المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث التاسع في تقسيم الاستعارة باعتبار الجامع - جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع

[أحمد الهاشمي]

فهرس الكتاب

- ‌علم المعاني

- ‌الباب الأول في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء

- ‌المبحث الأول في حقيقة الخبر

- ‌المبحث الثاني في كيفية إلقاء المتكلم الخبر للمخاطب

- ‌المبحث الثالث في تقسيم الخبر إلى جملة فعلية وجملة اسمية

- ‌الباب الثاني في حقيقة الانشاء وتقسيمه

- ‌المبحث الأول في الأمر

- ‌المبحث الثاني في النهي

- ‌المبحث الثالث في الاستفهام

- ‌المبحث الرابع في التمني

- ‌المبحث الخامس في النداء

- ‌الباب الثالث في أحوال المسند إليه

- ‌المبحث الأول في ذكر المُسند اليه

- ‌المبحث الثاني في حذف المُسند اليه

- ‌المبحث الثالث في تعريف المسند إليه

- ‌المبحث الرابع في تعريف المسند إليه بالإضمار

- ‌المبحث الخامس في تعريف المسند إليه بالعلميَّة

- ‌المبحث السادس في تعريف المسند إليه بالإشارة

- ‌المبحث السابع في تعريف المسند إليه بالموصولية

- ‌المبحث الثامن في تعريف المسند إليه بأل

- ‌المبحث التاسع في تعريف المسند إليه بالإضافة

- ‌المبحث العاشر في تعريف المسند إليه بالنّداء

- ‌المبحث الحادي عشر في تنكير المسند إليه

- ‌في تقديم المسند إليه

- ‌المبحث الثالث عشر في تأخير المسند إليه

- ‌الباب الرابع في المسند وأحواله

- ‌المبحث الأول في ذكر المسند أو حذفه

- ‌المبحث الثاني في تعريف المسند: أو تنكيره

- ‌المبحث الثالث في تقديم المسند: أو تأخيره

- ‌الباب الخامس في الإطلاق

- ‌المبحث الأول في التقييد بالنَّعت

- ‌المبحث الثاني في التَّقييد بالتوكيد

- ‌المبحث الثالث في التقييد بعطف البيان

- ‌المبحث الرابع في التَّقييد بعطف النَّسَق

- ‌المبحث الخامس في التَّقييد بالبدل

- ‌المبحث السادس في التقييد بضمير الفصل

- ‌المبحث السابع في التقييد بالنّواسخ

- ‌في التّقييد بالشرط التقييد به:

