المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(31) مسند البراء بن عازب - جامع المسانيد لابن الجوزي - جـ ١

[ابن الجوزي]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الألف

- ‌(1) مسند أُبَيّ بن كعب بن قيس أبي المُنذر الأنصاري

- ‌(2) مسند أُبَيّ بن مالك

- ‌(3) مسند أحمد بن حفص بن المغيرة أبي عمرو المخزومي

- ‌(4) مسند أحمر بن جَزء أبي عمرو المخزومي

- ‌(5) مسند أبي عَسيب مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واسمه أحمر

- ‌(6) مسند أرقم بن أبي الأرقم

- ‌(7) مسند أُسامة بن زيد

- ‌(8) مسند أسامة بن شريك الثَّعلبي العامريّ

- ‌(9) مسند أسامة بن عُمير بن عامر الهُذَليّ أبي أبي المَليح البصريّ

- ‌(10) مسند أسعد بن زُرارة

- ‌(11) مسند أبي رافع مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) مسند أسماء بن حارثة

- ‌(13) مسند الأسود بن سريع

- ‌(14) مسند الأسود بن خلف ابن عبد يغوث القرشي

- ‌(15) مسند أُسيد بن حُضَير

- ‌(16) مسند أُسيد بن ظُهير

- ‌(17) مسند أُسَير بن عمرو بن قيس أبي سَليط الأنصاري

- ‌(18) مسند الأشعث بن قيس الكندي

- ‌(19) مسند الأغرّ المزني

- ‌(20) مسند أُميّة بن مَخْشِيّ أبي عبد اللَّه الخُزاعي الأزديّ

- ‌(21) مسند أنس بن مالك أبي حمزة الأنصاريّ

- ‌(22) مسند أنس بن مالك الكَعبيّ

- ‌(23) مسندُ أُنَيس بن أبي فاطمةَ الأزديّ

- ‌(24) مسند أوس بن أوس ويقال: ابن أبي أوس، الثَّقَفِيِّ

- ‌(25) مسند أوس بن حُذيفة بن ربيعة الثَّقَفيّ

- ‌(26) مسند أُهْبان بن صَيفي

- ‌(27) مسند إياس بن ثعلبة أبي أُمامة الحارثي

- ‌(28) مسند إياس بن عبد أبي عوف المُزَنيّ

- ‌(29) مسند أيمن بن خُريم

- ‌حرف الباء

- ‌(30) مسند بُدَيْل بن وَرقاء

- ‌(31) مسند البَراء بن عازِب

- ‌(32) مسند بُرَيدة بن الحُصَيب الأسلميّ

- ‌(33) مسند بَرّ بن عبد اللَّه أبي هند الدّاريّ

- ‌(34) مسند بُسْر بن أرطاة

- ‌(35) مسند بُسْر بن جِحاش القُرَشِيّ

- ‌(36) مسند بِشر بن سُحَيم

- ‌(37) مسند بِشر أبي رافع السَّلَميّ

- ‌(38) مسند بِشر الخَثْعَميّ

- ‌(39) مسند بشير بن عَقْرَبَة

- ‌(40) مسند بشير بن عمرو بن مِحْصَن أبي عَمرة الأنصاري

- ‌(41) مسند بشير بن مَعْبَد بن شَراحيل السَّدُوسيّ

- ‌(42) مسند بلال بن الحارث المُزَنيّ

- ‌(43) مسند بلال بن رباح

- ‌حرف التاء

- ‌(44) مسند تمّام بن العبّاس بن عبد المطّلب

- ‌(45) مسند تميم بن أسيد

- ‌(46) مسند تميم بن أوس بن خارجه أبي رُقَيّة الدّاري

- ‌(47) مسند تميم بن عبد عمرو بن قَيس أبي الحسن المازني

- ‌(48) مسند التَّلِب بن ثعلبة بن ربيعة أبي هِلقام

- ‌حرف الثاء

- ‌(49) مسند ثابت بن الضّحّاك

- ‌(50) مسند ثابت بن قيس بن شَمّاس

- ‌(51) مسند ثابت بن يزيد بن وديعة أبي سعد الأنصاريِّ

- ‌(82) مسند ثَوبان مولى رسول اللَّه

الفصل: ‌(31) مسند البراء بن عازب

(31) مسند البَراء بن عازِب

(1)

(624)

الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن مصعب قال: حدّثنا الأوزاعي عن الزّهري عن حرام بن مُحَيِّصة عن البراء بن عازب:

أنّه كانت له ناقةٌ ضاريةٌ، فدَخَلَتْ حائطًا فأفسَدَتْ فيه، فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنّ حِفْظَ الحوائط بالنّهار على أهلها، وأنّ حفْظَ الماشية بالليل على أهلها، وأنّ ما أصابت الماشيةُ بالليل فهو على أهله (2).

(625)

الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمّد بن أبي شيبة قال عبد اللَّه بن أحمد: وسمعته أنا من عبد اللَّه، قال: حدّثنا أبو خالد الأحمر عن الحسن ابن عمرو عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أقيموا صفوفَكم، لا يتخَلَّلُكم كأولاد الحَذَف". قيل: يا رسول اللَّه، وما أولادُ الحَذَف؟ قال:"سُودٌ جُرْدٌ تكون بأرضِ اليمن"(3).

هكذا روي تفسيره. وقال أهل اللغة: أولاد حَذَف: هي الغنم الصِّغار الحجازيّة، واحدُها حذَفة: وهي النّقَد أيضًا، وفي لفظ:"لا يتخلّلُكم الشياطين، فإنّها بناتُ حَذَف"(4).

(626)

الحديث الثالث: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمّد

(1) الطبقات 4/ 269، والاستيعاب 1/ 143، والتهذيب 1/ 232، والسير 3/ 194، والإصابة 1/ 146.

ومسنده (68) في المقدّمين بعد العشرة في "الجمع"، وله اثنان وعشرون حديثًا للشيخين، وانفرد البخاريّ بخمسة عشر، ومسلم بستّة. ومجموع أحاديثه خمس وثلاثمائة - التلقيح 364.

(2)

المسند 4/ 295. وقد صحّح العلماء الحديث من طريق حرام عن البراء: الحاكم والذهبي 2/ 48، وابن حبّان - الموارد 248 (1168)، وهو في أبي داود 3/ 298 (3569، 3570)، وابن ماجة 2/ 781 (2332) وصحّحه الألباني فيهما وفي الأحاديث الصحيحة 1/ 477 (238). وينظر التحفة 2/ 13، 14.

(3)

المسند 4/ 296. رجاله رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن عوسجة، ثقة، روى له أصحاب السنن، والبخاريّ في "الأدب" و"أفعال العباد". وأخرجه الحاكم 1/ 217 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. وقال الذهبيّ: على شرطهما.

(4)

النصّ والحديث في تهذيب اللغة 4/ 268. وينظر النهاية 1/ 356. وفي القاموس: النّقد: جنس من الغنم قبيح الشكل.

ص: 299

قال (1): حدّثنا شريك عن الحسن بن الحكم عن عديّ بن ثابت عن البراء قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن بدا جفا"(2).

(627)

الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حُجَين قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

اعتمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهلُ مكّةَ أن يدَعوه يدخل مكّةَ، حتى قاضاهم على أن يُقيمَ بها ثلاثةَ أيّام، فلمّا كتبوا الكتابَ كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمّد رسولُ اللَّه. فقالوا: لا نُقِرُّ بها، لو نعلم أنّك رسول اللَّه ما مَنَعْناك شيئًا، ولكن أنت مُحَمّد بن عبد اللَّه. قال:"أنا رسول اللَّه، وأنا محمّد بن عبد اللَّه" قال لعليّ: "امْحُ: رسول اللَّه" قال: واللَّه، لا أمحوك أبدًا. فأخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم الكتابَ - وليس يُحْسِنُ أن يكتبَ (3)، فكتب مكان: رسول اللَّه محمّد: "هذا ما قاضى عليه محمّدُ بن عبد اللَّه: أن لا يدخلَ مكّةَ السلاحُ إلا السّيفَ في القِراب، ولا يَخرجَ من أهلها أحد إلا من أراد أن يَتَّبِعَه، ولا يُمنعَ أحدٌ من أصحابه أن يُقيمَ بها". فلمّا دخلَها ومضى الأجلُ أتَوا عَليًّا فقالوا: قُلْ لصاحبِك يخرجْ عنّا، فقد مضى الأجلُ. فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

أخرجاه في الصحيحين، وزادا (4): فتَبِعَتْهم بنتُ حمزة تُنادي: يا عمّ، يا عمّ، فتناولَها عليّ فأخذ بيدها، وقال لفاطمة:"دونَك ابنةَ عَمّك"، فاحْتَمَلَتْها، فاختصمَ فيها عليٌّ وزيدٌ وجعفرٌ، فقال عليٌّ: أنا أحقٌّ بها، هي ابنةُ عمّي. وقال جعفر: بنتُ عمي، وخالتُها

(1) في المسند: قال عبد اللَّه: حدّثني أبي عن عبد اللَّه بن محمّد. قال أبو عبد الرحمن: وسمعته أنا من عبد اللَّه ابن محمّد. . . .

(2)

المسند 4/ 297، وأبو يعلى 3/ 215 (1654). قال الهيثمي 8/ 107 بعد أن نسبه لأحمد: رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن الحكم النخعي، وهو ثقة. وقال 5/ 257 بعد أن نسبه لأبي يعلى: رجاله ثقات. وساق الألباني الحديث في الصحيحة 3/ 267 (1272) من طريق الحسن النخعي عن عديّ عن أبي حازم عن أبي هريرة بأطول من هذا، وحسَّن إسناده. ثم قال: وخالفه شريك فقال: . . . وذكر حديث المسند وقال: وشريك سيء الحفظ، لا يحتجّ به إذا تفرّد، فكيف إذا خالف! وينظر تعليق محقّق المسند على حديث أبي هريرة 14/ 430.

وبدا: سكن البادية. وجفا: صار جافيًا غليظًا.

(3)

ينظر ما نقله الإمام ابن حجر في الفتح 7/ 503 حول هذه العبارة.

(4)

الزيادة التالية للبخاريّ وحده.

ص: 300

تحتي. وقال زيد: ابنةُ أخي. فقضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لخالتِها، وقال:"الخالةُ بمنزلة الأُمّ". وقال لعليّ: "أنت منّي وأنا منك" وقال لجعفر: "أشبَهْتَ خَلقي وخُلُقي" وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا"(1).

(628)

الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا مسعر عن عديّ بن ثابت عن البراء بن عازب قال:

قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في العشاء {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فلم أسمع أحسن صوتًا ولا أحسن صلاةً منه.

أخرجاه في الصحيحين (2).

(629)

الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن الحكم قال: حدّثني ابن أبي ليلى أن البراء قال:

كانت صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صلّى فركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود بين السجدتين، قريبًا من السواء.

