلَّ (بِالْإِجْمَاع على شرع المناظرة) أَي على مشروعيتها (وفائدتها) أَي المناظرة (ظُهُور الصَّوَاب) لِأَن الْمَفْرُوض أَن

ص: 207

المظنون هُوَ حكم الله فِي حق كل وَلذَا أَخذ فِي تَعْرِيفهَا، وَقيل هِيَ النّظر من الْجَانِبَيْنِ فِي نِسْبَة خبرية إِظْهَارًا للصَّوَاب، فَلَو كَانَ كل مَا أدّى إِلَيْهِ النّظر وَالِاجْتِهَاد صَوَابا لما كَانَ لَهَا فَائِدَة لحُصُول الْعلم بِالصَّوَابِ بِمُجَرَّد النّظر من غير مناظرة (وَأجِيب بِمَنْع الْحصْر) أَي حصر الْفَائِدَة فِي ظُهُور الصَّوَاب (لجوازها) أَي لجَوَاز كَون فائدتها (تَرْجِيحا) أَو لجَوَاز المناظرة للترجيح لأحد الصوابين على الآخر، وَهَذَا مَبْنِيّ على قَول من يَقُول بِعَدَمِ تَسَاوِي الْحُقُوق (وتمرينا) للنَّفس على طرق النّظر ليحصل ملكة الْوُقُوف على المأخذ ورد الشّبَه وتشحيذا للخاطر معاونة على الِاجْتِهَاد (وَلَا يخفى ضعفه) أَي الِاسْتِدْلَال. وَالْجَوَاب لاشتهار كَون الْغَرَض مِنْهَا إِظْهَار الصَّوَاب بَين أهل الْعلم من غير نَكِير وَهُوَ الْمُتَبَادر من الْعبارَة لذكره بعد الْجَواب فَتَأمل، (و) أَيْضا اسْتدلَّ (بِلُزُوم حل) الْمَرْأَة (المجتهدة) على تَقْدِير إِصَابَة كل مُجْتَهد (كالحنفية) أَي اجْتِهَادًا كاجتهاد الْحَنَفِيَّة، أَو حَال كَونهَا كالحنفية فِي الِاجْتِهَاد، وَإِنَّمَا فرض كَونهَا مجتهدة وَلم يقل حل الْحَنَفِيَّة مَعَ كَونه أخصر، لِأَن الْمُقَلّد يجوز لَهُ تَقْلِيد غير مقلده على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَحِينَئِذٍ يجوز أَن تقلد مَذْهَب زَوجهَا فَلَا يلْزم اجْتِمَاع الْحل وَالْحُرْمَة (وحرمتها لَو قَالَ بَعْلهَا الْمُجْتَهد كالشافعية) فِي الِاجْتِهَاد (أَنْت بَائِن) مقول القَوْل (ثمَّ قَالَ رَاجَعتك) فَإِن الرّجْعَة عِنْده صَحِيحَة لِأَن الْكِنَايَات عِنْده لَيست بوائن، وَعِنْدهَا غير صَحِيحَة لِأَنَّهَا عِنْدهَا بوائن، وَأَنت بَائِن