الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع الخمسون: في ذكر سماع الجنة وغناء الحور العين وما فيه من الطرب واللذة
…
الباب السابع والخمسون: في ذكر سماع الجنة وغناء الحور العين وما فيه من الطرب واللذة
قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُون} قال محمد بن جرير: حدثني محمد بن موسى الحرشي قال حدثنا عامر بن نساف قال سألت يحيى بن أبي كثير عن قوله عز وجل فهم في روضة يحبرون قال الحبرة اللذة والسماع حدثنا عبد الله بن محمد الفريابي حدثنا ضمرة بن ربيعة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير في قوله يحبرون قال السماع في الجنة ولا يخالف هذا قول ابن عباس يكرمون وقال مجاهد وقتادة ينعمون فلذة الأذن بالسماع من الحبرة والنعيم
وقال الترمذي حدثنا هناد واحمد بن منيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن اسحق عن النعمان بن سعد عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له" وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد وانس وحديث على حديث غريب
قلت وفي الباب عن ابن أبي أوفى وأبي أمامة وعبد الله بن عمر أيضا فأما حديث أبي هريرة فقال جعفر الفريابي حدثنا سعد بن حفص حدثنا محمد بن مسلمة عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: "إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأصوات حتى يسمعها الخلائق ما يرون في الجنة لذة مثلها فقلنا يا أبا هريرة وما ذاك الغناء قال إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب عز وجل" هكذا رواه موقوفا
وروى أبو نعيم في صفة الجنة من حديث مسلمة ابن علي عن زيد بن واقد عن رجل عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة جذوعها من ذهب وفروعها من زبرجد ولؤلؤ فتهب لها ريح فيصطفقن فما سمع السامعون بصوت شيء قط ألذ منه".
وأما حديث أنس فقال أبو نعيم أنبأنا عبد الله بن جعفر حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عون بن الحطاب عن عبد الله بن رافع عن أبي الأسن عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحور العين يغنين في الجنة يقلن نحن الحور الحسان خلقن لأزواج كرام " ورواه ابن أبي الدنيا حدثنا أبو خيثمة حدثنا إسماعيل بن عمر حدثنا ابن أبي ذئب عن أبي عبد الله بن رافع عن بعض ولد أنس فذكره
وأما حديث ابن أبي أوفى فقال أبو نعيم حدثنا محمد بن جعفر من أصله حدثنا موسى بن هارون حدثنا حامد بن يحيى البلخي حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا الوليد بن أبي ثور وحدثني سعد الطائي عن عبد الرحمن بن سابط عن ابن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يزوج كل واحد من أهل الجنة أربعة آلاف بكر وثمانية آلاف أيم ومائة حوراء فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم تسمع الخلائق بمثلهن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نظعن طوبى لمن كان لنا وكنا له ".
وأما حديث أبي أمامة فقال: جعفر الفريابي حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا خالد بن يزيد عن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة عن رسول الله قال ما من عبد يدخل الجنة إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه اثنتان من الحور العين يغنيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجن وليس بمزامير الشيطان".
