الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهان حول ((المحاذاة))
الأول:
أن مسافة ((المحاذاة)) مناطة ببعد البقعة عن مكة، وليس ببعدها عن الميقات المجاور.
الثاني:
أن ((المحاذاة الشرعية)) لا تعني كون القاصد عن يمين الميقات أو عن شماله فحسب، ولا تعني رؤية الميقات فحسب، فقد تكون الرؤية والمجاورة من خارج محيط المواقيت، ولا تعني أيضاً: كون القاصد على خط واحد مع الميقات، أي: يمكن رسم خط بينه وبين الميقات، فهذه الحالات كلها لا تعتبر محاذاة إطلاقاً.
وإذا فُهم هذان التنبيهان، عُلم أن ((المحاذاة)) إنما تعني بالنسبة للأرض: أن يكون بعد القاصد عن البيت يساوي بعد أقرب المواقيت إليه، أو أن يكون القاصد على الخط الذي يمر بالمواقيت المحيطة بمكة.
والمحاذاة بالنسبة للقاصد هي: مكان اختراق محيط المواقيت، أي: المرور بين ميقاتين، وما عدا ذلك فليس من ((المحاذاة)) في شيء.
وعلى هذا: فإن القاصد لو جاور الميقات، ودار حول محيط المواقيت ألف مرة، دون أن يخترقه، لما وجب عليه الإحرام؛ لأنه ما يزال خارج حدود المواقيت.
ولو كانت المحاذاة: هي مجرد كون القاصد واقعاً على خط واحد مع الميقات، -دون اعتبار لما مضى من ضبط المحاذاة بالمسافة، أو بالاختراق- لكانت كل بقعة على سطح الأرض تحاذي الميقات، ولكانت الطائرة منذ إقلاعها من بلدها تحاذي الميقات، بل كانت النجوم -بهذا المعنى دون ضبط- تحاذي المواقيت؛ لأنها كلها تقع على خط واحد مع أي ميقات.
ومنه تعلم خطأ الذين لا يُقيّدون ((المحاذاة)) بالمسافة عن مكة، ويُلْزمون الناس بالإحرام بالبر والبحر، وهم بعيدون عن الميقات مئات الأميال، بدعوى: أنهم يقعون على خط واحد مع الميقات، وبعبارة أخرى: لكون الميقات عن يمين القاصد أوشماله، ويُسّمون هذا «محاذاة» وليس هو منها في شيء،
ويمكن أن نخلُص إلى القاعدة التالية:
((كل البقع التي تقع بين ميقاتين (على محيط المواقيت) هي: بقع محاذية، وبالتالي هي ((مواقيت إضافية)) وما كان خارج المحيط أوداخله، فليس بمحاذٍ)).
وقد قال بذلك غير واحد من أهل العلم، منهم: العلامة عبيد الله المباركفوري في المرعاة (8/ 347) أذكر بعض كلامه باختصار وتصرف:
"وإذا أحطنا تلك المواقيت الخمسة بالخطوط، كانت حدوداً للمواقيت، وما كان داخل الخطوط فهي منطقة المواقيت، وما كان خارج الخطوط فهي الآفاق، وإن هذا الخط في الأصل هو خط ((المحاذاة)) "(1) ثم أجاز -كبقية العلماء- الإحرام من أي نقطة على هذا الخط، وقد فصلنا القول في الأصل.
(1) ذكر الدكتور صاحب ((المسائل المشكلة)) أنه لم يعثر على كلام المباركفوري هذا، راجع ص (51) الحاشية، وقد صورنا له كلام المباركفوري في آخر الكتاب ليطمئن.