مِنْهَا، وَلَا رَجْعَة فِي البوائن (و) بِلُزُوم (حلهَا) أَي المجتهدة الَّتِي هِيَ كالحنفية (لاثْنَيْنِ لَو تزَوجهَا مُجْتَهد) يرى رَأْي الْحَنَفِيَّة (بِلَا ولي ثمَّ) تزَوجهَا (مثله) مُجْتَهد آخر يرى رَأْي الشَّافِعِيَّة (بِهِ) أَي بولِي، وَيجوز تَصْوِير المسئلة على وَجه لَا يلْزم عَلَيْهَا تعمد الْحَرَام بِفَرْض توكيلها وَليهَا فِي التَّزْوِيج وشخصا آخر لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهَا فزوج كل مِنْهُمَا فِي غيبَة الآخر تقدم التَّزْوِيج بِغَيْر الْوَلِيّ فَيصح تَزْوِيج الثَّانِي لعدم صِحَة الأول عِنْد الْمُجْتَهد الثَّانِي (وَأجِيب) بِأَن لُزُوم اجْتِمَاع الْحل وَالْحُرْمَة (مُشْتَرك الْإِلْزَام إِذْ لَا خلاف) بَين الْفَرِيقَيْنِ (فِي وجوب اتِّبَاع ظَنّه) لِأَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَنه يجب على كل مُجْتَهد أَن يتبع ظَنّه الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده من حلهَا بِتِلْكَ الرّجْعَة (فيجتمع النقيضان: وجوب الْعَمَل بحلها لَهُ) يَعْنِي يجب على الزَّوْج الْمُجْتَهد الرَّاجِع إِلَى المجتهدة أَن يعْمل بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده من حلهَا بِتِلْكَ الرّجْعَة (ووجوبه) أَي الْعَمَل (بحرمتها عَلَيْهِ) أَي يجب على الْمَرْأَة أَن تعْمل بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجتهادها من حرمتهَا على الزَّوْج لعدم صِحَة الرّجْعَة، والوجوبان يدلان على النقيضان بدل النَّقْض، وَهَذَا تَقْرِير الْإِلْزَام بِالنّظرِ إِلَى المسئلة الأولى، وَأما بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِيَة فَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله (وَكَذَا وجوب الْعَمَل) على المجتهدة والمجتهد الأول (بحلها للْأولِ) أَي للزَّوْج الأول لصِحَّة النِّكَاح بِلَا ولي على رأيهما (ووجوبه) أَي الْعَمَل بحلها (للثَّانِي) أَي