وأما حديث ابن عمر فقال الطبراني حدثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات المصري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد ابن اسلم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أزواج أهل الجنة ليغنين لأزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها احد قط إن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعين وإن مما يغنين به نحن الخالدات فلا نمتنه نحن الآمنات فلا نخفنه نحن المقيمات فلا نظعنه" قال الطبراني لم يروه عن زيد بن أسلم إلا محمد تفرد به بن أبي مريم
وقال ابن وهب حدثني سعيد ابن أبي أيوب قال وقال رجل من قريش لابن شهاب: هل في الجنة سماع فإنه حبب إلي السماع فقال: إي والذي نفس ابن شهاب بيده إن في الجنة لشجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد تحته جوار ناهدات يتغنين بألوان يقلن نحن الناعمات فلا نبأس ونحن الخالدات فلا نموت يتغنين بألوان فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا فأجبن الحواري فلا ندري أصوات الحواري أحسن أم أصوات الشجر"
قال ابن وهب: وحدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد: "أن الحور العين يغنين أزواجهن فيقلن نحن الخيرات الحسان أزواج شباب كرام ونحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نطعن في صدر إحداهن مكتوب أنت حبي وأنا حبك انتهت نفسي عندك لم تر عيناني مثلك" وقال ابن المبارك حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير: "أن الحور العين يتلقين أزواجهن عند أبواب الجنة فيقلن طالما انتظرناكم فنحن الراضيات فلا نسخط والمقيمات فلا نظعن والخالدات فلا نموت بأحسن أصوات وتقول أنت حبي وأنا حبك ليس دونك مقصر ولا وراءك معدل"
فصل ولهم سماع أعلى من هذا
قال ابن أبي الدنيا حدثني دهثم بن الفضل القرشي حدثنا الأوزاعي قال: بلغني أنه ليس من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل فيأمره الله تبارك وتعالى فيأخذ في السماع فما يبقى ملك في السماوات إلا قطع عليه صلاته فيمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث فيقول الله عز وجل: "وعزتي وجلالي لو يعلم العباد قدر عظمتي ما عبدوا غيري وحدثني داود بن عمر الضيبي حدثنا عبد الله ابن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس الله ومزامير الشيطان اسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوهم تمجيدي وتحميدي"
وقال ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن الحسن حدثني عبد الله بن أبي بكر حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار في قوله عز وجل وان له عندنا لزلفى وحسن مآب قال اذا كان يوم القيامة أمر بمنبر رفيع فوضع في الجنة ثم نودي يا داود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في دار الدنيا قال فيستفرغ صوت داود نعيم أهل الجنان فذلك قوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}
وذكر حماد بن سلمة عن ثابت البناني وحجاج الأسود عن شهر بن حوشب قال إن الله جل ثناؤه يقول للملائكة: "إن عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من اجلي فاسمعوا عبادي فيأخذوا بأصوات من تهليل وتسبيح وتكبير لم يسمعوا بمثله قط"
وقال عبد الله بن الإمام احمد في كتاب الزهد لأبيه حدثني علي بن مسلم الطوسي حدثني سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك بن دينار: في قوله عز وجل: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} قال يقيم الله سبحانه داود عند ساق العرش فيقول: "يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم فيقول الهي كيف أمجدك وقد سلبتنيه في دار الدنيا قال فيقول الله عز وجل فاني أرده عليك قال فيرده عليه فيزداد صوته قال فيستفرغ صوت داود نعيم أهل الجنة"
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا مسلم بن إبراهيم الحراني حدثنا مسكين بن بكير عن الأوزاعي عن عبيدة بن أبي لبابة قال: "إن في الجنة شجرة ثمرها زبرجد وياقوت ولؤلؤ فيبعث الله ريحا فتصفق فتسمع لها أصوات لم يسمع ألذ منها"
حدثنا أبو بكر بن يزيد وإبراهيم بن سعيد قالا حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا رفعة بن صالح عن سلمة بن زهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال: "في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم فيذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا"
حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا علي بن عاصم حدثني سعيد بن سعيد الحارثي قال حدثت إن في الجنة آجاما من قصب من ذهب حملها اللؤلؤ فإذا اشتهى أهل الجنة يسمعوا صوتا حسنا بعث الله على تلك الآجام ريحا فتأتيهم بكل صوت يشتهونه"
فصل
ولهم سماع أعلى من هذا يضمحل دونه كل سماع وذلك حين يسمعون كلام الرب جل جلاله وخطابه وسلامه عليهم ومحاضرته لم ويقرا عليهم كلامه فإذا سمعوه منه فكأنهم لم يسمعوه قبل ذلك وسيمر بك أيها السني من الأحاديث الصحاح والحسان في ذلك ما هو من أحب سماع لك في الدنيا وألذ لأذنك واقر لعينك إذ ليس في الجنة لذة أعظم من النظر إلى وجه الرب تعالى وسماع كلامه منه ولا يعطى أهل الجنة شيئا أحب إليهم من ذلك
وقد ذكر أبو الشيخ عن صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة قال: "إن أهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار جل جلاله فيقرا عليهم القران وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والزمرد فلم تقر أعينهم بشيء ولم يسمعوا شيئا قط أعظم ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد"