المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(21) مسند أنس بن مالك أبي حمزة الأنصاري - جامع المسانيد لابن الجوزي - جـ ١

[ابن الجوزي]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الألف

- ‌(1) مسند أُبَيّ بن كعب بن قيس أبي المُنذر الأنصاري

- ‌(2) مسند أُبَيّ بن مالك

- ‌(3) مسند أحمد بن حفص بن المغيرة أبي عمرو المخزومي

- ‌(4) مسند أحمر بن جَزء أبي عمرو المخزومي

- ‌(5) مسند أبي عَسيب مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واسمه أحمر

- ‌(6) مسند أرقم بن أبي الأرقم

- ‌(7) مسند أُسامة بن زيد

- ‌(8) مسند أسامة بن شريك الثَّعلبي العامريّ

- ‌(9) مسند أسامة بن عُمير بن عامر الهُذَليّ أبي أبي المَليح البصريّ

- ‌(10) مسند أسعد بن زُرارة

- ‌(11) مسند أبي رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) مسند أسماء بن حارثة

- ‌(13) مسند الأسود بن سريع

- ‌(14) مسند الأسود بن خلف ابن عبد يغوث القرشي

- ‌(15) مسند أُسيد بن حُضَير

- ‌(16) مسند أُسيد بن ظُهير

- ‌(17) مسند أُسَير بن عمرو بن قيس أبي سَليط الأنصاري

- ‌(18) مسند الأشعث بن قيس الكندي

- ‌(19) مسند الأغرّ المزني

- ‌(20) مسند أُميّة بن مَخْشِيّ أبي عبد اللَّه الخُزاعي الأزديّ

- ‌(21) مسند أنس بن مالك أبي حمزة الأنصاريّ

- ‌(22) مسند أنس بن مالك الكَعبيّ

- ‌(23) مسندُ أُنَيس بن أبي فاطمةَ الأزديّ

- ‌(24) مسند أوس بن أوس ويقال: ابن أبي أوس، الثَّقَفِيِّ

- ‌(25) مسند أوس بن حُذيفة بن ربيعة الثَّقَفيّ

- ‌(26) مسند أُهْبان بن صَيفي

- ‌(27) مسند إياس بن ثعلبة أبي أُمامة الحارثي

- ‌(28) مسند إياس بن عبد أبي عوف المُزَنيّ

- ‌(29) مسند أيمن بن خُريم

- ‌حرف الباء

- ‌(30) مسند بُدَيْل بن وَرقاء

- ‌(31) مسند البَراء بن عازِب

- ‌(32) مسند بُرَيدة بن الحُصَيب الأسلميّ

- ‌(33) مسند بَرّ بن عبد اللَّه أبي هند الدّاريّ

- ‌(34) مسند بُسْر بن أرطاة

- ‌(35) مسند بُسْر بن جِحاش القُرَشِيّ

- ‌(36) مسند بِشر بن سُحَيم

- ‌(37) مسند بِشر أبي رافع السَّلَميّ

- ‌(38) مسند بِشر الخَثْعَميّ

- ‌(39) مسند بشير بن عَقْرَبَة

- ‌(40) مسند بشير بن عمرو بن مِحْصَن أبي عَمرة الأنصاري

- ‌(41) مسند بشير بن مَعْبَد بن شَراحيل السَّدُوسيّ

- ‌(42) مسند بلال بن الحارث المُزَنيّ

- ‌(43) مسند بلال بن رباح

- ‌حرف التاء

- ‌(44) مسند تمّام بن العبّاس بن عبد المطّلب

- ‌(45) مسند تميم بن أسيد

- ‌(46) مسند تميم بن أوس بن خارجه أبي رُقَيّة الدّاري

- ‌(47) مسند تميم بن عبد عمرو بن قَيس أبي الحسن المازني

- ‌(48) مسند التَّلِب بن ثعلبة بن ربيعة أبي هِلقام

- ‌حرف الثاء

- ‌(49) مسند ثابت بن الضّحّاك

- ‌(50) مسند ثابت بن قيس بن شَمّاس

- ‌(51) مسند ثابت بن يزيد بن وديعة أبي سعد الأنصاريِّ

- ‌(82) مسند ثَوبان مولى رسول اللَّه

الفصل: ‌(21) مسند أنس بن مالك أبي حمزة الأنصاري

(21) مسند أنس بن مالك أبي حمزة الأنصاريّ

(1)

(124)

الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال: حدّثنا سعيد ابن أبي عروبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيُلهَمون ذلك (2) فيقولون: لو استشفَعْنا إلى ربّنا فأراحنا من مكاننا هذا. فيأتون آدمَ فيقولون: يا آدمُ، أنت أبو البشر، خلقَكَ اللَّه بيده، وأسجدَ لك ملائكته، وعلّمَك أسماءَ كلِّ شيء، فاشفَعْ لنا إلى ربّك حتى يُريحَنا من مكاننا هذا. فيقولُ لهم آدمُ: لستُ هُناكم، ويذكر ذنبه الذي أصابَه، فيستحيي ربَّه عز وجل من ذلك ويقول: ولكن ائتوا نوحًا، فإنّه أوّلُ رسولٍ إلى أهل الإرض. فيأتون نوحًا فيقول: لسْتُ هناكم، ويذكر خطيئته: سؤاله ربّه ما ليس له به علم، فيستَحيي ربَّه عز وجل من ذلك، ولكن ائتوا إبراهيمَ خليلَ الرّحمن. فيأتونه فيقول: لسْتُ هناكم، ولكن ائتوا موسى، عبدًا كلَّمَه اللَّهُ وإعطاه التوراة. فيأتون موسى فيقولُ: لسْتُ هناكم، ويذكر لهم النّفس التي قَتَلَ بغير نَفْس، فيَسْتَحيي ربّه عز وجل من ذلك، ولكن ائتوا عيسى عبدَ اللَّه ورسولَه، وكلمته وروحه. فياتون عيسى فيقولُ: لسْتُ هناكم، ولكن ائتوا محمّدًا، عبدًا غفرَ اللَّهُ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخر، فيأتوني".

قال الحسن (3) هذا الحرف: فأقوم فأمشي بين سِماطَين (4) من المؤمنين. قال أنس:

(1) الطبقات 7/ 12، ومعرفة الصحابة 1/ 231، والمستدرك 3/ 573، والاستيعاب 1/ 44، والسير 3/ 395، والإصابة 1/ 84.

ومسنده في "الجمع" من المكثرين (79) اتفق الشيخان على ثمانية وستين ومائة حديث، وانفرد البخاريّ باثنين وثمانين، ومسلم بواحد وسبعين. وفي التلقيح 363 أنّه أخرج ألفين ومائتين وستة وثمانين حديثًا. ومسند أنس في جامع المسانيد لابن كثير في ثلاثة أجزاء.

(2)

ويروى "فيهتمّون لذلك".

(3)

وهو الحسن البصري أحد رواة الحديث.

(4)

أي بين صفّين.

ص: 84

"حتى أستأذنَ على ربّي فيؤذَن لي، فإذا رأيتُ ربّي وقعتُ - أو خَرَرْتُ ساجدًا لربّي، فيدَعُني ما شاء أن يَدَعَني. قال: ثم يقال: ارفع محمّد، قُلْ تُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَه، واشْفَعْ تُشَفّع. فأرفعُ رأسي فأحمده بتحميدٍ يُعلّمُنيه، ثم أشفع فَيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدْخِلُهم الجنّة، ثم أعودُ إليه الثانية، فإذا رأيتُ ربّي وقعْتُ -أو خَرَرْتُ ساجدًا لربّي تبارك وتعالى، فيَدَعُني ما شاء اللَّه أن يَدَعَني. ثم يقول: ارفع محمّد، قُلْ تُسْمَع، وسَلْ تُعْطَه، واشفْع تُشَفّع فأرفعُ رأسي فأحمُده بتحميد يُعَلِّمُنيه، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدخلُهم الجنّة، ثم أعود الثالثة، فإذا رأيتُ ربي وقعْتُ -أو خَرَرت ساجدًا لربّي، فَيَدعُني ما شاء أن يَدَعَني، ثم يقالي: ارفعْ محمّد، وقُلْ تُسْمَعَ، وسَلْ تُعْطَه، واشْفع تُشَفّعْ، فأرفعُ رأسي، فاحمدُه بتحميد يُعَلّمُنيه، ثم أشفعُ فَيَحُدّ لي حدًا فأُدْخِلُهم الجنة، ثم أعودُ الرابعة فأقول: يا ربِّ؛ ما بقيَ إلا من حبسه القرآن"(1).

فحدّثنا أنس بن مالك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "فيخرج من النّار من قال لا إله إلا اللَّه، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرةً، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا اللَّه وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرّةً، ثم يخرج من النّار من قال لا إله إلا اللَّه وكان في قلبه من الخير ما يزن ذَرّةً".

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عمرو عن أنس قال:

سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّي لأوّلُ الناسِ تنشقُّ الأرضُ عن جُمجمتي يومَ القيامة ولا فَخْرَ، وأُعطَى لواءَ الحمد ولا فَخرَ، أنا سيدُ الناس يومَ القيامة ولا فَخْرَ. وآتي باب الجنّة فإذا الجبّار عز وجل مستقبلي فأسجدُ له، فيقول: ارفعْ رأسك. . ". فذكر نحو ما

(1) فسّر البخاريّ رحمه الله (4476) من حبسه القرآن: يعني قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا} وعن قتادة - البخاريّ (6565) ومسلم (93): من وجب عليه الخلود.

(2)

المسند 19/ 196 (12153) وهو من طريق عن قتادة عن أنس في البخاريّ 8/ 160 (4476)، 11/ 417 (6565)، 13/ 392، 422 (7410، 7440)، وينظر أطرافه 1/ 103 (44)، ومسلم 1/ 180 (193). وجمع رواياته الحميدي في الجمع 2/ 545 (1902) وينظر الفتح 11/ 432 وما بعدها.

ص: 85

تقدّم، وزاد فيه:"فإذا بقي من بقي من أمّتي في النّار قال أهل النّار: ما أغنى عنكم أنكم كُنْتُم تعبدون اللَّه لا تشركون به شيئًا. فيقول الجبّار: فبعزّتي لأعتقنّهم من النّار. فيخرجون وقد امْتَحشوا، ويُدْخَلونَ في نهر الحياة، فينبُتون فيه كما تنبُتُ الحِبّةُ في غُثاء السَّيل، ويُكتبُ بين أعينهم: هؤلاء عتقاء اللَّه عز وجل (1)، فيقول لهم أهل الجنّة: هؤلاء الجهنّميون، فيقول الجبّار: بل هؤلاء عُتقاء الجبّار"(2).

قوله "امتحشوا" المَحْش: احتراق الجلد وظهور العظم.

والحِبّة بكسر الحاء: بزور البقل، قاله الفَراء (3).

والغُثاء: ما فوق السيل.

* طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل قال: حدّثنا الأعمش عن أنس (4):

أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليُصِيبَنَّ ناسًّا سَفْعٌ من النّار عقوبةً بذنوبٍ عملوها، ثم يُدخلُهم اللَّه الجنّة بفضل رحمته، فيقال لهم: الجهنّميون".

انفرد بإخراجه البخاريّ.

* طريق آخر لحديث الشفاعة:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا حرب بن ميمون أبو الخطّاب الأنصاري عن النضر بن أنس عن أنس قال:

حدّثني نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إني لقائم أنتظرُ أمّتي تعبُرُ الصِّراطَ، إذ جاءني عيسى عليه السلام فقال: هذه الأنبياء قد جاءوك يا محمّد يسألون -أو قال: يجتمعون إليك-

(1) بعدها في المسند: "فيُذهب بهم فيدخلون الجنّة".

(2)

المسند 19/ 451 (12469) وجوّد المحقّق إسناده، وأطال في تخريجه.

(3)

غريب الحديث لأبي عبيد 1/ 71، وينظر النهاية 1/ 326.

(4)

كذا في الأصول. ولم أقف عليه في المسند، ولم يرو عن الأعمش عن أنس في المسند إلا حديثين منقطعين (11993، 12729). والذي في المسند 19/ 361 (12361): حدّثنا أبو عامر، حدّثنا هشام، عن قتادة. . . وذكر المحقّق مواضع أخرى وردت في المسند. والحديث في البخاريّ 11/ 416 (6559) من طريق همام، 13/ 434 (7450) من طريق هشام، كلاهما عن قتادة.

ص: 86

ويدعون اللَّه أن يفرقَ بين جميع الأمم إلى حيث يشاء، لغَمِّ ما هم فيه، فالخلق مُلْجَمون في العَرَق، فأمَّا المؤمن فهو عليه كالزُّكمة، وأما الكافر فيغشاه الموتُ، فقال: انتظرْ حتى أرجعَ إليك. فذهب نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش، فلقي ما لم يلقَ مَلَكٌ مصطفى ولا نبيّ مُرْسَل، فأوحى اللَّه عز وجل إلى جبريل: أنِ اذهب إلى محمّد فقل له: ارفع رأسك، سَلْ تُعْطَ، واشفعْ تُشَفّع. فشفعتُ في أمّتي: أن أخرج من كلِّ تسعة وتسعين إنسانًا واحدًا. فما زلت أتردّدُ إلى ربي عز وجل، فلا أقومُ مقامًا إلا شُفِّعْتُ فيه، حتى أعطاني اللَّه من ذلك أن قال: يا محمّد، أدْخِلْ من أُمّتك من خَلْقِ اللَّهِ عز وجل مَن شَهِد أن لا إله إلا اللَّه يومًا واحدًا مُخلصًا، ومات على ذلك (1).

(125)

الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال حدّثنا روح بن عبادة قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد اذا وُضعَ في قبره وتولّى عنه أصحابُه حتى إنّه ليسمعُ قَرْع نعالهم، أتاه مَلَكان، فيُقْعِدانه فيقولان له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجل - لمحمّد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنّه عبدُ اللَّه ورسولُه، فيقال: انظر إلى مقعدك من النّار، قد بدّلك اللَّه تبارك وتعالى به مقعدًا في الجنّة". قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فيراهما جميعا".

قال روح في حديثه: قال قتادة: فذُكِرَ لنا أنّه يُفْسَحُ في قبره سبعون ذراعًا، ويُملأ عليه خَضِرًا إلى يوم يبعثون. ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك:"وأمّا الكافرُ والمنافقُ فيقالُ له: ما كنت تقولُ في هذا الرجل؟ فيقولُ: لا أدري، كنت أقولُ ما يقولُ النّاس. فيقال له: لا دَريْتَ ولا تَلَيْتَ. ثم يُضرب بمِطراقٍ من حديد ضربةٌ بين أذُنيه، فيصيحُ صيحة، فيَسمعُها من يَليه غيرَ الثَّقَلين".

وقال بعضهم: "يُضيَّقُ عليه قبرُه حتى تختلفَ أضلاعه"(2).

(126)

الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا زياد

(1) المسند 20/ 209 (12824). قال الهيثمي - المجمع 1/ 3760: رجاله رجال الصحيح. وزاد محقّق المسند: وفي متن هذا الحديث غرابة.

(2)

المسند 19/ 289 (12271) وإسناده على شرط الشيخين. والحديث في الصحيحين عن قتادة عن أنس ولم ينبّه عليه. واقتصر مسلم على: ". . . ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يبعثون" 4/ 2200، 2201 (2870)، وفي البخاريّ 3/ 205، 232 (1338، 1374) إلى "غير الثقلين" وينظر الفتح 3/ 237 وما بعدها.

ص: 87

ابن عبد اللَّه عُلاثة قال: حدّثنا سَلَمة بن وَردان قال: سمعْت أنس بن مالك قال:

جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، أيُّ الدعاء أفضل؟ قال:"تسألُ ربّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة". ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول اللَّه، أيُّ الدعاء أفضل؟ قال:"تسألُ ربِّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ثم أتاه من الغد فقال: أيُّ الدعاء أفضل؟ فقال: "تسأل ربّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة" ثم أتاه في اليوم الرابع فقال: يا رسولَ اللَّه، أيُّ الدعاء أفضل؟ فقال: "تسألُ ربّك العفو والعافية في الدنيا والآخرة؛ فإنك إن أُعطيتَهما في الدنيا ثم أعطيتَهما في الآخرة فقد أفلحت" (1).

(127)

الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس بن مالك أنّه قال:

أتى رجل من بني تميم رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنّي ذو مال كثير وذو أهل وولدٍ وحاضرة (2)، فأخْبِرْني كيف أنفقُ وكيف أصنعُ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تُخْرِجُ الزّكاة من مالك، فإنّها طُهْرةٌ تُطهّرُك، وتَصِلُ أقرباءَك، وتَعْرفُ حقّ السائل والجار والمسكين" فقال: يا رسول اللَّه، أقْلِلْ لي. قال:"فآتِ ذا القربى حقَّه والمسكينَ وابنَ السّبيل ولا تُبَذِّر تَبْذيرًا" فقال: حسبي يا رسول اللَّه إذا أدّيتُ الزكاةَ إلى رسولك فقد بَرِئْتُ منها إلى اللَّه ورسوله؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا أدَّيتَها إلى رسولي فقد بَرِئْتَ منها، فلك أجرُها، وإثمُها على مَن بدَّلَها"(3).

(128)

الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن حمّاد قال: حدّثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس:

(1) المسند 19/ 304 (1229). قال المحقّق: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سلمة. وينظر الجرح 4/ 174. وهو في الترمذي 5/ 499 (3512) من طريق سلمة. قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان. وسنن ابن ماجة 2/ 1265 (3848)، وضعّفه الألباني.

(2)

الحاضرة خلاف البادية.

(3)

المسند 19/ 386 (12394). وعلّق المحقّق: رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن قيل في رواية سعيد بن أبي هلال عن أنس: إنها مرسلة. وفي المستدرك 2/ 360 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وفي المعجم الأوسط 9/ 370 (8797) قال: ولا يروى هذا الحديث عنه إلا بهذا الإسناد، تفرّد به الليث. وفي المجمع 3/ 66: رجاله رجال الصحيحين.

ص: 88

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنّ ثلاثة نَفَرٍ فيما سلفَ من النّاس انطلقوا يرتادون لأهليهم، فأخَذتهم السماء، فدخلوا غارًا، فسقط عليهم حَجَرٌ متجافٍ (1) حتى ما يرون منه خَصاصةً، فقال بعضهم لبعض: قد وقع الحجرُ، وعفا الأثرُ، ولا يعلمُ بمكانكم إلّا اللَّه، فادعوا اللَّه عز وجل بأوثق أعمالكم. قال:

فقال رجلٌ منهم: اللهمّ إن كنتَ تعلمُ أنّه كان لي والدان، فكنتُ أحلُبُ لهما في إنائهما فأتيهما، فإذا وجدتُهما راقدَين قُمتُ على رؤوسهما كراهية أن أرُدّ سِنَتَهما في رؤوسهما حتى يستيقظا متى استيقظا، اللهمّ إنْ كنتَ تعلمُ أني إنّما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافةَ عذابك ففرّج عنا. قال: فزال ثلثُ الحجر.

وقال الآخر: اللهمّ إن كنتَ تعلم أنّي استأجرْت أجيرًا على عمل يعمله، فأتاني يطلب أجرَه وأنا غضبان فزَبَرْتُه (2)، فانطلق وترك أجرَه ذلك، فجمعْته وثمّرْتُه حتى كان منه كلُّ المال، فأتاني يطلب أجرَه، فدفعت إليه ذلك كلَّه، ولو شئتُ لم أُعْطِه إلّا أجرَه الأوّل. اللهمّ إنْ كنتَ تَعلمُ أنّي فعلتُ ذلك رجاءَ رحمتك ومخافةَ عذابك ففرِّج عنّا. فزال ثُلُثا الحجر.

وقال الثالث: اللهمّ إنْ كنتَ تعلمُ أنّه أعجبَته امرأةٌ، فجعل لها جُعلًا، فلما قدر عليها وَفّر لها نَفْسَها وسلَّم لها جُعْلَها. اللهمّ إن كنتَ تعلمُ أنّي إنما فعلتُ ذلك رجاءَ رحمتك ومخافةَ عذابك ففرِّج عنا. فزال الحجرُ، وخرجوا معانيق يمشون" (3).

ومعنى: ما يرَون منه خَصاصة: أي ما يرَون منه ضوءًا.

(129)

الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثنا ثابت قال:

سمعت أنسًا يقول لامرأة من أهله: أتعرفين فلانةً؟ فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرّ بها وهي تبكي على قبرٍ فقال لها: "اتّقي اللَّه واصبري". فقالت له: إليكَ عنّي، فإنّك لا تُبالي

(1) تجافى: تباعد. والمعنى أنّه منفصل منفرد.

(2)

زبرته: منعته.

(3)

المسند 19/ 438 (12454)، ومسند أبي يعلى 5/ 313 (2938)، قال الهيثمي - المجمع 8/ 143: رواه أحمد وأبو يعلى، وكلاهما رجاله رجال الصحيح. والحديث في الصحيحين عن ابن عمر - الجمع 2/ 155 (1261). وينظر الفتح 6/ 506، والمسند 10/ 180 - 183 (5973).

ص: 89

مصيبتي. قال: ولم تكن عَرَفَتْه، فقيل لها: إنّه رسول اللَّه، فأخذَها مثلُ الموت، فجاءت إلى بابه فلم تَجِد عليه بَوّابًا، فقالت: يا رسول اللَّه إنّي لم أعرفْك. قال: "إنّ الصبرَ عندَ أوّلِ صَدْمة".

أخرجاه (1).

(130)

الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا أبي (2) قال: حدّثنا شعيب بن الحَبحاب عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أكثرتُ عليكم في السِّواك".

انفرد بإخراجه البخاري (3).

(131)

الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا حمّاد بن يحيى قال: حدّثنا ثابت البُناني عن أنس بن مالك:

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "مَثَلُ أمّتي مَثَلُ المَطَر، لا يُدرى أوّلَه خيرٌ أم آخرُه"(4).

(132)

الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هشيم قال: أخبرنا العوّام قال: حدّثنا الأزهر بن راشد عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَستضيئوا بنار المشرك، ولا تنقُشوا في خواتيمكم عربيًّا"(5).

(1) المسند 19/ 443 (12458). والبخاريّ 3/ 125، 148 (1252، 1283)، ومسلم 2/ 637 (926).

(2)

وهو عبد الوارث بن سعيد. وفي المسند: عن عبد الصمد وعفّان عن عبد الوارث.

(3)

المسند 19/ 444 (12459)، والبخاريّ 2/ 374 (888).

(4)

المسند 19/ 334، 445 (12327، 12461). وهو في الترمذي 5/ 140 (2869) عن قتيبة عن حمّاد به. وقال: وفي الباب عن عمّار وعبد اللَّه بن عمرو وابن عمر. وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. قال: وروي عن عبد الرحمن بن مهديّ أنّه كان يثبت حمّاد بن يحيى الأبحّ، وكان يقول: هو من شيوخنا. قال ابن حجر في الفتح 6/ 7 وهو يتحدّث عن فضل الصحابة: واحتجّ ابن عبد البرّ بحديث: "مثل أمّتي مثل المطر، لا يدري أوّله خير أم آخره" وهو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصّحّة، وأغرب النوويّ فعزاه في فتاويه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف، مع أنّه عند الترمذي بإسناد أقوى من حديث أنس. انتهى كلامه. وفي مجمع الزوائد 10/ 71 أحاديث الباب.

(5)

المسند 19/ 18 (11954)، والنسائي 8/ 176، والمختارة 4/ 379 (1546)، وحُكم على إسناده بالضعف لضعف الأزهر.

ص: 90

يريد القرآن (1).

الاستضواء بنارهم: أخذ آرائهم (2).

وأما النّقش العربيّ فقال الحسن: معناه لا تنقشوا عليه: محمّد رسول اللَّه (3).

(133)

الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: أخبرنا شُعبة عن قَتادة عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُضَحّي بكبشَين أقْرَنَيْن أمْلَحَيْن، وكان يُسَمّي ويُكبّر، ولقد رأيتُه يذبحهما بيده واضعًا على صِفاحهما قدمَه صلى الله عليه وسلم.

أخرجاه (4).

الأملح: الذي فيه سواد وبياض (5).

(134)

الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بشر بن المُفَضَّل قال: حدّثنا غالب القطّان عن بكر بن عبد اللَّه عن أنس بن مالك قال:

كنّا نصلّي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في شدّة الحرّ، فإذا لم يستطعْ أحدٌ منّا أن يمكِّنَ وجهَه من الأرض بَسَطَ ثوبَه فسجدَ عليه.

أخرجاه (6).

(135)

الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان عن الزّهري عن أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حضَرَ العَشاءُ وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعَشاء".

(1) هذه العبارة ليست في النسخة ك.

(2)

غريب الحديث لابن الجوزي 2/ 20، والنهاية 3/ 105.

(3)

في الترمذي 4/ 201 (1745) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس، قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:"لا تنقشوا عليه". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ومعنى قوله "لا تنقشوا عليه" نهى أن ينقش أحد على خاتمه: محمّد رسول اللَّه. وينظر الفتح 10/ 328.

(4)

المسند 19/ 24 (11960). والبخاريّ 10/ 9، 18 (5553، 5558)، ومسلم 3/ 1556، 1557 (1966) من طريق شعبة.

(5)

والأقرن: العظيم القرن.

(6)

المسند 19/ 32 (11970)، والبخاريّ 1/ 492 (385)، 3/ 80 (1208)، ومسلم 1/ 433 (620).

ص: 91

أخرجاه (1).

(136)

الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل عن المُختار بن فُلْفُل عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم وقد انصرفَ من الصلاة، فأقبل إلينا فقال:"يا أيها النّاسُ، إنّي إمامُكم، فلا تَسْبقوني بالرّكوع ولا بالسّجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف، فإنّي أراكم أمامي ومن خلفي. وايمُ الذي نفسي بيده، لو رأيْتُم ما رأيتُ لَضَحِكْتُم قليلًا ولَبَكَيْتُم كثيرًا". قالوا: يا رسول اللَّه، وما رأيتَ؟ قال:"رأيتُ الجنَّة والنَّار".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

وفي لفظ: "لو تعلمون ما أعلمُ".

(137)

الحديث الرابع عشر: وبالإسناد عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تبارك وتعالى قال: إنّ أمّتك لا يزالون يتساءلون فيما بينَهم حتى يقولوا: هذا اللَّهُ تبارك وتعالى خلقَ النّاس، فمن خلقَ اللَّهَ؟ ".

أخرجاه (3).

(138)

الحديث الخامس عشر: وبه عن أنس قال:

أغفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إغفاءة، فرفع رأسَه متبسّمًا، إمّا قال لهم وإمّا قالوا له: لم ضَحِكْتَ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قد أُنزِلَت عليَّ آنفًا سورة"، فقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. . .} حتى ختمها، قال:"هل تدرون ما الكَوثر؟ " قالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ. قال: "هو نهر أعطانيه ربّي تبارك وتعالى في الجنّة، عليه خيرٌ كثير، تَردُ عليه أمّتي يومَ القيامة، آنيتُه عددُ الكواكب، يُخْتَلَجُ العبدُ منهم فأقول: يا ربِّ، إنّه من أُمّتي، قال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(1) المسند 19/ 131 (12076)، ومسلم 1/ 392 (557)، وفي البخاريّ 2/ 159 (672) عن الزهري.

(2)

المسند 19/ 56 (11997)، ومسلم 1/ 320 (426).

(3)

المسند 19/ 54 (11995)، ومسلم 1/ 121 (136). وهو في البخاريّ 13/ 265 (7296)، من طريق عبد اللَّه بن عبد الرحمن عن أنس.

(4)

المسند 19/ 54 (11996)، ومسلم 1/ 300 (400).

ص: 92

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدّثنا وُهيب قال: حدّثنا عبد العزيز عن أنس:

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَرِدَنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوضَ، حتى إذا عرفْتُهم اختُلِجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك".

أخرجاه (1).

(139)

الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فضيل قال: حدّثنا يونس بن عمرو عن بُريد بن أبي مريم عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن صلّى عليّ صلاةً واحدةً صلّى اللَّه عليه عشر صلوات، وحطّ عنه عشر سيّئات"(2).

(140)

الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل قال: حدّثنا محمّد بن إسحق عن العلاء بن عبد الرحمن قال:

دخلنا على أنس بن مالك أنا ورجلٌ من الأنصار حين صلّيْنا الظُّهر، فدعا الجارية بوضوء، فقلنا له: أيَّ صلاة تصلّي؟ قال: العصر. قلنا: إنما صلَّينا الظهر الآن. قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافق، يترك الصلاة حتى إذا كانت في قرنَي الشيطان -أو: بين قرنَي الشّيطان- صلّى، لا يذكر اللَّه عز وجل فيها إلا قليلًا".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(141)

الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن يوسف قال: حدّثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال:

سألتُ أنس بن مالك فقلتُ: أخبِرني بشيء عَقَلْتَه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أين صلّى

(1) البخاريّ 11/ 464 (6582)، وأخرجه مسلم 4/ 1800 (2304) وأحمد 21/ 406 (13991) عن وهيب.

(2)

المسند 19/ 57 (11998)، وعن يونس في النسائي 3/ 50، والمستدرك 1/ 550 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصحّحه الذهبي والألباني. وينظر الأحاديث المختارة 4/ 394 (1566).

(3)

المسند 19/ 58 (11999)، ومسلم 1/ 434 (622) عن إسماعيل بن جعفر -متابع ابن إسحق- عن العلاء. ومحمد بن فضيل من رجال الشيخين.

ص: 93

الظهر يوم التروية؟ قال: بِمنى. قلتُ: وأين صلّى العصر يوم النّفْر؟ قال: بالأبطح. ثم قال: افعل كما يفعل أُمراؤُك.

أخرجاه (1).

(142)

الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبّاد بن عبّاد وغسّان بن مُضر عن سعيد بن يزيد، أبي مسلمة قال:

قلت لأنس بن مالك: أكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصلّي في نعلَيه؟ قال: نعم.

أخرجاه (2).

(143)

الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مَهديّ قال: حدّثنا مالك عن الزّهري عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل يومَ فتح مكّة وعليه المِغْفَرُ. فقيل: إنّ ابن خَطَلٍ مُتَعَلّقٌ بأستار الكعبة. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "اقتُلوه".

أخرجاه (3).

(144)

الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي بكر، سمع أنسًا يُحدّث:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "يَتْبَعُ الميّتَ ثلاثٌ: أهلُه ومالُه وعملُه، فيرجع اثنان ويبقى واحدٌ، يرجعُ أهلُه ومالُه، ويبقى عملُه".

أخرجاه (4).

(145)

الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان قال: سمعتُ إبراهيمَ بن مَيْسَرة يقول: سمعتُ أنسًا يقول:

(1) المسند 1/ 379 (11975)، والبخاريّ 3/ 507 (1653)، ومسلم 2/ 950 (1309).

(2)

المسند 19/ 38 (11976)، والبخاريّ 1/ 494 (386)، ومسلم 1/ 391 (555) كلاهما من طريق سعيد بن يزيد. وعبّاد من رجال الشيخين. وغسّان ثقة.

(3)

المسند 19/ 124 (12068)، ومن طريق مالك في البخاريّ 4/ 59 (1846)، ومسلم 2/ 989 (1357). وابن خطل كان مسلمًا فارتدّ، وكان يهجو النّبيّ صلى الله عليه وسلم. ينظر الفتح 4/ 60.

(4)

المسند 19/ 135 (12080)، والبخاريّ 11/ 362 (6514)، ومسلم 4/ 2273 (2960).

ص: 94

صلّيتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعًا، وبذي الحُليفة ركعتين.

أخرجاه (1).

(146)

الحديث (2) الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: قُرىء على سُفيان: سمعتُ عاصمًا قال: سمعتُ أنسًا يقول:

حالف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا. قال سُفيان كأنّه يقول: آخى.

أخرجاه (3).

(147)

الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن حميد عن موسى بن أنس عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُسألُ شيئًا على الإسلام إلا أعطاه. قال: فأتاه رجلٌ فسأله، فأمر له بشاءٍ كثير بين جبلين من شاءِ الصَّدَقة، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسْلِموا، فإنّ محمّدًا يعطي عطاءً ما يخشى الفاقة.

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(148)

الحديث الخامس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: قُرىء على سُفيان: سمعتُ ابن جُدعان عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لصوتُ أبي طلحةَ في الجيش خيرٌ من فئة"(5).

(149)

الحديث السادس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن إدريس قال: سمعتُ المختار بن فُلْفُل قال:

(1) المسند 19/ 134 (12079)، والبخاريّ 2/ 569 (1089)، ومسلم 1/ 480 (690).

(2)

أسقط ناسخ ك ترقيم الأحاديث من هنا إلى الحديث السبعين بعد المائة. وكان يكتب أحيانًا: طريق آخر.

(3)

المسند 19/ 141 (12089). والبخاريّ 4/ 472 (2294)، ومسلم 4/ 1960 (2529) عن عاصم.

(4)

المسند 19/ 107 (12051)، ومسلم 4/ 1806 (2312) عن حميد.

والفاقة: الفقر.

(5)

المسند 19/ 146 (12095)، وأبو يعلى 7/ 69 (3991). وفيه ابن جدعان، وهو ضعيف. وفي المستدرك والتلخيص 3/ 352 من طريق سفيان عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن جابر وأنس. قال: لم يكتبه بهذا الإسناد، ورواته عن آخرهم ثقات، وإنما يعرف هذا المتن من حديث علي بن زيد ابن جدعان عن أنس. وذكر في المجمع 9/ 315 روايتين عن أنس "أشدُّ من. . " و"خيرٌ من. . " وقال: ورجال الأولى رجال الصحيح. وصحّحه الألباني في الصحيحة 4/ 548 (1916).

ص: 95

سألتُ أنس بن مالك عن الشُّرب في الأوعية، فقال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المُزَفّته. وقال: "كلُّ مُسكر حرام" قال: قلتُ: وما المُزَفّته؟ قال: المُقَيَّرة. قال: قلت: فالرّصاص والقارورة؟ قال: لا بأس بهما. قال: قلتُ: فإنّ ناسًا يكرهونهما. فقال: دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك، فإنّ كلّ مسكر حرام. قال: قلتُ له: صدقْتَ، السَّكَر حرام، فالشّربة والشّربتان على طعامنا؟ قال: المسكرُ قليلُه وكثيره حرام (1). وقال: الخمر من العنب والتمر والعسل (2) والذُّرة، فما خَمَرْتَ من ذلك فهو الخمر (3).

* طريق لبعضه (4):

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان بن عُيينة عن الزّهري عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الدّبّاء والمزفّت، وأن يُنتبذ فيه.

أخرجا هذه الطريق في الصحيحين (5).

(150)

الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا رَوح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا تَبَرّزَ لحاجته أتيتُه بماء فاغتسل به (6).

(151)

الحديث الثامن والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن شُعبة عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه جبر قال: سمعت أنس بن مالك قال:

كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم والمرأةُ من نسائه يغتسِلانِ من إناء واحد. وكان يغتسل بخمسة مكاكيك، ويتوضّأ بِمَكّوك.

(1) كذا في الأصول والمجمع. وفي المسند: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".

(2)

في المسند "والحنطة والشعير".

(3)

المسند 19/ 149 (12099) وفي النسائي 7/ 308 من طريق عبد اللَّه بن إدريس النهي عن المزفّته، وصحّحه الألباني. والحديث في المجمع عن 5/ 59 عن أحمد وأبي يعلى 7/ 50 (3966)، قال: ورجال أحمد رجال الصحيح. وقد نقل ابن حجر الحديث في الفتح 10/ 45، وقال: هذا سند صحيح على شرط مسلم.

(4)

في ك: (طريق آخر).

(5)

المسند 19/ 127 (12071)، ومسلم 3/ 1577 (1992). وفي البخاريّ 10/ 41 (5587) عن الزهري.

(6)

المسند 19/ 151 (12100). وهو بالسند نفسه في البخاريّ 1/ 321 (217)، ومسلم 1/ 227 (271) ولم ينبّه المؤلف.

ص: 96

أخرجاه (1).

والمَكّوك: مِكيال لهم معروف، وليس بالمعلوم القدر عندنا (2).

(152)

الحديث التاسع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن أبي سُفيان عن أنس قال:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: "يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبَتْ قَلبي على دينك". قال: فقلنا له: يا رسول اللَّه، آمنّا بك وبما جئتَ به، فهل تخافُ علينا؟ فقال:"نعم إنّ القلوبَ بين إصبعين من أصابع اللَّه تعالى يُقَلِّبُها"(3).

(153)

الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سُفيان عن أنس بن مالك قال:

جاء جبريل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو جالس حزين قد خُضِبَ بالدّماء، ضربه بعض أهل مكّة، فقال له: مالك؟ قال: "فَعَلَ بي هؤلاء وفعلوا" فقال له جبريل: أتحبُّ أن أُرِيكَ آيةً؟ قال: "نعم" فنظر إلى شجرة من وراء الوادي وقال: ادْعُ تلك الشجرةَ، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يدَيه، فقال: مُرها فلترجعْ، فأَمرَها فرجعت إلى مكانها. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"حسبي"(4).

(1) المسند 19/ 156 (12105). ومسلم 1/ 257 (325). وهو في البخاريّ 1/ 374 (264) عن شعبة دون ذكر "وكان يغتسل بخمسة. . " ويجمع المكّوك: مكاكيك ومكاكيّ.

(2)

قال المؤلف في غريب الحديث 2/ 369: هذا لأن المكوّك المعروف صاع ونصف. وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصّاع الواحد، إلى أن رأيت الأزهري قد حكى عن الليث أنّه قال: المكّوك: كاس يُشرب به، فزال الإشكال. وقال غيره: المكّوك إناء يسع نحو المدّ، معروف عندهم. وذكر في النهاية 4/ 350 أنّه يختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد.

(3)

المسند 19/ 160 (12107) وهو في الترمذي 4/ 390 (2140) من طريق أبو معاوية. قال: أبو عيسى: وفي الباب عن النوّاس بن سمعان وأم سلمة وعبد اللَّه بن عمرو وعائشة، وهذا حديث حسن. وهكذا روى غير واحد عن الأعمش عن أبي سُفيان عن أنس، وروى بعضهم عن الأعمش عن أبي سُفيان عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي سُفيان عن أنس أصحّ. وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 526، والألباني. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 359 (3687)، وينظر تخريج المحققين.

(4)

المسند 19/ 65 (12112) وهو في ابن ماجة 1/ 1336 (4028)، وقال في الزوائد: إسناده صحيح، وصحّحه الألباني. ومسند أبي يعلى 6/ 358 (3685). ورواه ابن كثير في البداية 5/ 123 عن الإمام أحمد وقال: وهذا إسناده على شرط مسلم.

ص: 97

(154)

الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إِسماعيل قال: حدّثنا أيوب عن حميد عن أنس قال:

خطب رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أخذَ الرّايةَ زيدٌ فأُصيب، ثم أخذَها جعفرٌ فأُصيب، ثم أخذَها عبدُ اللَّه بن رَواحة فأُصيب -وإنّ عينَيه لَتَذْرِفان- ثم أخذها خالدٌ عن غير إمرةٍ ففتح اللَّه عليه، وما يَسُرُّني أنهم عندنا - أو قال: ما يَسُرُّهم أنّهم عندنا".

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(155)

الحديث الثاني والثلاثون: وبالإسناد: حدّثنا أيوب (2) عن ابن سيرين عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم النّحر: "من كان ذبح قبل الصّلاة فَلْيُعِد". فقام رجل (3) فقال: يا رسول اللَّه، هذا يوم يُشتهى فيه اللحم، وذكر هَنَه (4) من جيرانه. فكأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صدَّقَه. وقال: عندي جَذَعَةٌ هي أحبُّ إليّ من شاتَي لحم. قال: فرخّصَ له، فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا. . وقام الناسُ إلى غُنيمة فتوزّعوها - أو قال: فتجزّعوها. ثم انكفأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلى كبشَيْن فذَبَحَهُما.

أخرجاه (5).

(156)

الحديث الثالث والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثني أبو التّيّاح عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "البركةُ في نواصي الخيل".

أخرجاه (6).

(157)

الحديث الرابع والثلاثون: وبه عن أنس قال:

(1) المسند 19/ 167 (12114)، والبخاريّ 6/ 113 (1246)، 6/ 16 (2798).

(2)

أي: عن إسماعيل عن أيوب.

(3)

روي أنّه أبو بردة بن نيار.

(4)

هنة: حاجة وفقر.

(5)

المسند 19/ 173 (12120)، والبخاريّ 2/ 447 (954)، 10/ 6 (5549)، ومسلم 3/ 1554 (1962).

وتجزّعوها: اقتسموها - أي الغنمات القليلة.

(6)

المسند 19/ 177 (12125)، والبخاريّ 6/ 54 (2851)، ومسلم 3/ 1494 (1874).

ص: 98

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعوا وأطيعوا وإن استُعْمِل عليكم حبشي ٌّكأنّ رأسَه زبيبة".

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(158)

الحديث الخامس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن الأخضر بن عجلانَ قال: حدّثني أبو بكر الحنفيّ عن أنس بن مالك:

أن رجلًا من الأنصار أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشكا اليه الحاجة، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ما عندَك شيءٌ؟ " فأتاه بِحِلْسٍ (2) وَقَدَح، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"من يشتري هذا؟ " قال رجل: أنا آخذُهما بدرهم. قال: "من يزيدُ على درهم" فسكت القوم، فقال:"من يزيدُ على درهم؟ " فسكت القوم، فقال رجل: أنا آخُذُهما بدرهمين. فقال: "هما لك". ثم قال: "إنّ المسألة لا تَجِلُّ إلا لإحدى ثلاث: ذي دمٍ مُوجع، أو غُرم مُفظع، أو فقر مُدْقع"(3).

المدقع: الذي يُفضي بصاحبه إلى الدَّقعاء، وهي التُّراب (4).

(159)

الحديث السادس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا هشام قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

جلد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الخمر بالجريد والنّعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلمّا كان عمر ودنا النّاس من الرّيف والقرى (5) قال لأصحابه: ما تَرَون؟ فقال عبد الرحمن (6): اجعلْها كأخفّ الحدود. فجلد عمر ثمانين.

أخرجاه (7).

(1) المسند 19/ 178 (12126)، والبخاريّ 2/ 184 (693).

(2)

الحِلْس: كساء يوضع تحت البرذعة على ظهر البعير.

(3)

المسند 19/ 182 (12134)، وحكم المحقق على إسناده بالضعف لجهالة حال أبي بكر الحنفيّ. وهو في الترمذي 3/ 522 (1218) قال: لا نعرفه إلا من حديث الأخضر. . . وقد روى المعتمر بن سليمان وغير واحد من كبار النّاس عن الأخضر هذا الحديث. وهو في أبي داود 2/ 120 (1641)، وابن ماجة 2/ 740 (2198)، وضعّفه الألباني.

(4)

غريب الحديث لابن الجوزي 1/ 343، والنهاية 2/ 127.

(5)

قال النووي 11/ 230: وفتحت الشامُ والعراق، وسكن النّاس في الرّيف ومواضع الخصب وسعة العيش وكثرة الأعناب والثمار، أكثروا من شرب الخمر، فزاد عمر في حدّ الخمر تغليظًا عليهم، وزجرًا لهم عنها.

(6)

وهو عبد الرحمن بن عوف.

(7)

المسند 19/ 187 (12139)، ومسلم 3/ 1330 (1706). وفي البخاريّ 12/ 63 (6773) من طريق هشام:"أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنّعال، وجلد أبو بكر أربعين".

ص: 99

(160)

الحديث السابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شُعبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَهْرَم ابنُ آدمَ وتبقى منه اثنتان: الحِرْصُ والأَمَل".

أخرجاه (1).

وفي لفظ: "وَيَشبّ منه"(2).

(161)

الحديث الثامن والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا التيميّ عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "من ينظرُ ما فعلَ أبو جهل؟ " فانطلق ابن مسعود فوجد ابنَي عفراءَ قد ضرباه حتى بَرَدَ، فأخَذَ بلحيته وقال: أنت أبا جهل (3)! قال: هل فوق رجلٍ قَتَلْتُموه. أو: قتله قومُه.

أخرجاه (4).

وقال أبو مِجْلَز: قال أبو جهل: فلو غيرُ أكّار قتلني (5).

(162)

الحديث التاسع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب بن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تزالُ جهنمُ يُلقى فيها وتقولُ: هل من مزيد، حتى يضعَ ربِّ العِزّة فيها قدمَه، فينزوي بعضُها إلى بعض وتقولُ: قَطْ قَطْ، وعزّتِك وكرمك. ولا يزالُ

(1) المسند 19/ 189 (12142) وإسناده صحيح.

(2)

وهي من طرق عن أبي عوانة عن قتادة، وفيها:"الحرص على المال، والحرص على العمر". المسند 20/ 306 (12998)، ومسلم 2/ 724 (1047).

والحديث في البخاريّ 11/ 239 (6421) من طريق هشام عن قتادة وفيه: "يكبر ابن آدم ويكبر معه. . .".

(3)

هكذا الرواية بنصب "أبا". ووجّهت على أنّها من لغة من يلزم الأسماء السّتة الألف مطلقًا؛ أو على أنها منادى، أي: يا أبا جهل. وقيل غير ذلك. ينظر الفتح 7/ 295.

(4)

المسند 19/ 189 (12143)، والبخاريّ 7/ 293 (3962، 3963)، ومسلم 3/ 1424 (1800) من طريق سليمان التيمي. والشّك من سليمان.

(5)

هذه في البخاريّ 9/ 321 (4020)، ومسلم 3/ 1424. وأبو مِجْلَزْ هو لاحق بن حميد.

والأكّار: الزرّاع، وهو يشير ساخرًا إلى ابني عفراء الأنصاريّين اللذين قتلاه.

ص: 100

في الجنّة فضلٌ حتى يُنْشِىءَ اللَّه لها خلقًا آخر فيُسْكِنَهُم في فُضول الجنّة" (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا شيبان عن قتادة قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

إنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال جهنّمُ تقول: هل من مزيد، حتى يضعَ فيها ربُّ العزّةِ قدمَه فتقول: قَطْ قَطْ، وعزّتِك، ويُزوى بعضُها إلى بعض"(2).

الطّريقان في الصحيحين.

(163)

الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن يحيى الدمشقيّ قال: حدّثنا أبو مُعَيد قال: حدّثنا مكحول عن أنس بن مالك قال:

قيل: يا رسول اللَّه، متى نَدَعُ الائتمارَ بالمعروف والنَّهْيَ عن المنكر؟ قال:"إذا ظهرَ فيكم مثلُ ما ظهرَ في بني إسرائيلَ: إذا كانتِ الفاحشةُ في كباركم، والمالُ في صغاركم، والعِلْمُ في رُذّالكم"(3).

(164)

الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهزٌ قال: حدّثنا أبو العوّام عِمران بن داوَرَ القطّان قال: حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استَخْلفَ ابنَ أُمّ مكتومٍ على المدينة، يُصلّي بهم وهو أعمى (4).

(165)

الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاذ بن هشام الدّستوائي قال: حدّثني أبي عن يونبس عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 21/ 124 (13457) وفيه: "فيسكنهم فضلَ الجنّة". أما رواية في فضول الجنّة "فمن طريق بهز عن قتادة" 19/ 373 (12380). والحديث في البخاريّ 13/ 369 (7384)، ومسلم 4/ 2188 (2848).

(2)

المسند 21/ 94 (13402)، والبخاريّ 11/ 545 (6661)، ومسلم 4/ 2187 (2848).

(3)

المسند 20/ 273 (12943). قال المحقق: إسناده قويّ: أبو مُعيد، حفص بن غيلان صدوق لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وينظر تخريجه فيه. وهو في المختارة 7/ 227، 228 (2668، 2668) وصحّح المحقق إسناده. وسنن ابن ماجة 2/ 1331 (4015)، ونقل عن الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. ولكن الألباني جعله في ضعيف ابن ماجة، قال: لعنعنة مكحول.

(4)

المسند 20/ 307 (13000). وحسّن المحقّق إسناده من أجل عمران، فقد أخرج له البخاريّ تعليقًا، وأصحاب السّنن. والحديث في سنن أبي داود 1/ 162 (565)، وقال الألباني: حسن صحيح.

ص: 101

ما أكل نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم على خِوانٍ، ولا في سُكُرُّجة، ولا خُبِزَ له مُرَقّق. قال: فقلت لقتادة: فعلامَ كانوا يأكلون؟ قال: على السُّفَر.

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(166)

الحديث الثالث والأربعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا يحيى بن يحيى قال: قرأتُ على مالك عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحةَ عن أنس بن مالك:

أن جدّته مُليكةَ دَعَتْ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لطعامٍ صنَعَتْهُ، فأكلَ منه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قوموا فَلأُصلّ لكم" قال أنس: فقُمْتُ إلى حصير قد اسودّ من طول ما لُبِس، فَنَضَحْتُه بماء، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقمتُ أنا واليتيمُ وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلّى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف.

أخرجاه (2).

(167)

الحديث الرابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهديّ قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن حُميد عن أنس قال:

ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأَوه لم يقوموا، لما يعلمون من كراهيته لذلك (3).

(168)

الحديث الخامس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهديّ قال: حدّثنا سُفيان عن عمرو بن عامر قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأُ عند كلِّ صلاة. قال: قلتُ: فأنتم كيف تصنعون؟ قال: كُنّا نُصَلّي الصلواتِ بوضوء واحدٍ ما لم نُحْدِثْ.

(1) المسند 19/ 331 (12325). والبخاريّ 9/ 530، 549 (5386، 5415).

والخِوان: المائدة قبل أن يوضع عليها الطّعام. والسُّكُرُّجة: آنية يؤكل فيها. والسُّفَر: مفارش من جلد توضع تحت الطعام.

(2)

مسلم 1/ 457 (658)، وهو من طريق مالك في البخاريّ 1/ 488 (380)، والمسند 19/ 347 (12340).

(3)

المسند 19/ 350 (12345)، وقال المحقق: إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في الترمذي 5/ 84 (2754) من طريق حمّاد، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. والأدب المفرد 2/ 517 (946)، وصحّحه الألباني. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 417 (3784) وتعليق المحقّق.

ص: 102

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(169)

الحديث السادس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هشيم قال: أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك قال:

شهدتُ وليمتَين من نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم. قال: فما أطْعَمَنا فيهما خبزًا ولا لحمًا. قلتُ: فَمَهْ؟ قال: الحَيْس. يعني التمر والأَقِط والسمن (2).

(170)

الحديث السابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا ليث بن سعد عن بُكير بن عبد اللَّه عن محمّد بن عبد اللَّه بن أبي سُليم عن أنس بن مالك أنّه قال:

صلّيْتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِمِنًى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمَر ركعتين، ومع عثمانَ ركعتين صدرًا من إمارته (3).

(171)

الحديث الثامن والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا ليث عن يزيدَ بن الهادِ عن عمرو مولى المطّلب عن أنس بن مالك قال:

سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ اللَّه تعالى قال: إذا ابْتُلِيَ عبدي بِحَبيبتَيه ثم صبرَ عوَّضْتُه عنهما الجنّة" يريد عينَيه.

انفرد بإخراج البخاري (4).

(172)

الحديث التاسع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدثنا بَهْزٌ قال: حدّثنا جريرُ ابن حازم قال: سمعت قتادة يحدّث عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 19/ 350 (2346 1)، والبخاريّ 1/ 315 (214) من طريق سفيان.

(2)

المسند 19/ 17 (11953). وهو في سنن ابن ماجة 1/ 615 (1910) عن سُفيان عن علي بن زيد عن أنس: شهدت للنبيّ صلى الله عليه وسلم وليمة. . . . قال ابن ماجة: لم يحدّث به إلا ابن عُيينة. وجعله الألباني في صحيح ابن ماجة، وحسّنه محقّق المسند، وضعّف إسناده. وعلّته عليّ بن زيد، وينظر مسند أبي يعلى 7/ 63، 229 (3984، 4229).

(3)

المسند 19/ 447 (12464) وحسّن المحقّق إسناده وصحّحه لغيره، وهو في سنن النسائي 3/ 120. وصحّحه الألباني.

(4)

المسند 19/ 449 (12468)، والبخاري 10/ 116 (5653) من طريق الليث. ويونس بن محمد من رجال الشيخين.

ص: 103

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحتجمُ ثلاثًا: "واحدةً على كاهله، وثِنتين على الأَخْدَعَين"(1).

الكاهل: موصل العنق في الصُّلب. والأخدعان: عِرقان في العُنُق.

(173)

الحديث الخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْزٌ قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمّ إنى أعوذُ بك من البَرَص، والجُنونِ، والجُذام، ومن سيّء الأسقام"(2).

(174)

الحديث الحادي والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن أبي بكر بن أنس عن جدّه أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "انصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا" قيل: يا رسول اللَّه، هذا نَصَرْتُه مظلومًا، فكيف أنصرُه إذا كان ظالمًا؟ قال:"تَحْجُزُه، تَمْنَعُه، فإن ذلك نصرُه".

انفرد بإخراجه البخاريّ (3).

(175)

الحديث الثاني والخمسون: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا سلّمَ عليكم أهلُ الكتاب فقولوا: وعليكم".

أخرجاه (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ يهوديًّا مرّ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابِه فقال: السّام عليكم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما قال هذا؟ " قالوا: سلّم يا نبيّ اللَّه. قال: "لا، ولكنّه قال كذا وكذا" ثم

(1) المسند 20/ 307 (13001)، وينظر 19/ 227 (12191)، وصحّحه ابن حبّان - الموارد 140 (1401)، وهو في سنن أبي داود 4/ 4 (3860)، وابن ماجة 2/ 1152 (3483) كلاهما من طريق جرير، وجعله الألباني في صحيحهما.

(2)

المسند 20/ 309 (13004) وإسناده صحيح. وهو من طرق عن قتادة في النسائي 8/ 270، وأبي داود 2/ 93 (1554)، وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 530، وابن حبّان 3/ 295، 300 (1017، 1023)، والمحققون.

(3)

المسند 19/ 14 (11949)، والبخاريّ 5/ 98 (2443).

(4)

المسند 19/ 14 (11948)، والبخاريّ 11/ 42 (6258)، ومسلم 4/ 1705 (2163).

ص: 104

قال: "رُدّوه عليّ" فردوه، قال:"قلت: السّام عليكم؟ " قال: نعم. فقال نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "إذا سلّم عليكم أحدٌ من أهل الكتابِ فقولوا: وعليكَ، أي: وعليك ما قُلْت".

انفرد بإخراجه البخاريّ مختصرًا (1).

(176)

الحديث الثالث والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد عن سِماك عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه بَعَثَ بـ (براءة) مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة قال:"لا يُبَلّغُها إلا أنا أو رجلٌ من أهل بيتي" فبعث بها مع عليّ (2).

(177)

الحديث الرابع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت كأني الليلة في دار عقبة بن نافع، فأُتيتُ بتمر من تمر ابن طاب (3)، فأوَّلت أن لنا الرفعةَ في الدنيا والعاقبةَ في الآخرة، وأن ديننا قد طاب".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(178)

الحديث الخامس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن المثنّى عن ثمامة عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلّم بكلمةٍ ردّها، وإذا أتى قومًا فسلَّم عليهم سلّم ثلاثًا.

انفرد بإخراجه البخاريّ (5).

(179)

الحديث السادس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان بن حَرب قال: حدّثنا بِسطام بن حُريث عن أشعث الحُدّاني عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 21/ 125 (13459)، وفي البخاريّ من طريق شُعبة عن هشام بن زيد بن أنس قال: سمعت أنس بن مالك. . . 12/ 280 (6926).

(2)

المسند 20/ 434 (13214)، 21/ 420 (14019). قال المحقق: إسناده ضعيف لنكارة متنه. وينظر تخريجه. وأخرجه الترمذي 5/ 256 (3090) وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث أنس بن مالك. وحسّنه الألباني وجعله في صحيح الترمذي. وهو في مسند أبو يعلى 5/ 413 (3095)، وحسّن المحقّق أسناده. والمختار 6/ 171، 172 (2635، 2176)، وصحّح المحقّق إسناده.

(3)

ابن طاب: نوع من التمر الطيب.

(4)

المسند 20/ 436 (13219)، ومسلم 14/ 779 (2270) من طريق حمّاد.

(5)

المسند 20/ 438 (13221)، والبخاريّ 1/ 188 (94).

ص: 105

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهلِ الكبائر من أُمّتي"(1).

(180)

الحديث السابع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبدُ الصّمد قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمة عن أيوب عن أبي قِلابة عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ الساعة حتى يتباهى الناسُ في المساجد"(2).

(181)

الحديث الثامن والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز قال: حدّثنا أبو هلال قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ العبد بخيرٍ ما لم يَسْتَعْجِلْ" قالوا: يا نبيّ اللَّه، كيف يستعجلُ؟ قال:"يقول: قد دعوتُ ربّي فلم يَسْتَجِبْ لي"(3).

(182)

الحديث التاسع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر قال: حدّثنا فُليح قال: حدّثني عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي أنّ أنسًا أخبره:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُصلّي الجمعةَ حين تميلُ الشمسُ. وكان إذا خرجَ إلى مكّة صلّى بالشجرة سجدتين.

انفرد بإخراجه البخاريّ، ولم يذكر "مكّة"(4).

(1) المسند 20/ 439 (13222). وبالسند نفسه عند أبي داود 4/ 236 (4739). وعند الترمذي 4/ 539 (2435) عن عبد الرّزاق عن معمر عن ثابت، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن جابر. وصحّحه الألباني عند أبي داود والترمذي. وصحّحه في المستدرك 1/ 69، ووافقه الذهبي، والمختارة 4/ 382 (1549).

(2)

المسند 19/ 372 (12379). ومن طرق عن حمّاد في سنن أبي داود 1/ 123 (449)، والنسائي 2/ 32، وابن ماجة 1/ 244 (739)، وصحّحه الألباني. وصحّحه ابن خزيمة 2/ 281، 282 (1322، 1323)، وابن حبّان 4/ 493 (1614). وينظر الفتح 1/ 539.

(3)

المسند 20/ 311 (13008) قال المحقق: صحيح لغيره. وفي مجمع الزوائد 10/ 150. . . وفيه أبو هلال الرّاسبي، وهو ثقة وفيه خلاف، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصّحيح. وفي الترغيب 2/ 487 (2457): رواته محتجّ بهم في الصحيح إلّا أبا هلال. ومثله في إتحاف الخيرة 1/ 405 (8293). وينظر مسند أبي يعلى 5/ 248 (2865).

(4)

المسند 19/ 310 (12299). ومن طريق فليح في البخاري 2/ 386 (904). وأبو عامر، عبد الملك بن عمرو العقدي من رجال الشيخين.

والشجرة: موضع قرب ذي الحليفه.

ص: 106

(183)

الحديث الستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الواحد أبو عبيدة الحدّاد (1) قال: حدّثنا حميد عن أنس قال:

أقيمت الصلاة، فخرجَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فعرضَ له رجلٌ فحَبَسَه حتى كاد بعضُ القوم ينعَس (2).

(184)

الحديث الحادي والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا رِبْعيُّ بن الجارود قال: حدّثني عمرو بن أبي الحجّاج عن الجارود بن أبي سَبرة عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يُصَلّيَ على راحلته تطوُّعًا استقبل القبلة وكبَّر للصلاة، ثم خلّى عن راحلته فصلّى حيث ما توجّهت به (3).

(185)

الحديث الثاني والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك:

أن يهوديًا قتل جاريةً على أوضاح لها (4)، قال: فَقَتَلَها بحجر، قال: فجيء بها إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبها رَمَقٌ، فقال لها:"قتلَك فلانٌ؟ " فأشارت برأسها: أي لا. ثم قال لها الثانية، فأشارت برأسها: أي لا. ثم سألها الثالثة فقالت: نعم، أشارت برأسها، فقتلَهُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين حَجَرَين (5).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا همّام بن يحيى عن قتادة عن أنس: أن

(1) وهو عبد الواحد بن واصل، من رجال البخاريّ. الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 320.

(2)

المسند 20/ 353 (13060). وله طرق أُخرى - ينظر 19/ 46 (11987). وقد رواه البخاري 2/ 124 (643) عن عبد الأعلى عن حُميد. ورواه (642) هو ومسلم 1/ 284 (376) عن عبد العزيز عن أنس. ولم ينبّه المؤلف على إخراجهما له.

(3)

المسند 20/ 377 (13109). وهو بهذا السند في أبي داود 2/ 9 (1225)، وقال الألباني: حسن. وقد روى البخاري 2/ 576 (1100)، ومسلم 1/ 488 (702) هذا المعنى عن أنس من طريق آخر.

(4)

الأوضاح: الفضة. أي قتلها ليسلبها ذلك.

(5)

المسند 20/ 158 (12748)، والبخاري 12/ 204 (6879)، ومسلم 3/ 1299 (1672).

ص: 107

يهوديًا رَضَخَ رأس امرآةٍ بين حَجَريْن فقتلَها، فرَضَخَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأسَه بين حجرين (1).

الطريقان في الصحيحين.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن أيوب عن أبي قِلابة عن أنس بن مالك:

أنّ رجلًا من اليهود قتل جاريةً من الأنصار على حُلِيٍّ لها، ثم ألقاها في قليبٍ ورضَخ رأسَها بالحجارة، فأُخِذ فأتِيَ به رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمَرَ به أن يُرْجَمَ حتى يموتَ، فرُجِمَ حتى مات.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(186)

الحديث الثالث والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا جعفر بن سليمان قال: حدّثني ثابت البُناني عن أنس بن مالك قال:

كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يفطرُ على رُطَباتٍ قبل أن يُصلّيَ، فإن لم يَكُنْ رُطَباتٌ فتمراتٌ، فإن لم يكن تمراتٌ حسا حَسَواتٍ من ماء (3).

(187)

الحديث الرابع والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا صفوان بن عيسى قال: حدّثنا أسامة بن زيد عن الزّهري عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى على حمزة، فوقف عليه فرآه قد مُثِّلَ به، فقال:"لولا أن تَجِدَ (4) صفيةُ في نفسها لتَرَكْتُه حتى تأكلَه العافيةُ، حتى يُحْشَرَ من بطونها" قال: ثم دعا بِنَمِرة (5) فكَفَّنَه فيها، فكانت إذا مُدَّت على رأسه بَدَتْ قدماه، وإذا مُدّت على قَدَمَيه بدا

(1) المسند 20/ 247 (12895). والبخاريّ 5/ 71 (2413)، 12/ 982، 213 (6876، 6884)، ومسلم 3/ 1300 (1672) كلاهما من طريق همّام.

(2)

المسند 20/ 102 (12667)، ومسلم 3/ 1299.

(3)

المسند 20/ 110 (12676). وأخرجه في المستدرك 1/ 432 من طريق الإمام أحمد وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذّهبي. وهو في سنن الترمذي 3/ 79 (696) وقال: حسن غريب، وسنن أبي داود 2/ 306 (2356)، وصحّحه الألباني.

(4)

تجد: تحزن.

(5)

النّمِرة: الكساء الخَلَق.

ص: 108

رأسُه. قال: فكثُرَ القَتلى وقلّتِ الثّياب. قال: فكان يكفّنُ الرّجلين والثلاثة في الثّوب الواحد. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسألُ عن أكثرِهم قرآنًا فيقدِّمه إلى القبلة. فدفَنَهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يُصَلِّ عليهم (1).

والمراد بالعافية: السّباع والطّير.

