الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والستون: في ذكر زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في مسنده حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها وكانت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه قال الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فأناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل وما يوم المزيد قال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب المسك فإذا كان يوم القيامة انزل الله تبارك وتعالى ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله تبارك وتعالى أنا ربكم قد صدقتم وعدي فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول قد رضيت عنكم ولكم علي ما تمنيتم ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيه خلق آدم عليه الصلاة والسلام وفيه تقوم الساعة ولهذا الحديث طرق سنشير إليها في باب المزيد إن شاء الله تعالى
وروى أبو نعيم من حديث شيبان بن خيبر بن فرقد عن الحسن عن أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليغدون في حلة ويروجون في أخرى كغدو أحدكم ورواحه إلى ملك من ملوك الدنيا كذلك يغدون ويروحون إلى زيارة ربهم عز وجل وذلك لهم بمقادير ومعالم يعلمون تلك الساعة
التي يأتون فيها ربهم عز وجل" قال وروى جعفر بن حسن بن فرقد عن أبيه مثله وذكر أبو نعيم أيضا من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال إذا سكن أهل الجنة الجنة أتاهم ملك فيقول لهم إن الله تبارك وتعالى يأمركم إن تزوروه فيجتمعون فيأمر الله تبارك وتعالى داود عليه السلام فيرفع صوته بالتسبيح والتهليل ثم يوضع مائدة الخلد" قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما مائدة الخلد قال: "زاوية من زواياه أوسع مما بين المشرق والمغرب فيطعمون ثم يسقون ثم يكسون فيقولون لم يبق إلا النظر في وجه ربنا عز وجل فيتجلى لهم فيخرون سجدا فيقال لهم: لستم في دار عمل إنما أنتم في دار جزاء"
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي حدثنا القاسم بن يزيد الموصلي قال حدثني أبو إلياس قال حدثني محمد ابن علي بن الحسين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبو نعيم حدثنا محمد ابن علي بن حنيش حدثنا إبراهيم بن شريك حدثنا احمد بن يونس حدثنا المعافى بن عمران وكان من خيار الناس قال حدثني إدريس بن سنان عن وهب بن منبه عن محمد بن علي قال إدريس ثم لقيت محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة فحدثني قال قال رسول الله أن في الجنة شجرة يقال لها طوبى لو سخر الجواد الراكب أن يسير في ظلها لسار فيها مائة عام ورقها برود خضر وزهرها رياض صفر وأقنابها سندس واستبرق وثمرها حلل وصمغها زنجبيل وعسل وبطحاؤها ياقوت احمر وزمرد أخضر وترابها مسك وحشيشها زعفران منيع وإلا لنجوج يؤججان من غير وقود ويتفجر من أصلها أنهار والسلسبيل والمعين والرحيق وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة يألفونه ومتحدث يجمعهم فبينما هم يوما يتحدثون في ظلها إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبن جبلت من الياقوت ثم نفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا وبرها خز
أحمر ومرزعي أبيض مختلطان لم ينظر الناظرون إلى مثلها عليها رجائل ألواحها من الدر والياقوت مفصصة باللؤلؤ والمرجان وصفافها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان فأناخوا إليهم تلك النجائب ثم قالوا لهم إن ربكم تبارك وتعالى يقرئكم السلام ويستزيركم لتنظروا إليه وينظر إليكم وتحيونه ويحييكم ويكلمكم وتكلمونه ويزيدكم من سعته وفضله أنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم
فيتحول كل رجل منهم على راحلته ثم انطلقوا صفا واحدا معتدلا لا يفوق منه شيء شيئا ولا يقرب أذن الناقة أذن صاحبتها ولا تركب ناقة بركت صاحبتها ولا يمرون بشجر من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمرها ورحلت لهم بمن طريقهم كراهية أن ينثلم صفهم أو يفرق بين الرجل ورفيقه فلما دفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى أسفر لهم عن وجهه الكريم وتجلى لهم في عظمته العظيمة فقالوا ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك حق الجلال والإكرام
فقال لهم ربهم تبارك وتعالى إني السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام مرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي وراعوا عهدي وخافوني بالغيب وكانوا مني على كل حال مشفقين قالوا وعزتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك وما أدينا إليك كل حقك فائذن لنا بالسجود لك فقال لهم ربهم تبارك وتعالى إني قد وضعت عنكم مؤنة العباد وأرحت لكم أبدانكم فلطالما ما أتعبتم لي الأبدان وأعنيتم لي الوجوه فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي وكرامتي فاسألوني ما شئتم وتمنوا علي أعطكم أمانيكم فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم ولكن بقدر رحمتي وكرامتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني فلا يزالون في الأماني والعطايا والمواهب حتى إن المقتصر من أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها فقال لهم ربهم عز وجل لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وألحقت بكم
ذريتكم وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحسبه أن يكون من كلام محمد بن علي فغلط فيه بعض هؤلاء الضعفاء فجعله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام وإدريس بن سنان هذا هو سبط وهب بن منبه ضعفه ابن عدي وقال الدارقطني متروك وأما أبو إلياس المتابع له فلا يدري من هو وأما القاسم بن يزيد الموصلي الراوي عنه فمحمول أيضا ومثل هذا لا يصح رفعه والله أعلم وقال الضحاك في قوله عز وجل يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال على النجائب عليها الرحال