الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
…
حركة التجديد والإصلاح في نجد في العصر الحديث
تأليف:الدكتور عبد الله بن محمد العجلان
وكيل الرئيس العام لتعليم البنات
للتعليم العالي
الرياض 1409هـ /1989م
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه 00
وبعد00
فإني كنت عضو اللجنة التحضيرية في مكتب التربية العربي لدول الخليج لندوة اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر التي عقدت في دولة البحرين في الفترة من 3-6/6/1405هـ، والتي دعي لها عدد من رجال الفكر الإسلامي على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، ولما كانت حركة الإصلاح والتجديد في العصر الحديث على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واحدة من الحركات المهمة التي تحقق لها قدر كبير من النجاح فقد ظل لها حضور مستمر في الأوساط العلمية وقد استكتبت اللجنة بعضا من الشخصيات المهتمة بهذه الحركة والواعية لمبادئها وأفكارها ومنهجها الإصلاحي وكنت واحدا منهم فلبيت الدعوة حينما طلبت مني اللجنة التحضيرية أن ألتزم بالكتابة عن هذا الموضوع فكتبت بحثا لهذه الندوة عن هذه الحركة في حدود خمسين صفحة.
ولما طبعت وقائع هذه الندوة وبحوثها واطلع عليها بعض معارفي أثنوا على البحث وطلبوا مني توسيعه وإخراجه في كتاب مستقل، وألحوا في ذلك، فاستخرت الله ثم قبلت الفكرة فرجعت للبحث وعدلت بعض موضوعاته وأعدت تنظيمه وزدت على بعض فصوله وحذفت من بعض مباحثه ما كان من باب الاستطراد أو الخلفيات العامة وأعدت كتابة بعض فصوله حتى جعلته في الصورة التي ظهر بها.
ولم أجعل مهمتي هي التأريخ لهذه الحركة الإصلاحية الأصلية وضبط وقائعها وتسجيل حوادثها بقدر ما ركزت اهتمامي على الفكرة ذاتها والمبادئ التي قامت عليها
ومنهاجها التربوي لإعداد الفرد الصالح والمجتمع النظيف والقيادة السياسية الرشيدة وما ذكرته في السياق التاريخي كان الهدف منه توضيح الظروف والأحوال التي مهدت لهذه الحركة وتصوير الحياة العامة في بيئة الدعوة للتعرف على الأرضية التي نبتت فيها.
وقد خرج البحث في صورته النهائية في مقدمة وستة فصول تحدثت في المقدمة عن أوضاع المسلمين عامة في القرن الثاني عشر الهجري من النواحي السياسية والدينية وخصصت الفصل الأول عن أوضاع نجد قبيل الدعوة الإصلاحية في الجوانب السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وما كان فيها من فرقة واختلاف وتفكك وضيق وتخلف وانحراف عن مبادئ الإسلام السمحة.
وجعلت الفصل الثاني عن حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نسبه وولادته ونشأته ورحلاته العلمية وروافد فكره وبيان أسلوبه في الدعوة.
أما الفصل الثالث وهو أهم فصول الرسالة فقد خصصته لبيان حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأنها عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة وما تلاها وأنه لم يشذ عنهم في أي أصل من أصولها أو جزئية من جزئياتها. كما تحدثت في هذا الفصل عن دعوة الشيخ الإصلاحية في أسسها ومنطلقاتها وفلسفتها والغاية منها وطريقته في معالجة الأمور وفقهه فيها، واعتمدت في هذا كله على كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه كما استعنت عند الحاجة بكتابات تلامذة هذه المدرسة الإصلاحية.
كما تناولت في هذا الفصل قضايا ذات صلة وثيقة بالعقيدة والدعوة ومنشأ الخلاف تتمثل في تجلية بعض المفاهيم والمعاني الشرعية لكثير من مبادئ الدين الحنيف، كما أوضحت في هذا الفصل كذلك مذهبه في الفقه وموقفه من الأئمة الأربعة في العالم الإسلامي.
أما الفصل الرابع فقد تناولت فيه المنهاج التربوي لهذه الحركة وهو بحث لم أطلع على أن أحدا قد تناوله ممن كتبوا عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع أنه معلم بارز في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو يمثل فصلا مهما في هذا البحث المتواضع تحدثت فيه عن الهدف من الدعوة ووسائل تحقيق هذه الأهداف وعن منهاجه التربوي في خطواته المحددة، كما ذكرت خصائص التربية في منهاجه وعن أثر المنهاج التربوي في تنشيط هذه الحركة.
أما الفصل الخامس فقد تناولت فيه موقف المعارضة في الداخل والخارج والجهود التي بذلت في مقاومة حركة الإصلاح والشبهات التي أثيرت حول الدعوة ومناقشة هذه الشبهات من كتابات الشيخ محمد – رحمه الله – وغيره وتبين أن معظم هذه الشبهات ليس لها أصل البتة ومنها ما له أصل صحيح وزاد عليه الخصوم فدافع الشيخ عنها وأبان وجه الحق فيها وأقام الدليل عليها.
أما الفصل السادس فقد تناولت فيه نتائج حركة التجديد السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وآثارها على العالم الإسلامي باعتبارها حركة الإصلاح الرائدة والفاتحة لكل حركات الإصلاح في العصر الحديث.
وقد بذلت في جمع مادة هذا البحث ما استطعت واعتمدت على كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه، وركزت على رسائله الشخصية ومؤلفاته في العقيدة، كما استعنت بالمصادر التاريخية لهذه الفترة.
وإذا كان كثير من الكتابات التي تناولت هذه الحركة ركز على النواحي التاريخية والسياسية فإن هذا البحث قد ركز على جوانب العقيدة والدعوة ومنشأ الخلاف مع المعارضة لها في نجد وعلى المنهاج التربوي لهذه الحركة وأسلوب الدعوة وعلى مناقشة الشبهات التي أثيرت ضدها.
ومع كل ما بذل في هذا البحث من جهد ووقت فإنني أعتقد أنه محاولة يعتريها النقص والقصور كأي عمل بشري آخر، ولكنها تمثل خطوة في طريق مهم وصعب
في شرح حقيقة هذه الحركة الإصلاحية الأصيلة وفقه الدعوة فيها والوقوف على معالم منهاجها التربوي المعطاء أملا في الاستفادة من هذه التجربة الناجحة في مستقبل هذه الأمة المسلمة التي هي في حاجة دائمة إلى الإصلاح والتجديد كلما اندرست المعالم أو انحرفت المجتمعات البشرية المسلمة عن جادة الحق أو ضلت السبل مع إضافة ما تحتاج إليه الحياة المعاصرة من أساليب وطرق تقتضيها مستجدات الحياة ووسائل العصر وأنماط الممارسات.
ورجائي في الله كبير بأن أكون قد وفقت فيما أقدمه اليوم للمكتبة الإسلامية وأملي في إخواني القراء أن يغفروا الزلات وأن يعينوني بملاحظاتهم وتوجيهاتهم في كل ما كتبت لملاحظة ذلك في الطبعة القادمة أملا في الوصول إلى الأفضل والأكمل راجيا من الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به المهتمين بالإصلاح.
والله هوالموفق والهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المؤلف
دكتور عبد الله بن محمد العجلان
الرياض شهر جمادى الثانية 1409هـ
الموافق شهر يناير 1989م