(188)

الحديث الخامس والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن أبي صَدَقة مولى أنس قال:

سألتُ أنسًا عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: كان يُصَلّي الظّهر إذا زالت الشمسُ، والعصرَ بين صلاتَيكم هاتين، والمغربَ إذا غَرَبَت الشمسُ، والعشاءَ إذا غابَ الشَّفَقُ، والصبحَ إذا طَلَعَ الفجرُ إلى أن يفسحَ البصرُ (2).

(189)

الحديث السادس والستون: وبه عن شُعبة عن حبيب بن الشَّهيد عن ثابت عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلّى على قبرِ امرأةٍ قد دُفِنَت.

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(190)

الحديث السابع والستون: وبه عن شُعبة قال: سمعتُ قتادة يحدّث عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبيّ بن كعب: "إن اللَّهَ أمرَني أن أقرأَ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .} [سورة البينة]. قال: وسمَّاني لك؟ قال: "نعم" فبكى.

(1) المسند 19/ 311 (12300). وصحّحه من طريق أسامة في المستدرك 1/ 365 كاملًا، وفي 2/ 120 دون التكفين، ووافقه الذّهبي. وهو في سنن أبي داود 3/ 195 (3135 - 3137) وصحّحه الألباني. والحديث في الترمذي 3/ 335 (1015) كاملًا، وقال: حديث أنس حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وذكر أنّه روي عن جابر (حديث جابر في الجمع بين الرجلين - البخاري 3/ 209 (1342). ثم قال الترمذي: وسألت محمّدًا (البخاريّ) عن هذا الحديث فقال: حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك عن جابر أصحّ. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 64 (3568) وتخريج المحققين.

(2)

المسند 19/ 322 (12311). قال المحقق: حديث صحيح، وهذا إسناد قويّ. . . وهو عن شعبة في النسائي 1/ 273، وقال عنه الألباني: صحيح الإسناد.

(3)

المسند 19/ 327 (12318)، ومسلم 2/ 659 (955).

ص: 109

أخرجاه (1).

(191)

الحديث الثامن والستون: وبه عن شُعبة عن جابر عن حميد بن هلال عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكَنّيني ببقلةٍ كنتُ أجْتَنيها (2).

(192)

الحديث التاسع والستون: وبه عن شُعبة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال:

كان رجلٌ ضخمٌ لا يستطيعُ أن يُصَلّيَ مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّي لا أستطيع أن أصلّيَ معك، فلو أتيتَ منزلي فَصَلّيْتَ. فصنعَ الرّجلُ طَعامًا ثم دعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَنَضَحَ طَرَفَ حصيرٍ لهم، فصلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين.

فقال الرجل من آل الجارود لأنس: وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي الضّحى؟ قال: ما رَأَيْتُه صلّاها إلّا يومئذ.

انفرد بإخراجه البخاريّ (3).

(193)

الحديث السبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر: حدّثنا فُليح عن هلال ابن عليّ عن أنس بن مالك قال:

لم يكن رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم سبابًا ولا لعّانًا ولا فحّاشًا، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة:"ماله، تَرِبَتْ يَمينُه".

(1) المسند 19/ 328 (12320). والبخاريّ 7/ 127 (3809) ومسلم 1/ 550 (799).

(2)

المسند 19/ 337 (12328) وينظر 19/ 301 (12286)، وحكم المحقق بضعف إسناده لضغف جابر. وهو في الترمذي 5/ 640 (3830) من طريق شعبة عن جابر عن أبي نصر خيثمة. قال: هذا حديث لا نعرفه إلّا من طريق جابر الجُعفي عن أبي نصر. وأبو نصر روى عن أنس أحاديث. وحكم الألباني بضعفه. أما جابر ابن يزيد الجُعفي فالأكثر على ترك حديثه كما في الجرح 2/ 497. وقال عنه ابن حجر في التقريب 1/ 85: ضعيف، رافضيّ.

قال الأزهري: البقلة التي جناها أنس كان في طعمها لذع، فسُمِّيت حمزة بفعلها التهذيب. 4/ 379.

(3)

المسند 19/ 337 (12329). والبخاريّ 2/ 157 (670) من طريق شعبة. وقد ذكر ابن حجر في الفتح 3/ 158 أنّه قد يكون السائل: عبد الحميد بن المنذر بن الجارود البصري.

ص: 110

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(194)

الحديث الحادي والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: قال أبو التّيّاح: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، وسكِّنوا ولا تُنَفِّروا".

أخرجاه (2).

(195)

الحديث الثاني والسبعون: وبه عن شُعبة قال: حدّثني عُبيد اللَّه بن أبي بكر قال: سمعْت أنس بن مالك قال:

ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الكبائرَ -أو: سُئِلَ عن الكبائرَ فقال: "الشِّرْكُ باللَّه تعالى، وقتلُ النّفس، وعُقوقُ الوالدين" وقال: "ألا أُنَبَئُكم بأكبر الكبائر؟ قول الزُّور، أو: شهادة الزُّور".

أخرجاه (3).

(196)

الحديث الثالث والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن بكر قال: حدّثنا ابن جُرَيج قال: قال ابن شهاب: أخبرَني أنس بن مالك قال:

قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة وهي مَحَمَّةٌ، فَحُمّ النّاسُ، فدخلَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم المسجدَ والناسُ قعودٌ، فقال:"صلاةُ القاعد نصفُ صلاة القائم" فتجشّم النّاسُ الصلاةَ قيامًا (4).

(197)

الحديث الرابع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن غَيْلان قال: حدّثنا المُفَضّلُ بن فَضالة قال: حدّثني عُقيل عن ابن شهاب أنّه حدّثه عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 19/ 292 (12274). والبخاريّ 10/ 452، 464 (6031، 6046) من طريق فليح ورواية المسند والبخاريّ "جبينه بدل يمينه".

(2)

المسند 19/ 341 (12333)، والبخاريّ 1/ 163 (69)، 10/ 524 (6125)، ومسلم 3/ 1359 (1734).

(3)

المسند 19/ 343 (12336)، والبخاريّ 5/ 261 (2653)، 10/ 405 (5977)، ومسلم 1/ 91 (88).

(4)

المسند 19/ 387 (12395)، وصحّحه المحقّق. ورواه الإمام أحمد في المسند 20/ 447 (13236) من طريق عبد اللَّه بن جعفر عن إسماعيل بن محمّد عن أنس "صلاة القاعد نصفّ صلاة القائم"، ومثله في ابن ماجة 1/ 388 (1230)، وقال في الزوائد: إسناده صحيح. وهو في صحيح ابن ماجة، والمختارة 7/ 195، 196 (2631، 2632)، وينظر مسند أبي يعلى 6/ 275 (3583).

ص: 111

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا ارتحلَ قبل أن تَزيغَ الشمسُ أخَّرَ الظُّهر إلى وقت العصر، ثم ينزلُ فيجمعُ بينهما. وإذا زاغتِ الشمسُ قبلَ أن يرتَحلَ صلّى الظّهرَ ثم ركِب.

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا مَعمر عن يحيى بن أبي كثير عن حفص بن عُبيد اللَّه بن أنس عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجمعُ بين الظّهر والعصر، والمغربِ والعشاء، في السَّفَر.

انفرد بإخراجه البخاريّ، ولم يذكر "الظهر والعصر"(2).

(198)

الحديث الخامس والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عاصم قال: حدّثنا أبو عمرو مبارك الخيّاط جدّ ولد عبّاد بن كثير (3) قالى: سألت ثُمامة بن عبد اللَّه بن أنس عن العَزل، فقأل: سمعْت أنس بن مالك يقول:

جاءَ رجلٌ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسأل عن العَزل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لو أنّ الماء الذي يكونُ منه الولدُ أهْرَقْتَه على صخرةٍ لأخرج اللَّهُ منها -أو يخْرِجُ اللَّه منها- ولدًا (4)، ولَيَخلُقَنّ اللَّهُ تعالى نفسًا هو خالِقُها"(5).

(199)

الحديث السادس والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النَّضر قال: حدّثنا محمّد بن طلحة عن حميد عن أنس

(1) المسند 21/ 312 (13799)، وهو في البخاريّ 2/ 582 (1111)، ومسلم 1/ 489 (704) من طريق المفضّل عن عقيل، وفي مسلم طرق أخرى عن عقيل ويحيى من رجال مسلم.

(2)

المسند 19/ 399 (12408)، والبخاريّ 2/ 579، 581 (1108، 1110) من طريق يحيى.

(3)

ذكره ابن أبي حاتم في الجرح 8/ 342، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وفي التعجيل 390 أن ابن حبّان ذكره في الثقات.

(4)

في المسند "والشّكّ منه".

(5)

المسند 19/ 412 (12420) وحكم على إسناده بالضعف، لأن الخياط لم يوثّقه غير ابن حبّان. ولكن ذكر له شواهد حسنة. وفي المجمع 4/ 299: أخرجه أحمد والبزّار، وإسنادهما حسن. وهو في المختارة 5/ 197، 198 (1819، 1821). وفي الفتح 9/ 307 أن ابن حبّان صحّحه. وقد ورده الألباني في الأحاديث الصحيحة 3/ 321 (1333)، ومال إلى تحسينه.

ص: 112

عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الإزارُ إلى نصف السّاق، أو إلى الكعبين، لا خيرَ في أسفلَ من ذلك"(1).

(200)

الحديث السابع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن بشر قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَمْنَعَنَّكم أذانُ بلال من السُّحور، فإنّ في بصره شيئًا"(2).

(201)

الحديث الثامن والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: حدّثني حسين عن واقد قال: حدّثني معاذ بن حَرْمَلَة الأزدي قال: سمعتُ أنسًا يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعة حتى يُمْطَرَ الناسُ مَطَرًا عامًّا، ولا تُنْبتُ الأرضُ شيئًا"(3).

(202)

الحديث التاسع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد قال: حدّثنا حسين قال: حدّثني ثابت البُناني قال: حدّثني أنس بن مالك قال:

كنت جالسًا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ مرّ رجلٌ، فقال رجلٌ من القوم: يا رسول اللَّه، إنّي لأُحِبُّ هذا. قال:"هل أَعْلَمْتَه ذلك؟ " قال: لا. فقال: "قُمْ فأَعْلِمْه" فقام اليه فقال: يا هذا، واللَّه إني لأُحِبُّك في اللَّه. قال: أحبَّكَ الذي أحْبَبْتَني له (4).

(203)

الحديث الثمانون: وبالإسناد عن أنس:

(1) المسند 19/ 415 (12424). وذكر في المجمع 5/ 125 أن رجال أحمد رجال الصحيح. وقال في إتحاف الخيرة 6/ 93 (5543): وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه البخاريّ في صحيحه وغيرُه. وهو في الأحاديث الصحيحة 4/ 364 (1765).

(2)

المسند 19/ 417 (12428). وإسناده صحيح، وقال الهيثمي 3/ 156: رجاله رجال الصحيح. وينظر مسند أبي يعلى 5/ 297 (2917)، وإتحاف الخيرة 3/ 437 (1053).

(3)

المسند 19/ 417 (12429). وضعّف المحقّق إسناده لأن معاذًا مجهول، لم يوثّقه إلا ابن حبّان. ولكن الحديث صحّحه الحاكم 4/ 513 من طريق زيد، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح. وفي المجمع 7/ 333: رواه أحمد والبزّار وأبو يعلى، ورجال الجميع ثقات.

(4)

المسند 19/ 418 (12430) وزيد بن الحباب، والحسين بن واقد من رجال مسلم، وثابت من رجال الشيخين. وصحّحه ابن حبّان في الموارد 623 (2513) من طريق حسين. وفي المستدرك 4/ 171 عن المبارك بن فضالة عن ثابت، وصحّحه هو والذّهبي، ومثله عند أبى داود 4/ 333 (5125)، وجعله الألباني صحيحًا.

ص: 113

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دفع إلى حفصةَ بنتِ عمر رجلًا، فقال لها:"احتفظي به" فغَفَلَتْ حفصةُ ومضى الرّجلُ، فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:"يا حفصةُ، ما فعلَ الرّجلُ؟ " قالت: غَفَلْتُ عنه يا رسول اللَّه فخرجَ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قطعَ اللَّهُ يدَكِ" فرفعت يَدَيها هكذا، فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"ما شأنُك يا حفصة؟ " قالت: يا رسولَ اللَّه، قلتَ قبلُ كذا وكذا، فقال:"ضَعي يديك، فإني سألتُ اللَّهَ تعالى: أيُّما إنسانٍ من أمتي دعوتُ اللَّهَ عليه أن يجعلَها له مغفرةً"(1).

(204)

الحديث الحادي والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي عن سُفيان عن الزُّبير بن عديّ قال:

شكَوْنا إلى أنس بن مالك ما نلقى من الحجّاج، فقال:"اصْبِروا، فإنّه لا يأتي عليكم عامٌ -أو يومٌ- إلّا والذي بعده شرٌّ منه، حتى تَلقَوا ربَّكم" سمعتُه من نبيّكم صلى الله عليه وسلم.

انفرد بإخراجه البخاريّ (2).

(205)

الحديث الثاني والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حمّاد بن خالد قال: حدّثنا مالك قال: حدّثنا زياد بن سعد عن الزّهري عن أنس قال:

سَدلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاءَ اللَّه أن يَسْدِلَها، ثم فَرَقَ بعدُ (3).

(206)

الحديث الثالث والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن أنس:

أن رجلًا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يبتاع، وكان في عُقدته ضَعف -يعني عقله- فأتى أهلُه نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبيّ اللَّه، احْجُرْ على فلان، فإنّه يبتاع وفي عُقدته ضَعف، فدعاه نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنهاه عن البيع، فقال: يا نبيّ اللَّه، إنّي لا أصبرُ عن البيع.

(1) المسند 19/ 420 (12431) وسنده كسابقه. قال الهيثمي 8/ 269: رجاله رجال الصحيح. وهو في الجامع 21/ 126، وقال ابن كثير: تفرّد به، وهو في الصحيح من وجه آخر.

(2)

المسند 19/ 351 (12347)، والبخاريّ 13/ 19 (7068) عن سفيان.

(3)

المسند 2/ 4570 (13254)، وينظر تعليق المحقّق. وصحّح الحاكم والذهبي الحديث 2/ 602، وكذلك الهيثمي 5/ 167. والحديث في الصحيح عن ابن عبّاس - البخاريّ 6/ 566 (3558)، ومسلم 4/ 1817 (2336).

وسدل شعره: أرخاه وأرسله على جنبه. وفرقه: جعل بينه فارقًا، وألقاه على جانبيّ الرأس.

ص: 114

فقال: "إنْ كُنْتَ غيرَ تارك البيع فقل: هاء وهاء، ولا خِلابة"(1).

(207)

الحديث الرابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعت هشام بن زيد قال: سمعتُ أنس بن مالك يحدّث:

أنّ يهودية جعلت سُمًّا في لحم، ثم أتت به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأكلَ منه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال:"إنّها جَعَلَتْ فيه سُمًّا" قالوا: يا رسول اللَّه، ألا نقتُلُها؟ قال:"لا". قال: فجعلْتُ أعرفُ ذلك في لَهَوات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

أخرجاه (2).

(208)

الحديث الخامس والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النَّضر قال: حدّثنا محمّد بن طَلْحَة عن حُميد عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَغَدْوَة في سبيل اللَّه أو رَوْحَةٌ خير من الدُّنيا وما فيها. ولَقابُ قوسِ أحدِكم أو موضع قِدّه (3) -يعني سَوْطه- من الجنّة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها. ولو اطّلَعَتِ امرأةٌ من نساء أهل الجنّة إلى الأرض لملأتْ ما بينهما ريحًا، ولطاب ما بينهما. ولنَصيفُها على رأسِها خيرٌ من الدُّنيا وما فيها"(4).

* طريق لبعضه:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مُعَلّى بن أسد قال: حدّثنا وُهَيب قال: حدّثنا حميد عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَغَدوةٌ في سبيل اللَّه أو رَوْحةٌ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها".

(1) المسند 21/ 9 (3276 1)، وإسناده قويّ، وهو في سنن أبي داود 3/ 282 (3501)، وصحّحه الشيخ ناصر، وصحّحه ابن حبّان، 11/ 430، 431 (5049، 5050)، والحاكم والذهبي 1/ 104. وهو في الصحيح من حديث عبد اللَّه بن عمر: البخاريّ 4/ 337 (2117)، ومسلم 3/ 1165 (1533).

والخلابة: الخديعة والغبن. والمعنى أنّه بالخيار إن وجد شيئًا من ذلك.

(2)

المسند 21/ 51 (13285)، ومسلم 1/ 1724 (2190)، ومن طريق شُعبة في البخاريّ 5/ 23 (2617).

(3)

في البخاريّ "قِيد" ورجّح بعضهم رواية "قِدّ". ينظر الفتح 6/ 15.

(4)

المسند 1/ 4249 (12436)، وهو في البخاريّ 6/ 15 (2796) عن حميد.

والنصيف: الخِمار.

ص: 115

أخرجا هذه الطريق (1).

(209)

الحديث السادس والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا مالك عن إسحق بن عبد اللَّه بن طلحة، سمع أنس بن مالك يقول:

كان أبو طلحة أكثرَ أنصاريّ بالمدينة مالًا، وكان أحبَّ أمواله إليه بيرحاءُ (2)، وكانت مستقبلة المسجدِ، فكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدخُلها ويشرب من ماءٍ فيها طيِّب. قال أنس: فلمّا نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قال أبو طلحة: يا رسول اللَّه، إنّ اللَّه تعالى يقول:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإنّ أحبُّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنّها صدقةٌ للَّه أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند اللَّه، فَضَعْها يا رسول اللَّه حيث أراك اللَّه. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"بَخ، ذاك مالٌ رابح، ذاك مالٌ راج (3). "وقد سمعتُ، وأنا أرى أن تَجْعلَها في الأقربين". فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول اللَّه. فقسمَها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه.

أخرجاه (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس قال:

لمّا نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قال أبو طلحة: حائطي الذي بموضع كذا، لو استَطَعْت أن أُسِرَّها لم أعْلِنْها. قال:"اجعلْه في فقراء أهلك"(5).

(210)

الحديث السابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا يونس بن أبي إسحق عن بُرَيد بن أبي مريم عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما سألَ رجلٌ مسلمٌ اللَّهَ الجنّة ثلاثًا إلا قالت الجنّة: اللهمّ

(1) البخاريّ 6/ 13 (2792)، ومسلم 3/ 1499 (1880) بإسناد آخر. وعن حميد في المسند 20/ 53 (1262).

(2)

ينظر في ضبط اللفظة النهاية 1/ 114.

(3)

ويروى "رايح" ينظر الفتح 3/ 326.

(4)

المسند 1/ 4269 (2438 1)، والبخاريّ 3/ 325 (1461)، ومسلم 2/ 693 (998) عن مالك.

(5)

المسند 19/ 191 (12144)، وهذا إسناد صحيح. وقد صحّح الحديث ابنُ خزيمة 4/ 105 (2458، 2459)، وهو في مسند أبي يعلى 6/ 386 (3723) عن حميد.

ص: 116

أدْخِلْه، ولا استجار رجلٌ مسلمٌ اللَّه تعالى من النّار ثلاثًا إلا قالت النّار: اللهُم أجِره" (1).

(211)

الحديث الثامن والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هشام بن سعيد الطالقانيّ قال: حدّثنا أبو عَوانة عن عبد الرحمن بن الأصمّ عن أنس بن مالك قال:

بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى عمرَ بجبّة سُنْدُسٍ، قال: فلَقِيَ عمرُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: بَعثْتَ إليّ بجبّة سُنْدُسٍ وقد قُلْتَ فيها ما قُلْتَ. قال: "إنّي لم أَبْعَثها إليك لِتَلْبَسَها، إنّما بَعَثْتُ بِها إليك لتبيعَها أو تستنفعَ بها".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(212)

الحديث التاسع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: أخبرني سُهيل أخو حزم (3) قال: حدّثنا ثابت البُناني عن أنس بن مالك قال:

قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] فقال: قال ربُّكم: أنا أهلٌ أن أُتَّقَى، فلا يُجعلُ معي إله، فمن اتّقى أن يجعلَ معي إلهًّا كان أهلًا أن أغفِرَ له" (4).

(213)

الحديث التسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو الوليد قال: حدّثنا شُعبة عن ثابت عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لكلِّ غَادرٍ لواءٌ يومَ القيامة يُعرفُ به".

أخرجاه (5).

(1) المسند 1/ 4289 (12439). والترمذي 3/ 604 (2572). وذكر أنّه روى عن يونس عن بُريد مرفوعًا، وروي عن أبي إسحق عن بُريد مرفوعًا وموقوفًا. وهو في النسائي 8/ 279، وابن ماجة 2/ 1453 (4340).

وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 534 والألباني.

(2)

المسند 19/ 429 (12441)، ومسلم 3/ 1645 (2072) عن أبي عوانة. وهشام ثقة.

(3)

حزم بن أبي حَزم القُطَعيّ، صدوق بهم - التقريب 1/ 111. وسُهيل ضعيف. التقريب 1/ 234.

(4)

المسند 19/ 340 (12442). وبعد أن نقل الترمذي الحديث من طرق زيد عن سهيل قال: هذا حديث غريب، وسهيل ليس بالقويّ في الحديث، وقد تفرّد بهذا الحديث عن ثابت 5/ 400 (3328). وهو في ابن ماجة 2/ 1437 (4299). وضعّفه الألباني.

(5)

المسند 19/ 431 (12443). ورواه البخاريّ عن أبي الوليد، هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهو شيخ البخاريّ وأحمد 6/ 283 (3187)، وهو في مسلم من طريق شُعبة 3/ 1361 (1737).

ص: 117

(214)

الحديث الحادي والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أيوب عن أبي قِلابة عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يُصَلّي فَليَنْصَرفْ فَليَنَمْ حتى يعلمَ ما يقولُ".

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(215)

الحديث الثاني والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا أشعثُ عن الحسن عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدِمُوا مكّة وقد لبَّوا بحجٍّ وعمرة، فأمرهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعدما طافوا بالبيت وسَعَوا بين الصّفا والمروة أن يُحِلّوا (2) وأن يجعلوها عمرة، فكأنّ القوم هابوا ذلك، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لولا أنّي سُقْتُ الهَديَ لأَحْلَلْتُ". فحلّ القومُ وتَمَتّعوا (3).

(216)

الحديث الثالث والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح بن عُبادة قال: حدّثنا شُعبة عن يونس بن عُبيد عن أبي قُدامة الحنفي قال:

قلت لأنس: بأيّ شيء كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ؟ فقال: سَمِعْتُه سبع مرات: بعمرةٍ وحَجّة، بعمرة وحَجّة (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس قال:

سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلبّي بالحجّ والعمرة: "لَبّيك عمرة وحجًّا"(5).

(1) المسند 19/ 432 (12446)، والبخاريّ 1/ 315 (213).

(2)

"أن يُحلّوا" ساقطة من ك.

(3)

المسند 19/ 432 (12447)، وصحّح المحقّق إسناده؛ لأن رجاله رجال الشيخين غير أشعث بن عبد الملك الحمراني، ثقة، روى له أصحاب السنن، والبخاريّ تعليقًا. وهو في المختارة 5/ 242، 243 (1868، - 1869)، وصحّح المحقّق إسناده. وللحديث شواهد تصحّحه. وقد رواه النسائي 5/ 225 من طريق أشعث، وجعله الشيخ ناصر في ضعيف سنن النسائي.

(4)

المسند 19/ 433 (12448). وحسّن المحقّق إسناده.

(5)

المسند 19/ 22 (11958)، ومسلم 2/ 914 (1251)، وله عندهما طرق، وفيهما:"لبّيك عمرة وحجًّا" مرتين.

ص: 118

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: أخبرنا حميد الطويل قال: أخبرنا بكر بن عبد اللَّه المُزَنيّ قال: سمعتُ أنس بن مالك قال:

سمعتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُلَبّي بالحجّ والعمرة جميعًا، فحدّثْتُ بذلك ابن عمر فقال: لبّى بالحجّ وحدَه، فلقيتُ أنسًا فحدَّثْتُه بقول ابن عمر، فقال: ما تَعُدُّوننا إلا صبيانًا، سمعْت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لبَّيك عمرةً وحجًّا".

أخرجاه (1).

(217)

الحديث الرابع والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا سُفيان عمّن سمع أنسًا يقول:

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّ أعمالكم تُعْرَضُ على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرًا استبشروا، وإن كان غيرَ ذلك قالوا: اللهُمّ لا تُمِتْهم حتى تَهْدِيَهم كما هَدَيْتَنا"(2).

(218)

الحديث الخامس والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس قال:

كنتُ أسقي أبا عُبيدة بن الجرّاح وأبيّ بن كعب وسهيلَ بن بيضاء، ونفرًا من أصحابه عند أبي طلحة، وأنا أسقيهم حتى كاد الشرابُ يأخذُ فيهم، فأتى آتٍ من المسلمين فقال: أما شَعَرْتُم أنّ الخمر قد حُرِّمَت؟ فما قالوا: حتى ننظرَ ونسأل، فقالوا: يا أنسُ، أكْفِىء ما بقي في إنائك. واللَّه ما عادوا فيها، وما هي إلّا التَّمر والبُسْر، وهي خمرُهم يومئذ.

أخرجاه (3).

(1) المسند 19/ 25 (11961)، والبخاريّ 8/ 70 (4353)، ومسلم 2/ 905 (1332).

(2)

المسند 20/ 114 (12683). قال ابن كثير في الجامع 23/ 559: تفرّد به. وفي المجمع 2/ 331: رواه أحمد، وفيه رجل لم يُسَمّ. وهو عند الألباني من الأحاديث الضعيفة 2/ 54 (863)، وضعّف محقّق المسند إسناده لإبهام الواسطة بين سُفيان وأنس.

(3)

المسند 2/ 2340 (12869)، وقد أُخرج في الصحيحين من طرق مختلفة، كلها عن غير حُميد، ينظر البخاريّ 5/ 112 (2464) وفيه الأطراف، ومسلم 3/ 1570 - 1572 (1980)، والجمع 9/ 502 (1878). وفي الفتح 10/ 37 الروايات في أسماء النفر الذين كانوا يشربون في المجلس.

ص: 119

(219)

الحديث السادس والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وَهب بن جرير قال: حدّثني أبي قال: سمعت حميدًا الطويل يحدِّثُ عن أنس قال:

رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجمعُ بينَ الرُّطَب والخِرْبِز (1).

الخِرْبِز: القثّاء (2).

(220)

الحديث السابع والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وَهب بن جرير قال: حدّثنا هشام بن حسنان عن محمّد بن سيرين عن أنس بن مالك:

أنّ هلال بن أميّة قذف امرأتَه بشَريك بن سَحماء، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انظُروا (3)، فإن جاءت به جعدًا، أكحلَ، أحْمش (4) الساقين، فهو لشريك بن سَحماء، وإن جاءت به أبيَضَ سَبِطًا، قَضيء العينين، فهو لهلال بن أميّة". فجاءت به جعدًا، أكحل، أحمش الساقين.

انفرد بإخراجه مسلم (5).

والجعد: المنقبض الشّعر. والسَّبِط: السّهل (6). وقضيء العين: فاسدها. وحَمْش الساقين: دقيقهما.

(221)

الحديث الثامن والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن بكر قال: حدّثنا ميمون المَرَئيُّ قال: حدّثنا ميمون بن سِياه عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمَين الْتَقَيا فأخَذَ أحدُهما بيد صاحِبه إلّا كان حقًا على اللَّه سبحانه وتعالى أن يَحْضُرَ دعاءهما، ولا يفرِّقَ بين أيديهما حتى يغفرَ لهما".

(1) المسند 19/ 434 (12449)، وصحّح المحقّق إسناده. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 463 (3867). وفي الموارد 330 (1356): أخبرنا محمّد بن عبد الرحمن السّاميّ، حدّثنا أحمد بن حنبل. . . "إن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطّيخ، أو البطّيخ بالرطب" الشك ّمن أحمد. ثم روى حديثًا مثله عن عائشة. وأكل الرطب والبطّيخ (وهو الخربز) مرويّ عن عبد اللَّه بن جعفر في البخاريّ 9/ 564 (5440)، ومسلم 3/ 1616 (2043).

(2)

ينظر النهاية 2/ 19.

(3)

وفي المسند "أنظروها".

(4)

يروى: حمش، وأحمش، وهما بمعنى.

(5)

المسند 1/ 4359 (12450)، ومسلم 2/ 1134 (1496) عن هشام. ووهب من رجال الشيخين.

(6)

أي السهل الشعر، المسترسله، وعكسه الجعد.

ص: 120

"وما من قومٍ اجتمعوا يذكرون اللَّه، لا يريدون بذلك إلّا وجهَه، إلا ناداهم منادٍ من السماء: أن قوموا مغفورًا لكم، قد بُدِّلَت سيئاتُكم حسنات"(1).

(222)

الحديث التاسع والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وَهب بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: سمعْت يونس عن الزّهري عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اللهمّ اجعلْ بالمدينة ضِعْفَي ما بمكّة من البركة".

أخرجاه (2).

(223)

الحديث المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال:

لمّا قَدِمَ عبد الرحمن بن عوف المدينة آخى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الرّبيع، فقال: أقاسِمُك مالي نصفَين، ولي امرأتان فأطلِّقُ إحداهما فإذا انقضَتْ عَدّتَها فتَزَوَّجْها. فقال: بارك اللَّهُ لك في أهلك ومالك، دُلّوني على السُّوق. فدَلُّوه فانطلَقَ، فما رَجَعَ إلّا ومعه شيءٌ من أَقِط وسمن قد اسْتَفْضَله، فرآه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وعليه وَضَرٌ من صُفرة، فقال:"مَهْيَم؟ " فقال: تزوّجْتُ امرأةً من الأنصار. قال: "ما أصْدَقْتَها؟ " قال: وزنَ نواة من ذهب. قال: "أوْلِم ولو بشاة".

أخرجاه (3).

(1) هما حديثان وبينهما ثالث في المسند 19/ 435، 437 (12451، 12453) ولكنهما يشتركان في السند، فجمع بينهما المؤلّف ابن الجوزي، وجعلهما ابن كثير في الجامع حديثين 23/ 456 (3248، 3249)، وكذلك ابن حجر في الإتحاف 2/ 352 (1869، 1870)، والأطراف 1/ 533 (1016، 1017). وذكر المنذري في الترغيب 3/ 423 (4006) الأول عن أحمد، وقال: رواة أحمد كلّهم ثقات، إلا ميمون المرئي. وقد نقل الهيثمي الأوّل 8/ 39 عن أحمد والبزّار وأبي يعلى وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، غير ميمون ابن عجلان، وثّقه ابن حبّان، ولم يضعّفه أحد. ونقل الثاني 10/ 79 عن أحمد وأبي يعلى والبزّار والطبراني في الأوسط، وقال: وفيه ميمون المرئي، وثقه جماعة وفيه ضعف. وجعل الذهبي في الميزان 4/ 1234 (8969) هذا الحديث منكرًا، وينظر الحديث في مسند أبي يعلى 7/ 167 (4141)، والمعجم الأوسط 2/ 334 (1579)، والمختارة 7/ 235 - 238 (2675 - 2678)، وإتحاف الخيرة 8/ 308 (8117)، والصحيحة 2/ 58 (252). وانظر القول في ميمون في التهذيب 7/ 296، والميزان.

(2)

المسند 1/ 4379 (12452). والبخاريّ 4/ 97 (1885)، ومسلم 1/ 994 (1369).

(3)

المسند 20/ 290 (12976)، والبخاريّ 4/ 288 (2049)، ومسلم 2/ 1024 (4271) عن حميد وغيره.

ص: 121

والوَضَر: اللّطخ. ومَهْيَم معناه: ما حالك.

(224)

الحديث الحادي بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد اللَّه بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمسَ النّاسُ الوَضوء فلم يجدوا، فأُتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بوَضوء، فوضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يدَه، وأمرَ النّاس أنْ يتوضأوا، فرأيتُ الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضّأوا من عند آخرهم (1).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مسدّد قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس بن مالك:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعا بإناءٍ من ماء، فأُتِيَ بقَدَح رَحْرَاح فيه شيء من الماء، فوضعَ أصابعَه فيه، قال أنس: فجعلْتُ أنظر إلى الماء ينبعُ من بين أصابعه. قال أنس: فَحَزَرْت من توضّأ ما بين السّبعين إلى الثمانين (2).

الطريقان في الصحيحين.

وفي بعض ألفاظ الصحيحين: كنّا ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة (3).

والرَّحراح: الواسع.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قُلْتُ لأنس: يا أبا حمزة، حدّثنا من هذه الأعاجيب شيئًا شَهِدْتُه لا تُحَدّثُه عن غيرك، قال:

صلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظهر يومًا، ثم انطلق حتى قعد على المقاعد التي كان يأتيه فيها جبريل عليه السلام، فجاء بلال فناداه بالعصر، فقام كلُّ من كان له بالمدينة أهلٌ يقضي

(1) البخاريّ 1/ 271 (169)، ومسلم 4/ 1783 (2279)، والمسند 19/ 352 (12348)، كلاهما من طريق مالك.

(2)

البخاريّ 1/ 304 (200)، والمسند 19/ 480 (12497) من طريق حمّاد بن زيد. وفي مسلم طريق حمّاد:"ما بين الستين إلى الثمانين".

(3)

البخاريّ 6/ 580 (3572)، ومسلم 14/ 783.

ص: 122

الحاجة ويُصيب من الوضوء، وبقي رجال من المهاجرين ليس لهم أهل بالمدينة، فأُتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقدح أرْوَحَ فيه ماء، فوضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كفَّه في الإناء، فما وَسعَ الأناءُ كفَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلّها، فقال بهؤلاء الأربع (1) في الإناء ثم قال:"اُدنوا فتوضّأُوا" ويدُه في الإناء، فتوضّأوا حتى ما بقي أحدٌ إلا توضّأ. قال: قلتُ: يا أبا حمزة، كم تُراهم؟ قال: بين السبعين والثّمانين (2).

(225)

الحديث الثاني بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، أين أبي؟ قال:"في النّار" فلمَّا قفّى دعاه فقال: "إنّ أبي وأباكَ في النّار".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

ومعنى قفّى: ولّى.

(226)

الحديث الثالث بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا مَرحوم قال: سمعتُ ثابتًا يقول:

كنت مع أنسٍ جالسًا وعنده ابنةً له، فقال أنس: جاءت امرأةٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبيّ اللَّه، هل لك فيّ حاجةٌ؟ فقالت ابنتُه: ما كان أقلَّ حياءَها! فقال: هي خيرٌ منك، رَغِبت في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعَرَضَتْ عليه نَفْسَها.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

(227)

الحديث الرابع بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدّثنا ثابت قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رآني في المنام فقد رآني؛ فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي. ورؤيا

(1) أي وضع أصابعه الأربعة فيه.

(2)

المسند 19/ 404 (12412). وإسناده صحيح على شرط مسلم، ورجاله ثقات. وصحّحه ابن حبّان 14/ 481 (6543).

(3)

المسند 19/ 228 (12192)، ومسلم 1/ 191 (203).

(4)

المسند 21/ 333 (13835)، والبخاريّ 9/ 174 (5120) من طريق مرحوم.

ص: 123

المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءًا من النبوّة".

أخرجه البخاريّ، وذكر منه مسلم رؤيا المؤمن (1).

(228)

الحديث الخامس بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا مَعْمَر عن قتادة عن أنس قال:

قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذلك في السَّحَر: "يا أنسُ، إنّي أريدُ الصّيام، فأطْعِمْني شيئًا". قال: فجئْتُه بتمرٍ وإناء فيه ماءٌ بعدما أذّنَ بلال (2). فقال: "يا أنسُ، انظر إنسانًا يأكلُ معي". قال: فدعوتُ زيد بن ثابت، فقال: يا رسول اللَّه، إنّي شربت شَربة سَويق وأنا أريد الصيام. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وأنا أريدُ الصيام". فتسحّرَ معه، ثم صلّى ركعتين، ثم خرج فأقيمتِ الصلاة (3).

(229)

الحديث السادس بعد المائة: وبه عن أنس قال:

نزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] مَرْجِعَه من الحديبية. قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لقد أُنْزِلَتْ عليَّ آيةٌ أحبُّ إليّ ممّا على الأرض" ثم قرأها عليهم النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هنيئًا مريئًا يا نبيّ اللَّه، قد بيّنَ اللَّه عز وجل ما يفعل بك، فماذا يفعلُ بنا؟ فنزل عليه:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ. . .} حتى بلغ: {. . . فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 5].

أخرجاه (4).

(230)

الحديث السابع بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مُعَلّى بن أسد قال: حدّثنا وُهيب عن أيّوب عن محمّد بن سيرين قال:

(1) المسند 21/ 339 (13849)، والبخاريّ 12/ 383 (6994) من طريق عبد العزيز. وروى مسلم "رؤيا المؤمن" 4/ 1774 (2264) عن ثابت، ولاشتراكهما فيه جعله الحميديّ متفقًا عليه من طريقين 2/ 611 (2013).

(2)

وكان بلال يؤذّن بليل، ليوقظ النائمَ، ويرجع القائم. فهو قبل طلوع الفجر.

(3)

المسند 20/ 334 (13033)، وسنن النسائي 4/ 147. وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين. وينظر إتحاف الخيرة 3/ 431 (3038).

(4)

المسند 20/ 335 (13035)، والبخاريّ 7/ 450 (4172) عن قتادة، وهو في مسلم 3/ 1413 (176) إلى:". . . أحبّ إليّ من الدنيا جميعًا" عن قتادة.

ص: 124

سألْتُ أنسًا: أخَضَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لم يبلغِ الشّيبَ إلا قليلًا.

أخرجاه (1).

(231)

الحديث الثامن بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا مَعمر عن ثابت عن أنس قال:

ما عَدَدْتُ في رأس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا أربع عشرة شعرةً بيضاء (2).

(232)

الحديث التاسع بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدّثنا أبو يعقوب إسحق (3) قال: سمعْتُ ثابتًا البُناني قال:

سألتُ أنسًا: هل شَمِطَ (4) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: لقد قَبَضَ اللَّهُ رسولَه وما فَضَحَه الشَّيْب (5)، ما كان في رأسه ولحيته يوم مات ثلاثون شعرةً بيضاء. فقيل له: أفضيحةٌ هو؟ قال: أمّا أنتم فتَعُدّونه فضيحة، وأما نحن فكنّا نعدّه زَينًا (6).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثتا محمّد بن أبي عديّ عن حميد قال:

سُئل أنس: هل خَضَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم يَرَ من الشيب إلا نحوًا من سبع عشرة أو عشرين شعرة في مُقَدَّم لحيته. وقال: إنه لم يُشَنْ بالشَّيب. فقيل لأنس: أشَين هو؟ قال: كلُّكم يكرهه، ولكنْ خَضَبَ أبو بكر بالحِنّاء والكَتَم، وخَضَبَ عمر بالحِنّاء (7).

(1) البخاري 10/ 351 (5894)، ومسلم 4/ 1821 (2341). وفي المسند 20/ 393 (13143) عن روح عن هشام عن محمّد بن سيرين - قريب منه، وزيادة: خضب أبو بكر وعمر بالحنّاء والكَتَم.

(2)

المسند 19/ 119 (12690)، وإسناده صحيح. وهو في صحيح ابن حبّان 14/ 203 (6293)، والمختارة 5/ 179 (1802 - 1804).

(3)

وهو إسحق بن عثمان الكلابي، روى له أبو داود حديثًا، ووثقه العلماء. التهذيب 1/ 194.

(4)

الشّمَط: اختلاط سواد الشعر بالبياض.

(5)

في المسند "بالشيب".

(6)

المسند 19/ 458 (12474)، وصحّح المحقّق إسناده.

(7)

المسند 19/ 111 (12054). وابن ماجة 2/ 1198 (3629). وفي الزوائد: هذا الإسناد صحيح، ورجاله ثقات. وصحّحه محققو المسند والألباني.

ص: 125

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن سَلَمَة الحَرّاني عن هشام عن محمّد بن سيرين قال:

سُئل أنس بن مالك عن خضاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن شابَ إلا يسيرًا، ولكنّ أبا بكر وعمرَ بعده خضَبا بالحِنّاء والكَتَم. قال: وجاء أبو بكر بأبيه أبي قُحافَة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فحملَه حتى وَضعَه بين يدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"لو أَقْرَرْتَ الشيخ في بيته لأتَيْنَاه" تَكْرِمةً لأبي بكر. فأسلم ولحيتُه ورأسُه كالثَّغامة بياضًا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "غَيِّروهما وجنِّبوه السّواد"(1).

الثغامة: نبت أبيض الزّهر، يُشبه بياض الشّيب.

(233)

الحديث العاشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن سُفيان عن خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرحمُ أمّتي أبو بكر، وأشدُّها في دين اللَّه عُمر، وأصدقها حياءً عثمان، وأعلَمُها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب اللَّه أُبَيّ، وأعلَمُها بالفرائض زيدُ بن ثابت، ولكلّ أمّةٍ أمين، وأمينُ هذه الأمّة أبو عُبيدة بن الجَرّاح"(2).

* طريق تختصّ أبا عبيدة:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا شُعبة عن خالد عن أبي قلابة عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لكلّ أمةٍ أمين، وأبو عبيدة أمين هذه الأمّة".

(1) المسند 20/ 81 (12635)، ومسند أبي يعلى 5/ 216 (2831). قال الهيثمي في المجمع 5/ 162: وفي الصحيح طرف منه، ورجال أحمد رجال الصحيح. وهو في إتحاف الخيرة 6/ 129 (5617) قال: هو في الصحيح باختصار. وقد صحّح ابن حبّان 12/ 286 (5472) الحديث مقتصرًا على قصة مجيء الصديق بأبيه، ومثله في المستدرك 3/ 244، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولكن الذهبيّ أشار إلى أنه صحيح على شرط البخاريّ. ونبّه محقّق المسند وابن حبّان على وهم في هذا؛ لأن محمّد بن سلمة من رجال مسلم، ولم يرو له البخاريّ. وهو كما قال - ينظر الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 471.

(2)

المسند 20/ 252 (12904)، وابن ماجة 1/ 55 (154، 155)، وفي الترمذي 5/ 623 (3791) عن خالد وقال: حسن صحيح. وصحّحه الحاكم والذهبي 3/ 422 والألباني.

ص: 126

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت البُناني عن أنس:

أنّ أهلَ اليمن لمّا قَدِموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سألوه أن يبعثَ معهم رجلًا يُعَلِّمُهم، فبعثَ أبا عُبيدة وقال:"هو أمينُ هذه الأمّة".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(234)

الحديث الحادي عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا حمّاد عن قتادة عن أنس قال:

إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَيُصِيبُ التمرةَ فيقولُ: "لولا أنّي أخشى أنها منَ الصّدقة لأَكَلْتُها".

أخرجاه (3).

(235)

الحديث الثاني عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثني عُبيد اللَّه بن أبي بكر عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه تبارك وتعالى وَكَّلَ بالرَّحم مَلَكًا، قال: أي رَبّ، نُطْفَةٌ، أيْ رَبّ، عَلَقَةٌ، أي ربّ، مُضْغَةٌ، فإذا قضى اللَّه تبارك وتعالى خَلْقَها قال: أيْ رَبّ، أَشَقِيٌّ أو سعيد؟ ذكر أو أنثى؟ فما الرزق؟ فما الأجل: قال: فيُكْتب كذلك وهو في بطن أُمّه".

أخرجاه (4).

(236)

الحديث الثالث عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن سُفيان قال: حدّثني القاسم بن شُريح عن ثَعْلَبَة قال: سمعْتُ أنسًا يقول:

(1) المسند 19/ 358 (12357)، والبخاريّ 7/ 92 (3744)، ومسلم 4/ 1881 (2419).

(2)

المسند 19/ 282 (12261)، ومسلم 4/ 1881 (2419) عن حمّاد بن سلمة عن ثابت.

(3)

المسند 20/ 257 (12913)، وينظر 19/ 227 (12190). وهو في مسلم 2/ 752 (1701) من طريق قتادة وطلحة بن مصرّف عن أنس، وفي البخاري 4/ 293 (2055) من طريق طلحة.

(4)

المسند 19/ 201 (12157)، والبخاريّ 1/ 418 (318)، ومسلم 4/ 308 (2646).

ص: 127

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "عَجِبْتُ للمؤمن، إنّ اللَّه تبارك وتعالى لم يقضِ له قضاءً إلا كان خيرًا له"(1).

(237)

الحديث الرابع عشر بعد الماء: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نُمير قال: أخبرنا إسماعيل عن نُفيع عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من أحدٍ يومَ القيامة غنيّ ولا فقيرٍ إلا ودّ أنّما كان أوتي من الدنيا قُوتًا"(2).

(238)

الحديث الخامس عشر بعد الماء: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن عيسى قال: حدّثنا شَريك عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال:

قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا ذا الأُذُنين"(3).

(239)

الحديث السادس عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أسامة قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بُردة عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تعالى لَيَرْضى عن العبد أن يأكُلَ الأكلةَ أو يشربَ الشُّربة، فيَحْمَدَ اللَّه عليها".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(1) المسند 19/ 203 (12160)، ومال المحقّق إلى تصحيحه. ومن طريق ثعلبة بن عاصم في أبي يعلى 7/ 220 (4217). قال في المجمع 7/ 213: رجال أحمد ثقات، وأحد أسانيد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح غير أبي بحر ثعلبة، وهو ثقة. وصحّحه ابن حبّان في الموارد 449 (1814) من طريق ثعلبة، وينظر المختارة 5/ 194 - 196 (1815 - 1818)، والأحاديث الصحيحة 1/ 277 (148).

(2)

المسند 19/ 205 (12163). قال المحقّق: إسناده ضعيف جدًا، لأنّ نُفيعًا، أبا داود الأعمى ضعيف، ينظر التهذيب 7/ 359. وهو في سنن ابن ماجة 2/ 1387 (4140)، وضعّفه الألباني. ومسند أبي يعلى 7/ 303 (4339). وأورد المؤلّف ابن الجوزي الحديث في الموضوعات 3/ 131.

(3)

المسند 19/ 206 (12164). والمعجم الكبير 1/ 211 (662، 663). ورواه الترمذي 5/ 314 (1992) وقال: صحيح غريب. وقال 5/ 640 (3828) حسن غريب صحيح. وهو من طريق شريك في سنن أبي داود 4/ 301 (5002)، ومسند أبي يعلى 7/ 91 (4029)، والمختارة 6/ 288 - 290 (2301، 2306). وصحّحه الألباني.

(4)

المسند 19/ 208 (12168)، ومسلم 4/ 2095 (2734).

ص: 128

(240)

الحديث السابع عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط بن محمّد قال: حدّثنا التيمي عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

كانت عامّةُ وصيّةِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حينَ حَضَرَهُ الموتُ: "الصلاةَ وما مَلكَتْ أيمانُكم". حتى جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُغَرْغِرَ بها صدرُه وما يكاد يَفيصُ بها لسانُه (1).

(241)

الحديث الثامن عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سُفيان عن عاصم الأحول عن يوسف بن عبد اللَّه عن أنس قال:

رخّص رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في الرُّقية من العَين والحُمَة والنَّملة.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

والحُمة: الحيّات والعقارب وأشباهها من ذوات السُّموم. وقد تُسَمّى إبرة العقرب حُمة، لأنها تجري مجرى السّم. والنَّملة: قُروح في الجَنب.

(242)

الحديث التاسع عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر قال: حدّثنا فُليح عن هلال بن عليّ عن أنس قال:

شَهِدْنا ابنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورسولُ اللَّه جالسٌ على القبر، فرأيْتُ عينَيه تَدْمَعان. وقال:"هل فيكم رجلٌ لم يُقارِفِ الليلةَ؟ " فقال أبو طلحة: نعم، أنا. قال:"فانْزِلْ". فنزل في قبرها.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

(243)

الحديث العشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثني سلمة بن وردان قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

(1) المسند 19/ 209 (12169)، وهو في ابن ماجة 2/ 900 (2697) عن أحمد بن المقدام عن المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه. . . . قال في الزوائد: إسناده صحيح، لقصور أحمد بن المقدام عن درجة أهل الضبط، وباقي رجاله على شرط الشيخين. أما أسباط فمن رجال الشيخين. وصحّحه ابن حبّان 14/ 570 (6605) من طريق سليمان التيمي. وينظر مسند أبي يعلى 5/ 309، 347 (2933، 2990)، والمستدرك والتلخيص 3/ 57، وصحيح ابن ماجة 8/ 363.

ويفيص: يبين.

(2)

المسند 19/ 212 (12173)، ومسلم 4/ 1725 (2196) من طريق عاصم.

(3)

المسند 19/ 293 (12275)، والبخاريّ 3/ 151، 208 (1285، 1342).

والبنت هي أمّ كلثوم. وقيل: رقيّة.

ولم يقارف: لم يجامع أهله. ينظر كشف المشكل 3/ 295، والفتح 3/ 158.

ص: 129

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأصحابه ذاتَ يوم: "مَن شَهِدَ منكم جَنازةً؟ " قال عمر: أنا.

قال: "من عادَ مريضًا؟ " قال عمر: أنا. قال: "من تَصَدّق؟ " قال عمر: أنا. قال: "من أصبحَ اليومَ صائمًا؟ " قال عمر: أنا. قال: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ"(1).

(244)

الحديث الحادي والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا إسرائيل عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من سألَ القضاءَ وُكِلَ إلى نفسه (2)، ومن أُجْبرَ عليه نزل عليه مَلَكٌ فيُسَدِّدُه"(3).

(245)

الحديث الثاني والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا الدستوائي عن قتادة عن أنس:

أن رسول اللَّه نهى عن الشُّرب قائمًا (4).

(246)

الحديث الثالث والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا هشام الدستوائي عن أبي عصام عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَتَنَفّس في الإناء ثلاثًا، ويقول:"هذا أهنأُ وأمرأُ وأبرأ".

(1) المسند 19/ 219. وقد كتب على حاشية النسخة "ما أحفظه إلّا عن أبي بكر رضي الله عنه" وهو المرويّ عن أبي هريرة في مسلم 3/ 712، 4/ 1856 (1028). وقد نقل في المجمع 3/ 166 حديث أنس وقال: رواه أحمد والبزّار، وفيه سلمة بن وردان، وهو ضعيف. والحديث في فضائل الصحابة للإمام أحمد 1/ 387 (585)، وقد نقل المحقّق، ومحقّق المسند أقوالًا في ضعف سلمة. وينظر التهذيب 3/ 256. والتقريب 1/ 221.

(2)

في المسند "وكل إليه" وروى بالوجهين في المصادر.

(3)

المسند 19/ 221 (12184). ومن طرق عن عبد الأعلى في سنن أبي داود 3/ 300 (3578)، وابن ماجة 2/ 774 (2309)، والترمذيّ 3/ 613، 614 (1323، 1324). وصحّحه الحاكم 4/ 92، ووافقه الذهبي. ولكن محقّق المسند حكم بضعف الإسناد لضعف عبد الأعلى وبلال بن مرداس. وجعل الألباني الحديث في ضعيف أبي داود والترمذي وابن ماجة، والأحاديث الضعيفة 3/ 296 (1154).

(4)

المسند 19/ 223 (12185). وهو في صحيح مسلم 3/ 1600، 1601 (2024). وفات ابن الجوزي التنبيه على ذلك.

ص: 130

أخرجاه (1).

(247)

الحديث الرابع والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن عبد الكريم الجزريّ قال: أخبرني ابن ابنة أنس بن مالك:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخلَ على أمّ سُليم وفي البيت قرْبةٌ مُعَلَّقةٌ، فَشَرِبَ منها وهو قائم، فقطعت أمُّ سُليم فمَ القربة، فهو عندها (2).

(248)

الحديث الخامس والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا شُعبة قال: قُلْتُ لمعاوية بن قُرّة:

أسَمِعْتَ أنسًا يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للنُّعمان بن مُقَرِّن: "ابنُ أُخْتِ القوم منهم؟ " قال: نعم (3).

(249)

الحديث السادس والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سُفيان عن السُّدّي عن أبي هُبيرة عن أنس بن مالك:

أنّ أبا طلحة سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن أيْتام وَرِثوا خمرًا. فقال: "أَهْرِقْها". قال: أفلا نَجْعَلُها خَلًّا؟ قال: "لا".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

واسم أبي هُبيرة: يحيى بن عبّاد (5).

(1) المسند 19/ 224 (12186)، ومسلم 2/ 1603 (2028). وهو عن البخاريّ - بسند مختلف، وليس فيه:"ويقول: هذا. . . " 10/ 92 (5631).

(2)

المسند 19/ 225 (12188)، وفيه:"فشرب من فيها. . . فهو عندنا" وحكم المحقّق بضعف إسناده لجهالة ابن بنت أنس. وينظر تمام تخريجه فيه.

(3)

المسند 19/ 224 (12187)، وهو في النسائي 5/ 106، وإسناده صحيح. وهو جزء من حديث عن شُعبة عن قتادة عن أنس - البخاريّ 8/ 53 (4334)، ومسلم 2/ 735 (1059).

(4)

المسند 19/ 226 (12189). وهو عن سفيان في مسلم 3/ 1574 (1983) أنه سُئل عن الخمرة تُتّخَذُ خلًا؟ فقال: "لا". ومثل رواية مسلم في الترمذي 3/ 589 (1294) وقال: حسن صحيح. وكرواية المسند في سنن أبي داود 3/ 326 (3675)، وصحّحه الألباني.

(5)

التهذيب 8/ 53، 447، والتقريب 2/ 661.

ص: 131

(250)

الحديث السابع والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر قال: حدّثنا زُهير قال: حدّثني عبد الرحمن بن زيد عن أبيه: أن أنس بن مالك أخبره قال:

خَرَجْنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خيبرَ، فدخلَ صاحبٌ لنا إلى خِرْبة يقضي حاجتَه، فتناول لَبِنَةً يستطيب بها، فانهارت عليه تِبْرًا، فأخذها فأتى بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بها، فقال:"زِنْها" فَوَزَنَها فإذا هي مائتا درهم، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"هذا رِكازٌ، وفيه الخُمُس"(1).

(251)

الحديث الثامن والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مروان بن معاوية قال: أخبرنا حُميد الطّويل عن أنس بن مالك:

أنّ امرأةً لقيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في طريق من طُرق المدينة، فقالت: يا رسول اللَّه، إنّ لي إليك حاجةً. قال:"يا أُمّ فلان، اجلسي في أيّ نواحي السِّكَك شِئْتِ أجْلِسْ إليكِ" فَقَعَدَت، فقَعَد لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى قَضَتْ حَاجَتَها.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(252)

الحديث التاسع والعشرون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا جرير بن حازم عن قتادة قال:

سأَلْتُ أنسَ بن مالك عن قراءة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: كان يَمُدُّ بها صَوْتَه مَدًّا (3).

(253)

الحديث الثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سُفيان عن زيد العمّيّ عن أبي إياس معاوية بن قُرّة عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الدُّعاء لا يُرَدُّ بين الأذان والإقامة"(4).

(1) المسند 19/ 309 (12298). وضعّف المحقّق إسناده لضعف عبد الرحمن بن زيد، وسائر رجاله ثقات. وقال في المجمع 3/ 80: وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وفيه كلام، وقد وثّقه ابن معين. وفي ضعف عبد الرحمن ينظر الجرح 5/ 233، والتهذيب 3/ 404، والتقريب 1/ 336.

وقد صحَّ أحاديث في "الركاز" وهو المعادن والكنوز المدفونة.

(2)

المسند 19/ 231 (12197). وإسناده صحيح، وهو في مسلم 4/ 1812 (2326) من طريق ثابت عن أنس.

(3)

المسند 19/ 232 (12198). والحديث عن جرير في البخاريّ 9/ 90 (5045). ولم ينبّه عليه المؤلّف.

(4)

المسند 19/ 234 (12200)، والترمذي 1/ 415 (212)، وقال: حسن صحيح، وينظر 5/ 129، 130 (3594، 3595) ومن طريق سفيان أخرجه أبو داود 1/ 144 (521)، وصحّحه الألباني. وحكم محقّق المسند على الحديث بالصّحّة، وعلى السَّند بالضعف، لضعف زيد العمّي. وينظر المختارة 4/ 391 - 394 (1561 - 1563)، ومسند أبي يعلى 6/ 353، 354 (3679، 3680).

ص: 132

(254)

الحديث الحادي والثلاثون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا أبو معمر عبد اللَّه بن عمرو قال: حدّثنا عبد الوارث قال: حدّثنا عبد العزيز عن أنس قال:

أُقيمت الصلاة والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يُناجي رجلًا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم.

أخرجاه (1).

(255)

الحديث الثاني والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا جرير بن حازم عن ثابت البُناني عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينزلُ عن المنبر يوم الجمعة، فيُكَلِّمُه الرجل في الحاجة، فيُكَلِّمه، ثم يتقدّم إلى مُصَلّاه فيُصلّي (2).

(256)

الحديث الثالث والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا شُعبة عن عتاب مولى ابن هُرْمُز قال: سمعت أنسًا قال:

بايعْنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على السَّمْع والطّاعة. فقال: "فيما اسْتَطَعْتُم"(3).

(257)

الحديث الرابع والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا شُعبة عن حمزة الضَّبِّي قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

(1) البخاريّ 2/ 124 (642)، ومسلم 1/ 284 (376) من طريق عبد الوارث. وفي المسند 19/ 46 (11987) من طريق عبد العزيز.

(2)

المسند 19/ 235 (12201)، وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين 1/ 290، والذهبيّ، وابن خزيمة 3/ 169 (1838)، وابن حبّان 7/ 5 (4428)، كلّهم من طريق جرير، وصحّحه البوصيري في إتحاف الخيرة 3/ 59 (2209). وروى الحديث في السنن: ابن ماجة 1/ 354 (1117)، والنسائي 3/ 110، وأبي داود 1/ 292 (1120) قال: الحديث ليس بمعروف عن ثابت، وهو مما تفرّد به جرير بن حازم. والترمذي 2/ 394 (517)، ونقل عن البخاريّ أن جريرًا وهم في هذا الحديث، وأنّه ربما يهم في الشيء وهو صدوق، وصحّح ما روى ثابت عن أنس: أقيمت الصلاة، فأخذ رجلٌ بيد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فما زال يكلّمه حتى نص بعض القوم. ومال الألباني في تخريجه للسُّنن إلى تضعيف الحديث وشذوذه، وترجيح أن المحفوظ فيه (صلاة العشاء). ومال محقّقو المسند وابن حبّان إلى احتمال تصحيح روايتي الحديث، وأنهما حادثتان منفصلتان.

(3)

المسند 19/ 236 (12202)، والحديث صحيح، له شواهد في الصحيحين، ورجاله رجال الشيخين غير عتاب، وهو حسن الحديث. وقد أخرجه ابن ماجة 2/ 958 (2868)، وأبو يعلى 7/ 295 (4327)، وصاحب المختارة 6/ 296 (2314، 2315). وصحّحه الألباني. وينظر تعليق المحقّقين.

ص: 133

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا نَزَلَ منزلًا لم يَرْتَحِل حتى يُصَلِّيَ الظّهر.

فقال محمّد بن عمرو لأنس: يا أبا حمزة، وإن كان بنصف النّهار؟ قال: وإن كان بنصف النّهار (1).

(258)

الحديث الخامس والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثني عكرمة بن عمّار عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

جاءت أمُّ سُليم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، عَلِّمْني كلماتٍ أدعو بِهِنّ. قال:"تُسَبّحين اللَّه عشرًا، وتَحْمدينه عشرًا، وتكبِّرينه عَشْرًا، ثم سلي حاجَتَك، فإنه يقول: قد فَعَلْتُ، قد فَعَلْتُ"(2).

(259)

الحديث السادس والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سُفيان عن سليمان التيمي عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَرَرْتُ ليلة أُسري بي على موسى عليه السلام قائِمًا يُصَلّي في قبره".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(260)

الحديث السابع والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَرَرْتُ ليلةَ أُسري بي على قومٍ شفاهُهم تُقْرَض بمقاريض من نار. قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خُطَباءُ من أهل الدُّنيا ممّن كانوا يأمرون النّاس بالبرِّ وينسَون أنفسَهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون"(4).

(1) المسند 19/ 237 (12204)، وإسناده صحيح. وهو في سنن أبي داود 2/ 4 (1205)، والمختارة 6/ 111 - 113 (2102 - 2107)، وصححه ابن خزيمة 2/ 88 (975) والألباني.

(2)

المسند 19/ 240 (12207)، وإسناده قويّ، فرجاله رجال الشيخين، غير عكرمة فهو من رجال مسلم. وهو في النسائي 3/ 51، والمختارة 4/ 353 - 356 (1516 - 1518). وصحّحه الحاكم 1/ 255، 317 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصحّحه ابن خزيمة 2/ 31 (850)، وابن حبّان 5/ 353 (2011)، والألباني.

(3)

المسند 19/ 243 (12210)، ومسلم 4/ 1845 (2375) عن سفيان الثوري.

(4)

المسند 19/ 244 (12211). وعلي بن زيد، ابن جُدعان ضعيف. والحديث في صحيح ابن حبّان 1/ 249 (53) عن مالك بن دينار عن أنس. وصحّح المحقّق الحديث من المتابعات. وينظر مسند أبي يعلى 7/ 69، 72 (3992، 3996).

ص: 134

(261)

الحديث الثامن والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لقد أُوذيتُ في اللَّه تعالى وما يُؤذى أحد، وأُخِفْتُ في اللَّه تعالى وما يُخاف أحد. ولقد أتت عليّ ثالثة من بين يومٍ وليلة ومالي ولبلال طعامٌ يأكله ذو كَبِد إلّا ما يُواري إِبطَ بلال"(1).

(262)

الحديث التاسع والثلاثون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يلعبُ مع الصبيان، فأتاه آتٍ فشقَّ بطنه، فاستخرجَ منه عَلَقَةً فرمى بها، وقال: هذه نصيبُ الشّيطانِ منك، ثم غسلَهُ في طَسْت من ذهب من ماء زمزم ثم لأَمَه، فأقبَلَ الصِّبيانُ إلى ظِئره فقالوا: قُتِل محمّد، قُتِلَ محمّد. فاستقبلْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد امتقَعَ لونُه.

قال أنس: فلقد كُنّا نرى أثر المخْيَط في صدره صلى الله عليه وسلم.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

وامتقع بمعنى تغيّر، ومثله انتقع.

(263)

الحديث الأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ أمّ سُليم سألتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرّجل. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رأت ذلك منكنّ فأنزلت فلتغتسلْ" قالت أمّ سليم: أو يكون ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: "نعم، ماءُ الرجل غليظٌ أبيضُ، وماء المرأة أصفرُ رقيقٌ، فأيّهم سبق -أو علا- أشبَهَه الولد".

(1) المسند 19/ 245 (12212) وإسناده صحيح على شرط مسلم، فحمّاد من رجاله. وقد أخرجه الترمذيّ من طريق حمّاد 4/ 556 (2472) وقال: حسن غريب. ثم شرحه بقوله: ومعنى هذا الحديث: حين خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم فارًّا من مكّة ومعه بلال، إنّما كان مع بلال من الطعام ما يحمله تحت إبطه. وهو في ابن ماجة 1/ 54 (151)، وأبي يعلى 4/ 145 (2423) ونقل محققه عن الترمذي أنه قال: حسن صحيح غريب، وكذلك نقل الألباني في الصحيحة 5/ 260 (2222). وصحّح الحديث ابن حبّان 4/ 515 (6560)، وصاحب المختارة 5/ 30 - 31 (1633، 1634).

(2)

المسند 19/ 251 (12221)، ومسلم 1/ 147 (162) من طريق حمّاد بن سلمة.

