الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجبات الدين لا يصير للرجل دين إلا بها لقوله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} 1 وقوله تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} 00إلى قوله تعالى {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} 2 الآية وقال إنه يجب على الرجل أن يعلم أولاده وأهل بيته ذلك وأن ذلك أعظم من وجوب تعليم الوضوء والصلاة.
1 سورة المائدة الآية رقم 51.
2 سورة الممتحنة الآية رقم 4.
ثانيا- "أصول دعوته
":
تعتمد حركة الإصلاح والتجديد في نجد على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوتها وأصولها وأحكامها على الأدلة الشرعية الثابتة والمفيدة عند الأصوليين في مختلف المذاهب الإسلامية، وهي:
1-
الكتاب العزيز.
2-
السنة النبوية.
3-
الإجماع.
4-
الاجتهاد والقياس.
وما تفرع عن هذه الأصول الأربعة من أصول فرعية معتبرة عند جمهور الأصوليين كما تنطلق من أرضية الواقع الذي ولدت فيه وشاهد إمامها أحداثها وعايش أحوال الناس فيها وهو المجتمع القائم وقت قيام هذه الدعوة في نجد وبقية أجزاء شبه جزيرة العرب وكثير من أقطار العالم الإسلامي وما طرأ على هذه المجتمعات من تخلف وانحراف في العصور المتأخرة من حياة المسلمين في مجالات مختلفة بسبب قلة العلماء وفقد المجتهدين اجتهادا مطلقا ومقيدا وفشوا الجهل وانتشار التقليد والتعصب وفقد القيادة الراشدة والإمامة العادلة التي تقوم على الحق وتحرس
الدين وتأخذ بالناس إلى الهدي والرشد. بل حصلت بفقدها الفوضى والاضطراب واختلاف حبل الأمن وقطع الطريق وإخافة السالكين وظهر بسبب ذلك كله الانحراف في العقيدة والشريعة والسلوك والخروج على بعض مبادئ الإسلام وإهمال بعضها الآخر إلى غير ذلك مما سبق ذكره في العرض التاريخي للحياة الدينية والسياسية في صدر هذا البحث قبل هذه الدعوة المباركة. ولما قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في منتصف القرن الثاني عشر الهجري في نجد كان مولدها في هذه البيئة التي وصفناها. وعايش إمامها واقعها المؤسف وشاهد أحداثها المؤلمة وكانت نشأته في بيت علم مكنه من دراسة الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة والاطلاع على فقه الأئمة الأربعة وسير الصالحين وكتابات الإمامين الجليلين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وراعه الفارق الكبير القائم بين مقتضى الأدلة الشرعية في مصادر التشريع الإسلامي التي أسلفنا ذكرها وبين الواقع المعاش في نجد وأجزاء كثيرة من شبه جزيرة العرب وكثير من بلاد الإسلامي في ظل الخلافة العثمانية في عهودها المتأخرة.
وقد وفقه الله سبحانه وتعالى لإدراك مراد الله في نصوص شرعه ومعرفة الواقع المعاش في حياة الناس في وقته وإجراء الموازنة الصحيحة بين ما أراده الله من عبادة وما يقوم الناس به من أعمال وممارسات مخالفة لمراد الله في نصوص شرعه في بعض جوانب الحياة.
كما وفقه سبحانه وتعالى للقيام بواجب الإصلاح والتجديد والاضطلاع بهذه المهمة العظيمة والخطيرة في الوقت نفسه. فأخذ يعد نفسه بسلاح العلم والبصيرة في الدين على شيوخ بلاده وغيرهم ممن رحل إليهم في طلب العلم والاستزادة منه ، فلما أحسن من نفسه القدوة على مباشرة الدعوة وتحمل مسئوليتها باشر الدعوة بتعليم الناس الخير وتنبيههم إلى مخاطر الانحراف في المجتمع وحدد مظاهره ومن ثم بدأ في الإصلاح والدعوة بالأهم فالمهم في خطوات متتابعة ومستمرة أملا في هداية الناس وقياما بواجب العلم وطلبا للثواب من الله، وقد تركزت هذه الدعوة وتمحورت حول أصول أساسية في الدين طرأ الانحراف عليها في حياة المسلمين فجاءت هذه الدعوة
الإصلاحية لتصحيح مسار الناس فيها ورد الخلق إلى الحق وتحقيق مراد الله في نصوص شرعه ومقاصد دينه وأعمال عباده وكان أهم هذه الأصول ما يلي:
1-
تحقيق التوحيد: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة وتوحيده في المعرفة والإثبات وتوحيده في الطلب والقصد وتحقيقه هو تنقيته من شوائب الشرك والبدع والإلحاد، وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هي:
1 -
توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله واعتقاد أن الله سبحانه هو المتفرد بالخلق والرزق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم وأن هذا حق لابد منه لكن ذلك لا يدخل الإنسان في الإسلام وأن أكثر الناس مقرون به1 قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} 2 وأكثر الكفار يؤمنون بهذا النوع من التوحيد ولم يدخلهم في الإسلام.
