الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر في المجاز المرسل المركب
المجاز المرسل المركب: هو الكلام المستعمل في غير المعنى الذي وضع له، لعلاقة غير المشابهة: مع قرينة مانعة من إرادة معناه الوضعي.
ويقع أولا: في المركبات الخبرية المستعملة في الإنشاء وعكسه، لأغراض
(1)
منها - التّحسر وإظهار التأسف - كما في قول الشاعر
ذهب الصِّبا وتولّت الايامُ فعلى الصِّبا وعلى الزمان سلام
فانه وإن كان خبراً في أصل وضعهن إلا أنه في هذا المقام مستعمل في إنشاء التَّحسر والتَّحزَّن على ما فات من الشباب، وكما في قول جعفر ابن عُلبة الحارثي:
هواي مع الرَّكب اليمانين مصعدٌ جنيبُ وجثماني بمكة مُوثقُ
فهو يشير إلى الأسف والحزن الذي ألم به من فراق الأحبة، ويتحسُّر على ما آل إليه أمرهُ، والقرينة على ذلك حال المتكلم، كما يفهم من الشطر الثاني في قوله (هواي - الخ) .
(2)
ومنها- إظهار الضعف - كما في قوله
رب إني لا أستطيع اصطباراً فاعف عني يا من يقبلُ العثارا
(3)
ومنها - إظهارُ السرور، نحو: كُتِبَ اسمي بين الناجحين.
(4)
ومنها - الدعاء - نحو: نجَّح الله مقاصدنا - أيها الوطن لك البقاء.
وثانيا ً: في المركبات الانشائية: كالأمر، والنهي، والاستفهام التي خرجت عن معانيها الأصلية، واستعملت في معان أخر: كما في قول المصطفى عليه الصلاة والسلام.
«من كذب علي متعمداً فليتبوَّأ مقعده من النار»
إذ المرادُ «يتبوّأ مقعده» والعلاقة في هذا (السببية والمسببية) لأن إنشاء المتكلم للعبارة سبب لاخباره بما تتضمنه، فظاهره أمرُ، ومعناه خبر.
المبحث الثاني عشر في المجاز المركب (1) بالاستعارة التمثيلية
المجاز المركب بالاستعارة التمثيلية: هو تركيب استعمل في غير ما وضع له، لعلاقة المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة معناه الوضعي، بحيث يكون كل من المشبه والمشبه به هيأة منتزعة من متعدد - وذلك بأن تشبه إحدى صورتين منتزعتين من أمرين، أو أمور (بأخرى) ثم تدخل المشبه في الصورة المشبه بها مبالغة في التشبيه - ويسمى بالاستعارة التمثيلية (2) وهي كثيرة الورود في الأمثال السائرة، نحو: الصيف ضيعت اللبن - يضرب لمن فرط في تحصيل أمر في زمن يمكنه الحصول عليه فيه، ثم طلبه في زمن لا يُمكنه الحصول عليه (3)
فيه، ونحو:(إني أراك تقدم رجلاً وتؤخر اخرى) يصرب لمن يتردد
(1) المجاز المركب: هو تركيب استعمل في ما يشبه بمعناه الأصلي (تشبيه التمثيل) .
(2)
سميت تمثيلية مع أن التمثيل عام في كل استعارة، للاشارة إلى عظم شأنها كأن غيرها ليس فيه تمثيل أصلا - إذ الاستعارة التمثيلية مبينة على تشبيه التمثيل، ووجه الشبه فيه هيئة منزعة من متعدد - لهذا كان أدق أنواع التشبيه، وكانت الاستعارة المبنية عليه أبلغ أنواع الاستعارات - ولذلك كان كل من تشبيه التمثيل، والاستعارة التمثيلية غرض البلغاء.