ص: 135

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(264)

الحديث الحادي والأربعون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمّد الجُعْفي قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا شيبان عن قتادة قال: حدّثنا أنس قال:

أُهديَ للنّبيّ صلى الله عليه وسلم جُبّةُ سُنْدس، وكان ينهى عن الحرير، فَعَجِبَ الناسُ منها، فقال:"والذي نفسُ محمّد بيده، لمناديلُ سعد بن معاذٍ في الجنّة خير من هذا".

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس وإسحق بن عيسى قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أنس بن مالك قال:

إنّ ملك الرُّوم أهدى للنبيّ صلى الله عليه وسلم مُسْتقةً من سُنْدُس، فلَبسَها، كأنّي أنظر إلى يدَيها تَذَبْذَبان من طولهما، فجعل القومُ يقولون: يا رسولَ اللَّه، أُنْزِلَتْ عليك هذه من السماء؟ فقال:"وما يُعْجِبُكم منها؟ فوالذي نفسي بيده، إنّ مناديل سعد بن معاذ في الجنّة خيرٌ منها" ثم بعثها إلى جعفر بن أبي طالب فَلَبِسَها. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّي لم أُعْطِكَها لِتَلْبَسَها" قال: فما أصنع بها؟ قال: "أرْسِلْ بها إلى أخيك النجاشيّ"(3).

المُسْتُقة: واحدة المساتق: وهي فِراء طوال الأكمام، وفيها لغتان: ضمّ التاء وفتحها، وأصلها بالفارسية: مُشْتَه، فعُرّب (4).

(265)

الحديث الثاني والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا سُفيان بن حسين عن عليّ بن زيد عن أنس قال:

(1) المسند 19/ 253 (12222)، ومسلم 1/ 250 (311) من طريق سعيد.

(2)

البخاريّ 5/ 230 (2615)، ومسلم 4/ 1916 (2469). والمسند 21/ 90 (13395) عن يونس.

(3)

المسند 21/ 92 (13400) قال المحقّق: إسناده ضعيف، ومتنه منكر. وأخرج أبو داود الحديث من طريق حمّاد عن علي بن زيد به 4/ 47 (4047). وقال عنه الألباني: ضعيف الإسناد. وتضعيفه لضعف علي بن زيد، ابن جدعان.

(4)

هذا عن شيخه الجواليقيّ في المعرّب 308. وينظر قصد السبيل للمحبّي 2/ 466.

ص: 136

أهدى الأُكَيدرُ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جَرّةً من مَنٍّ، فلمّا انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الصلاة مَرّ على القوم فجعل يُعطي كلّ رجل منهم قطعة، وأعطى جابرًا قطعة، ثم إنّه رجع إليه فأعطاه قطعة أخرى، فقال: إنك قد أعطيْتَني. فقال: "هذا لبنات عبد اللَّه"(1).

(266)

الحديث الثالث والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن عُبيد اللَّه بن أبي بكر عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه جمع أصابِعَه فوضَعَها على الأرض، فقال:"هذا ابنُ آدمَ" ثم رفعها فوضعَها خلف ذلك قليلًا وقال: "هذا أَجَلُه" ثم رمى بيده أمامَه فقال: "وثَمّ أمَلُه"(2).

وفي أفراد البخاريّ من حديث أنس قال: خطّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خُطوطًا وقال: "هذا الأملُ، وهذا أَجَلُه، فبينا هو كذلك إذ جاء الخطّ الأقرب"(3).

(267)

الحديث الرابع والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا حمّاد عن حميد عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "جاهِدوا المُشرِكين بأموالكم وأنفُسِكم وألسِنَتِكم"(4).

(268)

الحديث الخامس والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس بن مالك قال:

كان معاذ بن جبل يؤمُّ قومَه، فدخل حرامٌ وهو يريدُ أن يسقِيَ نَخلَه، فدخلَ المسجدَ ليُصلّيَ مع القوم، فلمَّا رأى معاذًا طوَّل تَجَوّزَ في صلاته ولَحِقَ بنخله، يسقيه [فلما قضى

(1) المسند 19/ 255 (12224). وفيه ابن جُدعان، وهو ضعيف. ولذا حكم البوصيري بضعف إسناده - الإتحاف 4/ 358 (4001).

ويعني ببنات عبد اللَّه أخوات جابر التي تركهنّ عبد اللَّه بعد أن قضى شهيدًا.

(2)

المسند 19/ 267 (12238). وهو صحيح على شرط مسلم. ومن طريق حمّاد في الترمذي 4/ 491 (2334)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أبي سعيد. وابن ماجة 2/ 1414 (4232). وصحّحه ابن حبّان 7/ 263 (2998) والألباني.

(3)

البخاريّ 11/ 236 (6418) وفيه: حدّثنا مسلم بن إبراهيم حدّثنا همَام عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس.

(4)

المسند 19/ 272 (12246) والنسائي 6/ 7، وهو صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو داود 3/ 10 (2504) من طريق حمّاد، وصحّحه الحاكم من طريق حمّاد 2/ 81 على شرط مسلم، ووافقه الذهبيّ، وصحّحه ابن حبّان 11/ 6 (4708)، وهو في المختارة 5/ 271 - 273 (1902 - 1907).

ص: 137

معاذٌ الصلاة قيل له: إنّ حَرامًا دخل المسجدَ، فلمّا رآك طوَّلْت تَجَوّز في صلاته ولَحِق بنخله يسقيه] (1) قال: إنّه لمُنافق، أيعجلُ عن الصلاة من أجل يسَقي نَخلِه! قال: فجاء حرام إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومعاذ عنده فقال: يا نبيّ اللَّه، اني أردتُ أن أسقيَ نخلًا لي، فدخلتُ المسجد لأصلّيَ مع القوم، فلمّا طوّل تَجَوّزتُ في صلاتي ولَحِقْتُ بنخلي أسقي، فزعمَ أنّي منافق. فأقبل النّبيّ صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال:"أفتّانٌ أنت، أفتّانٌ أنت! ، لا تُطوِّلْ بهم، اقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوهما"(2).

(269)

الحديث السادس والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا العوّام بن حَوْشَب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لمّا خلقَ اللَّهُ الأرضَ جَعَلَتْ تَميدُ، فخلقِ الجبالَ فألقاها عليها، فاستقرّت، فتعجّبت الملائكة من خَلْق الجبال، فقالت: يا ربّ، هل في خلقك شيء أشدُّ من الجبال؟ قال: نعم، الحديد. قالت: يا ربّ، هل في خلقك شيءٌ أشدّ من الحديد؟ قال: نعم، النّار. قالت: يا ربّ، هل في خلقك شيءٌ أشدُّ من النّار؟ قال: نعم، الماء. قالت: يا ربّ، فهل في خلقك شيءٌ أشدّ من الماء؟ قال: نعم، الرّيح. قالت: يا ربّ، فهل في خلقك شيءٌ أشدّ من الرّيح؟ قال: نعم، ابن آدم، يتصدّق بيمينه يُخفيها من شماله"(3).

(270)

الحديث السابع والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المُثَنّى معاذ بن معاذ العنبري قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا ثابت البُناني عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]

(1) سقط من النسخة أو من المؤلف من قوله "فلمّا قضى. . . يسقيه" بانتقال النظر.

(2)

المسند 19/ 272 (12247). والحديث في المختارة 6/ 279 - 281 (2292، 2293). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 74: ورجال أحمد رجال الصحيح. وهو كما قال. والحديث متّفق عليه عن جابر - ينظر الجمع 2/ 351 (1570).

(3)

المسند 19/ 276 (12253)، ومسند أبي يعلى 7/ 248 (4360)، ولم يحسّن المحققّون إسناده؛ لأن سليمان لم يوثقه غير ابن حبّان. وأخرجه الترمذي 5/ 423 (3369) من طريق يزيد وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه. وضعّفه الألباني. واختاره الضياء 6/ 152 - 154 (2148 - 2150)، وحسّن محقّقه إسناده.

ص: 138

قال: قال هكذا - يعني أنّه أخرج طَرَف الخِنْصَر. قال أحمد: وأرانا معاذٌ. فقال له حُميد الطويل: ما تريدُ إلى هذا يا أبا محمّد؟ قال: فضربَ صدرَه ضربةً شديدةً وقال: مَنْ أنت يا حُميد، وما أنت يا حميد؟ يُحدّثُني به أنس بن مالك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وتقول: ما تريدُ إليه! (1).

(271)

الحديث الثامن والأربعون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد الرحيم المُحاربيّ قال: حدّثنا زائدة عن حُميد الطويل عن أنس قال:

أخّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلّى، ثم قال:"قد صلّى النّاسُ وناموا. أما إنّكم في صلاة ما انتظرْتُموها"(2).

(272)

الحديث التاسع والأربعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: [حدّثنا همّام قال: ](3) حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه عن أنس بن مالك:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يَطْرُقُ أهلَه ليلًا، كان يدخلُ عليهم غُدوةً أو عشيًّا.

أخرجاه (4).

(273)

الحديث الخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أن أمّ سُليم بعثت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقِناع عليه رُطَبٌ، فجعل يقبِضُ قَبضة فيبعث بها إلى بعضِ أزواجه، ثم يقبض القَبضة فيبعثُ بها إلى بعض أزواجه، ثم جلس وأكل بقيّتَه أكلَ رجلٍ يُعْلَمُ أنّه يَشْتَهيه (5).

(1) المسند 19/ 281 (12260). وأخرجه الترمذي 5/ 248 (3074) من طريق سليمان بن حرب عن حمّاد وقال: حديث حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث حمّاد بن سلمة. ثم ذكر أنه روي بنحوه من طريق معاذ، وقال: هذا حديث حسن. وصحّحه الحاكم 1/ 320 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصحّحه الألباني. وينظر السنة 1/ 336، 337 (490 - 492)، والمختارة 5/ 54 - 58 (1672 - 1675).

(2)

البخاريّ 2/ 51 (572) ولم يشر المؤلف إلى انفراد البخاريّ به.

(3)

تكلمة أخّلت بها النسخ.

(4)

المسند 19/ 284 (12263)، ومسلم 3/ 1527 (1928)، وفي البخاريّ 3/ 619 (1800) عن همام.

(5)

المسند 19/ 286 (12267). وإسناده صحيح. وهو في مسند أبي يعلى 7/ 277 (2896). وصحيح ابن حبّان من طريق هُدبة عن همّام 2/ 469 (695).

ص: 139

القِناع: الطبق الذي يؤكل عليه.

(274)

الحديث الحادي والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حَرَميّ ابن عُمارة قال: حدّثنا مُرَجَّى بن رجاء عن عُبيد اللَّه بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان يومُ الفِطرِ لم يخرجْ حتى يأكلَ تَمَراتٍ، يأكُلُهُنّ إفرادًا.

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(275)

الحديث الثاني والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا ابن لَهيعَةَ قال: حدّثنا يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن أنس:

أن رسول اللَّه نهى أن يبيعَ الرّجلُ فِحْلَة فرسه (2).

المراد به ضِرابُه.

(276)

الحديث الثالث والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا ابن لَهيعة قال: حدّثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس ابن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ بني إسرائيلَ تفرّقتْ إحدى وسبعين فِرقةً، فهَلَكَتْ سبعون فِرقةً، وخَلَصت فِرقةٌ واحدة. وإنّ أُمّتي ستفترقُ على اثنتين وسبعين فِرقة، تَهْلِكُ إحدى وسبعون فرقة، وتخلُص فرقة". قيل: يا رسول اللَّه، من تلك الفرقة؟ قال:"الجماعة، الجماعة"(3).

(1) المسند 19/ 287 (12268) وأخرجه البخاريّ تعليقًا 2/ 446 (953) بعد أن وصله من طريق هشيم عن عُبيد اللَّه. وصحّحه ابن خزيمة 2/ 342 (1429) من طريق المرجّى.

(2)

المسند 19/ 460 (12477) وصحّح المحقّق الحديث، وضعّف إسناده لسوء حفظ ابن لهيعة. والحديث في الترمذي 3/ 573 (1274)، والنسائي 7/ 310 من طريق إبراهيم بن حُميد عن هشام عن محمّد ابن إبراهيم عن أنس. قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم. وقد روى قبله 3/ 572 (1273) حديثًا عن ابن عمر وصحّحه، وذكر أن في الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي سعيد. وصحّح الألباني حديث أنس المروي في الترمذي والنسائي. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 280 (3592).

(3)

المسند 19/ 462 (12479). قال المحقّق: صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، ابن لَهيعة سيّء الحفظ، ورواية سعيد عن أنس مرسلة. وقال الألباني - الصحيحة 1/ 406: وسنده حسن في الشواهد. وقد رواه ابن ماجة 2/ 1322 (3993) بإسناده إلى قتادة عن أنس. وقال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وصحّحه الألباني. وينظر إرواء الغليل 2/ 346.

ص: 140

(277)

الحديث الرابع والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا أبو ربيعة سِنان قال: سمعت أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتلى اللَّه عز وجل العبد المُسلمَ ببلاءٍ في جسده قال اللَّه عز وجل: اكْتُبْ له صالحَ عملِه الذي كان يعمل. فإن شفاه عسله وطهّرَه، وإنْ قبضَه غفر له ورَحِمَه"(1).

(278)

الحديث الخامس والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا محمّد بن ثابت قال: حدّثني أبي أنّ أنسًا حدّثه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مَرَرْتُم برياض الجنّة فارْتَعوا" قالوا: وما رياضُ الجنّة؟ قال: "حَلَقُ الذِّكْر"(2).

(279)

الحديث السادس والخمسون بعد المائة: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا أبو كُريب قال: حدّثنا يونس بن بُكير عن محمّد بن إسحق قال: حدّثني موسى بن بلال بن أنس عن عمّه ثمامة بن أنس عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى الضُّحى ثنتي عشرة ركعةً بنى اللَّهُ له قصرًا في الجنّة من ذهب"(3).

(280)

الحديث السابع والخمسون بعد المائة: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا يزيد بن زُريع عن نفاس بن قَهم عن شدّاد أبي عمّار عن أبي هريرة (4) قال:

(1) المسند 19/ 483 (12503) قال المحقّق: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. وهو في الأدب المفرد 1/ 255 (501) وقال المحقّق: حسن صحيح. وينظر الإرواء 2/ 346. ونقل في النهاية 3/ 237: في شرح الحديث: قيل: يا رسول اللَّه، ما عسله؟ قال: "يفتح له عملًا صالحًا بين يدي موته حتى يرضى عنه من حوله. . " وأثبت محقق المسند "غسله".

(2)

المسند 19/ 498 (12523). وضعّف المحقّق إسناده لضعف محمّد بن ثابت. وهو في الترمذي 5/ 489 (3510). قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس. وحسّنه الألباني، وفصّل الكلام عنه في الصحيحة 6/ 130 (2562).

(3)

الترمذي 2/ 337 (473)، وقال: وفي الباب عن أم هانىء، وأبي هريرة. . . ثم قال: حديث أنس حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وهو بهذا السند في ابن ماجة 1/ 439 (1380)، وجعله الألباني في ضعيف الترمذي، وابن ماجة.

(4)

لا أدري كيف يُفسّر ورود هذا الحديث هنا، ولا علاقة لأنس به!

ص: 141

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على شُفْعة الضُّحى غُفِرَ له ذنوبُه وإن كانت مثلَ زَبَد البحر".

لا يُعرف إلّا من حديث النهّاس، وهو ضعيف (1).

(281)

الحديث الثامن والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: شُعبة أخبرناه عن هشام بن زيد بن أنس عن جدّه أنس بن مالك قال:

دخلْتُ على رسول اللَّه وهو يَسِمُ غَنَمًا في آذانِها (2).

(282)

الحديث التاسع والخمسون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز بن أسَد قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس ابن مالك:

أنّ هوازن جاءت يومَ حُنين بالصبيان والنّساء والإبل والنّعم، فجعلوها صُفوفًا يُكَثّرون على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمّا التقَوا ولّى المسلمون مُدْبِرين كما قال اللَّه عز وجل (3)، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا عِبادَ اللَّه، أنا عبدُ اللَّه ورسولُه" فهزمَ اللَّهُ المشركين. وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قَتَل كافرًا فله سَلَبُه" فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلًا وأخذ أسلابَهم. قال: وقال أبو قتادة: يا رسول اللَّه، ضربتُ رجلًا على حبل العاتِق وعليه دِرعٌ فأُجهِضْتُ عنه، فانظر من أخذَها. فقام رجل فقال: أنا أخذْتُها، فأرْضه منها، وأعْطِنيها. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يُسْأَلُ شيئًا إلا أعطى أو سَكَت، فَسَكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: لا واللَّه، لا يُفيئها اللَّه على أَسَدٍ من أُسْدِه ويُعْطيكَها، فضحِكَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:"صدق عمر".

(1) الترمذي 2/ 341 (476). قال: وقد روى وكيع والنضر بن شميل وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نهّاس بن قهم، ولا نعرفه إلّا من حديثه. وهو في سنن ابن ماجة 1/ 440 (1382)، والمسند 15/ 446 (9710)، 16/ 276، 291 (10447، 10480) عن نهّاس. وجعله الألباني في ضعيف الترمذيّ وابن ماجة. ونهّاس -كما قال المؤلّف- ضعيف: الجرح 8/ 511، والتقريب 2/ 627.

(2)

المسند 20/ 142 (12725)، وهو عن شعبة في البخاريّ 9/ 670 (5542)، ومسلم 3/ 1674 (2119)، ولم يشر المؤلّف إلى إخراجهما له.

(3)

وذلك قوله تعالى في سورة التوبة، الآية 25:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} .

ص: 142

قال: وكانت أُمُّ سُليم معها خِنْجَرٌ، فقال أبو طلحة: ما هذا معكِ؟ قالت: اتّخَذْتُه إن دنا منّي بعضُ المشركين أن أبْعَجَ بطنَه. فقال أبو طلحة: يا رسول اللَّه، ألا تسمعُ ما قالت أمُّ سُليم؟ فقالت: يا رسول اللَّه، اقْتُلْ مَن بعدَنا من الطُّلَقاء، انهزموا بك (1). قال:"إنّ اللَّه قد كفى وأحسنَ يا أمّ سُليم"(2).

قلت: ذِكْرُ عمر في هذا الحديث وَهَم، وإنّما الذي قال أبو بكر (3).

ومعنى أُجهضت عنه: دُفِعْتُ.

والطُّلقاء: الذي أطْلَقَهَم يومَ الفتح ومَنّ عليهم.

وقد أخرج مسلم من هذا الحديث قصّة أمّ سليم فحسب منفردًا بها.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا نافع أبو غالب الباهليّ، شَهِدَ أنس بن مالك وقال له العلاء بن زياد العدوي:

يا أبا حمزة، بسِنِّ أيّ الرّجال كان رسول اللَّه إذ بُعِثَ؟ قال: ابن أربعين سنة. قال: ثم كان ماذا؟ قال: ثم كان بمكّة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، فتمّت له ستون سنة (4)، ثم قبضه اللَّه عز وجل إليه. قال: سِنّ أيِّ الرّجال هو يومئذ؟ قال: كأشبِّ الرّجالِ وأحسنِه وأجملهِ وألْحَمِه.

(1) انهزموا بك: أي عنك.

(2)

المسند 20/ 291 (12977). وأخرج مسلم من طريق بهز، كما أخرج من طريق يزيد عن حمّاد عن ثابت عن أنس، قصة اتّخاذ أم سليم الخنجر، إلى آخر الحديث 4/ 1442، 1443 (1809). والحديث بطوله صحّحه ابن حبّان 11/ 169 (4838).

(3)

الذي قاله المؤلّف هنا هو الوارد في الصحيحين، فقد أخرج البخاريّ 6/ 247 (3142)، 7/ 36 (4322)، ومسلم 3/ 1370 (1751) الحديث في مسند أبي قتادة، وأن أبا بكر هو قائل ذلك. ونقل الإمام ابن حجر 8/ 40 في شرحه الحديث ما جاء في المسند من هذه الرواية، ثم قال: وهذا الإسناد قد أخرج به مسلم بعض هذا الحديث، وكذلك أبو داود [(3/ 71) 2718)]، ولكن الرّاجح أن الذي قال ذلك أبو بكر، كما رواه أبو قتادة وهو صاحب القصة، فهو أتقن لما وقع فيها من غيره، ويحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضًا قال ذلك تقوية لقول أبي بكر. واللَّه أعلم.

(4)

تحدّث المؤلّف في كشف المشكل 2/ 354 عن عمر النّبي صلى الله عليه وسلم، وأن الصواب أنه توفّي عن ثلاث وستّين سنة، أما من قال: عن ستين سنة فقصد أعشار السنين.

ص: 143

قال: يا أبا حمزة، هل غزوتَ مع نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، غزوْتُ معه يوم حُنين، فخرج المشركون بكثرة، فحملهوا علينا حتى رأيْنا خيلَنا وراء ظهورنا، وفي المشركين رجلٌ يملُ علينا فيدُقُّنا ويَحْطِمنا، فلما رأى ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نَزَل، فهَزَمَهم اللَّه، فولّوا (1)، فقال رجل من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنّ عليّ لَنَذْرًا: إن جيء بالرّجل الي كان منذُ اليوم يحطِمُنا لأضرِبَنّ عُنُقه. قال: فسكتَ نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وجيءَ بالرجل، فلما رأى نبيَّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: يا نَبيَّ اللَّه، تُبْتُ إلى اللَّه يا نَبيَّ اللَّه، تُبْتُ إلى اللَّه. قال: فأمسك نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يُبَايعَه ليُوفيَ الآخَرُ نَذْرَه. قال: فجعل ينظرُ إلى نبيّ اللَّه لِيأمره بقتله، وجعلَ يهابُ نبيَّ اللَّه أن يقتُلَه، فلمَّا رأى نبيُّ اللَّه أنّه لا يصنع شيئًا بايَعَه، فقال: يا نبيّ اللَّه، نذري؟ فقال:"لم أُمْسِك عنه منذُ اليوم إلا لتُوفيَ نَذرك" فقال: يا نبيّ اللَّه، ألا أَوْمَضْتَ إليّ؟ فقال:"إنّه ليسَ لنبيّ أن يُومِض"(2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عارِم قال: حدّثنا مُعْتمر بن سُليمان التّيمي قال: سمعتُ أبي يقول: حدّثنا السُّميط السَّدوسي عن أنس بن مالك قال:

لما (3) فتحْنا مكّة، ثم إنّا غزونا حُنينًا، فجاء المُشركون بأحسن صُفوف رُؤيت -أو رَأَيْتُ-، فَصُفَّتِ الخيلُ، ثم صُفَّتِ المقاتلةُ، ثم صُفّتِ النّساءُ من وراء ذلك، ثم صُفَّت الغَنَمُ، ثم صُفَّت النَّعَمُ. قال: ونحنُ بَشَرٌ كثير قد بلغْنا ستّة آلاف، وعلى مُجَنِّبة خيلنا خالدُ بن الوليد. قال: فجعلتْ خيولُنا تلوذُ خلفَ ظُهورنا. قال: فلم نَلْبَثْ أن انكشفَت خيلُنا، وفرّت (4)، وفرّت الأعرابُ ومن تعلَمُ من النّاس. قال: فنادى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا لَلْمُهاجرين، يا لَلْمُهاجرين" ثم قال: "يا لَلأنصار، يا لَلأنصار" قال أنس: هذا حديث

(1) أسقط المؤلّف "فقام نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم حين رأى الفتح، فجُعِلَ يُجاءُ بهم أسارى رجلًا رجلًا، فيبايعونه على الإسلام.

(2)

المسند 20/ 8 (12529). ورجاله رجال الشيخين غير نافع -أو رافع- أبي غالب، فقد روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وهو صالح الحديث - التهذيب 8/ 394. وأخرج أبو داود الحديث 3/ 208 (3194) من طريق عبد الوارث. وقال الألباني: صحيح.

(3)

"لمّا" ليست في المسند.

(4)

"وفرّت" ليست في المسند ومسلم.

ص: 144

عِمِّيّة (1). قال: قُلْنا: لبّيك يا رسولَ اللَّه. قال: فتَقَدّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وايم اللَّه، ما أتيْنَاهم حتى هزمَهم اللَّه عز وجل، فقبضْنا ذلك المالَ.

ثم انطلقنا إلى الطائف، فحاصرْناهم أربعين ليلةً، ثم رجعْنا إلى مكّة. قال: فنزلْنا، فجعلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يعطي الرّجل المائة، ويعطي الرّجلَ المائة، فتحدّثت الأنصار بينَها: أمّا من قاتَلَه فيُعْطيه، وأمّا من لم يقاتِلْه فلا يعطيه. فرُفع الحديث إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمر بسَراة المهاجرين والأنصار أن يدخلوا عليه، ثم قال:"لا يَدْخُلَنّ عليّ إلّا أنصاريٌّ". قال: فدخلْنا القُبّة حتى ملأْنا القُبّةَ. فقال نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ الأنصار، ما حديث أتاني؟ " قالوا: ما أتاك يا رسول اللَّه؟ قال: "ألا تَرْضَوْن أن يذهَبَ الناسُ بالأموال وتذهبون برسول اللَّه حتى تُدْخِلوه بيوتَكم؟ " قالوا: رَضينا يا رسول اللَّه. فقال: "لو أخذ الناس شِعبًا وأخذتِ الأنصارُ شِعْبًا أخذْتُ شِعْبَ الأنصار" قالوا: رَضِينا يا رسول اللَّه.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزُّهريّ قال: أخبرني أنس ابن مالك:

أن ناسًا من الأنصار قالوا يوم حُنين حين أفاء اللَّه عز وجل على رسوله أموال هوازن، فَطَفِق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُعطي رجالًا من قُريش المائة من الإبل كلَّ رجل، فقالوا: يغفرُ اللَّه لرسول اللَّه، يُعطي قُريشًا ويتركُنا وسُيوفُنا تقطُرُ من دمائهم. قال أنس: فحُدِّث رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فَجَمَعَهم في قُبّة من أَدَم، لم يَدْعُ أحدًا غيرهم، فلمّا اجتمعوا حدَّثهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"ما حديثٌ بلغَني عنكم؟ " فقالت الأنصار: أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيئًا، وأمّا أناسٌ حديثةٌ أسنانُهم فقالوا كذا وكذا - للّذي قالوا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّي لأُعطي رجالًا حُدَثاءَ عهدٍ بكُفر أتألّفُهم، أفلا ترضَون أن يذهبَ النّاس

(1) ضبط للعلماء هذه اللفظة بوجوه مختلفة. ينظر في ذلك النووي 7/ 161.

(2)

المسند 20/ 57 (12608). والحديث في مسلم 2/ 736 (1059)، من طريق المعتمر به. وعارم، محمّد بن الفضل، أبو النعمان السّدوسي، من رجال الشيخين. وقد أخرج البخاريّ ومسلم الحديث من طرق، وبروايات مختلفة. ينظر الجمع 2/ 493 (1857).

ص: 145

بالأموال، وترجعون برسول اللَّه إلى رحالكم؟ فواللَّه لما تنقلبون به خيرٌ مما ينقلبون به" قالوا: أَجَل يا رسول اللَّه، قد رَضينا. فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّكم ستجدون بعدي أَثَرَةً شديدةً، فاصبروا حتى تلْقَوا اللَّه عز وجل ورسوله، فإنّي فَرَطُكم على الحوض" قال أنس: فلم نصبر.

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدثنا أحمد قال حدثنا محمّد بن جعفر، قال: حدثنا شُعبة قال: سمعتُ قتادة يحدّث عن أنس بن مالك قال:

جمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال: "فيكم أحدٌ من غيركم؟ " قالوا: إلا ابنَ أختٍ لنا. فقال: "ابنُ أخت القومِ منهم" فقالوا: إنّ قُريشًا حديثُ عهدٍ بجاهلية ومُصيبة، وانّي أردْتُ أن أجْبُرَهم وأتألَّفهم. أما ترضَون أن يرجعَ النّاسُ بالدُّنيا، وترجعون برسول اللَّه إلى بيوتكم؟ لو سَلَكَ النّاس واديًا، وسلَكَتِ الأنصارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأنصار".

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك قال:

دعانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليكتُبَ لنا بالبَحْرَين قَطِيعةً، قال: فقُلْنا: لا، إلّا أن تكتُبَ لإخواننا من المهاجرين مثلَها. قال:"إنّكم ستلقَون بعدي أَثَرَةً، فاصْبِروا حتى تلقَوني" قالوا: فإنّا نصبر (3).

(1) المسند 20/ 122 (12696)، وعن الزهري في البخاريّ 6/ 250 (3147)، ومسلم 2/ 733 (1059). وينظر الجمع 2/ 493 (1857).

(2)

المسند 20/ 168 (12766)، والبخاريّ 8/ 53 (4334)، ومسلم 2/ 735 (1059).

(3)

المسند 20/ 130 (12706). وقد أخرجه البخاريّ عن يحيى 7/ 117 (3793)، ولم ينبّه على ذلك المؤلف. وأبو معاوية، محمّد بن خازم من رجال الشيخين.

ص: 146

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حُميد عن أنس:

جمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشرَ الأنصار، ألم آتِكم ضُلّالًا فهداكم اللَّهُ بي؟ ألم آتِكم متفرِّقين فجمعَكم اللَّهُ بي؟ ألم آتِكم أعداءً فألَّف اللَّهُ بين قلوبكم؟ "(1) قالوا: بلى يا رسولَ اللَّه. قال: "أفلا تقولون: جئْتَنا خائفًا فآمَنّاك، وطريدًا فآوَيْنَاك، ومَخْذولًا فنَصرْناك". قالوا: بل للَّه المنُّ علينا ولرسوله (2).

(283)

الحديث الستّون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا عبد العزيز عن أنس قال:

بينما نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم في نخلٍ لأبي طلحة يتبرّز لحاجته، قال: وبلالٌ يمشي وراءه، يُكْرِمُ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يمشيَ إلى جنبه، فمرّ نبيُّ اللَّه بقبرٍ، فقام حتى تمَّ (3) إليه بلال، فقال:"وَيْحَكَ يا بلالُ، هل تسمَعُ ما أسمَعُ؟ " قال: ما أسمَعُ شيئًا. قال: "صاحبُ القبر يُعَذَّبُ" فسُئِل عنه، فوُجِد يهوديًّا (4).

(284)

الحديث الحادي والستّون بعد المائة: وبالإسناد عن أنس قال:

كان قِرامٌ لعائشة قد سَتَرَتْ به جانبَ بيتها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أميطي عنّا قِرامَك هذا، فإنه لا تزالُ تصاويرُه تَعْرِضُ لي في صلاتي".

انفرد بإخراجه البخاريّ (5).

القِرام: السِّتر.

(285)

الحديث الثاني والستون بعد المائة: وبه عن عبد العزيز قال:

(1) في المسند (بي) عن بعض النسخ.

(2)

المسند 19/ 78 (12021)، وفضائل الصحابة 2/ 800 (1435)، وصحّح المحققون إسناده. وينظر تخريجهم للحديث.

(3)

تمّ: وصل واقترب.

(4)

المسند 20/ 10 (12530)، وصحّح المحقّق إسناده على شرط الشيخين. وقال الهيثمي 3/ 59: رجاله رجال الصحيح.

(5)

المسند 20/ 11 (12531)، والبخاريّ 1/ 484 (374) عن طريق عبد الوارث أبي عبد الصمد.

ص: 147

دَخَلْنا على أنس بن مالك مع ثابت، فقال له ثابت: إني اشتكيْتُ. فقال: ألا أرقيك برُقية أبي القاسم رضي الله عنه؟ قال: بلى، قال: قُلْ: "اللهمّ ربَّ الناس، مُذْهبَ الباس، اشف، أنت الشّافي، لا شافيَ إلا أنت، شفاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا".

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(286)

الحديث الثالث والستون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا إسحق ابن إبراهيم قال: أخبرنا مُعاذ بن هشام قال: حدّثني أبي عن قتادة قال: حدّثنا أنس بن مالك:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ومعاذ رديفه على الرَّحل: "يا معاذ بن جبل" قال: لبَّيْك يا رسول اللَّه وسَعْدَيك - ثلاثًا. قال: "ما من أحد يشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمّدًا رسول اللَّه، صِدْقًا من قلبه، إلا حرّمه اللَّهُ على النّار". قال: يا رسول اللَّه، أفلا أُخْبِرُ به النّاس فيستبشرون؟ قال:"إذن يتَّكلوا" فأخبرَ بها معاذٌ عند موته تأثُّمًا.

أخرجاه (2).

ومعنى قوله: تأثُّما: خوفًا من أن يأثمَ بكتمانها.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْت أبا حمزةَ جارنا يُحدِّث عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: "اعلمْ أنّه مَن ماتَ يشهدُ أنْ لا إله إلا اللَّه دخلَ الجنّة"(3).

(287)

الحديث الرابع والستّون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 20/ 12 (12532). وفي البخاريّ 10/ 206 (5742) من طريق عبد الوارث.

(2)

البخاريّ 1/ 226 (128)، ومسلم 1/ 61 (32). وينظر المسند 20/ 55 (12606).

(3)

المسند 19/ 339 (12332). قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. وينظر تمام تخريجه فيه. وقال البوصيري في الإتحاف 1/ 56 (18) عن السند: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأبو حمزة اسمه عبد الرحمن بن عبد اللَّه.

ص: 148

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن كذبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه من النّار".

أخرجاه (1).

(288)

الحديث الخامس والستّون بعد المائة: وبه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلَ الخلاء قال: "اللهمّ إني أعوذُ بك من الخُبْثِ والخبائث".

أخرجاه (2).

(289)

الحديث السادس والستّون بعد المائة: وبه:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تَسَحّروا؛ فإنّ في السَّحور بركة".

أخرجاه (3).

(290)

الحديث السابع والستّون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شُعبة عن قتادة عن أنس:

أنّ بَريرةَ تُصُدِّقَ عليها بصدقة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هو لها صَدَقَةٌ، ولنا هَدِيّة".

أخرجاه (4).

(291)

الحديث الثامن والستّون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حميد عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُصلّي ذات ليلة في حجرته، فجاءه أناسٌ فصلَّوا بصلاته، فخفّف ودخلَ البيتَ ثم خرجَ، فعادَ مِرارًا، كلُّ ذلك يُصَلّي. فلمّا أصبح قالوا: يا رسول اللَّه، صلّيْتَ ونحن نُحِبُّ أن تَمُدَّ في صلاتك. قال:"قد عَلِمْتُ بمكانكم، وعمدًا فعلتُ ذلك"(5).

(1) المسند 19/ 9 (11942) والبخاريّ 1/ 201 (108)، ومسلم 1/ 10 (2) عن عبد العزيز.

(2)

المسند 19/ 13 (11947)، ومسلم 1/ 283 (375). وفي البخاريّ 1/ 242 (142) عن عبد العزيز. والخبث تقال بضم الباء وسكونها، جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة أي: ذكران الشياطين وإناثهم.

(3)

المسند 19/ 15 (11950)، ومسلم 2/ 770 (1095). وفي البخاريّ 4/ 139 (1923) عن عبد العزيز.

ويروى السحور بفتح السين: وهو ما يُتَسَحّرُ به. وبضمّها وهو المصدر.

(4)

المسند 19/ 202 (12159)، وعن شعبة في البخاريّ 3/ 356 (1495)، ومسلم 2/ 755 (1074).

(5)

المسند 19/ 64 (12005). وإسناده صحيح، وصحّحه ابن خزيمة 3/ 61 (1627) من طرق عن حميد. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 401 (3755). وقال في المجمع: رواه أبو يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 149

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي في رمضان، فجئتُ فقُمْتُ خَلفَه، قال: وجاء رجلٌ فقام إلى جنبي، ثم جاء آخر، حتى كُنّا رهطًا، قال: فلمّا أحسَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّا خلفه تَجَوّز في الصلاة، ثم قام فدخلَ منزله، فصلَّى صلاة لم يُصَلِّها عندَنا، فلمّا أصبحْنا قُلْنَا: يا رسول اللَّه، أفَطِنْتَ بنا الليلة؟ قال:"نعم، فذاك الذي حمَلَني على الذي صنعتُ". ثم أخذ يواصل، وذلك في آخر الشّهر، فأخذَ رجالٌ يُواصلون من أصحابه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما بالُ رجال يُواصلون! إنّكم لَسْتُمْ مِثلي، أما واللَّه لو مُدّ لي الشّهرُ لواصلْتُ وِصالًا يدعُ المُتَعَمِّقون تَعَمُّقَهم".

انفرد بإخراجه مسلم. وأخرج البخاريّ ذكر الوِصال (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن حميد عن أنس قال:

واصل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فواصلَ ناسٌ، فقال:"إني لَسْتُ مِثلكم، إنّي أَظَلُّ يُطْعِمني ربّي ويَسْقيني"(2).

(292)

الحديث التاسع والستّون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه قال: حدّثني سليمان عن شريك بن عبد اللَّه أنّه قال:

سمعتُ أنس بن مالك يقول:

ليلةَ أُسري برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة جاءه ثلاثةُ نفرٍ قبلَ أن يُوحى إليه وهو نائمٌ في المسجد الحرام، فقال أوّلُهم: أيُّهم هو؟ فقال أوسَطَهُم: هو خيرُهم. فقال أحدُهم:

(1) المسند 20/ 314 (13012). وهو في مسلم 2/ 775، 776 (1104) من طريق سليمان. وذكر الوصال -كما ذكر المؤلّف- في البخاريّ عن قتادة وثابت 4/ 202 (1961)، 10/ 224 (7241).

(2)

لم أقف على هذه الرواية في المسند، وقد روي معناه في مواضع عن حميد عن أنس. ينظر الطريق الأول من هذا الحديث، وحاشية صفحة المسند. وفي المسند 19/ 274 (12248) عن ابن أبي عدي عن حميد عن ثابت عن أنس قريب من هذا. وفي 20/ 358 (13070) عن يزيد عن حميد عن ثابت قريب منه.

ص: 150

خُذوا خيرَهم، فكانت تلك الليلةَ، فلم يَرَهم حتى أتَوه ليلة أخرى فيما يرى قلبُه، وتنامُ عينُه ولا ينام قلبُه، وكذا الأنبياء تنامُ أعينُهم ولا تنامُ قلوبُهم، فلم يُكلّموه حتى احتملوه فوضعوه عندَ بئر زمزمَ، فتولّاه منهم جبريل، فشقَّ جبريلُ ما بين نَحرِه إلى لَبَّتِه (1) حتى فَرَغَ من صَدره وجوفه، فغسَلَهُ بماء زمزم بيده حتى أنقى جوفَه، ثم أتى بطَست من ذهب فيه تَور (2) من ذهب محشوّ إيمانًا وحكمة، فحشا به صدرَه ولغايدَه -يعني عروق حَلْقه- ثم أطْبَقَه، ثم عَرَجَ به إلى السّماء الدُّنيا، فضربَ بابًا من أبوابها، فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريلُ. فقالوا: ومن معك؟ فقال: معي محمّد. قالوا: وقد بُعِثَ؟ قال: نعم. قالوا: فمرحبًا به وأهلًا، يستبشرُ به أهلُ السّماء، لا يعلمُ أهلُ السّماءِ ما يريدُ اللَّهُ به في الأرض حتى يُعْلِمَهم، فوجدَ في السماء الدُّنيا آدمَ، وقال له جبريلُ: هذا أبوك آدمُ فسلِّم عليه، فسلَّم عليه، وردّ عليه آدمُ، وقال: مرحبًا وأهلًا يا بُنَيّ، نعم الابن أنت، فإذا هو في السّماء الدُّنيا بنهرين يطّردان (3)، فقال: ما هذان النّهران يا جبريل؟ قال: هذا النيل والفراتُ عنصرُهما، ثم مضى به في السّماء الدُّنيا، فإذا هو بنهر آخرُ عليه قصرٌ من لؤلؤٍ وزَبَرْجَد، فضربَ يدَه فإذا هو مسكٌ أذفرُ (4)، فقال ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكوثرُ الذي خَبَأَ لكَ رَبُّك. ثم عرج إلى السّماء الثّانية، فقالت الملائكة مثلَ ما قالت له الأولى: من هذا؟ قال: جبريلُ. قالوا: ومن معك؟ قال: محمّد. قالوا: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلا. ثم عرج به إلى السّماء الثّالثة، فقالوا له مثلَ ما قالت الأُولى والثّانية، ثم عرج به إلى السّماء الرّابعة، فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى الخامسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السّماء السّادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السّابعة فقالوا له مثل ذلك، كلُّ سماءٍ فيها أنبياء قد سمّاهم، فأوعيتُ منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة، بتفضيل كلام اللَّه. فقال موسى: ربّ، لم أظنّ أن ترفعَ عليّ أحدًا. ثم علا به فوقَ ذلك بما لا يعلمُه إلّا اللَّه عز وجل، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبّارُ ربُّ العزّة فتدلّى حتى

(1) اللّبّة: موضع القلادة من الصدر.

(2)

التَّور: وعاء يوضع فيه الماء.

(3)

يطّردان: يجريان.

(4)

أذفر: طيب الريح.

ص: 151

كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه فيما أوحى خمسين صلاةً على أمّتك كلّ يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى، فاحتبَسَه موسى فقال: يا محمّد، ماذا عَهِدَ إليك ربُّك؟ قال: عَهِدَ إليّ خمسين صلاة في كلّ يوم وليلة. قال: إنّ أمّتك لا تستطيعُ ذلك، فارْجعْ فليخفِّف عنك ربُّك وعنهم، فالتفت النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنّه يستشيرُه في ذلك، فأشار إليه جبريل: أنْ نعم إنْ شئْتَ، فعلا به إلى الجبّار تعالى، فقال وهو في مكانه: يا ربّ، خفِّف عنّا، فإنّ أُمّتي لا تستطيع هذا، فوضعَ عنه عشرَ صلوات، ثم رجع إلى موسى فاحتبَسَه، ولم يزلْ يُرَدّده موسى حتى صارت إلى خمس صلوات، ثم احتبسه موسى عند الخمس، فقال: يا محمّد، واللَّه لقد راودْتُ بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه، وأمّتُك أضعفُ أجسادًا وقُلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا، فارجعْ فليُخفِّف عنك ربُّك، كلُّ ذلك يلتفتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليُشيرَ عليه، ولا يكرهُ ذلك جبريل، فرفعَه عند الخامسة فقال: يا ربِّ إنّ أمّتي ضعفاءُ أجسادُهم وقلوبُهم وأسماعُهم وأبصارُهم، فخفّفْ عنّا. فقال الجبّار: يا محمّد، قال: لبَّيْك وسعدَيك، قال: إنّه لا يُبَدَّلُ القولُ لديّ، كما فَرَضتُ عليك في أمّ الكتاب، فكلُّ حسنةٍ بعشر أمثالها، فهنّ خمسون في أمّ الكتاب، وهنّ خمسٌ عليك. فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلتَ؟ فقال خفّفَ عنّا، أعطانا بكلِّ حسنةٍ عشرَ أمثالها. قال موسى: قد -واللَّه- راودْتُ بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، فارجعْ إلى ربّك فليُخَفّفْ عنك أيضًا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا موسى، قد -واللَّه- اسْتَحْيَيْتُ من ربّي مما أختلفُ إليه" قال: فاهبط باسم اللَّه" فاستيقظ وهو في المسجد الحرام.

أخرجاه (1).

فإن قيل: فهذا يدلّ على أن المعراج كان منامًا.

فالجواب من وجهين: أحدُهما: أن يكون رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى في المنام ما سيجري له في ليلة المعراج، ولهذا قال في الحديث: قبل أن يُوحى إليه، وكان المعراج بعد اثنتي عشرة سنة من النبوّة. والثّاني: أن يكون التخليط في الحديث من شَريك بن عبد اللَّه، فإنّه

(1) هذه رواية البخاريّ 13/ 478 (7517). أما مسلم فقد أخرج 1/ 148 (162) طرفًا من حديث شريك، ثم قال: وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني (الذي سيأتي) وقدَّم فيه وأخَّر، وزاد ونقص. وينظر شرح الحديث في الفتح 7/ 203، 13/ 479.

ص: 152

كثير التفرّد بمناكير الألفاظ. ويحتمل أنّه لما رجع من المعراج نام، فانتبه وهو في المسجد الحرام (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت البُنانيّ عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ بالبُراق، وهو دابّةٌ أبيضُ، فوقَ الحمار ودونَ البَغل، يضعُ حافرَه عند مُنتهى طَرْفِه، فَركِبْتُه، فسارَ بي حتى أتيْتُ بابَ المَقدس، فرَبَطْتُ الدّابَةَ بالحَلَقة التي تربِطُ بها الأنبياءُ، ثم دخلْتُ فصلَّيْتُ فيه ركعتين، ثم خرجتُ، فجاءني جبريلُ بإناءٍ من خمر وإناءٍ من لبن، فاخْتَرْتُ اللّبن، فقال: أصبْتَ الفِطْرَة.

قال: ثم عُرِجَ بي إلى السّماء الدّنيا فاستفتحَ جبريلُ، فقيل: من أنت؟ فقال: جبريل. قيل: ومَن معك؟ قال: محمّد، فقيل: وقد أُرْسِلَ إليه؟ قال: قد أُرْسِلَ إليه، ففُتحَ لنا، فإذا أنا بآدمَ، فرحّب ودعا لي بخير، ثم عُرِجَ بنا إلى السّماء الثّانية، فاستفتح جِبريلُ، فقيل: مَن أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمّد، فقيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه، ففُتِح لنا، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى، فرحّبا ودَعَوا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السّماء الثّالثة، فاستَفْتَح جبريل، فقيل: مَن أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومَن معك؟ قال: محمّد. فقيل: وقد أُرسِل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه، ففُتح لنا، فإذا أنا بيوسفَ، فإذا هو قد أعطي شَطْرَ الحُسن، فرحَب ودعا لي بخير، ثم عُرِجَ بنا إلى السّماء الرّابعة، فاستفتح جبريلُ، فقيل: مَن أنت؟ فقال: جبريل. قيل: ومَن معك؟ قال: محمّد. فقيل: قد أُرسل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه، ففُتح الباب فإذا أنا بإدريس، فرَحّبَ ودعا لي بخير، ثم قال: يقولُ اللَّه تبارك وتعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57]. ثم عُرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستَفْتَح جبريلُ فقيل: من أنت؟ فقال: جبريل، قيل: ومَن معك؟ قال: محمّد، فقيل: قد بُعث إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففُتح لنا، فإذا أنا بهارونَ، فرحّبَ ودعا لي بخير، ثم عُرِجَ بنا إلى السّماء السّادسة، فاستفتحَ جبريل، فقيل: من

(1) ينظر تفصيل القول في هذه المسألة والمصادر في: كشف المشكل 3/ 211، ونور المسرى 103.

ص: 153

أنت؟ فقال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمّد، فقيل: قد بُعث إليه؟ قال: قد بُعِثَ إليه، ففُتح لنا، فإذا أنا بموسى، فرحّبَ ودعا لي بخير. ثم عُرِجَ بنا إلى السّماء السّابعة، فاستفتَح جبريلُ، فقيل: مَن أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ فقال: محمّد، قيل: وقد بُعِث إليه؟ قال: قد بُعِثَ إليه. ففُتحَ لنا، فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو مُسْتَنِدٌ إلى البيت المَعمور، وإذا هو يَدْخُلُه كلَّ يوم سبعون ألف مَلَك، ثم لا يعودون إليه. ثم ذُهِبَ بي إلى السِّدرة المنتهى، فإذا وَرَقُها كآذان الفِيلَة، وإذا ثَمَرُها كالقِلال، فلمَّا غَشِيها من أمر اللَّه ما غَشيَها تَغيّرت، فما أحدٌ من خلق اللَّه يستطيع أن يَصِفَها من حُسنها. قال: فأوحى اللَّهُ إليّ ما أَوحى، وفرض عليّ في كلّ يومٍ وليلة خمسين صلاة، فنزلتُ حتى انتهيْتُ إلى موسى، فقال: ما فرضَ ربُّك على أمَّتك؟ قال: قُلْتُ: خمسين صلاةً في كلّ يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربِّك فاسألهُ التخفيف، فإنّ أمّتك لا تُطيق ذلك، وإنّي قد بَلَوْتُ بني إسرائيلَ وخَبَرتُهم. قال: فرجَعْتُ إلى ربّي، فقُلْتُ: أيْ ربِّ، خَفِّفْ عن أُمّتي، فحطَّ عنّي خمسًا، فرجعْتُ إلى موسى فقال: ما فَعَلْتَ؟ قلت: حطَّ عنّي خمسًا. قال: إنّ أمّتك لا تُطيقُ ذلك، فارجعْ إلى ربك فاسْأْله التخفيف لأمّتك، قال: فلم أزلْ أرجعُ بين ربّي وبين موسى، ويَحُطُّ عنّي خَمسًا خَمسًا، حتى قال: يا محمّد، هي خمسُ صلوات في كلِّ يوم وليلة، بكلّ صلاة عشرٌ، فتلك خمسون صلاة، ومَنْ هَمَّ بحسنةٍ فلم يَعملْها كُتِبَت حسنةً، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ عَشرًا، ومن همَّ بسيئة فلم يَعْمَلْها لم تكتبْ شيئًا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَت سيّئةً واحدة. فنزلْتُ حتى انتهيْتُ إلى موسى، فأخْبَرته، فقال: ارْجعْ إلى ربِّك فاسأَلْهُ التخفيف لأمّتك، فإنّ أُمَّتك لا تُطيق ذلك. فقال رسول اللَّه: لقد رجعْتُ إلى ربّي تعالى حتى اسْتَحْيَيْتُ".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(293)

الحديث السبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أوّلُ من يُكْسَى حلّةً من النار إبليسُ، فيضعُها على حاجبيه، ويسحبُها من خلفه، وذرّيَّتُه من بعده، وهو يُنادي: يا ثُبوراه. وينادون يا ثُبورهم، حتى يقفوا

(1) المسند 19/ 485 (12505)، ومسلم 1/ 145 (162) عن حمّاد بن سلمة.

ص: 154

على النّار فيقول: يا ثُبوره، ويقولون: يا ثبورهم، فيقال لهم:{لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} (1).

(294)

الحديث الحادي والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا حميد عن أنس قال:

كان دُعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين: "اللهمّ إنّك إن تَشَأْ لا تُعْبَدُ بعد اليوم"(2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول يومَ أُحُد: "إنّك إن تَشَأْ لا تُعْبَدُ في الأرض".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(295)

الحديث الثاني والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا سليمان بن كثير قال: حدّثنا عبد الحميد عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانت تُعْجِبُه الفاغية. وكان أعجبَ الطّعامِ إليه الدُّبّاءُ (4).

قال الأصمعي: الفاغية: نَور الحِنّاء. وقال ابن جرير الطبري: الفاغية: ما أنبتت الصحراء من الأنوار الرَيحة التي لا تُزْرَع (5).

(1) المسند 20/ 14 (12536)، وخرجه المحقّق من بعض المصادر، وضعف إسناده لضعف علي بن زيد، ابن جدعان. قال في المجمع 10/ 395: رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد، وقد وثّق. وقال في إتحاف الخيرة 10/ 427 (10155): ومدار أسانيدهم على علي بن زيد، ابن جدعان، وهو ضعيف.

و{لَا تَدْعُوا. . .} من الآية 14 سورة الفرقان.

(2)

المسند 19/ 250 (12220)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وينظر الطريق التالي.

(3)

المسند 20/ 16 (12538) عن عبد الصمد وعفان، ومسلم 3/ 1363 (1743) عن عبد الصمد. وقد ورد في الصحيح أن عمر قاله يوم بدر. والعلماء على أنه يمكن أن يكون قيل أكثر من مرّة. ينظر شرح النووي 11/ 292، وكشف المشكل 1/ 134، 3/ 304، وتعليق محقّق المسند.

(4)

المسند 20/ 20 (12546). وحسن المحقّق إسناده.

(5)

نقل الأزهري في التهذيب 8/ 206 عن الأصمعي: الفاغية نور الحناء، وكلّ نور فاغية. والذي في كتاب النبات للأصمعي 32: الفغو والفاغية: ورد كل ما كان من الشجر له ريح طيبة، ولا يكون لغيره. وينظر غريب الحديث للمؤلف 2/ 200، والنهاية 3/ 5461.

ص: 155

(296)

الحديث الثالث والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق ابن سليمان قال: سمعتُ مالك بن أنس عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

كنْتُ أمشي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدٌ نَجْرانيٌّ غليظُ الحاشية، فأدرَكه أعرابيٌ فجَبَذَه جَبْذَةً، حتى رأيتُ صَفْحَ -أو صَفْحَةَ- عُنقِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد أثَّرَت بها حاشيةُ البُرد من شدّة جَبْذَتِه. فقال: يا محمّد، أعْطِني من مالِ اللَّه الذي عندك. فالْتَفَتَ إليه فَضَحِك، وأمرَ له بعَطاء.

أخرجاه (1).

(297)

الحديث الرابع والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن إسحق قال: حدّثنا يحيى بن أيوب قال: حدّثني أبو عبد اللَّه الأسديّ قال: سمعْتُ أنس ابن مالك يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اتّقُوا دَعوةَ المظلوم وإن كان كافرًا، فإنّه ليس دونه حجاب".

وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دَعْ مَا يَريبُك إلى ما لا يَريبُك"(2).

(298)

الحديث الخامس والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن ابن موسى قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت البُناني عن أنس بن مالك:

أنّ رجلًا قال: يا محمّد، يا سيِّدَنا وابنَ سيِّدِنا، وخيرَنا وابنَ خيرنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا أيّها النّاس، عليكم بقولكم (3)، ولا يَسْتَهوِيَنّكم الشّيطان، أنا محمّد بن عبد اللَّه، عبدُ اللَّه ورسوله، ما أُحِبُّ أن تَرفعوني فوقَ منزلتي التي أنزلني اللَّهُ عز وجل"(4).

(1) المسند 20/ 21 (12548)، ومسلم 2/ 730 (1057)، وفي البخاريّ 6/ 215 (3149) عن مالك.

(2)

المسند 20/ 22، 23 (12549، 12550) وحكم المحقّق بضعف الإسناد لجهالة أبي عبد اللَّه الأسديّ، وخرّجه من بعض المصادر. وقد سبق إلى هذا الحكم الهيثمي في المجمع 10/ 155 فقال: وأبو عبد اللَّه الأسديّ لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(3)

في المسند "بتقواكم".

(4)

المسند 20/ 23 (12551). ورجاله رجال الصحيح، حمّاد من رجال مسلم. وقد صحّحه ابن حبّان 14/ 133 (6240)، وهو في المختارة 5/ 25 - 27 (1626 - 1629). وصحّحه الشيخ ناصر في الأحاديث الصحيحة 3/ 88 (1097).

ص: 156

(299)

الحديث السادس والسبعون بعد المائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "الحمدُ للَّه الذي أطْعَمَنا وسقانا وكفانا وآوانا، وكم ممّن لا كافِيَ له ولا مُؤوي".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(300)

الحديث السابع والسبعون بعد المائة: وبه:

عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "حُفّتِ الجنّة بالمكاره، وحُفّتِ النّار بالشّهوات".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(301)

الحديث الثامن والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال حدّثنا عبد الواحد أبو عُبيدة عن سلّام أبي المنذر عن ثابت عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: حُبِّبَ إليَّ النِّساء والطِّيبُ، وجُعِلَتْ قُرّةُ عيني في الصلاة (3).

(302)

الحديث التاسع والسبعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال حدّثنا عبد الواحد قال حدّثنا حُميد عن أنس قال:

كنا نُصَلِّي (4) مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم ينطلقُ الرجلُ إلى بني سَلِمة وهو يرى موقعَ سَهمه (5).

(303)

الحديث الثمانون بعد المائة: حدّثنا البخاريّ قال حدّثنا مسدَّد قال حدّثنا عبد الوارث عن أبي التيّاح عن أنس قال:

قدم النّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة، فنزلَ في حيٍّ يقالُ لهم بنو عمرو بن عوف، فأقامَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم

(1) المسند 20/ 24 (12552)، ومسلم 4/ 2085 (2715) من طريق حمّاد.

(2)

المسند 20/ 28 (12559)، وفي مسلم 4/ 2174 (2822) من طريق حمّاد عن ثابت وحميد.

(3)

المسند 19/ 307 (12294). وهو في النسائي 7/ 61 من طريق سلام، وصحّحه الألباني، ورواه الحاكم 2/ 160 من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت (وهي رواية في النسائي أيضا، صحّحها الألباني) قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 99 (3482)، والمختارة 5/ 112، 113 (1736، 1737).

(4)

أي المغرب، كما في المسند وغيره من المصادر.

(5)

المسند 20/ 352 (13059)، وإسناده صحيح. ورواه أحمد من طرق. ينظر 19/ 184 (12136). ورواه أبو داود 1/ 112 (416) من طريق حمّاد عن ثابت، وصحّحه الألباني. وصاحب المختارة 6/ 40 - 42 (2005 - 2009). وللحديث شاهد عن رافع بن خديج - البخاريّ 2/ 40 (559).

ص: 157

فيهم أربع عشرة ليلةً، ثم أرسل إلى بني النجّار، فجاءوا بالسُّيوف، فكأنّي أنظرُ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر رِدْفُه وملأُ بني النّجار حوله، حتى ألقى بفِناء أبي أيّوب. وكان يُحِبُّ أن يُصَلّيَ حيث أدْرَكتْهُ الصلاة، ويُصَلّي في مرابض الغنم، وأنّه أمرَ ببناء المسجد، فأرسلَ إلى بني النّجار، فجاءوا فقال:"يا بني النجار، ثامِنُوني بحائِطكم هذا"، قالوا: لا واللَّه، ما نطلُبُ ثَمَنَه إلّا إلى اللَّه. قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبورُ المُشركين، وفيه خِرَب، وفيه نخل، فأمرَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقُبور المشركين فنُبِشَت، ثم بالخِرَبِ فسُوَيَت، وبالنَّخل فقُطع، فصفُّوا النخل قِبْلَة المسجد، وجعلوا عِضادَتَه بالحجارة، وجعلوا ينقُلون الصَّخر وهم يَرْتَجِزون، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يقول:"اللهمّ لا خيرَ إلا خيرُ الآخرة، فاغفِر للأنصار والمهاجرة".

أخرجاه (1).

(304)

الحديث الحادي والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد قال: حدّثنا ابن شهاب عن أنس بن مالك:

أنّه أبصرَ في يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاتَمًا من وَرِق يومًا واحدًا، فصنعَ النّاسُ خواتِيمَ من وَرِق (2)، فطَرَحَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطَرَحَ النّاسُ خواتيمَهم.

أخرجاه (3).

(305)

الحديث الثاني والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى ابن داود قال: حدّثنا زهير عن حميد عن أنس قال:

كان خاتَم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فضّة، فَصُّه منه.

انفرد بإخراجه البخاريّ (4).

(1) البخاريّ 1/ 524 (428). وفي مسلم 1/ 373 (524)، والمسند 20/ 430 (13208) عن عبد الوارث.

(2)

الوَرِق: الفضة.

(3)

المسند 20/ 78 (12631)، والبخاريّ 10/ 318 (5868) من طريق يونس وإبراهيم بن سعد وغيرهما عن الزّهري، ومسلم 3/ 1657 (2093) من طريق إبراهيم. وأبو كامل، مظفر بن مدرك، ثقة.

(4)

المسند 21/ 313 (13802). وهو في البخاريّ 10/ 322 (5870) من طريق حميد. وزهير بن معاوية من رجال الشيخين. وموسى بن داود روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، ثقة. فالحديث صحيح متنًا وإسنادًا. وقد روى مسلم 3/ 1658 (2094)، من طريق ابن شهاب عن أنس: كان خاتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من ورق، وكان فصّهُ حبشيًا. وينظر الفتح 10/ 322.

ص: 158

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْتُ قتادَة يُحَدِّث عن أنس بن مالك قال:

لمّا أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يكتُب إلى الرُّوم قالوا: إنّهم لا يقرأون كتابًا إلا مختومًا. قال: فاتّخذَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاتمًا من فضّة، كأنّي أنظُرُ إلى بياضه في يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، نقشُه: محمّد رسول اللَّه.

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اتّخَذَ خاتمًا من فضّة، ونقش فيه: محمّد رسول اللَّه. وقال: "إنّي اتّخَذْتُ خاتَمًا من فضّة، ونَقَشْتُ فيه: محمّد رسول اللَّه، فلا تنقُشوا عليه".

أخرجاه (2).

(306)

الحديث الثالث والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن ثابت عن أنس:

أنّ رجلًا من أهل البادية كان اسمُه زاهرًا، وكان يُهدي للنبيّ صلى الله عليه وسلم الهديّة من البادية، فيُجَهِّره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يَخْرُج. قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"إنّ زاهِرًا باديتُنا ونحن حاضِروه".

وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّه، وكان رجلًا دَميمًا، فأتاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيعُ متاعَه، فاحتضَنَه من خلفه ولا يبصرُه الرّجلُ، فقال: أرْسِلْني، من هذا؟ فالتَفَتَ فعرفَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فجعلَ لا يألو ما ألصقَ ظهرَه بصدر النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين عَرَفَه، وجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن

(1) المسند 20/ 139 (12720)، والبخاريّ 1/ 155 (65) وفيه الأطراف، ومسلم 3/ 1657 (2092).

(2)

المسند 20/ 272 (12941)، والبخاريّ 10/ 327 (5877)، ومسلم 3/ 1656 (2092) كلاهما من طريق حمّاد. ويونس بن محمّد من رجال الشيخين.

ص: 159

يشتري العبدَ؟ " فقال: يا رسول اللَّه، إذن تجدني كاسِدًا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لكنْ عند اللَّه عز وجل لَسْتَ بكاسد". أو قال: "لكنْ عند اللَّه أنت غالٍ" (1).

الدَّميم بالدّال المهملة في الخَلق، وبالذّال المعجمة. في الخُلق.

(307)

الحديث الرابع والثمانون بعد المائة: وبه عن أنس قال:

لمّا قَدِم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينةَ لَعِبَت الحبشةُ لقُدومه بحِرابهم فَرَحًا بذلك (2).

(308)

الحديث الخامس والثمانون بعد المائة: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما كان الفُحْشُ في شيءٍ قطُّ إلّا شانَه، ولا كان الحياءُ في شيءٍ قطّ إلا زانَه"(3).

(309)

الحديث السادس والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان ابن داود قال: حدثنا أبو عامر الخزّاز عن ثابت عن أنس:

أنّ أسودَ كان يُنَظّفُ المسجدَ، فدُفِنَ ليلًا، فأُتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأُخْبِرَ، فقال:"انْطَلِقوا إلى قبره" فانطلَقوا إلى قبره، فقال:"إِنّ هذه القُبورَ ممتلئةٌ على أهلها ظُلمة، وإنّ اللَّه عز وجل يُنَوّرُها بصلاتي عليهم". فأتَى القبرَ فصلَّى عليه. وقال رجل من الأنصار: يا رسول اللَّه، إنّ أخي مات ولم تُصَلّ عليه. قال:"فأيْن قبرُه؟ " فأخبرَه، فانطلقَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مع الأنصاريّ (4).

(1) المسند 20/ 90 (12648)، وصحّح المحققون إسناده. وهو من هذه الطريق في عدد من المصادر، منها أبو يعلى 6/ 173 (3456)، وابن حبّان - الموارد 565 (2276)، والمختارة 5/ 180 - 182 (1805 - 1806). وقال الهيثمي - المجمع 9/ 371: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح.

(2)

المسند 20/ 91 (12649) وإسناده صحيح. وسنن أبي داود 4/ 281 (4923)، وصحح الألباني إسناده، ومسند أبي يعلى 6/ 175 (3459)، والمختارة 5/ 156 (1780 - 1782).