2-
توحيد الألوهية: وهو توحيد الله بأفعال العباد فلا يجوز أن يسجد إلا لله ولا يركع إلا له ولا يدعى في الرخاء والشدة إلا هو ولا يذبح إلا له ولا يعبد بأي نوع من العبادات إلا هو سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وأن من صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله من الأنبياء أو الأولياء أو الصالحين أو غيرهم من الأحياء والأموات فقد أشرك. وتعريفه لهذا النوع من التوحيد يخالف تعريف المتكلمة والصوفية وغيرهم من أن المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية وأنهم إذا أثبتوا ذلك فقد غاية التوحيد وأن من أقر لله بما يستحقه من الصفات
1 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية رسالة رقم 22ص 150، 151.
2 سورة يونس الآية رقم 31.
ونزهه عن كل ما تنزه عنه وأقر أنه سبحانه خالق كل شيء فهو الموحد.
ج- توحيد الأسماء والصفات: وهو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل واعتقاده أنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقد سبق بيان ذلك في عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وقد تمحورت وتمركزت بشكل رئيسي في توحيد الألوهية والعبادة كما تناولت بالتحقيق والإيضاح عقيدة السلف الصالح توحيد الأسماء والصفات والأول على جانب علمي عملي عبادي والثاني إيماني معرفي ولهذا فإننا نجد الشيخ رحمه الله نكرر في رسائله وكتبه بأنه إنما يدعوا إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله وما تضمنته من نفي وإثبات وقال:"إن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهم فلا يدعى إلا إياه" كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 1
فمن عبد الله ليلا ونهارا ثم دعا نبيا عند قبره فقد اتخذ إلهين اثنين ولم يشهد أن لا إله إلا الله لأن الإله هو المدعو كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير أو عبد القادر أو غيرهما وكما يفعل هذا عند قبر زيد وغيره ومن ذبح لله ألف ضحية ثم ذبح لنبي أو غيره فقد جعل إلهين اثنين2
بل أكد في أكثر من موضع في كتبه ورسائله بأن هذا النوع من أنواع التوحيد هو الذي وقعت فيه الخصومة بين الرسل وأممهم وأن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قاتلهم على توحيد الألوهية. فإن كفار قريش كانوا يعرفون الله ويعظمونه ويحجون ويعتمرون ويزعمون أنهم على دين إبراهيم الخليل وأنهم يشهدون أن الله
1 سورة الجن الآية رقم 18.
2 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسالة رقم 24ص 166. وانظر الرسالة رقم 22 الموجه لعموم المسلمين ص 145.
هو الخالق الرازق المدبر للأمور وحده ولكنهم يدعون مع الله غيره ويقولون هؤلاء شفعاءنا عيد الله ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى 1
1-
حقيقة التوحيد:
وتوحيد الألوهية هو ما عبر عنه بمعرفة معنى لا إله إلا الله ويرى أن لكلمة لا إله إلا الله ركنين هما:
1-
نفي الألوهية عما سوى الله.
2-
إثبات الألوهية لله وحده لا شريك له وإخلاص العبادة له وحده.
ويرى أن أكثر من يقولها في زمنه لا يعرف معناها ولا يعرف الإخلاص ولا اليقين أو يقولها تقليدا أو عادة ويستدل على ذلك بأن الشيخ عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن وهو من أجل علماء أهل نجد قال في رسالته العامة التي وجهها إلى عامة المسلمين يحثهم فيها على التوحيد ومعرفة شهادة ألا إله إلا الله وقد جاء فيها "فالله الله عباد الله لا تغتروا بمن لا يعرف شهادة أن لا إله إلا الله وتلطخ بالشرك وهو لا يشعر فقد مضى أكثر حياتي ولم أعرف من أنواعه ما أعرفه اليوم فلله الحمد على ما علمنا من دينه"2
وقال الشيخ محمد رحمه الله في الرسالة التي بعث بها إلى أهل الرياض ومنفوحة "فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى لا إله إلا الله أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت أو زعم عن مشايخه أن أحدا عرف ذلك فقد كذب وافترى ولبس على الناس ومدح نفسه بما ليس فيه وشاهد هذا أن عبد الله بن عيسى ما نعرف في علماء نجد ولا علماء العارض ولا غيره أجل منه وهذا كلامه واصل إليكم "3
ويرى الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن لكلمة لا إله الله سبعة شروط لا
1 انظر الرسالة رقم 19الموجه إلى عامة المسلمين وبعض علماء عصره ص 124،ص 125.
2 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم بدون ص 193
3 المرجع السابق الرسالة رقم 28 ص 187.
تنفع قائلها إلا باجتماعها:
الأول: العلم المنافي للجهل.
الثاني: اليقين المنافي للشك.
الثالث: القبول المنافي للرد.
الرابع: الانقياد المنافي للترك.
الخامس: الإخلاص المنافي للشرك.
السادس: الصدق المنافي للكذب.
السابع: المحبة المنافية لضدها.
ويرى الشيخ محمد رحمه الله أن الإسلام له نواقض عشرة ذكرها بقوله: اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة:
الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 1 ومنه الذبح لغير الله كمن ذبح للجن أو القباب.
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفر إجماعا.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعا.
الربع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعا والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} 2
السادس: من استهزأ بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 3
1 سورة النساء الآية رقم 48، 116.
2 سورة محمد الآية رقم 9.
3 سورة التوبة، الآيتان رقم 65 ، 66.
السابع: السحر – ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضى به كفر والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} 1
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 2
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه يسعه الخروج من شريعته كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى عليهما السلام فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} 3
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا ومن أكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه وصلى الله على محمد 4
وهذا هو الفهم الدقيق والواسع لمعنى لا إله إلا الله بأركانها وشروطها ومقتضياتها ونواقضها ومحاولة تحقيق التوحيد وتنقيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي وشرح هذه الأمور للعامة والخاصة ودعوة الناس إلى الالتزام الكامل بها ومطالبة معاصريه بترك بعض المظاهر السائدة في المنطقة التي يمارسها العامة دون نكير من أحد مما يدخل في باب الشرك بالله شركا أكبر أو أصغر أو خفيا كدعوة الناس للأحياء أو الأموات والبناء على القبور والطواف حولها وطلب النفع والضر من أربابها أو الذبح لها أو العكوف عليها وطلب المدد والعون من أصحابها أو اتخاذ وسائط بين الله وبين عباده الاعتماد أو التوكل على غير الله أو الحلف بغيره سبحانه أو طلب
1 سورة البقرة الآية رقم 102.
2 سورة المائدة الآية رقم 51.
3 سورة السجدة الآية رقم 22.
4 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة 32ص 212-214.
الرياء والسمعة بأعمال الخير وفعل الطاعات وكذلك التبرك بالأشجار والأحجار والجمادات وغيرها أو لبس الحلقة والخيط ونحوها لرفع البلاء أو دفعه بل وعدم مشابهة المشركين في أي فعل من أفعالهم وسد الذرائع الموصلة إليه مثل الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله أو عبادة الله عند قبر رجل صالح إلى غير ذلك من الشرك وذرائعه التي كانت موجودة في عصره أو ما يدخل في باب البدع والخروج على صدق المتابعة لرسول الله صلى الله فيما جاء به من الدين مثل بدعة الاحتفالات بمولد النبي صلى الله عليه وسلم والذكر في ليلة الجمعة والطرق الصوفية وغيرها من البدع التي كانت موجودة في عهده وما يدخل في باب المعاصي كقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر والزنى والغيبة والنميمة وظلم الناس والاعتداء عليهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم أو ما يدخل في باب ترك الواجبات مثل ترك الصلاة أو عدم أداء الزكاة أو عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو إنكار معلوم من الدين بالضرورة أو ما يدخل في باب نواقض الإسلام العشرة التي مر ذكرها آنفا.
1-
التحذير من الشرك: وسد الذرائع الموصلة إليه:
الشرك هو دعوة الله ودعوة غيره أو هو إشراك المخلوق مع الخالق فيما هو من خصائص الألوهية أو جاءت النصوص الشرعية بتسميته بالشرك ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر وهو أعظم ذنب عصي الله على وجه الأرض وهو من الذنوب التي لا يغفرها الله كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وهو من محبطات العمل كما قال تعالى عن المشركين: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} فلا ينفع مع الشرك صلاة ولا صوم ولا حج ولا عبادة ولا التقرب بأي نوع من أنواع القربات.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب يقسم الشرك إلى ثلاثة أقسام هي:
1_
الشرك الأكبر: وهو إشراك المخلوق مع الخالق في أي نوع من أنواع العبادة أو جعل أحد من الخلق ندا لله أو شريكا له يتوجه إليه بالقصد والطلب فيما لا يجوز إلا لله. وهو شرك يخرج عن الملة لا يصح معه طاعة.
2-
شرك أصغر وهو كل فعل أو عمل وصفته النصوص الشرعية بالشرك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال: الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء، وهذا النوع من أنواع الشرك لا يغفر الله لصاحبه إلا بالتوبة لعموم الأدلة الشرعية وأنه يحبط العمل الذي قارنه ولا يوجب التخليد في النار ولا ينقل من الملة.
3-
الشرك الخفي: وهو حالة تقوم بالنفس أو عثرة باللسان وغيرها ويسمى بشرك السرائر وهو كيسير الرياء والتصنع للخلق والحلف بغير الله ومثل قول ما شاء الله وشئت أو مالي إلا الله وأنت وأمثالها مما يدل على المشاركة من الألفاظ أو النوايا المضمرة. فعن أبي سعيد رضى الله عنه مرفوعا: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال قالوا بلى يا رسول الله قال الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل". رواه احمد.
ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قائمة على تحقيق التوحيد والبراءة من الشرك بجميع أقسامه وصوره وحالاته بل وتسعى إلى سد كل الذرائع الموصلة إلى الشرك.
وهي دعوة تعطي الوسائل حكم الغايات فكل وسيلة تفضي إلى محرم أو محذور فإن الوسيلة تعطي حكم الغاية، ولهذا فإن الشيخ رحمه الله ذكر في كتابه التوحيد الذي هو حق الله على العبيد أبوابا في وجوب سد الذرائع الموصلة إلى الشرك مثل قوله"باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله "1 وقوله "باب ما جاء في أن سبب كفر بنى آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين "2 وقوله "باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده "3 ومثل قوله " باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك"4وهذا باب
1 ،حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص 103، 146، 153، 169.
2 حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص 103، 146، 153، 169.
3 حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص 103، 146، 153، 169.
4 حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص 103، 146، 153، 169.
عظيم واسع وقد رتب الشيخ محمد رحمه الله كثيرا من الأحكام والتطبيقات في واقع الحياة مما جعله يختلف في بعضه مع علماء عصره كذلك.
1-
وجوب المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به:
ومن أصول دعوة الشيخ محمد بن عبد الله الوهاب رحمه الله دعوة الناس إلى الناس وجوب المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به ونهى عنه وفيما جاء به من فرائض الدين وعدم إهمال شيء منها أو إنكارها أو جحدها أو التهاون فيها ووجوب الوقوف عند ما جاء به من غير زيادة عليه ولا نقص منه والابتداع في الدين بما لم يأذن به الله سبحانه وأن الأصل في العبادات التوقف والاتباع ولا يجوز لأحد أن يستحسن ويفعل شيئا لم يرد بها الشرع وفي تقرير هذا الأصل يقول الشيخ رحمه الله في الرسالة التي بعث بها إلى أهل الرياض ومنفوحة مستنكرا عليهم الاختلاف في وجوب المتابعة فيقول: "وأنتم الآن إذا جاءكم من يخبركم بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أنكم فريقان تختصمون أفلا تخافون أن يصيبكم من العذاب ما أصابهم"1
وفي الرسالة التي بعث بها إلى عبد الله الصنعاني في اليمن جوابا على خطاب وصل منه يسأله عما هو عليه ، قال فيه رحمه الله:"وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات والأقوال والأفعال قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ 000الآية} 2 وقال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله فما وافق منها قبل وما خالف رد على فاعله كائنا من كان فإن شهادة أن محمدا رسول الله تتضمن تصديقه فيما اخبر به وطاعته ومتابعته في كل ما أمر به 3 وقد شرح هذا الأصل وأبدأ فيه وأعاد في مؤلفاته ودلل على صحته وبنى عليه أحكاما على المبتدعين مثل أهل المولد الذين يقيمون احتفالات سنوية بمولد
1 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة 28،ص 189.
2 سورة آل عمران، الآية رقم 31.
3 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم 16ص106.
النبي صلى الله عليه وسلم ويكون فيها بعض المنكرات فإن هذه الاحتفالات لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه من بعده ولا في القرون المفضلة وإنما هي من البدع التي أحدثت في الدين على يد الأعاجم ظنا منهم أنها بدعة حسنة وقد قام الشيخ محمد رحمه الله بحملة شديدة على أهلها وشدد النكير فيها في الرسالة التي بعث بها إلى سليمان بن سحيم في الرياض قال قيها: "انك تقول إني أعرف التوحيد وتقر أن من جعل الصالحين وسائط فهو كافر والناس يشهدون عليك أنك تروح للمولد وتقرؤه لهم وتحضرهم وهم ينخون ويندبون مشايخهم ويطلبون منهم الغوث والمدد وتأكل اللقم من الطعام المعد لذلك فإذا كنت تعرف أن هذا كفر فكيف تروح لهم وتعاونهم عليه وتحضر كفرهم" 1 ويقول الشيخ عبد الله بن عيسى وهو من أجل علماء العارض وهو من أتباع الشيخ رحمه الله: "وأما الاتحادي بن عربي صاحب الفصوص المخالف للنصوص وابن الفارض الذي لدين الله محارب وبالباطل للحق معارض فمن تمذهب بمذهبهما فقد اتخذ مع غير الرسول سبيلا وانتحل طريق المغضوب عليهم والضالين المخالفين لشريعة سيد المرسلين فإن ابن عربي وابن الفارض ينتحلان نحلا تكفرهما قد كفرهم كثير من العلماء العاملين فهؤلاء يقولون كلاما أخشى المقت من الله في ذكره فضلا عمن انتحله فإن لم يتب إلى الله من انتحل مذهبهما وجب هجره وعزله عن الولاية إذا كان ذا ولاية من إمامة أو غيرها فإن صلاته غير صحيحة لا لنفسه ولا لغيره "2
وقد كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤيدا للشيخ عبد الله بن عيسى "وكذلك أيضا من أعظم الناس ضلالا متصوفة في معكال وغيره مثل ولد موسى بن جوعان وسلامة بن مانع وغيرهما يتبعون مذهب ابن عربي وابن فارض وقد ذكر أهل العلم أن ابن عربي من أئمة أهل مذهب الاتحادية وهم أغلظ كفرا من اليهود والنصارى فكل من لم يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم ويتبرأ من دين الاتحادية فهو كافر بريء منه الإسلام ولا تصح الصلاة خلفه ولا تقبل شهادته"3
1 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم 34ص 227.
2 المرجع السابق الرسالة رقم 28ص 193.
3 المرجع السابق الرسالة رقم 28 ص 189.
ويدخل في باب الخروج على المتابعة للرسول صلى الله عليه سلم إقامة الأذكار في ليلة الجمعة خاصة من كل أسبوع على هيئة مخصوصة وذكر مخصوص وفي وقت مخصوص والتقرب إلى الله بذلك مع أن ذلك لم يعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين ولا في الدولتين الأموية والعباسية ولا في القرون المفضلة وإنما هي بدعة جدت على حياة المسلمين في عصور الانحطاط والتخلف في ظل حكم الأعاجم.
وفي رد هذه البدعة يقول الشيخ محمد رحمه الله:"وأما مسألة التذكير فكلامك فيها من أعجب العجائب أنت تقول بدعة حسنة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" ولم يستثن شيئاً تشير علينا به فنصدقك أنت وأبوك لأنكما علماء ونكذب رسول الله" ونقل عن السيوطي في كتاب "الأوائل" أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة لتهيؤ الناس لصلاتها بعد سبعمائة في زمن الناصر بن قلاوون ثم قال "فأرنا كلام واحد من العلماء رخص فيه وجعله بدعة حسنة فليس عندك إلا الجهل المركب والبهتان والكذب ".
5-
وجوب الحكم بما أنز الله والرضاء به:
يعتبر الشيخ محمد رحمه الله أن الحكم من أخص خصائص الألوهية وأنه لا يجوز العدول عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى حكم الطواغيت وأعراف الجاهلية ولهذا فقد أكد على وجوب التحاكم إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ورد الحكم إليهما عند التنازع وشدد النكير على من خرج عن ذلك إلى حكم الطواغيت المعاصرين له وأعراف الجاهلية ومواضعات البشر التي كان معمولا بها عند قيام دعوته وفي ذلك يقول الشيخ رحمه الله: "من أنكر البعث أو شك فيه أو سب الشرع أو سب الأذان إذا سمعه أو فضل فراضة الطاغوت على حكم الله" حتى قال: "إنه كافر مرتد"1 واعتبر أن من حكم بغير ما أنزل الله فإنه واحد من رؤوس الشياطين الخمسة.
1 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم 34ص 234، ص 235، ص 236.
ورتب على هذا الأصل أحكاما يكفر من عرف هذا الحكم بدليله وقامت الحجة عليه بالبيان والدعوة ثم أصر على التحاكم إلى غير ما أنزل الله وفضل حكم البشر على حكم خالقهم واعتدى على الألوهية في أخص خصائصها وجعل له إلها في الحكم غير الله وحكم على من أنكر هذا الأصل أو دافع عن مرتكبيه بالباطل أو شايعهم وظاهرهم على المسلمين أنه كافر.
6-
وجوب الكفر بالطاغوت:
ومن أصل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجوب الإيمان بالله والكفر بالطاغوت وعرف الطاغوت بأنه ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع وقال إن مصدر الضلالات التي وقعت في زمانه وتقع في الأزمنة المختلفة إنما ترجع إلى الطواغيت وذكر أن الطواغيت كثيرة ولكن رؤوسهم خمسة هم:
1-
إبليس لعنه الله
2-
من عبد وهو راض.
3-
من دعا الناس إلى عبادة نفسه.
4-
من ادعى شيئا من علم الغيب.
5-
من حكم بغير ما أنزل الله.
وقد سمى هؤلاء الخمسة بالطواغيت لتجاوزهم حدودهم كمخلوقين إلى السطو على خاصية من خصائص الألوهية أو أكثر وتجاوزهم مقام المخلوق إلى مقام الخالق سبحانه.
وقبول الناس في أي عصر لهذا التجاوزات من المخلوقين يعد انحرافا منهم عن الحق وإيغالا في الضلال وسببا من أسباب الهلاك والخضوع لأهواء البشر ونزوات الإنسان وهو انتكاس في الفطرة وعدول عن الحق إلى الباطل. والإسلام إنما جاء لتحرير الإنسان من رق أخيه الإنسان له وتسلطه عليه. ولا تستقيم الحياة على الجادة إلا بالإيمان بالله وحده والكفر بكل الطواغيت مصادر الضلال والانحراف. والشيخ
رحمه الله تعالى لم يكن بهذا يضع فروضا الأمور لم تقع ولكنه يعالج انحرافات كانت قائمة في وقت دعوته ويرى أن هذه الطواغيت هي السبب في انحراف الناس في عهده. ولهذا أكد على وجوب الكفر بالطاغوت‘ووصف مصادر الانحراف بهذا الوصف الشنيع لتنفير الناس منها وتأمل مواقفها.
وعلى هذا الأصل من أصول الدعوة فرع الشيخ فروعا وأصدر فتاوى بحق بعض معاصريه ممن ينصبون أنفسهم طواغيت في أي نوع من أنواع العبادة أو الاتباع في الباطل أو الطاعة في المعاصي ولهذا قال رحمه الله: "ومسألة سادسه: وهي: افتائي بكفر شمسان وأولاده ومن شابههم وسميتهم طواغيت وذلك أنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى بأضعاف وليس في كلامي مجازفة بل هو الحق"1.
7-
الدعوة إلى تعظيم الكتاب والسنة:
ومن أصول هذه الحركة الدعوة إلى أخذ الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية كتابا وسنة، وتقديمهما على أقوال الرجال وأن يرد الحكم إليهما عند التنازع‘ ذلك أن هذه الدعوة المباركة قامت في فترة زمنية فشا فيها الجهل بالنصوص الشرعية وجمد فيها الفقهاء على مختصرات في الفقه خالية في الغالب من الدليل أو التعليل وبالغ الناس في تعظيم هذه المختصرات وتقليد مؤلفيها من المتأخرين في كل مذهب حتى صار لا يؤخذ الحكم الشرعي إلا منها، ولا يقبل إلا ما وافقها. وماعداه فيرفض ويرد على صاحبه. ويقول علماء عصره إننا غير مؤهلين للأخذ المباشر للأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، وأئمتنا أعلم منا بذلك، وقد اختاروا لنا هذه الكتب المؤلفة في المذهب فلا نتعداها إلى غيرها ولو كان الدليل الشرعي
1 القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية الرسالة رقم 11ص 75.
فكان من أصول هذه الدعوة الإصلاحية تعظيم الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة، ورفع مقامهما في نفوس الناس، وجعل الرد إليهما عند التنازع أمر مقررا، مع الاحتفاظ بمقام فقهاء الإسلام في كل مذهب وتقدير جهودهم واحترام أعمالهم إلا أنهم بشر يصيبون ويخطئون ولكل واحد منهم أعذاره الكثيرة في القول أحيانا على خلاف مقتضي الدليل، وهم مأجورون على اجتهادهم في حالة خطئهم أجرا واحدا، وأجرين إذا وافقوا الحق وأخذوا بالدليل.
ومع أن الشيخ محمد بن العبد الوهاب لا يدعي الاجتهاد ويقرر في كثير من رسائله بأنه في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حبل رحمه الله إلا أنه يؤكد أنه مع الدليل الشرعي إذا ظهر له ولو خالف المذهب، وأنه يدعو الناس إلى الاجتهاد في الفقه واستكمال أدواته، وأنه يرى أن الزمان لا يخلو من مجتهد قائم لله بحجته على الخلق كما هو معروف عند الحنابلة رحمه الله، ويرى أن على طالب العلم أن يطلع على كلام العلماء وأدلة كل فيما ذهب إليه وأن يحتاط لنفسه، ولا يعدل عن الدليل الشرعي لأي مذهب، ويأخذ بالمذهب متى كان الدليل معه أولم يظهر مخالفته للدليل.
ولهذا فإن هذه الدعوة قد أعادت للنصوص في نفوس أتباعها مكانتها واحترامها وتقديمها وجعلها الحاكمة على كل الأقوال المعصومة وحدها من الخطأ وأن الناس مهما علت منازلهم فإنهم بشر عرضة للخطأ والجهل والزلل.
8-
إقامة دولة إسلامية:
ومن أصول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إيجاد دولة إسلامية، تقوم بوظيفتها في الحياة في نشر العلوم الشرعية وإعداد الدعاة والقضاة وإقامة الحدود وحراسة الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع راية الجهاد في سبيل الله وتحقيق الأمن وإقامة العدل وتأمين السبيل وإلزام الناس بالحق في أمور الذين والدنيا ورعاية، مصالح الأمة، والمحافظة على الضروريات الخمس التي عرف من الشرع
القصد إليها وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال وحفظ العقل والعرض.
ولهذا فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب منذ فجر قيام دعوته كان يعرض نفسه على الأمراء في نجد، ويبشر من يقوم بهذا الواجب الديني بالعز والتمكين والنصر على الأعداء متى أخذها بصبر واحتساب وعمل وجاهد وانطلق في دعوته من سلطة سياسية تحمي بيضة الدعوة وتجمع أنصارها وتدافع عدوها.
ولما فشل رحمه الله مع أمير العيينة عثمان بن معمر كرر المحاولة مع غيره من أمراء عصره. فساق الله الخير إلى الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية بمقدم الشيخ محمد إليه ونزوله عنده وقبوله دعوته والاتفاق معا على القيام بهذا الواجب طاعة لله ونصرة لدينه.
فكان هذا التوجيه الصحيح من إمام هذه الدعوة ثمرة فقه في الدعوة وتوفيق في الإصلاح أعز الله به هذه الدعوة ورفع به شأن إمارة الدرعية، ودخلت به الأسرة السعودية وجودها الحضاري من أوسع أبوابه، وحقق الله للمخلصين من أبنائها العز والتمكين في الدنيا والأجر العظيم والمثوبة الحسنة إن شاء الله في الآخرة.
وتحقق لحركة الإصلاح بهذه الدولة المسلمة كثير مما تهدف إليه وقامت بوظائفها خير قيام، وحقق الله بها في هذه المنطقة أفضل الثمار وتفيأ الناس في ظلها الأمن والسلام والرخاء ورفعت فيها راية الجهاد في سبيل الله وتحقق فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأمين الخائف وأمن السبيل وتحقيق العدل وإظهار سلطان الدين في كل جانب من جوانب الحياة، وحصنوا هذه المنطقة من النفوذ الاستعماري وظل أهلها سادة الموقف في بلادهم.
هذه هي الأصول العامة للدعوة أو المجالات التي قامت الدعوة الإصلاحية في نجد لتحقيقها ورد الناس فيها إلى جادة الحق ومنهج الصواب طاعة لله وابتغاء لمرضاته وهداية للناس إلى صراط الله المستقيم.
ولا يمكن أن تتم في الحياة بمجرد الأماني أو بلا جهد بشري ونزول لميدان العمل والجهاد المتواصل.
بل أن تحقيق ذلك يتطلب تحديد الغاية واتخاذ الوسائل وإعداد العدة لمواجهة كل موقف من الموقف بما يناسبه من العدة وفهم طبيعة الدعوة ووظيفة الداعية وحدود مسئوليته وشروط الدعوة الناجحة وصفات من يتصدى لهذه المهمة الخطيرة، وكلها أمور مهمة.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب بما وهبه الله من صفات شخصية وبما أعطاه الله من فقه في الدعوة وعلم بالشريعة وخبرة في الحياة، وبما وفقه الله إليه من منهج سديد في الإصلاح مهتديا فيه بالنصوص الشريعة الغراء والسيرة النبوية الشريفة، وضع إطارا عاما ونظرة شاملة لهذه المهمة الإصلاحية يمكن بواسطتها نقل الحياة العامة مما انحدرت فيه من انحراف في المجالات وغيرها.
ويمكن إجمال هذه الأسس العامة والإطار النظري الشامل في النقاط التالية:
1-
إن االدعوة إلى الله ينبغي أن تكون على بصيرة ، والبصيرة هي العلم الشرعي المبني على الدليل الثابت والفهم الصحيح لمراد الله في نصوص شرعه. وأعلى درجات الفهم لهذه النصوص ومقاصد الشريعة هو فهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضهم ثم التابعين لهم بإحسان من التابعين وأتباعهم في القرون المفضلة وأئمة الهدى من بعدهم المشهود لهم بالعلم والفضل والاستقامة.
ومن أجل التطبيق هذا المبتدأ الأول طلب العلم على شيوخه وقام برحلات متعددة للأخذ من كل علم على شيوخه الموثوقين في نجد والحرمين الشريفين والعراق والأحساء وغيرهما. وحين بدأ دعوته ألف في موضوع دعوته كراسا صغيرا في موضوع هذه الدعوة وأصولها للعامة مما لا يسع الناس جهله وهو المعروف" بثلاثة الأصول"و" القواعد الأربعة"وكتب كتابا تخصيصا أيضا في صميم الدعوة
للخاصة من طلاب العلم في مدرسته هو كتاب التو حيد الذي هو "حق الله على العبد.
2-
أن الداعية لا بدأن يعمل بعلمه ويمثل دعوته في سيرته وحياته مم رسالته، فلا يأتي من الأعمال أو التصرفات الظاهرة أو الباطنة ما يخالف ما علمه واستيقن صوابه.
وترى هذه المدرسة الإصلاحية أن العمل هو الثمرة الصحيحة للعلم، وأن العلم الذي لا يقود إلى العمل ولا يوظف في الحياة هو علم غير نافع، وفي صاحبه شبه من إبليس لعنه الله، وفيه شبه أيضا من اليهود الذي سماهم الله بالمغضوب عليهم لأن لديهم علما ولم يعملوا به ووصفهم الله في حملهم للعلم وعدم الانتفاع به كمثل الحمار يحمل أسفارا ثم قال سبحانه {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} . من أجل تحقيق مبدأ البصيرة في الدعوة الممثلة في العلم والعمل بدأ الشيخ محمد رحمه الله كتابه الأساسي الذي خصصه لبيان تحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي بدأ هذا الكتاب بأبواب "التوحيد" وبيان فضله وبيان تكفيره لذنوب ، وأن تحقيق التوحيد من أسباب دخول الجنة بغير حساب وبيان الخوف من الشرك بأنواعه وعظيم خطره وإحباطه للعمل ودقة بعض أنواعه وخطره وخفاء كثير من صوره وأنها أخفى من دبيب النملة السوداء على صخرة الصماء في ليلة الظلماء ومقصوده رحمه الله تعليم تفاصيل هذا النوع من التوحيد وما يضاده وهو ما كان يقصده في رسائله وكتاباته بالنفي والإثبات في معنى لا إله إلا الله حتى يكون الإنسان على بصيرة في علمه وأن يكون عمله تطبيقا وواقعا لعمله ثم أردف ذلك بالحديث عن الدعوة إلى الله في باب أسماه باب "الدعاء إلى الشهادة أن لا إله إلا الله".
قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله: "نبه بهذه الترجمة على أن لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه فإ الرجل إذا علم وجب عليه العمل فإذا علم وعمل وجبت عليه الدعوة إلى الله حتى يكون من ورثة الأنبياء وعلى
طريقهم وطريق أتباعهم1.
3-
أن الدعوة هي وظيفة من أهم وظائف الإنسان في الحياة وهي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم من المصلحين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} 2 وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} 3الآية.
وإن من لوازمها العلم والعمل بمقتضاه وإعطاء القدوة الحسنة والسيرة الحميدة وأخذ الناس بالرفق واللين وقد ذكر الشيخ رحمه الله في مجال الحث على الدعوة إلى الله وبيان فضلها إلى جانب الآيات الدالة على أنها منهاج الرسل ووظيفة الأخيار في كل أمة بل كل جيل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبن طالب "فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " وذلك للترغيب في القيام بواجب الدعوة وبيان فضلها عند الله وعظيم أجرها فإذا كانت هداية رجل واحد هذا فضلها فكيف بمن يهدي الله على يده الخلق الكثير كما حصل على أيدي المصلحين في مختلف العصور والباب مفتوح للدعاة إلى الله في كل عصر وجيل ما دام إبليس وجنده لا يفترون في إغواء الناس وصدهم عن سبيل الله ويجلبون عليهم بخيلهم ورجلهم.
4-
التدرج في الدعوة إلى الله من الأهم إلى المهم وأصول الذين أهم من فرعرعه والفروع بعضها أهم من بعض، وما تعم به البلوى أهم مما يندر وقوعه الظاهر أهم من الخفي. واستدل الشيخ رحمه الله على هذا المبدأ بحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن
1 نظر حاشية الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص54
2 سورة فاطر الآية رقم 24.
3سورة يوسف الآية 108.
الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنياهم فترد على فقرائهم فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
فاستدل بهذا الحديث الشريف على التدرج في الدعوة والبدء بالأهم ثم المهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر معاذا أن يبدأ بالدعوة إلى توحيد العبادة الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، ومستلزم لأنواع التوحيد الأخرى، وبعد قبول التوحيد والدخول به في الإسلام يدعوا إلى الشرائع الإسلام ويبدأ هذه الشرائع بأهمها وهي الصلاة وهكذا.
5-
إن الدعوة على ثلاثة مراتب حسب حال المدعوين فإن المدعو إما أن يكون طالبا للحق محبا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه فهذا تستعمل معه الدعوة بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة ولا إلى الجدال.
وإما أن يكون: مشتغلا بضد الحق ولكن لو عرفه آثره واتبعه فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب.
وإما أن يكون: معاندا معارضا فيجادل بالتي هي أحسن فإن رجع وإلا انتقل معه إلى المواجهة.
1-
شروط الدعوة:
ترى مدرسة الإصلاح والتجديد عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن للدعوة شروطا ينبغي أن تتوافر في الداعي إلى الله وهي:
أ- أن تكون الدعوة خالصة لوجه الله مبتغي بها مرضاته وحده دون أي غرض آخر. فإذا لم تكن خالصة لوجه الله كان صاحبها مشتركا به في الدعوة. ولهذا قال الشيخ رحمه الله: إن كثيرا من الناس لو دعي إلى الله فهو يدعو إلى نفسه لبيان خطر فقد عنصر الإخلاص في الدعوة ووجوب الحذر من ذلك حتى لا يحبط العمل بمثل الدعوة لطلب الوجاهة أو ليقال عالم أو لطلب رئاسة أو غيرها.
ب- أن تتحقق في الدعوة المتابعة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به وما ثبت عنه
من أقواله وأفعاله وإقراره وأن الأعمال الظاهرة توزن بميزان الشرع وتحقيق المتابعة لرسول الله صلى عليه وسلم وإلا كان العمل باطلا ويعد صاحبه من أهل الابتداع في الدين وذلك لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ولقوله صلى الله عليه وسلم "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" أي مردود على صاحبه.
ج- أن يكون الداعي إلى الله عالما بما يدعو إليه عارفا بما ينهي عنه مدركا لنتائج عمله متوخيا لمقاصد الشرع في أمره ونهيه ودعوته لقوله تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فإن لم يكن عالما بما يدعو إليه عد جاهلا والبصيرة في الدين من فرائض الإسلام ومن أخص الصفات المطلوبة في الداعي إلى الله.
7-
وظيفة الداعي إلى الله وحدود مهمته:
ويرى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ومدرسته الإصلاحية أن وظيفة الداعي إلى الله هي البلاغ وإقامة الحج ونشر الدعوة بالقول والفعل والعمل بصدق وإخلاص وإزالة العوائق عن طريق الدعوة حتى تبلغ العامة والكافة وتأمين الدعاة إلى الله وأما قبول الدعوة أو رفضها فهو أمر ليس إليه بل هو من خصائص الألوهية.
ويقسمون الهداية إلى قسمين:
1-
هداية إرشاد ودلالة وبيان وهي مهمة الداعي إلي الله والدليل على ذلك قوله تعالى
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ} وتتمثل في عرض الحق بدليله ودعوة الناس إليه وإقامة الحجة والبرهان على صدقه ووجوب الأخذ به وبيان مغبة رفضه في الدنيا والآخرة. ومن
قصر في القيام بهذا الواجب تعرض لعقاب الله ومقته.
2-
هداية توفيق وإلهام وقبول: وهذه لا يملك الداعي إلى الله من أمرها شيئا ولا يضره من لم يوافق عليها من المدعوين لأن هذا من خصائص الألوهية التي لا يملكها إلى الله وحده، فهو الذي يهدي من يشاء بحكمته ويضل من يشاء بعدله، والدليل على هذا النوع من أنواع الهداية وأنها خاصة بالله وحده قوله
تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وقوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .
وقد عقد الشيخ محمد في كتابه الموسوم: بكتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد بابا خاصا بهذين القسمين لبيان الفرق بين الهدايتين أسماه: باب قول الله تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وسبب نز ول هذه الآية الكريمة أنه صلى الله عليه وسلم حينما حاول مع عمه أبي طالب عند موته أن يقول لا إله إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله وكان عنده عبد الله بن أمية وأبو جهل فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فأعاد صلى الله عليه وسلم قوله لعمه فأعادا حتى قال أبو طالب هو على ملة عبد المطلب. فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لقربه منه ودفاعه عنه وعن دعوته وهو على دين قومه فأنزل الله هذه الآية الكريمة التي بين الله فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم أن هداية التوفيق إلى الإسلام والإيمان ليست من وظيفته، وأن وظيفته تنحصر في هداية الإرشاد والبلاغ والدلالة فقط.
8-
الأصل في الحكم على الناس:
والدعوة الإصلاحية في نجد ترى أن الحكم على الناس بالكفر أو الإسلام وبالفسوق والعدالة أو غيرها إنما يكون على الظاهر من أعمالهم أما سرائر الناس وضمائرهم فإنها موكولة إلى الله وحده لا يعرفها سواه وأن الأحكام لا تطلق إلا بعد الدعوة والبلاغ والبيان ومعرفة الحكم الشرعي في كل عمل من الأعمال التي يحكم عليها.
9-
المخاطب بالدعوة:
اهتمت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب منذ فجر تاريخها بمخاطبة علماء عصره الأدنى فالأدنى كما اهتمت بمخاطبة الأفراد ووجهاء الناس وقياداتهم ولم تهمل العامة.
ولهذا فإن الرسائل التي كتبها الشيخ محمد بن عبد الوهاب خاطب بها العلماء والمطاوعة بشكل رئيسي كما خاطب بها الأمراء والعامة بشكل أقل.