أخرجاه في الصحيحين (3).

(630)

الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن شُعبة وسفيانَ عن عمرو بن مرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب:

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَنَتَ في الفجر (4).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن عمرو بن مرّة قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: حدّثنا البراء:

(1) المسند 4/ 298، والبخاريّ 5/ 303 (2699)، 7/ 499 (4251) من طريق إسرائيل عن جدّه أبي إسحق السبيعي، ومسلم 3/ 1409، 1410 (1783) من طريق شُعبة عن أبي إسحق. وحُجَين بن المثنى شيخ أحمد ثقة، من رجال الشيخين.

(2)

المسند 4/ 298. ومن طريق مسعر أخرجه البخاريّ 2/ 251 (769)، ومسلم 1/ 339 (464).

(3)

المسند 4/ 280، ومسلم 1/ 343، 344 (471) بهذا الإسناد وبغيره، ومن طريق شُعبة أخرجه البخاريّ 2/ 276 (792).

(4)

المسند 4/ 300. ورجاله رجال الصحيح، وبهذا الاسناد صحّحه ابن خزيمة 2/ 154 (1098).

ص: 301

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يَقْنُتُ في صلاة الصبح والمغرب (1).

قال أحمد: ليس يُروى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قنت في المغرب إلّا في هذا الحديث. وعن عليّ قوله (2).

(631)

الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري عن البراء:

أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نام وضع يده اليمنى تحت خدّه وقال: "اللهمّ قِنِي عذابك يوم تبعثُ عبادك"(3).

(632)

الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة قال: سمعْتُ أبا إسحق قال: سمعْتُ البراء قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا مربوعًا، بعيدَ ما بين المَنْكِبَين، عظيمَ الجُمّة (4) إلى شحمة أذُنيه، عليه حُلّةٌ حمراءُ، ما رأيْتُ شيئًا قطّ أحسنَ منه صلى الله عليه وسلم.

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سُفيان عن أبي إسحق عن البراء قال:

ما رأيْتُ من ذي لِمّةٍ أحسنَ في حلّة حمراءَ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. له شَعرٌ يضربُ مَنْكِبَيه، بعيد ما بين المَنْكِبَيْن، ليس بالقصير ولا الطّويل.

الطريقان في الصحيحين (5):

(633)

الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق قال: سمعْتُ البراء يقول:

(1) المسند 4/ 280. والحديث بهذا الاسناد في مسلم 1/ 470 (678).

(2)

المسند - السابق.

(3)

المسند 4/ 300 ومن طريق إسرائيل في شرح السنة 5/ 97 (1310) وقال البغوي: حديث حسن.

وللحديث طريق آخر: ينظر مسند أبي يعلى 3/ 243 (1682، 1683) وينظر تعليق المحققين والفتح 11/ 115.

(4)

المَربوع: بين الطويل والقصير. والجُمّة: الشعر الذي ينزل على المنكبين. واللّمة أكثر منها.

(5)

المسند 4/ 281، 290. وينظر 4/ 295، 300، 303. والبخاريّ 6/ 564 (351) وفيه الأطراف، ومسلم 4/ 1818 (2337).

ص: 302

قرأ رجلٌ "الكهف" وفي الدّار دابّةٌ، فجعلَت تَنْفِرُ، فنظر فإذا ضبابةٌ أو سحابةٌ - قد غَشِيَتْهُ، فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"اقرأ فلانُ، فإنّها السكينةُ تنزّلَت عند القرآن - أو: "تنزّلت للقرآن".

أخرجاه في الصحيحين (1).

(634)

الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق (2) قال: سمعْتُ البراء وسألَه رجل من قيس فقال:

أفَرَرْتُم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حُنين؟ فقال البراء: ولكنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يَفِرَّ، كانَتْ هوازنُ ناسًا رماة، وإنّا لمّا حَمَلْنا عليهم انكشفوا، فأكْبَبْنا على الغنائم، فاستقبَلونا بالسّهام، فلقد رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاءِ، وإنّ أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها، وهو يقول:"أنا النّبيّ لا كذب. أنا ابنُ عبد المطلب".

أخرجاه في الصحيحين (3).

(635)

الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر ويحيى قالا: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق قال: سمعْتُ الربيع بن البراء يُحَدّث عن البراء:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أقبلَ من سَفر قال: "آيِبون تائبون عابدون، لربِّنا حامدون"(4).

(636)

الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن زيد عن عديّ بن ثابت عن البراء بن عازب قال:

(1) المسند 4/ 281. والحديث بالسند نفسه وبغيره في البخاري 6/ 622 (3614) وينظر أطرافه، ومسلم 1/ 547، 548 (795).

والرجل الذي كان يقرأ هو أُسيد ابن حضير رضي الله عنه.

(2)

يلحظ هنا أن السند نفسه قد تكرر في أحاديث، ولم يقل المؤلّف: وبه.

(3)

المسند 4/ 281، وبالسند نفسه وبغيره في البخاريّ 6/ 69 (2864)، 8/ 28 (4317)، ومسلم 3/ 1400، 1401 (1776).

(4)

المسند 4/ 281، 289. ورجاله رجال الصحيح خلا الربيع بن البراء، روى له النسائي والترمذي، وهو ثقة. والحديث في الترمذي 5/ 464 (3440) من طريق شُعبة، وقال: حسن صحيح. قال: وروى الثوريّ هذا الحديث عن أبي إسحق عن البراء، ولم يذكر فيه الربغ بن البراء، ورواية شُعبة أصحّ. قال: وفي الباب عن ابن عمر وأنس وجابر بن عبد اللَّه. وصحّح ابن حبّان الحديث من طريق شُعبة به - الموارد 242 (790)، والإحسان 6/ 427 (2711).

ص: 303

كنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خُمٍّ، فنودي فينا: الصلاة جامعة. وكُسحَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلَّى الظُّهر، وأخذ بيد عليٍّ فقال:"أَلَسْتُم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى (1). قال: فأخذ بيد عليّ فقال: "اللهمَّ مَنْ كُنْتُ مولاه فعليُّ مولاه. اللَّهمَّ والِ من والاه، وعاد من عاداه". قال: فلَقِيَه عمرُ بعد ذلك فقال: هنيئًا لك يا ابن أبي طالب، أصبحْتَ وأمسيْتَ مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (2).

(637)

الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أحمد بن عبد الملك قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا أبو إسحق قال:

قيل للبراء: أكان وجهُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مثلَ السّيْف؟ قال: لا، بل مثل القمر.

انفرد بإخراجه البخاريّ (3).

(638)

الحديث الخامس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة قال: زُبيد أخبرني ومنصور وداود وابن عون ومجالد عن الشَّعبي عن البراء قال:

خطَبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "إنّ أوّل ما نبدأ به في يومنا هذا أن نُصَلِّيَ، ثم نرجعَ فننحرَ، فمن فعلَ ذلك فقد أصاب سُنّتَنا، ومَن ذبحَ قبلَ ذلك فإنّما هو لحم قدّمه لأهله، ليس من النُّسك في شيء".

قال: وذبحَ خالي أبو بُردة بن دينار، قال: يا رسول اللَّه، ذبحْتُ وعندي جَذَعةً خيرٌ من مُسِنّة. قال:"اجْعَلْها مكانَها، ولن تُجْزِىءَ أو تُوفي - عن أحدٍ بعدك".

أخرجاه في الصحيحين (4).

(1) في المسند عبارة أسقطها المؤلف، وهي:"قال: ألستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى".

(2)

المسند 4/ 281. وفيه عليّ بن زيد بن جُدْعان، وهو ضعيف. ينظر تهذيب الكمال 5/ 248، والميزان 3/ 127. وقد روى الحديث ابن ماجة 1/ 43 (116) من طريق حمّاد بمعناه. وعن الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف عليّ بن زيد. وفي إتحاف الخيرة 9/ 281 (8980) قال: رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى بسند ضعيف مداره إما على أبي هارون العبديّ أو عليّ بن زيد. وجمع الألباني طرق الحديث ورواياته، وفصّل الكلام فيها: الصحيحة 1/ 330 - 344 (1750).

(3)

المسند 4/ 281، وهو في البخاريّ 6/ 565 (3552) من طريق زهير. وأحمد بن عبد الملك ثقة، من رجال البخاريّ.

(4)

المسند 4/ 281. وهو من طرق عن الشعبي في البخاريّ 2/ 453 (965)، وينظر أطرافه 2/ 445 (951)، ومسلم 3/ 1552 - 1554 (1961). وينظر التحفة 2/ 20 (1769).

ص: 304

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو قال: حدّثنا زائدة قال: حدّثنا أبو جَناب الكلبيّ قال: حدّثني يزيد بن البراء بن عازب عن البراء بن عازب قال:

كُنّا جلوسًا في المُصَلّى يومَ أضحى، فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسلَّمَ على النّاس ثم قال:"وإنّ أوّل نُسُكِ يومِكم هذا الصلاةُ". قال: فتقدَّم فصلّى ركعتين، ثم سلَّم، ثم استقبلَ النّاس بوجههَ، وأُعْطِيَ قوسًا أو عصًا - فاتّكَأَ عليها، فحَمِدَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه، فأمرَهم ونهاهُم، وقال:"من كان منكم عَجَّل ذِبْحًا فإنّما هي جَزَرةٌ أطعَمَها أهلَه، إنّما الذّبحُ بعد الصّلاة". فقام إليه خالي أبو بردة (1) بن نِيار فقال: أنا عَجَلْتُ ذبحَ شاتي يا رسول اللَّه ليُصْنَعَ لنا طعامٌ نجتمعُ عليه إذا رجعْنا، وعندي جَذَعَةٌ من مِعْزَى، هي أوفى من الذي ذَبَحْتُ، أفتفي عنّي يا رسول اللَّه؟ قال:"نعم، ولن تَفِيَ عن أحدٍ بعدك".

قال: ثم قال: "يا بلال" قال: فمشى واتّبَعَه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أتى النساء فقال: "يا معشرَ النِّسوان، تصدّقْنَ، الصدقةُ خيرٌ لكنّ" قال: فما رأيتُ يومًا قطُّ أكثرَ خَدَمةً مقطوعة، ولا قِلادة، ولا قُرْطًا من ذلك اليوم (2).

الخَدَمة: الخَلخال.

(639)

الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم وحُسين قالا: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه وملائكتَه يُصَلُّون على الصّفِّ المُقَدَّم".

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا عمّار بن زُريق عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب:

(1) في المخطوطتين "خال أبي بردة". والحديث السابق والمصادر ترجّح مثبت.

(2)

المسند 4/ 282. وفيه أبو جناب الكلبي، يحيى بن أبي حيّة، رُميَ بالضعف والتدليس، ينظر التهذيب 8/ 28. وللحديث شواهد عن البراء وغيره تصحّحه.