(3)

المسند 20/ 118 (12689). والترمذي 7/ 304 (1974) وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزّاق. قال: وفي الباب عن عائشة. وابن ماجة 2/ 1400 (4185). والأدب المفرد 1/ 310 (601)، والمختارة 5/ 153 - 155 (1776 - 1778). وصحّحه الألباني.

(4)

المسند 19/ 495 (12517). قال المحقّق: صحيح لغيره دون قصة الأنصاري في آخره، وإسناده حسن؛ لأن الخزّاز، صالح بن رستم، روى له اصحاب السنن ومسلم والبخاريّ تعليقًا. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 39: وفي الصحيح طرف منه - رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 160

(310)

الحديث السابع والثمانون بعد المائه: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا ثابت قال: حدّثنا عاصم بن سُليمان عن حَفْصَة بنت سيرين قالت:

سأل أنسُ بن مالك: بِمَ مات ابنُ أبي عَمرة؟ فقالوا: بالطّاعون. فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الطّاعون شهادة لكلِّ مسلم".

أخرجاه (1).

(311)

الحديث الثّامن والثمانون بعد المائة: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا شيبان ابن فَرُّوخ (2) قال: حدثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من طَلَب الشّهادة صادقًا أُعْطِيَها ولو لم تُصِبْه".

انفرد بإخراج مسلم (3).

(312)

الحديث التاسع والثمانون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوْح قال: حدّثنا عُمارة بن زاذانَ قال: حدّثنا زياد النُّميريّ عن أنس قال:

كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صَعدَ أكَمةً أو نَشَزًا قال: "اللهمّ لك الشَّرَفُ على كلِّ شَرَف، ولك الحَمدُ على كلّ حَمد"(4).

(313)

الحديث التسعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا حُميد عن أنس قال:

ما شَمِمْتُ ريحًا قطُّ، مِسْكًا ولا عَنْبَرًا، أطيبَ من ريحِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ولا مَسِسْتُ خَزًّا ولا حريرًا ألينَ من كَفّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

أخرجاه (5).

(1) المسند 19/ 496 (12519)، وهو في مسلم 3/ 1522 (1916)، والبخاريّ 10/ 180 (5732) من طريق عاصم، وفي البخاريّ 6/ 42 (2830) كذلك دون ذكر قصة ابن أبي عمرة - وهو يحيى أخو حفصة.

(2)

في الأصلين: "حدّثنا فرّوخ".

(3)

مسلم 3/ 1517 (1908).

(4)

المسند 19/ 298 (12281)، وضعّفه المحقّق لضعف عمارة وزياد. وفي المجمع 10/ 136: وفيه زياد النّميري، وقد وثق على ضعفه. وفي إتحاف الخيرة 8/ 458 (8382): هذا إسناد ضعيف لضعف زياد.

(5)

المسند 20/ 360 (13074). وهو في البخاريّ 4/ 215 (1973) من طريق حميد. وفي 6/ 566 (3561) من طريق ثابت. ورواه مسلم من طريق ثابت 4/ 1814، 1815 (1330).

ص: 161

(314)

الحديث الحادي والتسعون بعد المائة: وبالإسناد عن أنس قال:

قال المهاجرون: يا رسول اللَّه، ما رأَيْنا مثلَ قومٍ قَدِمْنا عليهم، أحسنَ مواساةً في قليل، ولا أحسنَ بَدَلًا في كثيرٍ، لقد كفَونا المُؤْنَة، وأشركونا في المَهْنَأ، حتى لقد خَشِينا (1) أن يذهبوا بالأجر كلِّه. قال:"لا، ما أثْنَيْتُم عليهم، ودَعَوْتُم اللَّهَ لهم"(2).

(315)

الحديث الثاني والتسعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال:

أسْلَمَ ناسٌ من عُرينةَ، فاجتَوَوا المدينة، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لو خَرَجْتُم إلى ذَوْدٍ (3) لنا فَشَرِبْتُم من ألبانها" قال حميد: وقال قتادة عن أنس: "وأبوالها" - ففعلوا، فلمَّا صَحُّوا كفروا بعد إسلامِهم، وقتلوا راعِيَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4)، وساقوا ذَوْدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهربوا محاربين، فأرسلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأُخِذُوا، فقطَّع أيديَهم وأرجلَهم وسَمَر أعينَهم، وتركَهم في الحرّة حتى ماتوا.

أخرجاه (5).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا حمّاد عن أيّوب عن أبي قِلابةَ عن أنس ابن مالك:

أنّ رَهطًا من عُكْل -أو قال: عُرينة، لا أعلمُ إلا قال: عُكْل- قَدِمُوا المدينة، فأمرَ لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بلِقاحٍ، وأمرَهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها، فشَرِبُوا حتى إذا برِءوا

(1) يروى"حَسْبنا، خِفْنا".

(2)

المسند 20/ 360 (13075) قال في إتحاف الخيرة 8/ 447 (8364): هذا إسناد رجاله ثقات. ومن طريق حميد في الترمذي 4/ 564 (2487)، وقال: صحيح حسن غريب من هذا الوجه. وصحّحه الألباني. وروي في سنن أبي داود 4/ 255 (4812)، والأدب المفرد 1/ 13 (217)، والحاكم والذهبي 2/ 63، وصحّح من طريق حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس: "أن المهاجرين قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ذهب الأنصار بالأجر كلّه، فقال: . . . .

(3)

اجتوى المكان: لم يوافقه. الذّود: الإبل، ما بين الثلاث إلى العشر.

(4)

في المسند "مؤمنا أو مسلمًا".

(5)

المسند 19/ 97 (12042)، ومسلم 3/ 1296 (1671) عن حميد. وأخرجه البخاريّ كما سيأتي.

ص: 162

قتلوا الرّاعي، واستاقوا النَّعَم، فبلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم غُدوةً، فبعث الطَّلَبَ في إثْرِهم، فما ارتفعَ النّهارُ حتى جيءَ بِهِم، فقطع أيْديَهم وأرجُلَهُم، وسمرَ أعينَهم، وأُلْقُوا بالحَرّة يستسقون فلا يُسْقَون.

قال أبو قِلابة: هؤلاء قومٌ سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا اللَّه ورسوله.

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ نَفَرًا من عُكل وعُرينة تكلَّموا بالإسلام، فأَتَوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنّهم أهلُ ضَرع ولم يكونوا أهلَ ريف، وشكَوا حُمَّى المدينة، فأمرَ لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ، وأمَرَ لهم براعٍ، وأمرَهم أن يخرجوا من المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا فكانوا في ناحية الحَرّة، فكفروا بعد إسلامِهِم، وقتلوا راعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وساقوا الذَّودَ، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبَعَثَ الطّلَبَ في آثارهم، فأُتي بهم، فسَمَرَ أعينَهم، وقطّعَ أيْديَهم وأرجلَهم، وتُرِكوا بناحية الحرّة، يَقْضِمُون حجارتَها حتى ماتوا.

قال قتادة: فبلغنا أن هذه الآية أُنْزِلت فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .} (2)[المائدة: 33].

(316)

الحديث الثالث والتسعون بعد المائة: وبه عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أُتي بالبُراق ليلة أسريَ به، مْسْرَجًا مُلْجَمًا لِيَرْكَبَه، فاستصْعَب عليه، فقال له جبريل: ما يُحْملُك على هذا؟ فواللَّه ما رَكِبَك أحدٌ أكرمُ على اللَّه تعالى منه. فارفضَّ عَرَقًا (3).

(1) البخاريّ 12/ 112 (6805)، وينظر أطرافه في 1/ 335 (233). ومسلم 13/ 297 (1671)، والمسند 20/ 267 (12936) عن أبي قِلابة.

(2)

المسند 20/ 103 (12668)، وأخرجه البخاريّ عن قتادة 7/ 458 (4192)، 10/ 178 (5727) وذكر مسلم الحديث 3/ 1298 وأحال على ما قبله.

(3)

المسند 20/ 107 (12672). وهو في الترمذي 5/ 281 (3131) وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزّاق، وصحّحه ابن حبّان 1/ 234 (46) والألباني.

ص: 163

(317)

الحديث الرابع والتسعون بعد المائة: وبه عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وهو محرمٌ على ظَهر القدَم من وَجَعٍ كانَ به (1).

(318)

الحديث الخامس والتسعون بعد المائة: وبه عن قتادة عن أنس، أو عن النّضر بن أنس عن أنس، قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه عز وجل وعدَني أن يُدْخلَ الجنّة من أمّتي أربعمائة ألف" فقال أبو بكر: زِدْنا يا رسول اللَّه. قال: "وهكذا" وجمع كفَّه. قال: زِدْنا يا رسول اللَّه. قال: "وهكذا" فقال عمر: حَسْبُك يا أبا بكر. فقال أبو بكر: دَعْنِي يا عمرُ، إنّ اللَّه إنْ شاء أدخلَ خلقَه الجنّة بكفّ واحد. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَق"(2).

(319)

الحديث السادس والتسعون بعد المائة: وبه عن أنس قال:

سألَ أهلُ مكّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم آيةً، فانشقّ القمر بمكّة مرّتين. فقال:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} (3).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثني عبد اللَّه بن عبد الوهاب قال: حدّثنا بِشْر بن المُفَضّل قال: حدّثنا سعيدُ بن أبي عَروبةَ عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ أهلَ مكّة سألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يُرِيَهم آيةً، فأراهم القمرَ شِقَّتَين، حتى رأَوا حِراء بينهما.

أخرجاه (4).

(320)

الحديث السابع والتسعون بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ في الجنّة شجرةً يسيرُ الرّاكبُ في ظلِّها مائة عام لا يقطعُها".

(1) المسند 20/ 113 (12682)، وسنن أبي داود 2/ 168 (1837)، وسنن النسائي 5/ 194. وصحّحه ابن خزيمة 4/ 187 (2659)، والحاكم والذهبي على شرط الشيخين 1/ 453، وابن حبّان 9/ 267 (3952). والألباني.

(2)

المسند 20/ 121 (12695) وإسناده صحيح، ينظر المجمع 10/ 407، وتخريج المحققين.

(3)

المسند 20/ 118 (12688)، ومسلم 4/ 2159 (2802). وهذه الآية افتتاح سورة القمر.

(4)

البخاريّ 7/ 182 (3868)، وينظر أطرافه 6/ 631 (3637)، ومسلم 4/ 2159 (2802)، والمسند 20/ 398 (13154)، 21/ 28 (13303) من طرق عن قتادة.

ص: 164

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(321)

الحديث الثامن والتسعون بعد المائة: وبالإسناد عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال:

"حَسْبُك من نساءِ العالمين مريمُ بنتُ عِمرانَ، وخديجةُ بنتُ خُويلد، وفاطمةُ بنت محمّد، وآسيةُ امرأةُ فِرعون"(2).

(322)

الحديث التاسع والتسعون بعد المائة: وبه:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قال اللَّه عز وجل: يا ابن آدم، إنْ ذَكَرْتَني في نفسك ذَكَرْتُك في نفسي، وإن ذكَرْتَني في مَلأٍ ذَكَرْتُك في مَلأٍ من الملائكة -أو قال: في مَلأٍ خيرٍ منهم- وإنْ دَنَوْتَ منّي شِبرًا دَنَوْتُ مِنْكَ ذِراعًا، وإنْ دَنَوْتَ مِنّي ذرَاعًا دَنَوْتُ منك باعًا، وإنْ أتَيْتَني تمشي أتَيْتُك هَرْوَلةً".

أخرج من هذا البخاريّ قوله: "إذا دَنَوْتَ منّي شِبرًا. . " إلى آخره، منفردًا به (3).

(323)

الحديث المائتان: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزاق قال: حدّثنا معمر عن الزّهري عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُشير في الصلاة (4).

(324)

الحديث الحادي بعد المائتين: وبه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلّى العصرَ، فيذْهَبُ الذاهبُ إلى العوالي والشمسُ مرتفعة.

(1) المسند 19/ 382 (12390)، والبخاريّ 6/ 139 (3251) عن قتادة.

(2)

المسند 19/ 383 (12391)، ومسند أبي يعلى 5/ 380 (3039)، وهو في الترمذي 5/ 660 (3878) وقال: هذا حديث صحيح، ووافقه الألباني، وصحّحه الحاكم والذهبي 3/ 157، 158، وابن حبّان 15/ 464 (7003).

(3)

المسند 19/ 397 (12405) وهو حديث صحيح. وقد أخرج البخاريّ 13/ 511 (7536) من طريق شُعبة عن قتادة عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربّه عز وجل قال: "إذا تقرّب العبد إلي شبرًا تقرّبت إليه ذراعًا، وإذا تقرّب إليّ ذراعًا تقرّبت منه باعًا، وإذا أتاني ماشيًا أتيته هرولة" وبعده روى البخاريّ: حدّثنا مسدّد عن يحيى عن التيمي عن أنس بن مالك عن أبي هريرة: "إذا تقرّب. . " وروي في البخاريّ 13/ 384 (7405) عن أبي صالح عن أبي هريرة بألفاظ قريبة مما روي عن أنس في المسند.

(4)

المسند 9/ 398 (12407) وإسناده صحيح، وهو في سنن أبي داود 1/ 248 (943)، والمختارة 7/ 173 - 176 (2603)، وصحّحه ابن خزيمة 2/ 48 (885)، وابن حبان 6/ 42 (2264) والألباني.

ص: 165

قال الزُّهري: والعوالي: ميلان وثلاثة، وأحسَبُه قال: وأربعة.

أخرجاه (1).

(325)

الحديث الثاني بعد المائتين: وبه عن أنس:

أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم خرجَ حين زاغتِ الشمسُ، فصلّى الظُّهرَ، فلمَّا سلَّمَ قامَ على المِنْبَر، فذكر الساعةَ، وذكر أنّ بينَ يَدَيها أُمورًا عِظامًا. ثم قال:"مَن أحبَّ أن يسألَ عن شيءٍ فليسألْ عنه، فواللَّهِ لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم به ما دُمْتُ في مقامي هذا" قال أنسٌ: فأكثرَ النّاسُ البكاءَ حين سمِعوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2)، وأكثر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول:"سَلُوني". قال أنس: فقام رجلٌ فقال: أين مَدْخلي يا رسول اللَّه؟ فقال: "النّار". قال: فقام عبدُ اللَّه بن حُذافة فقال: مَنْ أبي يا رسول اللَّه (3)؟ قال: "أبوك حُذافة" ثم أكثرَ أن يقول: "سَلُوني"، فَبَرَكَ عُمر على رُكْبَتَيه فقال: رَضِينا باللَّه ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّد رسولًا. فسكتَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قال عمرُ ذلك، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده، لقد عُرِضَتْ عليَّ الجنّة والنّار آنفًا في عُرْضِ هذا الحائط وأنا أُصلّي، فلم أرَ كاليوم في الخير والشّرّ".

أخرجاه (4).

(326)

الحديث الثالث بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

كنا جُلوسًا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يَطْلُعُ الآنَ عليكم رجلٌ من أهل الجنّة" فطلعَ رجلٌ من الأنصار تنطِفُ (5) لحيتُه من وضوئه، قد تعلّقَ نعلَيه بيده الشّمال، فلمّا كان الغدُ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثلَ ذلك، فطلعَ ذلك الرجلُ مثلَ المرّةِ الأولى. فلمّا كان اليوم الثالث قال النّبيّ مثل مقالته أيضًا، فطَلَعَ ذلك الرّجُل على مثل حاله الأولى. فلمّا قام النّبيُّ صلى الله عليه وسلم تَبِعَه

(1) المسند 20/ 197 (12659)، والبخاري 13/ 265 (7294)، ونظر أطرافه وطرقه في 1/ 187 (93) ومن طريق عبد الرزاق وغيره في مسلم 4/ 1832 - 1833 (2359).

(2)

في المسند "حين سمعوا ذلك من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

(3)

وكان عبد اللَّه ينسب إلى غير أبيه ويعيّر بذلك.

(4)

المسند 20/ 97 (12659)، والبخاري 13/ 265 (7294)، ونظر أطرافه وطرقه في 1/ 187 (93)، ومن طريق عبد الرزاق وغيره في مسلم 4/ 1832 - 1833 (2359).

(5)

تنطف: تسيل.

ص: 166

عبدُ اللَّه بن عَمرو بن العاص فقال: إنّي لاحَيْتُ (1) أبي، فأقسمْتُ ألّا أدخلَ عليه ثلاثًا، فإن رأيتَ أن تُؤْوِيَني إليك حتى تمضِيَ فَعَلْتُ. قال: نعم. قال أنس: فكان عبد اللَّه يُحَدِّثُ أنّه بات معه تلك الثلاثَ الليالي، فلم يَرَه يقومُ من الليل شيئًا، غير أنه إذا تعارَّ وتقلّبَ على فراشه ذكر اللَّه عز وجل وكبَّرَ حتى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد اللَّه: غير أنّي لم أسمعْه يقول إلّا خيرًا. فلمَّا مضت الثلاث ليالٍ، وكِدْتُ أن أحتقر عمله قُلْتُ: يا عبدَ اللَّه، لم يكن بيني وبين أبي غَضَبٌ ولا هجرة، ولكن سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرّات:"يطلُعُ عليكم الآنَ رجلٌ من أهل الجنّة" فَطَلَعْتَ أنت الثلاث المرّات، فأردتُ أن آوِيَ إليك لأَنْظُرَ ما عملُك فأقتديَ به، فلم أرَكَ تعملُ كبيرَ عملٍ، فلما الذي بلغَ بك ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلّا ما رأيتَ، قال: فلمّا ولّيتُ دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غيرَ أنه لم أجِدُ في نفسي لأحدٍ من المسلمين غِشًّا، ولا أَحْسُدُ أحدًا على خيرٍ أعطاه اللَّه إيّاه. قال عبد اللَّه: هذه التي بَلَغْتَ بك، فهي التي لا نُطيق.

. . . . . (2).

ومعنى تعارّ: استيقظ.

(327)

الحديث الرابع بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

سقط النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن فرسٍ فجُحِشَ شِقُّه الأيمنُ، فدخلوا (3) عليه، فصلّى بهم قاعدًا، وأشار إليهم: أنِ اقعدوا، فلمّا سلّم قال:"إنّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فإذا كبّرَ فكبِّروا، وإذا رَكَعَ فاركعوا، وإذا قال: سَمعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ، وإذا سجدَ فاسجُدوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جُلوسًا أجمعون".

أخرجاه (4).

(1) لاحى: جادل وخاصم.

(2)

في الأصلين: "أخرجه البخاريّ" وهو غير صحيح.

والحديث في المسند 20/ 124 (12697). وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقال في المجمع 8/ 81: رجاله رجال الصحيح. وقد نسبه المزّي في الإتحاف 1/ 394 للنسائي في عمل اليوم والليلة، وهو فيه 254 (869). وقال: قال حمزة بن محمّد الكناني الحافظ: لم يسمعه الزهريّ من أنس، رواه عن رجل عن أنس. كذلك رواه عقيل وإسحق بن راشد وغير واحد عن الزّهري، وهو الصّواب.

(3)

في هـ "فدخل الناس عليه".

(4)

المسند 20/ 94 (12656)، ومسلم 1/ 308 (411)، وفي البخاري 2/ 173 (689)، من طريق الزّهري.

ص: 167

وحكى البخاريُّ عن الحُميديّ أنّه قال: كان هذا في مرضه القديم، ثم صلَّى بعدُ جالسًا والنّاسُ خلفَه قِيامٌ، لم يأمرْهم بالقُعود، وإنّما يُؤْخَذُ بالآخِر فالآخر من فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم (1).

ومعنى جُحِش: تَقَشّرَ جِلْدُ بعض أعضائه.

(328)

الحديث الخامس بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا عبد العزيز عن أنس قال:

مرُّوا بجنازة فأُثني عليها خيرٌ. فقال نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ"، ومُرّ بجنازة فأُثنِيَ عليها شَرٌّ، فقال نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ" فقال عمر: فِداك أبي وأُمّي، مُرَّ بجنازة فأُثنِيَ عليها خيرٌ فقلت:"وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ" ومُرَّ بجنازة فأُثنِيَ عليها شرٌّ فقلْتَ: "وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ"، فقال:"مَن أثْنَيْتُم عليه خيرًا وَجَبَتْ له الجنّة، ومن أثْنَيْتُم عليه شَرًّا وَجَبَتْ له النّار. أنتم شُهداءُ اللَّهِ في الأرض، أنتم شُهداءُ اللَّهِ في الأرض، أنتم شُهَداءُ اللَّهِ في الأرض".

أخرجاه (2).

(329)

الحديث السادس بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللَّه الأنصاري قال: حدّثنا حميد الطّويل عن أنس بن مالك:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يدخلُ على أمّ سُلَيم ولها ابنٌ من أبي طلحَةَ يُكْنَى أبا عُمَير، فكان يُمازِحُه، فدخلَ عليه فرآه حزينًا، فقال:"ما لي أرى أبا عُمير حزينًا؟ " فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يلعبُ به، قال: فجعل يقول: "يا أبا عُمير، ما فَعَلَ النُّغَير".

أخرجاه (3).

والنُّغير تصغير نُغَر: والنُّغَر: صِغار العصافير، ويجمع النِّغْران.

(330)

الحديث السابع بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لمّا خلقَ اللَّهُ عز وجل آدمَ تَرَكَه ما شاءَ اللَّهُ أن يَدَعَه، فجعلَ

(1) البخاريّ - السابق. وينظر كشف المشكل 3/ 95.

(2)

المسند 20/ 269 (12938)، ومسلم 2/ 655 (949)، ومن طريق عبد العزيز في البخاريّ 3/ 228 (1367).

(3)

المسند 20/ 282 (12957)، وإسناده صحيح. وهو في البخاري 10/ 526، 582 (6129، 6203)، ومسلم 3/ 1692 (2150) عن أبي التيّاح باختصار.

ص: 168

إبليسُ يُطيفُ به ينظرُ إليه، فلما رآه أجوفَ عرفَ أنّه خَلْقٌ لا يتماسكُ".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(331)

الحديث الثامن بعد المائة: وبالإسناد عن أنس قال:

كانت الحبشة يَزْفِنون بين يدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويرقُصون، ويقولون: محمّد عبدٌ صالح. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما يقولون؟ " قال: يقولون: محمّد عبدٌ صالح (2).

والزّفن: الرّقْص.

(332)

الحديث التاسع بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمعَ أصواتًا فقال: "ما هذا؟ " قالوا: يُلَقّحون النّخْلَ. قال: "لو تركوه فلم يُلَقِّحوه لَصَلَح". فتركوه ولم يُلَقِّحوه، فخرج شِيصًا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ما لكم؟ " قالوا: تركوه كما (3) قُلْتَ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا كان شيءٌ من أمر دُنياكم فأنتم أعلمُ به، وإذا كان شيءٌ من أمرِ دينِكم فإليّ".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(333)

الحديث العاشر بعد المائتين: وبه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عُبيدة بن الجرّاح وأبي طلحة.

انفرد بإخراجه مسلم (5).

(334)

الحديث الحادي عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمدُ قال: حدّثنا أحمد ابن عبد الملك قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا حُميد الطّويل عن أنس قال:

كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلامٌ، فقال خالد: تستطيلون علينا بأيّام سَبَقْتُمونا بها. فبلَغَنا أن ذلك ذُكِرَ للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: "دَعُوا لي أصحابي،

(1) المسند 20/ 16 (12539)، ومسلم 4/ 2016 (2611) من طريق حمّاد بن سلمة.

ويطيف: يدور. وأجوف: له جوف، أو خال.

(2)

المسند 20/ 17 (22540). وإسناده كسابقة على شرط مسلم. وصحّحه ابن حبّان من طريق حمّاد 13/ 179 (5870)، وهو في المختارة 5/ 60، 61 (1680، 1681).

(3)

في المسند "ما".

(4)

المسند 20/ 19 (12544). ومسلم 4/ 1836 (2363). عن حمّاد.

والشيص: الرديء من التمر.

(5)

المسند 20/ 20 (12545)، ومسلم 4/ 1960 (2528).

ص: 169

فوالذي نفسي يده، لو أنْفَقْتُم مِثْلَ أُحد -أو مثلَ الجبالِ- ذهبًا ما بَلَغْتُم أعمالَهم" (1).

(335)

الحديث الثاني عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أحمد بن عبد الملك قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الصّهباء قال: حدّثنا نافع أبو غالب الباهليّ قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُبْعَثُ النّاس يومَ القيامة والسماءُ تَطِشّ عليهم"(2).

الطّشّ: المطر الضعيف.

(336)

الحديث الثالث عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا خلف بن الوليد قال: حدّثنا خالد بن عبد اللَّه عن حُميد عن أنس بن مالك:

أنّ رجلًا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاستحمَلَه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّا حامِلوك على ولد ناقة" قال: يا رسول اللَّه، ما أصنعُ بولد ناقة؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وهل تَلدُ الإبلَ إلّا النّوقُ؟ "(3).

(337)

الحديث الرابع عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

أقبل نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة وهو مُرْدِفٌ أبا بكر وهو شيخٌ يُعرف ونبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم شابٌّ لا يُعرف، فيأتي الرجلُ أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرّجل الذي بين يدَيْك؟ فيقول: هذا الرّجل يَهديني السَّبيل، فيحسَبُ الحاسِبُ أنّما يهديه الطّريق، وإنّما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكرٍ فإذا هو بفارسٍ قد لَحِقَهُم، فقال: يا نبيَّ اللَّه، هذا فارس قد لَحِقَ بِنا، فالتفتَ نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"اللهُمّ اصْرَعْه" فصَرَعَتْه فرسُه، ثم قامت تُحَمْحِمُ، ثم قال: يا نبيَّ اللَّه، مُرْنِي بما شِئْتَ، قال:"فَقِفْ مَكانَك، لا تَتْرُكَنّ أحدًا يلحقُ بنا".

(1) المسند 21/ 319 (13812). ورجاله رجال الشيخين غير أحمد بن عبد الملك، وهو ثقة. قال ابن كثير في الجامع 22/ 79: تفرّد به. وهو في المختارة 6/ 66 (2046).

(2)

المسند 21/ 320 (13814). قال في المجمع 10/ 337: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه عبد الرحمن بن أبي الصّهباء، ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرحًا، وبقية رجاله ثقات. وهو في المختارة 7/ 244، 245 (2690، 2689)، وأبي يعلى 7/ 99 (4041). وحسّن المحقّقون إسناده.

(3)

المسند 21/ 322 (13817). ومن طريق خالد في الترمذي 4/ 314 (1991) وقال: حسن صحيح غريب، وأبي داود 4/ 300 (4998)، والأدب المفرد 1/ 141 (268)، وأبي يعلى 2/ 416 (3776) وصُحّح.

ص: 170

فقال: فكان أوّلَ النّهار جاهدًا على نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مَسْلَحَةً له.

قال: فنزل نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم جانبَ الحَرَّة، ثم بعث إلى الأنصار فجاءوا نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم فسلّموا عليهما، وقالوا: اركبا آمِنَين مُطاعَين. قال: فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وحفُّوا حولَهما بالسلاح، قال: فقيل بالمدينة: جاء نبيُّ اللَّه، فاستشرفوا نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم ينظرون إليه ويقولون: جاء نبيُّ اللَّه. قال: فأقبلَ يسيرُ حتى نزلَ إلى جانب دار أبي أيّوبَ، قال: فإنّه ليُحَدّثُ أهلَه، إذ سمع به عبدُ اللَّه بن سلام وهو في نَخلٍ لأهله يخترِفُ لهم منه، فعَجِلَ أن يضعَ التي يخترفُ فيها، فجاء وهي معه، فسَمعَ من نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى أهله. فقال نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أيُّ بيوتِ أهلِنا أقربُ؟ " فقال أبو أيّوب: أنا يا نبيَّ اللَّه، هذه داري، وهذا بابي. قال:"انطلِقْ فهيّء لنا مَقيلًا" فذهب فهيّأ لهما مَقيلًا، ثم جاء فقال: يا نبيّ اللَّه، قد هيّأتُ لكما مَقيلًا، قُوما على بركة اللَّه فَقيلا.

فلمّا جاءَ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم جاءَ عبدُ اللَّه بن سلام فقال: أشهد أنّك رسول اللَّه حقًا، وأنّك جِئْتَ بِحَقٍّ، ولقد عَلِمَت اليهودُ أني سيّدُهم وابن سيِّدِهم، وأعلمُهم وابنُ أعلمِهم، فادْعُهم فسَلْهُم. فدخلوا عليه، فقال لهم نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا معشرَ اليهود، ويلكم اتّقوا اللَّه، فوالذي لا إله إلا اللَّه، إنّكم لتعرفون أنّي رسول اللَّه حقًّا، وأنّي جئتكم بحقٍّ، أسْلموا" قالوا: ما نعلَمُه، ثلاثًا (1).

انفرد بإخراجه البخاريّ. وزاد فيه: قال: "فأيّ رجلٍ فيكم عبدُ اللَّه بن سلام؟ " قالوا: ذاك سيّدُنا وابنُ سيِّدِنا، وأعلمُنا وابن أعلمِنا. قال:"أفرأَيْتُم إنّ أسلمَ؟ " قالوا: حاشَا للَّه، ما كان له لِيُسْلِمَ. قال:"أفرأيْتُم إنّ أسلم؟ " قالوا: حاشَا للَّه، ما كان لِيُسْلِمَ. قال:"يا ابنَ سلام، اخرُجْ عليهم" فخَرَجَ فقال: يا معشرَ اليهود، اتّقوا اللَّه، فواللَّه الذي لا إله إلّا هو، إنكم لتعلمون أنّه رسول اللَّه، وأنّه جاء بالحقّ، قالوا: كَذَبْتَ. فأخرجَهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حُميد عن أنس:

أنّ عبد اللَّه بن سلام أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مَقْدَمَه المدينةَ، فقال: يا رسول اللَّه، إنّي

(1) المسند 20/ 426 (13205).

(2)

البخاريّ 7/ 249 (3911).

ص: 171

سائلُك عن ثلاث خِصال لا يَعْلَمُها إلَّا نبيّ. قال: "سَلْ". قال: ما أَوَّلُ أشراطِ الساعة؟ وما أَوَّل ما يأكلُ منه أهلُ الجنّة؟ ومن أين يُشْبهُ الولدُ أباه وأمّه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أخبَرَني بهنّ جبريلُ آنِفًا" قال: جبريلُ ذاك عدوّ اليهود من الملائكة. قال: "أمَّا أَوَّل أشراطِ السَّاعة فنارٌ تخرُجُ من المشرق فتحشُرُ النَّاسَ إلى المغرب. وأمَّا أَوَّل ما يأكلُ أهلُ الجَنَّة فزيادة كَبِدِ حوتٍ. وأمَّا شَبَه الولدِ أباه وأُمِّه، فإذا سبقَ ماءُ الرَّجلِ ماءَ المرأة نَزَعَ إليه، وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرَّجل نزعَ إليها". قال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّه، وأنَّك رسول اللَّه.

وقال: يا رسولَ اللَّه، إنَّ اليهود قومٌ بُهْتٌ، وإنّهم إنْ يعلموا بإسلامي يَبْهَتوني عندك. فأَرْسِلْ إليهم فسَلْهم عنِّي: أيُّ رجلٍ ابن سلام فيكم؟ قال: فأرسل إليهم، فقال:"أيّ رجلٍ عبد اللَّه بن سلام فيكم؟ " قالوا: خيرُنا وابنُ خيرِنا، وعالمُنا وابنُ عالِمِنا، وأفقهُنا وابنُ أفْقَهِنا. قال: "أرأيْتُم إن أسلم، تُسلمون؟ قالوا: أعاذَهُ اللَّه من ذلك. قال: فخرجَ ابنُ سلام فقال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّه، وأن محمَّدًا رسول اللَّه. قالوا: شَرُّنا وابن شَرِّنا، وجاهِلُنا وابنُ جاهلِنا. فقال ابن سلام: هذا الذي كنت أتخوَّفُ منهم.

انفرد بإخراجه البخاري (1).

* طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا حمَّاد عن ثابت البُنانيّ عن أنس قال:

لمَّا هاجرَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يركَبُ وأبو بكرٍ رديفُه، وأبو بكر يُعرَفُ في الطّريق لاختلافه إلى الشّام، فكان يمُرُّون بالقوم فيقولون: من هذا بين يدَيك؟ فيقول: هادٍ يَهديني. فلمَّا دنَوا من المدينة بَعَثا إلى القوم الذين أسلموا من الأنصار: إلى أبي أُمامة وأصحابه، فخرجوا إليهما، فقالوا: ادْخُلا آمنَين مُطاعَين. فدخلا. قال أنس: فما رأيْتُ، يومًا قطُّ كان أنورَ ولا أحسنَ من يوم دخل فيه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر المدينة، وشهِدْتُ وفاتَه، فما رأيْتُ يومًا قطُّ أظلمَ ولا أقبَحَ من اليومِ الذي تُوُفّي فيه رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).

(1) المسند 19/ 113 (12057)، والبخاريّ 6/ 362 (3329) من طريق حُميد. وابن أبي عديّ من رجال الشيخين.

(3)

المسند 19/ 462 (12234). وحمّاد هو ابن سلمة كما جاء في المسند؛ وهو من رجال مسلم، وسائر رجاله رجال الشيخين. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 203 (3486) بهذا الإسناد، وفى المستدرك 3/ 12 "شهدت يوم دخل النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، فلم أرَ يومًا أحسن ولا أضوأ منه" وفي 3/ 57 "شهدت اليوم الذي توفّى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم أرَ يومًا كان أقبح منه "كلاهما من طريق حمّاد بن سلمة، وصحّحهما على شرط مسلم، ووافقه الذهبي فيهما.

ص: 172

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سيّار قال: حدّثنا جعفر قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

لمّا كان اليوم الذي دخل فيه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أضاء من المدينة كلُّ شيء، فلمّا كان اليوم الذي ماتَ فيه أظلم من المدينة كلُّ شيء، وما فَرَغْنا من دفنه حتى أنكرْنا قلوبَنا (1).

(338)

الحديث الخامس عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِن نفسٍ تموت لها عندَ اللَّه خيرٌ، يَسُرُّها أن تَرْجعَ إلى الدُّنيا إلَّا الشَّهيدَ، فإنّه يَسُرُّهُ أن يرجعَ إلى الدُّنيا فيُقْتَلَ مرَّةً أُخرى، لما يرى من فضل الشّهادة".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(339)

الحديث السادس عشر بعد المائتين: . . . عن أنس قال (3):

قدِم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ وأنا ابنُ عشرٍ، ومات وأنا ابن عشرين. وكُنَّ أُمّهاتي يَحْثُثْنني على خدمته. فدَخَلَ علينا، فحَلَبْنا له من شاه داجنٍ، وشِيبَ له من بئرٍ في الدّار، وأعرابيٌّ عن يمينه وأبو بكرٍ عن يساره وعمرُ ناحيةً، فشَرِبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال عمرُ: أعْطِ أبا بكر. فناولَ الأعرابيَّ وقال: "الأيمن فالأيمن".

أخرجاه (4).

والدَّاجن: الشّاة التي تألَفُ البيوت.

(1) المسند 21/ 35 (13312)، وجعفر بن سليمان من رجال مسلم. وسيّار ضعيف. ومن طريق جعفر أخرجه الترمذي 5/ 249 (3618) وقال: غريب صحيح، وابن ماجة 1/ 522 (1631)، وصحّحه الحاكم 3/ 57 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصحّحه ابن حبّان 14/ 601 (6634)، والألباني.

وهو في المختارة 4/ 417 - 420 (1592 - 1594).

(2)

المسند 19/ 292 (12273)، وإسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه مسلم 3/ 1498 (1877) من طريق حميد وقتادة عن أنس.

(3)

في الأصلين: "وبه عن أنس" وهو وهم فيما يبدو، فلم يرو من طريق عبد الصّمد السابقة.

(4)

المسند 19/ 132 (12077) من طريق سُفيان عن الزهري. وذكر المحقّق أطرافه. وهو في البخاريّ 5/ 30، 201 (2352، 2571)، ومسلم 3/ 1603 - 1604 (2029) من طريق الزّهري وأبي طوالة عن أنس.

ص: 173

(340)

الحديث السابع عشر بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس بن مالك قال:

نهى نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يَتَزَعْفَرَ الرجلُ.

أخرجاه (1).

(341)

الحديث الثامن عشر بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنَّيَن أحدُكم الموتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به، فإنْ كان ولا بُدَّ مُتَمَنِّيًا للموت فَليَقُل: "اللهمَّ أحْيِني ما كانت الحياةُ خيرًا لي، وتَوَفِّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي".

أخرجاه (2).

(342)

الحديث التاسع عشر بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدُكم فَلْيَعْزِمْ في الدُّعاء، ولا يقول: اللهمّ إنْ شِئْتَ فأعْطِني، فإن اللَّه عز وجل لا مُسْتَكْرهَ لَه".

أخرجاه (3).

(343)

الحديث العشرون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

كان أكثرُ دعوة يدعو بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمّ ربَّنا آتِنا في الدّنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النَّار".

أخرجاه (4).

(344)

الحديث الحادي والعشرون بعد المائتين: وبه:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من لَبِسَ الحريرَ في الدّنيا فلن يَلْبَسَه في الآخرة".

(1) المسند 19/ 40 (1978)، ومسلم 3/ 1662، 1663 (2101). وفي البخاريّ 10/ 304 (5846) من طريق عبد العزيز.

(2)

المسند 19/ 41 (11979)، والبخاريّ 11/ 150 (6351)، وينظر 10/ 127 (5671)، ومسلم 4/ 2064 (2680).

(3)

المسند 19/ 42 (11980)، والبخاريّ 11/ 139 (6338)، ومسلم 4/ 2063 (2678).

(4)

المسند 19/ 42 (11981)، ومسلم 4/ 2070 (2690)، وهو في البخاريّ 8/ 187 (4522) من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس.

ص: 174

أخرجاه (1).

(345)

الحديث الثاني والعشرون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

دخل رسولُ اللَّه المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتَين، فقال:"ما هذا؟ " قالوا: لزينبَ، تُصَلِّي، فإذا كَسِلَتْ -أو فَتَرَتْ- أمْسَكَتْ به. فقال:"حُلُّوه". ثم قال: "لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه، فإذا كَسِلَ أو فَتَر فَلْيَقْعُد".

انفرد بإخراجه البخاري (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا حمّاد بن حُميد عن أنس قال:

رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حبلًا ممدودًا بين ساريتين، فقال:"لمن هذا؟ " قالوا: لِحَمْنَة بنتِ جَحْش، تُصَلِّي، فإذا عَجَزَتْ تعلَّقت به. فقال:"لِتُصَلِّ ما أطاقَتْ، فإذا عَجَزَتْ فلتَقْعُد"(3).

قلت: ذِكر زينَب أصحّ.

(346)

الحديث الثالث والعشرون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

كان نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُوجِزُ الصلاة ويُكْمِلُها.

أخرجاه (4).

(347)

الحديث الرابع والعشرون بعد المائتين: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا شُعبة عن عطاء بن أبي ميمونة قال: سمعْتُ أنسًا يقول:

كان النّبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته تَبِعْتُه أنا وغُلام منّا، معنا إداوة من ماء.

(1) المسند 19/ 44 (11985)، ومسلم 3/ 1645 (2073) بالطريق نفسه. أما عند البخاريّ 10/ 248 (5832) فعن آدم عن شُعبة عن عبد العزيز.

(2)

المسند 19/ 45 (11986)، والبخاريّ 3/ 36 (1150) من طريق عبد العزيز. وهو أيضًا في مسلم 1/ 541 (784)، فليس للبخاريّ وحده كما قال ابن الجوزي.

(3)

المسند 20/ 258 (12916) وأبو يعلى 4/ 446 (3831). وذكر محقّقو المسند أنّه حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، وإسناده هنا مرسل.

(4)

المسند 19/ 48 (11990)، والبخاريّ 2/ 201 (706) من طريق حمّاد، ومسلم 1/ 342 (469) من طريق حماد وغيره.

ص: 175

أخرجاه.

وفي لفظ زيادة: "يستنجي به"(1).

(348)

الحديث الخامس والعشرون بعد المائتين: حدّثنا مسلم (2) قال: حدّثنا زهير بن حرب قال: حدّثنا عمر بن يونس قال: حدّثنا عكرمة بن عمّار قال: حدّثنا إسحق ابن طلحة قال: حدّثني أنس بن مالك قال:

كانت عندَ أم سليم يتيمةٌ، فرأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اليتيمةَ فقال:"أنت هيه! لقد كَبِرْتِ، لا كَبِر سِنُّك" فرجعتِ اليتيمةُ إلى أمّ سليم قبكي، فقالت أمُّ سليم: ما لك يا بُنَيّة؟ قالت الجارية: دعا عليّ نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم ألَّا تكبَرَ سِنّي، فالآن لا يكبَر سنّي أبدًا، أو قالت قَرني. فخرجت أمُّ سُليم مُستعجلةً تَلوثُ خِمارَها حتى لَقِيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما لكِ يا أمّ سليم؟ " فقالت: يا رسول اللَّه، أدعوْتَ على يتيمتي؟ قال:"وما ذاك يا أُمَّ سليم؟ " قالت: زَعَمَتْ أنّك دَعَوْتَ ألَّا يَكبَر سنُّها، ولا يكبَرَ قرنُها. قال: فضَحِكَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: "يا أُمَّ سُليم، أما تعلمين أن شرطي على ربّي عز وجل، أنّي اشترطْتُ على ربّي عز وجل فقلت: إنّما أنا بَشَرٌ، أرضى كما يرضى البَشَرُ، وأغضبُ كما يغضب البَشَرُ. فأيُّما أحدٍ دعوتُ عليه من أُمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلَها له طهورًا وزكاةً وقربةً يُقَرِّبُه بها يومَ القيامة".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(349)

الحديث السادس والعشرون بعد المائتين: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي النّضر قال: حدّثني هاشم بن القاسم قال: حدّثنا عبيد اللَّه الأشجعيّ عن سفيان الثوريّ عن عُبيدٍ المُكْتِب عن فُضَيل عن الشَّعبي عن أنس بن مالك قال:

كُنّا عندَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضَحِك، فقال:"هل تَدْرُون مِمَّ أَضْحَكُ؟ " قال: قُلنا: اللَّه

(1) البخاريّ 1/ 250، 251 (150، 151)، وعن شعبة في مسلم 1/ 227 (270، 271)، والمسند 20/ 162 (12754).

(2)

ورد في الأصلين "حدّثنا أحمد. . " وهو وهم، فلم يرو هذا الحديث الإمام أحمد، وهذا سند الإمام مسلم. وقد نسبه في الإتحاف لأبي عوانة وابن حبّان.

(3)

مسلم 4/ 2009 (2603).

ص: 176

ورسولُه أعلم. قال: "من مخاطبةِ العبدِ ربَّه عز وجل، يقول: يا ربِّ، ألم تُجِرْني من الظُّلم؟ قال: يقول: بلى. قال: فيقول: فإنّي لا أُجيزُ على نفسي إلا شاهدًا منّي. قال: فيقول: كفى بنفسك اليومَ عليك شهيدًا، وبالكوام الكاتبين شُهودًا. قال: فيُختَمُ على فيه، فيُقال لأركانه: انْطِقي، قال: فتَنْطِقُ بأعماله. قال: ثم يُخلّى بينَه وبينَ الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لكنّ وسُحْقًا، فعنكنّ كُنْتُ أُناضِلُ".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(350)

الحديث السابع والعشرون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال: حدّثنا أيوب عن أبي قِلابة عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثٌ من كُنّ فيه وجدَ بِهِنّ حلاوةَ الإيمان: أنْ يكونَ اللَّهُ ورسولُه أحبُّ إليه ممّا سِواهما. وأَنْ يُحِبُّ المرءَ لا يُحِبُّهُ إلّا للَّه تبارك وتعالى. وأنْ يَكْرَهَ أنْ يعودَ في الكُفر بعد أن أنقذَه اللَّه منه كما يكرَهُ أن يُوقَدَ له نارٌ فيُقْذَفَ فيها".

أخرجاه (2).

(351)

الحديث الثامن والعشرون بعد المائتين: بالإسناد عن أنس قال:

أُمِرَ بلالٌ أن يَشْفَعَ الأذانَ ويوتِرَ الإقامة (3).

* طريق آخر:

حدّثني البخاري قال: حدّثنا محمّد (4) قال: حدّثني عبد الوهاب الثّقفي قال: حدّثنا خالد الحذّاء عن أبي قِلابة عن أنس بن مالك قال:

لما كَثُرَ النّاس ذَكَروا أن يُعْلِموا وقتَ الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يُوروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا، فأُمِرَ بلالٌ أن يَشْفَعَ الأذانَ وأن يُوتِر الإقامة (5).

(1) مسلم 4/ 2280 (2969).

(2)

المسند 1/ 61 (12002)، والبخاريّ 1/ 66 (43).

(3)

المسند 19/ 60 (12006)، ومسلم 1/ 286 (378). وفي البخاريّ 2/ 83 (607) عن أبي قلابة.

(4)

وهو محمّد بن سلام.

(5)

البخاري 2/ 82 (606)، ومسلم 1/ 286 (387).

ص: 177

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا سُليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن سِماك ابن عطيّة عن أيُّوب عن أبي قِلابة عن أنس قال:

أُمِرَ بِلالٌ أن يَشْفَعَ الأذانَ ويوترَ الإقامة إلَّا الإقامة (1).

الطُّرق كلُّها في الصحيحين.

(352)

الحديث التاسع والعشرون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي ابن عاصم عن حُميد عن أنس قال:

استشارَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم النّاسَ في الأسارى يومَ بَدر، فقال:"إنّ اللَّه عز وجل قد أمْكَنَكم منهم". فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول اللَّه، اضْرِبْ أعناقَهم. فأعرضَ عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم عاد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال للناس:"يا أيّها النّاس، إنّ اللَّه قد أَمْكَنَكُم منهم، وإنّما هم إخوانُكم بالأمس"، فقام عمر فقال: يا رسول اللَّه، اضْرِب أعناقَهم، فأعرضَ عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم عاد النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال للنّاس مثلَ ذلك، فقام أبو بكر الصديق فقال: يا رسول اللَّه، أرى أن نعفوَ عنهم، وأن نقبلَ منهم الفِداء. قال: فذهب عن وَجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغَمِّ، فعفا عنهم، وقَبِلَ منهم الفِداء. قال: فأنزل اللَّه عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} الآية (2)[الأنفال: 68].

(353)

الحديث الثلاثون بعد المائتين: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا محمّد بن عُبيد الغُبْريّ قال: حدّثنا أبو عوانةَ عن أبي عثمان عن أنس بن مالك قال:

قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بُنَيّ".

(1) البخاري 2/ 82 (605)، ومسلم 1/ 286 (378) عن أيوب. وفي المسند 20/ 288 (12971) حدّثنا إسماعيل، أخبرنا خالد عن أبي قِلابة قال: قال أنس: أُمِرَ بِلالٌ أن يشفع الأذان، ويُوترَ الإقامة. فحدّثْتُ به أيّوب، قال: إلا الإقامة.

(2)

المسند 21/ 180 (13555). وفي إسناده عليّ بن عاصم بن صُهيب الواسطي، أطال المزي في التهذيب 5/ 265 في الترجمة له، وذكر اختلاف العلماء فيه، وتضعيف بعضهم له. وقد روى الحديث ابن كثير في جامع المسانيد 22/ 141 وقال: تفرّد به (أي المسند). وحكم محقّق المسند على الحديث بأنه حسن لغيره، وذكر بعض شواهده. وروى السيوطيّ في الدرّ المنثور 3/ 202، 203 أحاديث في ذلك.

ص: 178

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(354)

الحديث الحادي والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم ابن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال:

دخلَ علينا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال عندَنا فعَرِق، وجاءت أُمّي بقارورةٍ فجعلَتْ تَسْلُتُ العَرَق فيها (2)، واستيقظَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أُمّ سُليم، ما هذا الذي تصنعين؟ " قالت: هذا عَرَقُك نجعله في طِيبِنا، وهو من أطيب الطِّيب (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حُجَين بن المُثَنّى قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمة الماجِشون عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة قال:

كان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يدخلُ بيتَ أُمّ سُليم فينامُ على فراشها وليست فيه، فجاء ذات يومٍ فنام على فراشها، فأُتِيَتْ، فقيل لها: هذا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم نائمٌ في بيتك، على فراشك، فجاءت وقد عَرِق واستنقع عَرَقُه على قطعة أديم على الفراش، ففتحت عتيدَتَها، فجعلتْ تُنَشِّفُ ذلك العَرَق فتعْصِرُه في قواريرها، ففَزِع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:"ما تصنعين يا أُمَّ سُليم؟ " قالت: يا رسول اللَّه، نرجو بركته لصبياننا. فقال:"أصبْتِ"(4).

الطريقان أخرجهما مسلم. وأخرجه البخاري من حديث ثُمامة عن أنس مختصرًا (5).

وفي الصحيحين من حديث أنس قال:

كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يدخلُ على أحد من النساء إلَّا على أزواجه، إلَّا أمّ سُليم، فإنّه كان يدخلُ عليها، فقيل له في ذلك، فقال:"إنّي أرحمُها، قُتِلَ أخوها معي"(6).

(1) مسلم 3/ 1693 (2151) وهو في المسند 20/ 353 (13061) حدّثنا عبد الواحد، حدّثنا حمّاد بن زيد عن سَلْم العلويّ. . .

(2)

تسلت العرق: تعصره لتجمعه.

(3)

المسند 19/ 387 (12396)، ومسلم 5/ 1814 (2331).

(4)

المسند 21/ 33 (13310)، ومسلم - السابق.

(5)

البخاري 11/ 70 (6281).

(6)

البخاري 6/ 50 (2844)، ومسلم 4/ 1908 (2455)، كلاهما من طريق همام عن إسحق بن عبد اللَّه عن أنس.

ص: 179

والعَتيدة: الشيء المُعَدّ للطِّيب.

(355)

الحديث الثاني والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سيَّار ابن حاتم قال: حدّثنا جعفر بن سُليمان الضُّبَعِيّ قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ طيرَ الجنّة كأمثال البُخْتِ (1)، ترعى من شجر الجنّة". فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه، إنَّ هذه لَطيرٌ ناعمةٌ! . قال:"أَكَلَتُها أنعمُ منها -قالها ثلاثًا- وَإنِّي لأرجو أن تكون ممّن يأكلُ منها"(2).

(356)

الحديث الثالث والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس قال:

كانت نَعْلا النّبيّ صلى الله عليه وسلم لهما قِبالان.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

(357)

الحديث الرابع والثلاثون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أن الزّبير بن العوّام وعبد الرحمن بن عوف شَكَيا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القَمْل، فرخّصَ لهما في لُبْس الحرير، فرأيتُ على كلِّ واحدٍ منهما قميصًا من حرير.

أخرجاه (4).

(358)

الحديث الخامس والثلاثون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه لا يظلمُ المؤمنَ حسنةً، يُعطَى عليها في الدُّنيا، ويُثابُ

(1) البُخْت: جمال طوال الأعناق.

(2)

المسند 21/ 34 (13311). قال المنذريّ في الترغيب 4/ 432 (5506): رواه أحمد بإسناد جيّد. . والترمذي وقال: حديث حسن، ولفظه. . . وفي مجمع الزوائد 10/ 417: رواه الترمذيّ باختصار، ورواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير سيّار بن حاتم، وهو ثقة. والحديث في المختارة 5/ 13 (1614). وحكم محقق المسند على الحديث بالصحّة، وقال: وهذا إسناد ضعيف لضعف سيّار. ثم ذكر تجويد المنذريّ له، وتصحيح العراقي له في "تخريج الإحياء"، ورأى ذلك تساهلًا منهما. أما حديث الترمذي المذكور، فهو قريب المعنى مما هنا 4/ 587 (2542) من طريق همام، وينظر في سيّار - التهذيب 3/ 349.

(3)

المسند 19/ 260 (12229)، والبخاري 10/ 312 (5857).

وكتب على حاشية هـ: القبال: زمام النعل. والمراد به السير الذي تكون بين الإصبع الوسطى والتي تليها.

(4)

المسند 19/ 261 (12230). وهو في البخاري 1/ 106 (2920)، ومسلم 3/ 1647 (2076) من طريق همّام.

ص: 180

عليها في الآخرة. وأمّا الكافرُ فيُطْعَمُ بحسناته في الدُّنيا، حتى إذا أفْضَى إلى الآخرة لم تكن له حسنةٌ يُعطَى بها خيرًا".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(359)

الحديث السادس والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن يزيد قال: حدّثنا أبو سلمة صاحب الطعام قال: أخبرَني جابر بن يزيد -وليس بالجُعْفي- عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال:

بعثَني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى حُليق النَّصرانيّ لِيبعثَ إليه بأثواب إلى الميسَرة فقال: وما الميسَرة؟ ومتى الميسَرة؟ واللَّه ما لمحمَّد ثاغية ولا راغية. فرجعْتُ فأتيت النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا رآني قال:"كذبَ عدوَّ اللَّه. أنا خيرٌ من بايعَ. لأن يلبسَ أحدُكم ثوبًا من رِقاعٍ شتّى خيرٌ له من أن يأخذَ بأمانته -أو في أمانته- ما ليس عنده"(2).

الرَّاغية: من أصوات الإبل. والثَّاغية: من أصوات الشّاء (3).

(360)

الحديث السابع والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو الأحوص قال: حدّثنا يحيى بن الحارث التّيمي عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال:

نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن زيارة القُبور، وعن لُحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن هذه الأنبذة في الأوعية. ثم قال رسول اللَّه بعد ذلك: "ألا إنّي كنت نهيتُكم عن ثلاثٍ: نهيتُكم عن زيارة القبور ثم بدا لي أنّها ترِقُّ القلوبَ، وتُدْمعُ العينَ، فزُوروها، ولا تقولوا هُجرًا. ونهيتُكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم بدا لي أنَّ النّاس يبتغون أُدْمَهم، ويُتْحِفون ضيفَهم، ويرفعون لغائبهم، فكُلوا وأمْسِكوا ما شئتم. ونهيتُكم عن هذه الأوعية،

(1) المسند 19/ 266 (12237)، ومسلم 4/ 2162 (2808).

(2)

المسند 21/ 183 (13559)، وضعّف المحقّق إسناده، وذكر بعض مظانّ الحديث. يضاف لها: إتحاف الخيرة 4/ 269 (3828) عن أبي يعلى.

وقد تحدّث ابن حجر في التعجيل 64 عن جابر بن يزيد الذي روى عن أبي سلمة، كما تحدّث عن أبي سلمة 491. وقال عن جابر: ولم أجد لهذا ذكرًا إلَّا في هذا الخبر.

(3)

أي ليس عنده ما يُؤدّي الدّين.

ص: 181

فاشربوا ما شئتم، من شاء أوكى سقاءه على إثم" (1).

(361)

الحديث الثامن والثلاثون بعد المائتين (2): حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عبيدة عن همّام عن قتادة قال:

كُنَّا نأتي أنسًا وخبّازُه قائم. قال: فقال لنا ذات يومٍ: كُلوا، فما أعلمُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى رَغِيفًا مُرَقّقًا بعينه، ولا أكل شاةً سَميطًا قطُّ (3).

(362)

الحديث التاسع والثلاثون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن سعيد عن قتادة عن أنس:

أنَّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "النُّخاعة في المسجد خطيئةٌ، وكفَّارتها دفنُها".

أخرجاه (4).

(363)

الحديث الأربعون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنَّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما بالُ أقوامٍ يرفعونَ أبصارَهم إلى السماء في صلاتِهم؟ " واشتدّ قوله في ذلك حتى قال: "ليَنْتَهُنّ عن ذلك، أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم".

انفرد بإخراجه البخاري (5).

(364)

الحديث الحادي والأربعون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنَّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنِّي لأدخُلُ في الصلاة وأنا أُريدُ أن أطيلَها، فأسمعُ بكاءَ الصبيّ، فأتَجَوّزُ في صلاتي ممّا أعلمُ من شِدَّة وَجْدِ أُمّه ببكائه".

(1) المسند 21/ 222 (13615). رواه من طريق آخر 21/ 141 (13487)، وحكم المحقّق على الإسناد بالضعف، وعلى الحديث بالصحّة لغيره. وهو في المختارة 6/ 320 (2343) من طريق يحيى بن الحارث. وينظر المستدرك 1/ 375، 376 والمجمع 5/ 65 وما بعدها.

(2)

ورد هذا الحديث في الأصول بعد الحديث التالي، وبتقديمه تصبح الأسانيد التالية صحيحة، موافقة لقول المؤلِّف "وبه".

(3)

المسند 19/ 308 (12296) وهو في البخاري 9/ 530 (5385) من طريق همّام عن قتادة، ولم ينبّه المؤلّف. والسميط الشاة التي أُزيل جلدها وشويت.

(4)

المسند 19/ 118 (12062). والحديث في البخاري 1/ 511 (415) من طريق شُعبة عن قتادة: "البُزاق. . . " وهو في مسلم 1/ 390 (552) من طريق شُعبة عن قتادة: "التّفل. . . " ومن طريق أبي عوانة عن قتادة: "البزاق. . . ".

(5)

المسند 19/ 121 (12065)، والبخاري 2/ 333 (750) من طريق سعيد.

ص: 182

أخرجاه (1).

(365)

الحديث الثاني والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر شاذان قال: حدّثنا شَريك عن عبد اللَّه بن عيسى عن عبد اللَّه بن جبر عن أنس قال:

كان النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ ثلاثًا بإناءٍ يكونُ رطلين، ويغتسلُ بالصّاع (2).

(366)

الحديث الثالث والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا أبو ربيعة عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابيّ يعودُه وهو محموم، فقال:"كفّارةٌ وطَهور" فقال الأعرابيُّ: بل حُمّى تفورُ، على شيخٍ كبير، تُزيرُه القُبور. فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتَرَكَه (3).

(367)

الحديث الرابع والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن بكر قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أتِمُّوا الصَّف الأَوَّل، ثم الذي يليه، فإذا كان نقصٌ فَلْيَكُن في الصفِّ المُؤَخّر"(4).

(368)

الحديث الخامس والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرَّحمن قال: حدّثنا عَزْرَة عن ثابت عن ثُمامة بن عبد اللَّه:

أنَّ أنسًا كان لا يَرُدّ الطِّيبَ. وزعم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان لا يَرُدَّ الطيب.

(1) المسند 19/ 123 (12067)، والبخاري 2/ 202 (709، 710)، ومسلم 1/ 342، 343 (470). كلاهما من طريق سعيد.

(2)

المسند 20/ 218 (12943). وحكم المحقّق بضعف إسناده، لسوء حفظ شريك. وأخرجه أبو داود 1/ 23 (95) من طريق شريك، قال أبو داود: وسمعْت أحمد بن حنبل يقول: الصاع خمسة أرطال. وجعله الألباني في ضعيف أبي داود.

(3)

المسند 21/ 223 (13616)، ومسند أبي يعلى 7/ 231 (4232) من طريق حمّاد. قال الهيثمي في المجمع 2/ 203: ورواه أحمد، ورجاله ثقات. على أن سنان بن ربيعة، أبا ربيعة مختلف فيه - تهذيب الكمال 6/ 313. ولكن يشهد للحديث ما رواه البخاري عن ابن عبَّاس 6/ 624 (3616).

(4)

المسند 19/ 355 (12352)، وإسناده صحيح. وهو في سنن أبي داود 1/ 180 (671)، وسنن النسائي 2/ 93، وصحّحه ابن خزيمة 3/ 22 (1546)، وابن حبّان 5/ 528 (2155)، كلّهم من طريق سعيد، وصحّحه الألباني.

ص: 183

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(369)

الحديث السادس والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصَّمد قال: حدّثنا أبان قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أنَّ يهوديًا دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالةٍ سَنِخَة، فأجابه (2).

الإهالة: الشحم المُذاب. والسَّنِخة: المتغيّرة.

(370)

الحديث السابع والأربعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر قال: حدّثنا هشام عن قتادة عن أنس:

أنّه مشى إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سَنِخة. قال: وقد رهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم درعًا له عند يهوديّ بالمدينة وأخذ منه شعيرًا.

قال: ولقد سَمِعْتُه ذات يوم يقول: ما أمسى عند آل محمّد صاعُ حبٍّ، ولا صاعُ بُرٍّ، وإنَّ عنده تسع نسوةٍ يومئذ.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

* طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضَيل قال: حدّثنا الأعمش عن أنس قال:

كانت دِرْعُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرهونةً، ما وجد ما يفتكُّها حتى مات (4).

(371)

الحديث الثامن والأربعون بعد المائتين: وبه (5):

(1) المسند 19/ 358 (12356)، والبخاري 5/ 209 (2582) من طريق عزرة.

(2)

المسند 20/ 424 (13201). وإسناده صحيح، وأبان من رجال مسلم، وسائر رجاله رجال الشيخين.

(3)

المسند 19/ 360 (12360)، والبخاري 4/ 305 (2069) من طريق هشام. وأبو عامر، عبد الملك بن عمرو العقدي، من رجال الشيخين.

(4)

المسند 19/ 53 (11993). وحكم المحقّق بصحة الحديث، ولكن سنده مُنقطع لعدم سماع الأعمش من أنس. وينظر السابق، والمسند 21/ 48 (13497)، وابن حبّان 13/ 263 (5937).

(5)

ورد هذا الحديث في الأصول مؤخرًا على الذي بعده: فهذا هو التاسع والأربعون، والذي بعده الثامن والأربعون. وقد قدَّمته ليصحّ كلام المؤلف:"وبه" عطفًا على الحديث السابق: حدّثنا أحمد، حدّثنا أبو عامر.

ص: 184

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَثلُ ما بين ناحيتَي حوضي مَثلُ ما بين المدينة وصنعاء، ومَثَلُ ما بين المدينةِ وعمان"(1).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا سعيد بن عُفَير قال: حدّثني ابن وَهب عن يونس قال: حدّثنا ابن شهاب قال: حدّثني أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ قَدْرَ حوضي كما بين أيلةَ وصنعاء من اليمن. وإنّ فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء".

أخرجاه (2).

(372)

الحديث التاسع والأربعون بعد المائتين: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا منصور ابن أبي مزاحم قال: حدّثنا يحيى بن حصزة عن الأوزاعيّ عن إسحق بن عبد اللَّه عن عمّه أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يَتْبَعُ الدّجّالَ من يهود أصبهانَ سبعون ألفًا، عليهم الطيالسةُ".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(373)

الحديث الخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديّ عن أبان بن خالد قال: حدّثني عبيد اللَّه (4) قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول:

إنّه لم يرَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلّي الضُّحَى إلَّا أن يخرجَ من سَفَر، أو يَقْدَمَ من سَفَر (5).

(1) المسند 19/ 362 (12362). وهو عن أزهر وأبي عامر. ورواية أبي عامر: "أو مثل. . وعمّان". قال الإمام أحمد: وقال أزهر: "مثل" وقال: "عُمان" وقد جاء الحديث في 20/ 460 (13261) عن أزهر وعبد الوهاب، وفيه "أو. . . وعمَّان" ورجال الحديث رجال الشيخين.

(2)

البخاري 11/ 463 (6580)، ومسلم 4/ 800 (2303) من طريق ابن وهب، وينظر الفتح 11/ 470، 471.

(3)

مسلم 4/ 2266 (2944). وقريب منه في المسند 21/ 55 (13344).

والطيالسة جمع طيلسان: ثوب غير مخيط، يُحاط به الجسم.

(4)

وهو عُبيد اللَّه بن رواحة.

(5)

المسند 19/ 355 (12353) وحسّن المحقّق إسناده، وقال: صحيح لغيره. وهو في مسند أبي يعلى 7/ 301 (4337). وينظر تخريجه فيه.