(3)
أصل المثل: أن امرأة كانت متزوجة بشيخ غني فطلبت طلاقها منه في زمن الصيف لضعفه - فطلقها وتزوجت بشاب فقير، ثم طلبت من مطلقها لبنا وقت الشتاء فقال لها ذلك المثل - واجراء الاستعارة في المثل الأول، أن يقال: شبهت هيئة من فرط في أمر زمن امكان تحصيله، بهيئة المرأة التي طلقت من الشيخ اللابن، ثم رجعت إليه، تطلب منه اللبن شتاء، بجامع التفريط في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية واجراء الاستعارة في المثل الثاني، أن يقال: شبهت هيئة من يتردد في أمر بين أن يفعله وألا يفعله بهيئة من يتردد في الدخول، فتارة يقدم رجله، وتارة يؤخرها بجامع الحيرة في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الثالث، شبهت هيئة من يظلم من وجهين، بهيئة رجل باع آخر تمراً رديئاً وناقص الكيل بجامع الظلم من وجهين في كل واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الرابع: شبهت هيئة الرجل المتستر تحت أمر ليحصل على أمر خفي يريده - بهيئة الرجل المسمى (قصيراً) حين جدع أنفه ليأخذ بثأر (جذيمة) من (الزباء) بجامع الاحتيال في كل واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الخامس، أن يقال شبهت هيئة رجل كريم الأصل عزيز النفس، الذي لا يفضل الدنايا على الرزايا عند ما تزل به القدم، بهيئة المرأة التي تفضل جوعها على إجارتها للارضاع عند فقرها بجامع ترجيح الضرر على النفع في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل السادس، شبهت هيئة من يريد أن يعمل عملا وحده وهو عاجز عنه، بهيئة من يريد أن يصفق بيد واحدة، بجامع العجز في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به، للمشبه، على سبيل الاستعارة التمثيلية. واجراء الاستعارة في المثل السابع، شبهت هيئة الرجل الذي يحصل بوجوده فصل المشكلات، بهيئة نبي الله موسى عليه السلام، مع سحرة فرعون، بجامع حسم النزاع في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية، واجراء الاستعارة في المثل الثامن، شبهت هيئة الرجل الذي لا يقول إلا الحق ولا يخبر إلا بالصدق، بهيئة المرأة المسماة «جذام» بجامع الصدق في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
في أمر، فتارة يقدم، وتارة يحجم، ونحو:(أحشفاً وسوء كيلة) يضرب لمن يظلم من وجهين - وأصله أنّ رجلا اشترى تمراً من آخر) فاذا هو ردىءٌ، وناقص الكيل، فقال المشتري ذلك - ومثل ما تقدم جميع الأمثال السائرة (نثراً ونظماً) فمن النثر قولهم: لمن يحتال على حصول أمر خفي، وهو متستر تحت أمرٍ ظاهرٍ «لأمر ما جدع قصير أنفه» وقولهم:«تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها وقولهم: لمن يريد أن يعمل عملا وحده وهو عاجز عنه «اليد لا تصفق وحدها» وقولهم: لمجاهد عاد إلى وطنه بعد سفر «عاد السيف إلى قرابه، وحلّ الليث منيع غابه» وقولهم لمن يأتي بالقول الفصل (قطعت جهيزةُ قول كلِّ خطيب)(1)
ومن الشعر قول الشاعر:
إذا جاء موسى وألقى العصا فقد بطل السحر والساحر
إذا قالت حذام فصدِّقوها فان القول ما قالت حذام
متى يبلغ البنيان يوما تمامهُ إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم (2)
وإذا فشت وشاعت الاستعارة التمثيلية (3)
وكثُر استعمالها تكون مثلاً (4) لا يغير
(1) أصل هذا المثل: أن قوماً اجتمعوا للتشاور في الصلح بين حيين من العرب قتل رجل من أحدهما رجلا من الآخر، وبينما خطباؤهم يتكلمون، إذا بجارية تدعى (جهيزة) أقبلت فأخبرتهم أن أولياء المقتول ظفروا بالقاتل، فقتلوه: فقال أحدهم (قطعت جهيزة قول كل خطيب) فذهب قوله مثلا.
(2)
واجراء الاستعارة في المثل التاسع: شبهت حال المصلح يبدأ الاصلاح ثم يأتي غيره فيبطل عمله، بحال البنيان ينهض به حتى إذا أوشك أن يتم جاء من يهدمه، والجامع هو الحالة الحاصلة من عدم الوصول إلى الغاية، لوجود ما يفسد على المصلح اصلاحه، ثم حذف المشبه، واستعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه.