ص: 208

الزَّوْج الثَّانِي لعدم صِحَة النِّكَاح الأول عِنْد الزَّوْج الثَّانِي فَيجب عَلَيْهِ أَن يعْمل بِمُوجب اجْتِهَاده (فَإِن لم يكن الوجوبان متناقضين) كتناقض الْحل وَالْحُرْمَة (لتناقض متعلقيهما) يَعْنِي إِن كَانَا متناقضين بِسَبَب تنَاقض متعلقيهما، وهما الْحل وَالْحُرْمَة فِي الصُّورَة الأولى، وَحل الزَّوْج الأول وَحل الزَّوْج الثَّانِي فِي الثَّانِيَة، فَإِن الْحل لكل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَلْزم الْحُرْمَة على الآخر، فقد ثَبت الْمُدعى فَإِن لم يَكُونَا متناقضين لتناقضهما فقد (استلزم) اجْتِمَاع الوجوبين (اجْتِمَاع متعلقيه) أَي الْوُجُوب المتحقق فِي ضمن الوجوبين (المتناقضين) صفة متعلقية (فَإِن أجبتم) أَيهَا المخطئة بِأَنَّهُ (لَا يمْتَنع) مَا ذكر من وجوب الضدين (بِالنِّسْبَةِ إِلَى مجتهدين) مُخْتَلفين فِي الِاجْتِهَاد (فَكَذَلِك الْمُتَنَازع فِيهِ) الَّذِي ادعيتم لُزُومه علينا من لُزُوم الْحل وَالْحُرْمَة إِلَى آخر الصُّورَتَيْنِ فَنَقُول: لَا يمْتَنع ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى مجتهدين، فَإِن قَالَ المخطئة يلْزم عَلَيْكُم أَن الله تَعَالَى حكم بِحل امْرَأَة وَاحِدَة وحرمتها بِالنِّسْبَةِ إِلَى زوج وَاحِد وبحلها لزوجين وَلَا يلْزم علينا ذَلِك لكَون أحد الاجتهادين خطأ قطعا. قَالَ المصوبة فَكيف يحكم الله تَعَالَى على الزَّوْجَة وَالزَّوْج بِاتِّبَاع الْحل وَالْحُرْمَة وعَلى الزَّوْجَيْنِ بِاتِّبَاع الْعَمَل بِالْحلِّ (نعم يسْتَلْزم مثله) أَي مثل مَا ذكر من الصُّورَتَيْنِ (مفْسدَة الْمُنَازعَة) بَين الزَّوْج وَالزَّوْجَة أَو الزَّوْجَيْنِ مثلا (وَقد يُفْضِي) النزاع (إِلَى التقاتل فَيلْزم فِيهِ) أَي فِي مثله (رَفعه إِلَى قَاض يحكم بِرَأْيهِ) الْمُوَافق لأحد المنازعين (فَيلْزم) المنازع (الآخر) مَا حكم بِهِ ليرتفع النزاع وَالْفساد (واذن) أَي وَإِذا كَانَ الْأَمر كَمَا عرفت من اشْتِرَاك الْإِلْزَام وَالْوُجُوب (فَالْجَوَاب الْحق) من قبل المصوبة والمخطئة الَّذِي هُوَ مخلص من لُزُوم تِلْكَ الْمُنَازعَة الَّتِي تكَاد أَن تنجر إِلَى الْمُقَاتلَة قبل الرّفْع إِلَى القَاضِي (أَن مثله) أَي مَا ذكر (مَخْصُوص) أَي خَارج (من) عُمُوم (تعلق الْحكمَيْنِ) الصوابين على رَأْي المصوبة، أَو اللَّذين أَحدهمَا خطأ على رَأْي المخطئة وهما وجوب الِاتِّبَاع على الْمُجْتَهدين (بل الثَّابِت) فِي مثله فِي نفس الْأَمر (حرمتهَا) أَي الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة فِي الصُّورَتَيْنِ مستمرة (إِلَى غَايَة الحكم) أَي حكم القَاضِي بعد الرّفْع إِلَيْهِ (لِأَن لُزُوم الْمفْسدَة يمْنَع شرع ذَلِك) أَي مَشْرُوعِيَّة مُتَعَلق الْحكمَيْنِ (وَبِمَا وضحناه) من التَّخْصِيص وَثُبُوت الْحُرْمَة المغياة بِمَنْع لُزُوم الْمفْسدَة شَرْعِيَّة ذَلِك (انْدفع مَا أورد) على مَا ذكر من لُزُوم الرّفْع إِلَى قَاض دفعا للنزاع (من أَن الْقَضَاء لرفع النزاع إِذا تنَازعا فِي التَّمْكِين) أَي تَمْكِين الْمَرْأَة (وَالْمَنْع) عَنهُ (لَا لرفع تعلق الْحل وَالْحُرْمَة بِوَاحِد) من مظنوني الْمُجْتَهدين، فَإِنَّهُ بعد التَّعَلُّق لَا يرْتَفع، وَمَا لم يرْتَفع فالنزاع بَاقٍ فَلَا يكون الرّفْع إِلَى القَاضِي مخلصا للمصوبة وَاعْلَم أَنه قَالَ القَاضِي عضد الدّين فِي شرح