ص: 185

(374)

الحديث الحادي والخمسون بعد المائتين: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا معمر قال: حدّثنا عبد الوارث قال: حدّثنا عبد العزيز عن أنس قال:

لمّا كان يومُ أُحد انهزم النّاس عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبو طلحة بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ عليه بحَجَفة (1)، وكان أبو طلحة رجلًا راميًا شديد النّزْع (2)، كسرَ يومئذٍ قوسين أو ثلاثًا. وكان الرَّجل يَمُرُّ معه جُعْبةٌ من النَّبل، فيقول:"انْثُرْها لأبي طلحة". قال: ويُشرف النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: بأبي أنت وأُمّي، لا تشرِفْ يُصِبْك سهمٌ من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيتُ عائشة بنت أبي بكر وأُمَّ سُليم وإنّهما لمُشَمِّرتان، أرى خَدَمَ سُوقهما، تُنْقِزان القِرَب على مُتونهما، تُفْرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتُفرغانه في أفواه القوم. ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة إمّا مرّتين وإمّا ثلاثًا (3).

والخدَم: الخلاليل.

وتُنْقزان القِرَب: تحملانها (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفان قال: حدّثنا حمّاد قال: أخبرنا ثابت عن أنس:

أنّ أبا طلحة كان يرمي بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومَ أُحد والنّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خلفَه يتَتَرّسُ به، وكان راميًا، وكان إذا رمى رفع رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَخْصَه ينظرُ أين يقَعُ سهمُه، ويرفعُ أبو طلحة صدَرَه ويقول: هكذا، بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللَّه، لا يصيبك سهم، نحري دونَ نحرك. وكان أبو طلحة يَشورُ نفسَه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويقول: إنِّي جَلْدٌ يا رسول اللَّه،

(1) مُجوّب: محيط ومُتْرِّس. والحَجَفة: التّرس.

(2)

هذه رواية مسلم. والنّزع: الرّمي بالسّهام. أما في البخاري فذكر ابن حجر أنّه يروى: ". . . شديدًا، لقد كسر. . . ". ويروى "شديدَ القِدّ" وهو سير من جلد غير مدبوغ. والثانية هي التي أثبتت في متن الحديث.

(3)

البخاري 7/ 128 (3811)، ومسلم 3/ 1443 (1811).

(4)

قال ابن الأثير في النهاية 5/ 106: في نصب "القِرَب" بُعد، لأنه "ينقز" غير متعدّ، وأولّه بعضهم بعدم الجار. رواه بعضهم بضم الياء، من أَنْقَزَ فعدّاه بالهمز، يريد تحريك القِرَب ووثوبها بشدّة العدو والوثب. وروي يرفع "القِرَب" على الابتداء، والجملة في موضع الحال.

ص: 186

وَجِّهْني في حوائجك، ومُرْني بما شئتَ (1).

أخرجاه إلى قوله: دون نحرك.

ومعنى قوله: يشور نفسه: يُظْهر قوّتها (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إبراهيم بن اسحق الطالقاني (3) قال: حدّثنا ابن مبارك عن الأوزاعي عن إسحق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

كان أبو طلحة يتترّس مع النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بتُرْس واحدٍ، وكان أبو طلحة حسنَ الرَّمي، وكان إذا رمى أشرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مواقع نَبله.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

(375)

الحديث الثاني والخمسون بعد المائتين: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المعتدي في الصَّدَقة كمانعها".

هكذا رواية الليث: سعد بن سنان. وقال البخاريّ: الصحيح: سنان بن سعد.

قال أحمد: هو مضطرب الحديث.

ومعنى الحديث أن اثم المعتدي في أخذ الصّدقة كإثم المانع (5).

(1) المسند 21/ 445 (14058). وحمّاد بن سلمة من رجال مسلم. وقد صحّحه الحاكم 2/ 116 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وينظر البخاري ومسلم - السابق.

(2)

وفسّرها في النهاية 2/ 508 أيضًا بـ: يعرض نفسه على القتل.

(3)

كذا في الأصول. وفي المسند "إسحق بن إبراهيم" وصوَّب محقّق المسند أنه إبراهيم كما في أصول كتابنا. ينظر تهذيب الكمال 1/ 99.

(4)

المسند 21/ 312 (13800). وهو في البخاري 6/ 93 (2902) عن عبد اللَّه بن المبارك. والطالقاني ثقة.

(5)

الحديث والتعليق عليه في الترمذي 3/ 38، 39 (646) مع تصرّف من المؤلف. وممّا قال الترمذي فيه: وفي الباب عن ابن عمر وأمّ سلمة وأبي هريرة. وحديث أنس غريب من هذا الوجه.

والحديث في أبي داود 2/ 105 (1585) وفيه: سعد بن سنان. ومثله في ابن ماجة 1/ 578 (1808) وحسّنه الألباني. وهو في صحيح ابن خزيمة 4/ 51 (2335) من طريق الليث، وفيه: سنان بن سعد. وفي جامع المسانيد 22/ 314، والتحفة 1/ 222 سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد. وفي الإتحاف 2/ 44 سنان ابن سعد. وينظر في سعد -أو سنان- موسوعة أقوال الإمام أحمد 2/ 21، وتهذيب الكمال 3/ 12. والضعفاء لابن الجوزي 1/ 312.

ص: 187

(376)

الحديث الثالث والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا أيّوب عن ابن سيرين قال:

سُئِل أنس بن مالك: هل قنتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر (1)؟ قال: نعم، بعد الرُّكوع. ثم سُئل بعد ذلك مرَّة أخرى: هل قَنَتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح؟ قال: نعم، بعد الرُّكوع يسيرًا.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا عاصم الأحول عن أنس قال:

سألتُه عن القُنوت: أَقَبْلَ الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟ فقال: قبل الرُّكوع. قلت: فإنّهم يزعمون أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بعد الرُّكوع. فقال: كذبوا، إنّما قَنَتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو على ناسٍ قَتلوا ناسًا من أصحابه، يقال لهم القُرّاء.

أخرجاه (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن هشام قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

قَنَتَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شهرًا بعدَ الرُّكوع، يدعو على أحياء من العرب، ثم تركه.

أخرجاه (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: أخبرنا التّيميّ عن أبي مِجْلِز عن أنس قال:

قَنَتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الرُّكوع، يدعو على رِعْلٍ وذَكوانَ. وقال:"عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ ورسوله".

(1)"في صلاة الفجر" ليست في طبعة المسند.

(2)

المسند 19/ 169 (12117)، ومسلم 1/ 468 (677)، وفي البخاري 2/ 489 (1001) من طريق أيوب.

(3)

المسند 20/ 129 (12705)، ومسلم 1/ 469 (677). وفي البخاري 2/ 489 (1002) من طريق عاصم.

(4)

المسند 19/ 194 (12150)، والبخاري 7/ 385 (4089)، ومسلم السابق وكلاهما عن هشام.

ص: 188

انفرد بإخراجه مسلم (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا أبو جعفر الرّازي عن الربيع عن أنس ابن مالك قال:

ما زال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقْنُتُ في الفجر حتى فارق الدُّنيا (2).

أبو جعفر الرّازي ضعيف. قال الفلَّاس: هو سيّءُ الحفظ. وقال أبو زرعة: يهِمُ كثيرًا (3).

(377)

الحديث الرابع والخمسون بعد المائتين (4): حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْتُ قتادة يحدّث عن أنس بن مالك قال:

صلّيْتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .

أخرجاه (5).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا شُعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

صلّيْتُ خلفَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وخلفَ أبي بكر، وعمر وعثمان، فكانوا لا يجهرون بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (6).

(378)

الحديث الخامس والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا

(1) المسند 19/ 190 (12152)، مسلم 1/ 468 (677) من طريق سليمان التيمي. وفي البخاري 2/ 490 (1003) من طريق زائدة عن التّيمي عن أبي مِجْلِز عن أنس قال: قَنَتَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو على رعل وذكوان.

(2)

المسند 20/ 95 (12657)، ينظر تخريج المحقّق له.

(3)

ينظر أقوال العلماء في أبي جعفر، عيسى بن ماهان، في: موسوعة أقوال الإمام أحمد 4/ 200، والجرح والتعديل 6/ 280، وتهذيب الكمال 8/ 257.

(4)

ذكر المؤلف هنا تحت ثلاثة أحاديث ما يجعل أمثاله في الكتاب حديثًا واحدًا ذا طرق.

(5)

المسند 20/ 199 (12810)، ومسلم 10/ 299 (399). وهو في البخاري 2/ 226 (743) من طريق شُعبة: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . .

(6)

المسند 20/ 219 (12845)، وإسناده صحيح. وصحّحه ابن خزيمة 1/ 249 (495).

ص: 189

إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

قال الترمذي: هذا حديث صحيح (1).

وفي لفظ الصحيحين: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2).

(379)

الحديث السادس والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا غسّان بن مُضَر قال: حدّثنا سعيد بن يزيد أبو مَسْلَمة قال:

سألتُ أنسًا: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أو {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ؟ قال: إنّك لَتسألُني عن شيء ما أحفظُه، وما سألَنِي أحدٌ قَبلك (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: سعيد بن يزيد أخبرنا قال:

قلت لأنس بن مالك: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أو بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ؟ فقال: إنّك لتسألُني عن شيءٍ ما سألَني عند أحد (4).

(380)

الحديث السابع والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن أنس بن مالك:

(1) المسند 19/ 49 (11991)، ومسند أبي يعلى 5/ 344 (2980)، وإسناده صحيح، وهو في الترمذي 2/ 15 (246) من طريق قتادة. وقال: حسن صحيح.

(2)

في مسلم 1/ 399 (399 - 52): صلّيْتُ خلف النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءة ولا في آخرها. وينظر الحديث قبل السابق.

(3)

المسند 20/ 126 (12700) ويزيد أبو مسلمة من رجال الشيخين. أما غسان فروى له النسائي حديثًا واحدًا، وهو ثقة - التهذيب 6/ 11. فالإسناد صحيح.

(4)

المسند 20/ 289 (12974) وإسناده صحيح، ورجاله رجال الشيخين.

وهذه المسألة من مسائل الخلاف: ينظر الترمذي 2/ 16، وكشف المشكل 2/ 236، وفتح الباري 2/ 27 وجمال القرّاء.

ص: 190

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يَمُرُّ بباب فاطمة ستّة أشهر إذا خرجَ إلى صلاة الفجر، يقول:"الصّلاةَ يا أهل البيت، إنّما يُريدُ اللَّهُ ليُذْهِبَ عنكم الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطَهِّرَكُم تطهيرًا"(1).

(381)

الحديث الثامن والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن حُميد قال:

سُئِل أنسٌ عن بيع الثّمر. فقال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع ثمرة النّخل حتى تزهوَ. قيل: ما تزهو؟ قال: "تحْمَرّ"(2).

أخرجاه بزيادة: "تَحْمَرّ وتَصْفَرّ". قال: "أرأيتَ إن منع اللَّهُ الثَّمرة، بمَ تَسْتَحِلُّ مالَ أخيك؟ "(3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن حُميد عن أنس بن مالك:

أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباعَ الثَّمَرةُ حتى تزهوَ، وعن العنب حتى يَسْوَدّ، وعن الحبِّ حتى يَشْتَدّ (4).

(382)

الحديث التاسع والخمسون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا صَفوان قال: حدّثني راشد بن سعد وعبد الرّحمن بن جُبير عن أنس ابن مالك قال:

(1) المسند 21/ 434 (14040). ورواه 21/ 273 (13728) من طريق أسود بن عامر عن حمّاد. وعلي بن زيد، ابن جدعان ضعيف. وهو في الترمذي 5/ 328 (3206) من طريق عفّان، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وإنّما نعرفه من حديث حمّاد بن سلمة. قال: وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل ابن يسار وأم سلمة. وجعله الألباني ضعيفًا. وصحّحه الحاكم من طريق عفّان 3/ 158، وسكت عنه الذهبي. وهو في مسند أبي يعلى 7/ 59 (3978) من طريق حمّاد.

(2)

المسند 19/ 186 (12138).

(3)

البخاري 4/ 398، 404 (2198، 2208)، ومسلم 3/ 1190 (1555).

(4)

المسند 21/ 37 (13314). وصحّحه الحاكم 2/ 19 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وهو من طريق حمّاد في الترمذي 3/ 530 (1228)، وأبي داود 3/ 253 (3371)، وابن ماجة 2/ 747 (2217)، وصحّحه الألباني، وابن حبّان 11/ 369 (4993).

ص: 191

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لمّا عَرَجَ بي ربِّي عز وجل مَرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاس يَخْمِشُون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: مَن هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحومَ النّاس، ويقعون في أعراضهم"(1).

(383)

الحديث الستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا صفوان بن عمرو عن عمرو (2) بن جابر عن أنس بن مالك:

عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الحرب خدعة"(3).

(384)

الحديث الحادي والستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا ابن عيّاش عن عمارة بن غَزِيّة الأنصاري: أنه سمع حُميد بن عُبيد (4) يقول: سمعتُ ثابتًا البُنانيّ يُحَدّث عن أنس:

عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال لجبريل: "ما لي لَمْ أرَ ميكائيلَ ضاحِكًا قطّ؟ " فقال: ما ضَحِكَ ميكائيل منذُ خُلِقَتِ النّار (5).

(385)

الحديث الثاني والستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن جعفر قال: حدّثنا شُعبة [عن قتادة](6) عن أنس قال:

ألا أُحَدّثُكم حديثًا سَمِعْتُه من رسول اللَّه، لا يُحَدِّثُكم أحدٌ بعدي سَمِعَه منه؟ "إنّ

(1) المسند 21/ 53 (13340)، وصحّح المحقّق إسناده على شرط مسلم. وهو في سنن أبي داود 4/ 269 (4878)، وجعله الألباني في صحيح أبي داود، وفي الأحاديث الصحيحة 2/ 69 (533).

(2)

كذا في الأصل. وفي المسند في الموضعين الآتيين: عثمان بن جابر. وذكر المحقّق أنه مجهول، ويقال فيه: عمرو بن عثمان بن جابر.

(3)

المسند 21/ 54 (13342)، وقبله عن أبي المغيرة عن صغوان به. وحكم المحقّق بضعف إسناده. وهو في الصحيحين عن جابر وأبي هريرة: البخاري 6/ 157، 158 (3028، 3030)، ومسلم 3/ 1361، 1362 (1739، 1740).

(4)

في المسند "مولى بني المعلّى". وفي التعجيل 105: لا يدري من هو. قال ابن حجر: هو مدنيّ من موالي الأنصار.

(5)

المسند 21/ 55 (13343)، وضعّف المحقّق إسناده. وذكره المنذري في الترغيب 4/ 357 (5361) وقال: رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عيّاش، وبقيّة رواته ثقات.

(6)

في المخطوطتين "عن عبد العزيز بن صهيب". ولم يرو عنه في المسند، ولكنه روي عن قتادة وأبي التيّاح عن أنس. ينظر مواضع وروده في المسند في 19/ 11 (1944). وهذه الرواية 20/ 196 (12806) وكذلك رواه الشيخان عن قتالمة وأبي التيّاح: البخاري 1/ 178، ومسلم 4/ 2056 (2671).

ص: 192

من أشراط السّاعة أن يُرْفَعَ العلمُ، ويَظْهَرَ الجَهْلُ، ويفشوَ الزِّنا، ويُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرّجالُ، وتبقى النّساء، حتى يكون لخمسين امرأةً قيِّمٌ واحدٌ".

(386)

الحديث الثالث والستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن جَعفر قال: حدّثنا شُعبة عن حُميد قال: سمعتُ أنسًا قال:

قالت الأنصار:

نحنُ الذين بايَعوا محمّدا

على الجهادِ ما بَقِينا أبدا

قال: فأجابَهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اللهُم َّلا خيرَ إلا خيرُ الآخِرة. فاغْفِرْ للأنصار والمُهَاجِرة".

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(387)

الحديث الرابع والستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعت هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال:

دخلْتُ مع جدّي أنس بن مالك دارَ الحكمِ بن أيّوب (2)، فإذا قومٌ قد نصبوا دجاجةً يرمُونها، فقال أنس: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ تُصْبَرَ البهائمُ.

أخرجاه (3).

(388)

الحديث الخامس والستون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

مَرَرْنَا فأنْفَجْنا أرنبًا بِمَرِّ الظّهران، فسَعَوا إليها فلَغِبُوا (4)، فسبقْتُ حتى إذا أدرَكْتُها،

(1) المسند 20/ 148 (12732). ومن طريق شُعبة في البخاري 6/ 117 (2961) وينظر طرقه 6/ 45 (2834). ولكن مسلمًا أخرجه من طريق ثابت عن أنس بلفظه، ومن طرق أخرى باختلافات يسيرة 3/ 1431، 1432 (1805) تجعله -على منهاج ابن الجوزي- للشيخين. وجعله الحميدي في الجمع 2/ 568 (1930) متّفقًا عليه.

(2)

وهو ابن عم الحجّاج، ونائبه على البصرة.

(3)

المسند 20/ 157 (12746)، وينظر 19/ 204 (12161)، ومسلم 3/ 1549 (1956) به، وفي البخاري 9/ 642 (5513) من طريق شعبة.

وصبر البهيمة: حبسها حيّة لتقتل بالرمي.

(4)

مرّ الظّهران: موضع قريب من مكة. ولَغِبُوا: تعبوا.

ص: 193

فأتيتُ بها أبا طَلحة، فَذَبَحها فبَعَثَ بوركِها وفَخذِها (1) إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم به، فَقَبِلَه.

أخرجاه (2).

ومعنى أنفجْنا: أَثَرْنا.

(389)

الحديث السادس والستون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن جعفر ووكيع (3) قالا: حدّثنا شُعبة قال: سمعتُ قتادة يُحَدِّث عن أنس:

عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِه ووالدِه والنّاس أجمعين".

أخرجاه (4).

(390)

الحديث السابع والستون بعد المائتين: وبه:

عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اعْتَدِلوا في السُّجود، ولا يَبْسُطْ أحدُكم ذِراعَيه انبساطَ الكلب". وقال وكيع: "انبساطَ السَّبُع".

أخرجاه (5).

(391)

الحديث الثامن والستون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سوُّوا صُفُوفَكم، فإنّ تسويةَ الصّفّ من تمام الصلاة".

أخرجاه (6).

(1) في المسند "أو فخذها".

(2)

المسند 20/ 157 (12747)، وينظر 19/ 220 (12182)، ومسلم 3/ 1547 (1953)، وهو في البخاري 5/ 202 (2572) عن شعبة.

(3)

كذا في الأصلين. ولم أقف في المسند عليه من طريق وكيع، بل هو من طريق محمّد بن جعفر وحجّاج، وكذا ذكره ابن حجر في الأطراف 1/ 500 (915).

(4)

المسند 20/ 202 (12814)، 21/ 366 (13911)، والبخاري 1/ 58 (15)، ومسلم 1/ 67 (44).

(5)

المسند 20/ 201 (12814) عن محمّد بن جعفر وحجّاج، وفي 20/ 217 (12840) عن وكيع. وعن محمّد ابن جعفر ووكيع في مسلم 1/ 355 (493) برواية "انبساط الكلب"، وفي البخاري 2/ 301 (822) عن طريق محمّد جعفر. وفي 2/ 15 (532) من طريق يزيد بن إبراهيم عن قتادة.

(6)

المسند 20/ 201 (12813) عن محمّد بن جعفر وحجّاج. وفي 20/ 218 (12841) عن وكيع، وروايته "أقيموا. . . ". والبخاري 2/ 209 (723) من طريق شُعبة، وهو في مسلم 1/ 324 (433) من طريق محمّد ابن جعفر عن شُعبة.

ص: 194

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان بن حَيّان عن حُميد عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقْبِلُ علينا بوجهه قبل أن يُكَبِّرَ فيقول: "تراصُّوا واعتدلوا، فإنّي أراكم من وراء ظهري".

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شُعبة عن قتادة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "أتِمُّوا الرُّكوع والسُّجود، فإنّي أراكم من بعدي". وربما قال مرَّةً: "من وراء ظهري إذا ركعتم وإذا سجدتم".

أخرجاه (2).

(392)

الحديث التاسع والستون بعد المائتين: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا هارون ابن عبد اللَّه قال: حدّثنا سيّار بن حاتم قال: حدّثنا جعفر بن سُليمان عن ثابت عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على شابٍّ وهو في الموت، قال:"كيف تَجِدُك؟ " قال: أرجو اللَّه، وأخافُ ذُنوبي. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطنِ إلا أعطاه اللَّه ما يرجو، وآمَنَهُ ممّا يَخاف"(3).

(393)

الحديث السبعون بعد المائتين: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا عبّاس بن

(1) المسند 19/ 278 (12255). وهو في البخاري 2/ 208 (719) من طريق حُميد عن أنس. وبمعناه في مسلم 1/ 324 (434) من طريق عبد العزيز عن أنس.

(2)

المسند 19/ 193 (12148)، والبخاري 2/ 225 (742) ومسلم 1/ 320 (425) من طرق عن قتادة.

(3)

الترمذي 3/ 383 (983). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقد روى بعضهم هذا الحديثَ عن ثابت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وهو في سنن ابن ماجة 2/ 1423 (4261)، وجعله الألباني في صحيحهما، كما صحّحه في الأحاديث الصحيحة 3/ 41 (1051). وفي الترغيب والترهيب 4/ 163 (4954) قال المنذري: إسناده حسن.

وقد عقد الإمام البخاريّ بابًا في كتاب الرّقاق 11/ 300 بعنوان "الرّجاء مع الخوف"، وقال ابن حجر 11/ 301 بعد أن ساق حديث الترمذي عن أنس: ولعل البخاريّ أشار إليه في الترجمة، ولمّا لم يوافق شرطه أورد ما يؤخذ منه وإن لم يكن مساويًا له في التّصريح بالمقصود.

ص: 195

محمّد الدُّوريّ قال: حدّثنا خالد بن مَخْلَد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عمر (1) عن سَعْد بن سعيد الأنصاريّ عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى يتقاربَ الزّمانُ، فتكونَ السّنةُ كالشّهر، والشّهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليوم كالسّاعة، وتكون السّاعة كالضَّرْمة بالنّار"(2).

(394)

الحديث الحادي والسبعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوْح ابن عُبادة قال: حدّثنا هشام بن حسّان عن حُميد الطويل عن أنس:

أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان في سَفَرٍ في رمضان، فأُتِي بإناءٍ فوضعَه على يده، فلمّا رآه النَّاسُ أفطروا (3).

(395)

الحديث الثاني والسبعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وَكيع عن سفيان عمّن سمع أنسًا يقول:

مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يدعو بإصبعَين، فقال:"أحّد يا سعد"(4).

(396)

الحديث الثالث والسبعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنْ قامَتْ على أحدِكم القيامةُ وفي يده فسيلةٌ فلْيَغرِسْها"(5).

(1) وهو العُمَريّ.

(2)

الترمذي 4/ 490 (2332). وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وصحّحه الألباني. والحديث في المسند 16/ 550 (19430) عن أبي هريرة، وقد صحّح ابن حبّان حديث أبي هريرة - الموارد 465 (1887).

والضّرَمة: السّعَفة في طرفها نار، أو الجمرة.

(3)

المسند 19/ 288 (12269)، وإسناده صحيح. قال في المجمع 3/ 163: رجال أحمد رجال الصحيح. وينظر تخريج محقق المسند.

(4)

المسند 20/ 250 (12901) قال المحقّق: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرّاوي عن سعد. وفي المجمع 10/ 170: رواه أحمد، ولم يُسَمّ تابعيّه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح. وفي 10/ 171 شواهد للباب. وروي الحديث في المسند 15/ 358 (9439) عن أبى هريرة، وصُحّح.

(5)

المسند 20/ 251 (12902). قال في المجمع 4/ 66: ورجاله أثبات ثقات. ومن طريق حمّاد في المفرد 1/ 242 (479). وصحّحه الألباني في الأحاديث الصحيحة 1/ 38 (9). وينظر إتحاف الخيرة 4/ 335 (3958 - 3962).

ص: 196

(397)

الحديث الرابع والسبعون بعد المائتين: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثني ابن أبي الأسود قال: حدّثنا معتمر قال: سمعتُ أبي عن أنس قال:

كان الرّجُل يجعلُ للنّبيّ صلى الله عليه وسلم النَّخَلات، حتى افتتحَ قُريظةَ والنّضّير. وإنَّ أهلي أمروني أن آتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأسأَلَه الذي كانوا أعطَوه أو بعضَه، وكان النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أمَّ أيمن، فجاءت أمُّ أيمنَ فجعلتِ الثّوبَ في عُنقي تقول: كلَّا واللَّه والذي لا اللَّه إلا هو، لا يُعطيكهنّ وقد أعطانيهنّ، والنّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول:"لكِ كذا وكذا" وتقول: كلّا واللَّه، حتى أعطاها، حسِبت أنّه قال:"عشرة أمثاله" أو كما قال.

أخرجاه (1).

(398)

الحديث الخامس والسبعون بعد المائتين: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مسدَّد قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن أنس بن مالك:

أنّ رجلًا اطّلع من بعض حُجَر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقامَ إليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمِشْقَص -أو بِمَشاقص- فكأنّي انظر إليه يختِلُ الرَّجلَ لِيَطْعَنَه.

أخرجاه (2).

والمِشْقَص: سهم عريض النّصل، وجمعه مشاقص.

ويختِله: بمعنى يترقّب الفرصة منه.

(399)

الحديث السادس والسبعون بعد المائتين: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثني عبد القُدُّوس بن محمّد قال: حدَّثني عمرو بن عاصم الكِلابِي قال: حدّثنا همّام بن يحيى قال: حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

كُنْتُ عند النّبِيّ، فجاءَه رجلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه، إنّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عليّ. قال: ولم يسأَلْهُ عنه، قال: وحَضَرتِ الصَّلاة، فصلَّى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم الصلاة قام إليه الرَّجلُ فقال: يا رسول اللَّه، إنّي أصَبْتُ حدًّا، فأَقِمْ فيّ كتاب اللَّه. قال:"أليسَ قد صلَّيْتَ معنا؟ " قال: نعم: قال: "فإنّ اللَّه قد غَفَرَ لك ذنبك - أو قال: حدَّك".

(1) البخاري 7/ 410 (4120)، ومن طريق معتمر في مسلم 3/ 1392 (1771)، والمسند 21/ 18 (13291).

(2)

البخاري 11/ 24 (6242)، ومن طريق حمّاد في مسلم 3/ 1699 (2157)، والمسند 21/ 154 (13507).

ص: 197

أخرجاه (1).

(400)

الحديث السابع والسبعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُغيرُ عند صلاة الفجر، فيتسمّع، فإذا سَمعَ أذانًا أمْسَكَ، وإلّا أغار. قال: فتسمَّع ذاتَ يومٍ فَسَمعَ رجلًا يقول: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، فقال:"على الفِطرة" فقال: أشهدُ أن اللَّه لا إله إلَّا اللَّه، قال:"خَرَجْتَ من النَّار".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(401)

الحديث الثامن والسبعون بعد المائتين: وبالإسناد عن أنس:

أن اليهود كانوا إذا حاضَتِ المرأة منهم لَمْ يُؤاكلوهنّ، ولم يُجامِعوهُنّ في البيوت، فسأل أصحابُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللَّه تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ. . . .} حتى فرغ من الآية [البقرة: 222] فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعوا كلَّ شيءٍ إلَّا النّكاح" فبلغَ ذلك اليهودَ، فقالوا: ما يُريدُ هذا الرَّجلُ أن يدعَ من أمرِنا شيئًا إلَّا خالَفَنا فيه. فجاء أُسيدُ بنُ حُضير وعبّادُ بن بشر فقالا: يا رسولَ اللَّه، إنّ اليهودَ قالت كذا وكذا، أفلا نُجامِعُهنَّ؟ فتغيَّر وجهُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى ظننّا أنّه قد وَجَدَ (3) عليهما، فخرجا فاستقبلَتْهما هديةً من لَبَن إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأرسلَ في آثارهما فسقاهما، فعرفا أنّه لم يَجِدْ عليهما.

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(402)

الحديث التاسع السبعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان ابن داودَ قال: حدّثنا الحَكَم بن عطيّة عن ثابت عن أنس قال:

كان النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إلى المسجد فيه المهاجرون والأنصار، ما منهم أحدٌ يرفعُ رأسَه

(1) البخاري 12/ 133 (6823)، ومسلم 4/ 2117 (2764) من طريق عمرو بن عاصم.

(2)

المسند 19/ 353 (12351). ومسلم 1/ 288 (382) من طريق حمّاد، وزاد: فنظروا فإذا هو راعي مِعْزَى.

(3)

وجد: غضب.

(4)

المسند 19/ 356 (12354)، ومسلم 1/ 246 (302).

ص: 198

من حَبْوَته إلَّا أبو بكر وعمرُ، فيتبسّمُ إليهما ويتبسّمان إليه (1).

(403)

الحديث الثمانون بعد المائتين: حدّثنا [مسلم](2) قال: حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدّثنا أبو معاوية عن عاصم عن مورّق عن أنس قال:

كُنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في السّفَر، فمنَّا الصائمُ ومنَّا المُفْطِر. قال: فنزلْنا منزلًا في يومٍ حارٍّ، أكثرُنا ظِلًّا صاحِبُ الكساء، فمِنّا من يتّقي الشمسَ بيده، قال: فسقط الصُّوّام، وقام المُفْطرون فضربوا الأبنيةَ، وسقَوا الرِّكاب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ذهبَ المُفطِرون اليومَ بالأجر".

أخرجاه.

(404)

الحديث الحادي والثمانون بعد المائتين: حدّثنا [البخاريّ] قال: حدّثنا [آدمُ](3) بن أبي إياس قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثنا سُليمان التّيمي قال: سمعتُ أنسًا يقول:

عطسَ رجلان عندَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فشمَّتَ أحدَهما ولم يُشَمِّتِ الآخرَ، فقال الرَّجُلُ: يا رسول اللَّه، شمَّتّ هذا ولم تُشَمِّتْني. فقال:"إنّ هذا حَمِدَ اللَّه وأنت لَمْ تَحْمَدِ اللَّه".

أخرجاه.

(405)

الحديث الثاني والثمانون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن عُلَيَّة عن حُميد عن أنس قال:

(1) المسند 19/ 495 (12517)، والترمذي 5/ 570 (3668) قال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث الحكم ابن عطيّة، وقد تكلّم بعضُهم في الحكم بن عطيّة. ورواه الحاكم 1/ 121 وقال: تفرَّد به الحكم ابن عطيّة، وليس من شرط هذا الكتاب، ومثله عند الذهبيّ. وقد صنّفه الألباني في ضعيف الترمذي، وحكم محقّق المسند بضعف سنده لضعف الحكم. وينظر في الحَكَم: الجرح 3/ 125، والتقريب 1/ 134.

(2)

هذه واحدة مما سها فيه المؤلّف، فقد كتب: حدّثنا أحمد. وليس الحديث في المسند. وقد ذكره ابن حجر في الإتحاف 2/ 345 ولم ينسبه لأحمد، كما لم يذكر في الأطراف أحاديث المورّق عن أنس. وهذا السّند لمسلم 2/ 788 (1119)، والحديث في البخاري 6/ 84 (2890) حدّثنا سُليمان بن داود عن إسماعيل ابن زكريا حدّثنا عاصم. . . .

(3)

وهذه كسابقتها: فقد جاء عند المؤلّف: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أحمد بن أبي إياس وصوابه ما أثبت. والحديث بهذا السند في البخاري 10/ 610 (6225). وهو في مسلم 4/ 2292 (2991) عن حفص بن غياث، وأبي خالد الأحمر، عن سُليمان. وفي المسند 19/ 26 (11962) عن معتمر، وفي 19/ 208 (12167) عن يحيي، وفي 20/ 191 (12798) عن إسماعيل بن عليّة، كلّهم عن سُليمان به.

ص: 199

كانت صلاةُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متقارِبة، وصلاةُ أبي بكر، حتى مدَّ عمرُ في صلاة الفجر. انفرد بإخراجه مسلم (1).

(406)

الحديث الثالث والثمانون بعد المائتين: وبه قال:

سُئِلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الصُّبح. فأمرَ بِلالًا حين طلعَ الفجرُ فأقامَ الصلاة، ثم أسفرَ الغدَ (2)، ثم قال:"أينَ السّائلُ عن وقت صلاة الغداة؟ ما بين هاتين -أو قال: هذين- وَقْتٌ"(3).

(407)

الحديث الرابع والثمانون بعد المائتين: وبه عن أنس قال:

كان شَعرُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أُذُنيه (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْزٌ قال: حدّثنا جرير بن حازم قال: سمعتُ قتادة قال:

سألْتُ أنسًا عن شَعر النّبيّ صلى الله عليه وسلم. قال: كان شَعرُه رَجِلًا، ليس بالجَعْد، ولا بالسَّبِط، كان بين أذُنَيْه وعاتِقه.

أخرجاه (5).

(408)

الحديث الخامس والثمانون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا المبارك عن الحسن عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذا خطبَ يومَ الجُمعةِ يُسْنِدُ ظَهْرَه إلى خشبة، فلمّا كَثُر النّاسُ قال:"ابنُوا لي مِنبرًا" أراد أن يُسْمِعَهُم، فبنَوا له عَتَبَتيَن، فحُوِّلَ من الخشبة إِلى المِنبر.

قال: فأخبرَني أنسُ بن مالك أنه سمعَ الخشبةَ تَحِنُّ حنينَ الوالد، فما زالت تَحِن

(1) المسند 19/ 169 (12116). ومسلم 1/ 344 (473) من طريق حمّاد عن ثابت عن أنس.

(2)

في المسند: "ثم أسفر من الغد حتى أسفر" وأسفر: دخل في الأسفار، وهو الضّوء، أي أخّر الصلاة إلى آخر وقتها، عكس الأولى.

(3)

المسند 19/ 173 (12119). ومن طريق حميد أخرجه النسائي 1/ 271. وهو حديث صحيح.

(4)

المسند 19/ 172 (12118)، ومسلم 4/ 1819 (2338). وفي البخاري من طريق قتادة: كان يضربُ شعره مَنْكِبَيْه 10/ 356 (5903).

(5)

المسند 19/ 375 (12382)، والبخاري 10/ 356 (5905)، ومسلم 4/ 1819 (2338) من طريق جرير.

ص: 200

حتى نزلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فمشى إليها فاحتضَنها، فسكَنَتْ (1).

(409)

الحديث السادس والثمانون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس:

أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الْتَمِسُوها في العشر الأواخر: في تاسعة، وسابعة، وخامسة"(2).

(410)

الحديث السابع والثمانون بعد المائتين: وبالإسناد عن أنس:

أنَّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وجنازةُ سعدٍ موضوعة: "اهتَزَّ لها عَرْشُ الرحمن".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(411)

الحديث الثامن والثمانون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز قال: حدّثنا علي بن مَسعده قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الإسلامُ علانيةٌ، والإيمان في القلب" قال: ثم يُشيرُ بيده إلى صدره ثلاث مرّات، ثم يقول:"التَّقوى هاهنا، التَّقوى هاهنا"(4).

(412)

الحديث التاسع والثمانون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز قال: حدّثنا أبو هلال قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

(1) المسند 21/ 71 (12363) قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. وصحّحه ابن خزيمة 3/ 139 (1776)، وابن حبّان 14/ 436 (6507) كلاهما من طريق المبارك. وهو باختصار في الترمذي 5/ 554 (3627) من طريق إسحق بن عبد اللَّه عن أنس، وقال أبو عيسى: وفي الباب عن أبيّ وجابر وابن عمر وسهل بن سعد وابن عبّاس وأُمّ سلمة، وحديث أنس حديث حسن صحيح.

(2)

المسند 21/ 121 (13452). وإسناده قويّ، فرجاله رجال الشيخبن، غير عبد الوهاب بن عطاء، فهو من رجال مسلم. وله شواهد صحيحة. ينظر تخريج محقّقي المسند للحديث.

(3)

المسند 21/ 122 (13454)، ومسلم 4/ 1916 (2467).

(4)

المسند 19/ 374 (12381). وضعّف المحقّق إسناده لضعف علي بن مسعدة. وفي مسند أبي يعلى 5/ 301 (2923) من طريق عليّ. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 57: ورجاله رجال الصحيح، ما خلا عليّ ابن مسعدة، وقد وثَّقه ابن حبّان وأبو داود الطيالسي وأبو حاتم وابن معين، وضعّفه آخرون. وترجم في الميزان 3/ 156 (5941) لعليّ وذكر الكلام فيه وهذا الحديث. وجعل الشيخ ناصر "الإسلام علانية والإيمان في القلب" في ضعيف الجامع الصغير 2/ 278.

ص: 201

ما خَطَبَنا نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلَّا قال: "لا إيمانَ لِمَنْ لا أمانةَ له، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ له"(1).

(413)

الحديث التسعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا ثابت عن أنس بن مالك:

أن عِتبان اشتكى عينَه، فبعثَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكرَ لهُ ما أصابه وقال: يا رسول اللَّه، تعالَ صَلِّ في بيتي حتى اتَّخِذَه مصلًّى. قال: فجاء رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ومن شاء اللَّه تعالى من أصحابه (2). قال: فقام رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلّي وأصحابُه يتحدَّثون بينهم، فجعلوا يذكرون ما يَلْقَون من المنافقين، وأسندوا عُظم ذلك إلى مالك بن دُخْشُم (3)، فانصرفَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال لي:"أليسَ يَشْهَدُ أن لا إله إلَّا اللَّه وأنّي رسول اللَّه" فقال قائل: بلي، وما هو من قلبه. فقال رسول اللَّه:"مَنْ شَهِدَ أنْ لا إله إلَّا اللَّه، وأنّي رسولُ اللَّه، فلن تَطْعَمَه النَّارُ" أو قال: "فلن يَدْخُلَ النَّار"(4).

(414)

الحديث الحادي والتسعون بعد المائتين: وبالإسناد عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تُعْجِبُه الرُّؤيا الحسنة، فربما قال:"هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟ " فإذا رأى الرَّجلُ رؤيا سألَ عنه، فإن كان ليس به بأسٌ كان أعجبَ لرؤياه إليه. قال: فجاءَت امرأةٌ فقالت: يا رسولَ اللَّه، إنّي رأيتُ كأنّي دَخَلْتُ الجنّة، فسَمِعْتُ بها وَجْبَةً التجّت (5) لهما الجنّة، فَنَظَرْتُ فإذا قد جيء بفلان وفلان، حتى عدَّت اثني عشر رجلًا -وقد بعثَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَرِيّة قَبلَ ذلك- قالت: فجيء بهم، عليهم ثيابٌ طُلْسٌ، تَشْخَبُ (6)

(1) المسند 19/ 375 (12383)، ومسند أبي يعلى 5/ 246 (2863) من طريق شيبان عن أبي هلال. وبها أخرجه البغوي في شرح السّنة 1/ 74 (38) وقال: حديث حسن. وينظر تخريج المحقّقين. وهو من طرق في المختارة 7/ 223، 224 (2660، 2663). وقال في المجمع 1/ 101 بعد أن ذكر من رواه: وفيه أبو هلال، وثّقه ابن معين وغيره، وضعّفه النسائي وغيره.

(2)

(من أصحابه) ساقطة من هـ.

(3)

ويقال: الدُّخيشم، أو الدّخْشن، الدخيشن.

(4)

المسند 19/ 377 (12384). وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وهو حديث صحيح، أخرجه البخاري في مواضع عن عتبان 1/ 518، 519 (424، 425). وفي الأول أطرافه. ومسلم 1/ 455، 456 (33). وجعله الحميدي في الجمع 1/ 232 (699) في مسند عتبان.

(5)

في المسند "ارتجّت" وهما بمعنى.

(6)

الطلس جمع أطلس، وهو الأسود المغبرّ. وتشخب: تسيل.

ص: 202

أوداجُهم، فقيل: اذهبوا بهم إلى نهر المَيْذَخ - أو قال إلى نهر البَيْدَح، فغُمِسُوا فيه، فخرجوا منه وجوهُهم كالقمر ليلة البدر، ثم أُتوا بكراسيّ من ذهب فقعدوا عليها، وأُتِي بصَحْفَة فيها بُسر، فأكلوا منها، فما يَقْلِبونها لشِقّ إلَّا أكلوا من فاكهة ما أرادوا، وأكلْتُ معهم. قال: فجاء البشير من تلك السّريّة فقال: يا رسول اللَّه، كان من أمرنا كذا وكذا، وأصيبَ فلانٌ وفلانٌ، حتى عدّ الاثني عشر الذين عدّتْهم المرأة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عليّ بالمرأة" فجاءت فقال: "قُصّي على هذا رُؤياك" فقصَّت، فإذا هو كما قالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).

(415)

الحديث الثاني والتسعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيدُ ابن هارون قال: أخبرنا حُميد عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا عليكم ألَّا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بِمَ يُختم له؛ فإنَّ العامل يعملُ زمانًا من عُمُرِه أو بُرْهَةً من دَهْرِه بعملٍ صالحٍ، لو مات عليه دخلَ الجنّة، ثم يتحَوَّلُ فيعملُ عَمَلًا سيَئًا. وإنَّ العبدَ ليعملُ الدّهرَ من دهره بعملٍ سيّء لو مات عليه دخل النَّار، ثم يَتَحوّلُ فيعملُ عملًا صالحًا. وإذا أراد اللَّهُ تعالى بعبد خيرًا استعمله قبل موته". قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يستعملُه؟ قال:"يُوفّقه لعملٍ صالح، ثم يَقْبِضُه عليه"(2).

ورواه حمّاد عن حُميد فقال فيه: "فيعملُ عملَ أهلِ النّار، فمات فدخل النّار" وفيه: "فعمل بعمل أهل الجنّة، فمات فدخل الجنّة"(3).

(416)

الحديث الثالث والتسعون بعد المائتين: وبالإسناد (4) عن أنس:

أن رجلًا كان يكتُب للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد قرأ "البقرة" و"آل عمران"، وكان الرجلُ إذا قرأ

(1) المسند 19/ 378 (12385)، ومسند أبي يعلى 6/ 44 (3289) عن شيبان عن سُليمان، ومن طريقه صحّحه ابن حبّان 13/ 418 (6054). واختاره الضياء 4/ 94 - 97 (1715 - 1717)، وقال الهيثمي 7/ 178. رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصحّح المحقّقون إسناده.

(2)

المسند 19/ 246 (12214). وإسناده صحيح. وهو في السنة 1/ 283، 284 (402 - 405)، ومسند أبي يعلى 6/ 452 (3840)، والمختارة 6/ 24 - 27 (1977 - 1981). قال في المجمع 7/ 214: رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. وينظر إتحاف الخيرة 9/ 507 (9453).

(3)

وهي عن عفّان عن حمّاد بن سلمة عن حميد. المسند 21/ 259 (13695).

(4)

أي عن يزيد بن هارون عن حميد.

ص: 203

"البقرة" و"آل عمران" جدّ فينا -يعني عَظُمَ- فكان النَّبِيّ يُملي عليه: {غَفُورًا رَحِيمًا} فيكتب: عليمًا حكيمًا. فيقول له النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "اكتُبْ كذا وكذا، اكتُبْ كيف شِئْتَ". ويُمْلي عليه (عليمًا حكيمًا) فيكتب: سميعًا بصيرًا، فيقول:"اكتُبْ كيف شِئْتَ". فارتدَّ ذلك الرّجُلُ عن الإسلام، فَلَحِقَ بالمشركين، وقال: أنا أعلمُكم بمحمّد، إنْ كُنْتُ لأكتُبُ ما شِئْتُ، فمات ذلك الرّجل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الأرضَ لا تقبله".

قال أنس: فحدّثني أبو طلحة أنه أتى الأرضَ التي مات فيها ذلك الرَّجُل فوجدوه منبوذًا. قال أبو طلحة: ما شأنُ هذا الرجل؟ قالوا: دفنّاه مرارًا فلم تقبله الأرض (1).

الذي أُخْرِجَ في الصحيحين: أنّ رجلًا كان يكتب لرسول صلى الله عليه وسلم ارتدَّ، فدُفِنَ فلم تقبلْه الأرض (2).

فأمَّا ما في هذا الحديث من قوله: كان يُملي {غَفُورًا رَحِيمًا} فيكتب عليمًا حكيمًا، فيقول:"اكتُبْ كيف شِئْتَ" فليس في الصحيح. ووجهُه -إنْ ثَبَتَ- أنّ الذين كانوا يكتبون كان فيهم قِلّة، فكأنه كان يغتنم ضبط الوحي خوفَ أن يتفلّت منه، ويثقُ بإصلاح ما وَقَع فيه الخطأ: اما من حفظه، أو بمعاودة جبريل، أو لعلمه أنّ اللَّه يحفظ كتابَه بقوله:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

(417)

الحديث الرابع والتسعون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنَّ رسول اللَّه كان بالبَقيع، فنادى رجلٌ رجلًا: يا أبا القاسم، فالتفت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال الرَّجل: لَمْ أَعْنِك يا رسول اللَّه، إنّما عَنَيْتُ فُلانًا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تَسَمُّوا باسمي، ولا تَكَنَّوا بكُنْيَتي".

أخرجاه (3).

(418)

الحديث الخامس والتسعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد ابن هارون قال: حدّثنا شُعبة عن قتادة عن أنس قال:

(1) المسند 19/ 247 (12215). ورجاله رجال الشيخين. وصحّحه ابن حبّان من طريق حُميد 3/ 19 (744). وينظر إتحاف الخيرة 5/ 214 - 216 (4691 - 4696).

(2)

البخاري 6/ 624 (3617)، عن طريق عبد العزيز بن صُهيب عن أنس. ومسلم 4/ 2145 (2781) عن ثابت عن أنس.

(3)

المسند 19/ 249 (12218)، وعن حميد في البخاري 4/ 339 (2120)، ومسلم 3/ 1682 (2131).

ص: 204

كنتُ أسمعُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، فلا أدري أشيءٌ أنزِلَ عليه أمْ شَيءٌ يقوله:"لو كان لابن آدَمَ واديانِ من مالٍ لابتغى إليهما ثالثًا، ولا يملأُ جوفَ ابن آدمَ إلَّا التُّراب، ويتوبُ اللَّه على من تَاب".

أخرجاه (1).

(419)

الحديث السادس والتسعون بعد المائتين: وبه:

قال رسول اللَّه: "بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين" وأشار بالوسطى والسبَّابة.

أخرجاه (2).

(420)

الحديث السابع والتسعون بعد المائتين: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد ابن هارون قال: أخبرنا حمّاد عن ثابت البُنانيّ عن أنس بن مالك قال:

لمّا كان يومُ الحديبية هَبَط على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابِه ثمانون رجلًا من أهل مكّة في السّلاح، من قبَل جبل التَّنعيم، يريدون غِرَّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم فأُخِذُوا. قال عفّان: فعفا عنهمَ (3). ونزلت هذه الآيةُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24].

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(421)

الحديث الثامن والتسعون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَخَذَ سيفًا يومَ أُحُد، فقال:"مَنْ يَأخُذُ هذا السيفَ؟ " فأخذه قومٌ فجعلوا ينظرون إليه، فقال:"من يأخُذُه بحقّه؟ " فأحْجَمَ القومُ، فقال أبو دُجانةَ سِماكٌ: أنا أَخُذُه بحقِّه. فأخذَه ففلَق هامَ المُشْرِكين.

انفرد بإخراجه مسلم (5).

(1) المسند 19/ 259 (12228). وهو في مسلم 2/ 725 (1048) عن قتادة عن أنس. وفيه وفي البخاري 11/ 253 (6439) عن ابن شهاب عن أنس، دون ذكر قوله أنس: فلا أدري. . . .

(2)

المسند 19/ 271 (12245)، والبخاري 11/ 347 (6504)، ومسلم 4/ 2268، 2269 (2951) من طريق شعبة.

(3)

رواية عفّان عن حمّاد 21/ 465 (14090).

(4)

المسند 19/ 258، 277 (12227، 12254)، ومسلم 3/ 1432 (1808).

(5)

المسند 19/ 265 (12235)، ومسلم 4/ 1917 (2470) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت.

ص: 205

(422)

الحديث التاسع والتسعون بعد المائتين: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعلَ كَفَّيْهِ ممّا يلي وجهَه، وبطنَهما ممّا يلي الأرض (1).

(423)

الحديث الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنَّ جارًا لرسول اللَّه فارسيًّا كان طيِّبَ المَرَق، فصنعَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه يدعوه، فقال:"وهذه"؟ لعائشة، فقال: لا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا" ثم عاد يدعوه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وهذه"؟ قال: لا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا"، ثم عاد يدعوه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"وهذه"؟ فقال: نعم، في الثالثة، فقاما يتدافعان حتى أتَيا منزله.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(424)

الحديث الحادي بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ حارثة خرج نَظّارًا (3)، فأتاه سهمٌ فقتله، فقالت أُمُّه: يا رسول اللَّه، قد عَرَفْتَ موضعَ حارثةَ منّي، فإن كان في الجَنَّة صَبَرْتُ، وإلَّا رأيتَ ما أصنعُ. قال:"يا أُمَّ حارثةَ، إنَّها ليست بجنّةٍ واحدة، لكنّها جنَّات كثيرة، وإن حارثة لفي أفضلها". أو قال: "في أعلى الفِرْدَوس" شكَّ يزيدُ.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

(425)

الحديث الثاني بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُريج قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت البُنانيّ عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 19/ 268 (12239). والإسناد صحيح على شرط مسلم - كما في الأحاديث قبله وبعده. وأخرج مسلم 2/ 612 (896) من طريق حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أن: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم استسقى، فأشار بظهر كفّيه إلى السماء. قال الإمام النووي في شرح الحديث 5/ 441: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنّة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط وغيره أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفّيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفّيه إلى السماء.

(2)

المسند 19/ 270 (12243)، ومسلم 3/ 1609 (2037).

(3)

النظّار: الذي يخرج لينظر ما يحدث. وحارثة هو ابن سراقة. وأُمّه: الربيع بنت النّضر. وكان ذلك يوم بدر. ينظر الفتح 6/ 26.

(4)

المسند 19/ 276 (12252)، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري 6/ 25 (2809) عن قتادة عن أنس، وفي 4/ 307 (3982) عن حُميد عن أنس.

ص: 206

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع امرأة من نسائه، فمرَّ رجلٌ، فقال (1):"يا فلانُ، هذه امرأتي" فقال: يا رسول اللَّه، من كُنْتُ أظنُّ به فإنّي لم أكن أظنُّ بك. قال:"إنّ الشيطانَ يجري من ابن آدمَ مَجرى الدَّم".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(426)

الحديث الثالث بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: أخبرنا حُميد عن أنس قال:

إنْ كانت الأَمَةُ من أهل المدينة لتأخذُ بيدِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فتنطلق به في حاجتها.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

(427)

الحديث الرابع بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى في بُرْدَةٍ حِبَرةٍ، أحسبه: عَقَدَ بين طَرَفَيها (4).

(428)

الحديث الخامس بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجنّةَ فسَمعْتُ خَشْفةً بين يديّ، فإذا هى الغُمَيضاءُ ابنة مِلحان، أمّ أنس بن مالك".

انفرد بإخراجه مسلم (5).

(429)

الحديث السادس بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنَّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُسِرَت رَباعيتُه يومَ أُحُد، وشُجّ في وجهِهِ (6) حتى سال الدّمُ على وجهه، فقال:"كيف يُفْلِحُ قومٌ فَعَلوا هذا بنبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم تبارك وتعالى؟ "

(1) أي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(2)

المسند 20/ 46 (12592)، ومسلم 2/ 1714 (2174)، والبخاري في الأدب المفرد 2/ 727 (1288) كلاهما عن حماد بن سلمة.

(3)

هو الحديث الأوّل في مسند أنس، في المسند -19/ 9 (11941)، والبخاري 11/ 489 (6072). وينظر الفتح 11/ 490.

(4)

المسند 19/ 12 (11945). وقال المحقّق: حديث صحيح، رجاله ثقات. . وقال ابن كثير في الجامع 22/ 214: تفرّد به.

(5)

المسند 19/ 19 (11905)، ومسلم 4/ 1908 (2456) عن حمّاد عن ثابت عن أنس.

(6)

في المسند "جبهته" وفي مسلم "رأسه".

ص: 207

فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128].

انفرد بإخراج مسلم (1).

(430)

الحديث السابع بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يطوفُ على جميع نسائه في ليلةٍ بغُسل واحد.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال حدّثنا محمّد بن بشّار قال: حدّثنا معاذ بن هشام قال: حدّثني أبي عن قتادة قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدورُ على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنّهار، وهنّ إحدى عشرة. قلتُ لأنس: أوَكان يُطيقه؟ قال: كنَّا نتحدَّثُ أنّه أعْطِيَ قوَّةَ ثلاثين رجلًا.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد قال: حدّثنا يزيدُ بن زُرَيع قال: حدّثنا سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدَّثهم:

أنّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يطوفُ على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذٍ تسعُ نسوة.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

(431)

الحديث الثامن بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سلمة

(1) المسند 19/ 12 (11956) وبه في الترمذي 5/ 211 (3002) وقال: حسن صحيح. وهو في مسلم 3/ 1427 (1791) عن حمّاد عن ثابت عن أنس.

(2)

المسند 19/ 12 (11946). وصحّحه ابن حبّان 4/ 8 (1207). من طريق إسماعيل عن حُميد 4/ 7 (1206). وهو في مسلم 1/ 249 (309) من طريق شُعبة عن ثام بن زيد عن أنس به.

(3)

البخاري 1/ 377 (268). وينظر ابن حبّان 4/ 8 (1208).

(4)

البخاري 1/ 391 (284). وقريب منه عن معمر عن قتادة في المسند 20/ 85 (12640)، وعن مطر الورّاق عن أنس 21/ 152 (13505). وينظر ابن حبّان 4/ 9 (1209).

ص: 208

الخُزاعي قال: أخبرنا سُليمان بن بلال قال: حدّثني ربيعة بن أبي عبد الرّحمن أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَبْعةً من القوم، لا بالقصير ولا بالطّويل (1)، رَجِلَ الشَّعر، ليس بالسَّبْط ولا بالجَعْد القَطَط، بُعثَ على رأس أربعين، أقامِ بمكّة عشرًا، وبالمدينة عشرًا، وتُوُفّي على رأس ستّين، ليس فَي رأسه ولحيته عشرون شَعَرة بيضاء.

أخرجاه (2).

وإنما قال: على رأس ستّين؛ لأنه أراد ذكر العشرات دون ما يزيد عليها، وإلّا فعُمُرُ رسول اللَّه ثلاث وستّون (3).

(432)

الحديث التاسع بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معتمر عن حُميد عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُحبُّ أن يَلِيَهُ المُهاجرون والأنصار في الصلاة (4).

(433)

الحديث العاشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا إسحق بن وهب قال: حدّثنا عمر بن يونس قال: حدّثني أبي قال: حدّثني إسحق بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أنّه قال:

نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، عن المحاقلة، والمخاضرة، والملامسة، والمنابذة، والمزابنة.

انفرد بإخراجه البخاريّ (5).

المحاقلة: بيع الزّرع قبل إدراكه.

والمخاضرة: اشتراء الثّمار وهي مخضرّة لم يبدُ صلاحها.

(1) الذي في المسند "ولا بالطويل البائن، أزهر ليس بالآدم ولا بالأبيض الأمهق".

(2)

المسند 21/ 160 (13519). وهو في البخاري 6/ 564 (3547) من طريق ربيعة، وفي مسلم 4/ 1825 (2347) من طريق سليمان. وأبو سلمة من رجال الشيخين.

(3)

ينظر الكشف 2/ 354، 3/ 214.

(4)

المسند 19/ 27 (11963) وإسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجة 1/ 313 (977) من طريق حميد، وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات. وصحّحه الحاكم من طريق حُميد 1/ 218 على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 437، 455 (3816، 3848)، واختاره الضياء 5/ 285 - 289 (1922 - 1929). وصحّحه الألباني - الصحيحة 3/ 399 (1409).

(5)

البخاري 4/ 404 (2207).

ص: 209

والملامسة: أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمستُ ثوبك فقد وجب البيع.

والمنابذة: أن يقول: إذا نبذتَ إليَّ الثَّوبَ أو نبذتُه اليك فقد وجب البيع (1).

(434)

الحديث الحادي عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل مُظَفّر بن مُدرك قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن سَلْم العَلَوَي عن أنس:

أنّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى على رجل صُفْرةً، فكَرِهها وقال:"لو أمَرْتُم هذا أن يغسلَ هذه الصُّفرة". قال: وكان لا يكادُ يواجهُ أحدًا في وجهه بشيءٍ يَكرهه (2).

(435)

الحديث الثاني عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا عبد الوهاب الورّاق قال: حدّثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جُريج عن المطّلب بن حَنْطَب عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عُرضَتْ عليَّ أجورُ أُمّتي، حتى القذاةُ يُخرجُها الرجلُ من المسجد. وعُرِضَتْ عليَّ ذُنُوبُ أُمَّتي، فلم أرَ ذنبًا أعظمَ من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجلٌ ثم نَسِيَها".

قال الترمذيّ: هذا حديث غريب، لا نعرفُه إلَّا من هذا الوجه، وذاكرْتُ به محمّد بن إسماعيل، فلم يعرفْه واستغربَه. وسمعْتُ عبد اللَّه بن عبد الرّحمن يقول: لا نعرف للمطّلب سماعًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال عبد اللَّه: وأنكر عليُّ بن المديني أن يكون المطّلب سمع من أنس (3).

(1) وكذا فسّره المؤلف بلفظه في الكشف 3/ 280 (1659).

(2)

المسند 19/ 366 (12367)، وحسن المحقّق إسناده. وأخرجه أبو داود 4/ 81 (4182) من طريق حمّاد بن زيد، وكذا 4/ 250 (4789)، وقال في الموضع الأخير: سلم ليس هو علويًا، كان يبصر في النجوم، وشهد عند عديّ بن أرطاة على رؤية الهلال فلم يُجِزْ شهادته. ونقل المزّي في التهذيب 3/ 237 اختلاف العلماء في سلم. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد 1/ 223 (437)، ومال الشيخ ناصر إلى تضعيف الحديث. وينظر مسند أبي يعلى 7/ 264 (4277).

(3)

الترمذي 5/ 164 (2916)، وسنن أبي داود 1/ 126 (461) وحكم الألباني بضعفه. وقد صحّحه ابن خزيمة 2/ 271 (1297) من طريق عبد المجيد. قال ابن حجر في النكت 1/ 407: أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" عن حجّاج بن محمّد عن ابن جُريج: حُدِّثتُ عن أنس. . . فذكره، وقال في آخره: قال ابن جُريج: وحُدّثت عن سلمان الفارسي نحوه. قلتُ: وحجّاج أحفظ من عبد المجيد، وحكى المزّي الاختلاف فيه على عبد المجيد، وغفل ابن خزيمة عن علّته فأخرجه في "المساجد" من صحيحه عن عبد الوهاب بن الحكم الورَّاق به. وقال في الفتح 9/ 86: في إسناده ضعف.

ص: 210

(436)

الحديث الثالث عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مؤمَّل بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

أتى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم منزلَ زيد بن حارثة، فرأى رسولُ اللَّه امرأتَه زينب، فكأنّه دخله -لا أدري من قول حمّاد أو في الحديث- فجاء زيدٌ يشكوها إليه، فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"أمْسِكْ عليك زوجَك واتَّقِ اللَّه" قال: فنزلت: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ. . .} إلى قوله: {. . . زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] يعني زَيْنَب (1).

(437)

الحديث الرابع عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن موسى بن عُقْبَة عن ابن شهاب قال: حدّثني أنس بن مالك قال:

إنَّ رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه، ائذن لنا فلنترك لابن أُخْتنا عبّاس فداءه. قال:"لا تَدَعون منه دِرْهمًا".

انفرد بإخراجه البخاري (2).

وإنما قالوا: ابن أُختنا، لأنَّ هاشمًا تزوَّجَ امرأةً من بني النّجّار فولدت له عبد المطّلب، وهذا من أحسن الأدب؛ لأنَّهم لو قالوا: نتركُ لعمِّك كان كالمِنَّة عليه (3).

(438)

الحديث الخامس عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: قال محمّد ابن أبي بكرة: حدّثنا يزيدُ بن زُريع قال: حدّثنا عَزَرةُ بن ثابت عن ثُمامة عن عبد اللَّه بن أنس قال:

حجَّ أنس على رَحْلٍ ولم يكن شحيحًا. وحدَّثَ: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجَّ على رحلٍ وكانت زاملته.

انفرد بإخراجه البخاريّ (4).

(1) المسند 19/ 492 (12511) قال المحقّق: إسناده ضعيف، وفي متنه غرابة. وأطال في تخريجه والتعليق عليه.

(2)

البخاري 5/ 167 (2537).

(3)

وكان هذا عند أسر العبَّاس يوم بدر. ينظر كشف المشكل 3/ 277، والفتح 5/ 168.

(4)

البخاري 3/ 380 (1517). والزّاملة: البعير الذي يحمل عليه الطَّعام والشَّراب.

ص: 211

(439)

الحديث السادس عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصَّمَد قال: حدّثنا حَرْب بن شدّاد قال: حدّثنا يحيى بن أبى كثير [قال عمرو بن زُنَيب العنبري](1): ان أنس بن مالك حدَّثه:

أنّ معاذًا قال: يا رسول اللَّه، أَرَأَيْتَ إنْ كانت علينا أُمراء لا يستنُّون بسنّتك ولا يأخذون بأمرك، فما تأمرُ في أمرِهم؟ فقال:"لا طاعةَ لمن لم يُطعِ اللَّه"(2).

(440)

الحديث السابع عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وَهْب قال: حدّثنا أبي قال: سمعتُ حُميد بن هلال يُحَدِّثُ عن أنس بن مالك قال:

كأنِّي أنظرُ إلى غبار موكب جبريلَ ساطعًا في سكّة بني غَنْم حين سار إلى بني قريظة.

انفرد بإخراجه البخاريّ (3).

(441)

الحديث الثامن عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن أبي عليّ بن يزيد أخي يونس بن يزيد عن الزُّهريّ عن أنس بن مالك:

أنَّ رسول اللَّه قرأها: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] نصبَ (النّفس) ورفعَ (العين)(4).

(1) ما بين المعقوفين من المسند. وهو من أحاديث عمرو بن زُنَيب -أو زُبيب- عن أنس، في الأطراف والإتحاف.

(2)

المسند 20/ 441 (13225)، ومسند أبي يعلى 7/ 102 (4046) من طريق عبد الصمد. وهو في المختارة 6/ 318 (2341). قال في المجمع 5/ 228: رواه أحمد وأبو يعلي، وفيه عمرو بن زنيب ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح. وينظر تعليق المحقّقين على الحديث.

(3)

المسند 20/ 444 (13229)، والبخاري 4/ 306 (3214).

(4)

المسند 20/ 454 (13249)، وضعف المحقّق إسناده. وهو في الترمذي 5/ 171 (2929) قال: حسن غريب. ونقل الترمذي عن البخاري: تفرّد ابن المبارك بهذا الحديث عن يونس. وهكذا قرأ أبو عبيد (والعينُ بالعين) اتّباعًا لهذا الحديث. والحديث في سنن أبي داود 4/ 32 (3976، 3977) وحكم عليه الشيخ ناصر بضعف إسناده. وأخرجه أبو يعلى 6/ 262 (3566) من طريق ابن المبارك والحاكم 2/ 236 أيضًا، وقال الذهبي: صحيح. وهو في المختارة 7/ 179 - 181 (2613 - 2615). ونقل عن أبي حاتم أنّه حديث منكر، وأن أبا عليّ بن يزيد مجهول. وفي تفسير القرطبي 6/ 192 أن الكسائي وأبا عبيدة قرأ (والعينُ بالعين). وينظر البحر 3/ 494.

