المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: أسلوبه في الدعوة: - حركة التجديد والإصلاح في نجد

[عبد الله العجلان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول:أوضاع العالم الإسلام في القرن الثاني عشر الهجري في ظل الخلافة العثمانية

- ‌ الأوضاع السياسية:

- ‌ الأوضاع الدينية في العالم الإسلامي:

- ‌ الأوضاع الاجتماعية:

- ‌الفصل الثاني:الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌نسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌رحلاته:

- ‌روافد فكره

- ‌الفصل الثالث: الاعتقاد والدعوة ومنشأ الاختلاف

- ‌أولا – حقيقة اعتقاده:

- ‌ثانيا- "أصول دعوته

- ‌ثالثا: أسلوبه في الدعوة:

- ‌الفصل الرابع:منهاجه التربوي في دعوته

- ‌أولا- الهدف:

- ‌ثانيا- المنهج:

- ‌ثالثا: الوسائل

- ‌رابعا: الخصائص

- ‌الفصل الخامس: المعارضون وشبهاتهم

- ‌المعارضة على الدعوة

- ‌المعارضة الداخلية:

- ‌ المعارضة الخارجية:

- ‌مسائل الخلاف

- ‌ الممارسات التي لم يوافقه بعض معاصريه عليها:

- ‌ الشبهات التي أثيرت حول الدعوة:

- ‌الفصل السادس: آثار حركة التجديد ونتائجها

- ‌أثرها في شبه الجزيرة العربية

- ‌تأثير هذه الدعوة في أفريقيا:

- ‌تأثير هذه الدعوة في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا:

- ‌ النتائج السياسية:

- ‌النتائج الدينية:

- ‌النتائج الاجتماعية والاقتصادية

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌ثالثا: أسلوبه في الدعوة:

وهو يرى أن فئتين من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس هما العلماء، والأمراء ولهذا ركز عليهم في توجيه الخطاب والرسائل والبعوث.

10-

غاية الدعوة:

غاية هذه الحركة الإصلاحية في العصر الحديث نشر العلم ومحاربة الجهل، وتصحيح العقيدة وإحياء الشرعة، وتحقيق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحاربة الشرك والابتداع في الدين، وإقامة دولة إسلامية عادلة تقوم بوظيفتها في الحياة في نشر الأمن وإقامة العدل وحفظ الضروريات الخمس التي عرف من الشرع القصد إليها، ورفع راية الجهاد في سبيل الله وأحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحراسة الدين والحكم بما أنزل الله، والنهوض بهذه الأمة من كبوتها والعودة بها إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مجتمع المدينة في مختلف جوانب الحياة على هدى من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح رضى الله عنهم أجمعين.

ص: 80

‌ثالثا: أسلوبه في الدعوة:

إن شخصا مثل الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على سعة علمه وكثرة إطلاعه وأخذه العلم على شيوخ كبار وترحاله بين مراكز العلم في الحرمين الشريفين والعراق

والاحساء ونجد وغيرها وإعداد نفسه لأمر عظيم مع شدة المعارضين له من العامة والعلماء والقادة محتاج أن يكون على مستوى رفيع في الكتابة وحسن الصياغة وفي اللين واللطافة ومراعاة مقتضى الحال وتوخي نجاح الدعوة في كتابته أسلوبا ولفظا ومعنى. وقد كان له من حصافة رأيه وبعد نظره معين على معرفة الوسط العلمي القائم في نجد إبان قيام الدعوة وهو وسط تغلبت عليه البساطة والقرب إلى الفطرة وكثرة الجهل وقلة العلم وانخفاض المستوى العلمي بوجه عام وإن كان الجميع يعظمون الدليل من الكتاب والسنة وأقوال السلف رحمهم الله، ولهذا كله فإن كتابة الشيخ رحمه الله المتمثلة في كتبه ورسائله ومؤلفاته تمتاز بما يلي:

1-

من حيث الصياغة واللفظ والمحتوى بسيطة في كثير منها، معتمدة على

ص: 80

الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال السلف مع تعليقات لطيفة واستنباطات دقيقة تحقق الغرض الذي ألفت من أجله، ويشترك في فهمها الخاصة والعامة على السواء وهي في جملتها تتناول شرح العقيدة السلفية وتبسيطها للناس وإقامة الدليل على كل مسألة من مسائلها وبيان الشرك وعظيم خطره وإحباطه للأعمال.

