الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما دليل المحاذاة
مما هو معروف في دين الإسلام: أن الإجماع حجة بعد الكتاب والسنة، يجب اتباعه، ويحرم مخالفته، وقد سبق ذكر إجماع أهل العلم على عدم وجوب المرور من المواقيت الأصلية، ومشروعية الإحرام من المحاذاة، وأنه لا فرق بين من أحرم من الميقات نفسه، وبين من أحرم من المحاذاة، وكان مستندهم في ذلك:
ما أخرجه البخاري (3/ 389) عن ابن عمر رضي الله عنه قال:
((لمّا فُتح (1) هذان المصران -أي: البصرة والكوفة- أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّ لأهل نجد قرناً، وهو جور عن طريقنا -أي: بعيد- وإنا إن أردنا قرناً شق علينا، فقال:((انظروا حذوها من طريقكم)) فحّد لهم ((ذات عرق)).
ففي هذا الأثر العظيم أمور:
(1) المقصود بالفتح: فتح أرضهما، وإلا لم يكونا وقت الفتح، بل هما مما عمّرهما المسلمون، كذا قال أهل السير.
الأول: الدلالة على ما سبق ذكره، من عدم وجوب المرور من الميقات نفسه الذي عيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: جواز تحديد مواقيت جديدة، للطرق الجديدة التي تفتح إلى مكة.
الثالث: إن القاعدة في تحديد ((المواقيت الإضافية)) هي ((المحاذاة)).
وقد تابعت الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذه المسألة، ولولا خشية الإطالة لنقلت نصوصهم من أمهات الكتب، وقد سبقت الإشارة إلى مواضعها فليراجعها من شاء.
ومنها قول الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الأثر:
((واستُدلّ به على أن من ليس له ميقات، أنّ عليه أن يحرم إذا حاذى ميقاتاً من هذه المواقيت الخمسة)) (1).
ونقل الحافظ عن ابن المنذر قوله:
((لكن لماّ سنّ عمر ((ذات عرق)) وتبعه عليه الصحابة، استمر عليه العمل)).
(1) فتح الباري 3/ 390.