الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني والثلاون: فيمن يدخل الجنة في هذه الأمة بغير حساب وذكر أوصافهم
…
الباب الثاني والثلاثون: فيمن يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب وذكر أوصافهم
ثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفا تضيء وجوههم أضاءة القمر ليلة البدر" فقام عكاشة بن محصين الأسدي يرفع نمرة عليه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله آن يجعلني منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أجعله منهم فقام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يجعلني منهم فقال: "سبقك بها عكاشة"
وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد أن رسول الله قال: "ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب أو سبعمائة ألف آخذ بعضهم ببعض حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر" فهذه هي الزمرة الأولى وهم يدخلونها بغير حساب.
والدليل عليه ما ثبت في الصحيحين والسياق لمسلم حدثنا سعيد بن منصور حدثنا هشام أنبأنا خصيف بن عبد الرحمن قال كنت عند سعيد بن جبير فقال أيكم الذي رأى الكوكب الذي انقض البارحة قلت أنا ثم قلت أما أني لم أكن في صلاة ولكنني لدغت قال فما صنعت قلت استرقيت قال فما حملك على ذلك قلت حديث حدثناه الشعبي قال وما حدثكم الشعبي قلت حدثنا عن بريدة ابن الحصيب الاسلمي أنه قال لا رقيه إلا من عين أو حمة فقال قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ورفع إلى سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه ولكن أنظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض
فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم لعلهم الذين صحبوا رسول الله وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة وليس عند البخاري لا يرقون
قال شيخنا وهو الصواب وهذه اللفظة وقعت مقحمة في الحديث وهي غلط من بعض الرواة فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الوصف الذي يستحق به هؤلاء دخول الجنة بغير حساب هو تحقيق التوحيد وتجريده فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون والطيرة نوع من الشرك ويتوكلون على الله وحده لا على غيره وتركهم الاسترقاء والتطير هو من تمام التوكل على الله كما في الحديث الطيرة الشرك قال ابن مسعود وما منا إلا من تطير ولكن الله يذهبه بالتوكل.
فالتوكل ينافى التطير وأما رقية العين فهي إحسان من الراقي قد رقى رسول الله جبريل وأذن في الرقي وقال لا بأس بها ما لم يكن فيها شرك واستأذنوه فيها فقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه وهذا يدل على أنها نفع وإحسان وذلك مستحب مطلوب لله ورسوله فالراقي محسن والمسترقي سائل راج نفع الغير والتوكل ينافي ذلك
فإن قيل فعائشة قد رقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل قد رقاه قيل أجل ولكن هو لم يسترق وهو صلى الله عليه وسلم لم يقل ولا يرقيهم راق وإنما قال لا يطلبون من أحد أن يرقيهم وفي إمتناعه أن يدعو للرجل الثاني سد لباب الطلب فإنه لو دعا لكل من سأله ذلك فربما طلبه من ليس من أهله والله أعلم
وفي صحيح مسلم من حديث محمد بن سيرين عن عمران ابن حصين قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب قيل ومن هم قال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"
وفي صحيحه أيضا من حديث ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر حديثا طويلا وفيه فتنجوا أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا لا يحاسبون ثم الذين يلونهم كأضواء نجم في السماء ثم كذلك " وذكر تمام الحديث
وقال أحمد بن منيع في مسنده حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز حدثنا حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسل م: "عرضت علي الأمم بالموسم فتراأيت على أمتي ثم رأيتهم فأعجبني كثرتهم وهيئتهم قد ملؤا السهل والجبل فقال: أرضيت يا محمد فقلت: نعم فقال: أن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يجعلني منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت منهم فقام رجل آخر فقال سبقك بها عكاشة" وإسناده على شرط مسلم.