وقد أخرج أبو داود من طريق أبي جناب: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نوول يوم العيد قوسًا فخطب عليه. 1/ 298 (1145). وقال عنه الشيخ ناصر في صحيح أبي داود: حسن.

ص: 305

يشهد به على النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه وملائكتَهُ يُصَلُّون على الصُّفُوف الأُوَل"(1).

(640)

الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى وحُسين قالا: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اعتمرَ في ذي القعدة (2).

(641)

الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم (3) قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن البَجْليّ من بني بَجْلة (4) عن طلحة بن مُصَرِّف عن عبد الرحمن بن عَوسجة عن البراء بن عازب قال:

جاءَ أعرابيٌّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، عَلِّمْنِي عملًا يُدْخلُني الجنّة. قال:"لئن كنت أقْصَرْتَ الخُطبةَ لقد أعرَضْتَ المسألةَ. أعْتِق النَّسَمةَ، وفُكّ الرَّقَبةَ". قال: يا رسول اللَّه، أوَليستا واحدة؟ قال:"لا، إنّ عِتْقَ النّسَمة أن تَفَرَّدَ بعتقها، وفكّ الرّقبة أن تُعينَ في عِتقها. والمنْحَة الوَكوف، والفيء على ذي الرَّحِم الظالم، فإن لم تُطِق ذلك فأطْعِمِ الجائعَ، واسْقِ الظّمآنَ، وامُرْ بالمَعروف، وانْهَ عنِ المُنْكر، فإنْ لم تُطقْ ذلك فكُفَّ لسانَك إلّا من خير"(5).

المِنْحة: العَطِيّة. والمراد بها هاهنا: الشّاة. وتارة يُوهب أصلُها، وتارة لبنُها. والوَكوف: الغزيرة اللبن.

(1) كلاهما في المسند 4/ 298. وإسناده الحديثين صحيح، ورجالهما روي عنهما في الصحيح، سوى ابن عوسجة روى له أصحاب السنن، ووُثّق. وقد روي الحديث من طريق عبد الرحمن بن عوسجة في سنن أبي داود 1/ 178 (664)، والنسائي 2/ 90، وابن ماجة 1/ 318 (997). وصحّحه الألباني فيها. وصحّح الحديث ابن خزيمة 3/ 24 (1551)، وابن حبّان 5/ 530 (2157).

(2)

المسند 4/ 298، وإسناده صحيح. والحديث أخرجه البخاريّ ولم ينبّه على ذلك ابن الجوزي -3/ 600 (1781) من طريق يوسف بن أبي إسحق عن أبيه، 4/ 58 (1844) من طريق إسرائيل عن أبي إسحق به. فصحّ متنًا وإسنادًا.

(3)

في المسند 4/ 299: وأبو أحمد. وهي ممّا يسلكله المؤلّف في الاقتصار على إحدى الرّوايات.

(4)

قال في تهذيب الكمال 5/ 551: وبَجْله من سُليم.

(5)

المسند 4/ 299 وإسناده صحيح، وقال الهيثمي 4/ 243: رجاله ثقات. وصحّحه ابن حبّان 2/ 97 (374) من طريق عيسى بن عبد الرحمن، والحاكم 2/ 217 عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن عيسى، وقال: صحيح الإسناد ولم يُخرجاه. قال الذهبي: صحيح، سمعه أبو نعيم من عيسى. وينظر الأدب المفرد 1/ 39 (69)، وتهذيب الكمال 5/ 552 وإتحاف الخيرة 7/ 259 (6806، 6807).

ص: 306

(642)

الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط قال: حدّثنا يزيد ابن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:

كان رسول اللَّه إذا افتتَحَ الصلاة رفعَ يدَيه حتى تكونَ إبهاماه حِذاء أُذُنَيه (1).

(643)

الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

مرَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على مجلس من الأنصار فقال: "إنْ أَبَيْتُم إلّا أن تَجْلسوا، فاهْدوا السّبيل، ورُدُّوا السّلام، وأعينوا المظلوم"(2).

(644)

الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

لمّا قَدِمَ رسولُ اللَّه المدينة صلَّى نَحْوَ بيت المقدس ستّةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا، وكان يُحِبُّ أن يُوَجَّهَ إلى الكعبة، فأنزل اللَّه عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] فوُجِّه نحو الكعبة. وصلَّى معه رجلٌ العصرَ ثم خرجَ، فمرَّ على قوم من الأنصار فقال: إنّه يشهد أنّه صلّى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنه قَد وُجِّهَ إلى الكعبة. فانحرَفوا وهم ركوع في صلاة العصر.

أخرجاه (3).

(1) المسند 4/ 301، ورجاله رجال الصحيحين غير يزيد، ففيه كلام، روى له مسلم مقرونًا وروى له أصحاب السنن. والحديث في سنن أبي داود 1/ 200 (749، 750) من طريق يزيد برواية: "رفع يدَيه إلى قريب من أذنَيه، ثم لا يعود" ويروى دون: "ثم لا يعود" وجعله الألباني في ضعيف سنن أبي داود. ورواه أبو داود (751) من طريق يزيد، وفيه "فرفع يديه في أوّل مرة". وقال بعضهم:"مرّة واحدة" وجعله الألباني صحيحًا. وينظر الدارقطني 1/ 293، 294.

(2)

المسند 4/ 292. وهو في 4/ 291 من طريق شُعبة عن أبي إسحق عن البراء، وقال شُعبة: ولم يسمعه أبو إسحق من البراء. وبهذا أخرجه الترمذي 5/ 69 (2726) وقال: حديث حسن غريب، وفي الباب عن أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي. وصحّحه ابن حبّان 2/ 358 (597) من طريق إسرائيل به، وذكر قبله حديثين في الباب. فالحديث حسن الإسناد، وهو صحيح لغيره.

(3)

البخاريّ 13/ 232 (7252)، ومسلم 1/ 374 (525) عن طريق أبي إسحق. وهو في المسند 4/ 304 من طريق وكيع.

ص: 307

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا أبو إسحق عن البراء:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان أوّلَ ما قَدِمَ المدينةَ نزلَ على أجداده - أو أخوالِه من الأنصار، وأنّه صلَّى قِبَلَ بيتِ المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا. وكان يُعْجِبُه أن تكونَ قبلتُه قِبَلَ البيتِ. وأنّه صلَّى أوّل صلاة صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرجَ رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهلِ مسجدٍ وهم راكعون فقال: أشهدُ باللَّه، لقد صلَّيْتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مكّة. قال: فداروا كما هم قِبَلَ البيت. وكان يُعْجِبُه أن يُحَوَّلَ قِبَلَ البيت، وكان اليهودُ قد أعجبَهم أنْ يُصَلِّيَ قبَلَ بيتِ المقدس، وأهلُ الكتاب، فلمّا ولّى وجهَه أنكروا ذلك.

أخرجاه (1).

(645)

الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا أبو الوليد قال: حدّثنا شُعبة قال: أخبرني علقمةُ بن مَرْثَد قال: سمعْتُ سعد بن عُبيدة يقول: عن البراء ابن عازب:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "المُسْلِمُ إذا سُئِلَ في القبر يشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه وأن محمّدًا رسول اللَّه. فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].

أخرجاه (2).

(646)

الحديث الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن محمّد قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال:

رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينقُلُ من تراب الخندق حتى وارى التُّرابُ جِلْدَ بطنِه، وهو يَرْتَجِزُ بكلمة عبد اللَّه بن رواحة:

(1) المسند 4/ 283. وهو في البخاريّ 1/ 95 (40) من طريق زهير. ومسلم - السابق، باختصار.

(2)

البخاريّ 8/ 378 (4699)، وهو في مسلم 4/ 2201 (2871)، والمسند 4/ 282، 291 من طريق شُعبة.

ص: 308

اللهمّ لولا أنتَ ما اهتدَيْنا

ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّيْنا

فأنزِلَنْ سكينةً علَينا

وثبِّتِ الأقدامَ إنْ لاقَينا

إنّ الأُولى قَد بَغَوا علَينا

وإن أرادوا فِتنةً أبَينا

أخرجاه في الصحيحين (1).

(647)

الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عَوف عن ميمون أبي عبد اللَّه عن البراء بن عازب قال:

أمرَنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق. قال: وعَرَض لنا صخرةٌ في مكان من الخندق لا تأخذُ فيها المعاوِلُ، فشكَونا (2) إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال عوف: فأحْسِبُه قال: وضعَ ثوبَه ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المِعْوَل وقال:"بسم اللَّه" وضرب ضربةً فكسرَ ثُلُثَ الحجر وقال: "اللَّهُ أكبرُ، أعْطِيتُ مفاتيحَ الشّام، واللَّه إنّي لأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ من مكاني هذا" ثم قال: "بسم اللَّه" وضربَ أُخرى فكسر ثُلُثَ الحجر، وقال:"اللَّه أكبر، أُعطيتُ مفاتيحَ فارسَ، واللَّه إنّي لأنظرُ المدائن وأُبْصِرُ قُصورها البيضَ (3) من مكاني هذا" ثم قال: "بسم اللَّه" وضربَ ضربةً أخرى فانقطع بقيّة الحجر، فقال:"اللَّه أكبر، أعْطِيتُ مفاتيحَ اليمن، واللَّه إنّي لأبصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا"(4).

(648)

الحديث الخامس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هُشَيم عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ من الحقّ على المسلمين أن يغتسلَ أحدُهم يومَ الجُمعة،

(1) المسند 4/ 302، ومن طريق أبي إسحق في البخاريّ 6/ 46 (2836، 2837)، ومسلم 3/ 1430، 1431 (1803).

(2)

في المصادر "فشكوها".

(3)

في المصادر "قصرها الأبيض".

(4)

المسند 4/ 303. وفيه ميمون أبو عبد اللَّه البصريّ، تُكلّم فيه. التهذيب 7/ 297. والحديث في أبي يعلى 3/ 244 (1685) من طريق عوف، ونقل محقّقه عن ابن كثير في السيرة، وحكم على الحديث بالغرابة وتفرّد ميمون به. وقال الهيثمي في المجمع 6/ 133: رواه أحمد، وفيه ميمون أبو عبد اللَّه، وثّقه ابن حبّان وضعّفه جماعة، وبقيّة رجاله ثقات. وقال ابن حجر في الفتح 7/ 397: ووقع عند أحمد والنسائي (في الكبرى) في هذه القصة زيادة بإسناد حسن. . . وساق الحديث.

ص: 309

وأن يَمَسّ من طِيبٍ إنّ كان عندَ أهله، فإن لم يَكن عندَهم طِيبٌ فإن الماء طِيب" (1).

(649)

الحديث السادس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو الوليد وعفّان قالا: حدّثنا عُبيد اللَّه بن أبي إياد قال: حدّثنا إياد بن لَقيط عن البراء بن عازب قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا سَجَدْتَ فضع كفَّيك وارفعْ مِرْفَقَيك".

