الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والخمسون: في ذكر خيامهم وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم
قال تعالى {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا"
وفي لفظ لهما: "في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن"
وفي لفظ آخر لهما أيضا: "الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون"
وللبخاري وحده في لفظ: "طولها ثلاثون ميلا" وهذه الخيم غير الغرف والقصور بل هي خيام في البساتين وعلى شواطئ الأنهار
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا الحسين بن عبد الرحمن عن أحمد بن أبي الحوري قال سمعت أبا سليمان قال: ينشأ خلق الحور العين إنشأ فإذا تكامل خلقهن ضربت عليهم الملائكة الخيام وقال بعضهم: لما كن أبكارا وعادة البكر أن تكون مقصورة في خدرها حتى يأخذها بعلها أنشأ الله تعالى الحور وقصرهن في خدور الخيام حتى يجمع بينهن وبين أوليائه في الجنة
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا إسحاق حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله قال: لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ولكل خيمة أربعة أبواب يدخل عليها كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة لم تكن قبل ذلك لا مزجات ولا زفرات ولا بخرات
ولا طماحات حور عين عين كأنهن بيض مكنون.
حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة عن عبد الله بن ميسرة قال سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قال: در مجوف.
وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا سليمان التيمي عن قتادة عن خليد القصري عن أبي الدرداء قال الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا كلها من درة.
قال ابن المبارك وأخبرنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة الآف مصراع من ذهب.
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا فضيل بن عبد الوهاب حدثنا شريك عن منصور عن مجاهد {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قال: في خيام اللؤلؤ والخيمة لؤلؤة واحدة
حدثني محمد بن جعفر حدثنا منصور حدثنا يوسف بن الصباح عن أبي صالح عن ابن عباس حور مقصورات في الخيام قال الخيمة درة من لؤلؤة مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ ولها ألف باب من ذهب حولها س4رادق دوره خمسون فرسخا يدخل عليه من كل باب منها ملك بهديه من عند الله عز وجل وذلك قوله {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} والله أعلم وأما السرر فقال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} وقال تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} وقال تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} فأخبر تعالى عن سررهم بإنها مصفوفة بعضها إلى جانب بعض ليس بعضها خلف بعض ولا بعيدا من بعض وأخبر أنها موضونة والوضن في اللغة النضيد والنسج المضاعف يقال وضمن فلان الحجر أو الآجر بعضه فوق بعض فهو موضون
وقال الليث: الوضن نسج السرير وأشباهه ويقال درع موضونة مقاربة
النسج وقال رجل من العرب لامرأته ضني متاع البيت أي قاربي بعضه من بعض
قال أبو عبيدة والفراء والمبرد وابن قتيبة موضونة منسوجة مضاعفة متداخلة بعضها فوق بعض على بعض كما توضن حلق الدرع ومنه سمي الوضين وهو نطاق من سيور تنسج فيدخل بعضها في بعض وأنشدوا للأعمش:
ومن نسج داود موضونه
…
تساق مع الحي عيرا فغيرا
قالوا موضونة: منسوجة بقضبان الذهب مشتبكة بالدر والياقوت والزبرجد قال هشيم أنبأنا حصين عن مجاهد عن ابن عباس قال مرمولة بالذهب وقال مجاهد موصولة بالذهب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس موضونة مصفوفة فأخبر سبحانه أنها مرفوعة.
قال عطاء عن ابن عباس قال سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت والسرير مثل ما بين مكة وأيلة.
وقال الكلبي طول السرير في السماء مائة ذراع فإذا أراد الرجل أن يجلس عليه تواضع له حتى يجلس عليه فإذا جلس عليه ارتفع إلى مكانه
فصل
وأما الأرائك فهي جمع أريكة قال مجاهد عن ابن عباس: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ} قال لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة فإذا كان سريرا بغير حجلة لا يكون أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة ولا تكون أريكة إلا والسرير في الحجلة فإذا اجتمعا كانت أريكة
وقال مجاهد هي الأسرة في الحجال قال الليث الأريكة سرير حجلة فالحجلة والسرير أريكة وجمعها أرائك وقال أبو إسحاق الأرائك الفرش
في الحجال قلت: ها هنا ثلاثة أشياء أحدها السرير والثانية الحجلة وهي البشخانة التى تعلق فوقه والثالث الفراش الذي على السرير ولا يسمى السرير أريكة حتى يجمع ذلك كله
وفي الصحاح الأريكة سرير متخذ مزين في قبة أو بيت فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة والجمع الأرائك
وفي الحديث أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان مثل زر الحجلة وهو الزر الذي يجمع بين طرفيها من جملة أزرارها والله أعلم.