الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في الأدلة المردودة
وهما دليلان:
الأول: الاستحسان
قال به أبو حنيفة والحنابلة، وأنكره غيرهم، لظنهم أنهم يريدون به: الحكم بغير دليل.
قال في الحصول: وليس الخلاف في جواز استعمال لفظ الاستحسان لوروده في الكتاب والسنة، ويرد في ألفاظ
المجتهدين.
كقول الشافعي -رضي الله تعالى عنه- في المتعة: "أستحسن أن تكون ثلاثين درهمًا"
فسماه استحسانًا: لأنه عنده حسنًا لما قام عنده مما يقتضي ذلك، ولا ينكر التعبير به عن حكم ثبت بدليل.
لكن يشكل على هذا ما في سنن الشافعي- (رضي الله تعالى عنه) وقد ذكر خيار الشفعة ثلاثًا.
قال الشافعي- رضي الله تعالى عنه: "هذا استحسان مني ليس بأصل، ولا بد من تأويله، فثبت أن الخلاف إنما هو في المعنى
فلا بد من تفسيره ليمكن قبوله، أو رده. وهو استفعال من الحسن. يطلق على ما يميل إليه الإنسان ويهواه من الصور والمعاني، وإن كان مستقبحًا عند غيره، وليس هذا محل الخلاف، لاتفاق الأمة قبل ظهور المخالفين على امتناع القول في الدين بالتشهي، فيكون الخلاف فيما عدا ذلك. وقد اختلف في التعبير عنة اختلاقًا كثيرًا. ذكر المنصف منه ثلاثة أشياء فقال: وفسر بأنه: دليل في نفس المجتهد وتقصر عنه عبارته، فلا يقدر على إظهاره.
ورد الاستحسان بهذا التفسير بأنه لا بد من ظهوره، أي: من
ظهور ذلك الدليل ليتميز صحيحة من فاسدة، لجواز أن يكون فاسدًا.
ولما كان فيه نظر من جهة انه إن أريد بوجوب إظهاره أنه لا يكون قبل ذلك حجة على المناظر، فواضح.
لكنه ليس محل الخلاف.
وإن أريد به أن المجتهد لا يثبت به الأحكام فممنوع.
ويجب عليه العمل به اتفاقًا، ولا أثر لعجزه عن التعبير فإنه يختلف بالنسبة إالى الغير، إلا أن يشك المجتهد فلا يجوز له العمل به فبناه.
لذلك قال ابن الحاجب: والحق أنه لا يتحقق استحسان مختلف فيه، لأنهم ذكروا في تفسيره أمورًا لا تصلح محلا للخلاف؛ لأن بعضها مقبول اتفاقًا، وبعضها مردد بين ما هو مقبول اتفاقًا، وبين ما هو مردود اتفاقًا.
وجعل هذا التفسير من المتردد بين القبول والرد كما مر.
وفسره- أي: الاستحسان- فسره الكرخى: بأنه قطع المسألة
عن نظائرها قي الحكم لما هو أقوى، فيقضي العدول عن الأول.
وذلك حيث دل دليل خاص على إخراج صورة مما دل عليه العام، كتخصيص أبي حنيفة- رضي الله تعالى عنه- قول القائل:
"مالي صدقة بالزكوي من المال"؛ لأن الدليل على وجوب الوفاء بالنذر يقتضي وجوب الصدقة بجميع أمواله عملاً بلفظه، لكن هنا دليل، وهو قوله تعالى:{خذ من أمولهم صدقة} فإن المراد بالمال في الآية "الزكوي" إجماعًا، فكذا في قول الناذر والجامع: قرينة إضافية الصدقة إلى المال في الصورتين.
وهذا الدليل أعني "النص" أقوى من النذر، لكونه نصا، فثبت مقتضاه، وهو قطع بعض الأفراد عن هذا الحكم، وتخصيصه بالبعض الآخر.
وإليه أشار بقوله: "لقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} .
وعلى هذا التفسير: فالاستحسان تخصيص.
إذ ليس معنى التخصيص إلا إخراج بعض الأفراد.
وهذا كذلك.
وفي أكثر النسخ: "فالتخصيص استحسان".
والأولى أولى؛ لأن النزاع في الاستحسان، كذا قيل.
وفسر: (أبو الحسن البصري: الاستحسان) بأنه ترك وجه من وجوه الاجتهاد غير شامل شمول الألفاظ لأقوى، أي: لوجه أقوى
من الأول، يكون كالطارئ فخرج التخصيص، أي: يكزن في حكم الطارئ عليه.
فأشار بقوله: "ترك وجه من وجوه الاجتهاد" إلى أن الواقعة التي اجتهد فيها المجتهدون لها وجوه كثيرة واحتمالات متعددة، فيأخذ المجتهد بواحد منها، ثم إنه يترك ذلك الوجه لما هو أقوى.
واحترز بقوله: "غير شامل شمول الألفاظ" عن تخصيص العموم.
واحترز بقوله: "يكون في حكم الطارئ (عليه" عن ترك أضعف القياسين لأجل الأقوى، فإن أقواهما ليس في حكم الطارئ).
مثاله: العنب، ثبت تحريم بيعه بالزبيب، سواء كان على رأس الشجر، أم لا، قياسًا على الرطب.
ثم إن الشارع أرخص في جواز بيع الرطب على رءوس النخل
بالتمر، فقسنا عليه العنب، وتركنا القياس الأول لكونه أقوى، فلما اجتمع في الثاني القوة والطريان كان استحسانًا.
ويكون حاصله تخصيص العلة، وهو المعبر عنه بالنقض.
وليس مما انفرد به الحنفية، وقد مر ما فيه.
قيل: وفيه نظر، بل حاصله- كما قال الآمدي- الرجوع عن حكم دليل لطريان دليل أخر أقوى منه، وهذا أعم من تخصيص العلة.
قال ابن السمعاني في القواطع: قال أبو زيد في الحنفية:
الإلهام، ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال
بآية، ولا نظر في حجة.
قال: والذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجوز العمل به، إلا عند فقد الحجج كلها في باب ما أبيح له علمه بغير علم.
وقال في جمع الجوامع: ليس بحجة، هذا في غير المعصوم، أما المعصوم كالنبي فهو حجة في حقه، وحق غيره إذا تعلق بهم، كالوحي.
الثاني من الأدلة المردودة
-قيل-
قول الصحابي
إذا كان عالمًا، حجة على غيره إذا لم يكن صحابيًا، وهو قول قديم للشافعي -رضي الله تعالى عنه-.
ونقل عن مالك وأكثر الحنفية.
وقيل: قوله حجة، إن خالف القياس، وإلا فلا.
قال ابن برهان في الوجيز: إنه الحق البين وأن الشافعي- رضي الله تعالى [عنه] تدل عليه.
وقال الشافعي في القديم: قول الصحابي حجة، إن انتشر، ولم يخالف وإلا فلا، وحكاه ابن الصباغ في "العدة" عن الجديد.
والصحيح الجديد: أنه ليس بحجة مطلقًا.
قال السبكي: تبعًا للإمام الرازي في باب الأخبار من المحصول.
ولابن الصباغ في الكامل: يستثنى من قوله في الجديد: ليس بحجة الحكم التعبدي فقوله في حجة، بظهور أن مستنده فيه التوقيف عن النبي- صلى الله عليه وسلم قول الشافعي- رضي الله عنه روي عن علي- رضي الله عنه أنه صلى في ليلة ست ركعات، في كل ركعة ست سجدات ولو ثبت ذلك عن علي- رضي الله عنه قلت به، لأنه لا مجال للقياس فيه، فالظاهر أنه فعله توقيفًا.
قال العراقي: ليس هذا عملاً بقول الصحابي، وإنما هو تحسين للظن به، في أنه لا يفعل مثل ذلك إلا توقيفًا، فهو مرفوع حكمًا، وهو نظير ما اشتهر من أن قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه
مرفوع حكمًا، لحمله على أنه سمعه من النبي- صلى الله عليه وسلم.
