المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول: في تعادل الأمارتين - تيسير الوصول إلى منهاج الأصول - جـ ٦

[ابن إمام الكاملية]

فهرس الكتاب

- ‌الطرف الثالثفي أقسام العلة

- ‌‌‌الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الفصل الثاني: في الأصل والفرع

- ‌الكتاب الخامس: في دلائل اختلف فيها

- ‌الباب الأول: في المقبولة منها

- ‌الباب الثاني: في الأدلة المردودة

- ‌الأول: الاستحسان

- ‌الباب الأول: في تعادل الأمارتين

- ‌الباب الثاني: في الأحكام الكلية للترجيح

- ‌الباب الثالث: في ترجيح الأخبار

- ‌الأول: ما يتعلق بحال الراوي

- ‌الباب الرابع: في ترجيح الأقيسة بعضها على بعض

- ‌الوجه الثاني: الترجيح بحسب دليل العلية:

- ‌الوجه الثالث: الترجيح بحسب دليل الحكم في الأصل

- ‌الوجه الرابع: الترجيح بحسب كيفية الحكم

- ‌الوجه الخامس: الترجيح بحسب محل العلة

- ‌الكتاب السابعفيالاجتهاد والإفتاء وأحكامهما

- ‌الباب الأول: في الاجتهاد

- ‌الفصل الأول: في المجتهدين وأحكامهم وشرائطهم

- ‌فرع: مبني على جواز الاجتهاد للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثاني: في أحكام الاجتهاد

- ‌فرعان- على القول بالاجتهاد سواء كان في الواقعة حكم معين قبل الاجتهاد أم لا

- ‌الباب الثاني: في الإفتاء

- ‌المسألة الثانية: في المستفتي:

- ‌المسألة الثالثة: فيما يجوز فيه الاستفتاء وما لا يجوز

الفصل: ‌الباب الأول: في تعادل الأمارتين

‌الباب الأول: في تعادل الأمارتين

والباقية في الترجيح: (لأن الكلام في التراجيح): إن لم يختص بدليل معين فهو البحث عن الأحكام الكلية كما سيجيء، وإن اختص: فالدليل الذي يرجح على معارضة إما كتاب أو سنة أو قياس.

فالكتاب والإجماع لا يأتي فيها الترجيح.

أما الكتاب: فلأنه لا ترجيح لأحد الآيتين على الأخرى عند تعارضهما، إلا بأن تكون إحداهما مخصصة للأخرى أو ناسخة لها.

ص: 173

وسبق الكلام فيها، فلم يحتج لإعادته، مع أنه قد أشار إليه في الحكم الرابع من الأحكام الكلية للترجيح.

وأما الإجماع، فلأنه لا تعارض فيه كما مر.

فالترجيح إنما يكون لأحد الخبرين على الآخر، (أو لأحد القياسين على الآخر)، فلذلك انحصرت مباحث الترجيح في الأبواب الثلاثة.

ولا شك أنه يمتنع تعادل القاطعين، أي: تقابلهما: بأن يدل كل منهما على منافي ما يدل عليه الآخر، إذ لو جاز ذلك لثبت مدلولهما

ص: 174

فيجتمع المتنافيان فلا وجود لقاطعين متنافيين.

ولا فرق في ذلك بين العقلين والنقليين، والعقلي والنقلي. والكلام في النقليين حيث لا نسخ بينهما.

وأما التعادل بين الأمارتين: فإن كان في نظر المجتهد، فهو متفق

ص: 175

على جوازه.

وإن كان في نفس الأمر -فقال المصنف- منعه الكرخي وصححه في جمع الجوامع.

ونقل عن الإمام أحمد -رضي الله تعالى عنه.

وجوزه قوم، واختاره ابن الحاجب مع نقله هو وغيره له عن الأكثرين.

ص: 176

وحينئذ فالتخيير للمجتهد بينهما للعما والحكم، ووللمستفتي في الفتوى عند القاضي أبي بكر، وأبي علي الجبائي، وابنه أبي هاشم.

وحزم به الإمام الرازي والمصنف في الكلام على تعارض النصين والتساقط عند بعض الفقهاء، ويرجع إلى غيرهما، وهي البراءة

ص: 177

الأصلية.