- ‌المبحث التاسع في التقييد بالنفي

- ‌المبحث العاشر في التقييد بالمفاعيل الخمسة ونحوها

- ‌الباب السادس في أحوال متعلقات الفعل

- ‌الباب السابع في تعريف القصر

- ‌المبحث الأول في طرق القصر

- ‌المبحث الثاني في تقسيم القصر باعتبار الحقيقة والواقع إلى قسمين

- ‌المبحث الثالث في تقسيم القصر باعتبار طرفيه

- ‌المبحث الرابع في تقسيم القصر الإضافي

- ‌الباب الثامن في الوصل والفصل

- ‌المبحث الأول في إجمال مواضع الوصل

- ‌المبحث الثاني في مجمل مواضع الفصل

- ‌المبحث الأول في الإيجاز وأقسامه

- ‌المبحث الثاني في الإطناب وأقسامه

- ‌المبحث الثالث في المُساواة

- ‌علم البيان

- ‌الباب الأول في التشبيه

- ‌المبحث الأول في تقسيم طرفي التشبيه إلى حسِّي، وعقلي

- ‌المبحث الثاني في تقسيم طرفي التشبيه: باعتبار الإفراد، والتركيب

- ‌المبحث الثالث في تقسيم طرفي التّشبيه: باعتبار تعدّدهما

- ‌المبحث الرابع في تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشبه

- ‌المبحث الخامس في تشبيه التمثيل

- ‌المبحث السادس في أدوات التشبيه

- ‌المبحث السابع في تقسيم التشبيه باعتبار أداته

- ‌المبحث الثامن في فوائد التشبيه

- ‌المبحث الثامن في تقسيم التشبيه باعتبار الغرض إلى مقبول وإلى مردود

- ‌الباب الثاني في المجاز

- ‌المبحث الأول في تعريف المجاز وأنواعه

- ‌المبحث الثاني في المجاز اللّغوي المفرد المرسل، وعلاقاته

- ‌المبحث الثالث في تعريف المجاز العقلي وعلاقاته

- ‌المبحث الرابع في المجاز المفرد بالاستعارة

- ‌المبحث الخامس في تقسيم الاستعارة باعتبار ما يُذكر من الطرفين

- ‌المبحث السادس في الاستعارة باعتبار الطرفين

- ‌المبحث السابع في الاستعارة باعتبار اللفظ المستعار

- ‌المبحث الثامن في تقسيم الاستعارة المصرّحة باعتبار الطرفين إلى عنادية ووفاقية

- ‌المبحث التاسع في تقسيم الاستعارة باعتبار الجامع

- ‌المبحث العاشر في تقسيم الاستعارة باعتبار ما يتصل بها من الملائمات، وعدم اتصالها

- ‌المبحث الحادي عشر في المجاز المرسل المركب

- ‌الباب الثالث في الكناية وتعريفها وأنواعها

- ‌علم البديع

- ‌الباب الأول في المحسنات المعنوية

- ‌الباب الثاني في المحسنات اللفظية

- ‌أنواع الجناس اللفظي

الفصل: ‌المبحث التاسع في تقسيم الاستعارة باعتبار الجامع

‌المبحث التاسع في تقسيم الاستعارة باعتبار الجامع

الاستعارة المصرحة باعتبار (الجامع) نوعان (1)

(1) الجامع في الاستعارة: بمثابة (وجه الشبه) في التشبيه، وهو ما قصد اشتراك الطرفين فيه، وسمى جامعاً لأنه جمع المشبه في أفراد المشبه به تحت مفهومه وأدخله في جنسه ادعاء، ولابد أن يكون في المستعار منه أقوى، لأن الاستعارة مبنية على المبالغة في التشبيه، والمبالغة فيه توجب ابلاغ المشبه لما هو أكمل.

وينقسم الجامع إلى داخل وخارج - فالأول - ما كان داخلا في مفهوم الطرفين، نحو قوله تعالى «قطعناهم في الأرض أمماً» فاستعير التقطيع الموضوع لازالة الاتصال بين الأجسام الملتصق بعضها ببعض، لتفريق الجماعة، وإبعاد بعضها على بعض، والجامع إزالة الاجتماع، وهي داخلة في مفهومها، وهي في القطع أشد والثاني، وهو ما كان خارجا عن مفهوم الطرفين، نحو: رأيت أسداً.

أي رجلا شجاعاً، فالجامع وهي الشجاعة أمر عارض للأسد، لا داخل في مفهومه، وينقسم الجامع أيضا باعتباره وباعتبار الطرفين، إلى ستة أقسام - لأن الطرفين إما حسيان وإما عقليان (أو المستعار منه حسي والمستعار له عقلي أو بالعكس) والجامع في الأول من الصور الأربع تارة يكون حسيا وتارة يكون عقليا وأخرى مختلفا، وفي الثلاث الأخيرة لا يكون إلا عقليا.

مثال ما إذا كان الطرفان حسيين والجامع كذلك قوله تعالى (فأخرج لهم عجلا جسداً له خوار) فان المستعار منه ولد البقرة، والمستعار له الحيوان المصوغ من (حلى القبط) بعد سبكها بنار السامري، وإلقاء التراب المأخوذ من أثر فرس جبريل عليه السلام ، والجامع لهما الشكل والخوار، فانه كان على شكل ولد البقر، مما يدرك بحاسة البصر «ويحث بعضهم بأن ابدال جسداً من عجلا يمنع الاستعارة» .