فذاك في القول وهذا في الفعل، والله أعلم.
وموافقة الشافعي- رضي الله تعالى عنه- لزيد بن ثابت في الفرائض ليس تقليدًا له، بل لدليل قام عنده، فوافق اجتهاده اجتهاده، واستأنس به.
وإذا قلنا: إن قول الصحابي ليس بحجة، فهل يجوز لغير المجتهد تقليده؟ فيه خلاف، حكاه إمام الحرمين.
قال: والمحققون على المنع، لارتفاع الثقة بمذهبه، إذ لم يدون بخلاف مذهب كل الأئمة الأربعة (رضي الله تعالى عنه).
وبهذا جزم ابن الصلاح، وعداه إلى كل من لم يدون مذهب.
وقال: إنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة.
قال الإسنوي: حكاية الأقوال على الوجه الذي ذكره المصنف غلط لم يتنبه له أحد الشارحين.
وسببه: اشتباه مسألة بمسألة، وذلك أن الكلام هنا في أمرين:
أحدهما: أن قول الصحابي هل هو حجة أم لا؟
وفيه ثلاثة مذاهب: ثالثها: إن خالف القياس كان حجة وإلا فلا.
الأمر الثاني: إذا قلنا: إن قول الصحابي ليس بحجة، فهل يجوز للمجتهد تقليده؟
فيه ثلاثة أقوال للشافعي -رضي الله تعالى عنه- الجديد أنه لا يجوز مطلقًا.
الثلث -وهو قول قديم-: أنه إن انشر جاز وإلا فلا.
هكذا صرح به الغزالي في المستصفى والآمدي في الإحكام وغيرهما، وأفراد لكل حكم مسألة.
وذكر الإمام في المحصول نحو ذلك، فتوهم صاحب الحاصل أن المسألة الثانية أيضًا في كونه حجة، فصرخ بما توهمه.
فرأى المصنف حال اختصاره أن تفريق أقوال الحكم الواحد لا معنى له فأخذ حاصل المسألتين من الأقوال وجمعة في هذا الموضع، فلزم منه أن القول المنفصل بين الانتشار وعدمه تفصيل في الاجتماع به فافهمه.
واعلم أن في جمع الجوامع: حكاية هذا القول في كونه حجة كما صنع المنصف ولم ينكره شراحه، لكن العراقي في نكته على المناهج أنكره، فليحرر.
لنا على كون قول الصحابي ليس بحجة مطلقًا قوله تعالى:
{فاعتبروا} فإنه أمر بالاعتبار، وهو الاجتهاد، وذلك يمنع من التقليد.
لأن الاجتهاد هو: البحث عن الدليل، والتقليد: هو الأخذ بقول غيره من غير دليل.
وفيه نظر؛ لأن القائلين بكونه حجة، يمنعون كونه تقليدًا ويجعلونه كسائر الأدلة.
ولك تقرير الاستدلال بالآية بأن الأمر بالاعتبار يقتضي وجوب
الاجتهاد مطلقًا، خالفناه مع وجود النص أو الإجماع، فيبقى ما عدا ذلك على الأصل.
ولنا أيضًا: إجماع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم لبعض.
ولو كان قول بعضهم حجة، لوقع الإنكار على من خالفه منهم، وإذا جاز مخالفة كل واحد منهم لهم، فيجوز لغيرهم أيضًا مخالفة كل واحد منهم عملاً بالاستصحاب وهو المطلوب.
ولنا أيضًا: قياس الفروع على الأصول: فإن قول الصحابي ليس
بحجة على غيره من المجتهدين في أصول الدين، فلا يكون أيضًا حجة قي فروعها، والجامع بينهما: تمكن المجتهدين في الموضعين من الوقوف على الحكم بطريقه.
وقد يفرق بينهما: بأن المطلوب في الأصول العلم، وقول الصحابي لا يفيده بخلاف الفروع، فإن المطلوب هو الظن، وقد يحصل بقول الصحابي.