ص: 212

(442)

الحديث التاسع عشر بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه ابن يزيد قال: حدّثنا سعيد بن أبي أيّوب قال: حدّثني الضحَّاك بن شُرَحْبيل عن أعيَن البصري عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من تركَ مالًا فلأهله، ومن ترك دَينًا فعلى اللَّه وعلى رسوله"(1).

(443)

الحديث العشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس:

أنّ رسول اللَّه غزا خيبر، قال: فصلَّينا عندها صلاة الغداة بغَلَس، فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم في زُقاق خيبر، وإن ركبتي لَتَمَسُّ فَخِذَ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانحسرَ الإزارُ عن فَخِذِ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإني لأرى بياض فَخِذِ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم. فلمّا دخل القرية قال:"اللَّه أكبر، خَرِبَتْ خيبرُ، إنّا إذا نَزَلْنا بساحة قوم فساء صباحُ المُنْذَرين" قالها ثلاث مرَّات. قال: وقد خرج القومُ إلى أعمالهم، فقالوا: محمّد. قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: والخميس (2).

قال: فأصبْناها عَنوة. فجُمعَ السَّبيُ، فجاء دِحْيةٌ فقال: يا نبيَّ اللَّه، أعْطِني جارية من السَّبي. قال:"اذهبْ فخذْ جارية". فأخذ صفيَّة بنتَ حُيَيّ، فجاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، أعطيْتَ دحيةَ صفيَّةَ بنت حيَيّ سيِّدةَ بني قريظة والنَّضير، ما تصلح إلَّا لك، فقال:"ادعوه بها"، فجاء بها، فلمّا نظر إليها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"خُذْ جارِية من السَّبي غيرَها" قال: ثم إنَّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أعْتَقَها وتزوّجها. فقال له ثابت: يا أبا حمزة، ما أصْدَقَها؟ قال: نفسَها، أعْتَقَها (3). حتى إذا كان بالطّريق جَهَّزَتْها أُمُّ سُليم وأهدَتْها له من الليل، فأصبح النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عروسًا، فقال:"مَنْ كان عِندَه شيءٌ فليجىءْ به" وبسط نِطعًا، فجعل الرّجُلُ يجيءُ بالأقِط (4) وجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يجيء بالسمن.

(1) المسند 20/ 456 (13251)، ومسند أبي يعلى 7/ 305 (4343) من طريق سعيد. وقال الهيثمي 4/ 230: وفيه أعين البصري ذكره ابن أبي حاتم، ولم يجرّحه ولم يوثّقه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في الإتحاف 4/ 427 (4118) عن أعين: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة التابعيّ. ونقل في التعجبل 39 قول أبي حاتم في أعين، بعد أن نقل أنّه لا يعرف.

(2)

الخميس: الجيش.

(3)

في المصادر "وتزوّجها".

(4)

النطع: بساط من جلد. والأقط: اللبن الجامد.

ص: 213

قال: وأحسِبُه قد ذكر السَّوِيق، فحاسوا حَيسًا، فكان وليمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان بن داود الهاشميّ قال: أخبرنا إسماعيل قال: حدّثني عمرو بن أبي عمرو مولى المطّلب بن عبد اللَّه بن حَنْطَب أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: "التمسوا لنا غلامًا من غِلمانكم يَخْدِمُني" فخرج بي أبو طلحة يُردِفُني وراءه، فكُنْتُ أخدِمُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كلّما نزل، فكنتُ أسمعُه يُكْثِرُ أن يقول:"اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بك من الهمّ، والحَزَن، والعجزِ، والكسل، والبُخل، والجُبن، وضَلَع الدَّين، وغَلَبة الرجال" فلم أزلْ أخدمه حتى أقبلْنا من خيبرَ، وأقبلَ بصفيّة بنتِ حُييٍّ قد حازَها، فكنتُ أراه يُحَوّي (2) لها بعباءةٍ أو بكساء، ثم يُرْدِفها خَلفَه، حتى إذا كُنَّا بالصُّهباء صنعَ حَيسًا في نِطع ثم أرسلَني، فدعوتُ رجالًا فأكلوا، فكان ذلك بناءه بها.

ثم أقبل حتى إذا بدا له أُحُدً قال: "هذا جبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه" فلما أشرف على المدينة قال: "اللَّهُمَّ إنّي أُحَرِّم ما بين جبلَيها كما حرّم إبراهيمُ مكّة. اللهُمّ بارِك لهم في صاعهم ومُدِّهم".

أخرجاه (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت البُنانيّ عن أنس:

أنَّ صفيَّة وقعت في سهم دِحْيَةَ الكَلبيّ، فقيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنّه قد وقعت في سهم دحية جاريةٌ جميلة، فاشتراها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس، فجَعَلَها عند أُمِّ سُليم تُهَيّأ وتَعْتَدُّ - فيما يعلم حمّاد. فقال النّاس: ما ندري: أتزوَّجَها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو تَسَرّاها، فلما حملَها وسَتَرها وأردَفَها عرف النَّاسُ أنّه قد تَزَوَّجها. فلمّا دَنَوا من المدينة أوضعَ النّاس

(1) المسند 19/ 50 (11992)، والبخاري 1/ 479 (371)، ومسلم 2/ 1043 (1365).

(2)

يحوّي: يجعل لها حويّة: وهي كساء يجعل حول البعير يُستر به الراكب.

(3)

المسند 20/ 68 (12616). وهو في البخاري 9/ 553 (2425)، ومسلم 2/ 993 (1365) من طريق إسماعيل بن جعفر. ورواية مسلم مختصرة، وسليمان بن داود ثقة، روى له أصحاب السنن.

ص: 214

وأوضعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكذلك كانوا يصنعون، فخرّ رسولُ اللَّهِ وخرّت معه، وأزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَنْظُرْن، فقُلْنَ: أبعدَ اللَّهُ اليهوديّة وفعل بها وفعل، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسترَها وأردفها خلفه.

انفرد بإخراجه مسلم (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بهز قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة عن ثابت قال: حدّثنا أنس قال:

صارت صفيةُ لدِحية في مَقْسَمِه، فجعلوا يمدحونها عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويقولون: ما رأينا في السَّبي مثلَها. فبعثَ إلى دحيةَ فأعطاه بها ما أراد، ثم دفعها إلى أُمِّي، فقال:"أصْلِحِيها" ثم خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من خيبر، ثم ضربَ عليها القُبّة، ثم انطلقْنا فعَثَرَت مَطِيّةُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فصُرع وصُرِعَت، فليس أحدٌ من النّاس ينظرُ إليه ولا إليها، حتى قام رسول اللَّه فسترها، فأتيناه، فقال:"لَمْ نُضَرّ". فدخلْنا المدينة، فخرج جواري نسائه يتراءَيْنَها ويَشْمَتْنَ بصَرْعَتها (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبي إسحق قال: قال أنس:

أقبلْنا مع رسول اللَّه وصفيّةُ رديفتُه على ناقته، فَعَثَرَتِ الناقة، فصُرِع وصُرِعت المرأة، فاقتحم أبو طلحة عن راحلته فأتى نبيّ اللَّه فقال: يا نبيّ اللَّه، هل ضرَّكَ شيءٌ؟ قال:"لا، عليك بالمرأة" فألقى أبو طلحة ثوبَه على وجهه ثم قَصَدَ قَصْدَ المرأة، فَسَدلَ الثَّوبَ عليها، فقامت، فشدّ لها على راحلتها، فرَكِبت وَركِبْنا نسيرُ، حتى إذا كُنَّا بظَهر المدينة قال:"آيبون، تائبون، لربّنا حامدون" فلم يزل يقول ذلك حتى قَدِمْنا المدينة (3).

كلّ هذه الطّرق في الصّحاح.

(1) المسند 19/ 268 (12239)، ومسلم 2/ 1045 (1365) من طريق حمّاد.

(2)

المسند 20/ 325 (13023)، وقد اختصره ابن الجوزيّ، ومسلم 2/ 1047 (1365) عن سليمان.

(3)

المسند 20/ 287 (12969)، ومسلم 2/ 980 (1345) باختصار. وأخرجه البخاري 6/ 192، 193 (3085، 3086) عن طريق يحيى.

ص: 215

* طريق آخر (1) مختصر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشَيم قال: حدّثنا عبد العزيز بن صُهيب عن أنس:

أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعتقَ صفيَّة بنت حُيَيٍّ وجعل عِتْقَها صَداقَها.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشيم قال: حدّثنا حُميد عن أنس (3) قال:

لما اتَّخَذَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم صفيّة أقام عندها ثلاثًا، وكانت ثَيِّبًا (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان بن عُيينة عن الزّهري عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أولمَ على صفيّةَ بتَمْرٍ وسَويق (5).

* طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان بن عُيينة عن أيوب عن محمّد عن أنس قال:

صبَّحَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خيبرَ بُكْرَةً وقد خرجوا بالمساحي (6)، فلمّا نظروا إليه قالوا: مُحمَّدٌ والخميسُ، محمَّدٌ والخميس. ثم أحالوا يسعَون إلى الحصن، فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدَيه ثم كبَّر ثلاثًا، ثم قال:"خَرِبَتْ خيبرُ، إنَّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباحُ المُنْذَرين" فَأَصَبْنا حُمُرًا خارجة من القرية، فاطّبَخْناها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه تعالى ورسولَه يَنْهيانكم

(1)(آخر) ليست في ك.

(2)

المسند 19/ 21 (11957)، وهو في البخاري 7/ 369 (4201) من طريق شُعبة عن عبد العزيز. وفي مسلم 2/ 1045 (1365) من طرق عبد العزيز وغيره. وهُشيم من رجالهما.

(3)

انتقل نظر ناسخ من هنا إلى "أنس" في الطريق التالي، فأسقط هذه الرواية.

(4)

المسند 19/ 16 (11952). وأبو داود 2/ 240 (213)، وصحّحه الألباني. وأخرج البخاريّ من طريق حُميد 7/ 479 (4213) أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أقام بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبُنى عليه بصفيّة.

(5)

المسند 19/ 133 (12078)، ومسند أبي يعلى 6/ 259 (3559)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه الترمذي 3/ 403 (1095، 1096) من طريق سفيان عن وائل بن داود عن ابنه عن الزّهري، ومن طريق سفيان عن الزّهري، وصحّحهما الألباني.

(6)

المساحي جمع مِسحاة: ما يصح به الأرض وتنظّف.

ص: 216

عن الحُمر الأهلية، فإنّها رِجس من عمل الشيطان" (1).

(444)

الحديث الحادي والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا صَدَقَة بن موسى قال: حدّثنا أبو عمران الجَوني عن أنس بن مالك قال:

وقَّتَ لنا رسول اللَّه في قصّ الشّارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، في كلّ أربعين يومًا مرَّة.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(445)

الحديث الثاني والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيدُ ابن هارون قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن ثابت البُنانيّ عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بأنعم أهل الدُّنيا من أهل النَّار يومَ القيامة، فيُصبغُ (3) في النَّار صبغةً، ثم يقال له: يا ابنَ آدم، هل رأيتَ خيرًا قَطّ؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قطّ؟ فيقول: لا واللَّه يا ربِّ. ويُؤتَى بأشدِّ النّاسِ بُؤسًا في الدُّنيا من أهل الجنّة، فيُصْبَغُ في الجنّة صبغةً، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بُؤْسًا قَطُّ؟ هل مرّ بك شدّةٌ قَطّ؟ فيقول: لا واللَّه يا ربّ، ما مرَّ بي بؤسٌ قَطُّ، ولا رأيتُ شدَّةً قَطّ".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(446)

الحديث الثالث والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق قال: حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 19/ 139 (12086). وبالإسناد نفسه في البخاري 6/ 134 (2991)، ومثله في مسلم 3/ 1540 (1940) مقتصرًا على قصة الحُمر.

(2)

المسند 19/ 262 (12232) وحكم محقّقه بضعف إسناده لضعف صدقة. وهو من طريق صدقة في الترمذي 5/ 86 (2758)، وأبي داود 4/ 84 (4200). ثم رواه أبو داود عن جعفر بن سُليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس قال: وَقَّت لنا. . . قال: وهذا أصحّ. وهذه الأخيرة هي التي في مسلم 1/ 222 (258). وصحّح الألباني الحديث عند الترمذي وأبي داود.

(3)

يُصْبغ: يغمس.

(4)

المسند 20/ 378 (13112)، ومسلم 4/ 2162 (2807).

ص: 217

ما كان أحدً أشدَّ تعجيلًا لصلاة العصر من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إنّ كان أبعدَ رجلين من الأنصار دارًا من مسجد رسول اللَّه لأبو لُبابة بن عبد المنذر أخو بني عمرو بن عوف، وأبو عيسى بن جبر أخو بني حارثة: دارُ أبي لبابة بقباء، ودار أبي عيسى بن جبر في بني حارثة، ثم إنْ كانا ليصلّيان مع رسول اللَّه العصر ثم يأتيان قومَهما وما صلَّوا، لتبكير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بها (1).

(447)

الحديث الرابع والعشرون بعد الثلاثمائة: وبه عن ابن إسحق قال: حدّثني حُميد الطويل عن أنس بن مالك قال:

كنَّا نُصلِّي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة فنقيل.

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(448)

الحديث الخامس والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا أبو مَعْمَر قال: حدّثنا عبد الوارث عن عبد العزيز قال:

سأل رجلٌ أنسًا: ما سمعْتَ من النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الثُّوم؟ فقال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "مَن أكلَ من هذه الشَّجرة - فلا يَقْرَبَنّا، ولا يُصَلِّيَنّ معنا".

أخرجاه (3).

(449)

الحديث السادس والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا عمَّار أبو هاشم في حب الزَّعفران (4) عن أنس بن مالك:

أنَّ بلالًا أبطأ عن صلاة الصُّبح، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ما حَبَسَك؟ " قال: مرَرْتُ بفاطِمة وهي تطحنُ والصّبيُّ يبكي، فقلتُ لها: إنْ شِئْتِ كفَيْتُك الرَّحى وكفَيْتِني الصبيّ، وإنْ شِئْتِ كفيتُك الصبيَّ وكفيتِني الرَّحى. فقالت: أنا أرفق بابني منك، فذاك الذي

(1) المسند 21/ 137 (13482). وصحّحه الحاكم 1/ 195 على شرط مسلم، ووافقه الذّهبي.

(2)

المسند 21/ 144 (13489) وفي البخاري 2/ 387 (905) حدّثنا عبدان قال: أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرنا حُميد عن أنس قال: كنا نُبَكّر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة.

(3)

البخاري 2/ 339 (856). وهو في مسلم 1/ 394 (562)، والمسند 20/ 268 (12937) من طريق إسماعيل ابن إبراهيم، ابن عليّة، عن عبد العزيز بن صُهيب به.

(4)

في المسند "صاحب الزّعفراني". والذى في مصادر ترجمته أنّه عمّار بن عُمارة، الزّعفراني، ثقة، لا بأس به. ولم يذكر أنّه روى عن أنس. ينظر الجرح 6/ 390، والتهذيب 5/ 316، والتقريب 1/ 422.

ص: 218

حَبَسني. قال: "فَرَحِمْتَها، رَحِمَك اللَّه"(1).

(450)

الحديث السابع والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْزُ ابن أسد قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أن أُسيد بن حُضير وعبَّاد بن بشر كانا عند رسول اللَّه في ليلةٍ ظَلماء حِنْدِسٍ، فلمّا خرجا من عنده أضاءت عصا أحدِهما، فكانا يمشيان في ضوئها، فلمّا تفرَّقا أضاءت عصا هذا وعصا هذا.

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(451)

الحديث الثامن والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى بن هلال العَبديّ قال: حدّثنا همّام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال:

تزوّج أبو طلحة أُمَّ سليم - وهي أمُّ أنس والبراء، فولدت لهُ بُنيًّا، فكان يُحِبُّه حُبًّا شديدًا، فمرِضَ الغُلام مرضًا شديدًا، فكان أبو طلحة يقوم صلاةَ الغداة فيتوضَّأ ويأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيُصَلّي معه، ويكون معه إلى قريبٍ من نصف النّهار، فيجيءُ فيَقيلُ ويأكلُ، فإذا صلّى الظُّهر تهيّأ وذهب فلم يجيء إلى صلاة العَتَمة. فراح عشيّة، ومات الصبيّ، فَسَجَّت عليه ثوبًا وتركَتْه، فقال لها: يا أُمُّ سُليم، كيف باتَ بُنيَّ الليلة؟ قالت: يا أبا طلحة، ما كان ابنُك منذُ اشتكى أسكنَ منه الليلة. ثم جاءَته بطعامٍ فأكل وطابت نفسه، فقام إلى فراشه فوضع رأسه. قالت: وقُمْتُ أنا فَمَسَسْتُ شيئًا من طيب، ثم جئتُ حتى دخلْتُ معه الفراش، فما هو إلَّا أن وجدَ ريح الطّيب، فكان منه ما يكون من الرّجل إلى أهله، ثم أصبح أبو طلحة يتهيّأ كما كان يتهيّأ كلَّ يوم، فقالت: يا أبا طلحة، أرأيْتَ لو أنّ رجلًا استودَعك وديعةً فاستمتعْتَ بها ثم طلبها منك، تَجْزَعُ من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإنّ ابنَك قد مات. قال أنس: فجَزِعَ عليه جَزَعًا شديدًا، وحَدَّثَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بما كان من أمره في الطعام والطِّيب وما كان منه إليها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هِيه، فبِتُّما عروسين وهو إلى جنبكما؟ " قال: نعم يا رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "باركَ اللَّهُ لكما في ليلتكما".

(1) المسند 19/ 499 (12524). وحكم المحقّق على إسناده بالضعف لانقطاع ما بين أبي هاشم وأنس. ورواه ابن كثير في جامع المسانيد 22/ 561 (2086) وقال: تفرّد به.

(2)

المسند 20/ 295 (12980)، وإسناده صحيح، وينظر 19/ 396 (12404). وهو في البخاري من طرق عن أنس. ينظر 1/ 577 (465).

ص: 219

فحملت أُمُّ سُليم تلك الليلة، فتلِدُ غُلامًا، فحين أصبحْنا قال لي أبو طلحة: احْمِلْهُ في خِرْقة (1). قال: ولم يُحَنَّكْ ولم يذُقْ طعامًا ولا شيئًا. فقُلْتُ: يا رسول اللَّه، أمُّ سليم (2). قال:"اللَّه أكبر، ما ولدت؟ " قلت: غلامًا. قال: "الحمد للَّه، هاتِه إليَّ". فدفَعْتُه ليه، فحَنَّكَه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال له:"معك تمرُ عَجوة؟ " قلت: نعم. فأخْرَجْتُ تمرًا، فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تمرة فألقاها في فمه، فما زال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلوكُها حتى اختلطت بريقه، ثم دفع الصبيِّ، فما هو إلَّا أن وجد الصبيُّ حلاوةَ التَّمر، فجعل يَمَصُّ حلاوة التمر وريقَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكان أَوَّل ما انفتحت أمعاؤه على ريق رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه:"حُبُّ الأنصار التَّمر" فسُمّي عبد اللَّه، فخرج منه رجل كثير، واستُشهد عبد اللَّه بفارس (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بهز قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال:

مات ابن لأبي طلحة من أمّ سُليم، فقالت لأهلها: لا تُحَدِّثوا أبا طلحة بابنه حتى أكونَ أنا أحدِّثُه. فجاء فقرّبَتْ إليه عَشاءً، فأكلِ وشَرِبَ، ثم تَصَنَّعت له أحسنَ ما كانت تصَنّعُ قبل ذلك، فوقع بها، فلمّا رأت أنّه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة، أما رأيتَ قومًا أعاروا عارِيَتَهم أهلَ بيت فطلبوا عارِيَتَهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. قالت: فاحْتَسِبْ ابنَك. فانطلق حتى أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان منها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"بارك اللَّهُ لكما في غابر ليلتكما" فحملت، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول اللَّه إذا أتى المدينة من سفر لا يطرُقها طُروقًا، فدنَوا من المدينة، فضربَها المخاضُ، فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طلحة: إنك لتعلمُ يا ربِّ أنّه يُعجبني أن أخرجَ مع رسولك إذا خرج وأدخل معه إذا دخل، وقد احْتَبَسْتُ بما ترى. قال: تقول أمّ سلمة: ما أجدُ الذي كنتُ أجِد. فانطلقا، فَضَرَبَها المخاضُ حين قدموا، فولدت غلامًا، فقالت لي. يا أنس، لا يُرضِعْه أحد حتى تأتيَ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(1) في المسند "احمله في خرقة حتى تأتي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واحمل معك تمرَ عجوة، قال: فحملته في خرقة. . . ".

(2)

في المسند "ولدت أمُّ سليم".

(3)

المسند 20/ 227 (12865). وهو حديث صحيح. وينظر الطريق التالي.

ص: 220

فانطلقتُ به إليه، فصادَفْتُه ومعه مِيسَم (1)، فلما رآني قال:"لعلّ أُمُّ سليم وَلَدت؟ " قلت: نعم، فوضع المِيسَم، وجئتُ به فوضعتُه في حَجره، فدعا بعَجوة من عجوة المدينة، فلاكها في فيه حتى ذابت، ثم قَذَفَها في في الصبيّ، فجعل الصبيُّ يَتَلَمَّظُ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انظُروا إلى حبّ الأنصار التّمْر" فمسح وجهَه، وسمّاه عبد اللَّه.

انفرد بإخراجه مسلم. واتّفقا على إخراج معناه (2).

(452)

الحديث التاسع والعشرون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج، وحَدَّثَنَا البخاريّ قال: حدّثنا عبد اللَّه بن يوسف، قالا: حدّثنا الليث قال: حدّثني سعيد بن أبي سعيد عن شريك عن عبد اللَّه بن أبي نَمِر أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

بينما نحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جلوس في المسجد، دخل رجلٌ على جمل فأناخَه في المسجد، ثم عقلَه، ثم قال: أيُّكم محمّد؟ ورسول اللَّه مُتَّكِىءٌ بين ظهرانَيهم، فقُلنا: هذا الرجل الأبيض المُتَكىء. فقال الرجل: يا ابن عبد المطلب. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قد أجبتُك" فقال الرجل: "إنّي يا محمّد سائلك فمشتدٌّ عليك في المسألة، فلا تجِدْ عليّ في نفسك. قال: "سَلْ ما بدا لك" فقال الرّجل: نَشَدْتُك بربِّك وربِّ من كان قبلك، آللَّهُ أرسلك إلى النّاس كلُّهم؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اللهمّ نعم". فقال: فأنْشُدُك اللَّهَ، آللَّهُ أمرَك أن نُصَلّيَ الصلواتِ الخمسَ في اليوم والليلة؟ قال: "اللهمّ نعم" قال: أَنْشُدَك اللَّه، آللَّهُ أمرك أن نَصومَ هذا الشَّهْر من السَّنة؟ قال رسول اللَّه: "اللهمّ نَعم". قال: أَنْشُدُك اللَّهَ، آللَّهُ أمرَك أن تأخذَ هذه الصّدقة من أغنيائنا فتقسمَها على فقرائنا؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اللَّهمَّ نَعَمْ". قال الرّجل: آمنْتُ بما جئْتَ به، فأنا رسولُ من ورائي من قومي، وأنا ضِمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر (3).

(1) الميسم: ما يُوسم به الشيء: أي يُعَلّم به.

(2)

في المسند 20/ 328 (13026)، ومسلم 4/ 1909 (2144) من طريق بهز. وفي مسلم 3/ 1689 (2144) عن طريق ابن سيرين باختصار، وفي 3/ 1674 (2119) من طرق، قصة وسم الإبل. أما البخاري فقد أخرجه من طريق إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس 3/ 169 (1301) مختصرًا، وفي 9/ 587 (5470) عن أنس بن سيرين بن محمّد بن سيرين كذلك. وفي 10/ 279 (5824) عن طريق محمّد ابن سيرين قصة تحنيك الغلام.

(3)

المسند 20/ 138 (12719). والبخاري 1/ 148 (63). وينظر شرح الحديث في النووي 1/ 284، والفتح 1/ 149.

ص: 221

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة عن ثابت عن أنس قال:

كنّا قد نُهِينا أن نسألَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يُعجبنا أن يَجِيءَ الرّجل من أهل البادية العاقلُ فيسألَ ونحن نسمعُ، فجاء رجلٌ من أهل البادية فقال: يا مُحَمّد، إنّه أتانا رسولُك فزعم لنا أنّك تزعمُ أنّ اللَّه أرسلك. قال:"صدق". قال: فمن خلقَ السّماء؟ قال: "اللَّه" قال: فمن خلقَ الأرض؟ قال: "اللَّه" قال: فمن نَصَبَ هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: "اللَّه" قال: فبالذي خلق السماءَ والأرضَ ونصبَ هذه الجبال، اللَّهُ أرسلك؟ قال:"نعم" قال: فزعمَ رسولك أنَّ علينا خمسَ صلواتٍ في يومنا وليلتنا. قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلكَ، اللَّهُ أمرك بهذا؟ قال:"نعم" قال: وزعم رسولك أنَّ علينا زكاةً في أموالنا. قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك، اللَّهُ أمرك بهذا؟ قال:"نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا. قال: "صدق" قال: فبالذي أرسلك، آللَّه أمرك بهذا؟ قال:"نعم" قال: وزعم رسولك أن علينا حجَّ البيتِ من استطاعَ إليه سبيلًا. قال: "صدق"، ثم ولّى فقال: والذي بعثَك بالحقّ، لا أزيدُ عليهنّ شيئًا ولا أنقص منهنّ شيئًا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"لئن صدقَ ليَدخُلَنّ الجنّة"(1).

أخرج البخاريُّ الطّريق الأوّل، ومسلم الطريق الثاني.

وفي هذا الحديث إشكال، وهو أن يُقال: كيف قنع هذا الرجل باليمين ولم يطلب الدليل؟ والجواب: أنّه استقرى الأدلّة قبل ذلك وأكّد باليمين (2).

(453)

الحديث الثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عدي عن حُميد عن أنس قال:

لما سار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بدر خرج فاستشار النّاس، فأشار عليه أبو بكر، ثم استشارهم فأشار عليه عمر، فسكت. فقال رجل من الأنصار: إنَّما يُريدُكم. فقالوا: واللَّه يا رسول اللَّه لا نكون كما قالت بنو إسرائيلَ: "اذهبْ أنتَ وربُّك فقاتلا إنّا ها هنا

(1) المسند 19/ 441 (12457)، ومسلم 1/ 41 (12).

(2)

ينظر كشف المشكل 3/ 274.

ص: 222

قاعدون" (1)، ولكن واللَّه لو ضَرَبْتَ أكبادَنا حتى تبلغ بَرْك الغِماد لكنّا معك (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شاور النّاس يوم بدر، فتكلّم أبو بكر فأعرضَ عنه، ثم تكلّمَ عمرُ فأعرضَ عنه (3)، فقال المقداد بن الأسود: والذي نفسي بيده، لو أمرْتَنا أن نُخيضَها البحر لأخضْناها، ولو أمرْتَنا أن نضربَ أكبادَها إلى بَرْك الغِماد فعلْنا، فشأنَك يا رسول اللَّه.

فنَدَبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أصحابَه، فانطلق حتى نزل بَدرًا، وجاءت روايا (4) قريش وفيهم غلام لبني الحجّاج أسودُ، فأخذه أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن أبي سفيان وأصحابه، فقال: أما أبو سفيان فليس لي به علم، ولكن هذه قريش وأبو جهل وأمية بن خلف قد جاءت، فيضربونه، فإذا ضربوه قال: نعم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه عن أبي سفيان قال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذه قريش قد جاءت، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلّي، فانصرف فقال:"إنّكم لتضربونه إذا صدَقَكم وتَدَعونه إذا كَذَبَكم".

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده فوضعها، فقال:"هذا مَصْرَعُ فلانٍ غدًا، وهذا مَصْرَعُ فلانٍ غدًا إن شاء اللَّه" فالتَقَوا، فهزَمَهُم اللَّه سبحانه وتعالى، فواللَّه ما أماطَ رجلٌ منهم عن موضع كفّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فخرج إليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام فقال:"يا أبا جهل، يا عتبةُ، يا شيبةُ، يا أميّةُ، هل وجدْتُم ما وَعَدَكُم ربُّكم حقًّا؟ فإنّي وجدْتُ ما وَعَدني ربّي حقًّا". فقال له عمر: يا رسول اللَّه، تدعوهم بعد ثلاثة أيّام وقد جيّفوا! فقال:"ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم، غيرَ أنّهم لا يستطيعون جوابًا" فأمر بهم، فجُرُّوا بأرجلهم فأُلْقُوا في قليب بدر.

انفرد بإخراجه مسلم (5).

(1) هذا اقتباس من سورة المائدة - 24.

(2)

المسند 19/ 79 (12022)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو من طريق حميد في مسند أبي يعلى 6/ 407 (3766)، وابن حيّان 11/ 23 (4721).

(3)

في المسند "فقالت الأنصار: يا رسول اللَّه، إيّانا تريد".

(4)

الرّوايا، جمع راوية البعير الذي يستسقى عليه.

(5)

المسند 21/ 21 (13296)، ومسلم 3/ 1403 (1779) من طريق حمّاد إلى ما قبل تركه قتلى بدر. وسائره في 4/ 2203 (2874).

ص: 223

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا شيبان عن قتادة عن أنس:

أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرَ ببضعةٍ وعشرين رجلًا من صناديد قُريش، فأُلقوا في طَوِيٍّ (1) من أطواء بدر خبيثٍ مُخْبِث، قال: وكان إذا ظهرَ على قومٍ أقَام بالعَرْصة (2) ثلاث ليال، فلمّا ظهرَ على أهل بدرٍ أقام ثلاث ليالٍ، حتى إذا كان اليومُ الثالث أمر براحلته فَشُدّ رَحْلُها، ثم مشى واتّبَعه أصحابُه (3)، حتى قام على شَفَةِ الطَّوِيّ، فجعل يُناديهم بأسمائِهم وأسماء آبائهم:"يا فلانُ بن فلان، أيَسُرُّكم أنّكم أطعْتُم اللَّهَ ورسوله؟ هل وَجَدْتُم ما وعدَ ربُّكم حقًّا؟ " قال عمر: يا نَبيّ اللَّه، ما تُكَلّمُ من أجسادٍ لا أرواح فيها؟ قال:"والذي نفس محمّدٍ بيده، ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم".

قال قتادة: أحياهم اللَّه له حتى سمعوا قوله توبيخًا وتصغيرًا وتَقمية (4).

(454)

الحديث الحادي والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا حسين المعلّم عن قتادة عن أنس بن مالك:

أن نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لا يُؤمنُ عبدٌ حتى يُحِبَّ لأخيه ما يَحِبُّ لنفسه من الخير".

أخرجاه (5).

(455)

الحديث الثاني والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا أشعث عن الحسن عن أنس بن مالك:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهْرَ ثم رَكِب راحلتَه، فلمّا علا جبلَ البيداء أهلّ (6).

(1) الطّويّ: من أسماء البئر.

(2)

العَرْصة: السّاحة الواسعة، والفناء.

(3)

في المسند: "قالوا: فما نراه ينطلق إلا ليقضي حاجته".

(4)

المسند 19/ 455 (12471) وهو حديث صحيح. وفيه: وحُدّث أنس. لأن أنسًا لم يشهد الوقعة، وحدّثه بذلك أبو طلحة. وجعله الحُميدي في "الجمع" 1/ 412 (660) في مسند أبي طلحة.

(5)

المسند 20/ 394 (13146). وهو في البخاري 1/ 56، 57 (13)، ومسلم 1/ 67، 68 (45) من طريق حسين بن ذكوان، المعلّم، ومن طريق شُعبة، كلاهما عن قتادة، وليس فيه "من الخير".

(6)

المسند 20/ 398 (13153) وإسناده صحيح. وأبو داود 2/ 151 (1774)، وصحّحه الشيخ ناصر، وهو في المختارة 5/ 217 (1846).

ص: 224

(456)

الحديث الثالث والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز قال: حدّثنا همّام بن يحيى قال: حدّثنا قتادة قال:

سألتُ أنس بن مالك: كم حجَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: حجّة واحدة، واعتمر أربعًا: عُمرته من الحديبية، وعُمرته في ذي القعدة من المدينة، وعُمرته من الجِعرانة في ذي القعدة حيث قسمَ غَنيمة حُنين، وعُمرته مع حجّته.

أخرجاه (1).

(457)

الحديث الرابع والثلاثون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لكلّ نبيّ دعوةٌ قد دعا بها فاستُجيب له، وإنّي اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمّتي يومَ القيامة"(2).

(458)

الحديث الخامس والثلاثون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه نهى أن يُنْبَذَ التَّمرُ والبُسر جميعًا (3).

(459)

الحديث السادس والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا خالد بن مُخْلِد قال: حدّثنا سُليمان قال: حدّثني حُميد عن أنس قال:

آلى رسول اللَّه من نسائه شهرًا، فقعدَ في مَشْرُبةٍ (4) له، فنزل لتسعٍ وعشرين فقيل له: إنّك آلَيْتَ على شهر. فقال: "إنّ الشّهر تسعٌ وعشرون"(5).

(1) المسند 19/ 368 (12372)، والبخاري 3/ 600 (1778)، ومسلم 2/ 916 (1253)، كلاهما من طريق همّام.

(2)

المسند 19/ 370 (12376). والحديث في البخاري 11/ 96 (6305) عن معتمر بن سُليمان عن أبيه عن أنس. ومثله في مسلم 1/ 190 (200)، وزاد سلم عن هشام وشُعبة ومِسعر عن قتادة. وجرى المؤلّف في أمثال هذا أن يقول:"أخرجاه".

(3)

المسند 19/ 371 (12378). وهو حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم، ولم ينبّه عليه المؤلّف - 3/ 1572 (1981) عن عمرو بن الحارث عن قتادة عن أنس، وفيه:"نهى أن يُخلط التّمر والزّهو" والزّهو والبُسّر: الغَضّ من التمر.

(4)

آلى: أقسم ألّا يدخل على نسائه. والمشربة: -بفتح الراء وضمّها- حجرة في أعلى البيت.

(5)

البخاري 9/ 300 (5201).

ص: 225

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه قال: حدّثنا سُليمان بن بلال عن حُميد عن أنس قال:

آلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من نسائه، وكان انفكَّت رِجلُه، فأقام في مَشْرَبَةٍ تسعًا وعشرين ليلة، ثم نزل، فقالوا: يا رسول اللَّه، آليْتَ شهرًا. فقال:"إنّ الشّهرَ يكون تسعًا وعشرين"(1).

انفرد بإخراج الطريقين البخاريّ (2).

(460)

الحديث السابع والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا الأعمش عن سهل أبي أسد عن بُكير بن وهب الجزري عن أنس قال:

كُنّا في بيت رجلٍ من الأنصار، فجاء رسول اللَّه حتى وقف فأخذ بعِضادَتَي (3) الباب فقال:"الأئمّة من قُريش، ولهم عليكم حقٌّ، ولكم مثلُ ذلك، ما إذا استُرْحِموا رَحِموا، وإذا حكَموا عدَلوا، وإذا عاهدوا وفَوا، فمن لم يفعلْ ذلك منهم فعليه لعنةُ اللَّه والملائكةِ والنّاسِ أجمعين"(4).

(461)

الحديث الثامن والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن منصور قال: حدّثنا عُمارة عن ثابت عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أرسلَ أمّ سُليم تَنْظُرُ إلى جارية، فقال:"شُمّي عوارِضَها، وانظُري إلى عُرقوبَيها"(5).

(1) البخاري 4/ 120 (1911).

(2)

وقد أخرج البخاري 1/ 487 (378) الحديث عن يزيد بن هارون عن حُميد عن أنس. وهو من هذه الطريق في المسند 20/ 358 (13071).

(3)

العضادتان: الخشبتان المثبتتان في الحائط ليكون بينهما الباب.

(4)

المسند 20/ 249 (12900)، وعن شُعبة عن أبي الأسد عن بُكير في 19/ 318 (12307). ومن الطريق الثانية أخرجه النسائي في الكبرى - التحفة 1/ 102. وهو في مسند أبي يعلى، والسنّة لابن أبي عاصم 2/ 751 (1154)، والمختارة 4/ 253 (1576)، وصُحّح الحديث لغيره. ينظر تخريج محقّقي المصادر السابقة.

(5)

المسند 21/ 105 (13424). وإسناده حسن: عُمارة بن زاذان روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، والبخارى في الأدب المفرد، وحديثه لا بأس به. وسائر رجاله ثقات. قال الحاكم 2/ 166 - وقد أخرجه من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وينظر تخريج محقّق المسند للحديث.

والعوارض: الأسنان التي بين الثنايا والأضراس.

ص: 226

(462)

الحديث التاسع والثلاثون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع وعبد الرحمن كلاهما عن سُفيان عن المختار بن فلفل قال: سمعْتُ أنسًا قال:

قال رجلٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلم: يا خيرَ البَرِيّة. قال: "ذاك إبراهيمُ عليه السلام".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(463)

الحديث الأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن همّام عن قتادة قال:

قُلْتُ لأنس: أيّ اللباس كان أحبَّ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: الحِبَرة.

أخرجاه (2).

(464)

الحديث الحادي والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد ابن هارون قال: أخبرنا شُعبة (3) عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن نَسِيَ صلاةً أو نام عنها فكفّارتُها أن يُصلّيَها إذا ذكرَها".

أخرجاه.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهديّ قال: حدّثنا المُثَنّى بن سعيد عن قتادة [عن أنس]:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رقدَ أحدُكم عن الصلاة أو غَفَلَ فَلْيُصَلّها إذا ذكرها، فإن اللَّه تعالى قال:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (4)[طه: 14].

(1) المسند 20/ 211 (12826) من طريق وكيع، 20/ 254 (12907) من طريق عبد الرحمن. وهو في مسلم 4/ 1839 (2396) من طريق عبد الرحمن عن سفيان عن المختار. ومن طرق أخرى عن المختار.

(2)

المسند 20/ 254 (12905)، وينظر 19/ 371 (12377)، وعن همّام في البخاري 10/ 276 (5812، 5813)، ومسلم 3/ 1648 (2079).

والحبرة: ثوب مزيّن، من كتّان أو قطن.

(3)

المثبت في المطبوع في المسند: الطبعة القديمة 3/ 100، والمحقّقة 19/ 34 (11972)"سعيد". والحديث يروى عن سعيد وشعبة عن قتادة - جامع المسانيد 23/ 68، 156 (2301، 2565). والحديث في مسلم 1/ 477 (684) عن سعيد وغيره عن قتادة. وفي البخاري 2/ 70 (597) عن همّام عن قتادة.

(4)

المسند 20/ 255 (12909)، ومسلم 1/ 477 (684) من طريق المثنّى.

ص: 227

قال: وكان النّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: "اللهمّ أنتَ عَضُدي، وأنت نصيري، وبك أُقاتل"(1).

(465)

الحديث الثاني والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان بن داود قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يقولُ اللَّهُ سبحانه وتعالى: أنا عندَ حُسْنِ ظَنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني"(2).

(466)

الحديث الثالث والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مؤمّل قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يموتُ فيشهدُ له أربعةُ أهل أبيات من جيرانه الأدْنَين إلّا قال: قد قَبلْتُ عِلْمَكم فيه، وغَفَرْتُ له ما لا تعلمون"(3).

(467)

الحديث الرابع والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يَلْعَقُ أصابِعَه الثلاث إذا أكل.

وقال: "إذا وقعتْ لقمةُ أحدِكم فَلْيُمِطْ عنها الأذى وليأكلْها، ولا يَدَعْها للشّيطان، ولْيَسْلُتْ أحدُكم الصَّحْفةَ؛ فإنَكم لا تَدْرون في أيِّ طعامِكم البركةُ".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(468)

الحديث الخامس والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا

(1) المسند 20/ 255 (12909) ومن طريق المثنّى في الترمذي 5/ 534 (3584) قال: هذا حديث حسن غريب، وأبي داود 3/ 42 (2632)، وصحّحه الألباني، وابن حبّان 11/ 76 (4761).

(2)

المسند 20/ 418 (13192). ومسند أبي يعلى 6/ 12 (3232). ورجاله رجال الصحيح. والحديث عن أبي هريرة في البخاري 13/ 384 (7405)، ومسلم 4/ 2061، 2067 (2675).

(3)

المسند 21/ 174 (13541)، ومسند أبي يعلى 6/ 199 (3481) وصحّحه ابن حبّان 7/ 295 (3026) من طريق مؤمّل، وكذ الحاكم والذهبي على شرط مسلم 1/ 378، وحكم الهيثمي في المجمع 3/ 7 على رجال أحمد بأنهم رجال الصحيح. وقال البوصيري في الإتحاف 3/ 199 (2530): وهو في الصحيح والسنن الأربعة بغير هذا اللفظ، رواه البخاري وغيره من حديث عمر بن الخطاب في حديث أنس.

(4)

المسند 20/ 203 (12815)، ومسلم 3/ 1607 (2034، 2035).

وسلت: مسح.

ص: 228

بَهْزٌ قال: حدّثنا عِكرمة بن عمّار قال: حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن عمّه أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاعدًا في المسجد وأصحابُه معه، إذ جاءَ أعرابيٌّ فبال في المسجد، فقال أصحابُه: مَهْ، مَهْ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا تُزرِموه، دَعوه" ثم دعاه فقال: "إنّ هذه المساجدَ لا تَصْلُحُ لشيء من القَذَر والبَول والخَلاء -أو كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنّما هي لقراءة القرآنِ، وذكرِ اللَّه، والصلاةِ" وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجلٍ من القوم: "قُمْ فأتِنا بدلوٍ من ماء فشُنَّه عليه"، فأُتِيَ بدلوٍ من ماء فَشَنّه عليه.

أخرجاه (1).

ومعنى تُزْرِموه: تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع.

ومعنى: شنّه عليه: صبَّه.

(469)

الحديث السادس والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى ابن إسحق قال: حدّثنا مهدي قال: حدّثني غيلان بن جرير عن أنس ابن مالك قال:

إنّكم لتعملون أعمالًا هي أدقُّ في أعينكم من الشَّعر، إنْ كُنّا لَنَعُدُّها على عهد رسول اللَّه من المُوبِقات.

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(470)

الحديث السابع والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسودُ ابن عامر قال: حدّثنا إسرائيل قال: حدّثنا عُمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس قال:

أتى رسولَ اللَّه سائلٌ، فأمر له بِتَمْرة، فوحّشَ بها، ثم جاء سائل آخرَ فأمرَ له بتمرة، فقال: سبحان اللَّه، تمرةً من رسول اللَّه! فقال رسول اللَّه للجارية:"اذهبي إلى أمّ سلمة فأعْطيه الأربعين درهمًا التي عندها"(3).

(1) المسند 20/ 297 (12984). وهو من طريق عكرمة في مسلم 1/ 236 (285). وعن همّام عن إسحق في البخاري 1/ 322 (219). وروى في مسلم (284)، والبخاري 1/ 322 (221)، 10/ 449 (6025) عن يحيى بن سعيد وثابت.

(2)

المسند 20/ 54 (12604)، والبخاري 11/ 329 (6492) من طريق مهدي - ابن ميمون.

(3)

المسند 21/ 275 (13731). وفي 20/ 36 (12574): عن أسود عن عمارة عن ثابت عن أنس. وحكم المحقّق على الإسناد بالضعف لأن عمارة بن زاذان الصيدلاني مختلف فيه.

ص: 229

ومعنى وحّش بها: رمى بها.

(471)

الحديث الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين قال: حدّثنا جرير بن حازم عن محمّد بن سيرين عن أنس قال:

أُتي عبيد اللَّه بن زياد برأس الحُسين، فجُعِلَ في طَست، فجعل ينكُتُ عليه، وقال في حُسنه شيئًا. فقال أنس: إنّه كان أشبهَهم برسول اللَّه، وكان مخضوبًا بالوَسمة.

انفرد بإخراجه البخاري (1).

والوسمة: ورق النيل (2).

(472)

الحديث التاسع والأربعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عمرو ابن الهيثم أبو قَطَن قال: حدّثنا شُعبة عن قتادة عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبيٍّ إلّا أنذرَ أُمَّته الأعورَ الكذّاب، ألا وإنّه أعورُ، وإنّ ربَّكم ليس بأعورَ، مكتوبٌ بين عينَيه: كافر"(3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيدُ قال: أخبرنا حُميد عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الدّجّال ممسوحُ العين اليُسرى، عليها ظَفَرةٌ، مكتوبٌ بين عينَيه: كافر"(4).

(473)

الحديث الخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز وعفّان قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

(1) المسند 21/ 285 (13748). والبخاري 7/ 94 (3748) من طريق حسين بن محمّد عن جرير. وينظر الفتح 7/ 96.

(2)

وهو نبت يُختضب به، يميل إلى السّواد. ينظر القاموس - وسم.

(3)

المسند 19/ 63 (12004). والحديث عند الشيخين عن شُعبة عن قتادة عن أنس، وباللفظ نفسه - البخاري 13/ 91 (7131)، ومسلم 4/ 2248 (2933).

(4)

المسند 20/ 364 (13081). وهو حديث صحيح. وينظر إتحاف الخيرة 10/ 306 (9998).

والظّفرة: جلدة رقيقة تغطّي على العين.

ص: 230

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يجيءُ الدّجّالُ فيَطَأُ الأرضَ إلّا مكّةَ والمدينة، فيأتي المدينةَ فيجدُ بكلِّ نَقْب من أنقابها صُفوفًا من الملائكة، فيأتي سَبْخة الجُرْف فيَضْربُ رِواقَه (1)، فترجُفُ المدينة ثلاثَ رَجَفات، فيخرج إليه كلُّ مُنافق ومُنافقة".

أخرجاه (2).

(474)

الحديث الحادي والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر أبو جعفر المدائني قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام قال: حدّثنا محمّد بن إسحق عن محمّد بن المُنكدر عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ أمامَ الدّجّالِ سنينَ خدّاعة، يُكذَّبُ فيها الصادقُ، ويُصَدّقُ فيها الكاذِبُ، ويُخَوَّنُ فيها الأمينُ، ويُؤْتمن فيها الخائنُ، ويتكلّمُ فيها الرُّوَيبضة" قيل: وما الرُّوَيبضة؟ قال: "الفاسق يتكلّم في أمر العامَّة"(3).

(475)

الحديث الثاني والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو جعفر المدائني قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام عن حُميد الطويل عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُعجبه الثُّفْل. قال عبّاد: يعني ثُفْل المَرَق (4).

(476)

الحديث الثالث والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا شريك عن عبد الملك عن عمير عن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:

مررْتُ مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في طريق من طُرُق المدينة، فرأى قُبَّةً من لَبِن، فقال: "لِمَن

(1) السّبخة: الأرض المالحة ذات النزّ. والجرف: موضع قريب من المدينة. والرَّواق: القُبة.

(2)

المسند 20/ 299 (12986)، والبخاري 4/ 95 (1881) عن طريق أبي عمرو الأوزاعي عن إسحق، ومسلم 4/ 2265 (2943) مثله، وعن طريق حمّاد عن إسحق - كالمسند.

(3)

المسند 21/ 24 (13298)، وحسن المحقّق إسناده. قال الهيثمي في المجمع 7/ 287: فيه ابن إسحق، وهو مدلّس. وقد صحّحه الشيخ ناصر في الأحاديث الصحيحة 4/ 509 (1887). وصحّح الحاكم الحديث عن أبي هريرة على شرطهما، ووافقه الذهبي 4/ 465. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 378 (3715)، وإتحاف الخيرة 10/ 286 (9977).

(4)

المسند 21/ 26 (13300) قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ومن طريق عبّاد صحّحه الحاكم والذهبي 4/ 115، 116، وهو في المختارة 6/ 48، 49 (2019، 2020).

ص: 231

هذه؟ " فقلتُ: لفلان. فقال: "أما إنّ كلَّ بناء كَلٌّ (1) على صاحبه يومَ القيامة إلّا ما كان في مسجد أو "في بناء مسجد" شكّ أسود - أو، أو، أو. ثم مرَّ فلم يرَها، فقال:"ما فعلتِ القُبّة؟ " قُلْتُ: بلغ صاحبَها ما قُلتَ فهدَمَها، فقال:"رحمه الله"(2).

(477)

الحديث الرابع والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: [حدّثنا محمّد بن بشار قال: حدّثنا](3) ابن أبي عديّ عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يرفعُ يدَيه في شيءٍ من دعائه إلّا في الاستسقاء، فإنّه كان يرفعُ يَدَيه حتى يُرى بياضُ إبطَيه.

أخرجاه.

(478)

الحديث الخامس والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا هُدْبَة قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَلَّهُ اشدُّ فَرَحًا بتوبة عبده من أحدِكم إذا (4) سقطَ على بعيره، قد أضلَّه بأرضٍ فلاة".

أخرجاه (5).

* طريق آخر:

حدّثنا مسلم قال: حدّثنا زُهير بن حَرب قال: حدّثنا عمرُ بن يونس قال: حدّثنا عِكرمة بن عمّار قال: حدّثنا إسحق بن أبي طلحة قال: حدّثني أنس بن مالك قال:

(1) في المسند "هدّ".

(2)

المسند 21/ 26 (13301) قال المحقّق: حديث محتمل للتحسين بطرقه وشواهده، وشريك سيّء الحفظ، ولذا ضعف إسناده. وهو في سنن أبي داود 4/ 360 (5237)، وابن ماجة 2/ 1393 (4161) من طريق إسحق بن أبي طلحة، وصحّحه الألباني، ومسند أبي يعلى 7/ 308 (4347)، والمختارة 7/ 291 (2747).

(3)

في الأصل: حدّثنا البخاريّ، حدّثنا ابن أبي عديّ. والحديث في البخاري 2/ 517 (1031) حدّثنا محمّد ابن بشار، حدّثنا يحيى وابن أبي عديّ عن سعيد. . . وفي مسلم 2/ 612 (895) حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى عن سعيد. وفي المسند 20/ 231 (12867) عن يحيى عن سعيد عن قتادة.

(4)

"إذا" ليست في البخاري.

(5)

البخاري 11/ 102 (6309)، ومسلم 4/ 2105 (2747) عن همّام. وهو في المسند 20/ 443 (13227) عن عبد الصّمد عن عمر بن إبراهيم عن قتادة.

ص: 232

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "للَّهُ أشدُّ فَرَحًا بتوبة عبدِه حين يتوبُ إليه من أحدِكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامُه وشرابُه، فأيِسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجع في ظِلِّها قد أيِسَ من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائِمةً عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدّة الفرح: اللهمّ، أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأَ من شدّة الفرح".

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(479)

الحديث السادس والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن حُميد عن أنس قال:

أُقيمتِ الصلاة، فجاء رجلٌ يسعى، فانتهى وقد حَفَزَه النَّفَس -أو انبهر- فلمّا انتهى إلى الصّفّ قال: الحمدُ للَّه حمدًا كثيرًا طيّبًا مُبارَكًا فيه. فلما قضى رسول اللَّه صلاته قال: "أيُّكُم المُتَكلِّم؟ " فسكت القوم. فقال: "أيُّكُم المتكلّم؟ فإنّه قال خيرًا - أو لم يقل بَأْسًا" فقال: أنا يا رسول اللَّه، أنا أسرعتُ المشيَ، فانتهيْتُ إلى الصّفّ، فقلت الذي قُلتُ. قال:"لقد رأيتُ اثني عثرَ مَلَكًا يَبتَدِرونها، أيُّهم يرفعُها" ثم قال: "إذا جاء أحدُكم إلى الصلاة فَلْيَمْشِ على هيئته، فَلْيُصَلّ ما أدرك، ولْيَقْضِ ما سبقَه".

انفرد بإخراجه مسلم. وآخر حديثه: ". . . أيّهم يرفَعُها"(2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن محمّد قال: حدّثنا خلف بن خليفة قال: حدّثنا حفص بن عمر عن أنس قال:

كُنتُ مع رسول اللَّه جالسًا في الحَلْقة، إذ جاء رجلٌ فسلَّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والقوم، فقال الرجل: السلامُ عليكم ورحمة اللَّه فردّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "السّلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاتُه" فلمّا جَلَس الرجلُ قال: الحمدُ للَّه كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا أن يُحْمَدَ وينبغي له، فقال له رسول اللَّه:"كيف قُلْتَ؟ " فردّ عليه كما قال. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لقد ابْتَدَرَها عشرةُ أملاكٍ، كلُّهم حريصٌ على أن يكتبَها، فما دَرَوا

(1) مسلم 4/ 2104 (2747).

(2)

المسند 19/ 91 (12034)، ومسلم 1/ 419 (600) عن حميد وغيره.

ص: 233

كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذي العِزّة، فقال: اكتبوها كما قال عبدي" (1).

(480)

الحديث السابع والخمسون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حُميد عن أنس قال:

قَدِم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينةَ ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال:"إنّ اللَّه تبارك وتعالى قد أبْدَلَكم بِهما خيرًا منهما: يومَ الفِطر ويوم النَّحر"(2).

(481)

الحديث الثامن والخمسون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم حائطًا من حيطان المدينة لبني النّجار، فسَمع صوتًا من قبر، فسأل عنه:"متى دُفِن هذا؟ " قالوا: يا رسول اللَّه، دُفِنَ هذا في الجاهلية، فأعجبَه ذلك، وقال:"لولا ألّا تدافنوا لدعوْتُ اللَّه أن يُسْمِعَكم عذاب القبر".

أخرج مسلم من هذا الحديث: "لولا ألّا تدافنوا. . ." منفردًا بإخراجه (3).

(482)

الحديث التاسع والخمسون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دخلْتُ الجنّةَ، فإذا أنا بنهرٍ حافتاه خيامُ اللؤلؤ، فضَربْتُ بيدي إلى ما يجري فيه الماء، فإذا مسكٌ أذفَرُ، قلت: ما هذا يا جبريلُ؟ قال: هذا الكوثرُ الذي أعطاكَه اللَّه تعالى".

انفرد بإخراجه البخاريّ (4).

(1) المسند 20/ 62 (12612)، وصحّحه ابن حبّان من طريق خلف - الموارد 580 (2337). قال في المجمع 10/ 99: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وهو في المختارة 5/ 258، 259 (1886، 1887). وينظر تعليق محقق المسند، وابن حبّان 3/ 125 (845).

(2)

المسند 19/ 65 (12006). والنسائي 3/ 179، وصحّحه الحاكم 1/ 94، على شرط مسلم، ووافقه الذهبيّ. وهو في المختارة 5/ 275، 276 (1911، 1912) وصحّحه الألباني - الأحاديث الصحيحة 5/ 34 (2021) ومحققو المسند.

(3)

المسند 19/ 65 (12007)، وصحّحه ابن حبّان - الموارد 200 (786) من طريق حُميد، ورواه النسائي 4/ 102 دون ذكر "بني النّجار"، وصحّحه الألباني، وهو في مسلم 4/ 2200 (2868) بإسناد آخر.

(4)

المسند 19/ 66 (12008). ورواه الحاكم عن عبد الأعلى عن حُميد، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي. وهو في البخاريّ عن قتادة، مع اختلاف في بعض الألفاظ 8/ 731 (4964)، 11/ 464 (6581).

ص: 234

(483)

الحديث الستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

لمّا رَجَعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة، قال:"إنّ بالمدينة لَقَوْمًا ما سِرْتُم مَسيرًا ولا قَطَعْتُم واديًا إلّا كانوا معكم فيه". قالوا: يا رسول اللَّه، وهم بالمدينة؟ قال:"وهم بالمدينة، حَبَسَهُم العُذْرُ".

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(484)

الحديث الحادي والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

كانت ناقة رسول اللَّه تُسَمّى العَضْباء، وكانت لا تُسْبَق، فجاء أعرابيٌّ على قَعود فَسَبَقها، فشقَّ ذلك على المسلمين، فلمّا رأى ما في وجوههم، قالوا: يا رسول اللَّه، سُبِقَتِ العَضباءُ. فقال:"إنَّ حقًّا على اللَّه ألّا يرفع شيئًا من الدُّنيا إلّا وَضَعَه".

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(485)

الحديث الثاني والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن حُميد قال:

سُئِلَ أنس بن مالك عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الليل. فقال: ما كُنّا نشاء أن نراه من الليل مُصَلّيًا إلّا رَأيْناه، وما كُنّا نَشاءُ أن نراه قائِمًا إلّا رأيْناه. وكان يصومُ الشهرَ حتى نقولَ: لا يُفطر منه شيئًا، ويُفطرُ حتى نقولَ: لا يصومُ منه شيئًا.

أخرجه البخاري (3).

وذكر مسلم حديث الصوم فحسب من طريق ثابت عن أنس: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يُقالَ: قد صام، قد صام. ويُفطر حتى يقال: أفطر، أفطر (4).

(486)

الحديث الثالث والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

كان يُعجبُنا أن يجيء الرّجلُ من أهل البادية فيسألَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ اللَّه، متى قيامُ الساعة؟ وأقيمتِ الصلاةُ، فصلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمّا فرغَ من صلاته قال:"أينَ السائلُ عن السّاعة؟ " قال: أنا يا رسول اللَّه. قال: "وما أعدَدَتَ

(1) المسند 19/ 67 (12009)، والبخاري 6/ 46 (2838، 2839) من طريق حُميد.

(2)

المسند 19/ 68 (12010)، والبخاري من طريق حُميد 6/ 73 (2871، 2872).

(3)

المسند 19/ 70 (12012)، وكسابقَيه في البخاري 3/ 22 (1141).

(4)

مسلم 2/ 812 (1158) وفيه (قد أفطر، قد أفطر).

ص: 235

لها؟ " قال: ما أَعْدَدْتُ لها من كبير عملٍ، صلاةٍ ولا صيام، إلّا أنّي أُحِبُّ اللَّهَ ورسوله. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المرءُ مع من أَحَبَّ".

قال أنس: فما رأيْتُ المسلمين فَرِحوا بعد الإسلام بشيءٍ ما فَرِحوا به.

أخرجاه بمعناه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أنّ رجلًا من أهل البادية أتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له: متى الساعةُ؟ قال: "ويلك، وما أَعْدَدْتَ للسّاعة؟ " قال: ما أَعْدَدْتُ لها شيئًا، إلّا أنّي أُحِبُّ اللَّه ورسوله. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"فإنّك مع من أَحْبَبْتَ" قال أصحابه: ونحن كذلك؟ قال: "وأنتم كذلك". ففَرِحوا يومئذٍ فرحًا شديدًا.

قال: فمرَّ غلامٌ للمُغيرة بن شُعبة، قال أنس: وكان من أقراني، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"إنْ يُؤَخَّر هذا الغلامُ فلن يُدْرِكَه الهَرَمُ حتى تقومَ الساعة".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(487)

الحديث الرابع والستون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن أبي عدي عن حُميد عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا كان مُقيمًا اعتكفَ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ، وإذا سافرَ اعتكف من العام المُقبل عشرين (3).

(488)

الحديث الخامس والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

(1) المسند 19/ 71 (12013). والبخاري 7/ 42 (3688)، وفيه الأطراف، وينظر الروايات في مسلم 4/ 2032، 2033 (2639)، والجمع 2/ 583 (1961).

(2)

المسند 20/ 303 (12993)، ومسلم 4/ 2269، 2270 (2953).

(3)

المسند 19/ 74 (12017). وبعده: قال عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: لم أسمع هذا الحديث إلّا من ابن أبي عديّ عن حُميد عن أنس.

والحديث في الترمذي 3/ 166 (803)، وقال: حسن صحيح غريب من حديث أنس. قال: وفي الباب عن أبي هريرة. وجعله الألباني صحيحًا. ومن الطريق نفسه صحّحه الحاكم والذهبي على شرط الشيخين 1/ 439، وابن حبّان - الموارد 229 (918) وابن خزيمة 3/ 246 (2226، 2227)

ص: 236

مرّ رسول اللَّه في نَفَرٍ من أصحابه وَصَبِيٌّ في الطريق، فلمّا رأت أمُّه القومَ خَشِيت على ولدها أن يُوطأ، فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني، وسَعَتْ فأخَذَتْه، فقال القوم: يا رسول اللَّه، ما كانت هذه لِتُلْقيَ ابنَها في النّار. فخفَّضَهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقال:"ولا اللَّه، لا يُلقي حبيبَه في النّار"(1).

(489)

الحديث السادس والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أُخْبِرُكم بخير دُور الأنصار؟ دار بني النّجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دارُ بني الحارث بن الخَزرج، ثم دار بني ساعدة. وفي كلّ دور الأنصار خيرٌ".

أخرجاه (2).

(490)

الحديث السابع والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ بني سلمة أرادوا أن يتحوّلوا من منازلهم فيسكنوا قربَ المسجد، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكرِه أن تُعْرى المدينةُ، فقال:"يا بني سَلِمَة، ألا تحتسبون آثارَكم إلى المسجد؟ " قالوا: بلى يا رسول اللَّه، فأقاموا.

انفرد بإخراجه البخاري (3).

(491)

الحديث الثامن والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه، قال: أظنّها عائشةَ، فأرسلت إحدى أمّهات المؤمنين مع خادم لها بقَصْعة فيها طعامٌ، قال: فَضَرَبت الأُخرى (4) بيد الخادم، فكسرتِ القصعة بنصفين، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"غارَتْ أمُّكم" قال: وأخذ الكَسْرَين، فضمَّ أحدَهما إلى الآخر، فجعلَ فيه الطّعام، ثم قال:"كُلوا"، فأكلوا، وحبَسَ الرسولَ والقصعةَ حتى فرَغوا، فدفع إلى الرسول قصعةً أُخرى، وترك المكسورةَ مكانَها.

(1) المسند 19/ 75 (12018). وصحّحه الحاكم 1/ 58 على شرطهما، ووافقه الذهبي، من طريق خالد ابن الحارث عن حُميد. قال في المجمع 10/ 386: رواه أحمد والبرار بنحوه، وأبو يعلى، ورجالهم رجال الصحيح.

(2)

المسند 19/ 82 (12025). وهو في البخاري 9/ 439 (5300) عن يحيى بن سعيد عن أنس، ومثله في مسلم 4/ 1950 (2511)، وفيه طرق أُخر.

(3)

المسند 19/ 90 (12033)، والبخاري 3/ 139 (655)، 4/ 99 (1887) من طريق حُميد.

(4)

أي التي كان في بيتها.

ص: 237

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(492)

الحديث التاسع والستون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا يهادَى (2) بين ابنيه، فقال:"ما هذا؟ " قالوا: نذَر أن يمشيَ. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تبارك وتعالى لغنيٌّ أن يُعَذِّبَ هذا نفسَه" فأمره فركب.

أخرجاه (3).

(493)

الحديث السبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سائقٌ يسوق بأمّهات المؤمنين يُقال له أَنْجَشَةُ، فاشتدّ في السِّياقة، فقال له رسول اللَّه:"يا أنجشةُ، رُوَيْدَك سوقُك بالقوارير".

أخرجاه (4).

(494)

الحديث الحادي والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى لا يُقالَ في الأرض: اللَّه اللَّه".

انفرد بإخراجه مسلم (5).

(495)

الحديث الثاني والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجنّة فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلتُ: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لشابٍّ من قُريش. قلت: "لمن؟ " قالوا: لعمر بن الخطّاب. قال: فلولا ما عَلِمْتُ من غَيْرَتكَ لدخلْتُه". فقال عمر: عليك يا رسولَ اللَّه أغار! (6).