(3)
الأمثال: هي عبارات موجزة مأثورة، يشبه الناس بها جديد أحوالهم بقديمها - وهي نوعان: حققة، وفرضية فالحقيقة - هي ما حدث موردها في الوجود، والفرضية، ما لم يحدث موردها في الوجود وانما اخترعت على لسان حيوان أو غيره، ولكل مثل (مورد) وهو الحالة القديمة التي قيل فيها لأول مرة ولكل مثل (مضرب) وهو الحالة الجديدة التي استعير لها وكما تكون الأمثال نثراً تكون شعراً - وتضرب كما وردت دون تغيير في لفظها.
تشبيه التمثيل
…
الاستعارة التمثيلية
1-
تشبيه التمثيل يذكر فيه المشبه، والأداة
…
1- الاستعارة التمثيلية لا تكون الا في التراكيب.
2-
تشبيه التمثيل يجوز أن يكون بين مفردين مثل: المنافق كالحرباء.
…
2- الاستعارة التمثيلية نوع من المجاز فهي لذلك أبلغ منه
3-
تشبيه التمثيل لا يصلح استعارة دون حذف
…
3- الاستعارة التمثيلية تحتاج إلى قرينة تمنع من ارادة المعنيى الأصلي.
4-
تشبيه التمثيل لا يحتاج إلى قرينة معه تدل على حقيقته.
…
4- الاستعارة التمثيلية يحذف منها المشبه والأداة، ولا يبقى فيها من أركان التشبيه الا ما كان مشبها به فقط
5-
الاستعارة التمثيلية تصلح مشبها به دون حذف، والتشبيه معها أكثر ما يكون غير تمثيل
5-
تشبيه التمثيل نوع من
الحقيقة.
(4)
وتنقسم التمثيلية إلى قسمين تحقيقة وتخييلية - فالتحقيقية هي المنتزعة من عدة امور متحققة موجودة خارجا - كما في الأمثلة السابقة - والتخييلية هي المنتزعة من عدة أمور متخيلة مفروضة لا تحقق لها في الخارج ولا في الذهن، وتسمى الأولى «تمثيلية تحقيقية» والثانية «تمثيلية تخييلية» كقوله تعالى (إنا عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها) الآية على احتمال فيها فانه لم يحصل عرض وإباء واشفاق منها حقيقة، بل هذا تصوير وتمثيل، بأن يفرض تشبيه حال التكاليف في ثقل حملها وصعوبة الوفاء بها، بحال أنها عرضت على هذه الأشياء، مع كبر أجرامها، وقوة متانتها، فامتنعن وخفن من حملها، بجامع عدم تحقق الحمل في كل، ثم استعير التركيب الدال على المشبه به، للمشبه استعارة تمثيلية، ونحو قوله تعالى (فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) فان معنى أمر المساء والأرض بالاتيان وامتثالهما أنه أراد تكوينهما فكانتا كما اراد، فالغرض تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها - وتمثيل ذلك بحالة الآمر المطاع لهما واجابتهما له بالطاعة فرضاً وتخييلا من غير أن يتحقق شيء من الخطاب والجواب، هذا أحد وجهين في الآيتين كما في (الكشاف) فارجع اليه.
مطلقا، بحيث يخاطب به المفرد، والمذكر، وفروعهما، بلفظ واحد من غير تغيير ولا تبديل عن مورده الأول، وإن لم يطابق المضروب له.
ولذا: كانت هذه الاستعارة محظ أنظار البلغاء، لا يعدلون بها إلى غيرها إلا عند عدم إمكانها، فهي أبلغ أنواع المجاز مفرداً أو مركباً، إذ مبناها تشبيه التمثيل: الذي قد عرفت أن وجه الشبه فيه هيئةٌ منتزعة من أشياء متعددة ومن ثم كانت هي والتشبيه المبنية عليه غرض البلغاء الذين يتسامون إليه، ويتفاوتون في إصابته، حتى كُثرا في القرآن الكريم كثرة كانت إحدى الحجج على إعجازه.
والاستعارة ميدان فسيح من ميادين البلاغة، وهي أبلغ من التشبيه لأنها تضع أمام المخاطب بدلاً من المشبه صورة جديدة تملك عليه مشاعره وتذهله عمّا ينطوي تحتها من التشبيه، وعلى مقدار ما في تلك الصورة من الروعة، وسمو الخيال، تكون البلاغة في الاستعارة.