ص: 209

الْمُخْتَصر بعد الْجَواب بِأَنَّهُ مُشْتَرك الْإِلْزَام أَن الْجَواب الْحق هُوَ الْحل، وَهُوَ أَنه يرجع إِلَى حَاكم ليحكم بَينهمَا فيتبعان حكمه لوُجُوب اتِّبَاع الحكم للموافق والمخالف. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي حَاشِيَة عَلَيْهِ يُشِير إِلَى أَن الْجَواب جدلي، لَكِن فِي كَون هَذَا جَوَابا عَن الْإِلْزَام الْمَذْكُور نظر، لِأَن حكم الْحَاكِم إِنَّمَا يصلح لرفع النزاع إِذا تنَازعا لرفع تعلق الْحل وَالْحُرْمَة بِشَيْء وَاحِد فَإِنَّهُ بعد الحكم لم يرْتَفع ذَلِك التَّعَلُّق على تَقْدِير تصويب كل مُجْتَهد: نعم لَو أجَاب بِأَن الْحل بِالْإِضَافَة إِلَى أَحدهمَا، وَالْحُرْمَة بِالْإِضَافَة إِلَى الآخر فَلَا امْتنَاع فِي ذَلِك لَكَانَ وَجها، كَذَا فِي بعض الشُّرُوح انْتهى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقَررهُ) أَي مَا أوردهُ (مُحَقّق) يَعْنِي الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ حَيْثُ سكت عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَي مَا أورد (بعد اندفاعه بِمَا ذكرنَا) من أَنه مَخْصُوص الخ (غير صَحِيح فِي نَفسه، إِذْ لَا مَانع من رفع تعلق الْحل وَالْحُرْمَة بِالْقضَاءِ مَعَ كَون كل مِنْهُمَا صَوَابا لِأَنَّهُ) أَي رفع التَّعَلُّق الْمَذْكُور (نسخ مِنْهُ تَعَالَى عِنْد حكم القَاضِي كالرجوع عِنْدهم) أَي كَمَا أَن الْمُجْتَهد إِذا رَجَعَ عَن ظَنّه الأول إِلَى ظن آخر كَانَ ذَلِك نسخا للْأولِ عِنْد المصوبة (قَالُوا) أَي المصوبة (لَو كَانَ الْمُصِيب وَاحِدًا وَجب النقيضان على الْمُخطئ إِن وَجب حكم نفس الْأَمر عَلَيْهِ) أَيْضا لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ اتِّبَاع ظَنّه إِجْمَاعًا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يجب عَلَيْهِ حكم نفس الْأَمر (وَجب) عَلَيْهِ (الْعَمَل بالْخَطَأ) لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ مُتَابعَة ظَنّه إِجْمَاعًا (وَحرم) عَلَيْهِ الْعَمَل (بِالصَّوَابِ) لِأَنَّهُ خلاف ظَنّه، وَيحرم على الْمُجْتَهد الْعَمَل بِخِلَاف مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده إِجْمَاعًا (وَهُوَ) أَي كَون الْعَمَل بِالصَّوَابِ حَرَامًا مَعَ وجوب الْعَمَل بالْخَطَأ (محَال) لِأَنَّهُ خلاف الْمَعْقُول (أُجِيب بِاخْتِيَار) الشق (الثَّانِي) وَهُوَ أَن لَا يجب عَلَيْهِ حكم نفس الْأَمر (وَمنع انْتِفَاء التَّالِي) اللَّازِم للاستحالة، يَعْنِي حُرْمَة الْعَمَل بِالصَّوَابِ مَعَ وجوب الْعَمَل بالْخَطَأ أَمر مُتَحَقق، فَكيف يكون محالا؟ (للْقطع بِهِ) أَي بالتالي فِيمَا لَو خَفِي على الْمُجْتَهد (قَاطع) أَي فِي وَقت خَفَاء الدَّلِيل الْقَاطِع على الْمُجْتَهد فَإِنَّهُ لَو لم يخف لم يكن اجْتِهَاده صَحِيحا، لِأَن شَرط الِاجْتِهَاد عدم وجود الْقَاطِع فِي مَحل الِاجْتِهَاد (حَيْثُ تجب) عَلَيْهِ (مُخَالفَته) لوُجُوب اتِّبَاعه مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده، وَهُوَ مُخَالف لما هُوَ مُوجب الْقطعِي (والاتفاق) على (أَنه) أَي خلاف الْقطعِي الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (خطأ إِذْ الْخلاف) بَين المصوبة والمخطئة، وَإِنَّمَا وَاقع (فِيمَا لَا قَاطع) فِيهِ من الْأَحْكَام الاجتهادية (أما مَا فِيهِ) أَي الَّذِي فِيهِ قَاطع من الْأَحْكَام الاجتهادية (فالاجتهاد على خِلَافه خطأ اتِّفَاقًا) أَي مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد الْوَاقِع على خلاف الْقطعِي خطأ إِجْمَاعًا وَإِن وَجب الْعَمَل بِهِ لخفاء الْقَاطِع على الْمُجْتَهد (قَالُوا) أَي المصوبة؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ) وَمن الْمَعْلُوم أَن أَكثر الخلافات الْوَاقِعَة بَين الْمُجْتَهدين من الْخلف قد وَقع فِيمَا بَينهم (فَلَا خطأ) فِي

ص: 210