الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرجع الْغُلَام إِلَى عمر فَأخْبرهُ فَوَجَدَهُ قد عد مثلهَا لِمعَاذ بن جبل وَقَالَ مر بهَا إِلَى معَاذ بن جبل وتلكأ فِي الْبَيْت سَاعَة حَتَّى تنظر مَا يصنع فِيهَا فَذهب بهَا إِلَيْهِ وَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول اجْعَل هَذِه فِي بعض حَاجَتك فَقَالَ رحمه الله وَوَصله ثمَّ قَالَ يَا جَارِيَة اذهبي إِلَى فلَان بِكَذَا وَإِلَى فلَان بِكَذَا فَقَالَت امْرَأَة معَاذ وَنحن وَالله مَسَاكِين أعطنا وَلم يبْق إِلَّا دِينَارَانِ قد حابهما إِلَيْهَا فَذهب الْغُلَام فَأخْبرهُ فَقَالَ إِنَّهُم إخْوَة بَعضهم من بعض
عمر بن عبد الْعَزِيز أثْنَاء خِلَافَته
208 -
وَلما ولي عمر بن عبد الْعَزِيز الْخلَافَة قدمت إِلَيْهِ الْخَيل فَقيل لَهُ هَذِه مراكب الْخلَافَة فَقَالَ مَالِي وَلها نَحْوهَا عني وقربوا إِلَيّ بغلتي فقربت إِلَيْهِ بغلته فجَاء صَاحب الشرطة يسير بَين يَدَيْهِ بالحربة فَقَالَ تَنَح عني مَالِي وَلَك إِنَّمَا أَنا رجل من الْمُسلمين ثمَّ أَمر بالستور فهتكت وَالثيَاب الَّتِي كَانَت تبسط للخلفاء فَحملت وَأمر بِبَيْعِهَا وَإِدْخَال ثمنهَا بَيت المَال ثمَّ ذهب يتبوأ مقيلا فَأَتَاهُ ابْنه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تقيل وَلَا ترد الْمَظَالِم فَقَالَ أَي بني إِنِّي سهرت البارحة فِي أَمر عمك سُلَيْمَان فَإِذا صليت الظّهْر رددت الْمَظَالِم قَالَ من لَك أَن تعيش إِلَى الظّهْر قَالَ ادن مني يَا بني فَدَنَا مِنْهُ فَالْتَزمهُ وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي خرج من صلبي من يُعِيننِي على ديني فَخرج وَلم يقل ورد الْمَظَالِم
209 -
ثمَّ سمعُوا من منزله بكاء عَالِيا فَقَالُوا مَا هَذَا قَالُوا إِنَّه
خير جواريه فَقَالَ إِنَّه قد نزل بِي أَمر شغلني عنكن فَمن أحب أَن أعْتقهَا عتقتها وَمن أَرَادَت أَن أمْسكهَا أَمْسَكتهَا وَلم يكن مني إِلَيْهَا شَيْء فبكين أياسا مِنْهُ
210 -
وَقَالَت زَوجته فَاطِمَة مَا أعلم أَنه اغْتسل من جَنَابَة وَلَا من احْتِلَام مُنْذُ اسْتَخْلَفَهُ الله حَتَّى قَبضه وَقَالَ مُزَاحم لما اسْتخْلف عمر بن عبد الْعَزِيز قومُوا ثِيَابه فرادوها اثْنَي عشر درهما كمته وعمامته وقميصه وقباءه وقرطعته وخفيه ورداءه
211 -
وَقَالَ عمر بن رَاشد أُتِي بالطيب الَّذِي كَانَ يصنع للخلفاء من بَيت المَال فَأمْسك على أَنفه وَقَالَ إِنَّمَا ينْتَفع بريحه
212 -
وَقَالَ رَجَاء بن حَيْوَة قدمت امْرَأَة من أهل الْعرَاق على عمر رضي الله عنه فَلَمَّا صَارَت إِلَى بَابه قَالَت هَل على أَمِير الْمُؤمنِينَ من صَاحب فَقَالُوا لَا إِن أَحْبَبْت فلجي فَدخلت الْمَرْأَة على فَاطِمَة زَوْجَة عمر وَهِي جالسة فَبَكَتْ وَقَالَت إِنَّمَا جِئْت لأعمر بَيْتِي من هَذَا الْبَيْت الخراب فَقَالَت لَهَا فَاطِمَة وَالله مَا خربه إِلَّا عمَارَة بيُوت أمثالك
وَأَقْبل عمر حَتَّى دخل الدَّار فَمَال إِلَى بِئْر هُنَاكَ فَنزع الدَّلْو فَصَبَّهُ على طين كَانَ هُنَاكَ وَهُوَ يكثر النّظر إِلَى زَوجته فَقَالَت الْمَرْأَة استتري من هَذَا الطيان فَإِنِّي رَأَيْته يديم النّظر إِلَيْك فَقَالَت لَيْسَ هُوَ بالطيان هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَبَكَتْ حَتَّى كَادَت أَن تهْلك ثمَّ غسل عمر رجلَيْهِ فَمَال إِلَى مصلى لَهُ فصلى مَا شَاءَ الله ثمَّ قدم زنبيلا فِيهِ عِنَب وَجعل يتَخَيَّر للْمَرْأَة ثمَّ قَالَ من أَيْن الْمَرْأَة قَالَت من أهل الْعرَاق فَقَالَ مَا حَاجَتك فَقَالَت لي خمس بَنَات كاسدات فَجعل يبكي وَيَقُول كاسدات ثمَّ قَالَ سمي الأولى فسمتها لَهُ فَفرض لَهَا وللثانية وللثالثة وللرابعة وَهِي تَقول الْحَمد لله فَلَمَّا بلغت إِلَى الْخَامِسَة شكرته فَرمى الْقَلَم من يَده ثمَّ قَالَ كنت أفرض لَهُنَّ لما كنت تولين الْحَمد لوَلِيِّه فَالْآن لما أوليتيني الْحَمد لَا أكتب للخامسة مري الْأَرْبَع أَن يواسين أختهن فدعَتْ لَهُ وانصرفت
فَلَمَّا قدمت الْعرَاق جَاءَت بِالْكتاب إِلَى واليه فَلَمَّا نظره بَكَى وَاشْتَدَّ بكاؤه وَقَالَ رحم الله صَاحب هَذَا الْكتاب فَقَالَت أمات قَالَ نعم فصاحت وولولت فَقَالَ لَا بَأْس عَلَيْك أَنا أفرض لَك وَالله مَا أرد كِتَابه فِي شَيْء مَا كنت لأطيعه فِي حَيَاته وأعصيه بعد مماته فَفرض لَهَا
213 -
وَدخل عمر بن عبد الْعَزِيز يَوْمًا فَرَأى تفاحة فِي يَد ولد لَهُ
صَغِير فأخرجها بِأُصْبُعِهِ فَبَكَتْ فَاطِمَة فَقَالَ يَا فَاطِمَة إِن هَذَا من فَيْء الْمُسلمين وَلَا يحل لنا فَبعثت فاشترت لَهُ تفاحا عوض ذَلِك
وَمِمَّا نظمته فِي الحض على التخلق بأخلاقهم
(فهذي صِفَات الْقَوْم زهدا وعفة
…
وَنصحا فَأَيْنَ المقتدى بفعالهم)
(رجال أماتوا الْيَوْم عَاجل حظهم
…
ليحيوا بعز دَائِم فِي مآلهم)
(يعطر أرجاء المحافل ذكرهم
…
وتفرق أساد الشرى من ظلالهم)
(فطوبى لراع يَقْتَدِي حسن هديهم
…
وويل لوال قد خلا من خلالهم)