وأبلغ أنواع الاستعارة «المُرشّحة» لذكر ما يناسب المستعار منه فيها «بناء على الدعوى بأن المستعار له هو عين المُستعار منه.
ثم تليها «المطلقة» لترك ما يُناسب الطرفين فيها، بناء على دعوى التساوى بينهما ثم تليها «المجردة» لذكر ما يناسب المستعار له فيها، بناء على تشبيهه بالمستعار منه.
ولابد في الاستعارة، وفي التمثيل على سبيل الاستعارة، من مراعاة جهات حسن التشبيه، كشمول وجه الشبه للطرفين، ومن كون التشبيه وافياً بافادة الغرض، ومن عدم شم رائحة التشبيه لفظاً، ويجب أن يكون وجه الشبه بين الطرفين جليا، لئلا تصير الاستعارة والتمثيل تعمية.
أسئلة على الاستعارة يطلب اجوبتها
ما هي الاستعارة؟ ما أركانها؟ كم قسما الاستعارة باعتبار ذكر الطرفين المشبه به والمشبه؟ - ما أصل الاستعارة؟ - ما هي الاستعارة التصريحية كم قسما لاستعارة التصريحية؟ - كم قسما الاستعارة باعتبار ذكر ملائم المستعار له، والمستعار منه؟ - ما هي الاستعارة المرشحة؟ ما هي الاستعارة المجردة؟ ما هي الاستعارة المطلقة؟ - كم قسما للاستعارة باعتبار إمكان اجتماع طرفيها في شيء؟ - ما هي الاستعارة الوفاقية؟ ما هي الاستعارة العنادية؟ - كم قسما الاستعارة باعتبار الجامع؟ - ماهي العامية؟ ما هي الخاصية؟ ما هي التمليحية؟ - ما هي التهكمية؟ ما مثال الحسيين والجامع حسي؟ ما مثال الطرفين الحسيين والجامع عقلي؟ - ما مثال الطرفين العقليين والجامع عقلي؟ ما مثال المستعار منه الحسي والمستعار له العقلي ما مثال المستعار منه العقلي والمستعار له الحسي؟ - ما هي الاستعارة بالكناية عند الجمهور؟ -
ما هي الاستعارة بالكناية عند السكاكي؟ -
ما هي الاستعارة بالكناية عند الخطيب؟ - كم قسما للاستعارة بالكناية؟ - ما هي المكنية الأصلية؟ - ما هي المكنية التبعية؟ - ما هي الاستعارة التخييلية عند الجمهور؟ - لم سميت استعارة؟ لم سميت تخييلية؟ - ما هي الاستعارة المكنية المرشحة؟ - ما هي الاستعارة المكنية المجردة؟ ما هي الاستعارة المكنية المطلقة؟ - كم قسما للمكنية باعتبار امكان اجتماع طرفيها في شيء؟ - ما هي العنادية؟ - ما هي الوفاقية؟ - ما هو المجاز المركب؟ - ما هي الاستعارة التمثيلية؟ - ما هو المجاز المركب بالاستعارة؟ - ما هي محسنات الاستمارة.
تمرين آخر على كيفية إجراء الاستعارات
(1)
فسمونا والفجر يضحك في الشر ق الينا مبشراً بالصباح (1)
(2)
عضَّنا الدهر بنابه ليت ما حَلَّ بنابه (2)
(1) شبه الفجر بانسان يتبسم، فتظهر أسنانه مضيئة لامعة - والقدر المشترك بينهما (البريق واللمعان) واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم حذف المشبه واشار إليه بشيء من لوازمه وهو الضحك - على طريق الاستعارة بالكناية، واثبات الضحك استعارة تخييلية.
(2)
شبه حوادث الدهر بالعض، بجامع التأثير والأيلام من كل - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه واشتق من العض وهو المصدر، عض بمعنى آلم على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، وذكر الناب ترشيح.