فإن قلت: قد استدل المنصف هنا بالقياس مع وجود النص والإجماع على زعمه، وكذا يفعله الفقهاء، مع أن القياس ليس بدليل مع واحد من النص، والإجماع كما مر فكيف الجواب.
أجيب: بأن ذلك يذكر على سبيل التنبيه لا على سبيل الإثبات،
أي: لو لم يكن نص أو إجماع؛ كان القياس دليلاً حتى لو طعن فيهما، كفى في إثبات المطلوب القياس.
وأيضًا فإن فيه تنبيهًا على أن الحكم ليس بخارج عن سنن القياس.
قيل: من جهة القائل بأن قول الصحابي حجة مطلقًا:
أنه روي عنه- صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أصحابي كالنجوم بأنهم اقتديتم اهتديتم"
رواه عبد الله بن روح المدائني (بلفظ: " مثل الصحابي في أمتي مثل النجوم بأنهم اقتديتم اهتديتم" وفيه مقال.
ورواه بمعناه الدرامي وفيه ضعف، وقد روي من طرق كثيرة.
قال ابن حزم: هو خبر موضوع
قال البراز: لا يصح عن النبي-صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقي: هذا الحديث مشهور المتن وأسانيده ضعيفة، لم يثبت
في هذا إسناد.
قال الزركشي: لكن تتقوى طرقه بعضها البعض، لا سيما وقد احتج به الإمام أحمد (رضي الله تعالى عنه)، واعتمد عليه في فضائل الصحابة (رضي الله تعالى عنه) ومن شواهد حديث في مسلم.
فدل الحديث على أن الاهتداء لازم للاقتداء بأي واحد منهم.
وذلك يقتضي أن يكون قوله حجة، وإلا لم يكن المقتدى به مهتديًا.
قلنا: المراد عوام الصحابة؛ لأن الخطاب إنما هو مع الصحابة لكونه خطاب مشافهة: فانتقى دخول غيرهم.
ثم إن الصحابة المخاطبين بذلك لا يجوز أن يكونوا مجتهدين لكونه محل الخلاف كما تقدم.
فتعين أن المراد منه أن غير المجتهد منهم إذا اقتدى بأي مجتهد كان منهم اهتدى، وهو صحيح مسلم.
قيل: من جهة القائل بأن قول الصحابي عند مخالفة القياس حجة؛ أن الصحابي بعد ما عرف القياس إذا خالف مقتضى القياس، فقد اتبع الخبر، إذ هو الحامل له على مخالفة القياس، وإلا فيكون قد ترك القياس المأمور به، وانقدحت عدالته، وهو باطل، فمخالفه كاشفة عن الخبر الذي هو حجة، وليس هو بحجة لذاته.
قلنا: ربما خالف القياس إذا اطلع لما أي لشيء ظنه دليلاً، ولم يكن في الواقع دليلاً، فلم يكن كاشفًا عن الخبر، فلم يكن حجة.
ولم يتعرض المنصف لحجة القول المنفصل بين المنتشر وغيره، لتقدم الكلام فيه في الإجماع.
مسألة
منعت المعتزلة -أي: جمهورهم- تفويض الحكم إلى رأي النبي- صلى الله عليه وسلم أو العالم.
وذلك بأن يقال من قبل الله -تعالى- للنبي- صلى الله عليه وسلم-أو
العلم على لسان نبي: احكم بما تشاء في الوقائع من غير دليل، فما حكمت به فهو حكم الله -تعالى- فإنك لا تحكم إلا بالصواب؛ لأن الحكم يتبع المصلحة.
فلو فوض ذلك إلى اختيار العبد؛ لأدى إلى تخلف الحكم عن المصلحة، لجواز أن يصادف اختيار هـ ما ليس بمصلحة في نفس الأمر، وما ليس بمصلحة في نفس الأمر لا يصير بجعله إليه، أي: إلى المجتهد مصلحة لأن الحقيقة لا تقلب بالاختيار.
