الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الرابع
اعلم -رحمني الله وإياك- أنه لا ((محاذاة)) في البحر البتّة، ولا يتحقّق أي معنى من معانيها، ولا أي حال من حالاتها فيه، وذلك:
أولاً: لتعذر تعيين المواقيت فيه.
ثانياً: لم يقم على هذا دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ولم يعيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ميقاتاً واحداً في البحر، وقد عيّن ميقاتين على الساحل، مما يدل على أن لا ميقات ولا محاذاة في البحر.
ثالثاً: لا تتحقق فيه المحاذاة على المعنى الصحيح، وذلك عند رسم محيط المواقيت، ووصل مابين ((الجحفة)) و ((يلملم)) نجد أن هذا الخط لا يمر في البحر، ولا يدخل البحر ضمن محيط المواقيت، وإنما يمر بالساحل تأمّل الخريطة (ص -25) أو أي خريطة أخرى.
قال العلامة الهيتمي الشافعي: ((كالآتي من غربي (1) جدة، لا يحاذي قبل دخول جدة شيئاً من المواقيت، والجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة)) (2).
(1) كذا ولعلّ الصواب غرب جدة.
(2)
المنهاج القويم 1/ 149. ويسمى الحواشي المدنية.
ونسب ذلك للشافعية الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر الحنبلي وأقرهم على ذلك (1).
وفي رواية عن مالك نقلها ابن نافع قال: ((لا يحرم المسافر في السفن)).
وقال الدسوقي المالكي:
((وإن راكب البحر يرخّص له تأخير الإحرام للبرّ مطلقا)) (2).
رابعاً:
إن ادّعاء ((المحاذاة)) في البحر يعني: الزيادة على مسافة ((المحاذاة)) ويعني: إيجاب الإحرام قبل الوصول إلى المحاذاة، وهذا لا يقوله أحد؛ لأن محيط المواقيت يمرّ بالساحل ولا يمرّ بالبحر.
قال العلامة المباركفوري في المرعاة (8/ 347):
((وبما أنه لا يقع أي ميقات في طريق بواخر الحجاج القادمة من الهند أو الباكستان، ولا يحاذي أي واحد منها، فلا يمكن
(1) مفيد الأنام ونور الظلام في أحكام حج بيت الله الحرام (ص: 52).
(2)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/ 23).
لأي باخرة أن تتجاوزه، أو تتجاوز خط محاذاته إلى جهة الحرم قبل وصولها إلى ((جدة))، ولو كانت تجري على الساحل)) (1).
وعلى الذين يقولون بالإحرام بالبحر، أن يدبّروا معنى ((المحاذاة)) وأن ينظروا إلى الواقع والخرائط، وأن يتفهّموا التنبيهين اللذين سبقا في صفحة (29) وليعلموا أن المحاذاة، إنما هي الاختراق لمحيط المواقيت وليس شيئاً غيره (2).
(1) زعم الدكتور صاحب (المسائل المشكلة) أنه لم يجد كلام المباركفوري هذا .. ولما لم يجده قال: والشيخ _أي المباركفوري _ مع أنه لم يقل بما نسبه صاحب الرسالة)) _أي رسالتي قلت: غفر الله لك يادكتور ألأنك عجزت عن العثور على كلام المبار كفوري لاختلاف الطبعات أو لتقصيرك في البحث، رحت تتهم .. أليس هذا عيباً يادكتور .. ؟ لقد كان الواجب أن تتهم نفسك بالتقصير، بدل أن تتهم غيرك بالخيانة العلمية. ويمكنك أن تراجع كلام المباركفوري الصفحة 347 السطر الرابع .. طبعة بنارس الهند، وفي آخر البحث صورة من كلام المباركفوري ليطمئن الدكتور، وحتى لايتهم الناس ظلماً، .. ألأنهم خالفوا فتوى شيوخك رحت تقذف بالتهم.؟
(2)
أعدت صياغة هذا التعبير لأن صاحب المسائل المشكلة لم يفهمه حتى ظنّ أني أقول أن (الجحفة) و (يلملم) في البحر، فقال: لم يقل أحد من علماء الإسلام فيما أعلم بل ولا من عامتهم أن ميقاتي الجحفة ويلملم داخل البحر ولذا فليس لهذا الكلام معنى، بل هو مردود جملة وتفصيلاً)).
قلت:
وكم من عائب قولاً صحيحاً
…
وآفته من الفهم السقيم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهل هناك مبصر، بل أعمى يقول: إن الجحفة ويلملم في البحر حتى تتهمني بذلك يا دكتور؟ ! ؟ أكل ذلك لأني خالفت بعض علماء بلدك عفواً مذهبك.
إنما معنى الكلام؛ أنه لوافترضنا كما تقول إن جدة التي على البحر هي داخل المواقيت، فيعني هذا؛ أن ميقات الذين يأتون من جهة الغرب في البحر. ولمّا لم يكن في البحر ميقات فإذن جدة ميقات لأنها آخر البحر -بالنسبة لهم- وأول البر
…
فأي علاقة لهذا الكلام بكون الجحفة ويلملم في البحر
…
أليس عيباً يا دكتور أن توهم الناس أني أقول: أن الجحفة ويلملم في البحر
…
ما أعظم الاعتدال والصدق .. وما أجمل التدبر والتأني قبل العجلة والانتقام .. عفواً الانتقاد.