ومثال ما إذا كان الطرفان حسيين، والجامع عقلي - قوله تعالى (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون) أي نكشف ونزيل الضوء من مكان الليل، وموضع ظلمته، فان المستعار منه أعنى السلخ وهو كشط الجلد وإزالته عن الشاة ونحوها والمستعار له: إزالة الضوء عن مكان الليل وموضع ظلمته: وهما حسيان.

والجامع لهما ما يعقل من ترتب أمر على آخر بحصوله عقبه، كترتب ظهور اللحم على السلخ والكشط، وترتب حصول الظلمة على ازالة ضوء النهار عن مكان ظلمة الليل، والترتب عقلي - واجراء الاستعارة - شبه كشف الضوء عن الليل، بكشط الجلد عن نحو الشاة، بجامع ترتب ظهور شيء على شيء في كل، واستعير لفظ المشبه به وهو «السلخ» للمشبه، وهو كشف الضوء، واشتق منه «نسلخ» بمعنى نكشف، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية، ومثال ما إذا كان الطرفان حسيين، والجامع بعضه حسي، وبعضه عقلي، قولك رأيت بدراً يضحك - تريد شخصاً مثل «البدر» في حسن الطلعة وعلو القدر، فحسن الطلعة حسي، وعلو القدر عقلي - ومثال ما إذا كان الطرفان عقليين ولا يكون الجامع فيهما إلا عقلياً، كباقي الأقسام، قوله تعالى (من بعثنا من مرقدنا) فان المستعار منه «الرقاد» أي النوم، والمستعار له الموت والجامع بينهما عدم ظهور الأفعال الاختيارية، (والجميع عقلي) - واجراء الاستعارة: شبه الموت بالنوم، بجامع عدم ظهور الفعل في كل، واستعير لفظ المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية - وقال بعضهم عدم ظهور الفعل في الموت أقوى، وشرط الجامع أن يكون في المستعار منه أقوى، فليجعل الجامع هو «البعث» الذي هو في النوم أظهر، وقرينة الاستعارة أن هذا الكلام كلام الموتى، مع قوله «هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون» وعلى هذا يقال: شبه الموت بالرقاد، بجامع عدم ظهور الفعل في كل، واستعير الرقاد للموت واشتق منه «مرقد» اسم مكان الرقاد بمعنى قبر اسم مكان الموت، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية - ومثال ما إذا كان المستعار منه حسيا، والمستعار له عقليا، قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر) فان المستعار منه كسر الزجاجة، وهو أمر حسي، باعتبار متعلقة، والمستعار له التبليغ جهراً والجامع التأثير الذي لا يمكن معه رد كل منهما إلى ما كان عليه «أي أظهر الأمر إظهاراً لا ينمحى - كما أن صدع الزجاجة لا يلتئم واجراء الاستعارة: شبه التبليغ جهراً بكسر الزجاجة، بجامع التأثير الشديد في كل واستعير المشبه به وهو «الصدع» للمشبه وهو التبليغ جهراً - واشتق منه إصدع بمعنى بلغ جهراً، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية - ومثال ما إذا كان المستعار منه عقليا، والمستعار له حسيا، قوله تعالى (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية) فان المستعار له كثرة الماء كثرة مفسدة وهي حسية، والمستعار منه التكبر، والجامع الاستعلاء المفرط، وهما عقليان، واجراء الأستعارة، شبهت كثرة الماء المفرطة، بمعنى الطغيان، وهو مجاوزة الحد، بجامع الاستعلاء المفرط في كل واستعير لفظ المشبه به، وهو الطغيان للمشبه وهو الكثرة المفرطة، واشتق منه طغى بمعنى كثر كثرة مفرطة، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.

«تنبيه» الاستعارة المكنية تنقسم أيضا إلى أصلية، والى تبعية، والى مرشحة والى مجردة، والى مطلقة، كما انقسمت التصريحية إلى مثل ذلك.