كما تناول بيان فرائض الإسلام وشرائع الدين بالتعريف وتحديد الأركان والواجبات والشروط والسنن وغيرها على وجه تفصيلي ومختصر مع ذكر الدليل أو التعليل من الكتاب أو السنة وأقوال السلف وإيضاح ما ينبغي للمسلم أن يعلمه ويقوله أو ما يكف عنه ولا يفعله.

وهو حين يكتب لعلماء نجد وأمرائهم ومطاوعتهم يكتب بلغة بسيطة وربما استعمل الألفاظ الدارجة والعبارات العامية المؤثرة التي يشترك في فهمها العامة والعلماء على السواء.

أما حين يكتب إلى علماء الحرمين الشريفين أو علماء العراق والشام واليمن فإنه يكتب بمستوى رفيع وعبارات جزلة وألفاظ عربية وأسلوب مؤثر، يدل على قدرته الفائقة في الكتابة وتمكنه من اللغة العربية وأنه يراعي في كتاباته في الداخل والخارج مقتضى الحال. ورسالته إلى السويدي في العراق والعديلي في اليمن أمثلة قائمة على ذلك.

2-

أما من حيث الشدة واللين فإن المتتبع لرسائل الإمام الشخصية يدرك بجلاء أن الأمام في أول دعوته ولمن يظن به الخير أو يضمر له المحبة أو يطمع في قبوله لدعوته يكتب له بأسلوب رقيق وعبارات لينة، وبموضوعية فيما يعرضه من حق وما يطلب منه قبوله وعمله ورسالته إلى مطوع أهل رغبة أحمد بن أحمد تكشف عن التبسط في الكتابة واستعمال العامية واللين في القول والموضوعية في العرض كما يتضح ذلك من نصها التالي:

ص: 81

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب إلى أحمد بن يحيى

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد ما ذكرت من طرف مراسلة سليمان فلا ينبغي أنها تزعلك:

الأولى: أنه لو خالف فمثلك يحلم ولا يأتي بغايته هذا ولا أكثر منه 000

ثانيا: أنك إذا عرفت أن كلامه ما له فيه قصد إلا الجهدة في الدين ولو صار مخطئا فالأعمال بالنيات والذي هذا مقصده يغتفر له ولو جهل عليك، ونحن ملزمون عليك لزمة جيدة، وربك ونبيك ودينك لزمتهم لزمة تتلاشى فيها كل لزمة هذه الفتنة الواقعة ليست في مسائل الفروع التي ما زال أهل العلم يختلفون فيها من غير نكير، ولكن هذه في شهادة أن لا إله إلا الله والكفر بالطاغوت، ولا يخفاك أن الذي عادانا في هذا الأمر هم الخاصة الذين ليسوا بالعامة، هذا ابن إسماعيل والموايس وابن عبيد جاءتنا خطوطهم في إنكار دين الإسلام الذي حكى في "الإقناع" في باب حكم المرتد لإجماع من كل المذاهب أن من لم يدن به فهو كافر. وكاتبناهم ونقلنا لهم العبارات وخاطبناهم بالتي هي أحسن ما زادهم ذلك إلا نفورا ، وزعموا أن أهل العارض ارتدوا لما عرفوا شيئا من التوحيد وأنت تفهم أن هذا لا يسعك التكفي عنه فالواجب عليك نصر أخيك ظالما ومظلوما، وأن تفضل الله عليك بفهم ومعرفة فلا تعذر لا عند الله ولا خلقه من الدخول في هذا الأمر، فإن كان الصواب معنا فالواجب عليك الدعوة إلى الله وعداوة من صرح بسب دين الله ورسوله، وإن كان الصواب معهم أو معنا شيء من الحق وشيء من الباطل أو معنا غلو في بعض الأمور فالواجب منك مذاكرتنا ونصيحتنا وتورينا عبارات أهل العلم لعل الله أن يردنا بك إلى الحق، وإن كان إذا حررت المسألة إذ أنها من مسائل الاختلاف، وإن فيها خلافا عند الحنفية أو الشافعية أو المالكية فتلك مسألة أخرى.

وبالجملة فالأمر عظيم ولا نعذرك من تأمل كلامنا وكلام ثم تعرضه على كلام أهل العلم ثم تبين في الدعوة إلى الحق وعداوة من حاد الله ورسوله منا أو من

ص: 82

غيرنا والسلام.1

أما حين يكتب لمن سبق أن شرح له دعوته وعرفه بالحق ثم رفضه وعاند بعد معرفة الحقيقة ويأسه من هدايته فإن رسائله تأتي غاضبة شديدة اللهجة غليظة العبارة يرميه فيها بما يعتقده فيه دينا ويجعله عبرة لغيره وينفر الناس عنه، وهذا اللون يتمثل في رسالته التي أرسلها إلي سليمان بن سحيم مطوع أهل الرياض وهي طويلة نجتزئ منها بمقدمتها إذ هي كافية في بيان المطلوب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الذي يعلم به سليمان بن سحيم أنك زعجت قرطاسة فيها عجائب، فإن كان قدر فهمك فهذا من أفسد الافهام، وأن كنت تلبس به على الجهال فما أنت برابح وقبل الجواب نذكر لك أنك أنت وأباك مصرحون بالكفر والشرك والنفاق، ولكن صائر لكم عند جماعة في معكال قصاصيب2 وأشباههم يعتقدون أنكم علماء، ونداريكم ودنا أن الله يهديكم ويهديهم وأنت إلى الآن أنت وأبوك لا تفهمون شهادة أن لا إله إلا الله أنا أشهد بهذا شهادة يسألني الله عنها يوم القيامة أنك لا تعرفها إلى الآن ولا أبوك ونكشف لك هذا كشفا بينا لعلك تتوب إلى الله وتد خل في دين الإسلام إن هداك الله، وإلا تبين لكل من يؤمن بالله واليوم الآجر حالكما، والصلاة وراءكما وقبول شهادتكما وخطكما ووجوب عداوتكما كما قال تعالى:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 3

1 مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب القسم الخامس الرسائل الشخصية الرسالة رقم 45

ص 300، 301.

2 قصاصيب: جزارون.

3 مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب القسم الخامس الرسائل الشخصية الرسالة رقم 34ص 226.

ص: 83

3-

أما عن فهم الدعوة وأسلوب عرضها وفقه دقائقها فإن الرسالة الشخصية التي بعث بها الإمام إلى إخوانه في سدير على أثر ما جرى بين أهل حوطة سدير تمثل نموذجا صالحا للتدليل على فقه الرجل وحكمته واختياره لكل مرحلة من مراحل العمل وكل موقف من المواقف ما يناسبه ولذا نورد نصها فيما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه هذا الكتاب من الإخوان.

سلام عليكم وحمة الله وبركاته.

وبعد فيجري عندكم أمور تجري عندنا من سابق وننصح إخواننا إذا جرى منها شيء حتى فهموها ، وسببها أن تعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الأخوان، وقد قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" وأهل العلم يقولون الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه صابرا على ما جاء من الأذى وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به فإن الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه، وأيضا يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره فالله الله في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين، والمسلم ما يسعى إلا في صلاح دينه ودنياه، وسبب هذه المقالة التي وقعت بين أهل الحوطة لو صار أهل الدين واجبا عليهم إنكار المنكر فلما غلطوا الكلام صار فيه اختلاف بين أهل الدين فصار فيه مضرة على الدين والدنيا، وهذا الكلام وإن كان قصيرا فمعناه طويل فلازم تأملوه وتفقهوا فيه واعملوا به فإن عملتم به صار نصرا للدين واستقام الأمر إن شاء الله والجامع لهذا كله أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق ما يشترف أحد فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلا يقبل منه بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهرا إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق

ص: 84

واستلحق عليه ولا وافق فيرفع الأمر يمنا خفية، وهذا الكتاب كل أهل البلد ينسخون منه نسخة ويجعلونها عندهم ثم يرسلونه لحرمة والمجمعة ثم للغاط والزلفى والله أعلم1.

1-

أما من حيث الأطول والقصر في الرسائل فإن الشيخ محمد رحمه الله يراعي في ذلك حال المخاطب وموضوع الرسالة فإذا كانت حالة المخاطب تستدعي الشرح والاقناع وإقامة الدليل وبيان التعليل وكان الموضوع في صميم الدعوة ومجالاتها الأساسية فإن يطيل في رسالته وذلك مثل رسالته التي بعث بها إلى شيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف وكان من المترددين في قبول الدعوة وهو من أجل علماء عصره وكسبه في وصف الدعوة أمر مهم للشيخ وهو يحاول إقناعه بكل وسيلة ممكنة وتثبيته على الحق لا سيما بعد أن وصل إلى شيخ منه مكاتبات ينكر فيها دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويغلظ فيها عليه وكان له معه قبل ذلك مناقشات أظهر فيها الشيخ ابن عبد اللطيف موافقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيها وتأييده لدعوته.

فهذا الموقف المتردد من عالم كبير له وزنه في الأوساط العلمية في المنطقة استدعى من الشيخ الاطالة في رسالته إليه حتى بلغ عدد صفحات الرسالة 18صفحة وذلك في الرسالة رقم 37 من ص 250- 267.