(3)
لسنا وان أحسابنا كرمت يوما على الأحساب نتَّكل (1)
(4)
دقّاتُ قلب المرء قائلةٌ له إن الحياة دقائقٌ وثوان (2)
(5)
بكت لؤلؤاً رطبا ففاضت مدامعي عقيقاً فصار الكلّ في نحرها عقداً (3)
(6)
إنّ التّباعد لا يضر إذا تقاربت القلوب (4)
(7)
ذم أعرابي رجلا فقال (يقطع نهاره بالمنى ويتوسد ذراع الهمّ إذا أمسى)(5)
(8)
قومٌ إذا الشر ابدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا (6)
(9)
جاء الشتاء واجثألَّ القُبّرُ وطلعت شمسٌ عليها مغفرُ (7)
(1) في كلمة «على» استعارة تصريحية تبعية، فقد شبه مطلق ارتباط بين حسيب وحسيب بمطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه، بجامع التمكن والاستمرار في كل ثم استعيرت «على» من جزئي من جزئيات الأول - لجزئي من جزئيات الثاني، على سبيل الاستعارة التبعية التصريحية.
(2)
شبه الدلالة بالقول، بجامع ايضاح لامراد في كل - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، واشتق من القول بمعنى الدلالة (قائل) بمعنى دال، على طريق الاستعارة التصريحية التبعية - والقرينة نسبة القول إلى الدقات.
(3)
شبه المتساقط من فيها (باللؤلؤ) بجامع البياض والتنسيق في كل - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه - ثم شبه الدمع النازل من عينيه (بالعقيق) بجامع الحمرة، واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه - والقرينة كلمتا بكت، وفاضت وذكر العقد ترشيح.
(4)
شبه التواد (بالتقارب) بجامع الألفة في كل منهما - ثم استعير التقارب للتواد، واشتق منه تقارب بمعنى تواد - والقرينة كلمة القلوب وهي استعارة مطلقة.
(5)
شبه المنى (بسكين قاطع) بجامع الاجاز وانهاء المقطوع في كل، واستعار اللفظ الدال على المشبه، به للمشبه وحذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو يقطع على سبيل الاستعارة المكنية الأصلية المطلقة، ويقطع استعارة تخييلية وكذا شبه الهم (بانسان) واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه وحذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الذراع، على سبيل الاستعارة المكنية الأصلية المرشحة والقرينة كلمة الذراع، ويتوسد ترشيح.
(6)
شبه الشر (بأسد متحفز للوثوب) فيكشر عن أنيابه، بجامع الاستعداد للهجوم في كل - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، وحذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الناجذان على طريق الاستعارة المكنية المرشحة - والقرينة كلمت ناجذيه وكلمة أيدي ترشيح، ثم شبه مشيهم (بالطيران) بجامع السرعة في كل منهما - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه واشتق من الطيران طار بمعنى أسرع، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية المطلقة - والقرينة اسناد الطيران اليهم.
(7)
شبه السحاب الذي يستر الشمس، بالمغفر الذي يستر الرأس - بجامع الستر في كل، واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، على سبيل الاستعارة التصريحية الاصلية المطلقة - والقرينة كلمة شمس.
(10)
سأبكيكَ للدنيا وللدين إن أبت يدُ المعروف بعدك شُلّت (1)
(11)
وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ (2)
(12)
سقاه الردى سيفٌ إذا سلَّ أو مضت
إليه ثنايا الموتِ من كلّ مرقد (3)
(13)
(سنفرغ لكم أيها الثقلان)(4)
(14)
(إنا لنراك في ضلال مبين)(5)
(15)
فتى كلما فاضت عُيُونُ قبيلة
دماً ضحكت عنه الأحاديثُ والذكرُ (6)
(1) المشبه المعروف بانسان له يد تعطي - والجامع الاعطاء في كل منهما وحذفه ورمز لايه بشيء من لوازمه وهو اليد على سبيل الاستعارة المكنية الأصلية المرشحة، والقرينة كلمة يد - وهي الاستعارة التخييلية، وشلت ترشيح.
(2)
شبه تمكنه عليه الصلاة والسلام من الهدى والأخلاق الشريفة والثبوت عليها (يتمكن من علا دابة يصرفا كيف شاء) بجامع التمكن والاستقرار في كل فسرى التشبيه من الكليين للجزئيات التي هي معاني الحروف، فاستعير لفظ «على» الموضوع للاستعلاء الحسي للارتباط والاستعلاء المعنوي على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
(3)
شبه لحاق الموت به (بالسقى) بجامع الوصول في كل - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم اشتق من السقى سقى على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية والقرينة إلى ذلك نسبة السقي إلى الردى وأيضاً قد شبه الموت بانسان له ثنايا يضحك منها فتلمع وتضىء - والجامع البريق واللمعان، واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ثم حذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو التنايا، على سبيل الاستعارة المكنية الاصلية المرشحة - والثناي استعارة تخييلية - وأو مض ترشيح.
