الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُسبّح -أي يصلي نافلة- فقمت وراءه، حتى جعلني حذاءه عن يمينه» (1).
وفي صحيح البخاري: "باب يقوم الإمام بحذائه سواءً، إذا كانوا اثنين"، قال الحافظ:"أي بجنبه، فأخرج بذلك من كان خلفه، أو مائلاً عنه، وقوله: (سواء) أخرج به من كان إلى جنبه لكن على بُعد عنه"(2).
الحالة الثالثة
(3): أن تكون البقعتان متساويتي المسافة عن نقطة ثالثة.
وهذه أهم حالات ((المحاذاة)) وهي:
(1) الموطأ رقم (420) تحقيق الإستاذ بشار عواد.
(2)
فتح الباري (2 - 190).
(3)
لما لم يفهم الدكتور صاحب ((المسائل المشكلة)) -عليه- الفرق بين حالات المحاذاة كقضية تأصيلية .. وبين المحاذاة الشرعية التطبيقية التي تعني أن تكون مسافة البقعة تساوي مسافة أقرب ميقات إليها من مكة، فلما لم يدرك هذا الأمر، عدّ ذكر الحالات اختلافا متعارضاً واضطرابا في الرأي .. ولم يفرق بين التنوع والتضاد، ولم يدرك أن الاضطراب في فهمه. فاللهم آتنا فقها وعدلاً.
أن تكون مسافة نقطتين عن نقطة ثالثة متساويتين، فتكون البقعتان -والحالة هذه- متحاذيتين بالسنبة للنقطة الثالثة.
و((المحاذاة شرعاً)): أن تكون مسافة الموضع المراد الإحرام منه عن مكة تساوي مسافة أقرب المواقيت إليه، ولا يؤثر بُعد هذا الموضع أو قربه من الميقات، وإنما المهم: أن تكون مسافة المحاذي والمحاذى به عن مكة متساويتين، حتى تكونا متحاذيتين.
دليل ذلك:
قول عمر رضي الله عنه لأهل العراق عندما طلبوا منه تحديد ميقات على طريقهم: ((فانظروا حذوها)).
أي: انظروا بقعة تكون مسافتها عن مكة تساوي مسافة ((قرن)) ولو كانت بعيدة عنها.
قال الحافظ في الفتح (3/ 389):
"قوله ((فانظروا حذوها)) أي: اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها".
وقال ابن الأثير في النهاية (1/ 358): "وفي حديث ابن عباس: ((ذات عرق حذو قرن)) أي: أنها محاذيتها، ومسافتهما من الحرم سواء)).
ولخص شيخ الإسلام هذا كله بكلام متين في «شرح العمدة» (1/ 336) فقال:
"وذلك لأن الإحرام مما يحاذي الميقات، بمنزلة الإحرام من نفس الميقات، فإنه إذا كان بعدهما عن البيت واحداً، لم يكن في نفس الميقات مقصود".
وكذا قال غير واحد من أهل العلم، ولم أر مخالفاً لهم البتّة.
يوضح هذا الشكلُ التالي:
عند تأمّل الشكل السابق نجد أن: ((ذات عرق)) تحاذي ((قرن)) لأن مسافتيهما عن البيت واحدة، وهكذا كل بقعة بينهما أو قريبة منهما تكون ((ميقاتاً إضافياً)) إذا كانت مسافتها عن البيت تساوي مسافة الميقات الأصلي.
وأما النقطة (أ) و (ب) فلا تحاذيان الميقات ولو كانت قريبة منه، أو كانت تقع على خط واحد معه؛ لأن مسافة (أ) أبعد من مسافة الميقات، ولأن مسافة (ب) أقصر.