انفرد بإخراجه البخاريّ (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا شريك عن أبي إسحق عن البراء ابن عازب:

أنّه وصف السجود، قال: فبسطَ كفَّيه، ورفع عجيزته وخَوَّى، وقال: هكذا سجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: حدّثنا الحسين يعنى ابن واقد قال: حدّثني أبو إسحق قال: حدّثني البراء بن عازب قال:

كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسجد على أَلْيَتَي الكفّ (4).

(650)

الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن البراء بن عازب قال:

(1) المسند 4/ 282. وفي إسناده يزيد، فيه كلام كما سبق. وأخرجه أبو يعلى 3/ 221 (1659). وهو عند الطبراني في الأوسط 1/ 450 (813) من طريق إسماعيل بن زكريا عن يزيد، وقال: لم يُرو هذا الحديث عن البراء إلا بهذا الإسناد، تفرّد به يزيد بن أبي زياد. وأخرجه الترمذي 7/ 402 (528) من طريق إسماعيل بن إبراهيم التيمي عن يزيد، وقال: وفي الباب عن أبي سعيد وشيخ من الأنصار. وفي 2/ 408 (529) من طريق هشيم عن يزيد، وقال: حديث البراء حسن، ورواية هشيم أحسن من رواية إسماعيل.

(2)

المسند 4/ 283، ومسلم 1/ 356 (494) من طريق عبيد اللَّه. وعفّان وأبو الوليد الطيالسي من رجال الشيخين.

(3)

المسند 4/ 303، وفيه شريك بن عبد اللَّه النّخعي، سيّء الحفظ؛ وصحّحه ابن خزيمة 1/ 325 (646)، ورواه أبو داود 1/ 236 (896)، والنسائي 2/ 212 كلهم من طريق شريك بمعناه، وضعّفه الألباني.

(4)

المسند 4/ 294، ورجاله رجال الصحيح كما قال في المجمع 2/ 128. وصحّحه ابن خزيمة 1/ 323 (639)، وابن حبّان 5/ 243 (1915)، والحاكم والذهبي 1/ 227.

ص: 310

صلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيمَ، ومات وهو ابن ستّة عشر شهرًا، وقال:"إنّ له في الجنّة من تُتِمّ رَضاعَه، وهو صِدّيق"(1).

أخرج البخاريّ في أفراده من حديث البراء قال: لمّا مات إبراهيم قال: "إنّ له مُرْضعًا في الجَنّة"(2).

(651)

الحديث الثامن والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد (3) قال: حدّثنا سفيان عن أبي إسحق عن البراء أو غيره قال:

جاء رجلٌ من الأنصار بالعبّاس قد أُسِرَ، فقال العبّاس: يا رسول اللَّه، ليس هذا أسرَني، أسرَني رجلٌ من القوم أَنزَعُ، من هيئته كذا وكذا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لقد آزَرَك اللَّه بمَلَك كريم"(4).

(652)

الحديث التاسع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز قال: حدّثنا شُعبة قال: أخبرني عدي بن ثابت قال: سمعْتُ البراء يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يُحِبُّ الأنصارَ إلّا مؤمنٌ، ولا يُبْغِضُهم إلا منافق، مَن أحبَّهم أحبَّه اللَّه، ومَن أبْغَضَهُم أبْغَضَه اللَّه".

أخرجاه في الصحيحين (5).

(653)

الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن عديّ بن ثابت عن البراء قال:

رأيْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واضعًا الحسنَ بن عليٍّ على عاتقه وهو يقول: "اللهمّ إنّي أُحِبُّه فأَحِبَّه".

(1) المسند 4/ 283. وفيه جابر وهو ضعيف. وقال في المجمع 9/ 165: ولكنه من رواية شُعبة عنه (4/ 289) ولا يروي عنه شُعبة كذبًا، وقد صحّ من غير حديث البراء.

(2)

البخاريّ 3/ 244 (1382).

(3)

الذي في المسند 4/ 283: "حدّثنا بهز، حدّثنا شُعبة، حدّثنا أبو أحمد" وليس صحيحًا. وينظر الأطراف 1/ 592 (1166). وأبو أحمد هو محمد بن عبد اللَّه الزبيري.

(4)

قال الهيثمي 6/ 88: رجاله رجال الصحيح. ولكن قال أبو نعيم في الحلية 7/ 133: غريب من حديث الثوريّ تفرّد به الزّبيري. وقال ابن كثير في الجامع 2/ 102: تفرّد به.

والأنزع: الذي انحسر شعر مَقْدَم رأسه مما فوق الجبين.

(5)

المسند 4/ 283. والبخاريّ 7/ 113 (3783)، ومسلم 1/ 85 (75)، من طريق شُعبة.

ص: 311

أخرجاه في الصحيحين (1).

(654)

الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سُويد بن مقرِّن عن البراء بن عازب قال:

أمرَنا رسول اللَّه بسبعٍ، ونهانا عن سبع:

أمرَنا بعيادة المريض، واتّباعِ الجنائز، وإجابةِ الدّاعي، وإفشاء السّلام، وتَشميت العاطس، وإبرارِ القسم، ونَصْرِ المظلوم.

ونهانا عن خواتيم الذهب، وآنية الفضّة، والحرير، والدّيباج، والإستبرق، والمياثر الحمر، والقِسِّيّ.

أخرجاه في الصحيحين (2).

قال الخطّابي: المياثر: مراكب من حرير، سُمّيت مياثر لوَثارتها ولِينها.

والقَسّيّ: ثياب منسوبة إلى القَسّ، وهي موضع بمصر، وفيها حرير. وقال شَمر: هي القَزّيّ، فأبْدلت الزاي سينًا (3).

(655)

الحديث الثاني والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحق عن عبد اللَّه بن يزيد قال: حدّثنا البراء -وهو غيرُ كذوب (4) - قال:

كُنّا إذا صلّينا خلفَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرفع رأسَه من الرُّكوع، لم يَحْنِ رجلٌ منّا ظهرَه حتى يَسْجُدَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنسجُدَ.

أخرجاه في الصحيحين (5).

(1) المسند 4/ 292، وهو في مسلم 4/ 1883 (2422)، من طريق محمّد بن جعفر، غندر، وفي البخاريّ 7/ 94 (3749) من طريق شُعبة.

(2)

المسند 4/ 229، والبخاريّ 3/ 112 (1239) وفيه الأطراف. ومسلم 3/ 1636، 15136 (2066).

(3)

معالم السنن 4/ 190، وينظر غريب أبي عبيد 1/ 226، 228، وتهذيب اللغة 8/ 258، 15/ 116.

(4)

ينظر في هذه العبارة كشف المشكل 2/ 334، والفتح 2/ 181.

(5)

المسند 4/ 300. وعن سفيان في البخاريّ 2/ 181 (690)، ومسلم 1/ 345 (474).

ص: 312

(656)

الحديث الثالث والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي بن عبد اللَّه قال: حدّثنا معاذ قال: حدّثني أبي عن قتادة عن أبي إسحق الكوفيّ عن البراء بن عازب:

أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه وملائكتَه يُصَلُّون على الصّفّ المُقَدَّم، والمؤذِّنُ يُغْفَرُ له مَدَّ صوِته، ويُصَدِّقُه من سَمِعَه من رَطب ويابس، وله مثلُ أجرِ من صلَّى معه"(1).

(657)

الحديث الرابع والثلاثون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن معاذ قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا شُعبة عن عبد اللَّه بن أبي السَّفَر عن أبي بكر بن أبي موسى عن البراء بن عازب:

أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مَضْجَعَهُ قال: "اللهمَّ باسمك أحيا وباسمك أموت". وإذا استيقظ قال: "الحمد للَّه الذي أحيانا بعدَما أماتنا وإليه النُّشور".

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(658)

الحديث الخامس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق عن البراء قال:

لما نزلت هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيدًا، فجاء بكتف فكتبَها، فجاء ابن أمّ مكتوم، فشكا ضَرارته إلى رسول اللَّه، فنزلت:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95].

أخرجاه في الصحيحين (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا أبو إسحق عن البراء بن عازب قال:

(1) المسند 4/ 284، وهو في النسائي 2/ 13 من طريق معاذ بن هشام. وصحّحه الألباني. والأوسط 9/ 92 (8194) من طريق معاذ، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا هشام، تفرّد به معاذ. وفي ابن ماجة عن طريق عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء دون ذكر المؤذّن 1/ 318 (997) وصحّحه البوصيري، وصحّحه ابن خزيمة 3/ 24 (1551، 1552).

(2)

مسلم 4/ 2083 (2711)، والمسند 4/ 294، 302 من طريق شُعبة.

(3)

المسند 4/ 284، ومن طريق شُعبة في البخاريّ 6/ 45 (2831)، ومسلم 3/ 1508 (1898).

ص: 313

كُنْتُ عندَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ادْعُوا لي زيدًا يجِيءُ بالكتف والدّواة -أو اللوح والدّواة- اكتُبْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال: "هكذا أُنْزِلت". فقال ابن أمِّ مكتوم وهو خلف ظهره: يا رسول اللَّه، إنّ بعينيّ ضَرَرًا. قال: فنزلت قبل أن يَبْرَحَ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (1).

(659)

الحديث السادس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة قال: أخبرني سُليمان بن عبد الرحمن قال: سمعْتُ عُبَيد بن فيروز - مولى لبني شيبان:

أنّه سأل البراء عن الأضاحي: ما نهى عنه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وما كره. فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أربعَ لا تُجْزِىء: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والمريضة البَيِّنُ مرضُها، والعَرْجاء البَيِّنُ عَرَجُها (2)، والكسير التي لا تُنْقي". قال: قلت: فإنّي أكره أن يكون في القرن نقصٌ، أو في الأُذن نَقْص، أو في السِّنّ نقص. قال:"ما كَرِهْتَ فَدَعْه، ولا تُحَرِّمْه على أحد"(3).

النِّقْي: المخّ.

(660)

الحديث السابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان ومحمّد بن جعفر قالا: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق قال: سَمِعْتُ البراء قال:

أوّل من قَدِمَ علينا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مُصْعَبُ بن عُمير وابن أمِّ مكتوم. قال:

(1) المسند 4/ 301، ورجاله رجال الشيخين.

(2)

في المسند "ظلعها" وهو العرج.

(3)

السند 4/ 284: وسُليمان وعُبيد ثقتان، روى لهما أصحاب السُّنن، وعفّان وشُعبة من رجال الشيخين. وقد روى الحديث أصحاب السنن من طريق شُعبة وصحّحه الألباني فيها: أبو داود 3/ 97 (2802)، والترمذي 4/ 72 (1497)، وابن ماجة 2/ 1050 (3144)، والنسائي 7/ 214، 215. وصحّحه ابن خزيمة 4/ 292 (2912) وابن حبّان 13/ 245 (5922). وقال الحاكم 1/ 467: هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه لقلّة روايات سُليمان بن عبد الملك، وقد أظهر علي بن المديني فضائله وإتقانه، ولهذا الحديث شواهد متفرّقة بأسانيد صحيحة، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح وله شواهد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلّا من حديث عُبيد بن فيروز عن البراء، والعمل على هذا عند أهل العلم. ونقل المزي في تهذيب الكمال 3/ 290 - ترجمة سُليمان قول الإمام أحمد: ما أحسنَ حديثه عن البراء في الضحايا!