(4)
شبه القصد إلى الشيء والتوجه له، بالفراغ والخلوص من الشواغل - بجامع الاهتمام في كل، واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم اشتق من الفراغ بمعنى الخلو: نفرغ - على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، والقرينة حالية.
(5)
في كلمة «في» استعارة تصريحية تبعية، فقد شبهت «في» التي تدل على الارتباط «بفي» التي تدل على الظرفية بجامع التمكن في كل فسري التشبيه من الكليين إلى الجزئيات فاستعيرت في من الثاني للاول على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية - والقرينة على ذلك كلمة الضلال.
(6)
شبه العيون بالنهر بجامع الصب الكثير في كل منهما - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ثم حذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو فاض، على سبيل الاستعارة الأصلية المكنية وفاض قرينتها وهي الاستعارة التخييلية، وكذا شبه السرور والاريحية بالضحك بجامع ما تجده النفس عند كل من المسرة - واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم اشتق من الضحك بمعنى السرور ضحك بمعنى سر - على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
بلاغة الاستعارة بجميع أنواعها
سبق لك أن بلاغة التشبيه آتية من ناحيتين، الأولى: طريقة تأليف ألفاظه والثانية: ابتكار مشبه به بعيد عن الأذهان، لا يجول إلا ّ في نفس أديب، وهب الله له استعداداً سليما في تعرّف وجوه الشُّبه الدقيقة بين الأشياء وأودعه قدرة على ربط المعاني، وتوليد بعضها من بعض إلى مدى بعيد لا يكاد ينتهي.
(وسر بلاغة الاستعارة) لا يتعدّى هاتين الناحيتين، فبلاغتها من ناحية اللفظ أن تركيبها يدل على تناسي التشبيه، ويحملك عمداً على تخيل صورة جديدة تنسيك روعتها ما تمضنه الكلام من تشبيه خفي مستور، انظر إلى قول البحتري في الفتح بن خاقان:
يسمو بكف على العافين حانية تهمى وطرف إلى العلياء طمَّاح
ألست ترى كفّه: وقد تمثّلت في صورة سحابة هتّانة، تصبُّ وبلها على العافين
والسائلين، وان هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذهلتك عمّا اختبأ في الكلام من تشبيه؟
وإذا سمعت قوله في رثاء المتوكل وقد قتل غيلة:
صريع تقاضاه الليالي حشاشة يجود بها والموتُ حمرٌ أظافره (1)
فهل تستطيع أن تبعد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت، وهي صورة حيوان مفترس، ضرجت أظفاره بدماء قتلاه، لهذا كانت الاستعارة أبلغ من (التشبيه البليغ) لأنه وان بنى على ادعاء أن المشبه والمشبه به سواء، لا يزال فيه التشبيه منويا ملحوظاً بخلاف (الاستمارة) فالتشبيه فيها منسى مجحود، ومن ذلك يظهر لك أن الاستعارة المرشحة ابلغ من الاستعارة المطلقة، وأن الاستعارة المطلقة أبلغ من الاستعارة المجردة، أما بلاغة الاستعارة من حيث الابتكار، وروعة الخيال، وما تحدثه من أثر في نفوس سامعيها، فمجال فسيح للابداع، وميدان التسابق المجيدين من فرسان الكلام، أنظر إلى قوله عز شأنه في وصف النار، (تكاد تميز من الغيظ كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يا تكم نذير) ، ترتسم أمامك النار في صورة مخلوق ضخم، بطاش مكفهر الوجه، عابس يغلى صدره حقداً وغيظاً - عن البلاغة الواضحة بتصرف.
(1) الصريع المطروح على الأرض، وتقاضاه أصله تنقاضاه بحذف إحدى التاءين وهو من قولهم: تقاضى الدائن دينه إذا قبضه، والحشاشة بقية الروح في المريض والجريح - يصفه بأنه ملقى على الأرض بلفظ النفس الأخير من حياته.