الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
الوجه الأول:
لما فُتح العراق ولم يكن على طريق أهلها ميقات معروف عندهم، سارعوا إلى سؤال عمر رضي الله عنه أن يجعل لهم ميقاتاً على طريقهم.
فقالوا: ((إن قرناً جور عن طريقنا -أي بعيدة عنها- وإنا إن أردنا قرناً شقّ علينا)) فقال لهم: ((انظروا حذوها)).
فتأمّل فتوى هذا الملهم الراشد رضي الله عنه، إذ بمجرّد أن لم يكن على طريقهم ميقات -فيما عَلِم- وكان عليهم مشقة إذا ما تعمّدوا المرور من الميقات الآخر، أفتاهم بتعيين ميقات إضافي على طريقهم، ثم ماهي المشقة هاهنا، إنها مسيرة مرحلة ((أربعين كيلاً)).
بناء على هذا، هب أن أهل السودان أو من يأتي من الغرب، سألوا عمر أو العلماء المعاصرين، وقالوا: إن ((يلملم)) جور عن طريقنا: فماذا عساه أو عساهم أن يقولوا غير: ((انظروا حذوها)) أي: انظروا بلداً على طريقكم تكون مسافته عن مكة تساوي مسافة ((يلملم)) ((فنظرنا حذوها)) على طريقنا فوجدنا أن ((جدة)) تبعد عن
مكة مسافة ((يلملم)) عن مكة بل ربما أبعد (1)، فكانت ((جدة)) إذن ((ميقاتاً إضافياً)).
فأي دليلٍ بعد ذلك أوضح من هذا؟ ! .
وهل لمتأمل أن يردّ مثل هذا الوضوح، أم المحاذاة التي أفتى بها عمر خاصة بأهل العراق، فيحق لهم أن يطالبوا بتحديد ميقات على طريقهم، ولا يحق لأهل السودان ومصر، ولا لتلك الشعوب التي تقدم من الغرب أن تطلب ذلك؟ ! .
ثم هل مشقة مسيرة أربعين كيلاً التي شكى منها العراقيون أعظم من مشقة مسير هذه الأربعينات (2).
ولذلك كان لابد من تعيين ((محاذاة)) ((ميقات إضافي)) لكل طريقٍ جديد، وهذا الذي عليه العمل، فإن الحكومة السعودية -وفقها الله لكل خير- كلما فتحت طريقاً جديداً إلى مكة، سارع العلماء -
(1) أفادني فضيلة الشيخ عبد الله المطلق حفظه الله ورعاه أنه سأل المساحة العسكرية عن هذا الأمر فأفادوه بصحة ما قررته، وبينوا له ذلك على خرائط دقيقة.
(2)
جمع أربعين.