ص: 314

فجعلا يُقْرِئان النّاس القرآنَ، ثم جاء عمّارٌ وبلالٌ وسعد، قال: ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فما رأيْتُ أهلَ المدينة فَرِحُوا بشيء فَرَحَهُم به، حتى رأيْتُ الولائدَ والصِّبيان يقولون: هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد جاء. قال "فما قَدِمَ حتى قرأتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في سُوَرٍ من المفصّل.

انفرد بإخراجه البخاريّ (1).

(661)

الحديث الثامن والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا فُضَيل يَعني ابن عِياض - عن منصور عن سعد بن عُبيدة عن البراء بن عازب:

عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أوْيتَ إلى فراشك فتوضّأ، ونَمْ على شقّك الأيمن، وقل: اللهمَّ أسْلَمْتُ وجهي إليك، وفَوّضْتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك، رهبةً ورغبةً إليك، لا مَنْجى ولا ملجأ منك إلّا إليك. آمنْتُ بكتابك الذي أنزلْتَ، وبنبيّك الذي أرسلْتَ".

قال: "فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطرة"(2).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا محمّد بن مقاتل قال: أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرنا سفيان عن منصور عن سعد بن عُبيدة عن البراء بن عازب قال:

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أَتَيْتَ مَضْجَعَك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شِقّك الأيمن، ثم قل: اللهمَّ أسْلَمْتُ وجهي إليك، وفَوَّضْتُ أمري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا مَلجأَ ولا مَنجى منك إلّا إليك. اللهمّ آمنْتُ بكتابك الذي أنزلْتَ، ونبيِّك الذي أرسلْتَ. فإنْ مِتَّ من ليلتك فأنت على الفِطرة، واجعَلْهنَّ آخرَ ما تتكلَّم به".

قال: فردَّدْتُها على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا بلغْتُ:"آمنْتُ بكتابك الذي أنزلْتَ" قلت: ورسولك. قال: "لا، ونبيِّك الذي أرسلْتَ"(3).

(1) المسند 4/ 284 عن عفّان، 4/ 291 عن محمّد بن جعفر، غندر. وهو في البخاريّ 7/ 259 (3924، 3925) من طريق محمّد بن جعفر.

(2)

المسند 4/ 292، وهو في البخاريّ 11/ 109 (6311)، ومسلم 4/ 2081 (2710) من طريق منصور بن المعتمر، ومن تحته من رجال الشيخين.

(3)

البخاريّ 1/ 357 (247)، وهو في مسلم - السابق. ورواه الإمام أحمد 3/ 293 من طريق علي ابن إسحق عن عبد اللَّه بن المبارك به.

ص: 315

الطريقان متّفق على إخراجهما.

(662)

الحديث التاسع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا محمّد ابن طلحة عن طلحة بن مصرِّف عن عبد الرحمن بن عَوسجة عن البراء بن عازب:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ مَنَحَ مِنْحَةَ وَرِقٍ، أو منحةَ لَبَن، أو هَدَى زُقاقًا (1)، فهو كعِتق (2) نَسَمة. ومن قال: لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريك له، له المُلْكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، فهو كعِتْقِ نسمة".

قال: وكان يأتي ناحية الصّفّ إلى ناحيته يُسَوِّي صدورَهم ومناكِبَهم، يقول:"لا تختلفوا فتختلفَ قُلوبكم"(3).

قال: وكان يقول: "زَيِّنوا القرآنَ بأصواتكم"(4).

(663)

الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إبراهيم بن مهديّ قال: حدّثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال:

قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "من سَمَّى المدينة يَثْرِبَ فليَسْتَغْفِرِ اللَّه، هي طابة، هي طابة"(5).

قال الأزهري: كَرِهَ ذكر الثَّرب، لأنّه فسادٌ في كلام العرب (6).

(1) قال الترمذي: يعني به هداية الطريق.

(2)

في المسند "كعتاق".

(3)

زاد في المسند: "قال: وكان يقول: إنّ اللَّه وملائكته يصلّون على الصفوف الأُوّل".

(4)

المسند 4/ 285. وفيه أيضًا عن عفّان عن شُعبة عن طلحة، كما روي في المسند مجزءًا. وابن عَوسجة ثقة، روى له أصحاب السنن. ومحمّد بن طلحة متابع من شُعبة وغيره.

وأخرج الترمذي "من منح منيحة. . . " 4/ 300 (1957) عن طريق أبي إسحق ومنصور وشُعبة عن طلحة وصحّحه الألباني. وأخرج الحاكم 1/ 501 عن الحسن بن عطية عن محمّد بن طلحة "من قال لا إله إلّا اللَّه. . . " وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. واعترض الذهبي الحسن ابن عطية. كما تحدث مفصّلًا عن روايات سائر الحديث 1/ 572 - 574. وصحّح ابن حبّان 11/ 494 (5096) جزء "المنحة". وفي 3/ 130 (850) قوله: "من قال لا إله إلّا اللَّه. . . " وفي 5/ 530 (2157) تسوية الصفوف، كلّها من طريق طلحة. وينظر تخريج المحقّق.

(5)

المسند 4/ 285، ومسند أبي يعلى 3/ 247 (1688) من طريق صالح. وفيه يزيد بن أبي زياد، مختلف فيه. ومع هذا قال الهيثمي 3/ 303: رراه أحمد وأبو يعلى، ورجاله ثقات. وقال ابن كثير في الجامع 2/ 58: تفرّد به.

(6)

في تهذيب اللغة 15/ 79: كأنه كره ذكر الثَّرب.

ص: 316

(664)

الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش قال: حدّثنا أبو إسحق عن البراء بن عازب قال:

خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابُه. قال: فأحرَمْنا بالحجّ، فلمّا قَدِمْنا مكة قال:"اجعلوا حَجَّكم عمرةً" فقال النّاس: يا رسول اللَّه، قد أحرمْنا بالحجّ، فكيف نجعلُها عمرة؟ قال:"انظُروا ما آمرُكم به فافْعلوا" فرَدُّوا عليه القولَ، فغَضِبَ ثم انطلق حتى دخلَ على عائشة غضبانَ، فرأتِ الغَضَبَ في وجهه فقالت: مَن أغضبكَ أغضبَه اللَّه. قال: "ومالي لا أغضبُ وأنا آمرُ بالأمر فلا يُتَّبَع"(1).

(665)

الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا ليث عن عمرو بن مُرّة عن معاوية بن سُوَيد بن مُقَرِّن عن البراء بن عازب قال:

كُنّا جُلوسًا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "أيُّ عُرَى الإسلام أوثقُ؟ " قالوا: الصلاة. قال: "حَسَنَةٌ، وما هي بها". قالوا: الزّكاة. قال: "حَسَنَةٌ، وما هي بها" قالوا: صيامُ رمضان. قال: "حسن، وما هو به" قالوا: الحجّ. قال: "حَسَنٌ، وما هو به" قالوا: الجهاد. قال: "حَسَنٌ، وما هو به". قال: "إنّ أوثقَ عُرَى الإسلام أن تُحِبَّ في اللَّه وتُبْغِضَ في اللَّه عز وجل"(2).

(666)

الحديث الثالث والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن عبد اللَّه بن مُرّة عن البراء بن عازب قال:

مُرَّ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيهوديَّ مُحمَّم مجلود، فدعاهم فقال:"أهكذا تجدون حدَّ الزّاني في كتابكم؟ " فقالوا: نعم. قال: فدعا رجلًا من علمائهم فقال: "أنْشُدكُك باللَّه

(1) في المسند "فلا أُتّبع". وعلى حاشية هـ أن في نسخة: "وأتّبع". والحديث في المسند 4/ 286، ومسند أبي يعلى 3/ 233 (1672) من طريق أبي بكر، ونسبه الهيثمي 3/ 236 لأبي يعلى وحده، وقال: رجاله رجال الصحيح. وهو في سنن ابن ماجة 2/ 993 (2982) من طريق أبي بكر. قال البوصيري: رجال إسناده ثقات، ولكنه ذكر أن أبا إسحق اختلط بأخرة، ولم يتبيّن حال ابن عيّاش: هل روى عنه قيل الاختلاط أو بعده، فيتوقّف حديثه حتى يتبيّن حاله. وضعّفه الألباني.

(2)

المسند 4/ 286. ورجاله ثقات عدا ليث بن أي سليم. وهو في مسند أبي داود الطيالسي 101 (747). وقال الهيثمي 1/ 94: رواه أحمد، وفيه ليث بن أبي سليم، وضعّفه الأكثر. وقال ابن كثير في الجامع 2/ 84: تفرّد به.

ص: 317

الذي أنزل التوراةَ على موسى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ " فقال: لا واللَّه، ولولا أنّك نَشدْتَني بهذا لم أُخْبِرْك، نَجدُ حدَّ الزّاني في كتابنا الرّجمَ، ولكن كثُرَ في أشرافنا، فكُنّا إذا أخذْنا الشريفَ تركْناه، وإذا أخذْنا الضعيفَ أقمْنا عليه الحدَّ، فقلْنا: تعالَوا حتى نجعلَ شيئًا نقيمُه على الشّريف والوضيع، فاجتمعْنا على التحميم والجلد. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اللهمّ إني أوّلُ من أحيا أمرَك اذ أماتوه". قال: فأمرَ به فرُجِم. قال: فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ. .} إلى قوله: {. . يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يقولون: ائتوا محمّدًا، فإن أفتاكم بالتَّحميم والجَلد فخُذوه، وانْ أفتاكم بالرّجم فاحذروا، إلى قوله:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قال: في اليهود، إلى قوله صلى الله عليه وسلم:{مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] قال: في اليهود (1). {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47].

قال: هي في الكُفّار كلُّها.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

والتحميم: تسويد الوجه.

(667)

الحديث الرابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحسّان بن ثابت: "اهْجُ المُشركين، فإنّ رُوح القُدُس معك".

أخرجاه في الصحيحين (3).

(668)

الحديث الخامس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن مِنْهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال:

خرَجْنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جنازة رجلٍ من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يُلْحَد،

(1) هذه العبارة ليست في المسند ولا مسلم.

(2)

السند 4/ 286، ومسلم 13/ 327 (1700).

(3)

المسند 4/ 298 وإسناده صحيح. وهو في البخاريّ 6/ 304 (3213)، ومسلم 4/ 1933 (2486) من طريق عديّ بن ثابت عن البراء.