فالمكنية الاصلية - هي ما كان المستعار فيها اسما غير مشتق، كالسبع المتقدم والتبعية - هي ما كان المستعار فيها اسما مشتقا، فلا تكون في الفعل ولا في الحرف ومثالها في الاسم المشتق - يعجبني إراقة الضارب دم الظالم، فقد شبه الضرب الشديد بالقتل، بجامع الايذاء في كل، واستعير القتل للضرب الشديد، ثم حذف ورمز أليه بشيء من لوازمه، وهو الاراقة، على طريق الاستعارة المكنية التبعية - فالاستعارة التخييلية عند الجمهور: هي نفس اثبات اللازم المستعمل في حقيقته - وهي من المجاز العقلي، وإنما سميت استعارة: لانه استعير ذلك الاثبات من المشبه به، للمشبه، وسميت تخييلية لان اثباته للمشبه خيل اتحاده مع المشبه به، فقولنا أظفار المنية نشبت بفلان فلفظ «أظفار» في هذا التركيب مستعمل في حقيقته «وانما التجوز في اثباته للمنية» أي أن ذلك الأثبات إثبات الشيء إلى غير ما هو له - فعند الجمهور: التخييلية لا تفارق المكنية، لأنها قرينتها. والاستعارة المكنية المرشحة - هي ما قرنت بما يلائم المشبه فقط، نحو - نطق لسان الحال بكذا - شبهت «الحال» بمعنى الانسان واستعير لفظ المشبه به، للمشبه وحذف ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «لسان» واثبات اللسان للحال تخييل، وهو القرينة، والنطق ترشيح، لأنه يلائم المشبه به فقط

وترشيح المكنية فيه خلاف مبسوط في المطولات، والمكنية المجردة - هي ما قرنت بما يلائم المشبه فقط، نحو: نطقت الحال الواضحة بكذا - فالوضوح تجريد، لأنه يلائم المشبه الذي هو انسان فقط.

والمكنية المطلقة - هي التي لم تقترن بشيء يلائم المشبه ولا المشبه به - أو قرنت بما يلائمهما معاً - نحو نطقت الحال بكذا - ونطق لسان الحال الواضحة بكذا ففي الأول - شبهت الحال بانسان واستعير لها اسمه وحذف ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو النطق، واثبات النطق للحال تخييل، وهي مجردة لانها لم تقترن بشيء يلائمها وفي الثاني - شبهت الحال بانسان واستعير له اسمه «وحذف ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو «لسان» واثباته للحال تخييل، وهو القرينة، والنطق ترشيح، لأنه يلائم المشبه به، والوضوح تجريد، لأنه يلائم المشبه - ولما تعارضا سقطا، وتنقسم المكنية أيضا إلى عادية - نحو - أنشبت المنية أظفارها بفلان - لأنه لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد (يكون منية وسبعا) ، ووفافية - نحو نطقت الحال بكذا - لأنه يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد. كالحال مع الانسان.

ص: 269

(1)

عامية - وهي القريبة المبتذلة التي لاكتها الألسن، فلا تحتاج إلى بحث: ويكون الجامع فيها ظاهراً، نحو: رأيت أسداً يرمى.

وكقوله: وأدهم يسمتدّ الليل منه وتطلع بين عينيه الثُّريَّا

فقد استعار الثريا، لُغرّة المهر، والجامع بين الطرفين ظاهر، وهو البياض وقد يتصرف في العامية بما يخرجها إلى الغرابة.

ص: 270

(2)

وخاصية - وهي الغريبة التي يكون الجامع فيها غامضاً، لا يُدركه إلا أصحاب المدارك (من الخواص) - كقول كثير يمدح عبد العزيز بن مروان

غمرُ الرِّداء إذا تبسم ضاحكاً غلقت لضحكته رقابُ المال

غمر الرداء «كثير العطايا والمعروف» استعار الرداء للمعروف لأنه يصون ويستر عرض صاحبه، كستر الرِّداء ما يلقى عليه، واضاف إليه الغمر، وهو القرينة على عدم إرادة معنى الثوب: لأنّ الغمر من صفات المال، لا من صفات الثوب.

وهذه الاستعارة: لا يظفر باقتطاف ثمارها إلاّ ذووا الفطر السليمة والخبرة التامة.

ص: 271