فلو حكم القاضي بأحدهما مرة، لم يحكم بالأخرى، أخرى على القول بالتخيير، لقوله عليه الصلاة والسلام لأبي بكر (رضي الله تعالى عنه):"لا نقض في شيء واحد بحكمين مختلفين".

ونقل عن الحافظ الذهبي وغيره أن هذا الحديث لا يعرف.

ص: 178

وقال الزركشي وغيره، رواه النسائي عن أبي بكرة -بالتاء لا بحذفها- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقضين أحد في قضاء بقضاءين.

وترجم عليه: باب النهي: باب النهي عن أن يقضي في قضاء بقضاءين.

وقال ابن حزم في الإحكام وقد ذكر قوله تعالى: {يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا} .

ومن هذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يقضي

ص: 179

أحد في أمر واحد بقضاءين. انتهى.

ففي رواية النسائي أن الراوي أبو بكرة، لا أبو بكر، وأنه شرع عام لا خطاب لواحد وعليه اعتراض وجوابه في الشرح.

مسألة

تعارض قولي المجتهد في مقلديه، كتعارض الأمارتين في حق المجتهدين، فلذا عقبه به، فنقول:

ص: 180

إذا نقل عن إمامنا أشياء [عن] مجتهد قولان، في موضع واحد، في مسألة واحدة فإن ذكر مع ذلك ما يشعر بترجيح أحدهما، ولو بالتفريع عليه فهو مذهبه.

وفائدة ذكر المرجوح معه، بيان مرجوحيته لئلا يتوهم رجحانه.

وإن لم يذكر معه ما يشعر بترجيح أحدهما، فإنه يدل على توقفه في تلك المسألة لعدم ظهور رجحان أحدهما.

ويحتمل أن يكونا احتمالين له تردد بينهما لتعارض الأدلة عنده.

ص: 181

أو يحتمل أن يكونا مذهبين للمجتهدين غيره، ونص عليهما لئلا يظن الذاهب (إلى أحدهما) لقوله في نظره، أنه خارق للإجماع.

وإن نقل عن المجتهد قولان في مجلسين وعلم المتأخر منهما، فهو مذهبه، ويكون الأول مرجوعًا عنه.

وإلا أي: وإن لم يعلم المتأخر منهما، حكى عنه القولان،

ص: 182

ولا يحكم على أحدهما بعينه بالرجوع عنه، وإن كنا نعلم أن أحدهما مرجوع عنه.

وأقوال الشافعي -رضي الله تعالى عنه- كذلك، أي: وقع منه التنصيص عليهما في موضع واحد، وفي موضعين، وعلم المتأخر وجهل.

ولم يقع للشافعي -رض- ذكر القولين، في وقت واحد، من غير ترجيح لأحدهما، إلا في بضع عشرة مسألة.

كما نقله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع، عن القاضي أبي حامد المروروزي، ووهم من جعله الشيخ أبي حامد

ص: 183

الإسفرايني.

وتتمة كلام القاضي أبي حامد: أنها ستة عشر أو سبعة عشر.

وقال االقاضي أبو بكر: قال المحققون لا تكاد تبلغ عشرًا.

ووقوع أقوال الشافعي -رضي الله تعالى عنه- على الوجهين المتقدمين فيه دليل على علو شأنه في العلم والدين.

فعلى الوجه الأول، أما في العلم: فلأن كل من كان أغوص نظرًا وأتم وقوفًا على شرائط الأدلة كانت الإشكالات الموجبة للتوقف عنده أكثر.

وأما في الدين: فلأنه لما لم يظهر له وجه الرجحان صرح بعجزه

ص: 184

(عن ما) هو عاجز فيه، ولم يستنكف بعدم العلم به.

وعلى الوجه الثاني: فوجد دلالته على علو شأنه في العلم، أنه كان طول عمره - (رضي الله تعالى عنه) مشتغلًا بالطلب والبحث دائم الاجتهاد والعمل.

وفي الدين: فلأنه يدل على أنه متى لاح له في الدين شيء أظهره، وأنه لم يكن متهمًا بترويج قوله، بل كان مطمح نظره وإرشاد الخلق إلى الحق، ولم يتعصب لترويج مذهبه وهنا فوائد في الشرح.

ص: 185