ص: 318

فجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجلسْنا حوله كأنّ على رؤوسنا الطيرَ، وفي يده عودٌ ينكُتُ به في الأرض، فرفعَ رأسَه فقال:"استعيذوا باللَّه من عذاب القبر" مرّتين أو ثلاثًا. ثم قال: "إنّ العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدّنيا وإقبالٍ من الآخرة نزلَ إليه ملائكةٌ من السماء، بيضُ الوجوه، كأنّ وجوهَهم الشمسُ، معهم كفن من أكفان الجنّة، وحَنوط من حَنوط الجنّة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيءُ مَلَكُ الموت حتى يجلسَ عند رأسه، فيقول: أيّتُها النَّفْسُ الطيّبةُ، اخْرُجي إلى مغفرةٍ من اللَّه ورضوان. قال: فتخرجُ تسيلُ كما تسيلُ القَطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذَها لم يدَعوها في يده طَرْفَةَ عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحَنوط، ويخرج منها كأطيب نَفحةِ مِسكٍ وُجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرُّون يعني بها - على ملأ من الملائكة إلّا قالوا: ما هذا الرُّوح الطيّب؟ فيقولون: فلان بن فلان -بأحسن أسمائه التي كانوا يسمُّونه بها في الدُّنيا- حتى ينتهوا به إلى السّماء الدُّنيا، فيستفتحون له، فيفتح له، فيُشَيِّعُه من كل سماءٍ مُقَرَّبوها إلى السّماء التي تليها، حتى يُنتهى به إلى السّماء السابعة، فيقول اللَّه عز وجل: اكتُبوا كتاب عبدي في عِلّيّين، وأعيدوه إلى الأرض، فإنّي منها خَلَقْتُهم وفيها أُعِيدُهم ومنها أُخْرِجُهم تارةً أُخرى. قال: فتُعادُ روحه، فيأتيه مَلَكان فيُجلسانه فيقولان له: مَنْ رَبُّك؟ فيقول: ربّي اللَّه عز وجل. فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرّجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هو رسول اللَّه. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأتُ كتابَ اللَّه، فآمنْتُ به وصدَّقْتُ. فينادي منادٍ من السّماء: أنْ صدق عبدي، فأَفْرِشوه من الجنّة، وألبِسوه من الجنّة، وافتحوا له بابًا إلى الجنّة، قال: فيأتيه من رَوحها وطِيبها، ويُفْسَحُ له في قبره مدَّ بصره. قال: ويأتيه رجلٌ حسنُ الوجه، حسنُ الثياب، طيِّبُ الريح، فيقول: أبْشِر بالذي يَسُرُّك، هذا يومُك الذي تُوعَدُ، فيقول له: من أنت؟ فوجهُك الوجه يجيءُ بالخير. فيقول: أنا عملُك الصالح. فيقول: ربِّ أقِمِ السّاعة، ربِّ أقِمِ السّاعة، حتى أرجعَ إلى أهلي ومالي.

قال: وإنّ العبدَ الكافر إذا كان في انقطاع من الدّنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكةٌ، سودُ الوجوه، معهم المُسوح (1)، فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملكُ الموت حتى يجلسَ عندَ رأسهِ فيقول: أيَّتُها النفسُ الخبيثة، اخرُجي إلى سخطٍ منَ اللَّه

(1) المسوح جمع مِسْح: ثوب غليظ مصنوع من الشعر.

ص: 319

وغضب. قال: فتُفَرَّقُ في جسده فينتزعها كما يُنْتَرع السَّفُّود (1) من الصوف المبلول، فيأخذُها، فإذا أخذها لم يدَعوها في يده طَرْفةَ عين حتى يجعلوها في تلك المُسوح، ويخرجُ منها كأنتن ريحِ جيفة وُجِدَت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يَمُرُّون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الرّوح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فُلان -بأقبح أسمائه التي كان يُسَمّى بها في الدنيا- حتى يُنتَهى به إلى السّماء الدُّنيا، فيُسْتَفْتَح له فلا يُفْتَحُ له، ثم قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، فيقول اللَّه عز وجل: اكتُبوا كتابَه في سِجِّين، في الأرض السّفلى، فتُطرح روحُه طَرحًا، ثم قرأ:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] فتُعاد روحُه في جسده، ويأتيه ملكان فيُجلسانه فيقولان له: من ربُّك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرّجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السّماء: أن كذب، فأفرِشوه من النّار، وافتحوا له بابًا إلى النّار، فيأتيه من حرّها وسَمومها، ويُضَيّقُ عليه قبرُه حتى تَخْتَلِفَ فيه أضلاعُه، ويأتيه رجلٌ قبيحُ الوجه، قبيح الثّياب، مُينْتنُ الرّيح، فيقول: أبْشِرْ بالذي يسوءُك، هذا يومُك الذي كنت تُوعَدُ، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشّرّ، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: ربّ لا تُقِمِ السّاعة" (2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا مَعمر عن يونس بن خبّاب عن المِنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال:

خرجْنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى جنازة. . . فذكر نحوه، وفيه: "حتى إذا خرج رُوحه (3) صلَّى عليه كلُّ مَلَك بين السّماء والأرض، وكلُّ مَلَكٍ في السّماء، وفُتِحَتْ أبواب السماء،

(1) السَّفّود: حديدة يشوى بها.

(2)

المسند 4/ 287، وإسناده صحيح، زاذان والمنهال من رجال البخاريّ. وأخرجه أبو داود 4/ 238 (4753) بطوله من طريق أبي معاوية، وأخرج صدره ابن ماجة 1/ 494 (1549)، والنسائي 4/ 78 من طريق المنهال، وصحّحه الألباني. وهو في المستدرك 1/ 37. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 52. هو في الصحيح وغيره باختصار، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

(3)

هذا في المؤمن.

ص: 320

ليس من أهل بابٍ إلا وهم يدعون اللَّه عز وجل أن يعرُجَ بروحه من قِبَلِهم. . . " وفي آخره: ". . . ثم يُقَيَّضُ له (1) أعمى أصمُّ أبكمُ، في يده مِرْزَبّةٌ لو ضُربَ بها جبلٌ كان تُرابًا، فيضربه ضربةً فيصير تُرابًا، ثم يُعيده اللَّهُ عز وجل كما كان، فيضربه ضربةً أخرى، فيصيحُ صيحةً يسمَعُها كلُّ شيءٍ إلا الثَّقَلَين". قال البراء:"ثم يفتح له باب من النّار، ويُمْهَدُ له من فرش النّار"(2).

(669)

الحديث السادس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا سعيد الجريري عن أبي عائذ سيفٍ السّعدي -وأثنى عليه خيرًا- عن يزيد بن البراء ابن عازب (3) قال:

قال أبي: اجتمعوا فلأُرَيكم كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأ، وكيف كان يُصَلّي، فإنّي لا أدري ما قَدْرُ صُحْبَتي إيّاكم. قال: فجمع بنيه وأهلَه، ثم دعا بوَضوء، فتمضمضَ، واستنشق (4)، وغسلَ وجهَه ثلاثًا، وغسلَ يدَه اليُمنى ثلاثًا، وغسل يده اليُسرى ثلاثًا، ثم مسحَ رأسَه وأذُنيه: ظاهِرَهُما وباطِنَهما، وغسلَ هذه الرِّجل -يعني اليمنى- ثلاثًا، وغسلَ هذه الرِّجل -يعني اليُسرى- ثلاثًا، وقال: هكذا - ما ألَوْتُ أن أُرَيكم كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأ. ثم دخل بيتَه فصلّى صلاةً لا ندري ما هي، ثم خرج فأمرَ بالصلاة فأُقيمت، فصلّى بنا الظُّهْرَ، فأحسَب أنّي سمعتُ منه آياتٍ منه {يس} ثم صلّى العصر، ثم صلّى بنا المغرب، ثم صلّى بنا العشاء، ثم قال: ما أَلَوْتُ أن أُرِيَكم كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأ، وكيف كان يُصَلّي (5).

(1) وهذا في الكافر.

(2)

المسند 4/ 295 بطوله. وفيه يونس بن خبّاب الأسيدي، ليس بالقويّ. ينظر تهذيب الكمال 8/ 209. قال: هذا هو الصحيح المحفوظ من حديث يونس بن خبّاب، وهكذا رواه أبو خالد الدالائي وعمرو بن قيس الملائي والحسن بن عبد اللَّه النخعي عن المنهال بن عمرو. وقد استوعب المرحوم الشيخ محمود شاكر التعليق على الأحاديث في تهذيب الآثار - مسند عمر 2/ 493 - 501.

(3)

في المسند: وكان أميرًا بعمان، وكان كخير الأمراء.

(4)

في ك "واستنثر".

(5)

المسند 4/ 288. وإسناده حسن: فأبو عائذ أثنى عليه الجريري خيرًا، كما في الحديث، ووثّقه ابن حبّان. التعجيل 174. ويزيد بن البراء روى له أبو داود والنسائي. وسائر رجاله رجال الصحيح. وقال ابن كثير عن الحديث في الجامع 2/ 89: تفرّد به. أما الهيثمي فنقله مرّتين عن المسند: في الوضوء 1/ 235، وفي الصلاة - القراءة في الظهر والعصر 2/ 118، ووثق رجاله.

ص: 321

(670)

الحديث السابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال:

سُئِلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل. فقال: "توضّأوا منها" قال: وسُئِلَ عن الصّلاة في مبارك الإبل، قال:"لا تُصَلُّوا فيها، فإنّها من الشياطين". قال: وسُئِلَ عن الصلاة في مرابِض الغنم. فقال: "صلُّوا فيها، فإنّها بركة"(1).

(671)

الحديث الثامن والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شُعبة قال: حدّثني حبيب عن أبي المِنهال قال: سمعْتُ زيدَ بن أرقمَ والبراء يقولان:

نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الذَّهب بالوَرِق دَيْنًا (2).

* طريق آخر:

حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عمرو بن عليّ قال: حدّثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود قال: أخبرني سُليمان بن أبي مسلم قال:

سألْتُ أبا المِنهال عن الصّرف يدًا بيد، فقال: اشتريْتُ أنا وشريك لي شيئًا يدًا بيد ونسيئةً، فجاءَنا البراءُ بن عازب، فسألْناه فقال: فعلْتُ أنا وشريكي زيدُ بن أرقم وسألْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "ما كان يدًا بيد فَخُذوه، وما كان نسيئة فَذرُوه"(3).

انفرد بإخراج الطّريقين البخاريّ (4).

(672)

الحديث التاسع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن سفيان قال: حدّثني أبو إسحق قال: سمعْتُ البراء بن عازب يقول:

"إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بثوب حرير، فجعلوا يتعجّبون من حُسنه ولينه، فقال: "لمناديلُ

(1) المسند 4/ 288. وعبد اللَّه بن عبد اللَّه الرّازي، ثقة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة وسائر رجاله رجال الشيخين. وهو في سنن أبي داود 1/ 47 (184)، والترمذي 1/ 122 (81) وصحّحه، وصحيح ابن خزيمة 1/ 21 (32) كلّهم من طريق أبي معاوية. قال ابن خزيمة: ولم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر أيضًا صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه.

