الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَا ابْن الخلائف من قُرَيْش وَالْأولَى
…
طهرت منابتهم من الأدناس)
(قلدت أَمر الْمُسلمين عدوهم
…
مَا هَكَذَا فعلت بَنو الْعَبَّاس)
(مَا الْعذر إِن قَالُوا غَدا هَذَا الَّذِي
…
ولى الْيَهُود على رِقَاب النَّاس)
(أَتَقول كَانُوا وفروا أَمْوَالهم
…
فبيوتهم قفر بِغَيْر أساس)
(لَا تعتذر عَن صرفهم بتعذر
…
المتصرفين الحذق الأكياس)
(مَا كنت تفعل بعدهمْ لَو أهلكوا
…
فافعل وعد الْقَوْم فِي الأرماس)
تمكن أهل الذِّمَّة فِي دوله الْمهْدي
218 -
وَرُوِيَ أَن بعض الزهاد لما رأى تمكن أهل الذِّمَّة فِي دولة الْمهْدي وإهمال الْمُسلمين كتب إِلَيْهِ شعرًا
(بِأبي وَأمي ضَاعَت الأحلام
…
أم ضَاعَت الأذهان والأفهام)
(من صد عَن دين النَّبِي مُحَمَّد
…
أَله بِأَمْر الْمُسلمين قيام)
(إِلَّا تكن أسيافهم مَشْهُورَة
…
فِينَا فَتلك سيوفهم أَقْلَام)
ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك تحمل أَمَانَة هَذِه الْأمة وَقد عرضت على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن
مِنْهَا أفتسلم أَنْت هَذِه الْأَمَانَة الَّتِي تدركت بهَا وخصك الله بهَا إِلَى أهل الذِّمَّة دون الْمُسلمين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما سَمِعت تَفْسِير جدك عبد الله بن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى {لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها} وَأَن الصَّغِيرَة التبسم والكبيرة الضحك فَمَا ظَنك بِأُمُور الْمُسلمين وأماناتهم وأسرارهم وَقد نَصَحْتُك وَهَذِه النَّصِيحَة حجَّة عَليّ مَا لم تصل إِلَيْك
فَلَا يَنْبَغِي أَن يُؤمنُوا على بَيت مَال الْمُسلمين اعتذارا بِأَنَّهُم حذاق فِي الْكِتَابَة فَمَا من فضل يُوجد فِي غير هَذِه الْأمة إِلَّا وَهُوَ فِي الْملَّة الإسلامية أفضل وأكمل وَلَا عيب يُوجد فِي بَعضهم إِلَّا وَهُوَ فِي غَيرهم أفحش فهم أكمل من غَيرهم علما وعقلا وخبرة وَأَمَانَة وبيانا وكفاية وَكِتَابَة وحلما وسخاء وعفافا وَبرا وإحسانا
وسياسة ونجدة وشجاعة ورأيا ونصيحة هَذَا لَا شكّ فِيهِ لمن تَأمله وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا ودوا مَا عنتم قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر قد بَينا لكم الْآيَات إِن كُنْتُم تعقلون} فنهانا الله تَعَالَى أَن نستبطن فِي أمورنا قوما غَيرنَا وَأخْبر تَعَالَى بقوله {لَا يألونكم خبالا} أَنهم لَا يقصرون فِي طلب الخبال لنا يحبونَ فَسَاد احوالنا وَقد قيل
(كل الْعَدَاوَة قد ترجى مودتها
…
إِلَّا عَدَاوَة من عاداك فِي الدّين)
) يَعْنِي اقتدوا بإبراهيم فِي التبرؤ مِنْهُم ومعاداتهم وبغضهم وَلَا تقتدوا بِهِ فِي وعده لِأَبِيهِ بالأستغفار فَإِن هَذَا حرَام كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى من بعد مَا تبين لَهُم أَنهم أَصْحَاب الْجَحِيم} وَلَا تعتقدوا أَن معاداتكم لَهُم تضركم بل قُولُوا {رَبنَا عَلَيْك توكلنا وَإِلَيْك أنبنا وَإِلَيْك الْمصير رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا واغفر لنا رَبنَا إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم}
وَكَذَلِكَ لما أَمرهم الله أَن يمنعوا الْكفَّار من دُخُول الْحرم قَالُوا تَنْقَطِع تِجَارَتِنَا فَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا وَإِن خِفْتُمْ عيلة} أَي فقرا وحاجة {فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ إِن الله عليم حَكِيم} فَمن كَانَ يظنّ أَن بعض الْمُعَامَلَات تنقص بعزل الْكفَّار من الْيَهُود وَالنَّصَارَى قيل لَهُ (وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ) وَمن ترك شَيْئا عوضه الله خيرا مِنْهُ فَكيف وَفِي أَوْلِيَاء الله الْكِفَايَة عَن الِاسْتِعَانَة بأعداء الله
وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أوثق عرى الْإِيمَان الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله) وَهَؤُلَاء قد كفرُوا بِكِتَاب الله الَّذِي هُوَ الْقُرْآن وبرسوله الَّذِي هُوَ خَاتم الرُّسُل وبدينه الَّذِي هُوَ خير الْأَدْيَان وأبغضوه وعادوه وَالله يبغضهم وَقد غضب عَلَيْهِم ولعنهم كَمَا وصف ذَلِك فِي الْقُرْآن فَكيف يَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يكرم من أهانة الله وَيقرب من أبعده الله أَلَيْسَ لَو أَن رجلا كَانَ يخْدم سُلْطَانا وَكَانَ للسُّلْطَان عَدو يبغضه ويعاديه أفيحسن بخادم السُّلْطَان أَن يقرب عَدو السُّلْطَان ويكرمه فَكَذَا حَال من قرب أَعدَاء الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ أَو أكْرمهم أَو والاهم كَيفَ يكون حَاله عِنْد الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقَالَ الله تَعَالَى {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون من حاد الله وَرَسُوله وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إخْوَانهمْ أَو عشيرتهم} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا} الْآيَة