(1) المسند 19/ 84 (12027)، ومن طريق حُميد في البخاري 5/ 124 (2481)، 9/ 320 (5225) وينظر كشف المشكل 3/ 287.

(2)

يُهادى: يحمل، ويتكىء عليهما.

(3)

المسند 19/ 95 (12038)، وفي البخاري 4/ 78 (1865)، ومسلم 3/ 1263 (1642) عن حُميد عن ثابت عن أنس.

(4)

المسند 19/ 96 (12041)، وللحديث طرق عن أنس في الصحيحين. ينظر الجمع 2/ 553، 554 (1912).

(5)

المسند 19/ 100 (12043)، وإسناده صحيح. وأخرجه مسلم 1/ 139 (148) من طريق ثابت عن أنس.

(6)

المسند 19/ 102 (12046)، وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي 5/ 578 (3688) من طريق حُميد وقال: حسن صحيح. ومثله في صحيح ابن حبّان 15/ 310 (6887). قال البوصيري في الإتحاف 9/ 220 (8864): وأصله في الصحيحين من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة.

ص: 238

(496)

الحديث الثالث والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أحبَّ لِقاءَ اللَّه أحبَّ اللَّهُ لقاءَه، ومن كَرِهَ لِقاءَ اللَّه كَرِهَ اللَّهُ لقاءَه". قلنا: يا رسول اللَّه، كلُّنا نَكْرَهُ الموتَ. قال:"ليس ذلك كراهيةَ الموت، ولكنّ المؤمن إذا حُضِرَ جاءَه البشيرُ من اللَّه تبارك وتعالى بما هو صائرٌ إليه، فليسى شيءٌ أحبَّ إليه من أن يكونَ قد لَقيَ اللَّه، فأحبَ لقاءَه. وإنّ الفاجرَ والكافرَ إذا حُضِرَ جاءَه بما هو صائِرٌ إليه من الشرِّ، أو ما يلقى من الشّرّ، فكَرِه لقاءَ اللَّه فكَرِه اللَّهُ لِقاءه"(1).

(497)

الحديث الرابع والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عادَ (2) رجلًا من المسلمين قد صار مثل الفَرخ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هل كُنْت تدعو بشيء أو تسألُه إيّاه؟ " قال: نعم، كُنْتُ أقول: اللَّهمَّ ما كُنْتَ مُعاقبي به في الآخرة فعجِّلْه لي في الدنيا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سبحان اللَّه! لا تُطيقه ولا تستطيعه، فهلّا قُلْتَ: اللَّهم آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النّار". قال: فدعا اللَّهَ فشفاه.

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(498)

الحديث الخامس والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

كان الرجلُ يأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيُسلم لشيءٍ يُعطاه من الدُّنيا، فلا يُمسي حتى يكونَ الإسلامُ أحبَّ إليه وأعزَّ عليه من الدُّنيا وما فيها (4).

(499)

الحديث السادس والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

(1) المسند 19/ 103 (12047) وإسناده صحيح: وهو في أبي يعلى 6/ 13 (3235) من طريق حمّاد. قال البوصيري 3/ 189 (2509): رواه أبو يعلى بسند صحيح، وأحمد بن حنبل، وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس عن عبادة بن الصامت. والحديث في البخاري 11/ 357 (6507) عن أبي هريرة، وفي مسلم 4/ 2065، 2066 (2684، 2685) عن عائشة وأبي هريرة.

(2)

عاد: زار.

(3)

المسند 19/ 105 (12049)، ومسلم 4/ 2068 (2688).

(4)

المسند 19/ 106 (12050)، وإسناده صحيح، ورجاله رجال الشيخين. وقد أخرج الحديث الإمام مسلم 4/ 186 (2312) من طريق ثابت عن أنس. وينظر مسند أبي يعلى 6/ 398، 471 (3750، 3880)، ومجمع الزوائد 3/ 107.

ص: 239

أن أبا موسى اسْتَحْمَل (1) النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فوافق منه شُغْلًا، فقال:"واللَّه لا أحْمِلُك" فلما قضى دعاه فَحَمَله، قال: يا رسول اللَّه، إنك حلَفْتَ ألّا تَحْمِلَني. قال:"فأنا أحلفُ لأحْملَنَّك"(2).

(500)

الحديث السابع والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أَسْلمْ"، قال: أجدُنِي كارِهًا. قال: "أسْلِمْ وإن كُنْتَ كارِهًا"(3).

(501)

الحديث الثامن والسبعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أن الرُّبَيِّعَ عمّة أنس (4) كسَرَت ثَنيّةَ جاريةٍ، فطلبوا إلى القوم العفوَ، فأبَوا، فأتَوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"القِصاص". قال أنسَ بن النّضر: يا رسولَ اللَّه، تُكْسَرُ ثنيّةُ فلانةَ! فقال رسول اللَّه:"يا أنسُ، كتابُ اللَّه تبارك وتعالى، القصاص". قال: فقال: لا والذي بعَثَك بالحقّ، لا تُكْسَرُ ثنيّة فلانةَ. فرَضِيَ القوم فعفَوا وتركوا القِصاص، فقال رسول اللَّه:"إنّ من عِبادِ اللَّه من لو أقسمَ على اللَّه لأبرَّه".

أخرجاه (5).

(502)

الحديث التاسع والسبعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر عن حُميد عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى نُخامةً في القبلة، فشقَّ ذلك عليه حتى رُئِي في وجهه، فقام يَحُكّه بيده وقال: "إنّ أحدَكم إذا قامَ في صلاته فإنه يُناجي ربَّه، فإنّ ربّه بينَه وبينَ القبلة، فلا

(1) استحمله: طلب منه أن يحمله على دابّته.

(2)

المسند 19/ 113 (12056) وإسناده صحيح كسابقته. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 446 (3835) من طريق حُميد، ومثله في المختارة 6/ 28 - 30 (1984 - 1988). وفي المجمع 4/ 186: ورجال أحمد رجال الصحيح.

(3)

المسند 19/ 117 (12061)، وإسناده صحيح. وهو في مسند أبي يعلى 6/ 406، 471 (2765، 3879)، والمختارة 6/ 32 - 35 (1989 - 1992) من طريق عن حُميد.

(4)

وهي عمّة أنس بن مالك، وأمّ حارثة بن سراقة، وأخت أنس بن النّضر.

(5)

المسند 19/ 314 (12302). والحديث في مواضع من البخاري عن حميد: 5/ 306 (2703) وفيه الأطراف. ومسلم 2/ 1303 (1675) عن ثابت عن أنس، وفيه: أن أُخت الربيّع. . .

ص: 240

يَبْزُقَنّ أحدُكم قِبَلَ قِبْلَته، ولكن عن يساره أو تحتَ قدميه". ثم أخذ بطرف ردائه فبصق فيه ثم رَدَّ بعضه على بعض فقال:"أو يفعل هكذا".

أخرجاه (1).

(503)

الحديث الثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا البخاريّ قال: قال إبراهيم بن طَهْمان عن عبد العزيز بن صُهيب عن أنس قال:

أتي النّبيّ بمالٍ من البَحرين، فقال:"انثُرُوه في المسجد" وكان أكثرَ مالٍ أُتِي به رسول اللَّه، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفِتْ إليه، فلمّا قضى الصلاةَ جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه، اذ جاءَه العبّاس فقال: يا رسول اللَّه، أعْطِني، فإنّي فادَيْتُ نفسي، وفادَيْتُ عَقيلًا (2). فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"خُذ" فحثا في ثوبه ثم ذهبَ يُقِلُّه فلم يَسْتَطع، فقال: يا رسول اللَّه، مُرْ بَعضَهم يَرْفَعُه إليّ. قال:"لا" قال: فارْفَعْهُ أنت عليّ. قال: "لا"، فنثرَ منه [ثم ذهب يُقِلُّه فقال: يا رسول اللَّه، اؤمُرْ بعضهم برفعه عليّ. قال:"لا" قال: فارفعه أنت عليّ. قال: "لا" فنثر منه]، ثم احتمَله فألقاه على كاهله، ثم انطلقَ. فما زال رسولُ اللَّه يُتْبِعُه بَصَرهُ حتى خَفِيَ علينا، عَجَبًا من حرصه، فما قام رسول اللَّه وثَمَّ منها دِرْهَمٌ.

كذا أخرجه البخاريّ تعليقًا (3).

(504)

الحديث الحادي والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا سِنانٌ أبو ربيعةَ عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلمُ المُتَخَلّفون عن صلاة العشاء وصلاة الغداةِ، ما لهم فيهما، لأتَوهُما ولو حَبْوًا"(4).

(1) البخاري 1/ 507 (405). وأخرجه هو ومسلم 1/ 390 (551) من طرق أخرى. ينظر البخاري 1/ 353 (241)، والجمع 2/ 561 (1918). وأخرجه أحمد 20/ 282، 355 (12959، 13066) من طريق حُميد، كما أخرجه من طرق أُخر. ينظر 19/ 118 (12063).

(2)

يعني يوم بدر.

(3)

البخارى 1/ 516 (421) وذكر ابن حجر أن أبا نعيم وصله في مستخرجه، والحاكم في مستدركه من طريق أحمد بن حفص بن عبد اللَّه النيسابوري عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان. وقد أخرج البخاري بهذا الإسناد إلى إبراهيم بن طهمان عدة أحاديث.

(4)

المسند 20/ 13 (12533). وفي إسناده سنان، وفيه خلاف. قال في المجمع 2/ 42: رواه أحمد، ورجاله موثقون. ومعناه عن أبيه هريرة في البخاري 2/ 96 (615)، ومسلم 1/ 325 (437).

ص: 241

(505)

الحديث الثاني والثمانون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ رسول اللَّه قال: "إنّ سبحانَ اللَّه، والحمدُ للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، تَنْفُضُ الخطايا كما تَنْفُضُ الشجرةُ ورقها"(1).

(506)

الحديث الثالث والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا عبد الملك النميري قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِنْ رجلٍ مسلم يموتُ له ثلاثةٌ من ولده لم يَبْلُغوا الحِنْثَ إلا أدخلَ اللَّه عز وجل أبوَيهم الجنّة بفضل رحمته إيّاهم".

انفرد بإخراجه البخاريّ (2).

(507)

الحديث الرابع والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُريج قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن قتادة عن أنس قال:

غلا السِّعر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول اللَّه، لو سَعّرْتَ، فقال:"إنّ اللَّه هو الخالقُ القابضُ الباسط الرّزّاق المُسَعِّر، وإنّي لأرجو أن ألقى اللَّه عز وجل ولا يطلُبني أحدٌ بمَظلمةٍ ظَلَمْتُها إيّاه في دمٍ ولا مال"(3).

(508)

الحديث الخامس والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُريج بن النّعمان قال: حدّثنا أبو عبيدة عبد المؤمن بن عُبيد اللَّه السّدوسي قال: حدّثني أخشن السَّدوسيّ قال: دخلْتُ على أنس بن مالك، قال:

سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده، لو أخطأتُم حتى تَملأَ خطاياكم ما بين السّماء والأرض ثم استغْفَرْتُم اللَّهَ لَغَفَرَ لكم. والذي نفس محمّد بيده، لو لم تُخطِئوا

(1) المسند 20/ 13 (12534). وفيه سنان كما سبق. ومن طريق عبد الوارث عن سنان أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد 1/ 329 (634) وحسّنه الشيخ ناصر. وذكر محقق المسند بعض طرقه وقال: الحديث محتمل للتحسين.

(2)

المسند 20/ 14 (12535)، والبخاري 3/ 118 (1248) من طريق عبد العزيز بن صهيب - متابع النميري. .

(3)

المسند 20/ 46 (12591)، وهو في 21/ 444 (14057) من طريق عفّان عن حمّاد عن قتادة وثابت وحُميد عن أنس به. والإسناد صحيح على شرط مسلم؛ فحمّاد من رجاله. وأخرجه الترمذي من طريق حمّاد وقال: حديث حسن صحيح 605/ 3 (1314)، ومثله في أبي داود 3/ 272 (3451)، وابن ماجة 2/ 741 (2200) وصحّحه الألباني فيها، وابن حبّان 11/ 307 (4935)، وينظر مسند أبي يعلى 5/ 245 (2861).

ص: 242

لجاء اللَّه عز وجل بقومٍ يُخطئون ثم يستغفرون اللَّه فيَغْفِرُ لهم" (1).

(509)

الحديث السادس والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس:

أنّ رجلًا قال: يا رسول اللَّه، إنّ لفلانٍ نخلةً، وأنا أُقيمُ حائطي بها، فأْمُرْه أنْ يُعطيَني حتى أُقيمَ حائِطي بها. فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"أعْطِها إيّاه بنخلة في الجنّة". فأبى، فأتاه أبو الدّحداح فقال: بعْنِي نخلتَك بحائِطي، ففعل، فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنّي قد ابتعتُ النّخلةَ بحائطي، فاجعلْها له، فقد أعطيتُكها. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"كم من عِذقٍ رَداح (2) لأبي الدّحداح في الجنّة". قالها مِرارًا. قال: فأتى امرأتَه فقال: يا أمَّ الدحداح، اخْرُجي من الحائط، فإنّي قد بعْتُه بنخلةٍ في الجنّة. فقالت: رَبحَ البيعُ، أو كلمةً تُشْبِهها (3).

(510)

الحديث السابع والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عليّ ابن إسحق قال: حدّثنا عبد اللَّه قال: أخبرنا عُبيد اللَّه بن مَوْهَب عن مالك بن خالد بن محمّد بن حارثة الأنصاريّ (4): أن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من رجلٍ يَنْعَشُ لسانُه حقًّا (5) يُعْمَلُ به بعده إلا جرى عليه

(1) المسند 21/ 146 (13493)، ومسند أبي يعلى 7/ 226 (4226)، وقال الهيثمي في المجمع 10/ 218: أخرجه أحمد وأبو يعلى، ورجاله ثقات. وقال البوصيري في الإتحاف 10/ 32 (9556): رواه أبو يعلى الموصلي وأحمد بسند فيه عبد المؤمن بن عُبيد اللَّه السّدوسي، ولم أر من ذكره بعدالة ولا جرح، وباقي رواته ثقات. قال: ورواه الترمذي من غير هذا الوجه وبغير هذا اللفظ، وأصله في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة. وينظر تخريج محققي مسند أحمد وأبي يعلى.

(2)

العِذق: الغُصن من النخلة. والرَّداح: الكثير الثقيل.

(3)

المسند 19/ 464 (12482)، وصحّحه الحاكم في المستدرك 2/ 20 على شرط مسلم (من أجل حمّاد) ووافقه الذهبي. وصحّحه ابن حبّان كذلك 16/ 113 (7159)، وقال الهيثمي 9/ 326: أخرجه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح. وفي صحيح مسلم 2/ 665 (965) من حديث جابر بن سمرة:"كم من عذق معلّق (مدلّى) في الجنّة لابن الدّحداح" أو "لأبي الدّحداح".

(4)

كذا في الأصول. وفي المسند والإتحاف والأطراف والتعجيل 390: مالك بن محمّد. وفي المجمع: مالك ابن مالك بن محمّد. وفي الجرح والتعديل 8/ 216: مالك بن أبي الرجال، واسم أبي الرجال محمّد بن عبد الرحمن الأنصاري، روى عنه أنس مرسلًا، وروى عنه عبيد اللَّه بن موهب.

(5)

نعش الشيء: رفعه. والمعنى: يقول حقًا.

ص: 243

أجرُه إلى يوم القيامة، ثم وفّاه اللَّه ثوابَه يومَ القيامة" (1).

(511)

الحديث الثامن والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن الحارث قال: حدّثني سَلَمَة بن وَردان أن أنس بن مالك حدّثه:

أنّ رسول اللَّه سألَ رجلًا من صحابته فقال: "أيْ فلانُ، هل تزوَّجْتَ؟ " قال: لا، وليس عندي ما أتزوَّجُ به. قال:"أوليسَ معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؟ " قال: بلى. قال: "ربعُ القرآن" قال: "أليس معك {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}؟ " قال: بلى. قال: "ربعُ القرآن". قال: "أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ}؟ " قال: بلى. قال: "ربعُ القرآن". قال: "أليس معك {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}؟ " قال: بلى. قال: "ربعُ القرآن" أليس معك آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ؟ " قال: بلى. قال: "ربع القرآن". قال: "تَزَوَّجْ، تَزَوَّجْ، تَزَوَّجْ" ثلاث مرّات (2).

(512)

الحديث التاسع والثمانون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عليّ ابن إسحق قال: حدّثنا عبد اللَّه بن مبارك قال: حدّثنا حُميد الطويل عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرْتُ أن أقاتِلَ النّاسَ حتى يَشهدوا أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّدًا رسولُ اللَّه، فإذا شَهِدوا أن لا إله إلّا اللَّه، وأن محمّدًا رسولُ اللَّه، واستقبلوا قِبْلَتَنا، وأكلوا ذبيحَتَنا، وصلَّوا صلاتَنا، فقد حَرُمَتْ علينا دِماؤُهم وأموالُهم إلا بحقِّها، لهم ما للمُسلمين، وعليهم ما عليهم".

انفرد بإخراجه البخاري (3):

(513)

الحديث التسعون بعد الثلاثمائة (4): حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُليمان ابن داود الهاشمي قال: حدّثنا إسماعيل قال: أخبرني حُميد عن أنس قال:

(1) المسند 21/ 314 (13803). قال المحقّق: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن؛ لأجل ابن موهب ومالك. ورواه المنذري في الترغيب 1/ 160 (192) وقال: رواه أحمد بإسناد فيه نظر. وقال في المجمع 1/ 172: رواه أحمد، وفيه عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب، قال أحمد: لا يعرف، قلت: وشيخ ابن موهب مالك بن مالك بن حارثة الأنصاري لم أر من ترجمه.

(2)

المسند 21/ 32 (13309). وضعّف المحقّق إسناده لضعف سلمة. وينظر تخريجه وشواهده.

(3)

المسند 20/ 349 (13056). وهو في البخاري 1/ 497 (392) من طريق عبد اللَّه. وعليُّ بن إسحق ثقة.

(4)

سقط هذا الحديث من هـ.

ص: 244

آخرُ صلاة صلّاها النّبيّ صلى الله عليه وسلم مع القوم، صلَّى في ثوب واحد متوشّحًا به خلف أبي بكر (1).

(514)

الحديث الحادي والتسعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس قال:

إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قَدِمَ من سفرٍ فنظر إلى جُدْرَان المدينة أوْضَعَ راحلتَه، وإنْ كان على دابّةٍ حرَّكَها، من حُبِّها.

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(515)

الحديث الثاني والتسعون بعد الثلاثمائة: وبه عن أنس:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذ هبَّتِ الريحُ عُرِفَ ذلك في وجهه (3).

(516)

الحديث الثالث والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس قال:

كان رسول اللَّه إذا أراد الحاجةَ لم يرفعْ ثوبَه حتى يدنوَ من الأرض.

هذا مُرْسَل؛ فإنّ الأعمش لم يسمعْ من أنس (4).

(517)

الحديث الرابع والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوْح قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس بن مالك:

أنّ فتًى من الأنصار قال: يا رسول اللَّه، إنّي أُريد الجهاد، وليس لي مالٌ أتَجَهّزُ به.

(1) المسند 20/ 69 (12617)، ورجاله رجال الشيخين، غير سُليمان، وهو ثقة، روى له أصحاب السنن. وروى الترمذي 2/ 197 (363) الحديث بمعناه عن حُميد عن ثابت عن أنس. وقال: حديث حسن صحيح. وقال: وقد رواه غير واحد عن خميد عن أنس ولم يذكر فيه: "عن ثابت"، ومن ذكر فيه "عن ثابت" فهو أصحّ. وصحّح ابن حبّان الحديث بلفظه 5/ 496 (2125) من طريق حُميد عن ثابت عن أنس. وهو من طريق إسماعيل -بن جعفر- عن حُميد عن أنس أخرجه النسائي 2/ 79، وصحّحه الشيخ ناصر. وينظر المختارة 6/ 18 - 20 (1965 - 1972).

(2)

المسند 20/ 71 (12619)، وهو في البخاري 4/ 98 (1886) من طريق إسماعيل بن جعفر. وسُليمان ثقة كما تقدّم.

(3)

المسند 20/ 72 (12620). وأخرجه البخاري 2/ 520 (1034) من طريق حميد، ولم ينبّه على ذلك المؤلّف. فهو حديث صحيح إسنادًا ومتنًا.

(4)

الترمذي 1/ 21 (14). وهذا حكم الترمذي على الحديث. وقال أبو داود 1/ 4 (14): رواه عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس بن مالك، وهو ضعيف. ينظر الصحيحة 3/ 60 (107).

ص: 245

قال: "اذْهَبْ إلى فلانٍ الأنصاريِّ، فإنّه قد كان تجهّزَ ومَرِضَ، فقُلْ له: إنّ رسول اللَّه يُقرئُك السلامَ ويقول: ادفعْ إليّ ما تجهَّزْت به". فقال له ذلك، فقال: يا فلانةُ، ادفعي إليه ما جَهَّزْتِني به ولا تحبسي عنه شيئًا، فإنّك -واللَّه- إن حَبَسْت عنه شيئًا لا يُباركْ لكِ فيه.

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(518)

الحديث الخامس والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: حدّثني شُعبة عن أبي عمران الجَونيّ عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يُقال للرّجل من أهل النّار يومَ القيامة: أرأيتَ لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكُنْتَ مفتديًا به؟ قال: فيقول: نعم. فيقول: قد أردْتُ منك أهونَ من ذلك، قد أخذْتُ عليك في ظَهر أدمَ ألّا تُشرِكَ بي شيئًا فأبيْتَ إلّا أن تُشْرِكَ".

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا حمّاد بن ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بالرجلِ من أهل الجنّة فيقول له: يا ابنَ آدمَ، كيف وجدْتَ منزلَك؟ فيقول: أيْ ربّ، خيرَ مَنْزلٍ. فيقولُ: سَلْ وتَمَنَّ. فيقول: ما أسألُ وأتمنّى إلّا أن تَرُدَّني إلى الدُّنيا فأُقْتَلَ في سبيلك عشر مرار، لما يرى من فضل الشّهادة. ويُؤتى بالرّجل من أهل النّار فيقولُ له: يا ابنَ آدم، كيف وجدْتَ منزلَك؟ فيقول: أيْ ربِّ، شرَّ مَنْزِلٍ. فيقول له: أتفتدي منه بطِلاع الأرض ذهبًا؟ فيقول: أيْ ربّ، نعم. فيقول: كذبْتَ، قد سألتُك أقل من ذلك وأيسرَ فلم تَفعل، فيُرَدّ إلى النّار"(3).

(1) المسند 20/ 401 (13160). وهو في مسلم 3/ 1506 (1894) من طريق حماد. وفيه أن الفتى من "أسلم".

(2)

المسند 19/ 302 (12289)، وعن شعبة في البخاري 6/ 363 (3334)، ومسلم 4/ 2160 (2805).

(3)

المسند 20/ 402 (13162)، وإسناده صحيح على شرط مسلم كما قال الحاكم 2/ 75، ووافقه الذهبي. وفي صحيح ابن حبّان 16/ 347 (7350) من طريق حمّاد:"يؤتى برجلٍ من أهل النّار. . ." والحديث في المختارة 7/ 151 (2580).

ص: 246

(519)

الحديث السادس والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل مظفّر بن مدرك قال: حدّثنا سعيد بن زيد قال: حدّثنا الزُّبير بن خِرِّيت قال: حدّثنا أبو لبيد لِمازه بن زبّار قال:

أُرسلتِ الخيلُ زمن الحجّاج، فقُلْنا: لو أتيْنا الرِّهان، فأتيْناه، ثم قلنا: لو مِلْنا إلى أنس ابن مالك فسألْناه: هل كنتم تُراهنون على عهد رسول اللَّه؟ فأتيْناه فسألْناه، فقال: نعم، لقد راهنَ على فرسٍ يقال له سَبْحَة، فسبق النّاسَ، فبَهَش لذلك وأعجَبَه (1).

أي هَشَّ وفَرِح.

(520)

الحديث السابع والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن بُدَيل العُقَيليّ عن أبيه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ للَّه تعالى أهلِينَ من النّاس" فقيل: من أهلُ اللَّه منهم؟ فقال: "أهلُ القرآنِ، وهم أهلُ اللَّه وخاصَّتُه"(2).

(521)

الحديث الثامن والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نُمير قال: حدّثنا إسماعيل عن نُفيع قال: سمعت أنس بن مالك يقول:

قيل: يا رسولَ اللَّه، كيف يُحْشَرُ النّاسُ على وجوههم؟ قال:"الذي أمشاهم على أرجلهم قادرٌ على أن يُمْشِيَهم على وجوههم".

أخرجاه (3).

(522)

الحديث التاسع والتسعون بعد الثلاثمائة: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا ابن بشّار قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْتُ قتادة يُحَدِّث عن أنس عن أمّ سليم:

(1) المسند 20/ 75 (12627)، وحسّن المحقّق إسناده. وينظر تخريجه وتعليقه.

(2)

المسند 19/ 296 (12279). وهو في ابن ماجة 1/ 78 (215) من طريق عبد الرحمن بن بُديل، ونقل المحقّق عن الزوائد: إسناده صحيح. وصحّحه الألباني. وأخرجه الحاكم من طريق ابن بديل 1/ 139 وقال: هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس، هذا أمثلها. وقال الذهبيّ: هذا أجودها.

(3)

المسند 20/ 131 (12708). وسمّاه إسماعيل بن عمر، وكذا في جامع المسانيد 23/ 469 (3272)، وأشكل إسماعيل هذا على محقّق المسند. ونُفيع، أبو داود الأعمى، ضعيف متروك. والحديث في البخاري 8/ 492 (4760)، ومسلم 4/ 2161 (2806) من طريق شيبان عن قتادة. وهذه الطريق في المسند 21/ 89 (13392).

ص: 247

أنّها قالت: يا رسولَ اللَّه، خادِمُك أنسُ، ادْعُ اللَّه عز وجل له. فقال:"اللهمّ أكْثِر مالَه وولدَه، وبارِكْ له فيما أعْطَيْتَه".

أخرجاه (1).

(523)

الحديث الأربعمائة: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا أبو بكر بن نافع قال: حدّثنا بَهْزْ قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

أتى عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا ألعبُ مع الغلمان، قال: فسلّم علينا، فبعثَني في حاجة، فأبطأتُ على أُمّي، فلمّا جِئتُ قالت: ما حَبَسَكَ؟ قُلت: بَعَثَني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لحاجة. قالت: ما حاجتُه؟ قلت: إنّها سرٌّ. قالت: لا تُخْبِرَّ بسرِّ رسول اللَّه أحدًا.

قال أنس: ولو حَدَّثْتُ به أحدًا لحدَّثْتُك يا ثابتُ.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن حُميد عن أنس قال:

دخلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أُمِّ سُليم، فأتَتْه بتَمْرٍ وسمن، وكان صائمًا، فقال:"أعِيدوا تَمْرَكم في وِعائه، وسَمْنَكم في سِقائه" ثم قام إلى ناحية البيت فصلَّى ركعتين وصلَّيْنا معه، ثم دعا لأُمّ سُليم وأهلِها بخير، فقلت أمّ سُليم: يا رسول اللَّه، إنّ لي خُوَيصّة. قال:"وما هي؟ " قالت: خادمك أنس. فما ترك خيرَ آخرةٍ ولا دُنيا إلّا دعا لي به، وقال:"اللهم ارْزُقْه مالًا وولدًا، وبارِك له فيه".

قال: فما من الأنصار إنسانٌ أكثرَ مالًا مني. وذكر أنّه لا يملك ذهبًا ولا فضّة غيرَ خاتمه. وذكر أنّ ابنته الكبرى أمينة أخبرَته أنّه دُفِنَ من صُلبه إلى مَقْدَم الحجّاج نيِّفٌ على عشرين ومائة.

(1) مسلم 4/ 1928 (2480)، والبخاري 11/ 136، 182 (6334، 6378). وهو من طرق في المسند. ينظر 20/ 315 (13013).

(2)

مسلم 4/ 1929 (2482)، ولم يخرجه البخاري. ولكن أخرجه في الأدب المفرد 2/ 638 (1139) من طريق حُميد عن أنس. وهو من طريق ثابت في المسند 20/ 182 (12784)، وينظر 19/ 116 (12060).

ص: 248

أخرجه البخاري مختصرًا (1).

(524)

الحديث الحادي بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مُؤَمَّل قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أن غلامًا يهوديًا كان يضع للنبيّ صلى الله عليه وسلم وَضوءه ويناوله نَعْلَيه، فَمَرِض، فأتاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه وأبوه قاعدٌ عندَ رأسه، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"يا فلان، قُلْ لا إله إلّا اللَّه" فنظرَ إلى أبيه، فسكت أبوه، فأعاد عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطعْ أبا القاسم. فقال الغلام: أشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه وأشهد أنّك رسول اللَّه. فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمدُ للَّه الذي أخرجَه من النّار".

انفرد بإخراجه البخاري (2).

(525)

الحديث الثاني بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا سعيد قال: حدّثنا قتادة أن أنس بن مالك حدَّثهم:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا، فتَبِعه أبو بكر وعُمر وعثمان، فرَجَف بهم، فقال:"اسْكُن، نبيٌّ وصِدّيقٌ وشهيدان".

انفرد بإخراجه البخاريّ (3).

(526)

الحديث الثالث بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن حُميد قال:

سُئِل أنسٌ عن كَسْب الحَجّام. فقال: احتجمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حجَمَه أبو طَيبة، فأمر له بصاعَين من شعير، وكلَّم مواليَه أن يُخَفِّفوا من ضريبته. وقال:"أمثلُ ما تداوَيْتُم به الحِجامةُ والقُسْط البحري".

(1) المسند 19/ 109 (12053) وإسناده صحيح، ورجاله رجال الشيخين. والبخاري 4/ 228 (1982) من طريق حميد.

(2)

المسند 20/ 186 (12792). والبخاريّ 3/ 219 (1356) قال: حدّثنا سُليمان بن حرب، حدّثنا حمّاد - وهو ابن زيد عن ثابت. . وحمّاد في حديث المسند هو ابن سلمة. ثم رواه (12793) مثله عن حمّاد بن زيد.

(3)

المسند 19/ 158 (12106)، والبخاري 7/ 22، 53 (3675، 3699)، وفي رواية البخاري "فإنما عليك نبيٌّ. . "، "فليس عليك إلّا نبيّ. . .".

ص: 249

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حُميد عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُ ما تداويْتُم به الحِجامة والقُسْط البحريّ، ولا تُعذِّبوا صبيانَكم بالغَمز"(2).

والمراد غمز لهاة الصبيّ.

(527)

الحديث الرابع بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا سلَّام يعني ابن مسكين عن أبي ظِلال عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ عبدًا في جهنّم ليُنادي ألفَ سنة: يا حنّان يا منّان، فيقول اللَّه عز وجل لجبريل عليه السلام: اذهبْ ائْتِني بعبدي هذا. فينطلقُ جبريلُ، فيجدُ أهلَ النار مُكِبّين يبكون، فيرجع إلى ربّه فيُخبره، فيقول: ائتني به، فإنّه في مكان كذا وكذا، فيجيء به، فيُوقِفُه على ربّه عز وجل، فيقول له: يا عبدي، كيف وجدْتَ مكانك ومَقيلك؟ فيقول: يا ربّ، شرّ مكان، وشرّ مَقيل. فيقول: رُدّوا عبدي. فيقول: يا ربّ، ما كُنْتُ أرجو إذْ أخرجْتَني منها أن تَرُدَّني فيها، فيقول: دَعوا عبدي"(3).

(528)

الحديث الخامس بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن أنس:

(1) المسند 20/ 241 (12883)، والبخاري 11/ 150 (5696)، وينظر 4/ 324 (2102)، ومسلم 3/ 1204 (1577).

والقُسط: نوع من البخور.

(2)

المسند 19/ 102 (12045)، وإسناده صحيح. وينظر البخاري ومسلم - الحديث السابق.

(3)

المسند 21/ 99 (13411)، ومسند أبي يعلى 7/ 214 (4210). وأبو ظلال، هلال بن أبي هلال، ضعيف. تهذيب الكمال 7/ 436. ولذا قال الهيثمي في المجمع 10/ 387: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح، غير أبي ظلال، ضعّفه الجمهور ووثّقه ابن حبّان. وقال البوصيري في الإتحاف 10/ 119 (10144): رواه أبو يعلى وأحمد، ومدار إسناديهما على أبي ظلال، واسمه هلال. وقد صنّفه المؤلّف ابن الجوزي في كتابه "الموضوعات" 3/ 267، وقال: هذا حديث ليس بصحيح. ونقل تضعيف ابن معين وابن حبّان لأبي ظلال.

ص: 250

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يخرجُ رجلان من النّار، فيُعرَضان على اللَّه عز وجل، ثم يُؤمَرُ بهما إلى النّار، فيلتفت أحدُهما فيقول: أيْ ربّ، قد كُنْتُ أرجو إذ أخرجْتَني منها ألّا تُعيدَني فيها، فيُنجيه اللَّه عز وجل".

انفرد بإخراجه مسلم.

وفي رواية: "يخرجُ أربعة، فيلتفتُ أحدُهم. . ."(1).

(529)

الحديث السادس بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا هشام عن قتادة عن أنس بن مالك:

أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى، ولا طيرةَ، ويُعْجِبُني الفأل" قالوا: يا رسول اللَّه، وما الفأل؟ قال:"الكلمة الحَسَنة".

أخرجاه (2).

(530)

الحديث السابع بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا سُكَين قال: ذكر ذلك أبي عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لم يلقَ ابنُ آدمَ قطّ منذ خلقَه اللَّه أشدَّ عليه من الموت". قال: ثم قال: "إنّ الموتَ لأهونُ ممّا بعدَه"(3).

(531)

الحديث الثامن بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حَسَن قال: حدّثنا أبو هلال قال: حدّثنا قتادة عن أنس قال:

كانت شجرةٌ في طريق النّاس تؤذي النّاسَ، فأتاها رجلٌ فعزلَها عن طريق النّاس، فقال

(1) المسند 21/ 435 (14041)، عن ثابت وأبي عمران الجوني، كلاهما عن أنس. وفي رواية أبي عمران "يخرج أربعة" وفي رواية ثابت:"يخرج اثنان". والحديث في مسلم 1/ 180 (192) عن حماد عن ثابت وأبي عمران، برواية "أربعة". وينظر المسند 21/ 36 (13313). .

(2)

المسند 20/ 31 (12564). وهو في البخاري 10/ 214 (5756) من طريق هشام. وفي مسلم 4/ 1746 (2224) همّام بن يحيى وشُعبة، كلاهما عن قتادة. وعبد الوهاب بن عطاء الخفّاف من رجال مسلم.

(3)

المسند 20/ 32 (12566) وضعّف المحقّق إسناده، فسُكين، ووالده عبد العزيز بن قيس العبدي العطّار، مختلف فيهما. ينظر التهذيب 3/ 231، 4/ 527. وقد أخرجه الطبراني في الأوسط 2/ 580 (1997) من طريق سُكين (في المطبوع: مسكين) بأطول من هذا. وجوّد إسناده المنذري في الترغيب 4/ 292 (5258)، والهيثمي في المجمع 10/ 337.

ص: 251

نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فلقد رأيْتُه يتقلَّبُ في ظِلِّها في الجنّة"(1).

(532)

الحديث التاسع بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة عن هشام بن زيد عن أنس قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

جاءت امرأةٌ من الأنصار إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معها ابنٌ لها، فقال:"والذي نفسي بيده، إنّكم لأحبُّ النّاسِ إليّ" ثلاث مرّات.

أخرجاه (2).

(533)

الحديث العاشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن جبر قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "آيةُ الإيمانِ حُبُّ الأنصار، وآيةُ النِّفاق بُغْضُهم".

أخرجاه (3).

(534)

الحديث الحادي عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: عبد الصمد قال: حدّثنا محمّد بن ثابت قال: حدّثني أبي أنّ أنسًا حدّثه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استقبلَه نساء وصبيان وخدم جاءين من عرس، من الأنصار، فسلّم عليهم وقال:"واللَّه، إني لأُحِبُّكم"(4).

وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: "أقرىءْ قوَمك السلام، فإنّهم -ما علمتُ- أعِفّةٌ صُبُرٌ"(5).

(1) المسند 20/ 34 (12571). وأبو هلال، محمّد بن سُليم، روى له أصحاب السنن، والبخاري استشهادًا. ينظر التهذيب 6/ 328. وباقي رجاله ثقات. قال الهيثمي في المجمع 3/ 138: وفيه أبو هلال، وهو ثقة، وفيه كلام. وللحديث شواهد صحيحة.

(2)

المسند 19/ 316 (12305)، والبخاري 7/ 114 (3786)، ومسلم 4/ 1948 (2508) عن شعبة.

(3)

المسند 19/ 325 (12316)، وعن شعبة في البخاري 1/ 62 (17)، ومسلم 1/ 85 (74).

(4)

المسند 19/ 498 (12522). قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمّد بن ثابت، ولكنه قد توبع. . . .

(5)

المسند 19/ 497 (12521) بالسند السابق. وأخرجه الحاكم 4/ 79 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهو في الترمذي 5/ 670 (3903) وقال: حسن غريب. وجعله الشيخ ناصر في ضعيف الترمذي.

ص: 252

أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد العزيز عن أنس: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى صبيانًا ونساء مقبلين من عُرس، فقال:"اللهمّ إنّهم من أحبّ النّاس إليّ" ثلاث مرّات.

يعني الأنصار (1).

(535)

الحديث الثاني عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرّزّاق قال: حدّثنا مَعْمَر عن ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ الأنصار عَيبتي التي أويتُ إليها، فاقْبَلوا من مُحسنهم واعفوا عن مسيئهم، فإنّهم قد أدَّوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم".

أخرجاه (2).

(536)

الحديث الثالث عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حَرب بن ميمون عن النّضر بن أنس عن أنس:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "اللهمّ اغْفِر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأزواج الأنصار، ولذراريّ الأنصار. الأنصار كَرْشى وعَيْبَتي. ولو أن النّاس أخذوا شِعبًا وأَخَذَتِ الأنصارُ شِعْبًا لأخذتُ شِعب الأنصار. ولولا الهجرةُ لكُنْتُ امرأً من الأنصار"(3).

قوله: كرشي: أي جماعتي الذي أعتمد عليهم، وأثِقُ بهم.

(537)

الحديث الرابع عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا شدّاد أبو طلحة قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن أبي بكر عن أبيه عن جدّه قال:

أتَتِ الأنصارُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم بجماعتهم فقالوا: إلى متى ننزعُ من هذه الآبار؟ فلو أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدعا اللَّهَ لنا ففجَّرَ من هذه الجبال عُيُونًا. فجاءوا بجماعتهم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا رآهم قال:"مرحبًا وأهلًا، لقد جاء بكم إلينا حاجةٌ". قالوا: إي واللَّه يا رسول اللَّه. قال:

(1) البخاري 7/ 113 (3785)، ومسلم 4/ 1948 (2508). والمسند 20/ 190 (12797).

(2)

المسند 20/ 92 (12650) ورجاله رجال الشيخين. وفي البخاري 7/ 120 (3799) عن هشام بن زيد عن أنس، وفي مسلم 4/ 1949 (1510) عن قتادة عن أنس، باختلاف عن المسند.

والعيبة: وعاء يحفظ فيه الإنسان متاعه.

(3)

المسند 20/ 48 (12594). ويونس والنضر من رجال الشيخين، وحرب من رجال مسلم. وللحديث في مسلم 4/ 1948 (2506، 2507) طرق بمعناه عن أنس.

ص: 253

"فإنّكم لن تسألوني اليوم شيئًا إلّا أُوتيتُموه، ولا أسألُ اللَّهَ شيئًا إلا أعطانيه" فأقبل بعضهم إلى بعض فقالوا: الدُّنيا تُريدون؟ اطلبوا الآخرة. فقالوا بجماعتهم: يا رسول اللَّه، ادعُ اللَّه أن يغفِرَ لنا. قال:"اللَّه اغْفِرْ للأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار". قالوا: يا رسول اللَّه، وأولادنا من غيرنا. قال:"وأولاد الأنصار" قالوا: يا رسول اللَّه، وموالِينا. قال:"وموالي الأنصار"(1).

قال: وحدَّثَتْني أمّي عن أمّ الحكم بنت النُّعمان بن صُهبان أنّها سمعت أنسًا يقول عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل هذا، غير أنّه زاد فيه:"وكنائن الأنصار"(2).

(538)

الحديث الخامس عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النّضر قال: حدّثنا المبارك قال: حدّثني حُميد الطويل عن أنس بن مالك قال:

لما تُوُفِّي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان رجل يَلْحَدُ وآخر يضْرَح، فقالوا: نستخيرُ ربَّنا ونبعث إليهما، فأيُّهما سبق تَرَكناه. فأُرسل إليهما، فسبق صاحبُ اللّحد، فلحدوا له (3).

(539)

الحديث السادس عشر بعد الأربعمائة: وبه عن المُبارك عن الحسن عن أنس قال:

دخلْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مضطجعٌ على سريرٍ مُرْمَل (4) بشريط، تحت رأسه وسادة من أَدَم حشوُها ليف، فدخلَ عليه نفرٌ من أصحابه، ودَخلَ عُمر، فانحرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم يَرَ عمرُ بين جنبه وبين الشّريط ثوبًا، وقد أثّر الشريط بجنب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبكى عمر، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ما يُبْكيك يا عمر؟ " فقال: واللَّه ما أبكي إلّا أن أكونَ أعلمُ أنّك أكرمُ على اللَّه تعالى من كِسرى وقيصر، وهما يَعيثان في الدُّنيا فيما يَعيثان فيه،

(1) المسند 20/ 464 (13268). وحكم المحقّق على إسناده بالقوة. وينظر 19/ 406 (12414).

(2)

المسند 20/ 465 (13268 م) قال المحقّق: إسناده ضعيف، أمّ الحكم والراوية عنها لا يعرف حالهما.

(3)

المسند 19/ 408 (12415). وهو في ابن ماجة 1/ 496 (1557) عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن المبارك عن فُضالة به. قال في الزوائد: في إسناده مبارك بن فضالة، وثّقه الجمهور، وصرّح بالتحديث فزال تُهمة تدليسه، وباقي رجال الإسناد ثقات، فالإسناد صحيح. وقال الشيخ ناصر: حسن صحيح. وقال محقّقو المسند: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل المبارك.

(4)

مرمل: منسوج.

ص: 254

وأنت رسول اللَّه بالمكان الذي أرى. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكونَ لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ " قال عمر: بلى. قال: "فإنّه كذلك"(1).

(540)

الحديث السابع عشر بعد الأربعمائة: وبه عن المُبَارك عن ثابت البُنانيّ عن أنس قال:

جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "إنّي أُحِبُّ هذه السّورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقال رسول اللَّه: "حُبُّك إيّاها أدخلَك الجنّة".

انفرد بإخراجه البخاري فأخرجه تعليقًّا (2).

(541)

الحديث الثامن عشر بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

لما وَجَد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من كَرْب الموت ما وجد قالت فاطمة: واكَرْباه. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بُنَيّة، إنّه قد حضر من أبيك ما ليس اللَّهُ بتاركٍ منه أحدًا لموافاةِ يوم القيامة"(3).

(542)

الحديث التاسع عشر بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا إسحق عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثَ (4) حرامًا خالَه، أخو (5) أمِّ سُليم، في سبعين رجلًا، فقُتِلوا

(1) المسند 19/ 409 (12417). وهو في الأدب المفرد 2/ 657 (1163) عن طريق لمبارك، وحسّنه المحقّق. وصحّحه ابن حبّان 14/ 276 (6362) من طريق المبارك. وقال الهيثمي في المجمع 10/ 329: ورجال أحمد رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة، وقد وثّقه جماعة وضعّفه جماعة. وينظر تعليقات محقّقي المسند وصحيح ابن حبّان.

(2)

المسند 19/ 421 (12432). وأخرجه البخاري 2/ 255 (774): وقال عبيد اللَّه بن عمر عن ثابت عن أنس. . . وهو أطولُ من هذا. ووصله الترمذي 5/ 156 (2901) من طريق البخاري، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدّثنا عبد العزيز بن محمّد عن عبيد اللَّه. . . وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه. ثم قال: وروى مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس: أن رجلًا قال. . . وصحّحه الشيخ ناصر. وصحّحه ابن حبّان من طريق فضالة 3/ 72 (792).

(3)

المسند 19/ 423 (14434). وصحّحه ابن حبّان باختصار 14/ 582 (6613) من طريق فضالة. ومن طريقه في مسند أبي يعلى 5/ 156 (2769). وهو في سنن ابن ماجة 1/ 521 (1629) من طريق ثابت. وصحّح الألباني حديث المسند في الأحاديث الصحيحة 4/ 318 (1738).

(4)

في المسند "لما بعث".

(5)

كذا في المخطوطات، وأصول المسند. ولكن المحقّق أثبت "أخا" من المطبوعة القديمة وهي أوجه، ولكن "أخو" تحمل على أنّها خبر لـ "وهو".

ص: 255

يوم بئر مَعونة (1). وكان رئيسَ المشركين يومئذ عامرُ بن الطفيل، وكان هو أتى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: اخْتَرْ منيّ ثلاث خصال: يكونُ لك أهلُ السَّهل ويكون لي أهلُ الوَبَر، أو أكونُ خليفةً من بعدك، أو أغزوك بغَطَفانَ ألفِ أشقرَ وألفِ شقراء. قال: فطُعِن (2) في بيت امرأةٍ من بني فلان (3)، فقال: غُدّةٌ كغُدّة البعير في بيت امرأة من بني فلان، ائتوني بفرسي. فأُتِي به فرَكِبَه، فمات وهو على ظهره.

فانطلق حرامٌ ورجلان معه: رجل من بني أميّة (4) ورجلٌ أعرجُ، فقال لهما: كونا قريبًا منّي حتى آتيَهم، فإن أمّنوني وإلا كنتُم قريبًا منّي، فإن قتلوني أعلمْتُم أصحابَكم. فأتاهم حرامٌ فقال: أتؤمِّنوني أبَلِّغْكم رسالةَ رسول اللَّه إليكم؟ قالوا: نعم. فجعلَ يُحَدّثُهم، وأومأوا إلى رجلٍ من خلفه فطعنَه حتى أنْفَذَه بالرُّمح. كال: اللَّه أكبر، فُزْتُ وربِّ الكعبة، ثم قتلوهم غيرَ الأعرج كان في رأس جبل. قال أنس: فأُنْزِل علينا، وكان ممّا يُقرأ فنُسخ:(أنْ بَلِّغوا قومَنا أنا لَقِينا ربَّنا فرَضي عنّا وأرضانا). قال: فدعا النّبيُّ صلى الله عليه وسلم عليهم أربعين صباحًا، على رِعْلٍ وذَكوانَ وبني لِحيانَ وعُصَيّة، الذين عصَوا اللَّهَ ورسوله.

أخرجاه (5).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن أبي عديّ عن سعيد عن قتادة عن أنس:

أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أتاه رِعْلٌ وذكوانُ وعُصيّةُ وبنو لِحيانَ، فزعموا أنّهم قد أسلموا، واستمدّوه على قومهم، فأمدّهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومئذ بسبعين من الأنصار. قال أنس: كُنّا نُسَمّيهم في زمانهم القُرَّاء، كانوا يحتطبون بالنهار ويُصلّون بالليل. فانطلقوا بهم حتى إذا أتَوا

(1) وهو بين مكّة والمدينة.

(2)

أي عامر.

(3)

قيل: من بني سلول.

(4)

علّق محقّق المسند: تفرّد عبد الصمد عن همّام فقال: من بني أميّة. وقال غيره عنه: من بني فلان. قال: ولم يشتهر عند أحد من لم هل السير أنّه كان في هذا السّريّة أحد من بني أميّة.

(5)

المسند 20/ 420 (13195). وهو في البخاري 6/ 19 (2851)، 7/ 385 (4091) من طريق همّام. وأخرج مسلم 1/ 461 (677) دعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحابه يوم بئر معونة، من طريق إسحق بن عبد اللَّه. كما أخرج 3/ 1511 (677) قصّة قتل القرّاء من طريق ثابت عن أنس. وينظر شرح الحديث في الفتح 7/ 286.

ص: 256

بئر معونة غدَروا بهم فقتلوهم، فقَنَتَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم شهرًا في صلاة الصُّبح يدعو على هذه الأحياء: رِعْلٍ وذَكوانَ وعُصيّة وبني لِحيان. وقال (1) وحدّثنا أنس أنّهم قرأوا بهم قرآنًا: (بلِّغوا عنَا قومَنا أنّا قد لقِينا ربّنا فرَضِيَ عنّا وأرضانا) ثم رُفع بعدَ ذلك.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا ثابت عن أنس:

أنّه كتبَ كتابًا وقال: اشْهدُوا - مَعْشَرَ القُرَّاء. قال ثابت: فكأنّي كَرِهْتُ ذلك، فقُلْتُ: يا أبا حمزة، لو سمّيْتَهم بأسمائهم. قال: وما بأسُ ذلك أن أقولَ لكم: قرّاء. أفلا أُحَدِّثُكم عن إخوانكم الذين كُنّا نُسمِّيهم على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القرّاء: فذكر أنّهم كانوا سبعين، فإذا جنّهم الليلُ انطلقوا إلى مَعْلَم لهم بالمدينة، فيدرسون فيه القرآن حتى يُصبحوا، فإذا أصبحوا فمن كانت له قوّةٌ اسْتَعْذَب من الماء وأصابَ من الحطب، ومن كانت عنده سَعَةٌ اجتمعوا فاشترَوا الشاةَ فأصلحوها، فيُصبح ذلك معلّقًا بحُجَر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمّا أُصيب خُبيب بعثَهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتَوا على حيٍّ من بني سُليم وفيهم خالي حرام، فقال حرام لأميرهم: دَعْنِي فلأخبِر هؤلاء أنّا لَسْنا إيّاكم نريد حتى يُخلّوا وجهنا. فقال لهم حرام: إنّا لسنا إياكم نُريد، فخلُّوا وجهَنا (3). فاستقبله رجلٌ بالرّمح فأنفَذَه به، فلمّا وجدَ الرّمحَ في جوفه قال: اللَّه أكبر، فُزْتُ وربّ الكعبة. فانطووا عليهم فما بَقِيَ منهم أحدٌ. قال أنس: فما رأيْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَجَدَ على شيء قطّ وَجْدَه عليهم، فلقد رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلّما صلّى الغداة رفعَ يديه فدعا عليهم. فلمّا كان بعد ذلك إذا أبو طلحة يقول لي: هل لك في قاتل حرام؟ قلت: ماله، فعلَ اللَّهُ به وفَعل. قال: مَهْلًا، فإنّه قد أسلم (4).

(1) أي قتادة.

(2)

المسند 19/ 119 (12064). وهو في البخاري 6/ 180 (3064)، 7/ 385 (4090)، وينظر المواضع السابقة في مسلم، والجمع 2/ 518 (1885).

(3)

سقط من هـ (فقال لهم حرام. . . وجهنا).

(4)

المسند 19/ 393 (12402). وإسناده صحيح. وذكر ابن حجر في الفتح أن قاتل حرام لم يُعرف، ولكنه أسلم.

ص: 257

(543)

الحديث العشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا عمّار أبو هاشم صاحب الزّعفران (1) عن أنس بن مالك:

أنّ فاطمةَ ناولتْ رسولَ اللَّه كِسرةً من خبز شعير، فقال:"هذا أوّلُ طعامٍ أكلَه أبوك من ثلاثة أيّام"(2).

(544)

الحديث الحادي والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا سُليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس قال:

لمّا ثقل النّبيّ صلى الله عليه وسلم جعل يتغشّاه الكَرْب (3)، فقالت فاطمة: واكَرْب أبَتاه. فقال لها: "ليس على أبيك كَرْبٌ بعد اليوم" فلمّا مات قالت: يا أبَتاه، أجابَ ربًّا دعاه، يا أبَتاه، جنّةُ الفردَوس مأواه، يا أبَتاه، إلى جبريل أنعاه. فلمّا دُفن قالت فاطمة: يا أنسُ، أطابَتْ أنفسُكم أن تَحثوا على رسول اللَّه التُّراب!

انفرد بإخراجه البخاري (4). ورواه أحمد مختصرًا وزاد فيه: يا أبتاه، من ربّه ما أدناه (5).

(545)

الحديث الثاني والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا ابن لَهيعة قال: حدّثنا بكر بن سَوادة عن وفاء الخَولاني عن أنس بن مالك قال:

بينا نحن نقرأ، فينا العربيُّ والعجميُّ والأسود (6)، إذ خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم في خير، تقرأون كتابَ اللَّه، وفيكم رسولُ اللَّه، وسيأتي على النّاس زمان

(1) وهو عمّار بن عُمارة، الزّعفراني، ثقة، لم يرو عن أنس.

(2)

المسند 20/ 440 (13223)، وحكم المحقّق بانقطاع سنده. ورواه الطبراني في الكبير 1/ 232 (750) عن أبي هاشم عن محمّد بن عبد اللَّه عن أنس. قال الهيثمي 10/ 315: رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات. وينظر تعليق محقّق المسند.

(3)

"الكرب" ليست في البخاريّ.

(4)

البخاري 8/ 149 (4462).

(5)

المسند 20/ 332 (13031) عن عبد الرّزاق عن معمر عن ثابت، وهو إسناد صحيح.

(6)

في المسند "والأبيض".

ص: 258

يُثَقِّفونه كما يُثَقَّف القدْحُ، يتعجّلون أجورَهم ولا يتأجّلونها" (1).

(546)

الحديث الثالث والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هارونُ بن معروف قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وَهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن بُكير ابن الأشجّ أنّ الضّحاك بن عبد اللَّه القرشيّ حدّثه عن أنس بن مالك قال:

رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سَفرٍ صلَّى سُبْحَةَ الضّحى ثمانِ ركعات، فلما انصرف قال: إنّي صلّيْتُ صلاةَ رغبةٍ ورهبة، وسألتُ ربّي ثلاثًا، فأعطاني ثنتَيْن ومنَعَني واحدةً، سألْتُه ألّا يبتليَ أُمّتي بالسّنين ففعلَ، وسألْتُه ألّا يُظْهرَ عليهم عدوَّهم ففعل، وسألْتُه ألا يُلْبِسَهم شِيَعًا فأبى علي" (2).

(547)

الحديث الرابع والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هارون ابن معروف قال عبد اللَّه: وسمعْتُه أنا من هارون قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب قال: وحدّثني جرير بن حازم أنّه سمع قتادة قال: حدّثنا أنس بن مالك:

أنّ رجلًا جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد توضّأ وَتَرَك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ارْجعْ فأحْسِنْ وضوءك"(3).

(548)

الحديث الخامس والعشررون بعد الأربعمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثني مالك عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

(1) المسند 19/ 466 (12484). وحكم المحقّق على الإسناد بالضعف، لأن وفاء الخولاني، وهو ابن شراحيل -كما ذكر- مجهول. وأيضًا ابن لهيعة سيّء الحفظ.

وقد ترجم المزّي في التهذيب 7/ 459 لوفاء، وجعله ابن شريح، روى عنه بكر، وروى عن سهل بن سعد، ولم يرو عن أنس. والحديث عن سهل في سنن أبي داود 1/ 220 (831) وقال عنه الألباني في صحيح أبي داود: حسن صحيح. وقد صحّحه ابن حبّان 3/ 36 (760) عن سهل بن سعد. وينظر تخريج المحقّقين في المسند وابن حبّان.

(2)

المسند 19/ 468 (12486)، وحكم المحقّق بصحّته لغيره، وبضعف الإسناد لجهالة الضحّاك. وصحّح الحديث ابن خزيمة 2/ 230 (1228)، والحاكم 1/ 314، ووافقه الذهبيّ، واختاره الضياء 6/ 208 - 210 (2220، 2221) من طريق عمرو. وقال الألباني في تعليقه على ابن خزيمة: الضحّاك بن عبد اللَّه القرشيّ غير معروف، ومع ذلك صحّح الحاكم حديثه هذا ووافقه الذهبي!

(3)

المسند 19/ 471 (12487)، وأبو داود 1/ 44 (173)، وابن ماجة 1/ 218 (665)، وصحّحه ابن خزيمة 1/ 84 (164)، كلّهم من طريق ابن وهب. وصحّحه الألباني. وينظر تعليق محقّقي المسند.

ص: 259

قال أبو طلحة لأُمّ سُليم: لقد سَمِعْتُ صوتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضعيفًا، أعرِفُ فيه الجوع، فهل عندكِ من شيء؟ فأخرجت أقراصًا من شعير، ثم أخرجت خِمارًا لها فلفَّتِ الخبزَ ببعضه، ثم دسَّتْهُ تحت ثوبي، وردَّتْني ببعضه، ثم أرسلَتْني إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبْتُ به، فوجدْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه النّاس، فقُمْتُ عليهم، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أرسلَكَ أبو طلحة؟ " فقلت: نعم. فقال: "بطعام؟ " فقلت: نعم. فقال رسول اللَّه لمن معه: "قُوموا". فانطلقَ وانطلقْتُ بين أيديهم حتى جئتُ أبا طلحة فأخبرْتُه، فقال أبو طلحة: يا أمّ سُليم، قد جاء رسول اللَّه بالنّاس وليس عندنا من الطعام ما نُطعمهم. فقالت: اللَّه ورسولُه أعلم. قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأقبل أبو طلحة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى دخلا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هَلُمّي يا أُمَّ سُليم ما عِنْدَكِ". فأتَتْ بذلك الخبز، فأَمر به ففُتّ، وعَصَرَت أمُّ سليم عُكة (1) لها فأدَمَتْه، ثم قال فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول، ثم قال:"ائذن لعشرة" فأذِنَ لهم، فأكلوا حتى شَبِعوا ثم خرجوا، ثم قال:"ائذن لعشرة" فأذِن لهم، فأكلوا حتى شَبِعوا ثم خرجوا، ثم قال:"ائذن لعشرة"، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم أذن لعشرة، فأكل القوم وشَبِعوا، والقوم ثمانون رجلًا.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن هشام عن محمّد عن أنس قال:

عَمَدَتْ أُمُّ سُليم إلى نصف مُدِّ شعيرٍ فطَحَنَتْه، ثم عَمَدَتْ إلى عُكّة كان فيها شيءٌ من سمن فاتّخذت منه خَطيفة، ثم أرسلتني إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتيتُه وهو في أصحابه، فقُلْتُ: إنَّ أُمّ سُليم أرسلتني إليك تَدعوك. فقال: "أنا ومَنْ معي" فجاء هو ومن معه، فخرج أبو طلحة فمشى إلى جنب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنّما هي خَطيفة اتخَذَتْها أُمّ سُليم من نصف مُدّ شَعير. قال: فدخل فأتى به، فَوَضَعَ يدَه فيها ثم قال:"أدْخِلْ عشرة" فدَخلَ عشرةٌ فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم دخل عشرة، ثم عشرة، ثم عشرة، حتى أكل منها أربعون، كلّهم أكلوا حتى شَبِعوا. قال: وبقيت كما هي، قال: فأكَلْنا.

(1) العُكّة: وعاء من جلد يوضع فيه السمن.

(2)

البخاريّ 9/ 526 (5381)، ومسلم 3/ 1612 (2040) عن مالك.

ص: 260

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

والخطيفة: أن يُؤخذ اللبنُ فيُذَرَّ عليه الدّقيقُ ويُطبخ ويلعق ويختطف بسرعة.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا حرب بن ميمون عن النّضر بن أنس عن أنس بن مالك قال:

قالت أُمُّ سُليم: اذْهَبْ إلى نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقُلْ: إنْ رأيْتَ أنْ تَغَدَّى عندنا فافْعلْ. فجئتُه فلقيتُه فبلّغتُه، فقال:"ومَن عندي؟ " قلت: نعم. قال: "انهضوا". فجئتُ فدخلْتُ على أُمّ سُليم وأنا مُدْهَش لمن أقبلَ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقالت أُمّ سليم: ما صنعْتَ يا أنسُ! فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على إثر ذلك، قال:"هل عندك سمن؟ " وقال: "باسم اللَّه، اللهمّ أعظِمْ فيها البركة" فأكل منها بضعٌ وثمانون رجلًا، ففضَلَ منها فَضْلٌ، فدفعَها إلى أُمّ سُليم فقال:"كُلي وأطعمي جيرانك".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(549)

الحديث السادس والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حمّاد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسنَ النّاس، وكان أجودَ النّاس، وأشجعَ النّاس. قال: ولقد فَزِعَ أهلُ المدينة ليلةً فانطلق قِبَلَ الصّوت، فرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم راجعًا وقد استبرأ لهم الصوتَ، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ ما عليه سَرْج، وفي عُنُقه السّيف، وهو يقول للناس:"لم تُراعُوا، لم تُراعُوا". وقال للفرس: "وَجَدْناه بحرًا" أو "إنّه لبحر". قال أنس: وكان الفرسُ قبلَ ذلك يُبَطّأُ. قال: فما سُبق بعد ذلك.

أخرجاه (3).

(1) المسند 19/ 473 (12491)، والبخاريّ 9/ 574 (5450) من طريق حمّاد.

(2)

المسند 21/ 176 (13547) واختصر منه المؤلّف وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم بروايات عديدة 3/ 1612 - 1614 (2040) وقال في آخر رواية: وحدّثني حجّاج بن الشاعر، حدّثنا يونس ابن محمّد، حدّثنا حرب بن ميمون عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في طعام أبي طلحة، بنحو حديثهم. محيلًا على ما قبله.

(3)

المسند 19/ 477 (12494)، وهو في البخاريّ 6/ 95 (2908) من طريق حمّاد، وينظر أطرافه 5/ 240 (2627)، وفي مسلم 2/ 1804 (2307) من طريق حمّاد.

ص: 261

(550)

الحديث السابع والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا أبو عَوانة عن قتادة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسلم يَزْرعُ زرعًا أو يَغْرِسُ غرسًا فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ، إلّا كان له به صدقة".

أخرجاه (1).

(551)

الحديث الثامن والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود ابن عامر قال: حدّثنا جعفر الأحمر عن عطاء بن السّائب عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "راصُّوا الصُّفوف؛ فإن الشيطان يقومُ في الخَلَل"(2).

(552)

الحديث التاسع والعشرون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا جَسر عن ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وَدِدْتُ أنّي لقيتُ إخواني الذين أمنوا بي ولم يَرَوْنِي"(3).

(553)

الحديث الثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن بكر قال: حدّثنا سِنان بن ربيعة عن الحَضْرميّ عن أنس بن مالك:

أنّ امرأةً أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، ابنةٌ لي كذا وكذا. وذكرتْ من حُسنها وجمالها، فآثَرْتُك بها. فقال:"قَدْ قَبِلْتُها" فلم تَزَلْ تَمْدَحُها حتى ذكرتْ أنّها لم تُصَدّع، ولم تَشْتَكِ شيئًا قطّ. قال:"لا حاجةَ لي في ابنتك"(4).

(1) المسند 19/ 479 (12495)، وفي البخاريّ 5/ 3 (2320)، ومسلم 3/ 1198 (1553) من طريق أبي عوانة.

(2)

المسند 20/ 34 (12572)، قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.

(3)

هكذا جاء الحديث في الأصول، والذي في المسند 20/ 38 (12579):"وَدِدْتُ أني لقيتُ إخواني" فقال أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أوليس نحن إخوانك؟ قال: "أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يَرَوني". قال في المجمع 10/ 69: وفي إسناد أحمد جسر (ابن فرقد)، وهو ضعيف. وللحديث شاهد صحيح، رواه أبو هريرة - مسلم 1/ 218 (249).