(2)

المسند 4/ 289. والبخاريّ 4/ 382 (2180) من طريق شُعبة. وهو كذلك في مسلم - وليس كما قال ابن الجوزي في آخر الحديث.

(3)

في البخاريّ "فردُّوه" وذكر ابن حجر هذه الرواية - البخاريّ 5/ 134 (2497)، ومسلم - السابق.

(4)

وهو متفق عليه. ينظر الجمع (833).

ص: 322

سعد بن مُعاذ في الجنّة أفضلُ -أو خيرٌ- من هذا".

أخرجاه في الصحيحين (1).

(673)

الحديث الخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نُمَير قال: حدّثنا أجلحُ عن أبي إسحق عن البراء قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسلمين يلتقيان فيتصافحان إلّا غُفرَ لهما قبلَ أن يتفرّقا"(2).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نُمير قال: أخبرنا مالك (3) عن أبي داود قال: لقيتُ البراء بن عازب، فسلَّم عليّ وأخذ بيدي، وضحك في وجهي، قال: تدري لِمَ فعلْتُ هذا بك؟ قال: قُلْتُ: لا أدري، ولكن لا أراك فعَلْتَه إلا لخير. فقال: إنّه لَقِيَني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ففعل بي مثلَ الذي فعلْتُ بك، فسألَني فقُلْتُ مثلَ الذي قُلْتَ لي، فقال لي:"ما مِن مُسْلِمَين يلتقيان، فيُسَلِّم أحدُهما على صاحبه ويأخذ بيده، لا يأخذ بيده إلّا للَّه عز وجل فيفترقان حتى يُغْفَرَ لهما"(4).

(674)

الحديث الحادي والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نُمير قال: حدّثنا أجلح عن أبي إسحق عن البرّاء بن عازب قال:

قال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّكم سَتَلْقَونَ العدوَّ غدًا، وإن شعاركم: حم لا يُنْصرون"(5).

(1) المسند 4/ 289، والبخاريّ 6/ 319 (3249)، وهو في مسلم 4/ 1916 (2468) عن أبي إسحق.

(2)

المسند 4/ 289. وفيه الأجلح بن عبد اللَّه، مُختلف فيه. وهو بهذه الطريق في سنن أبي داود 4/ 354 (5212)، وسنن ابن ماجة 2/ 1220 (3702)، والترمذي 5/ 70 (2727) وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي إسحق عن البراء، وقد روي هذا الحديث عن البراء من غير وجه. وجعله الشيخ ناصر في سلسة الصحيحة 2/ 56 (525).

(3)

وهو مالك بن مِغول. الأطراف 1/ 601 (1195).

(4)

المسند 4/ 289. وفيه أبو داود الأعمى، نفيع، سبق أنّه ضعيف متروك. وذكره الهيثمي 8/ 40، ونسبه للطبراني في الأوسط 8/ 306 (7626) وقال: أبو داود الراوي عن البراء متروك. وينظر الصحيحة 2/ 57 (525).

(5)

المسند 4/ 289. وفيه الأجلح، مُختلف فيه كما سلف، وهو في المستدرك 2/ 107. وقال البوصيري في إتحاف الخيرة 6/ 329 (5992، 5993): هذا إسناد حسن، الأجلح مختلف فيه، وباقي رواة الإسناد ثقات.

ص: 323

(675)

الحديث الثاني والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

انتهَيْنا إلى لحديبية وهي بئرٌ قد نُزِحَتْ، ونحن أربع عشرة مائة. قال: فنُزِعَ منها دلوٌ فتمضمضَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم منه ثم مجَّه فيه، ودعا. قال: فرَوِينا وأرويَنْا.

انفرد بإخراجه البخاري (1).

(676)

الحديث الثالث والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق قال: سمعْتُ البراء يقول:

جاءَ رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأنصار، مُقَنّعٌ في الحديد، فقال: يا رسول اللَّه، أُسْلِم أو أُقاتل؟ قال:"لا، بل أَسْلِمْ ثم قَاتِل" قال: فأسلمَ ثم قاتلَ فقُتِلَ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هذا عَمِلَ قليلًا وأُجِرَ كَثيرًا".

أخرجاه في الصحيحين (2).

(677)

الحديث الرابع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا شُعبة عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال:

أصَبْنا يوم خيبرَ حُمُرًا، فنادى منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنِ اكفئوا القدور (3).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن عاصم عن الشَّعبي عن البراء بن عازب قال:

نهانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الإنسيّة، نضيجًا ونِيئًا (4).

الطريقان مخرّجان في الصحيحين.

(1) المسند 4/ 290، والبخاري 6/ 581 (3577)، من طريق إسرائيل.

(2)

المسند 4/ 290، وهو في البخاري 6/ 24 (2808) عن إسرائيل. وفي مسلم 3/ 1509 (1900) عن أبي إسحق. . جاء رجلٌ من بني النّبيت - قبيل من الأنصار. . فذكره.

(3)

عن محمّد بن جعفر وهاشم في المسند 4/ 291. وهو في البخاريّ 7/ 481 (4221) عن شُعبة عن عديّ بن ثابت عن البراء. وفي مسلم 3/ 1539 (1938) عن شُعبة عن أبي إسحق وعديّ عن البراء.

(4)

المسند 4/ 297، والبخاريّ 7/ 482 (4226)، ومسلم السابق، من طريق عاصم الأحول.

ص: 324

(678)

الحديث الخامس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شُعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: سمعْتُ ابن أبي ليلى قال: سمعْتُ البراء يُحَدّث (1)، قال:

سمِعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول للأنصار: "إنّكم ستلقَون بعدي أَثَرَةً". قالوا: فما تأمُرنا؟ قال: "اصْبِرُوا حتى تَلْقَوني على الحوض"(2).

(679)

الحديث السادس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا ليث قال: حدّثنا صفوان بن سليم عن أبى بُسرة عن البراء بن عازب قال:

سافرْتُ مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمانية عشرَ سفرًا، فلم أرَه ترك الرّكعَتَين قبلَ الظُّهر (3).

(680)

الحديث السابع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا سُليمان عن حُميد عن يونس عن البراء قال:

كُنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مسير، فأتَيْنَا على رَكيٍّ ذَمّة -يعني قليلة الماء- فنزل فيها ستَةٌ أنا سادسُهم، ماحةً، قال: فأُدْلِيَت إلينا دَلوٌ، قال: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على شفة الرّكيّ، فجعلْنا فيها نِصفَها أو قراب ثلثَيها، فرُفِعَت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4) فغمسَ يده فيها وقال ما شاءَ اللَّه أن يقول، فعادت (5) إلينا الدّلو بما فيها. قال: فقد رأيْتُ أحدَنا أُخْرِجَ بثوبٍ خَشيةَ

(1) في المسند "يحدّث قومًا فيهم كعب بن عجرة".

(2)

المسند 4/ 292، وفي إسناده يزيد، فيه كلام. والحديث صحيح، وشواهده في الصحيحين عن أُسيد وعبد اللَّه بن زيد وأنس - الجمع 1/ 439، 486 (708، 777)، 2/ 493، 616 (1857، 2026).

(3)

المسند 4/ 292، وفيه أبو بُسرة الغفاريّ، روى له أبو داود والترمذي هذا الحديث، ووثّقه ابن حبّان، وقال عنه ابن حجر: مقبول. تهذيب الكمال 8/ 242، والتقريب 2/ 696.

والحديث من طريق الليث في الترمذي 2/ 435 (550)، وأبي داود 2/ 8 (1222)، وابن خزيمة 2/ 244 (1253)، والحاكم 1/ 315 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عمر. وقال: حديث البراء حديث غريب، وسألت محمّدًا (البخاريّ) عنه فلم يعرفه إلّا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بُسرة، ورآه حسنًا. وجعله الشيخ ناصر في ضعيف الترمذي وأبي داود.

(4)

في المسند: "قال البراء: فكِدْت بإنائي هل أجدُ شيئًا أجعله في حلقي، فما وجدتُ".

(5)

في المسند "فعيدت".

ص: 325

الغَرَق، ثم ساحت. يعني جَرَتْ نهرًا (1).

الرَّكِي: البئر.

والماحة جمع مائح: وهو الذي يكون في البئر، يجمع الماء في الدلو. والماتح بالتاء: المستقي. والنقطتان من فوق لمن فوق، ومن تحت لمن تحت (2).

والقراب (3): القريب.

(681)

الحديث الثامن والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو الرحمن المقرىء (4) قال: حدّثنا أبو رجاء عبد اللَّه بن واقد قال: حدّثنا محمّد بن مالك عن البراء ابن عازب قال:

بينما نحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ بَصُرَ بجماعة فقال: "علامَ اجتمع هؤلاء؟ " قيل: على قبرٍ يحفرونه. قال: ففزِعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبَدرَ بين يَدَي أصحابه مُسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلْتُه من بين يدَيه لأنْظُرَ ما يصنع، فبكى حتى بلَّ الثّرى من دموعه، ثم أقبل علينا فقال:"أي إخواني، لمثلِ هذا اليوم فأَعِدُّوا"(5).

(682)

الحديث التاسع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن قال: حدّثنا أبو رجاء قال: حدّثنا محمّد بن مالك قال:

(1) المسند 4/ 292، والمعجم الكبير 2/ 26 (1177). قال الهيثمي 3/ 308: هو في الصحيح باختصار كبير في غزوة الحديبية (يشير إلى رواية أخرى 4/ 290) رواه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح. وجعله ابن حجر في الأطراف 1/ 603 (1202) والإتحاف 2/ 532 (2205) تحت: يونس ابن عبيد، وقال: لم ينسب يونس. ويونس هو مولى محمّد بن القاسم الثقفي، مقبول - تهذيب الكمال 8/ 216، والتقريب 2/ 687.

(2)

أراد نقطتي الياء من "المايح" إذا سهلت "المائح".

(3)

بضم القاف وكسرها.

(4)

في المسند عن أبي عبد الرحمن وحسين بن محمّد.

(5)

المسند 4/ 294. ومحمّد بن مالك الجوزجاني ضعيف، وعبد اللَّه بن واقد فيه كلام.

وقد أخرج الحديث ابن ماجة 2/ 1403 (4195) من طريق أبي رجاء. قال البوصيري في الزوائد: إسناده ضعيف، قال ابن حبّان في الثقات: محمّد بن مالك لم يسمع من البراء، ثم ذكره في الضعفاء. وقال في إتحاف الخيرة 3/ 277 (2692): ومدار إسناد الحديث على محمّد بن مالك، وهو ضعيف. وقال الطبراني في الأوسط 3/ 280 (2609): لا يروى هذا الحديث عن البراء إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به عبد اللَّه بن واقد. وحسّن الحديث الشيخ ناصر وأورده في صحيح ابن ماجة، والأحاديث الصحيحة 4/ 344 (1751).