أما حين يكتب لأنصاره ومحبيه أو في أمور ليست من أساسيات الدعوة أو لمن لا يحتاج الإطالة فإنه كان يكتب بكل إيجاز.

ورسالته رقم 10ص 60 الموجهة إلى محبه الشيخ أحمد التويجري جوابا على رسالة بعث بها أحمد التويجري إلى الشيخ ومعها رسالة من رجل ينتسب إلى مذهب الإمام أحمد وفيها ذم للشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته واتهامات له فندها الشيخ بكل إيجاز وكتبها في نصف صفحة فقط.

1 مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب القسم الخامس الرسائل الشخصية الرسالة رقم 44ص 297، 296.

ص: 85

وهذا يدل على أن الشيخ رحمه الله تعالى يرعى في طول الرسائل وقصرها حال المخاطب وموضوع الرسالة والوفاء بالغرض المطلوب ولهذا جاءت رسائله رحمه الله متفاوتة في الطول والقصر في الإيجاز والإطالة محققة لغرض المطلوب.

وهو في رسائله وفي كتاباته أعطى كل مقام ما يناسبه وما يكون انتهاجه أنجح للدعوة وأبلغ في البيان وهو بذلك أشبه بالطبيب الماهر الذي يجعل لكل داء دواء يناسبه ويستجيب له محققا بذلك نجاحا عظيما في بيان الحق ودحض الباطل وإقامة الحجة على المعارضين رحمه الله رحمة واسعة.

هذه البنود التي ذكرتها في حقيقة عقيدة محمد بن عبد الوهاب التي لخصتها من رسائله الشخصية ومن كتاباته في التوحيد مثل ثلاثة الأصول وكتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد والقواعد الأربعة وغيرها من كتابات الشيخ رحمه الله في عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة اليوم وأئمة المذاهب الإسلامية التي لم يعد لها أتباع وإنما حفظت كتب التفسير وشروح الأحاديث النبوية وكتب الخلاف آرائهم والذين جاءوا من بعدهم من أئمة الهدى مثل ابن تيمية وابن قيم وابن رجب والطحاوي وابن قدامة وغيرهم وهي تشبه ما كتبه من قبله شيخ الإسلام أبو محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي: لمعة الاعتقاد ومتن الطحاوية وملخص شديد التلخيص لمؤلفات ابن تيمية في العقيدة مثل الحموية والتدمرية وكتاب الإيمان وغيرها.

والحق أنه لا يطلب من مصلح أتى أو يأتي إلى يوم القيامة أن يأتي بجديد في هذه الأصول إنما الجديد هو أخذ هذه الأصول استنادا إلى أدلتها الشرعية عن فهم دقيق لأدلتها ووعي كامل بمنهج السلف الصالح فيها وإقتناع تام وقدرة على التفريع عليها والتمييز الكامل بين منهج السلف في ذلك كله وبين مناهج الخلف من أهل الكلام الذين ضلوا في هذه المسائل بين الإفراط والتفريط والتقصير والغلو.

ومن تتبع كتب الشيخ محمد رحمه الله ورسائله وكتابات تلاميذه عرف أن هذه المدرسة كانت على جانب كبير من الفهم الدقيق لحقيقة هذه العقيدة، ومعرفة ما

ص: 86

يناقضها أو يناقض كمالها، وقدرتهم الفائقة على تقدير كل أصل والتفريع على كل مسألة، وأنهم قد ساهموا بجهد كبير في المحافظة على عقيدة السلف الصالح لهذه الأمة والذب عنها بما ترجوا أن يكون في ميزان حسناتهم حتى جاز أن يقال إنها مدرسة تحقيق وتنقية في مسائل أصول الدين كما يسمى أمثالهم في مسائل الفروع مجتهدين.

وهذه الأصول التي ذكرناها آنفا يحتاج شرحها وتفصيلها وبيان اختلاف الناس حولها وضلال الفرق فيها ودليل كل فيما ذهب إليه مناقشة ذلك وإيضاح مذهب السلف بدليله وتعليله إلى مجلدات تغني بها كتب العقائد والتوحيد. وهو ليس من مهمتنا في هذا البحث إذ مهمتنا هنا بيان حقيقة عقيدته كما حددها هو في كتاباته وبقلمه بنفسه. ورسالته رحمه الله لأهالي القصيم في بيان حقيقة عقيدته ملحق أساسي لهذه الدراسة ليطلع القارئ على نص الشيخ في ذلك.

ص: 87