وإذا حكم بما ليس بمصلحة، فلم يكن حكمًا شرعيًا لما علمت.
قلنا: هذا مبني على أصل. وهو وجوب رعاية المصالح
وذلك الأصل ممنوع لما تقدم.
وإن سلم (فلم لا) يجوز أن يكون اختياره، أي: اختيار المفوض إليه، أمارة على وجود المصلحة، بأن يلهمه الله تعالى اختيار ما فيه المصلحة، وإن لم يعلم بها؛ لأنه لما أخبره -تعالى- بأنه لا يحكم إلا بالصواب، وتوقف الحكم بالصواب على المصلحة لزم أن لا يحكم إلا بالمصلحة وإن جهلها.
وقيل: يجوز التفويض، وبه قال بعض المعتزلة، واختاره الآمدي، وابن الحاجب، وصاحب جمع الجوامع تبعًا لابن
السمعاني.
ويكون هذا القول مدركًا شرعيًا، ويسمي: التفويض لدلالته عليه.
ولكنه لم يقع وجزم بوقوعه- أي: بوقوع التفويض -موسى بن عمران من المعتزلة لقوله عليه الصلاة والسلام بعد ما أنشدت قتيلة- بضم القاف- ابنة النضر بن الحارث.
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
فرق لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دمعت عيناه،
وقال لأبي بكر (رضي الله تعالى عنه): "لو سمعت شعرها ما قتلت أباها".
رواه الزبير بن بكار، وذكره ابن هشام في السير، عن محمد ابن إسحاق وساق الأبيات بطولها إلا أنه ذكر أنه أخوها.
قال السهيلي: والصحيح أنها بنته لا أخته. وممن حكي القولين الحصري في زهر الآداب. وحكي عن الزبير قال: سمعت بعض أهل العلم يغمز في أبيات قتيلة هذه ويقول: هي مصنوعة.
فدل الحديث على أن القتل وعدمه مفوض إليه، إذا لو كان بأمر الله- تعالى- قتله سمع الشعر أم لم يسمع.
وأيضًا سؤال الأقرع في الحج:
أكل عام يا رسول الله؟
قال-صلى الله عليه وسلم: "لو قلت ذلك لوجب".
رواه النسائي بلفظ: "لو قلت: نعم لو جبت".
وهو في مسلم فقال: رجل ولم يسمه.
فهو صريح في أن قوله المجرد من غير وحي يوجبه.
وهو معنى التفويض إلى اختياره.
ونحوه مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". متفق عليه.
وقول العباس -رضي الله تعالى عنه- لما قال صلى الله عليه وسلم: "ولا يختلي خلاؤه" إلا الإذخر، فقال -صلى الله عليه
وسلم- "إلا الإذخر" متفق عليه.
قلنا: هذه الصور كلها لعلها ثبتت بنصوص محتملة الاستثناء على وفق إرادة بعض الناس، كأن أوحى الله تعالى إليه قبل قتل النضر أن اقتله إلا إن أنشدت ابنته، وأن اكتب لحج على الناس مرة إلا أن يسأل الأقرع، وتقول: نعم، فإنه يجب كل سنة حينئذ.
وكذلك البواقي.
ويحتمل أيضًا التخيير، ففي النضر يكون مخيرًا فيه وفي غيره، من
الأسارى، والتخيير ليس بممتنع اتفاقًا، بل هو ثابت في حق كل إمام، فلا يدل على أن الحكم كان مفوضًا إلى رأيه وهنا فوائد في الشرح.
وتوقف الشافعي -رض- في التفويض.
واختلف في محل تردده:
فقال الإمام الرازي: في الجواز، ونقل عن الجمهور أن تردده في الوقوع مع جزمه بالجواز.
الكتاب السادس
في
التعادل والتراجيح
الكتاب السادس
في
التعادل والتراجيح
بين الأدلة عند تعارضها
فإذا تعارضت الأدلة، فإن لم يكن لبعضها على بعض مزية، فهو التعادل وهو التساوي، وإن كان فهو الترجيح.
وفيه أبواب أربعة.