ص: 326

رأيْتُ على البراء خاتمًا من ذهب، فكان الناسُ يقولون له: لِمَ تتختّمُ بالذَّهَب وقد نهى عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال البراء: بينا نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبين يدَيه غَنيمة يقسمها: سبي وخُرْثِيّ، فقسَمها حتى بقي هذا الخاتمُ، فرفعَ طَرْفَه فنظرَ إلى أصحابه، ثم خفض، ثم رفعَ طَرْفَه فنظر إليهم، ثم خفضَ، ثم رفعَ طَرْفَه فنظرَ إليهم، ثم قال:"أيْ براءُ" فجِئْتُ حتى قَعدْتُ بين يَدَيه، فأخذَ الخاتمَ فقبض على كُرسوعي ثم قال:"خُذْ، الْبَسْ ما كساك اللَّهُ ورسولُه" قال: فكان البراءُ يقول: فكيف تأمروني أن أضَعَ ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الْبَسْ ما كساك اللَّهُ ورسولُه"(1).

الخُرْثيّ: أثاث البيت وأسقاطه.

والكُرسوع: رأس الزّند الذي يلي الخنصر.

وقد اعتقد البراء أن لبس ذلك الخاتم خاصٌّ له.

(863)

الحديث الستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن موسى قال: حدّثنا زُهير قال: حدّثنا أبو إسحق أن البراء بن عازب قال:

جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الرُّماةَ يومَ أُحد -وكانوا خمسين رجلًا- عبدَ اللَّه بن جُبير، قال: ووضَعهم موضعًا وقال: "إن رأيْتُمونا تَخَطَّفُنا الطيْرُ فلا تَبْرَحوا حتى أُرْسِل إليكم، وإن رأيْتُمونا ظَهَرْنا على القوم وأوطأْناهم فلا تَبْرَحوا حتى أُرْسِل إليكم". قال: فهزموهم. قال: فأنا واللَّه رأيتُ النساء يَشْتَدِدْن على الجبل وقد بَدَت أَسْوُقُهنّ (2) وخلاخيلُهنّ، رافعاتٍ ثيابَهنّ. فقال أصحابُ عبد اللَّه بِن جُبير: الغنيمةَ أيْ قومِ، الغنيمةَ، ظهر أصحابُكم، فما تَنْتَظِرون؟ فقال عبد اللَّه بن جُبير: أنسيتُم ما قال لكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: إنّا واللَّه لنأتينّ النّاسَ فلنُصبينّ من الغنيمة. فلمّا أتَوها صُرِفَت وجوهُهم، فأقبلوا منهزمين، وذلك الذي يدعوهم الرسول في أُخراهم، فلم يبق مع الرسول غيرُ اثني عشر رجلًا. فأصابوا منّا سبعين

(1) المسند 4/ 294، وإسناده كسابقه، وهو من طريق أبي رجاء باختصار في مسند أبى يعلى 3/ 258 (1708). وقال الذهبي في الميزان 2/ 520: هذا حديث منكر. وقال في المجمع 5/ 154: ومحمّد بن مالك مولى البراء، وثقه ابن حبّان وأبو حاتم، ولكن قال ابن حبّان: لم يسمع من البراء. قلت (الهيثمي): قد وثّقه. وقال: رأيت، فصرّح، وبقيّة رجاله ثقات. وقد نقل ابن حجر الحديث في الفتح 10/ 317، ونقل عن الحازمي (في الاعتبار) أنّه قال: إسناده ليس بذاك، ولو صحّ فهو منسوخ. ولم يرتض ابن حجر النسخ، ورجّح ما مال إليه ابن الجوزيّ من كونه أمرًا خاصًا بالبراء. وينظر الاعتبار للحازمي في 415.

(2)

يشتددن: يسرعن. والأسوق جمع ساق.

ص: 327

رجلًا. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة: سبعين أسيرًا وسبعين قتيلًا. فقال أبو سفيان: أفي القوم محمّد؟ أفي القوم محمّد؟ ثلاثًا، فنهاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يُجيبوه. ثم قال: أفي القوم ابنُ أبي قُحافة؟ أفي القوم ابنُ أبي قُحافة؟ أفي القوم ابنُ الخطّاب؟ أفي القوم ابنُ الخطّاب؟ ثم أقبل على أصحابه فقال: أمّا هؤلاء فقد قُتِلوا، وقد كُفِيتُموهم. فما ملَكَ عمرُ نفسه أن قال: كذبتَ -واللَّه- يا عدوّ اللَّه، إنّ الذين عَدَدْتَ لأحياءٌ كلَّهم، وقد بقي لك ما يسوءك. فقال: يوم بيوم بدر، والحرب سِجال، إنّكم ستجدون في القوم مُثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثم أخذ يرتجز: اعْلُ هُبَل. اعْلُ هُبَل. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا تُجيبوه؟ "(1) قالوا: يا رسول اللَّه، وما نقول: قال: "قولوا: اللَّه أعلى وأجلّ". قال: إنّ العُزّى لنا ولا عُزّى لكم. فقال رسول اللَّه: "ألا تجيبوه؟ " قالوا: يا رسول اللَّه، وما نقول؟ قال:"قولوا: اللَّه مولانا ولا مولى لكم".

انفرد بإخراجه البخاريّ (2).

(684)

الحديث الحادي والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا عَبْثَرُ بن القاسم عن بُرْد أخي يزيد بن زياد عن المسيّب بن رافع قال: سمعْتُ البراء ابن عازب يقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من تَبعَ جنازةً حتى يُصَلّى عليها كان له من الأجر قيراط. ومن مشى مع الجنازة حتى تُدْفَن كان له من الأجر قيراطان، والقيراطُ مثلُ أُحُد"(3).

(685)

الحديث الثاني والستون: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا يوسف بن موسى قال: حدّثنا عبيد اللَّه بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء قال:

بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهوديّ رجالًا من الأنصار، وأمّرَ عليهم عبد اللَّه ابن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويُعين عليه، وكان في حِصن له بأرض الحجاز.

(1) في المسند "ألا تجيبونه" في الموضعين، وهي أوجه.

(2)

المسند 4/ 293، وهو في البخاريّ 7/ 349 (4043) من طريق زهير. والحسن بن موسى ثقة، من رجال الشيخين.

(3)

المسند 4/ 294، وإسناده صحيح، بُرد ثقة، روى له النسائي، وسائر رواته رجال الشيخين. ومن طريق قتيبة أخرجه النسائي 4/ 54، وصحّحه ابن حجر في الفتح 3/ 196. وله شواهد صحيحة، ينظر البخاريّ 3/ 192 (1323، 1324)، ومسلم 2/ 653 (945).

ص: 328

فلمّا دنَوا منه وقد غربت الشمسُ وراح الناسُ بسَرْحِهم، فقال عبد اللَّه لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإنّي منطلقٌ ومُتَلَطَّفٌ للبَوّاب لعلّي أدخلُ. فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تَقَنَّع بثوبه كأنّه يقضي حاجةً، وقد دخل النّاس، فهتف به البوّاب: يا عبدَ اللَّه، إنْ كُنْتَ تُريدُ أن تدخلَ فادخل فإنّي أريدُ أن أُغْلِقَ الباب. فدَخَلْتُ فكَمَنْتُ، فلمّا دخل النّاسُ أغلق الباب، ثمّ علَّقَ الأغاليق على وَد (1)، قال: فقُمْتُ إلى الأقاليد فأخذتها، ففتحت الباب، وكان أبو رافع يُسْمَرُ عنده، وكان في علاليَّ له، فلما ذهب عنه أهل سَمَره صَعِدْتُ إليه، فجعلت كلمّا فتحت بابًا أغلقت عليّ من داخل. قلت: إنّ القوم إِن نَذِرُوا (2) بي لم يخلُصوا إِليّ حتى أقتلَه. فانتهيت إِليه وهو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو في البيت، فقلتُ: يا أبا رافع. قال: من هذا؟ فأهويْتُ نحو الصوت، فأضربه ضربةً بالسّيف وأنا دَهِشٌ، فما أغنيتُ شيئًا، وصاح، فخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إِليه فقلت: ما هذا الصوت (3)؟ فقال: لأمّك الويلُ، إنّ رجلًا في البيت ضربَني قبلُ بالسّيف. قال: فأضربه ضربةً أَثْخَنَتْهُ ولم أقتله. ثم وضعْتُ ظُبَة السيف (4) في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفْتُ أني قتلته، فجعلْتُ أفتح الأبواب بابًا بابًا حتى انتهيت إلى درجةٍ له، فوضعت رجلي وأنا أُرى أنّي قد انتهيْتُ إِلى الأرض، فوقعْت -في ليلة مقمرة- فانكسرت ساقي، فعصّبْتُها بعمامة، ثم انطلَقْتُ حتى جلست على الباب، فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلمَ: أقتلتُه؟ فلمّا صاح الديك قام النّاعي على السُّور فقال: أنعي أبا رافع تاجرَ أهل الحجاز. فانطلقتُ إِلى أصحابي فقلتُ: النجا، فقد قتل اللَّهُ أبا رافع. فانتهينا إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فحدَّثْتُه، فقال:"اُبْسُطْ رجلَك" فبسطْتُ رجلي، فمسحها فكأنّها لم أشتكِها قَطُّ.

تفرد بإخراجه البخاريّ (5).

(686)

الحديث الثالث والستون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن إِياد [بن لقيط عن إياد (6)] عن البراء بن عازب قال:

(1) الأغاليق: المفاتيح، جمع غلق. والود: الوتد.

(2)

نذروا: علموا.

(3)

في البخاريّ زيادة: "يا أبا رافع".

(4)

ظبة السيف: حرف حدّه.

(5)

البخاريّ 7/ 340 (4039).

(6)

تكملة من مسلم، وتحفة الأشراف 2/ 13.

ص: 329

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كيف تقولون بفرح رجل انفلتت منه راحلته يجُرُّ زِمامَها بأرضٍ قفرٍ ليس بها طعام ولا شراب، وعليها له طعام وشراب، فطلبها حتى شقّ عليه، ثم مرّ بجذل (1) شجرة فتعلّقَ زمامُها، فوجدَها متعلّقة به؟ " قلنا: شديدًا (2)، رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أما واللَّه، للَّهُ أَشدُّ فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته".

انفرد بإخراجه مسلم (3).

* * * *

آخر المسند

(1) الجذل بفتح الجيم وكسرها: الجذع.

(2)

أي يفرح فرحًا شديدًا.

(3)

مسلم 4/ 2104 (2746). والحديث من طريق عُبيد اللَّه في المسند 4/ 283 وينظر الأطراف 1/ 573 (1115).

ص: 330