(4)

المسند 20/ 38 (12580). وعبد اللَّه بن بكر من رجال الشيخين. وسنان روى له البخاريّ حديثًا مقرونًا بغيره، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وفيه مقالة. ينظر التهذيب 3/ 316. أما الحضرمي بن لاحق فروى له النسائي وأبو داود، وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال ابن معين: لا بأس به. التهذيب 2/ 218. والحديث في مسند أبي يعلى 7/ 232 (4234) من طريق عبد اللَّه بن بكر، وحسّن المحقّق إسناده. قال الهيثمي 2/ 297: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات.

ص: 262

(554)

الحديث الحادي والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى ابن إسحق قال: أخبرنا يحيى بن أيوب عن حُميد قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَقْدَمُ عليكم غدًا قومٌ هم أرقُّ قلوبًا للإسلام منكم" قال: فقدِمَ الأشعريّون فيهم أبو موسى الأشعريّ، فلما دنَوا من المدينة جعلوا يرتجزون، يقولون: غدًا نلقى الأحبّة، مُحمّدًا وحزبه. فلمّا أن قَدِموا تصافحوا، فكانوا هم أوّل من أحدثَ المصافحة (1).

(555)

الحديث الثاني والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحكم بن موسى، قال عبد اللَّه، وسمعْتُه أنا من الحكم قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الرّجال عن نُبيط عن عمر عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن صلّى في مسجدي أربعين صلاةً لا تفوته صلاة كُتِبَتْ له براءةٌ من النّار، وبراءةٌ من العذاب، وبَرىءَ من النِّفاق"(2).

(556)

الحديث الثالث والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن محمّد قال: حدّثنا شريك عن جابر عن خيثمة عن أنس قال:

دخلْتُ مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم نعودُ زيد بن أرقم وهو يشتكي عينه، فقال:"يا زيد، لو كان بصرُك لما به، كيف كنتَ تصنعُ؟ "، قال: إذن أصبر وأحتسب. قال: "إن كان بصرُك لما به ثم صبرْتَ واحتَسَبْتَ لَتَلْقَيَن اللَّه تعالى ليس لكَ ذنب"(3).

(1) المسند 20/ 39 (12582). وإسناده صحيح. وصحّحه ابن حبّان 16/ 165 (7193) من طريق يحيى بن أيّوب. وينظر المختارة 5/ 299 - 301 (1942 - 1945). وقال الشيخ ناصر في الأحاديث الصحيحة 2/ 62 عن حديث أنس: وإسناده صحيح على شرط مسلم.

(2)

المسند 20/ 40 (12583)، وحكم المحقّق بضعف إسناده لجهالة نبيط. وأخرجه الطبراني في الأوسط 6/ 211 (5440) من طريق الحكم. وفي مجمع الزوائد 4/ 11: روى الترمذي بعضه، ورواه أحمد والطبراني في الأوسط، ورجله ثقات. وهو في الترغيب 2/ 172 (1772)، قال المنذري: رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح. ولم يرتض الشيخ ناصر هذا لقول من المنذري والهيثمي، وضعّف الحديث الأحاديث الضعيفة 1/ 366 (364).

(3)

المسند 20/ 42 (12586). قال المحقّق: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. . . وأخرجه الطبراني في الكبير 5/ 190، 204، 211، (5052، 5098، 5126) في مسند زيد بن ثابت، وكذلك أخرجه البخاريّ في الأدب المفرد 1/ 275 (532).

ص: 263

(557)

الحديث الرابع والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن محمّد قال: حدّثنا مُسلم بن خالد عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حُسين المكي عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من سَرّهُ أن يُعْظِمَ اللَّهُ رزقَه، وأنْ يَمُدَّ في أجله، فَلْيَصِلْ رَحِمَه".

أخرجاه بمعناه (1).

(558)

الحديث الخامس والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا محمّد بن زياد البُرْجُميّ قال: سمعْتُ ثابتًا البُنانيّ يُحَدِّثُ عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان له ثلاثُ بناتٍ، أو ثلاث أخواتٍ، اتَّقى اللَّه، وأقامَ عليهنّ، كان معي في الجنّة هكذا" وأشار بأصابعه الأربع (2).

(559)

الحديث السادس والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة عن ثابت قال: قال أنس:

عمّي أنس بن النَّضر سُمّيتُ به، لم يشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بَدر، فشقَّ عليه فقال: أوّلُ مشهدٍ شهِدَه رسول اللَّه غُيَبْتُ عنه، لئن أراني اللَّهُ مَشهدًا فيما بعدُ مع رسول اللَّه لَيَرَيَنّ اللَّهُ ما أصنعُ. قال: فهاب أن يقولَ غيرَها. فشَهِدَ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُد، فاستقبل سعدَ بن مُعاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو، أين؟ ! واهًا لريح الجنّة، أجِدُه دونَ أُحُد. قال: فقاتلَهم حتى قُتِل. فوُجِدُ في جسده بضعٌ وثمانون: من ضربة وطعنة ورَمية. فقالت أُخته عمّتي الرُّبَيّع بنت النَّضر: فما عرفْتُ أخي إلّا ببنانه. ونزلت هذه الآية: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] فقال: فكانوا يَرَون أنّها نزلت فيه وفي أصحابه.

(1) المسند 20/ 43 (12588). قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. وأطال في تخريجه. وقد أخرج البخاريّ 4/ 301 (2067)، ومسلم 4/ 1982 (2557) الحديث من طريق عن ابن شهاب عن أنس به.

(2)

المسند 20/ 47 (12593) قال المحقّق: حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد قابل للتحسين. وقال الألباني: هذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، غير محمّد بن زياد البرجميّ، وهو ثقة - الصحيحة 1/ 591 (295). ورواه ابن حبّان بإسناد صحيح من طريق حمّاد بن زيد عن ثابت 2/ 191 (447). وفي صحيح مسلم من طريق عبيد اللَّه بن أبي بكر عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"من عالَ جاريتين حتى تبلُغا، جاء يوم القيامة أنا وهو" وضمّ أصابعه 4/ 2027 (2631).

ص: 264

أخرجاه (1).

(560)

الحديث السابع والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن ابن الربيع قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن المُعَلّى بن زياد عن أنس بن مالك قال (2):

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من صلّى العصرَ فجلسَ فأثنى عليّ خيرًا (3) حتى يُمْسِيَ، كان أفضلَ ممّن أعتقَ ثمانيةً من ولد إسماعيل"(4).

(561)

الحديث الثامن والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم ابن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة قال: حدّثنا ثابت قال: حدّثنا أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وُلِدَ لي الليلةَ غلامٌ فسمَّيْتُه باسم أبي إبراهيم". قال: ثم دفعه إلى أُمّ سيف امرأةِ قَينٍ يُقال له أبو سَيف بالمدينة، فانطلقَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأتيه وانطلقْتُ معه، فانتهى إلى أبي سيف وهو ينفُخُ بكِيره وقد امتلأ البيتُ دخانًا. قال: فأسرعتُ المشي بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلْت: يا أبا سيف، جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فأمسك. فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعا بالصبيّ فضمّه إليه. قال أنس: فلقد رأيْتُه بين يَدَي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يَكيدُ بنَفْسه، فدمَعَتْ عينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:"تَدْمَعُ العينُ، ويَحْزَنُ القلب، ولا نقول إلّا ما يُرضي ربَّنا، واللَّه إنّا بك يا إبراهيمُ لمحزونون".

أخرجه مسلم بلفظه، والبخاريّ بمعناه مختصرًا، وفي حديثه: أنّ عبد الرحمن بن عوف قال له حينَ بكى: وأنت يا رسول اللَّه! فقال: "يا ابنَ عوف، إنّها رحمة"(5).

(1) المسند 20/ 318 (13015) من طريق هاشم وبَهْز. وأخرجه مسلم 3/ 1512 (1903) من طريق بَهْز عن سُليمان به. والبخاريّ عن حُميد عن أنس 6/ 21 (2805).

(2)

انتقل نظر ناسخ هـ من "قال" إلى مثلها في الحديث التالي.

(3)

أثبت محقّق المسند "فجلس يُملي خيرًا".

(4)

المسند 21/ 291 (12760). وحكم المحقّق عليه بضعف الإسناد لانقطاعه؛ وتحدّث عن مصادره وطرقه.

(5)

المسند 20/ 316 (13014)، ومسلم 4/ 1807 (2315) من طريق سُليمان بن المغيرة وأخرجه البخاريّ 3/ 172 (1303) من طريق قريش بن حبّان عن ثابت، وفيه ما ذكر المؤلف. ثم ذكر بإثره معلّقًا: رواه موسى عن سُليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 265

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس ابن مالك قال:

ما رأيتُ أحدًا كان أرحمَ بالعيال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. كان إبراهيم مُسْتَرْضَعًا في عوالي المدينة، وكان ينطلق ونحن معه، فيدخلُ البيت وإنّه ليُدَّخَنُ، وكان ظِئْرُه (1) قينًا، فيأخذه فيقبّلُه، ثم يرجع. قال عمرو: فلمّا توفّي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ إبراهيمَ ابني، وإنّه مات في الثَّدي، وإنّ له ظِئْرَين تُكملان رَضاعَه في الجنّة"(2).

(562)

الحديث التاسع والثلاثون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "آتي بابَ الجنّة يومَ القيامة فأسْتَفْتحُ، فيقولُ الخازنُ: من أنت؟ فأقول: محمّد. فيقولُ: بك أُمِرْتُ ألّا أفتحَ لأحدٍ قبلَك".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(563)

الحديث الأربعون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بُسَيْسَةَ عينًا (4) يَنظرُ ما صَنَعَتْ عِيرُ أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحدٌ غيري وغيرُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال أدري ما استثنى بعضَ نِسائه- فحدّثَ الحديث قال: فخرجَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فتكلَّم، فقال:"إنّ لنا طَلِبَةً، فمنْ كان ظَهْرُه (5) حاضرًا فليركبْ معنا" فجاء رجالٌ يستأذنونه في ظَهر لهم في عُلْو المدينة، فقال:"لا، إلّا من كان ظَهْرُه حاضرًا". فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يُقَدّمَنّ أحدٌ منكم إليّ حتى أكون أنا

(1) الظئر: المُرضعة، ويطلق على زوجها.

(2)

المسند 19/ 129 (12102). والحديث بنصّه من طريق إسماعيل بن عليّة في مسلم 4/ 1808 (2316)، ولم ينبّه على ذلك المؤلف.

(3)

المسند 19/ 388 (12397)، ومسلم 1/ 188 (197).

(4)

العين: الجاسوس.

(5)

الطّلِبة: الحاجة. والظّهر: الدابة.

ص: 266

أُوذِنُه" فدنا المشركون، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "قُوموا إلى جنّةٍ عَرضُها السمواتُ والأرض" قال: يقول عُمَير بن الحُمام الأنصاريّ: يا رسول اللَّه، جنة عرضُها السمواتُ والأرض؟ قال: "نعم" قال: بَخٍ بَخٍ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما يَحْملُك على قولك بَخٍ بَخٍ؟ " قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، إلا رجاءَ أن أكونَ من أهلها. قال: "فإنّكَ من أهلها". قال: فاخترجَ تمرات من قَرَنه (1)، فجعل يأكلُ منهنّ، ثم قال: إنْ أنا حَيِيتُ حتى آكل تمراتي هذه، إنّها لحياةٌ طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتِل.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(564)

الحديث الحادي والأربعون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

لما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى {. . . وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] وكان ثابت بن قيس بن الشَّمّاس رفيعَ الصَّوت، فقال: أنا الذي كُنْتُ أرفعُ صوتي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حَبِطَ عملي، أنا من أهل النّار. وجلس في أهله حزينًا، ففقدَه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانطلقَ بعض القوم إليه فقالوا: تفقَّدَك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، مالك؟ قال: أنا الذي أرفعُ صوتي فوق صوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأجهرُ له بالقول، حَبِطَ عملي، أنا من أهل النّار. فأتَوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال:"لا، بل هو من أهل الجنّة".

قال أنس: فكنّا نراه يمشي بين أظهُرِنا ونحن نعلم أنّه من أهل الجنّة. فلمّا كان يوم اليمامة كان فينا بعضُ الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شمّاس وقد تحنّط ولَبِسَ كَفَنه، فقال: بئس ما تُعَوّدون أقرانَكم، فقاتَلَهم حتى قُتل.

أخرجاه من غير ذكر اليمامة (3).

(565)

الحديث الثاني والأربعون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

(1) القَرَن: الجعبة.

(2)

المسند 19/ 389 (12398)، ومسلم 3/ 1509 (1901).

(3)

المسند 19/ 391 (12399)، ومسلم 1/ 110، 111 (119) عن سليمان وغيره عن ثابت، وهو في البخاريّ من طريق موسى بن أنس عن أنس 6/ 620 (3613)، 8/ 590 (4846). وروى الجهاد - باب التحنّط في القتال 6/ 51 (2845) قصة تحنّط ثابت يوم اليمامة (وهو اليوم الذي قُوتل فيه مسيلمة الكذاب)، وذكر الانكشاف، وقول ثابت: بئسما عوّدتم أقرانكم.

ص: 267

كان رسول اللَّه إذا صلّى الغداة جاء خَدَمُ أهل المدينة بآنِيتِهم فيها الماءُ، فما يُؤتَى بإناء إلا غَمَسَ يَدَه فيه، فربما جاءوه في الغداة الباردة فَيَغْمِسُ يدَه فيها.

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(566)

الحديث الثالث والأربعون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

لما انقضت عِدّةُ زينب قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لزيد: "اذهبْ فاذكرْها عليّ". قال: فانطلق حتى أتاها وهي تُخَمِّر عجينَها. قال: فلما رأيتُها عَظُمَتْ في صدري، حتى ما أستطيعُ أن أنظرَ إليها أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكرَها، فولّيْتُها ظهري ونَكَصْتُ على عَقِبَيّ، وقلت: يا زينبُ، أبْشِري، أرسلَني رسولُ اللَّه يذكرُك. قالت: ما أنا بصانعةٍ شيئًا حتى أؤامرَ ربّي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآنُ، وجاء رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فدخلَ عليها بغير إذن. ولقد رأيتُنا حين دَخَلَت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أطْعَمَنا عليها الخبزَ واللحمَ، فخرج النّاس، وبقي رجالٌ يتحدّثون في البيت بعدَ الطّعام، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واتّبَعْتُه، فجعل يتتبّعُ حُجَر نِسائه يُسَلّمُ عليهِن، ويَقُلْنَ: يا رسول اللَّه، كيف وجدْتَ أهلَك؟ فما أدري: أنا أخبرْتُه أن القومَ قد خرجوا أو أُخْبِر. قال: فانطلقَ حتى دخلَ البيت، فذهبتُ أدخلُ معه، فألقى السِّتْرَ بيني وبينَه، ونزل الحجابُ، ووُعِظَ القومُ بما وُعِظُوا به:{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ. .} الآية [الأحزاب: 53].

انفرد بإخراجه مسلم (2).

طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن عبد العزيز بن صُهيب قال: سمعت أنس بن مالك يقول:

ما أولمَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ من نسائه أكثرَ أو أفضل - ممّا أولمَ على زينب. فقال ثابت البُناني: بِم أولمَ؟ قال: أطعَمَهُمً خُبزًا ولحمًا حتى تركوه.

أخرجاه (3).

(1) المسند 19/ 393 (12401)، ومسلم 4/ 1812 (2324).

(2)

المسند 20/ 326 (13025)، ومسلم 2/ 1048 (1428).

(3)

المسند 20/ 163 (12759)، ومسلم 2/ 1049 (1428). وأخرجه البخاريّ 9/ 232 (5168) من طريق ثابت عن أنس:"ما أولم النّبيّ صلى الله عليه وسلم على شيءٍ من نسائه ما أولمَ على زينب، أولم الشاة". وقد روى الحديث فيه بروايات وطرق - ينظر أطرافه 8/ 527 (4791).

ص: 268

(567)

الحديث الرابع والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا عُمارة عن زياد النُّميريّ عن أنس بن مالك قال:

كان عبد اللَّه بن رَواحَة إذا لَقِيَ الرَّجلَ من أصحابه يقول: تعالَ نُؤمنْ بربّنا ساعةً. فقال ذاتَ يومٍ لرجل، فغضِبَ الرّجلُ، فجاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللَّه، ألا ترى إلى ابن رواحة يَرْغَبُ عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"يَرحَمُ اللَّه ابنَ رَواحَة، إنّه يُحِبُّ المجالسَ التي تنتابُها الملائكةُ"(1).

(568)

الحديث الخامس والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن محمّد التيمي قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمة عن عليّ بن زيد عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ موسى بن عمران كان إذا أراد أن يدخلَ الماءَ لم يُلْقِ ثوبَه حتى يُواريَ عورتَه في الماء"(2).

(569)

الحديث السادس والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو قال: حدّثنا زائده قال: حدّثنا عمرو بن عبد اللَّه بن وهب قال: حدّثنا زيد العَمِّيَ عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن توضّأَ فأحْسَنَ الوضوءَ ثم قال ثلاث مرّات: أشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له وأنّ مُحمّدًا عبدُه ورسولُه، فُتحَ له من الجنّة ثمانيةُ أبواب، من أيّها شاء دخل"(3).

(1) المسند 21/ 309 (13796). وفيه وفي المجمع "تتباهى به الملائكة" وقال الهيثمي 10/ 79: إسناده حسن. أما محقّق المسند فضعّف إسناده لعمارة بن زاذان وزياد. وقال ابن كثير في الجامع 22/ 298: تفرّد به.

(2)

المسند 21/ 293 (13764). وفي إسناده عليّ بن زيد، ابن جدعان، قال الهيثمي 1/ 274: رواه أحمد، ورجاله موثّقون، إلّا أن عليّ بن زيد مختلف في الاحتجاج به. وينظر الأحاديث في هذا المعنى في الدّرّ المنثور 5/ 223.

(3)

المسند 21/ 307 (13792) قال المحقّق: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف زيد العَمّيّ. وقد أخرج الحديث ابن ماجة 1/ 159 (469) من طريق عمرو عن زيد. وأخرج بعده (470) والترمذي 1/ 77 (55)، والنسائي 1/ 92 مثله عن عمر. وصحّح الألباني حديث عمر. ونقل محقّق ابن ماجة عن الزوائد: في إسناده زيد العَمّيّ، وهو ضعيف، ثم قول السندي: لكن أصل الحديث صحيح من حديث عمر ابن الخطاب.

ص: 269

(570)

الحديث السابع والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا هشام عن محمّد (1) عن أنس بن مالك:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رمى الجمرةَ، ثم نَحَرَ البُدْنَ والحجّامُ جالس، ثم حلقَ أحدّ شقّيه: الأيمن، وقسمه بين النّاس فأخذوه، وحلقَ الآخرَ فأعطاه أبا طلحة.

أخرجاه (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب وهشام عن محمّد عن أنس قال:

لمّا حلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأسَه بمِنى أخذ شِقَّ رأسِه الأيمن بيده، فلمّا فَرَغَ ناولني فقال:"يا أنسُ، انطلق بهذا إلى أمّ سُليم" قال: فلما رأى النّاسُ ما خصَّنا به تنافسوا إلى الشَّقّ الآخر، هذا يأخذُ الشيء وهذا يأخذ الشيء.

قال محمّد: فحدَّثْتُه عَبيدةَ السّلمانيّ فقال: لأَنْ يكونَ عندي منه شعرةٌ أحبُّ إليّ من كلِّ صفراءَ وبيضاءَ على وجه الأرض وفي بطنها (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا سُليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:

لقد رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والحلّاقُ يَحْلِقُه، وأطافَ به أصحابُه، فما يريدون أن تقعَ شعرَةٌ إلا بيد رجل.

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(1) وهو ابن سيرين.

(2)

المسند 20/ 403 (13164)، ومسلم 2/ 947 (1305) وسنذكر ما أخرجه البخاريّ منه.

(3)

المسند 21/ 254 (13685). وضعف المحقّق إسناده لسوء حفظ مؤمّل، وصحّ بغير هذه السياقة.

وقد أخرج البخاريّ 1/ 273 (170) قول ابن سيرين لعبيدة: عندنا من شعر النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وقول عبيدة: لأن تكون عندي شعرة منه أحبّ إلي من الدنيا وما فيها. كما أخرج (171) من طريق ابن سيرين عن أنس: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما حلق شعره كان أبو طلحة أوّل من أخذ من شعره.

(4)

المسند 19/ 393 (12400)، ومسلم 4/ 1812 (2325).

ص: 270

(571)

الحديث الثامن والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا همّام بن يحيى قال: حدّثنا أبو غالب الخيّاط قال:

شهدْتُ أنسَ بن مالك صلَّى على جنازة رجل، فقام عند رأسه؛ فلما رُفِعتِ أُتِيَ بجنازة امرأة فقام وَسَطها، وفينا العلاء بن زياد، فلما رأى اختلاف قيامه على الرجل والمرأة قال: يا أبا حمزة، هكذا كان رسول اللَّه يقوم من الرجل حيث قُمْتَ، ومن المرأة حيث قُمْتَ؟ قال: نعم. قال: فالتفتَ إلينا العلاء فقال: احْفَظُوا (1).

(572)

الحديث التاسع والأربعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا عثمان بن سعد قال: سمعت أنس بن مالك يقول:

ما أعرفُ شيئًا ممّا عَهِدتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اليومَ. فقال أبو رافع: يا أبا حمزة، ولا الصلاة؟ فقال: أَوَلَيْسَ قد عَلِمْتَ ما صنع الحَجّاجُ في الصلاة!

انفرد بإخراجه البخاريّ، ولم يذكر الحجّاج (2).

(573)

الحديث الخمسون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا شُعبة عن قتادة عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ لكلّ نبيّ دعوةً قد دعا بها في أُمّته، وإنّي اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأُمّتي".

أخرجاه (3).

(574)

الحديث الحادي والخمسون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمّد قال: حدّثنا حَرب بن ميمون أبو الخطّاب عن أنس قال:

(1) المسند 20/ 380 (13114) وقد تصرّف المؤلّف في الحديث، وصحّح المحقّق إسناده. وهو من طريق أبي غالب، نافع أو رافع، في الترمذي 3/ 352 (1034) وحسّنه، وأبي داود 3/ 208 (3194)، وابن ماجة 1/ 479 (1494)، وصحّحه الألباني، وينظر كشف المشكل 2/ 33.

(2)

المسند 20/ 405 (13168). قال المحقّق: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عثمان بن سعد. ينظر تهذيب الكمال 5/ 110. وأخرجه البخاريّ من طريق غيلان والزّهريّ عن أنس 2/ 13 (529، 530). وما فعل الحجّاج في الصلاة هو تأخيرها عن وقتها.

(3)

المسند 20/ 406 (13170)، وهو في مسلم 1/ 190 (200) من هذه الطريق وغيرها. وفي البخاريّ 11/ 96 (6305) من طرق معتمر بن سُليمان عن أبيه عن أنس.

ص: 271

سألْتُ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يشفعَ لي يومَ القيامة، قال:"أنا فاعل" قُلْتُ: فأين أطلُبُك يوم القيامة يا نبيّ اللَّه؟ قال: "اطلُبْني أوّلَ ما تَطْلُبُني على الصّراط". قُلْتُ: فإذا لم ألقَك على الصِّراط؟ قال: "فأنا عند الميزان" قُلتُ: فإن لم ألقَكَ عند الميزان؟ قال: "فأنا عندَ الحوض، لا أُخطىءُ هذه الثلاثة مواطن يومَ القيامة"(1).

(575)

الحديث الثاني والخمسون بعد الأربعمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا إسماعيل (2) قال: حدّثني مالك عن إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

إنّ خيّاطًا دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لطعامٍ صنعَه، قال أنس: فذهبتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطّعام، فقَرَّبَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خُبْزًا من شعير ومرقًا فيه دُبّاء وقديد، قال أنس: فرأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتتبّع الدّبّاء من حول الصَّحفة، فلم أزل أحِبُّ الدّبّاء من يومئذٍ.

أخرجاه (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديّ عن حُميد عن أنس قال:

بعثتْ معي أُمُّ سُليم بمِكْتَل فيه رُطَبٌ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم أجِدْه، وخرج إلى مولى له دعاه صنع له طعامًا. قال: فأتيتُه فإذا هو جمل، فدعاني لآكلَ معه. قال: وصنعَ له ثَريدًا بِلحمٍ وقرع، فإذا هو يُعْجبه المقرعُ، قال: فجعلْتُ أجمعُه فأُدنيه منه، فلمّا طعِمَ رَجعَ إلى منزله. قال: فوضعْتُ المِكْتَل بين يدَيه، فجعل يأكلُ ويقسِمُ حتى فرغ من آخره (4).

(1) المسند 20/ 210 (12825). ومن طريق حرب بن ميمون في الترمذي 4/ 537 (2433) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه. وجعله الألباني في صحيح الترمذي. وحكم محقّق المسند بقوله: رجاله رجال الصحيح، ومتنه غريب.

(2)

وهو ابن أبي أُويس.

(3)

البخاريّ 9/ 563 (5439) وينظر أطرافه في 4/ 318 (2092)، ومسلم 3/ 1615 (2041). وهو من طريق مالك مختصرًا في المسند 19/ 493 (12513) وله روايات كثيرة في المسند - ينظر حاشية 19/ 109.

(4)

المسند 79/ 101 (12052)، وإسناده صحيح. وبه أخرجه ابن ماجة 2/ 1098 (3303) قال في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، والحديث قد رواه الأئمة الستة من طريق أنس أيضًا بلفظ قريب من هذا. وصحّح ابن حبّان الحديث 14/ 292 (6380) من طريق حُميد.

ص: 272

(576)

الحديث الثالث والخسمون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن ثابت عن أنس قال:

بلغ صفيةَ أنّ حفصة قالت: ابنة يهوديٍّ، فبكت، فدخل عليها النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:"ما شأنُك؟ " فقالت: قالت لي حفصة: إنّي ابنة يهودي. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّك لبنتُ نبيٍّ، وإنّ عمّك لنبيٍّ، وانّك لتحتَ نَبيٍّ، فبِمَ تفتخرُ عليك؟ " ثم قال: "اتّقي اللَّه يا حفصة"(1).

(577)

الحديث الرابع والخمسون بعد الأربعمائة: وبالإسناد قال:

خطب النّبيّ صلى الله عليه وسلم على جُليبيب امرأةً من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أَستأمِرَ أمَّها. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "فنعم إذن". قال: فانطلق الرجلُ إلى امرأته فذكر ذلك لها، فقالت: لا ها اللَّه، إذًا، أما وجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا جُلَيبيبًا وقد مَنَعْناها من فلان وفلان! قال: والجاريةُ في سترها تسمعُ. قال: فانطلق الرّجلُ يريدُ أن يُخبرَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالت الجاريةُ: أتريدون أن تَرُدُّوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرَه، إنْ كان قد رَضِيَهُ لكم فأنكحوه. قال: فكأنّها جَلَت عن أبوَيها، وقالا: صَدَقْتِ. فذهب أبوها إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنْ كُنْتَ قد رضِيتَه فقد رَضِيناه. قال: "فإنّي قد رَضِيتُه" فَزّوّجَها، ثم فزِعَ أهل المدينة، فركب جُليبيب، فوجدوه قد قُتِلَ وحولَه ناسٌ من المشركين قد قتلَهم. قال أنس: فلقد رأيْتُها وإنّها لمن أنفق ثيّب بالمدينة (2).

قوله: لا ها اللَّهِ إذًا، كذا روي، والصواب: لا ها ذا، والمعنى: لا واللَّه (3).

(578)

الحديث الخامس والخمسون بعد الأربعمائة: وبالإسناد عن ثابت عن أنس أو غيره:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استأذنَ على سعد بن عبادة، فقال:"السلام عليكم ورحمة اللَّه"، فقال سعد: وعليك السلام ورحمة اللَّه، ولم يُسْمعِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، حتى سلَّم ثلاثًا، وردّ عليه

(1) المسند 19/ 384 (12392)، وإسناده صحيح. وهو في الترمذي 5/ 666 (3894) وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وجعله الألباني صحيحًا. وصححه ابن حبّان 16/ 193 (7211). وهو في أبي يعلى 6/ 185 (3437)، والمختارة 5/ 172 - 175 (1793 - 1797).

(2)

المسند 19/ 385 (12393)، وصحّحه ابن حبّان 9/ 365 (4059)، والهيثمي 9/ 370.

(3)

أطال ابن حجر رحمه الله الحديث في هذه العبارة، الفتح 8/ 37.

ص: 273

سعدٌ ثلاثًا ولم يُسْمِعْه، فرجع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاتَّبَعَه سعد فقال: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمّي، ما سلَّمْتَ تسليمةً إلّا وهي بأذني، ولقد رَدَدْتُ عليك ولم أُسْمِعْك، أحببْتُ أنْ أستكْثِرَ من سلامِك ومن البَرَكة. ثم أدخلَه البيتَ فقرّبَ اليه زبيبًا، فأكل نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلمّا فرغَ قال:"أكلَ طعامَكم الأبرارُ، وصلَّت عليكم الملائكةُ، وأفطر عندَكم الصائمون"(1).

* طريق آخر لبعضه:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أنس بن مالك قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أفطرَ عندَ أهل بيت قال: "أفطرَ عندَكُم الصّائمون، وأكلَ طعامَكم الأبرارُ، وتَنَرّلَتْ عليكم الملائِكة"(2).

(579)

الحديث السادس والخمسون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

لمّا افتتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجّاج بن عِلاط: يا رسول اللَّه، إنّ لي بمكّة مالًا، وإنّ لي بها أهلًا، وإنّي أُريدُ أن آتيَهَم، أفأنا في حِلٍّ إنْ أنا نِلْتُ منك أو قُلْتُ شيئًا. فأذِن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقولَ ما شاء. فأتى امرأتَه حين قَدِم فقال: اجمعي لي ما كان عندَك، وإنّي أُريد أن أشتريَ من غنائم محمّد وأصحابِه، فإنَّهم قد استُبيحوا وأُصيبت أموالُهم. قال: وفشا ذلك بمكّة، فانقمعَ المسلمون، وأظهر المشركون فرحًا وسرورًا، قال: وبلغ الخبرُ العبّاس، فعَقِرَ وجعل لا يستطيعُ أن يقوم، ثم أرسل غلامًا له إلى الحجّاج بن عِلاط: ويلَكَ، ما جئتَ به، وماذا تقول؟ فما وعدَ اللَّهُ تعالى خيرٌ ممّا جئتَ به. قال الحجّاج بن عِلاط لغلامه: اقْرأْ على أبي الفضل السلامَ، وقل له: فلْيَخْلُ لي في بعض بيوته لآتيَه، فإن الخبر على ما يَسُرُّه. فجاءَ غُلامُه، فلمّا بلغ بابَ الدّار قال: أبْشِرْ يا أبا

(1) المسند 19/ 397 (12406)، وصحّحه الهيثمي 8/ 37، وهو في المختارة 5/ 157، 158 (1783، 1784) واقتصر أبو داود على الدعاء 3/ 367 (3854) وصحّحه الألباني.

(2)

المسند 19/ 215 (12177)، ومسند أبي يعلى 7/ 291 (3419) من طريق يحيى، وفيه 7/ 292 (4320، 4321) من طريق هشام عن يحيى. وذكر الحديث البوصيريّ في إتحاف الخيرة 3/ 444 (3079)، وقال عنه: رواته ثقات إلا أنّه منقطع. وذكر أن له شاهدًا من حديث بريدة، رواه ابن ماجة والحاكم والبيهقي. وقال محقّق المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، يحيى ابن أبي كثير لم يسمع من أنس. وذكر أنّه سيأتي من طرق أخرى صحيحة موصولة.

ص: 274

الفضل، فوثبَ العبّاس فَرِحًا حتى قَبَّل بين عينَيه، فأخبره ما قال الحجّاج، فأعتقَه، ثم جاءه الحجّاج فأخبره أن رسول صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر، وغَنِمَ أموالَهم، وجَرَت سهامُ اللَّه في أموالهم، واصطفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صفيّةَ بنت حُيَيّ واتَّخَذَها لنفسه، وخَيّرَها بين أن يُعْتِقَها وتكونَ زوجته أو تلحقَ بأهلها، فاختارت أن يُعْتِقَها وتكونَ زوجتَه. ولكنّي جئتُ لمالٍ كان لي هاهنا أردْتُ أن أجمعَه فأذهبَ به، واستأذَنْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأذِنَ لي أن أقولَ ما شئْتُ، فأخفٍ عنّي ثلاثًا ثم اذكر ما بدا لك. قال: فجمعَت امرأتُه ما كان عندها من حُلِيٍّ أو مَتاعٍ، فجمعَتْه فدفعَتْه إليه، ثم انشمر به.

فلمّا كان بعد ثلاث أتى العبّاسُ امرأة الحجّاج فقال: ما فعلَ زوجُك؟ فأخبَرَتْه أنّه قد ذهب يومَ كذا وكذا، وقالت: لا يَحْزُنُك اللَّه يا أبا الفضل، لقد شقَّ علينا الذي بَلَغَك. قال: أجل لا يَحْزُنّي اللَّه، ولم يكن بحمد اللَّه إلّا ما أحْبَبْنا: فتح اللَّهُ خيبرَ على رسوله، وجَرَتْ فيها سهامُ اللَّه، واصطفى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم صفيّةَ لنفسه، فإن كانت لكِ حاجةً في زوجك فالحقي به. قالت: أظنُّكَ واللَّهِ صادقًا، قال: فإنّي صادق، الأمرُ على ما أخبرْتُك، ثم ذهبَ حتى أتى مجالسَ قُريش، وهم يقولون إذا مرّ بهم: لا يُصيبُك إلّا خيرّ يا أبا الفضل. قال: لم يُصِبْني إلّا خيرٌ بحمد اللَّه، قد أخبرَني الحجّاج بن عِلاط أنّ خيبرَ فتحها اللَّه تعالى على رسوله، وجَرَتْ فيها سِهامُ اللَّه، واصطفى صفيّة لنفسه، وقد سألنَي أن أُخْفيَ عنه ثلاثًا، وإنّما جاء ليأخذَ مالَه وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهبَ. قال: فردّ اللَّهُ الكآبةَ التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرجَ المسلمون من كان دخلَ بيتَه مكتئبأ حتى أتَوا العبَاس، فأخبرَهم الخبرَ، فسُرَّ المسلمون، وردَ ما كان من كآبةٍ أو غيظٍ أو حُزنٍ على المشركين (1).

ومعنى عَقِرَ: تحيَّرَ ودَهِش.

(580)

الحديث السابع والخمسون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

أخذَ رسولُ اللَّهِ على النساء حين بايعَهنّ ألا يَنُحْنَ. فقلن: يا رسول اللَّه، إنّ نساءً أسْعَدْنَنا في الجاهليةَ، أفَنُسْعِدُهُنّ في الإسلام؟ فقال رسول اللَّه: "لا إسعادَ في الإسلام،

(1) المسند 19/ 400 (12409)، ومسند أبي يعلى 6/ 194 (3479). وصحّحه ابن حبّان 10/ 390 (4530)، وصحح إسناده الهيثمي 6/ 157.

ص: 275

ولا شِغار، ولا عَقْرَ في الإسلام، ولا جَلَبَ في الإسلام، ولا جَنَبَ. ومن انتَهَبَ فليس منا" (1).

الإسعاد: إسعاد المرأةِ المرأةَ في مصيبتها.

والشِّغار: أن يزوّج الرّجلُ الرّجلَ ابنته على أن يُزَوِّجَه أختَه أو قريبةً له.

والعَقر: الذَّبح عند قبور الموتى.

والجَلَب: الصيّاح على الفرس في السّباق.

والجَنَب: أن يُجنّب فرسًا، فإذا أعْيَت فرسُه التي يُسابق عليها انتقل إلى تلك.

(581)

الحديث الثامن والخمسون بعد الأربعمائة: [حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت](2) عن أنس:

أنّ نفرًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النّبيّ عن عمله في السّرّ، فقال بعضُهم: لا أتزوّج النّساء، وقال بعضُهم: لا آكُلُ اللّحم. وقال بعضهم: لا أنامُ على فراش. وقال بعضُهم: أصومُ ولا أُفْطِرُ. فقام فحَمِد اللَّهَ وأثْنى عليه، ثم قال:"ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا؟ لكنّي أُصَلّي وأنامُ، وأصومُ وأُفْطِرُ، وأتزوّجُ النّساء، فمن رَغِبَ عن سُنّتي فليس منّي".

أخرجاه (3).

(582)

الحديث التاسع والخمسون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيَ يوسفُ عليه السلام شطرَ الحُسْن"(4).

(1) المسند 20/ 333 (13032). وصحّحه ابن حبّان 7/ 415 (3146) من طريق ابن خزيمة عن محمّد ابن يحيى عن عبد الرزّاق به. وأخرج الترمذي 4/ 131 (1601)"من انتهب فليس منا"، وأبو داود 3/ 216 (3222)"لا عقر في الإسلام"، والنسائي 4/ 16 "لا إسعاد في الإسلام" كلُّهم من طريق عبد الرزّاق، وصحّحه الألباني.

(2)

في الأصل "وبه". والأحاديث السابقة كانت عن عبد الرزّاق عن معمر عن ثابت. أما هذا الحديث والأربعة التي بعده فهي عن عفّان عن حمّاد بن سلمة عن ثابت. فليس قوله: "وبه" مستقيمًا.

(3)

المسند 21/ 437 (14045) وهو إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه مسلم 2/ 1020 (1401) من طريق حمّاد. أما البخاريّ 9/ 104 (5063) فأخرجه من طريق حُميد عن أنس. كما أخرجه أحمد 21/ 169 (12534) عن مُؤمّل عن حمّاد عن ثابت، 21/ 273 (13727) عن أسود عن حمّاد عن ثابت.

(4)

المسند 21/ 441 (14050) وصحّحه الحاكم 2/ 570 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

ص: 276

(583)

الحديث الستون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس:

أنّ رجلًا كان يُتّهم بامرأة، فبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليًّا ليقتله، فوجدَه في رَكيٍّ (1) يتَبَرّدُ فيها، فقال له: ناوِلْني يدَك، فناولَه يدَه فإذا هو مجبوبٌ ليس له ذكر، فأتى رسول اللَّه فأخبرَه، فقال: يا رسول اللَّه، إنّه لمجبوب ماله ذكر.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

وهذا الرّجل اتُّهِم بماريةَ القبطيّة.

(584)

الحديث الحادي والستون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس:

أنّ المشركين لمّا رَهِقوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في سبعة من الأنصار ورجلين من قُريش، قال:"مَن يَرُدُّهُم عنا وهو رفيقي في الجنّة؟ " فجاء رجلٌ من الأنصار فقاتلَ حتى قُتِلَ، فلما رَهِقوه أيضًا قال:"مَن يَرُدُّهُم عني وهو رفيقي في الجنّة؟ " حتى قُتِلَ السّبعة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما أنصفنا أصحابنا".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

(585)

الحديث الثاني والستون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ لأهلِ الجنّة سُوقًا يأتونها كلَّ جُمعةٍ، فيها كُثْبان المِسْكِ، فإذا خرجوا إليها هبَّتْ الرّيحُ فتملأُ وجوهَهم وثيابَهُم وبيوتَهم مِسْكًا، فيزدادون حُسْنًا وجَمَالًا، فيَأتون أهليهم فيقولون: لقد ازْدَدْتُم بعدَنا حُسْنًا وجَمالًا. ويقولون لهم: وأنتم قد ازْدَدْتُم بَعْدَنا حُسنًا وجَمالًا".

انفرد بإخراجه مسلم (4).

(586)

الحديث الثالث والستون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس ابن محمّد قال: حدّثنا حَرب قال: سمعت عمران العمّيّ قال: سمعْتُ أنسًا يقول:

(1) الرّكي: البئر.

(2)

المسند 21/ 405 (13989)، ومسلم 4/ 2139 (2771).

(3)

المسند 21/ 443 (14056) من طريق عفّان - كما سبق. ومسلم 3/ 1415 (1789) من طريق حمّاد. وروي "ما أنصفْنا أصحابَنا" أي الأنصار. و"ما أنصَفَنا أصحابُنا" أي القرشيّان.

(4)

المسند 21/ 430 (14035) من طريق عفّان أيضًا، ومسلم 4/ 2178 (2833) من طريق حمّاد.

ص: 277

إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال "إنّ اللَّهَ عز وجل حيث خلقَ الدّاءَ خَلَقَ الدّواء، فتداوَوا"(1).

(587)

الحديث الرابع والستون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاوية ابن عمرو قال: حدّثنا زائدة قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مَعْمَر قال: سمعت أنسًا يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ فضلَ عائشةَ على النّساء كفَضل الثَّريد على الطّعام".

أخرجاه (2).

(588)

الحديث الخامس والستون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هيثم بن خارجة قال: حدّثنا رِشدين بن سعد عن عبد اللَّه بن الوليد عن أبي حفص حدّثه أنّه سمع أنس بن مالك يقول:

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّ مَثَلَ العلماء في الأرض كمثل النّجوم في السماء، يُهْتَدى بها في ظُلُمات البرّ والبحر، فإذا انطمستِ النُّجوم أوشكَ أن تَضِلَّ الهُداةُ"(3).

(589)

الحديث السادس والستون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عارم قال: حدّثنا مُعْتَمِر قال: سمعْتُ أبي يحدّثُ أن أنسًا قال:

قيل للنبي: لو أتيْتَ عبدَ اللَّه بن أُبيّ، فانطلقَ إليه وركب حمارًا، فانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سَبِخة، فلمّا انطلق إليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إليكَ عنّي، فواللَّه لقد آذاني ريحُ حمارِك. فقال رجلٌ من الأنصار: واللَّه لحمارُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أطيب ريحًا منك. قال: فَغَضِبَ لعبد اللَّه رجالٌ من قومه، فغَضِبَ لكلّ واحد منهما أصحابُه. قال: فكان بينهم ضَرْبٌ بالجريد والأيدي والنّعال. فبَلَغَنا أنّها نزلت فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].

(1) المسند 20/ 50 (12596). قال الهيثمي في المجمع 5/ 87: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، خلا عمران العمّي، وقد وثّقه ابن حبّان وغيره، وضعّفه ابن معين وغيره. وقال محقّق المسند: صحيح لغيره. وذكر بعض شواهده. وينظر الفتح 10/ 135.

(2)

المسند 20/ 50 (12597)، وهو في البخاريّ 6/ 107 (3770)، ومسلم 4/ 1895 (2446) من طريق عبد اللَّه بن عبد الرحمن. ومعاوية وزائدة من رجال الشيخين.

(3)

المسند 20/ 52 (12600). قال الهيثمي 1/ 126: فيه رِشدين بن سعد، واختلف في الاحتجاج به، وأبو حفص صاحب أنس مجهول. وقال المنذري في الترغيب 1/ 130 (128) عن أبي حفص، ولم أعرفه، وفيه رشدين أيضًا.

ص: 278

أخرجاه (1).

(590)

الحديث السابع والستون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حُسين ابن محمّد قال: حدّثنا خلف بن خليفة قال: حدّثنا حفص بن عمر عن أنس قال:

كنتُ جالسًا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الحَلْقة ورجلٌ قائمٌ يُصَلّي، فلمّا ركع وسَجَدَ جلس فتشهّد، ثم دعا فقال:"اللهمَّ إنّي أسألُك بأنّ لك الحمدَ، لا إله الّا أنت، المنّانُ، بَديعُ السّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيّ يا قيومُ، إنّي أسألُك" فقال رسول اللَّه: "أتَدْرُون بمَ دعا؟ " فقالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ. فقال: "والذي نفسي بيده، لقد دعا باسمه العظيم، الذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى"(2).

(591)

الحديث الثامن والستون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

كان رسول اللَّه يأمر بالباءة وينهى عن التّبَتُّل نَهيًا شديدًا. ويقول: "تَزَوّجوا الوَدودَ الوَلودَ، إنّي مُكاثِرٌ بكم الأنبياء يومَ القيامة"(3).

(592)

الحديث التاسع والستون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

كان أهلُ بيت من الأنصار لهم جملٌ يَسْنون (4) عليه، وإنّ الجملَ استصعب عليهم فَمَنَعَهُم ظهرَه، وإنّ الأنصار جاءوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنّه كان لنا جملٌ نَسنِي عليه، وإنّه قد استصعبَ علينا ومَنَعَنا ظهرَه، وقد عَطِشَ الزّرع والنّخل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"قُوموا" فقاموا، فدخلَ الحائطَ والجملُ في ناحيتهِ، فمشى النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: يا نبيّ اللَّه، إنّه قد صار مثلَ الكَلْبِ الكَلِبِ وإنّا نخافُ عليك صَوْلَتَه.

(1) المسند 20/ 56 (12607). وهو في البخاريّ 5/ 297 (2691) من طريق معتمر، ومثله في مسلم 3/ 1424 (1799). وعارم، محمّد بن الفضل السدوسي من رجالهما.

(2)

المسند 20/ 61 (12611)، وهو في الأدب المفرد 1/ 371 (705) من طريق خلف، وصحّحه المحقّق (تحرّف فيه: عليّ عن خلف، إلى عليّ بن خلف). وهو من طريق خلف في أبي داود 2/ 79 (1495)، والنسائي 3/ 52، وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 503، وابن حبّان 3/ 175 (893)، وصاحب المختارة 5/ 256 - 258 (1884، 1885)، وينظر تعليق محقّق المسند.

(3)

المسند 20/ 63 (12613) قال الهيثمي 4/ 264: إسناده حسن. وقال محقق المسند: صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي. وصحّحه ابن حبّان 9/ 338 (4028) من طريق خلف.

(4)

يسنون: يستقون.

ص: 279

فقال: "ليس على منه بأسٌ" فلمّا نظر الجمل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقبلَ نحوه حتى خرَّ ساجدًا بين يدَيه، وأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بناصيته أذلَّ ما كانت قَطُّ حتى أدخلَه في العمل، فقال له أصحابُه: يا نبيّ اللَّه، هذه بهيمةٌ لا تعقل تَسْجُدُ لك، ونحن نعقلُ، فنحن أحقُّ أن نسجُدَ لك. قال:"لا يَصْلُحُ لبشرٍ أن يسجُدَ لِبَشَر، ولو صلح لبشر أن يسجدَ لبشر لأمرْتُ المرأة أن تَسْجُدَ لِزوجها من عِظَم حقِّه عليها. والذي نفسي بيده، لو كان من قدمِه إلى مَفْرِقِ رأسه قَرْحة تَتبَجّسُ بالقيح والصَّديد ثم اسْتَقْبَلَتْهُ تَلْحَسُه ما أدّت حقّه"(1).

(593)

الحديث السبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا محمّد بن مقاتل قال: أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرنا الأوزاعيّ قال: حدّثنا إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة الأنصاريّ قال: حدّثني أنس بن مالك قال:

أصابتِ النّاسَ سَنَةّ على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبينا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطُب على المنبر يومَ الجمعة، إذ قام أعرابيّ فقال: يا رسول اللَّه، هلك المالُ، وجاعَ العيال، فادعُ اللَّه لنا أنْ يَسْقيَنا. فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَدَيه وما في السماء قَزَعة (2)، فثار سحابٌ أمثالُ الجبال، ثم لم ينزلْ عن مِنبره حتى رأيْنا المطرَ يتحادرُ على لحيته. قال: فمُطِرْنا يومنا ذلك، ومن الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه، إلى الجمعة الأُخرى، فقام ذلك الأعرابيُّ -أو رجلٌ غيره- فقال: يا رسول اللَّه، تهدَّم البناء، وغرِقَ المالُ، فادع اللَّهَ لنا. فرفعَ رسول اللَّه يدَيه فقال:"اللهمّ حوالَينا ولا علينا". قال: فما جعل يُشير بيده إلى ناحية من السّماء إلّا انفرجت حتى صارت المدينة مثل الجَوبة (3)، حتى سال الوادي -وادي قناة- شهرًا، ولم يجىءْ أحدٌ من ناحية إلّا حدَّث بالجَود.

أخرجاه (4).

(1) المسند 20/ 64 (12614)، والمختارة 5/ 265 (1895). وقال الهيثمي 9/ 7: رواه أحمد والبزّار، ورجاله رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس، وهو ثقة. وقد صحّحه محقّق المسند لغيره، وينظر تخريجه فيه، وينظر في الباب المجمع 4/ 309 وما بعدها.

(2)

القزعة واحدة القَزَع: السحاب المتفرق.

(3)

الجَوْبة: الحفرة المستديرة الواسعة.

(4)

البخاريّ 2/ 519 (1033)، ومسلم 2/ 612 - 615 (897). وهو في المسند من طريق عبد اللَّه بن المبارك عن الأوزاعي 21/ 258 (13693).

والجَود: المطر الغزير. وقناة: وادٍ قرب أحد.

ص: 280

(594)

الحديث الحادي والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا شَبابةُ بن سَوّار قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال:

كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم تسعُ نسوة، فكان إذا قَسمَ بينهنّ لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكنّ يجتمعن كلَّ ليلةٍ في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة، فجاءت زينب، فمدّ يده إليها، فقالت: هذه زينبُ، فكفّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدَه، فتقاتَلَتا حتى اسْتَخَبَتا (1)، وأقيمتِ الصّلاة، فمرّ أبو بكر على ذلك فسمعَ أصواتَهما، فقال: اخْرُج يا رسول اللَّه إلى الصلاة واحْثُ في أفواههنّ التّراب. فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: الآن يقضي النّبيّ صلاته، فيجيء أبو بكر فيفعلُ بي ويفعل. فلمّا قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أتاها أبو بكر فقال لها قولًا شديدًا، وقال: أتصنعين هذا!

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(595)

الحديث الثاني والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا شُعبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يسوق بَدَنةً، فقال:"ارْكَبْها" قال: إنّها بَدَنة. قال: "ارْكَبْها" ثلاثًا.

أخرجاه (3).

(596)

الحديث الثالث والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يَعْمَرُ قال: حدّثنا عبد اللَّه قال: أخبرنا سفيان عن زيد العمّيّ عن أبي إياس عن أنس بن مالك:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبيّ رَهْبانيّةُ، ورَهْبانيّةُ هذه الأمة الجهاد في سبيل اللَّه عز وجل"(4).

(1) استخبَ من السّخَب: وهو اختلاط الأصوات.

(2)

مسلم 2/ 1084 (1462).

(3)

البخارىّ 3/ 536 (1690)، وفي مسلم 2/ 960، 961 (1323) عن ثابت وحُميد وبكير عن أنس. والحديث في المسند 20/ 174 (12774) من طريق شُعبة. ويُنظر مواضعه في مسند أنس في حاشية 20/ 150.

(4)

المسند 21/ 317 (13807). قال المحقّق: إسناده ضعيف لضعف زيد، وقد أُعلّ بالإرسال. وينظر فيه مصادره. وينظر أيضًا مسند أبي يعلى 7/ 210 (4204)، وتعليق المحقّق.

ص: 281

(597)

الحديث الرابع والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا المختار بن فُلْفُل قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ الرّسالة والنّبوّة قد انقطعت، ولا رسولَ بعدي ولا نبيّ". قال: فشقّ ذلك على النّاس، فقال:"ولكن المُبَشِّرات". قالوا: يا رسول اللَّه، وما المُبَشِّرات" قال:"رؤيا الرّجل المسلم، وهي جزءٌ من أجزاء النّبوة"(1).

(598)

الحديث الخامس والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد عن ثابت عن أنس:

أنّ قريشًا صالحوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم سُهيل بن عمرو، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ:"اكْتُبْ: بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم" فقال سهيل: لا ندري ما بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، ولكن اكتب ما نعرف: باسمك اللهمّ. فقال: "اكتب: من محمّد رسول اللَّه" فقال: لو عَلِمْناك رسولَ اللَّه لاتَّبَعْناك، ولكن اكتُب اسمك واسم أبيك. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"اكتُب: من محمّد بن عبد اللَّه" فاشترطوا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّ من جاء منكم لم نَرُدّه عليكم، ومن جاءَكم منّا رَدَدْتُموه علينا. فقال: يا رسول اللَّه، أنكتُب هذا؟ قال:"نعم، إنّه من ذهب منّا إليهم فأبعدَه اللَّه عز وجل".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(599)

الحديث السادس والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مُؤَمّل قال: حدّثنا عُمارة بن زاذان قال: حدّثنا ثابت عن أنس بن مالك:

أنّ مَلَكَ المطر استأذنَ أن يأتيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأذِنَ له، فقال لأمّ سلمة:"أملِكي علينا الباب، لا يدخلُ علينا أحدٌ" قال: وجاء الحسين ليدخلَ فمنَعَتْهُ، فوثبَ فدخل، فجعل

(1) المسند 21/ 326 (13824). والترمذي 4/ 462 (2272). قال: وفي الباب عن أبي هريرة وحذيفه بن أسيد وابن عبّاس وأمّ كرز وأبي أسيد. قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث المختار ابن فلفل. وصحّحه الألباني. والحاكم 4/ 391 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وينظر مسند أبي يعلى 7/ 38 (3947)، والمختارة 7/ 205، 206 (2644، 2645).

(2)

المسند 21/ 328 (13827)، ومسلم 3/ 1441 (1784).

ص: 282

يقعدُ على ظهر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى مَنْكِبه وعلى عاتقه. قال: فقال المَلَكُ للنبي صلى الله عليه وسلم: أتُحِبُّه. قال: "نعم" قال: فإنّ أُمّتَك ستقتلُه، فإنْ شِئْتَ أرْيتُك المكانَ الذي يُقْتَلُ به، فضَرَب يَده فجاء بطينهَ حمراءَ، فأخَذَتْها أمُّ سَلمةَ فصرَّتها في خِمارها.

قال ثابت: بلغَنا أنّها كربلاء (1).

قال أحمد بن حنبل: عُمارة بن زاذان يروي عن أنس أحاديث مناكير. وقال أبو حاتم الرازيّ: لا يُحْتَجّ به (2).

(600)

الحديث السابع والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد ابن عبد اللَّه الأنصاريّ قال: حدّثنا هشام بن حسّان عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك:

"أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصف من عِرق النِّسا ألْيَةَ كبْشٍ عربيّ أسودَ، ليس بالعظيم ولا بالصّغير، تُجَزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، فتُذابُ ويُشرب كلّ يوم جزء"(3).

(601)

الحديث الثامن والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مروان بن معاوية قال: أخبرَني هلال بن سُويد أبو مُعَلّى قال: سمعْتُ أنس بن مالك يقول:

أَهْدِيَت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثةُ طوائرَ، فأطعم خادِمَه طائرًا، فلمّا كان من الغدِ أتَتْه به،

(1) المسند 21/ 172 (13539)، رواه من طريق عبد الصّمد بن حسّان عن عُمارة به 21/ 308 (13794). وصحّح الحديث ابن حبّان 1/ 142 (6742) من طريق عُمارة، وأخرجه أبو يعلى 6/ 129 (3402)، والطبراني في الكبير 3/ 112 (2812) من طريق عمارة. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 190: رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانيّ والبزّار بأسانيد، وفيها عمارة بن زاذان، وثّقه جماعة، وفيه ضعف. فمدار الحديث على عمارة. ينظر تعليق المحقّقين.

(2)

نُقل هذا القول عن الإمام أحمد، وعن أبي حاتم في المصادر. ولكنه نقل أيضًا عنهما وعن غيرهما من الأئمة بعض الأقوال في توثيقه، والاختلات فيه. ينظر موسوعة أقوال الإمام أحمد 3/ 59، 60، والجرح 6/ 365، وتهذيب الكمال 5/ 325، والميزان 3/ 176 (6024).

(3)

المسند 21/ 21 (13295)، وهو في سنن ابن ماجة 2/ 1147 (3463) من طريق هشام. وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي 2/ 292، 4/ 206، 408، وهو في المختارة 4/ 385 - 387 (1554 - 1556)، وصحّحه الشيخ ناصر - الأحاديث الصحيحة 4/ 523 (1899).

ص: 283

فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألم أَنْهَكِ أن ترفعي شيئًا لغد، فإنّ اللَّه تعالى يأتي بزرق كلِّ غد"(1).

(602)

الحديث التاسع والسبعون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مروانُ ابن معاوية قال: حدّثنا حنظلة بن عُبيد اللَّه السّدوسيّ قال: حدّثنا أنس بن مالك قال:

قال رجلٌ: يا رسول اللَّه، أحدُنا يلقَى صديقه، أينحني له ويُقَبِّلُه؟ قال:"لا". قال: أفيصافِحهُ؟ قال: "نعم، إن شاء"(2).

(603)

الحديث الثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: أخبرني عليٌّ بن مسعدة الباهليّ قال: حدّثنا قتادة عن أنس:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستقيمُ إيمانُ عبد حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتى يستقيمَ لسانُه، ولا يَدْخُلُ الجنّةَ حتى يأمنَ جارُه بوائقَه"(3).

(604)

الحديث الحادي والثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن حُميد عن أنس قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المؤمِن من أَمِنَه النّاسُ، والمسلم من سَلِمَ المسلمون من لِسانِه ويده، والمهاجرُ من هَجَرَ السّوء. والذي نفسي بيده، لا يدخُلُ الجنّةَ عبدٌ لا يأمَنُ جارُه بوائقَه"(4).

(1) المسند 20/ 339 (13043)، ومسند أبي يعلى 7/ 224 (4223)، وضعّف لضعف هلال. قال عنه البُخاريّ في التاريخ الصغير 2/ 59: روى "لا يُدّخر شيء لغد" ولا يتابع عليه. ونقل الذهبي في الميزان 4/ 314 (9270) ذلك عن البخاريّ في "الضعفاء". وذكر الهيثمي الحديث في المجمع 10/ 306 وقال: رواه أحمد، وإسناده حسن. وأعاده 10/ 325 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير هلال أبي المعلّى، وهو ثقة.

(2)

المسند 20/ 340 (13044)، ومسند أبي يعلى 7/ 269، 271 (4287، 4289). وضعّف لضعف حنظلة ابن عبيد اللَّه - أو عبد اللَّه. ينظر التهذيب 2/ 320 والحديث من طريق حنظلة في الترمذي 5/ 70 (2728)، وحسنّه. وابن ماجة 2/ 1220 (3702). وينظر الصحيحة 1/ 298 (160).

(3)

المسند 20/ 343 (13048). قال في المجمع 1/ 58: وفي إسناده على بن مسعده، وثّقه جماعة وضعّفه آخرون.

(4)

المسند 20/ 29 (12561)، وأبو يعلى 7/ 99 (4187)، وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 11 على شرط مسلم، وابن حبّان 2/ 264 (510)، وقال في المجمع 1/ 59: رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجاله رجال الصحيح إلّا عليّ بن زيد (وهو ليس في هذه السياقة)، وقد شاركه فيه حُميد ويونس بن عبيد.

ص: 284

(605)

الحديث الثاني والثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن مَعمر عن الزُّهري عن أنس:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَباغَضُوا، ولا تَقاطَعُوا، ولا تَدابَروا، ولا تَحاسَدوا، وكُونوا عبّاد اللَّه إخوانًا. ولا يَحِلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاثة أيّام".

أخرجاه (1).

(606)

الحديث الثالث والثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الواحد أبو عُبيدة الحدّاد قال: حدّثنا المُعَلّى بن جابر قال: حدّثنا موسى بن أنس بن مالك عن أبيه قال:

كان إذا قام المؤذّن فأذّن صلاة المغرب (2). قام من شاء فصلّى حتى تُقام الصلاةُ، ومن شاء ركعَ ركعتَين ثم قعدَ، وذلك بعين نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).

(607)

الحديث الرابع والثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حمّاد بن ريد عن ثابت عن أنس بن مالك أنّه قال:

إنّي لا آلو أنْ أُصلِّيَ بكم كما كان رسول اللَّه يُصلّي بنا. فكان أنس يصنعُ شيئًا ما أراكم تصنعونه: كان إذا رفع رأسَه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقولَ القائل: لقد نَسِي، وكان إذا رفع رأسَه من السَّجدة فقعد حتى يقولَ القائل: لقد نَسِي.

أخرجاه (4).

(1) المسند 20/ 348 (13053)، والبخاريّ 10/ 481 (6065) من طريق الزّهري، ومسلم 4/ 1983، 1984 (2559) عن معمر وغيره عن الزّهري. وعبد الأعلى من رجال الشيخين.

(2)

في المسند "في المسجد بالمدينة".

(3)

المسند 20/ 352 (13058). قال المحقّق: رجاله ثقات رجال الصحيح، غير المعلّى بن جابر، روى عنه جمع. وقال ابن كثير في الجامع 23/ 451: تفرّد به - أي الإمام أحمد.

وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه 1/ 573 (836) من طريق المختار بن فُلْفُل عن أنس بن مالك: كنا نصلّي على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس، قبل صلاة المغرب. فقلتُ له: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلّاهما؟ قال: كان يرانا نصلّيهما، فلم يأمرْنا ولم ينْهنا. وأخرج عن عبد العزيز بن صُهيب عن أنس (837) قال: كُنّا بالمدينة، فإذا أذّن المؤذّن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فيركعون ركعتين ركعتين، حتى إنّ الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صُلّيت من كثرة من يصلّيهما.

(4)

المسند 21/ 74 (13369). والبخاريّ 2/ 301 (821)، ومسلم 1/ 344 (472) عن حمّاد.

ص: 285

(608)

الحديث الخامس والثمانون بعد الأربعمائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا ابن جُريج قال: أخبرني ابن شهاب عن أنس بن مالك أنّه قال:

آخرُ نظرةٍ نَظَرْتُها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّه اشتكى، فأمرَ أبا بكر فصلّى بالنّاس، وكشف رسولُ اللَّه سِتْرَ حجرة عائشة، فنظرَ إلى النّاس، فنظرْتُ إلى وجهه كأنّه ورقةُ مصحف، حتى نكَصَ أبو بكر على عَقِبَيْه لِيَصِلَ إلى الصّفِّ، وظَنّ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يريدُ أن يُصَلّيَ بالنّاس، فتبسمّ حين رآهم صفوفًا، فأشار إليهم بيده: أن أَتِمُّوا صلاتَكم، وأرخى السِّتْرَ بينه وبينهم، فتوفّي في يومه ذلك.

أخرجاه (1).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق عن مَعمر قال: قال الزُّهري: أخبرني أنس قال:

لمّا كان يوم الاثنين، كشف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الحجرة، فرأى أبا بكر وهو يُصَلّي بالنّاس. قال: فنظرْتُ إلى وجهه كأنّه ورقةُ مصحف، وهو يتبَسّم، قال: فكِدْنَا نُفْتَنُ في صلاتنا فرحًا برسول اللَّه، فأراد أبو بكر أن بنكُصَ، فأشار إليه: أن كما أنت، ثم أرخى السِّتْر، فقُبِض من يومه صلى الله عليه وسلم.

فقام عمر فقال: إنّ رسول اللَّه لم يَمُتْ، ولكن ربّه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى، فمكثَ عن قومه أربعين ليلة، واللَّه إنّي لأرجو أن يعيشَ رسول اللَّه حتى يُقَطِّعَ أيديَ رجال من المنافقين وألسنتهم، يزعمون أن رسول اللَّه قد مات (2).

آخر مسند أنس بن مالك (3)

* * * *

(1) المسند 20/ 102 (12666)، والبخاريّ 2/ 164 (680) عن الزّهري، وفيه الطرق.

(2)

المسند 20/ 330 (13028)، وصحيح ابن حبّان 15/ 296 (6875). وهو في مسلم 1/ 315 (419) دون قصة عمر رضي الله عنه.

(3)

زادت النسخة هـ "والحمد للَّه كثيرًا".

ص: 286